المجموع : 8
مَرَّت بِجَمعٍ لَيلَةَ النَفرِ
مَرَّت بِجَمعٍ لَيلَةَ النَفرِ / تَجمَعُ بَينَ الإِثمِ وَالأَجرِ
أَدماءُ غَرّاءُ هَضيمُ الحَشا / واضِحَةُ اللَبّاتِ وَالنَحرِ
مَرَّت تُهادي بَينَ أَترابِها / كَالنَجمِ بَينَ الأَنجُمِ الزُهرِ
نَفَّرَ مِن ساكِنِ وَجدي بِها / دُنُوُّها في ساعَةِ النَفرِ
لَم أَحظَ مِنها بِسِوى نَظرَةٍ / خالَستُها مِن جانِبِ الخِدرِ
أَومَت بِتَسليمٍ وَجاراتُها / يَرمينَنا بِالنَظَرِ الشَزرِ
يا بَردَها تَسليمَةً قَلَّبَت / قَلبَ أَخي الشَوقِ عَلى الجَمرِ
وَلَيلَةٍ باتَ سَميري بِها / بَيضاءَ تُحمى بِالقَنا السُمرِ
واهاً لَها مِن خَصرِ ريقِها / واهِيَةِ الميثاقِ وَالخَصرِ
مالَ بِها سُكرُ الهَوى وَالصِبا / مَيلَ الصَبا بِالغُصُنِ النَضرِ
باتَت تُعاطيني جَنا ريقَةٍ / رَقَّت فَأَغتَني عَنِ الخَمرِ
إِذ مَزَجَت لي كَأسَ بَينٍ بِهِج / رانِ فَمِن سُكرٍ إِلى سُكرٍ
يا حُلوَةَ الريقِ بَرودَ اللِمى / رَوضَ الصِبا باسِمَةَ الثَغرِ
أَما كَفاكِ البَينُ لي قاتِلاً / حَتّى شَفَعتِ البَينَ بِالهَجرِ
ما هُوَ إِلّا أَن نَبا الدَهرُ بي / فَمِلتِ يا ليلى مَعَ الدَهرِ
ذَنبي إِلى الأَيّامِ حُرِّيَّتي / وَلَم تَزَل أَلباً عَلى الحُرِّ
ما لي أَرى الناسَ وَحالي عَلى / خِلافِ أَحوالِهِم يَجري
دَهرِيَ مَأمورٌ وَمُستَعبَدٌ / وَالناسُ في نَهيٍ وَفي أَمرِ
وَلِلَّيالي دُوَلٌ بَينَهُم / تَنقُلُ مِن زَيدٍ إِلى عَمرِو
تَجولُ مِن بُؤسٍ إِلى نِعمَةٍ / طَوراً وَمِن عُسرٍ إِلى يُسرِ
فَكَم نَبيهٍ قَد رَأَيناهُ بِال / أَمسِ وَضيعاً خامِلَ الذِكرِ
وَكَم فَقيرٍ باتَ ذا عُسرَةٍ / أَصبَحَ وَهوَ الموسِرُ المُثري
وَرُبَّ هاوٍ في حَضيضِ الثَرى / طارَ بِهِ الجَدُّ مَعَ النَسرِ
تَختَلِفُ الأَيّامُ في أَهلِها / مِثلَ اِختِلافِ المَدِّ وَالجَزرِ
وَما أَرى لي بَينَهُم دَولَةً / تَرفَعُ مِن شَأني وَمِن قَدري
كَأَنَّني لَستُ مِنَ الناسِ في / شَيءٍ وَلا دَهرُهُمُ دَهري
وَما لِإِنسانِيَّتي شاهِدٌ / عِندي سِوى أَنِّيَ في خُسرِ
أَعيشُ في الدُنيا عَلى حالَةٍ / واحِدَةٍ أَصحَبُها عُمري
فَلَيتَ شِعري يا زَماني مَتى / أَخرُجُ مِن دائِرِةِ الشِعرِ
كُنتَ تُداجيني فَما لي أَرى / صَرفَكَ قَد صَرَّحَ بِالشَرِّ
فَرَدَّ آمالِيَ مَقبوضَةً / وَكَسَّرَ الحاجاتِ في صَدري
