المجموع : 3
حَنَّ فأجرى للنوى دموعا
حَنَّ فأجرى للنوى دموعا / مولَّهٌ قد عَدِمَ الهجوعا
مذ بانَ عن بانِ الحِمى أحبَّةٌ / كانَ بهمْ شملُ الهوى مجموعا
يسألُ أن هبَّتْ صَباً مِن نحوِهم / أو شامَ برقاً في الدُّجى لَموعا
ما شامَه إلا وأذكى عندَه / نارَ الهوى ضمَّنَها الضلوعا
عَنَّ ففاضتْ مقلةٌ بعدَهم / بُدِّلَ دُرُّ دمِعها نجيعا
أصبحَ بالحبِّ مُناطاً قلبُه / ليس يَرى عنِ الهوى تُزوعا
اِنْ نسمتْ عن حاجرٍ نُسَيْمَةٌ / باتَ بطيبِ نشرِها صريعا
كأنَّما في طيَّها مُدامةٌ / سَقَتْهُ صافي دَنِّها جميعا
واِنْ تلُح ْ بارقةُ يَبِتْ الى / لمعتِها متيَّماً وَلُوعا
كانَ الشبابُ حينَ كانوا جيرةً / اليهمُ أن هجروا شفيعا
واليومَ قد أبدى المشيبُ لهم / مِن نَوْرِهِ في فَوْدِهِ صديعا
ماكانَ لولا الحبُّ يبكي مِن جوىً / ينالهُ الطلولَ والربوعا
أحبابَهُ أصبحَلّما بنتمُ / بطيِفكمْلوزارَهُ قَنُوعا
قد كانَ يرجوأنْ يعودُ بعدما / صوَّح نبتُ وصلِكم مَريعا
وَيصبحَ الزمانُ طلقاً وجهُه / وَتنثني أوقاتُه ربيعا
فَحُلْتُمُ عن عهدِه ولم يَحُلْ / عن ودِّهِ وأحسنَ الصنيعا
فأين ما عاهَدْ تُموه عندَما / شددْ تمُ الرِّحالَ والنُّسوعا
على نياقٍ عُقِرَتْ كم مِن حشاً / راعتْهُ لمّا ثُوِّرَتْ سريعا
سارتْ حِثاثاً بكمُ كأنَّها الظِّلمانُ / تنحوا المهمهَ الشسيعا
غوارباً في حِندسِ الليلِ اِدا / أغشى وفي رأْدِ الضحى طُلوعا
كالُّسفْنِ في بحرِالسرابِ ترتمي / أضحى لها أطمارُهم قُلوعا
من كلِّ فتلاءِ الذراعِ حُرَّةٍ / عجَّزَتِ العُذافِرَ الضليعا
أهكذا أضحتْ مواثيق الهوى / مضاعةً لاتَعدِمُ المُضيعا
ما مِن حقوق أهلِه عليكمُ / أنْ تُصبحوا إلى النوى خُضوعا
رُدُّوا المطيَّ عَنقَاً اليهمُ / واذَّكَّروا الالأُّفَ والرجوعا
وواصِلوا صَبّاً غدا بعدُكمُ / مِنَ عَيْشِه وطيبِه ممنوعا
أقسمتُ ماهبَّ نسيمُ أرضِكمْ / فجاذبَ الاغْصانَ والفروعا
ألاّوجدتُ بردَه على حشاً / أبدى بهِ فراقُكمْ صُدوعا
وكنتُ مِن فرطٍ ولوعي بكمُ / منها لأخبارِكمْ سميعا
ما الوجدُاِلاّ أن أرى مُسَهَّداً / في الحبِّ أو لأمرِكمْ مطيعا
برقٌ على الجِزعِ بدا يلمعُ
برقٌ على الجِزعِ بدا يلمعُ / حَنَّتْ اليهِ الاِبِلُ الضُّلَّعُ
أومضَ والركبُ نشاوى هوًى / فاندفعتْ أعينُهمْ تَدمَعُ
بَكَوا مِنَ الوجدِ على جيرةٍ / ساروا عنِ الخَيْفِ وما ودَّعوا
اَسْرَوا مِنَ الخَيْفِ إلى لَعْلَعٍ / ولم تَزَلْ دارَ الهوى لَعْلَعُ
يا برقُ كم هجتَ لهم من جوًى / باتتْ عليه تنطوي الأضلعُ
ما لمعتْ منكَ سنا شعلةٍ / اِلاّ وسحَّتْ منهمُ الأدمعُ
وكان في الدمعِ لهمْ راحةٌ / لو أنَّه بعدَهمُ ينفعُ
يبكونَ في أربعِ أحبابِهم / شوقاً وقد بكَّتْهُمُ الأربُعُ
خلتْ مِن السكّان أقطارُها / فهي قِفارٌ منهمُ بلقعُ
وحلَّها مِن بعدِ غِزلانِها / مِنَ الفلا غِزلانُها الرّتَّعُ
أقسمتُ ما السحبُ غدتْ حُفَّلاً / على الرُّبى مُثجِمةً تَهْمَعُ
غصَّ يَفاعُ الرضِ مِن مائِها / ليستْ تَني سَحّاً ولا تُقلِعُ
يكادُ أن يدفعَها خيفةً / يكفَّهِ مِن قربِها المُرضِعُ
اهمعَ مِن دمعي غداةَ النوى / والعيسُ في بيدِهمُ تُوضِعُ
