مَن مبلغُ المعتَرِّ والقانِعِ
مَن مبلغُ المعتَرِّ والقانِعِ / وابنِ السّبيلِ النّازِحِ النازعِ
أنَّ النَّدى قد مات فاستعصِموا / باليأسِ من دانٍ ومِن شاسِعِ
لا يبذُلَنْ ذو فاقَةٍ وجهَهُ / لِذي ثراءٍ باخلٍ باخِعِ
ما يظفَرُ الرّاجي نَدى كَفِّهِ / بغيرِ ذُلِّ الخاشِع الخاضِعِ
هل ينفعُ الظّامي إذا ما طَمَا / أُجاجُ بحرٍ ليسَ بالنَّاقِعِ
لله درُّ اليأسِ من ناصِحٍ / ليس بِغَرَّارٍ ولا خادِعِ
ولا سَقى الأطماعَ صوبُ الحَيا / فإنَّها مَهْلَكَةُ الطَّامِعِ
لا ترجُوَنْ خَلقاً فكلُّ الوَرى / يقبِضُ كَفَّ المانِعِ الجامِعِ
وما حوَتْ أيديهِمُ فَهو في / مثلِ لَهاةِ الأسَدِ الجائِعِ
قد سَمِعوا بالجودِ لكنَّهُ / لبُخلِهِم ما لذَّ للسِّامِعِ
وكلُّهمْ إن أنت كشَّفتَهُم / مثلُ سرابِ القِيعَةِ الّلامِعِ
فدعْهُمُ واطلُبْ من اللهِ ما / ضَنُّوا به من فضلِهِ الواسِعِ
فَما لِما يقطَعُ من واصِلٍ / ولا لِما يوصِلُ من قاطِعِ
قد قَسَّمَ الأرزاقَ بين الوَرى / في مُتعَبٍ ساعٍ وفي وادِعِ
كلّهُمُ يأتيهِ من رِزقِهِ / كفايةٌ لو كان بالقانِعِ
لكنَّهُم مِن حِرصِهم قد عَمُوا / عن الطَّريقِ المهْيَعِ الشَّارِعِ
لو أيقَنُوا أنَّ لهم رازِقاً / ليس لما يُعطيهِ مِن مانِعِ
ولا لِما يرفَعُ مِن خافِضٍ / ولا لِما يَخفِضُ مِن رافِعِ
ما طلَبوا مِن غيرِ مُعْطٍ ولا / دَعَوْا إذا اضْطُرُّوا سوى السامِعِ