كَم بالقبيبات عَلى حاجِرٍ
كَم بالقبيبات عَلى حاجِرٍ / من قمر بادٍ وَمِن حاضرِ
وَكَم عَلى الرضراض من رمله / من رَشأٍ ظامي الحَشا ضامرِ
وَمُشرئبٍّ بالحمى آلِفٍ / لمشرئبٍ بالحمى نافِرِ
وَفاتِر الناظِر يَعطو إِلى / مُذعّرٍ ذي نظر فاتِرِ
مُلتَفِتاً في الحيّ من رقبة / تلَفّت الريم إِلى الذاعِرِ
قَد لعبَ الدلُّ بأعطافه / لعب الصبا بالغُصُنِ الناضرِ
مَن لي به من عطر ثغره / يَسحب فضّ البَرَد العاطرِ
بكسر قَلبي كاسِراً طرفه / فَهَل لِذاكَ الكسر من جابرِ
جارَ عَلى قلبيَ سلطانهُ / اللَه من سلطانه الجائرِ
ما لي عليه أَبَداً ناصر / وَكَم له عليَّ من ناصرِ
يا مُهجَتي صَبراً عَلى ظلمه / ما أَكبَر الظلم عَلى الصابرِ
وَيا جفوناً سهرت لَيلها / ما أَطوَل اللَيل عَلى الساهرِ
فَهَل لصبحِ الوَصلِ من أَول / وَهَل لليل الهَجرِ من آخرِ
يا آمري في الحُبِّ لا تَنتَهِ / أَفديكَ مِن ناهٍ وَمِن آمِرِ
طرفُ غَريمي واترى في الهَوى / يا ترتي من طرفه الواتِرِ
لَم تَخلُ منه أَبَداً مُهجَتي / إِذا خَلا من شخصه ناظِري
أَنجَدَ أَم غارَ فلمّا أَزَل / من منجدٍ فيهِ ومن غائرِ
غَدا عليه لائمي حاسدي / وَراحَ فيهِ عاذِلي عاذِري
كَم وارِدٍ وَردي فيهِ وَلا / عَن ذلك المورد من صادِرِ
وَكَم فَتى كانَ بِهِ رابِحاً / عادَ بقلب الخائِب الخاسرِ
يُنسب في الحُسنِ إِلى هاشِمٍ / فَيا لَهُ مِن نَسَبٍ طاهِرِ
ما بنت عنّي يا غَزال النقا / ما خطر السلوان في خاطِري
فدى لِعينيك عيون المَها / من رمل نَجران إِلى حاجرِ
حسبك يا لَيلايَ ما نلته / ما ناله قيس بَني عامِرِ
راحَ فُؤادي قطعاً واِغتَدى / يَرقص في قدر الجوى الغائِرِ
وَبانَ عَنّي سامري شارِداً / وَبتُّ في الحيّ بِلا سامرِ
فَليهجر الطرفُ لَذيذَ الكَرى / فَقَد غَدا مواصلي هاجِري
وَأَنت يا عين أَعيني الحَشا / برشّةٍ من دمعك الهامرِ
وَأَنتَ يا جحر الجوى نجّني / من غمدات المدمع الغامِرِ
كَم زمن قضّيته بالحمى / بذكره لذَّ فمُ الذاكِرِ
جنيت فيهِ ثَمَرات الهَوى / من وارق العود إِلى ثامرِ
إِن غابَ عَن عين المعنّى فكم / مِن غائِبٍ بَينَ الحَشا حاضِرِ
من مُبلغٌ عَنّي الوَرى قولةً / تفترّ عَن ذي كبدٍ فاغرِ
إِنَّ رَبيب الخدر في حسنه / راض جموح الأسدِ الخادِرِ
عَجِبتُ مِن صعبي كَيفَ اِنثَنى / طوع زِمام الرشأ النافرِ
مشتَهِرٌ عَزميَ بَينَ الوَرى / كالسَيف هزّته يَدُ الشاهرِ
أَهتَزُّ شَوقاً لاِقتناص العلا / مثل اِهتِزاز المقضب الباتِرِ
أنمّق الشعرَ وَلَكِنَّني / منزّهٌ عَن حرفة الشاعِرِ
صنت به كلّ فَتىً طيّب / ممزّقاً كلّ فَتىً عاهِرِ
فَخرت بالنَقس وكلّ اِمرئ / بغيره بَينَ الوَرى فاخرِ
كَم لَكَ يا دَهريَ من عثرة / فَلا لقاً لجدّك العاثرِ
ما آنَ مِن أَن تأتني طائِعاً / كالبازِل المنقاد للناحرِ
لتزدهي الدنيا عَلى الزهر في / سَنا شَقيق القمر الزاهِرِ
فكلّ معنى من معانيَّ قَد / سارَ مسير المثل السائِرِ