ناديتُ بالحادي واظعانُهم / للبينِ لا كان النوى تُرفَعُ
قفْ ساعةً يحظُ بتوديِعهم / صبٌّ من التفريقِ لا يهجعُ
لم يُلهِه بعدَهمُ ملعبٌ / ولا اطبَّاهُ لهمُ مربعُ
لموقه سارتْ مطاياهمُ / قلبٌ على بينهمُ مُوجَعُ
ساروا فسارَ القلبُ في اِثرهم / كيف استقلَّتْ عيسهمْ يَتبعُ
يا سُجَّعَ الورقِ لقد شاقَني / حمامةٌ فوقَ النقا تَسجعُ
ما سمعتْ أذنٌ وقد رَّجعتْ / كصوتِها طيباً ولا تَسمعُ
أطرَبها الدوحُ فناحتْ على / أفنانهِ وهو لها مُونِعُ
ونحتُ مِن تَذكارِ عهدِ الهوى / فهل له بعدَ النوى مَرجِعُ
وعِرْمِسٍ حَنَّتْ إلى حاجرٍ / فهي برحلي في الفلا تَنْزِعُ
تشوقُها أنوارُ نُوّارِه / فروضُهُ غِبَّ الحيا مُمرِعُ
كأنَّها الهَيْقُ إذا ما بدا / نعمانُ أو لاحَ الأجرَعُ
منازلٌ راقَ لها نبتُها / مِن بعدِما راقَ لها المشرَعُ
فهي من الآل وتهاره / نحو الحمى ظامئة تطلع
يغرُّها الرقراقُ مِن بحرِه / فمِن صداها تَنثني تكرعُ
تطلبُ وصلاً فاتَ ميقاتُه / وفائتُ الأزمانِ لا يَرْجِعُ
شكايةُ الصبَّ إلى الأربُعِ
شكايةُ الصبَّ إلى الأربُعِ / ضلالةٌ في الوجدِ لم تنفعِ
وكيف يشكو فَعِلاتِ الهوى / فيهنَّ والأطلالُ لم تسمعِ
فهل لذاكَ الوصلِ مِن عودةٍ / أم هل لماضي العيش من مَرجِعِ
أم هل لمَنْ روَّعني صوتُه / بالصبحِ والاِصباحُ لم يَطلُعِ
أذانهُ شَتَّتَ شملَ الهوى / ليت المنادي بالنوى قد نُعي
مِن غفلةٍ عنه واِلاّ فيا / ليت أذانَ الصبحِ لم يُسمَعِ
فأيُّ دمعٍ لم يَفِضْ حُرْقَةً / وأيُّ قلبٍ منه لم يُصْدَعِ
يا دارُ سقّاكِ مُلِثُّ الحيا / مِن دِيمةٍ وطفاءَ لم تُقلِعِ
كأنَّها في الدارِ بعدَ النوى / وبعدَ جيرانِ النقا أدمعي
للهِ مِن نارِ هوًى بعدّهمْ / تُحنى على زفرتِها أضلعي
ومِن مقامٍ قمتُ فيه على / حُكْمِ وَدَاعٍ لهمُ مُفظِعِ
ومِن نوًى قد بَسَطَتْ شقَّةً / طالتْ على أينقنا الظلَّعِ
وليلةٍ قلتُ وقد أطنبتْ / عاذلتي في عذلِها
الموجِعِ /
لومي على فرطِ غرامي بهم / اِنْ شئتِ يا لائمتي أو دعي
فلستُ بالقابلِ عذلاً وهل / يقبلُه منكِ فتًى لا يعي
هذا فؤادٌ بعدَهمْ خافقٌ / ومقلةٌ للبينِ لم تَهجَعِ
ومغرمٍ قالَ لأيامِه / بعدَ النوى ما شئتِ بي فاصنعي
فليس لي مِن راحةٍ بعدَهمْ / كلاّ ولا في العيشِ مِن مطمعِ
يقلقُني البرقُ إذا ما بدا / كالسيفِ مسلولاً على لَعْلَعِ
فَيَنْفِرُ النومُ لأيماضِه / ويَصدِفُ العاني عنِ المضجعِ
ويطَّبيهِ فوقَ بانِ الحِمى / نوحُ حمامٍ بالغَضا سُجَّعِ
يَنُحْنَ في الأيكِ فيُبدي أسًى / مِن نوحِها سرُّ الهوى المودَعِ
ويذكرُ العهدَ فيخشى على / أعشارِ قلبٍ بهمُ مولَعِ
مالي وللآثارِ ابكي على / رسومِ أطلالهمُ البلقعِ
وأُنشدُ الأشعارَ في أربُعٍ / للشوقِ أسقيهنَّ بالأربَعِ
شعراً غدا كالماءِ مِن رقَّةٍ / بغيرِه الغُلَّةُ لم تَنقَعِ
أنظِمُ منه كلَّ سيارةٍ / تُنشَدُ في نادٍ وفي مجمعِ
اِذا حدا الحادي بها نجبَهُ / طوتْ شِقاقَ البيدِ بالأذرعِ
بحملِها وهي على أينها / دامية الأخفاف والأنسع
جوهرُ لفظٍ قد أشارَ النهى / اليه في النضيدِ بالاصبَعِ
فأيُّ لفظٍ فيه لا يُشتهى / وأيُّ فضلِ فيه لم يُجمَعُ