المجموع : 8
مرّ بنا كالظّبي لكنّهُ
مرّ بنا كالظّبي لكنّهُ / يذعَرُنا والظّبيُ مذعورُ
واهتزّ كالغُصْنِ ولكنّه / بأدمُعِ العشّاقِ ممطورُ
وا بأبي مَعقِدُ زُنّارِه / أفي الزّنانيرِ الزّنابيرُ
وأنت يا تفتَيرَ أجفانِه / ما لَك عن قلبي تَفْتيرُ
نواظرُ الأغصانِ ما عندنا / نواظرٌ من فوقِها حُورُ
والبدرُ ما افترّ على حُسْنِه / عن يانِعِ النورِ له نورُ
في مثل ذا خالِعُ عُذرِ التُقى / والنُسْكِ والعفّةِ مَعذورُ
قلتُ وقد كشّف عن صفحتَيْ / خدٍّ عليه الحُسْن مزْرورُ
ذا السيف ما جرّدْتَ لي بعضَه / إلا ولي في ذاك تحذيرُ
كم فيك يا منصور من فتنةٍ / شاهدةٍ أنّك منصورُ
حمْل الأحاريمِ على مثل ذا / محرّمٌ لا شكّ محذورُ
كأنّ دارين لها دارُ
كأنّ دارين لها دارُ / فروضها المِعطالُ معطارُ
تحملُ عنه نفحاتُ الصَبا / نشراً به للصبِّ إنشارُ
فكلما استنشقتَهُ شاقَه / لنازحِ الأوطانِ أوطارُ
تلك شِفاءُ الوجدِ لو أنهم / صاروا بها من بعد ما ساروا
علّقْتُ قلبي بذِمامِ الهوى / وهْو خفير منه إخفارُ
وكان قلباً فغدا طائراً / له من الأكوارِ أوكارُ
في سُندسِ الكَلّة حوريّةٌ / تسكنُ قلبي وهو النار
أحدقتِ الشمسُ بها مثلَ ما / تحدِقُ بالمُقلةِ أشْفارُ
يا كوكباً يمنعُ أن يُجتلَى / غيثُ مَهىً أوطَفُ مِدرارُ
ودرّةً يحجُبُ عن نيلها / بحرُ وغًى بالبأسِ زخّارُ
أغريتِ بي الوجدَ وغررتِ بي / إنّ الغريرَ الطرْفِ غرّار
لا تحسَبي أن ثرت فتاكة / كلُّ قتيلٍ ما لهُ ثارُ
جورُكِ يمضي فيّ لو لم يكن / من أحمدَ المختارِ لي جارُ
حِبْرٌ له خُطَّ يَراعٌ به / يراعُ خطّيٍّ وخطّار
يبسِمُ منه الطرفُ عن سؤدد / ضاحكَ فيه النورَ أنوارُ
دوحٌ من المُعْجِزِ لا يجتَني / منهُ بغير السَمْعِ أثمارُ
لفظٌ عَوانٌ بين أحشائه / من المعاني العُقْم أبكارُ
يَبيتُ ساري النّهْجِ في فِكرها / رهنَ ضلالٍ وهْي إقْمارُ
حظُّ الموالي والمَعادي به / نفعٌ كما شاءت وإضرار
يرجو ويخشى حالتَيْها الوَرى / كأنها الجنّةُ والنارُ
وراحةٍ دينارُها درهمٌ / ودرهمُ الباخلِ دينارُ
لا يُمتَرى في أنها تمترى / أخلافَ نُعماها وتُمْتارُ
شادَ بها ربعُ الندى بعدما / أرداهُ إعصار وإعصار
ومنظرٌ عزّ نظيرٌ له / والناسُ أشكال وأنظارُ
في صفحتيهِ لمياهِ الحَيا / مُطّرِدَ الإجراءِ تيّار
للبِشْرِ برقٌ بين أرجائه / وللندى الفائضِ أمطارُ
وليس يُجدي الأثْرُ في صارمٍ / ما لِشَبا حدّيْهِ آثارُ
يا بنَ الألى طابتْ أحاديثُهُم / على التَمادي فهْي أسْمار
خذ مِدَحاً سحرُ بلاغاتِها / في سُدَف الأشعارِ أسحارُ
قصائدٌ أرسلَها خاطرٌ / في سُبُلِ الإحسانِ خطّارُ
تثني البلاغاتُ بمنطوقها / مستعبداتٍ وهْي أحرار
أغليتُها بَذْلاً وأعليتُها / فضلاً وللأشعارِ أسعارُ
فليَهْنِكَ الشهرُ الأصمّ الذي / أسمعُهُ للمَدْحِ تَكْرار
وليَبْقَ في المجدِ مقيماً فلي / جوّالُ مدحٍ منكَ سيّارُ
زامرُنا لو شاءَ إكرامَنا
زامرُنا لو شاءَ إكرامَنا / كان ولو قُطِّع لم يَزْمُرِ
باكَرَ بالناي فيا ليتَه / باكرَ بالنّأيِ فلم يحضُرِ
ومرّ في شتى أفانينِه / فنحنُ شتّى عنه في المحْضَرِ
من رَخَمٍ يُطرِشُ آذانَنا / وحازقٍ يقبضُ بالمنخر
وبعد هذاك وذا ما ابتدا / إلا وكلُّ قائلٍ مَنْ خَري
وأسمرٍ يفتكُ بي طرفُهُ
وأسمرٍ يفتكُ بي طرفُهُ / إذا تثنّى وكذا الأسمرُ