لَم تَرضَ أَيّامُكَ لي لا رَأَت / يَومَ رِضىً بِالضَنكِ وَالعُسرِ
حَتّى رَمَتني رَميَةً بِالأَذى / بِنَكبَةٍ قاصِمَةٍ ظَهري
وَتَرتَني في مُقلَةٍ قَلَّما / أَعلَمُها نامَت عَلى وَتَرِ
أَصَبتَني فيها عَلى غِرَّةٍ / بِعائِرٍ مِن حَيثُ لا أَدري
جَوهَرَةٌ كُنتُ ضَنيناً بِها / نَفيسَةُ القيمَةِ وَالقَدرِ
إِن لَم أَكُن أَبكي عَلَيها دَماً / فَضلاً عَنِ الدَمعِ فَما عُذري
وَاِرتَجَعَت ما رَشَحَت لي بِهِ / صِفاتُها مِن تافِهٍ نَزرِ
فَيا لَها طارِقَةً هَدَّني / طُروقُها في آخِرِ العُمرِ
طارِقَةً مَثَّلَ بي مَسُّها / يَعجَزُ عَن أَمثالِها صَبري
فَلا رَعاها اللَهُ مِن حالَةٍ / ثالِثَةٍ لِلشَيبِ وَالفَقرِ
غادَرَ جِسمي حَرِضاً غَدرُها / ما أَولَعَ الأَيّامَ بِالغَدرِ
كَأَنَّني يَعقوبُ في الحُزنِ بَل / أَيّوبُ في البَأساءِ وَالضُرِّ
أَسيرُ هَمٍّ لا أَرى فادِياً / يَفُكُّ مِن قَبضَتِهِ أَسري
حَبيسُ بَيتٍ مُفرَداً مُسلَماً / فيهِ إِلى الأَحزانِ وَالفِكرِ
تَضيقُ عَن خَطوِيَ أَقطارُهُ / وَهوَ رَحيبٌ واسِعُ القُطرِ
كَأَنَّني في قَعرِهِ جاثِماً / مَيتٌ وَما أُلحِدَ في قَبرِ
ناءٍ عَنِ الأَحياءِ في بَرزَخٍ / مُنقَطِعٌ عَن بَينِهِم ذِكري
لَيلُ حِجابٍ لا أَرى فَجرَهُ / يا مَن رَأى لَيلاً بِلا فَجرِ
لَأَرفَعَنَّ اليَومَ حالي إِلى / ذي إِمرَةٍ يَنظُرُ في أَمري
تَشكو فَيَشكيني نَداهُ وَإِن / شَكَرتُهُ أَطرَبَهُ شُكري
أُهدي إِلَيهِ مِثلَ أَخلاقِهِ ال / حُسنى ثَناءً أَرِجَ النَشرِ
حَبائِراً جَهَّزتُ أَعلاقَها / إِلى الأَجَلِّ الفَاضِلِ الحَبرِ
أَبي عَلِيٍّ وَاِبنِهِ وَأَخي ال / سَماحِ وَالإِحسانِ وَالبِرِّ
عَبدِ الرَحيمِ الغُرِّ آباؤُهُ / مَولى النَدى وَالنِعَمِ الغُرِّ
المُسمِحِ الصَعبِ الرَحيبِ القِرى / في المَكرُماتِ الضَيِّقِ العُذرِ
لا حَصِرٍ يَومَ جَدالٍ وَلا / آلاؤُهُ تُدرَكُ بِالحَصرِ
ماضي شَبا العَزمِ خَليقٍ إِذا / ما خَلَقَت كَفّاهُ أَن تُفري
نَجمُ الثُرَيّا كَفُّهُ فَهيَ لا / تَنجُمُ إِلّا عَن حَياً ثَرِّ
سَريرَةٌ صادِقَةٌ طالَما / تَصَدَّقَت بِالمالِ في السِرِّ
شِفارُهُ تَقطُرُ مُحمَرَّةً / في سَنَواتِ الإِزَمِ الغُبرِ
باهَت عَلى الأَلقابِ أَسماؤُهُ / تَكَبُّرَاً مِنهُ عَلى الكِبرِ
يَقطُرُ ماءُ البِشرِ مِن وَجهِهِ / لا خَيرَ في وَجهٍ بِلا بِشرِ
