يا ليل ما للصبح لم يطلُع
يا ليل ما للصبح لم يطلُع / كأنما تاه عن المهيع
قطعت يا ليل طريق السرى / عليه أم أغرق في أدمعي
وكلما قلت تجلى ضفت / عليه اذيالك كالبرقع
وانت يا صبح لقد طال ما / ادعوك ادعوك ولم تسمع
أصبت بالاعين أم قصرت / بك الخُطى ويك عن المطلع
اين ظباك البيض عهدي بها / تُغري أهاب الدجن كالمبضع
وخيلك الشهب التي نافست / خيل الرياح السُبق الأربع
ان كنت أعييت فقم وارمه / بسهم نار من لظى اضلعي
وان يكن غير الذي خلته / فيك فقل واجهر بما تدعي
عساك من ذلة اقوامنا / غضبت يا صبح فلم تسطع
رحماك هل قلت نعم أنني / احس صوتا رن في مسمعي
تقول أين القوم أهل النخا / واين أرباب القنا الشرع
بل أين أبطال بني يعرب / واين اقيال بني تبع
أين الكُماة الحمس من طفلهم / يحبو إلى الحرب إذا ما دعي
طوتهم الأرض ولم يخلفوا / فيما أرى اليوم سوى الهُلع
من طأطؤا للظلم هاماتهم / واستلأموا الذل عن الأدرع
يقضون بالضيم حياة الشقا / من خاضع طوعا ومستخضع
تحكمهم شر ذمة لم تزد / عدتها عن عقد الاصبع
يتبعها منهم ومن غيرهم / توابع كالحمر الظُلّع
جارت عليهم فوق جور العدى / بكل شكل مؤلم مفجع
قتلا وبتعيداً ونهباً ولم / تخش من البغي اذى المرتع
وهم مقيمون على طوعها / كأنمما هم غنم ترتعي
أهابت الأرض بهم والسما / وهم غريقوا النوم في المضجع
والانس والجن تناديهم / وليس من يسمع أو من يعي
وأمة منهم لقد لعلعت / أصواتها عند رُبى لعلع
غارت عليهم إذ درت ما بهم / يُراد من محو ومن مصرع
فلم تجد منهم مجيبا ولو / صوتاً يحاكي نقة الضفدع
كأنهم ماتوا أو استمرنوا / على احتمال الذل في الأربع
قد أملوا نيل الأماني بلا / عزم يهز الكون كالزعزع
فضيعوا الوقت هباء كمن / يقيس خيط الشمس بالأذرع
حتى غدت أعيانهم شردا / كل امريء ينفى إلى بلقع
واصبحت أوطانهم قفرة / شوهاء تحكي هامة الاقرع
لا يطرق الاسماع فيها سوى / صوت الغراب الناعب الأبقع
هل يستحقون بان يسطع الص / بح عليهم فاقض لي أو دع
قد أركسوا في ظلمات من الظل / م فزدهم يا دجى واسفع
ويحك يا صبح لقد زدتني / توجعا في لومك الموجع
أأنت والدهر علينا لقد / بالغت في العتب فلا تفظع
قد كان ما قلت ولكننا / لم نرتض الظلم ولم نجزع
سيرجع الحق لأربابه / والحكم يرتد إلى المرجع
والدهر لا يبقى على حالة / بل كل يوم هو في منزع
عسى لياليه التي أترعت / اقداحنا من سمها المنقع
تعود للصفو فتهدي لنا / كؤوس عز بالهنا مترع
واللَه لا يغفل عن ظالم / ومن يصدع خلقه يصدع