المجموع : 214
ما وَعَظَ العاقِلَ مِن واعِظٍ
ما وَعَظَ العاقِلَ مِن واعِظٍ / أَبلَغُ في العاقِلِ مِن نَفسِهِ
قَد يَضرِبُ العاقِلُ أَمثالَهُ / في غَدِهِ يَوماً وَفي أَمسِهِ
فَمِنهُ ما يَنفَعُ أَهلَ الحِجى / مِن أَبعَدِ الناسِ وَمِن جِنسِهِ
قَد يَستَشيرُ الشَيخُ أَبناءَهُ / وَيَقبِسُ الحِكمَةَ مِن عِرسِهِ
وَالعَقلُ مَقسومٌ فَلا تَزهَدَن / في طَلَبِ العِلمِ وَفي قَبسِهِ
وَاسأَل فَقَد يَكشِفُ عَنكَ العَمى / سُؤالُكَ العالِمَ في أُنسِهِ
لِلمَرءِ يَومٌ يُحتَمى قُربُهُ
لِلمَرءِ يَومٌ يُحتَمى قُربُهُ / وَتَظهَرُ الوَحشَةُ مِن أُنسِهِ
كَم مِن صَريعٍ قَد نَجا سالِماً / وَمِن عَروسٍ ماتَ في عُرسِهِ
كَأَنَّ عَتّابَةَ مِن حُسنِها
كَأَنَّ عَتّابَةَ مِن حُسنِها / دُميَةُ قَسٍّ فَتَنَت قَسَّها
يا رَبِّ لَو أَنسَيتَنيها بِما / في جَنَّةَ الفِردَوسِ لَم أَنسَها
إِنّي إِذاً مِثلُ الَتي لَم تَزَل / دائِبَةً في طَحنِها كُدسَها
حَتى إِذا لَم يَبقَ مِنها سِوى / حَفنَةِ بُرٍّ قَتَلَت نَفسَها
دَعني مِنَ الناسِ وَمِن لَومِهِم
دَعني مِنَ الناسِ وَمِن لَومِهِم / وَاِحسِ اِبنَةَ الكَرمِ مَعَ الحاسي
وَاِبكِ عَلى مافاتَ مِنها وَلا / تَبكِ عَلى رَبعٍ بِأَوطاسِ
فَخَمرَةٌ أَنتَ لَهَ رابِحٌ / في حالَتَي يُسرٍ وَإِفلاسِ
رَيحانَةٌ مِن كَفِّ رَيحانَةٍ / تَزهو عَلى الخيرِيِّ وَالآسِ
يَكادُ يُعطيني جَنى ريقِهِ / مِن فيهِ لَولا رِقبَةُ الناسِ
وَلَيلَةٍ سامَرتُ لَذّاتِها / بِشادِنٍ أَحوَرَ مَيّاسِ
نَأخُذُ مِن صَهباءَ كَرخِيَّةٍ / نَكتالُها وَزناً بِمِقياسِ
أَشرَبُ مِن ريقَتِهِ مَرَّةً / وَمَرَّةً مِن فُضلَةِ الكاسِ
مَتى يَرُم في سُكرِهِ مَنطِقاً / تَقُل بِهِ خَطرَةُ وَسواسِ
حَتّى اِنثَنى مِثلَ صَريعِ الهَوى / وَالنَومُ قَد عانَقَ جُلّاسي
أَسلَسَ لي حَلَّ سَراويلِهِ / مِن بَعدِ إِفضائي إِلى الياسِ
فَنِلتُ ما ضَنَّ بِهِ صاحِياً / وَالقَلبُ مِنّي جامِحٌ قاسِ
لا خَيرَ في اللَذّاتِ ما لَم يَكُن / صاحِبُها مُنكَشِفَ الراسِ
إِنَّ الَّذي ضَنَّ بِقِرطاسِهِ
إِنَّ الَّذي ضَنَّ بِقِرطاسِهِ / أَوحَشَني مِن بَعدِ إيناسِهِ
آذَنَني بِاليَأسِ مِن وَصلِهِ / وَالقَلبُ مَشغوفٌ عَلى ياسِهِ
وَماجِدٍ في الفَرعِ مِن هاشِمٍ / إِذا اِنتَمى طارَ بِعَبّاسِهِ
نازَعتُهُ القَهوَةَ في فِتيَةٍ / كُلُّهُمُ زَينٌ لِجُلّاسِهِ
سُنَّتُهُم في شُربِها بَينَهُم / مَن رَدَّها صُبَّت عَلى راسِهِ
إِذا حَساها بَعضُهُم لَم يَدَع / ما يَغمُرُ الذَرَّةَ في كاسِهِ
يا لَكِ مِن تُفّاحَةٍ غَضَّةٍ / طَيَّبَها حِبّي بِأَنفاسِهِ
فَزادَ طيباً ريحَها طيبُهُ / فَطابَ مِنها ريحُ جُلّاسِهِ