إِحسانُهُ يَتبَعُ إِحسانَهُ / تَتابُعَ القَطرِ عَلى القَطرِ
لا مِثلَ مَن مَعروفُهُ فَلتَةٌ / وَالجودُ مِنهُ بيضَةُ العُقرِ
مُجرٍ إِلى السودَدِ آراؤَهُ / تَفُلُّ عَزمَ العَسكَرِ المَجرِ
وَكاتِبٌ ما فَتِئَت كُتبُهُ / طَلائِعاً لِلفَتحِ وَالنَصرِ
تَنوبُ يَومَ الرَوعِ أَقلامُهُ / عَن قُضُبِ الهِندِيَّةِ البُترِ
رَسائِلٌ كَالسُحبِ شِم بَرقَها الس / ساري وَبِت مِنها عَلى ذُعرِ
تَطوي عَلى ضُرٍّ وَنَفعٍ فَمِن / صَواعِقٍ تُردي وَمِن قَطرِ
سَوارِياً في الحَزنِ وَالسَهلِ أَو / شَوارِداً في البَرِّ وَالبَحرِ
يَسيرُ في الآفاقِ أَبناؤُها / كَأَنَّها اللَيلُ إِذا يَسري
تُزهي عَلى الأَصدافِ أَدراجُها / لِأَنَّها أَوعِيَةُ الدُرِّ
قارِئُها يَنظُرُ في رَوضَةٍ / مَوشِيَّةِ الأَقطارِ بِالزَهرِ
وَرُبَّما أَوطَأَهُ تارَةً / وَعيدُهُ مِنها عَلى جَمرِ
كَأَنَّهُ فَضَّ وَقَد فَضَّها / لَطائِمَ العِطرِ عَلى العِطرِ
تُحدِثُ في أَعطافِهِ نَشوَةً / كَأَنَّها جاءَت عَلى خَمرِ
يا سائِراً تَحمِلُهُ هِمَّةٌ / ضَليعَةٌ مُحكَمَةُ الأَسرِ
يَسيرُ في البَرِّ عَلى حَسرَةٍ / مِنها وَفي البَحرِ عَلى خُسرِ
يَمِّم حِمى عَبدِ الرَحيمِ الَّذي / يَقتُلُ إِعسارَكَ بِاليُسرِ
أُحلُل بِهِ وَاِسرَح مَطاياكَ في / مَنبِتِ رَوضِ المَجدِ وَالفَخرِ
وَقُل لَهُ يا أَفضَلَ الناسِ إِن / أَفاضَ في نَظمٍ وَفي نَثرِ
يا حاكِماً يَبذُلُ إِنصافَهُ / في الحُكمِ لِلفاجِرِ وَالبَرِّ
تَمضي قَضاياهُ عَلى سُرعَةٍ / واحِدَةٍ في اّلسِرِّ وَالجَهرِ
وَالعَدلُ في حُكمٍ دَليلٌ عَلى / طَهارَةِ المَولِدِ وَالنَجرِ
إِسمَع تَخَطَّتكَ الرَزايا وَلا / جَرَت لَها يَوماً عَلى ذِكرِ
دَعوَةَ عانٍ وَعَداكَ الأَذى / يَسمَعُها مِن كانَ ذا وَقرِ
أَلَستُ عَبداً لِأَياديكَ مَو / قوفاً عَلى التَقريظِ وَالذِكرِ
كَم حُرمَةٍ أَكَّدَها الفَضلُ بي / وَخِدمَةٍ قَدَّمَها شِعري
مَلَكتَ رِقّي وَأَبو خالِدٍ / في واسِطٍ بَعدُ عَلى المَجرِ
في فَمِ سِريا يُنفِذُ الحُكمَ في / بَضائِعِ التُجّارِ وَالسَفرِ
يَأخُذُ مِنها الرُبعَ وَالمَكسُ لا / يَزيدُ في الدُنيا عَلى العُشرِ
مُحتَكِراً لِلمَجِّ وَالرُزِّ وَال / حِنطَةِ وَالشَعيرِ وَالتَمرِ
وَكُلَّما يَصلُحُ لِلقوتِ أَو / تُطلَقُ فيهِ لَفظَةُ البُرِّ
يَبيعُها بِالعَينِ وَالحِليِ وَالث / ثِيابِ وَالفِضَّةِ وَالتِبرِ
