أيُّ فؤادٍ فيكَ لم يكلَفِ
أيُّ فؤادٍ فيكَ لم يكلَفِ / وأيُّ طرفٍ فيكَ لم يَذْرِفِ
لو عطفَ الصبرُ تجنبتُه / فكيفَ أُلْفيه ولمْ يعطِفِ
ما أحسبُ الأضلعَ ترْضى بما / حوَتْ من البرحِ ولم تكْتَفِ
قد قوي الخطبُ لهْ حيلةٌ / لواهنِ المَنْكَبِ مُسْتَضْعِفِ
لا يحرُسُ الموعِرَ في شاهقٍ / من مصْرَعِ المسَهْلِ في نَفْنَفِ
والأزغبُ المَسلوبُ من ريشِه / كصاحبِ القادمةِ المُنْكَفي
ولو حَمى ذا الظِلْفِ أحجامه / لم يقدِم الأغلبُ ذو المِخْصَفِ
من حبَبِ النفسِ ثمارُ المُنى / جَنى اللذاذاتِ ولم يَقطُفِ
وتابعُ الأمالِ تهوي به / رياحُها في المسْلَك المُجْحِفِ
وللفتى بالموتِ شُغْل فما / يصنعُ باللَدْنِ وبالمُرهَفِ
عمرو الفتى أُهْلِك في عامرِ / وحاجبٌ أُسلِمَ في خَندَفِ
والدهرُ لا تفرقُ أحداثُهُ / بين دنيءِ القومِ والأشْرفِ
ولو تحامى عنه ذو مَنعةٍ / لم ينقصِ البدرُ ولم يُكْسَفِ
قد حطّ عن مَفْرِقِ أيامِهِ / تاجُ الرئاساتِ أبو يوسُفِ
وكوكبُ غيّبَهُ حادث / كما بَدا في ليلِه المُسْدِفِ
وكرمةٌ من أدبٍ كاد أن / يعصُرَ منها عنبُ القَرْقَفِ
وروضةٌ ما فتحتْها الصَبا / حتى أحالتْها يدُ الحَرْجَفِ
وملةٌ قد نُسِخَتْ قبلَ أنْ / ينسخَ فيها البَسْمُ في المُصحَفِ
يا بنَ أبي يوسُف خُذْ بعدَهُ / بصبرِ يعقوبٍ على يوسفِ
بحرُك لا ينزِفُهُ جدولٌ / والبحرُ بالجدولِ لم يَنزِفِ
معرةُ الموتِ وباعِدْ بها / كلٌّ على مسلكِها يقتفي
والدهرُ لا خانتْكَ أيامُهُ / عادَتْهُ مذ كانَ ألا يَفي
فاكتفِ باللهِ فإنّ الذي / يفوّضُ الأمرَ له يكتفي