وَطابَتِ الكَأسُ وَإِبريقُنا / مِن مَوضِعِ التَقبيلِ مِن كاسِهِ
كَفاكَ ما مَرَّ عَلى راسي
كَفاكَ ما مَرَّ عَلى راسي / مِن شادِنٍ هَيَّجَ وَسواسي
أَفضَلُ ما أَبلُغُ مِن نَعتِهِ / تَحَدُّثي عَن قَلبِهِ القاسي
أَغارُ أَن أَنعَتَ مِنها الَّذي / يَنعَتُهُ الناسُ مِنَ الناسِ
كُلُّ أَحاديثي سِوى ذِكرُها / مُنكَشِفٌ مِنّي لِجُلّاسي
لا حَبَّذا الشُركَةُ في حُبِّها / وَحَبَّذا الشُركَةُ في الكاسِ
قُل لِنَدامايَ وَجُلّاسي
قُل لِنَدامايَ وَجُلّاسي / هَل لِيَ مِن عَبدَةَ مِن آسِ
أَو قائِلٍ يُخبِرُها حالِفاً / أَن لَيسَ مِنها بِيَ مِن باسِ
فَراجِعي الوَصلَ فَإِن زُرتُكُم / قَدرَ فِراقٍ فَاِحلِقي راسي
أَو لا فَفيمَ الصَدُّ عَن عاشِقٍ / لَيسَ لَكُم ما عاشَ بِالناسي
أَقامَهُ حُبُّكُمُ مُلجَماً / يَعُضُّ مَعلوباً عَلى راسي
حَتّى لَقَد مَجَّ دَماً خالِصاً / مِن لِثَةٍ تَجري وَأَضراسِ
لَو شِئتِ وَاللَهِ لَأَرضَيتِهِ / فَلا تُقيميهِ عَلى الياسِ
أُحسُ الهَوى صِرفاً مَعَ الحاسي
أُحسُ الهَوى صِرفاً مَعَ الحاسي / وَسَلِّ عَنكَ الهَمَّ بِالكاسِ
وَاِتَّخِذِ الفَتكَ إِماماً وَلا / تَبنِ بِنىً إِلّا بآساسِ
يا شُؤمَ قَلبٍ لَم يَزَل شُؤمُهُ / في اللَوحِ مَكتوباً عَلى راسي
عَذَّبَني رَبّي بِمَن قَلبُهُ / في البُعدِ مِثلُ الحَجَرِ القاسي
أَجوَرَ فَتّانٍ قَطوفِ الخُطى / أَغيَدَ مِثلِ الغُصنِ مَيّاسِ
أَبيتُ لَيلي وَنَهاري مَعاً / مُعَلَّقاً مِنهُ بِوَسواسِ
بانَ وَإِن لَم يَكُ لي نائِلٌ / مِنهُ لِأَرجوهُ عَلى ياسِ
قُل لِبَني الأَشعَثِ لَن تُصلِحوا
قُل لِبَني الأَشعَثِ لَن تُصلِحوا / بِاللَومِ عِندي أَمرَ عَبّاسِ
حَتّى تَرُدُّهُ إِلى رَبِّهِ / يَطبَعُهُ خَلقاً مِنَ الراسِ
أَلومُ عَبّاساً عَلى بُخلِهِ / كَأَنَّ عَبّاساً مِنَ الناسِ
وَإِنَّما العَبّاسُ في قَومِهِ / كَالثومِ بَينَ الوَردِ وَالآسِ
قولا لِمَن يَعشَقُ قَصرِيَّةً
قولا لِمَن يَعشَقُ قَصرِيَّةً / يَستَفُّ حُرفاً قَبلَ إِفلاسِهِ
فَقَد ثَوى في كَفِّ سَدّاجَةٍ / مِسرِعَةٍ في قَلعِ أَضراسِهِ
تُواصِلُ العاشِقَ حَتّى إِذا / ما أَخَذَ الفَقرُ بِأَنفاسِهِ
دَلَّت بِغَدرٍ وَقُرونُ الفَتى / تَهتَزُّ بِالكَشخِ عَلى راسِهِ
يا مُظهِراً شَكوى عَلى صَرمِهِ
يا مُظهِراً شَكوى عَلى صَرمِهِ / مُقَبِّحاً خُلقي لَدى الناسِ
أَفسَدتَ قَلبي بَعدَ إِصلاحِهِ / فَعادَ بِالصَرمِ مِنَ الراسِ
الحَمدُ لِلَّهِ أَلَم يَنهَني
الحَمدُ لِلَّهِ أَلَم يَنهَني / تَجرِبَةُ الناسِ عَنِ الناسِ
فَأَمنَعَ النَفسَ هَواها فَقَد / أَذَلَّني لِلناسِ إِفلاسي
سَكَتُّ لِلدَهرِ وَأَحداثِهِ / حَتّى خَرا الدَهرُ عَلى راسي
عَلَيكَ بِاليَأسِ مِنَ الناسِ