حَتّى رَماهُ الناسُ مِن سوءِ ما / أَتاهُ بِالإِلحادِ وَالكُفرِ
غادَرَتِ الأَعمالَ أَعمالُهُ / خالِيَةً كَالبَلَدِ القَفرِ
تَجَبُّراً لَم يَرمِ أَهلَ القُرى / بِمِثلِهِ آلُ أَبي الجَبرِ
ضاهى اِبنَ عِمرانَ وَأَيّامُهُ / قَد دَثَرَت في مالِهِ الدَثرِ
وَباعَ أُخراهُ وَصُفرٍ غَداً / يَخرُجُ مِنها بِيَدٍ صِفرِ
ثُمَّ أَتاكُم عارِياً مالِئاً / حُضنَيهِ مِن عارٍ وَمِن وِزرِ
فَاِنصِت لِأَخباري فَإِنّي بِما / عانَيتُ مِنهُ قَبلُ ذو خِبرِ
وَذَر مَلامي في هِجاءِ اِمرِئٍ / لَحِقتُ فيهِ بِأَبي ذُرِّ
وَاِنهَض إِلى حَربِ أَبي غالِبٍ / عَلياءَ لا تَقعُدُ عَن نَصري
وَاِستَوفِ لي بِالعُنفِ وَالعَسفِ ما / حَواهُ بِالخَدعَةِ وَالمَكرِ
وَاِقسِرهُ في حُكمِكَ بِالحَقِّ لا / يُنالُ مِنهُ بِسِوى القَهرِ
وَاِزجُرهُ عَن مَطلي فَأَخلاقُهُ / تَحتاجُ في المَطلِ إِلى الزَجرِ
وَاجبُرهُ فَالمَجهولُ يَقوى عَلى اِس / تِخراجِهِ مَسأَلَةُ الجَبرِ
وَاِشدُد بِها إِزري فَما كُلُّ مَن / أَرجوهُ يَشتَدُّ بِهِ إِزري
فَأَنتَ ذُخري وَأَرى أَنَّني / أَحوَجُ ما كُنتُ إِلى ذُخرُ
وَاِعلَم بِأَنّي قَد تَأَلَّيتُ بِال / فَجرِ وَرَبِّ الشَفعِ وَالوِترِ
وَبِاللَيالي العَشرِ وَالطورِ وَالس / سَبعِ المَثاني بَعدُ وَالعَصرِ
وَبِالصَفا وَالبَيتِ وَالرُكنِ وَال / مُقَبِّلِ الأَسوَدِ وَالحُجرِ
أَنَّكَ إِن لَم تُعِدني عُدتُ بِال / عَزمِ عَلى نائِلِكَ الغَمرِ
وَقُل لَهُ إِن كانَ بي شامِتاً / يَسُرُّهُ لا سَرَّهُ ضُرّي
حَسبُكَ فَالأَيّامُ دَوّالَةٌ / وَالدَهرُ ذو خَتلٍ وَذو مَكرِ
أَخنَت لَياليهِ عَلى رَبِّ غُم / دانَ وَأَودَت بِأَخي الخِضرِ
أَبا عَلِيٍّ أَنتَ جاني ثِمارِ ال / فَضلِ وَالجاني عَلى الوَفرِ
لا يُضحِ عَن ظِلِّ أَياديكَ مِن / باتَ إِلى ظِلِّكَ ذا فَقرِ
وَاسفِر عَنِ النُعمى لِسَفّارَةٍ / غَربِيَّةٍ جاءَتكَ في سِفرِ
ذُرِّيَّةِ الفَضلِ الَّتي أَصبَحَت / بِطَودِكَ الشامِخِ تَستَذري
مِن مُحسِناتٍ مُحصَناتٍ تَعَن / نَسنَ وَراءَ الصَونِ وَالسِترِ
عَقائِلٍ لَم تَقضِ فيهِنَّ بِالت / تَعنيسِ إِلّا عَدَمُ الصِهرِ
فَاِجتَلِها بِكراً وَكَم قَبلَها / عِندَكَ مِن أُختٍ لَها بِكرِ
دُميَةَ قَصرٍ لا يَرى مِثلَها / مُنتَقِدٌ في دُميَةِ القَصرِ
لَو رُقِيَ السِحرُ بِأَمثالِها / كانَت مَعانيها رُقى السِحرِ
