المجموع : 13
أَما تَرى المرءَ له عِبرةٌ
أَما تَرى المرءَ له عِبرةٌ / مَتْلَفةٌ يشقَى بها الحُرُّ
لا تلتمسُ فضلَ الغِنَى إنهُ / في صدفٍ أهلكه الدُّرُّ
لا تجزعَنْ إنْ فات ما رُمْتَهُ
لا تجزعَنْ إنْ فات ما رُمْتَهُ / واشْدُدْ عُرَى عزمِكَ بالصَّبْرِ
فالجَدُّ إنْ ساعدَ نالَ الفَتَى / بُغْيَتَه من حيثُ لا يَدرِي
وإنْ نَبا الجَدُّ فكلُّ الذي / تأمُلُ من رِبْحٍ إِلى خُسْرِ
والمرءُ في إقبالِه سابِحٌ / يجري مع الماءِ كما يجري
وهو إِذا أدبر مستقبلٌ / جَرْيتَهُ منقطعَ الظَّهْرِ
عُجْنَا إِلى الجِزْعِ الذي مَدَّ في
عُجْنَا إِلى الجِزْعِ الذي مَدَّ في / أرجائِه الغيمُ بِساطَ الزَّهَرْ
حولَ غديرٍ ماؤهُ المنتمي / إِلى بناتِ المُزْنِ يشكو الخَصَرْ
لو لاذتِ الريحُ سَموماً به / لانقلبتْ وهي نَسيمُ السَّحَرْ
حصباؤهُ دُرٌّ ورَضْرَاضُهُ / سُحالةُ العسجدِ حولَ الدررْ
وقد كَستْهُ الريحُ من نَسْجِها / دِرْعاً به يلقى نِبَالَ المَطَرْ
وألبَستْهُ الشمسُ من ضوئِها / نوراً به يَخْطَفُ نورَ البَصَرْ
كأنها المرآة مجلوَّةً / على بِساطٍ أخضرٍ قد نُشِرْ
كُراتُ دَسْتَنْبُويَةٍ نُضِّدَتْ
كُراتُ دَسْتَنْبُويَةٍ نُضِّدَتْ / مختلفاتِ الشَّكْلِ والمنظَرِ
فمستديرُ الشكلِ ذو سُمْرَةٍ / كأنَّهُ جُمْجُمةُ العنبرِ
ولابسٌ للنورِ ذو نُمرةٍ / والحسنُ كلُ الحُسْنِ للأَنْمرِ
وعسجديُّ اللونِ ذو صُفْرَةٍ / ضُمَّ إِلى تِرْبٍ لهُ أحمرِ
كأنّهُ المِرِّيخُ في لونِه / قارنَهُ في بُرْجِه المُشْتَرِي
مِلْنا إِلى النَّشْر الذي تلتقِي
مِلْنا إِلى النَّشْر الذي تلتقِي / إليه أنفاسُ الصَّبَا عاطِرَه
ثم خلعْنا لُجُمَ الخيلِ في / رياضهِ المونقةِ الناضِرَه
حولَ غديرٍ ماؤُه دارعٌ / والأرضُ من رقَّتِه حاسِرَه
فالشمس إنْ حاذَتْهُ رأْدَ الضُّحَى / حسناءُ في مرآتِها ناظِرَه
والشهب إن حاذَتْهُ جُنحَ الدُّجَى / تسبحُ في لُجَّتِه الزاخِرَه
قد ركّب الخضراء فيه فمن / حصبائِه أنجُمُها الزاهِرَه
يخصَر إن مرَّ بأرجائِه / لفحُ سَمومٍ في لَظَى الهاجِرَه
أنموذجُ الماءِ الذي جاءَنا ال / وعدُ بأنْ نُسْقَاهُ في الآخِرَه
الحمد لله الذي خصّنا
الحمد لله الذي خصّنا / من فضله بالنعم الغامره
ألهمنا فكّ الرموز التي / تكاتمتها الأمم الغابره
بغير أستاذ ولا مرشد / إلى اختيار الطرق الجابره
إلا بتوفيق له سابق / منّتنا عن شكره قاصره
وهمه تقضي بتسديده / قد ساعدتها مقلة ساهره
والبحث عن كل الفنون التي / بها تزكى الأنفس الزاهره
وصلوات الله تترى على / محمد والعترة الطاهره
وبعد فالحكمة مخزونة / مكتومة شاردة نافره
قد ضلّ قوم بتآويلها / فيالها من صفقة خاسره
محجوبة بالرمز لكنها / بالكشف في أثنائها سافره
نشراً بها فينا وطياً لها / في همج حائرة بائره
وربما جاءك من رمزنا / خلاف ما عندك بالنادره
فأحسن الظن بنا إنما / كلامنا في الصنعة الفاخره
وذاك كشف للرموز التي / قد أضمرتها الفطن العابره
وإنما تعريض أسلافنا / بالرمز والترجمة الساتره
ضناً بسر الله في أرضه / وخفية للفتن الثائره
فإِن تفطنت فلا تبده / إلا تكن تبغي به الآخره
وكل وأنفق غير مستأثر / فقد كفيت الفقر والفاقره
واسعَ لعقباك ولا تغترر / بهذه الغادرة الساحره
وقدّم الخيرات واسهر لها / ليلك إنّ الموعد الساهره
وكن على نفسك مستحفظا / واحذر جوار الأنفس الحائره
وطائر يخرج من حفرة
وطائر يخرج من حفرة / لطيفة مظلمة القعرِ
يعرفه الناس جميعاً ولا / يدرون ما فيه من الأمرِ
يطير في الجو إلى قُلّة / كهوفها تطبق بالصخرِ
فيحرق الصخر ويرثى على / قُلّته يا لك من وكرِ
يؤخذ حياً ثم يلقى على / نار لنا حامية الجمرِ
حتى إذا صار رماداً بلا / محَشَّةٍ تنشف في البحرِ