إن قلتُ في وجنتِه جنّةٌ / قلتُ وفي ريقَتيهِ كوثرُ
قد كفلَتْ أكفالُه أنّه / بخَصْره ينعقِدُ الخُنصُرُ
وشاحُهُ يقلق إذ بزّهُ / ذاك الذي غصّ به المئْزَرُ
وإن مضى يرجِع أردافَهُ / كأنّه مُقْتَبِل مُدْبِرُ
ما أطولَ الليلَ على الساهرِ
ما أطولَ الليلَ على الساهرِ / لولا التفاتُ القمرِ الزاهرِ
حُلَّ نقاب الجوّ عن واصلٍ / يفقُدُ تيهاً صلفَ الهاجرِ
وربما جرّدَ من جَفنِه / ما استخدم الباترَ للفاترِ
وما الذي غرّك من ناظرٍ / مركب في غُصُنٍ ناضرِ
يكسِرُ إذ يكسِرُ أجفانَهُ / وا عجباً للكاسرِ الكاسرِ
يا رامياً أسهُمَهُ رانياً / أما على الناظر من ناظرِ
لحظُك في القلبِ له سَورَةٌ / كأنّ منها نفثَةَ الساحرِ
صادَ على فرطِ نِفارٍ ولم / أسمعْ بمثل الصائد النافر
في كل يومٍ للهوى فتنةٌ / تُقضي على العاذلِ للغادرِ
قامت بها الحربُ على ساقِها / واعترفَ المُخْدِرُ للخادِرِ
أيُّ سكونٍ لَشِجٌ قلبُه / هفت به قادِمتا طائرِ
وضيفُ طيفٍ ردَّهُ مدمَعي / فساقه الفكرُ الى خاطري
إن صدّ نيل الدمعِ عن نيلِه / فإنّهُ جاءَ على الحاجر
أشكرُ مسْراه وأشكو له / وربَّ شاكٍ في الهوى شاكرِ
زار وقد حطّ نقابَ الدُجى / عن وجهِ صُبحٍ مُسفرٍ سافرِ
وأدهمِ السُدْفةِ قد خط منْ / هلالِه نُوناً على الحافرِ
قلتُ وزهْوُ الزَهْرِ مستغرِقٌ / بعارضٍ من صُبحه ماطِرِ
لا أكفُرُ الليلَ وإحسانِهُ / وإن دعاهُ الناسُ بالكافرِ
لا ومعالي الأشرفِ المُنتَمي / في المجدِ للكابرِ والكابرِ
نجمِ بنى الحُباب على بدرِها الز / اهر بل إصباحِها الباهرِ
تأوي بنو الأغلب منهُ الى / مَنْ في حَنانيه لَعيّ العاثر
ذو راحةٍ تُجدي وتُرْدي العِدى / كأنما نِيْسانُ في ناجرِ
ننظِمُ من أمداحِه جوهراً / نُخرجُه من بحرِه الزاخِرِ
من كل عذراء أحاديثُها / تملأُ أُذْن المثَلِ السائر
مُلْهيةُ الداعي وحنانة ال / حادي ومُستَطْرَفَةِ السائر
أفعالُه البيضُ وأقوالُهُ / تفيضُ للواردِ والصادر
للهِ ما أوضحَ من مُشكِل / للعقلِ فيه دهَشُ الحائرِ
تصرِّفُ الأحكامُ أقلامَه / ويَصرِفُ الأمرَ الى الآمرِ
وما جُسَيْماتُ المعالي سوى / لُعابُ ذاك الأصفرِ الضامرِ
ينشُدُ من ينشُدُ أوصافَهُ / علقمُ ما أنت الى عامرِ
هبّتْ لنا ريحُ أحاديثِه / تعثَرُ في ذيلِ الثَنا العاطرِ
وأرّجَتْ من رَبْع أوصافِه / يانِعَ زهرِ الجنةِ الزاهرِ
قاضٍ مُجيدُ الشِعْر في وصفهِ / يُهدي البضاعاتِ الى التاجِرِ
قد زاد في منصِبِ آبائه / فافتخر الأولُ بالآخِرِ
فليَهْنِه العامُ الذي عام في / بحر أياديهِ لنا الغامرِ
ولا تزَلْ أوصافُ إحسانِه / تُغني عن الناظمِ والناثرِ
قبّلتُه يوماً وقابلتُه
قبّلتُه يوماً وقابلتُه / بخاطرٍ في مدحِه ذي خطَرْ
فقال هذي دررٌ جمّةٌ / فقلت في ثغرِك هذي الدُررْ
قادَ وقادَ السودَ نحوَ
قادَ وقادَ السودَ نحوَ / فهُمْ على الغارِ لهُمْ غارَهْ
فانظُرْ الى القَرْنِ على رأسِه / كأنه في أسفلِ الحارَهْ
يا ذَرَويّاً كان في حبّهِ
يا ذَرَويّاً كان في حبّهِ / جسميَ في الرقّةِ كالذّرِّ
أقْصَدْتَني بالهُجْر من بعد ما / أقصدْتَني من قبلُ بالهجْرِ
وخفتُ أن ينطِقَ ثغري بما / يُبيحُ آثارَ حِمى الثّغِر
كنْ آمناً فالدهرُ قد شُفِّعَتْ / أحداثُه فيكَ مَدى الدهرِ
هيهاتَ أن أبلغَ بالشِعْرِ ما / قد بلغَتْ منك يدُ الشِعْرِ