ما يَصرِفُ الباخِلَ عَن حُس / نِها إِلّا شَطاطُ السَومِ وَالسِعرِ
وَلا يُرى الأَمُ مِن خاتِبٍ / يُنافِسُ العَذراءَ في المَهرِ
وَهيَ عَلى شِدَّةِ إِحسانِها / ذُبالَةٌ سيقَت إِلى بَدرِ
مَوقِعُها مِن فَضلِهِ مَوقِعُ ال / قَطرَةِ يُلقيها إِلى بَحرِ
يَمَّمتُها مِصراً وَعَجزاً بِمَن / يُجهِزُّ البُرَّ إِلى مِصرِ
نَفسَهُ مَصدورٍ يُوَخّى بِها / رَحبُ مَجالِ الهِمِّ وَالصَدرِ
لا يَبتَغي مِنكَ عَليها سِوى / رَدعِ غَريمِ السوءِ مِن أَجرِ
لا زِلتَ مَطرورَ شِبا المَجدِ مَر / هوبَ السُطا مُمتَثَلَ الأَمرِ
يا خاطِبَ الدُنيا وَأَحداثُها
يا خاطِبَ الدُنيا وَأَحداثُها / مِنهُ وَمِن أَمثالِهِ ساخِرَه
هَيهاتِ أَن يَدفَعَ عَنكَ الرَدى / ما شِدتَ مِن أَبنِيَةٍ فاخِرَه
يَلهو بِها بَعدَكَ مُستَمتِعٌ / وَفي الثَرى أَعظُمُكَ الناخِرَه
يا حُسنَ ما شَيَّدتَ مِن مَنزِلٍ / لَو كانَ يُغني عَنكَ في الآخِرَة
وَباخِلٍ جادَ عَلى بُخلِهِ
وَباخِلٍ جادَ عَلى بُخلِهِ / مُحتَفِلاً في عُمُرِهِ مَرَّه
أَهدى إِلَينا حَمَلاً يابِساً / ما رَوِيَت مِن دَمِهِ الشَفرَه
فَخِلتُهُ حينَ تَأَمَّلتُهُ / صَبّاً مَشوقاً مِن بَني عُذرَه
ما سَمِعَ الناسُ وَلا أَبصَروا
ما سَمِعَ الناسُ وَلا أَبصَروا / أَلأَمَ نَفساً مِن أَبي جَعفَرِ
وَزيرُ سوءٍ قَيَّضَ اللَهُ / لِلأُمَّةِ مِنهُ شَرَّ مُستَوزَرِ
جَعدُ بَنانِ الكَفِّ لَو شاءَ أَن / يَبسُطَها بِالجودِ لَم يَقدُرِ
مُحَكَّمٌ لَو أَنصَفَ الدَهرُ في ال / أَحكامِ لَم يَنهَ وَلَم يَأمُرِ
يَبدو لِراجيهِ عَلى وَجهِهِ / غَلظَةُ لَيثٍ بِالشَرى مُخدِرِ
لَو أَنَّها بِالأَرضِ ما أَخصَبَت / أَو بِالسَحابِ الجونِ لَم يُمطِرِ
ناهيكَ مِن وَجهٍ لَهُ عابِسٍ / كَأَنَّهُ سُقلٌ عَلى بَيدَرِ
لَيسَ بِهِ ماءُ حَياءٍ فَلو / عَصَرتَهُ بِالسَهمِ لَم يَقطُرِ
يَحذِفُ في الدَستِ بِأَعضادِهِ / كَأَنَّهُ المَلّاحُ في المَعبَرِ
أُنظُر مَتى شِئتَ إِلى قُبحِهِ / وَاِغنَ عَنِ المَنظَرِ بِالمَخبَرِ
لَو عُوِّضَ الناظِرُ عَن ذَلِكَ ال / وَجهِ عَمى العَينَينِ لَم يَخسَرِ
يَفوحُ نَتنُ العِرضِ مِنهُ وَلَو / ضَمَّختَهُ بِالمِسكِ وَالعَنبَرِ
كَأَنَّهُ شِلوُ قَتيلٍ أَتَت / لَهُ ثَلاثٌ وَهوَ لَم يُقبَرِ
يا عَضُدَ الدينِ دُعاءُ اِمرِئٍ
يا عَضُدَ الدينِ دُعاءُ اِمرِئٍ / عَلى التَأَنّي بِكَ مُستَنصِرِ