عَلَيكَ بِاليَأسِ مِنَ الناسِ / إِنَّ الغِنى وَيحَكَ في الياسِ
كَم صاحِبٍ قَد كانَ لي وامِقاً / إِذ كانَ في حالاتِ إِفلاسِ
أَقولُ لَو قَد نالَ هَذا الغِنى / أَقعَدَني حُبّاً عَلى الراسِ
حَتّى إِذا صارَ إِلى ما اِشتَهى / وَعَدَّهُ الناسُ مِنَ الناسِ
قَطَّعَ بِالقِنطيرِ حَبلَ الصَفا / مِنّي وَلَمّا يَرضَ بِالفاسِ
أَوضَعتَ في شَأوِ الجَفا فَاِحبِسِ
أَوضَعتَ في شَأوِ الجَفا فَاِحبِسِ / وَاِسلُك طَريقَ العَطفِ يا مُؤنِسي
يا مَن جَرى حُبّيهِ في مُهجَتي / جَريَ النَدى في زَهرِ النَرجِسِ
عَلى مَليءٍ موسِرٍ مِن ضَنىً / مُفتَقَرٌ مِن صِحَّةٍ مُفلِسِ
وَصاحِبٍ أَصبَحَ لي لائِماً
وَصاحِبٍ أَصبَحَ لي لائِماً / لَمّا رَأى حالَةَ إِفلاسي
قُلتُ لَهُ إِنّي اِمرُؤٌ لَم أَزَل / أُفني عَلى الأَكياسِ أَكياسي
ما هَذِهِ أَوَّلَ ما مَرَّ بي / كَم مِثلِها مَرَّ عَلى راسي
دَعني وَما أَرضى لِنَفسي وَما / عَلَيكَ في ذَلِكَ مِن باسِ
لَو نَظَرَ الناسُ لِأَحوالِهِم / لَاشتَغَلَ الناسُ عَنِ الناسِ
ما أَصعَبَ الحاجَةَ لِلناسِ
ما أَصعَبَ الحاجَةَ لِلناسِ / فَالغُنمُ مِنهُم راحَةُ الياسِ
لَم يَبقَ في الناسِ مُواسٍ لِمَن / يُظهِرُ شَكواهُ وَلا آسِ
وَبَعدَ ذا ما لَكَ عَنهُم غِنىً / لا بُدَّ لِلناسِ مِنَ الناسِ
وَجاهِلٍ أَصبَحَ لِيَ عاتِباً
وَجاهِلٍ أَصبَحَ لِيَ عاتِباً / قُلتُ عَلى العَينَينِ وَالراسِ
أَراهُ قَد عَرَّضَ لي عِرضَهُ / أُشهِدُكُم يامَعشَرَ الناسِ
قالوا فُلانٌ قَد غَدا تائِباً
قالوا فُلانٌ قَد غَدا تائِباً / وَاليَومَ قَد صَلّى مَعَ الناسِ
قُلتُ مَتى ذاكَ وَأَنّى لَهُ / وَكَيفَ يَنسى لَذَّةَ الكاسِ
أُمسِ بِهَذي العَينِ أَبصَرتُهُ / سَكرانَ بَينَ الوَردِ وَالآسِ
وَرُحتُ عَن تَوبَتِهِ سائِلاً / وَجَدتُها تَوبَةَ إِفلاسِ
عُمِّرَ مَن يَعمُرُ ذا المَجلِسا
عُمِّرَ مَن يَعمُرُ ذا المَجلِسا / أَطوَلَ عُمرٍ يُبهِجُ الأَنفُسا
وَبَعدَ ذا عُوِّضَ عَن دارِهِ / عَدناً وَمِن ديباجِهِ السُندُسا
وَوُفِّيَ الفَوزَ بِها وَالرِضى / وَوُقِّيَ الأَسواءَ وَالأَبؤُسا
وَدامَ عَبّادٌ لِعَهدِ الهُدى / يَحرُسُ حَتّى يُفنِيَ الأَحرُسا
مُعتَضِدٌ بِاللَهِ إِحسانُهُ / جَمٌّ إِذا ما الدَهرُ يَوماً أَسا
المَلِكُ الغَمرُ النَدى المُقتَني / مِن كُلِّ حَمدٍ عِلقَهُ الأَنفُسا
إِن رامَ يَوماً وَصفَ عَليائِهِ / مُفَوَّهٌ مُقتَدِرٌ أُخرِسا
لا زالَ بَدراً طالِعاً نَيِّراً / يَكشِفُ مِن آمالِنا الحِندِسا
وَأَشقَرٍ تُضرَمُ مِنهُ الوَغى
وَأَشقَرٍ تُضرَمُ مِنهُ الوَغى / بِشُعلَةٍ مِن شُعَلِ الباسِ
مِن جُلَّنارٍ ناضِرٍ خَدُّهُ / وَأُذُنُهُ مِن وَرَقِ الآسِ
تَطلُعُ لِلغُرَّةِ في وَجهِهِ / حَبابَةٌ تَضحَكُ في كاسِ