تبنى له في بحرنا قبة / حصينة الأرجاء كالقصرِ
يلبث فيها مدة مثلما / يبقى رميم الميت في القبر
وروحه ينفخ فيها على ال / تدريج من شهر إلى شهرِ
حتى إذا استكمل أيامه / عاد جناحاه لدى الحشرِ
في المعدنيات لنا حكمة
في المعدنيات لنا حكمة / مخبوءة في الصدور
أعمالنا فيها وأسرارنا / وما سواها فمتاع الغرور
لا شعرة نعني ولا بيضة / فعدّ عن تدبيرهم في الشعور
وأخرج الأشياء عن طبعها / فبالتصاعيد تصحّ الأمور
وفي انقلاب الأرض عن طبعها / غنى وملك دائم لا يبور
فحلّ رمز القوم واحرص على / فهم المعاني فعليها تدور
إحراقنا البالغ في أول ال
إحراقنا البالغ في أول ال / تكليس روح ثابت لا يطير
والكلس إن أدخل آثالنا أل / أبيض روح نخلت بالحرير
فاجعل لأجسادك تنهض بها / أجنحة من روحها في السعير
وكلما ثَقَّلتَ أرواحها / كان لها أنهضَ نحو الأثير
وَروحِ الأجساد في حلّها / فحلَّها أمر علينا يسير
وَجّردِ الأرواح في عقدها / لجسمها عقد مُمَرِّ المَرِير
فهذه غاية ما عندنا / في الحل والعقد بقول شهير
وإنما الصنعة في جنب ما / عَلِّمَنا اللهُ جزاءٌ حقير
فاسعد بما أوتيتَ من حكمة / واعمر بها عقباك فهي المصير
وما أعَدَّ الله في جنة ال / مأوى لنا فهو الثواب الكبير
الحمد لله الذي خصّنا
الحمد لله الذي خصّنا / بالعلم والعقبى لمن يشكر
ألهمنا علم أداة لنا / مكتومة تخفى ولا تظهر
معمولة من جوهر خالص / داخله من خارج يبصر
في رأسها فتح وإكليلها ال / مقلوب في داخلها يقطرُ
ممرّد الصرح له غرفة / غامضة المسلك لا تظهر
أم ملوك الأرض في جوفها / جنينها الأبيض والأحمر
تسقيهم فهي بهم برة / من لبن العذراء ما يحصر
تحملهم في جوفها أشهرا / معدودة تتبعها أشهرُ
وإنما إكليلها ثديها / يرضعه الأصغر فالأكبر
في جوفها تقبر موتاهمُ / حيناً ومن باطنها تحشرُ
لطيفة الخصر وأردافها / وجيدها من خصرها أكبرُ
في وسط البحر ومن تحتها / نار حضان أبداً تسعرُ
هذي أداة القوم أظهرتُها / بارزة وهي التي تضمرُ
فضحت أسرارهمُ دفعة / وبحتُ بالسر لمن يشعرُ
وبؤتُ بالذنب ومن خالقني / أستوهبُ الذنبَ وأستغفرُ
فواصلوا الدرس ولا تسأموا / وأعملوا الفكر ولا تضجروا
وقايسوا أمركم تدركوا / مكنون سر الله واستبصروا
أيمنُ مولود رأيناه في
أيمنُ مولود رأيناه في / علومنا مولودنا الأخضر
وهو نحاس الحكماء الذي / صَدّهُ في التركيب أو زَنجَروا
من السما والأرض مستخرج / يلين منه الحجر الأغبر
إن لان بالادهان أحجارُنا / فالدهن من أحجارنا يعصر
تبصر فيها زبدا رائبا / تحمله الأمواج إذ تزخرُ
قد خرج التنين من بحرنا
قد خرج التنين من بحرنا / بين هبابات وأنارِ
هامته في الأرض منكوسة / ورجله في فلك النارِ
أقام في داخله مدة / يقذف تياراً بتيارِ
والنار تحت البحر مشبوبة / بجاحم للجمر فرّارِ
ومسكن التنين في جوفه / جزيرة في جُرفٍ هارِ
مأوى الشياطين ومن فوقه / غرفة اخيار وابرارِ
له دويٌ وحفيفٌ كما / للريح إذ جاءت باعصارِ
يحرق ما مرَّ به راجفاً / من حيوانات وأشجارِ
جاع فما مَصَّ مصة / من ذَنَب بالدَّرِ مشكارِ
رمز لنا يقصر عن فهمه / مجال أوهام وأفكارِ
يا أيها الباحث عن سرنا
يا أيها الباحث عن سرنا / مستعظماً للأمر مستنكرا
انظر إلى ماء الحياة الذي / فيه أعاجيبُ لمن فَكَّرا
أبيضُ في منظره ناصعٌ / يصبغ ما خالطه أحمرا
فهو لجين خالص منظراً / وهو نضار خالص مخبرا
وينشر الأمواتَ دَبَّ البلى / فيها فصارت رِمَماً دُثَّرا
ويحرق الجسم الذي قد عتا / على لهيب النار واستكبروا
لأن به الماسُ على يبسه / وانحلَّ منه الطلق حتى جرى
وغَضَّ من ماء الحديد الذي / اشتد ولم يذعن لأن يكسرا
ولم يدع ظلَّ النحاس الذي / فيه فأضحى لونه مسفرا
تضحي عقيمُ الثرب مِن مسّه / حبلى تجنُّ الملكَ الأكبرا