حاشاكَ أَن تُقصِرَ في حَقِّ لا / وانٍ عَنِ الشُكرِ وَلا مُقصِرِ
كَم أُنفِقُ الأَيّامَ في خِدمَةٍ
كَم أُنفِقُ الأَيّامَ في خِدمَةٍ / أَحرَزتُ فيها صَفقَةَ المُخسِرِ
وَلَيلُ حَظّي ما اِنجَلى صُبحُهُ / وَغَرسُ مَدحي بَعدُ لَم يُثمِرِ
في كُلِّ يَومٍ سَفَرٌ راتِبٌ / إِلى مَكانٍ شاسِعٍ مُقفِرِ
كَأَنَّني مِن حَرِّهِ واضِعٌ / أَخمَصَ رِجلَيَّ عَلى مِجمَرِ
يُثبَرُ بِالمَشيِ كِعابي فَما / أَوقَعَ ما سُمِّيَ بِالمَثبِرِ
عَقَدتُ مُذ حَلَّت حُمولي بِهِ / عَلى اِحتِمالٍ لِلأَذى خِنصِري
لَو حَلَّهُ ذِئبُ الفَلا مَوهِناً / ذاقَ الرَدى وَالصُبحُ لَم يُسفِرِ
هَذا وَكَم فيهِ حَوالِيَّ مِن / إِبطٍ مُصِنٍّ وَفَمٍ أَبخَرِ
وَليسَ شَكوايَ سِوى أَنَّني / أَنظُمُ دُرّاً ما لَهُ مُشتَري
وَأَنَّني أَرجو نَدى مَعشَرٍ / أَخسِس بِهِم في الناسِ مِن مَعشَرِ
سُدىً إِذا أَجرَمتُ لَم يَقبَلوا / عُذري وَإِن أَحسَنتُ لَم أُشكَرِ
لا يَتَواصَونَ بِأَمرٍ بِمَع / روفٍ وَلا يَنهونَ عَن مُنكَرِ
أَيُّ دَمٍ ما طاحَ في أَرضِهِم / وَذِمَّةٍ لِلَّهِ لَم تُخفَرِ
يُعجِبُهُم مِنّي إِذا جِئتُهُم / ما يُعجِبُ الأَكرادَ مِن جَعفَرِ
كَأَنَّني أُنقَلُ ما بَينَهُم / مِن مَلَكِ المَوتِ إِلى مُنكَرِ
يالَكَ مِن يَومٍ لَهُ حُرمَةٌ
يالَكَ مِن يَومٍ لَهُ حُرمَةٌ / تُقَصِّرُ الأَلسُنُ عَن شُكرِهِ
بِبُرءِ مَولانا الَّذي اِستُؤصِلَت / شافَةُ أَهلِ الجَورِ في عَصرِهِ
لَو لَم يَكُن فيهِ سِوى رَدِّهِ / كَيدَ أَبي الرَيّانِ في نَحرِهِ
وَأَنَّهُ كَذَّبَ آمالَهُ / وَكَسَّرَ الحاجاتِ في صَدرِهِ
أَمَّلَ لا قَدَّرَهُ اللَهُ أَن / يَظهَرَ ما يُبطِنُ في سِرِّهِ
حَتّى اِستَشَفَّ الناسُ مِن وَجهِهِ / ما صَوَّرَ الشَيطانُ في فِكرِهِ
فَيا أَميرَ المُؤمِنينَ اِعتَمِد / ما يَقتَضيهِ الحَزمُ في أَمرِهِ
طَهِّر بِلادَ العَدلِ مِن جَورِهِ / وَنَزِّهِ الإِسلامَ مِن كُفرِهِ
وَاِكشِف عَنِ الدَولَةِ ما رابَها / مِن عارِهِ المُخزي وَمِن عُسرِهِ
وَاِستَدرِكِ الفارِطَ في حَقِّهِ / وَاِخشَ عَلى بَغداذَ مِن مَكرِهِ
فَرُبَّما أَخرَبَها شُؤمُهُ / لا بارَكَ الرَحمَنُ في عُمرِهِ
يا عَضُدَ الدينِ دُعاءَ اِمرِىءٍ
يا عَضُدَ الدينِ دُعاءَ اِمرِىءٍ / عَلى التَأَلّي بِكَ مُستَنصِرِ
حاشاكَ أَن تُقصِرَ في حَقِّ لا / وانٍ عَنِ الشُكرِ وَلا مُقصِرِ