المجموع : 8
عجبتُ من بحرٍ بلا ساحل
عجبتُ من بحرٍ بلا ساحل / وساحلٍ ليسَ له بحرُ
وضحوةٍ ليس لها ظُلمة / وليلةٍ ليس لها فجرُ
وكرةٍ ليس لها موضع / يعرفها الجاهلُ والحبر
وقبةٍ خضراءَ منصوبةٍ / جاريةٍ نقطتُها القهرُ
وعَمَدٍ ليس لها قُبةٌ / ولا مكان خفي السر
خطبت سراً لم بغيره كن / فقيل هل هيمك الفِكرُ
فقلتُ ما لي قدرةٌ فارفقوا / عليه في الكونِ ولا صبر
فإنَّ بالفكر إذا ما استوى / في خلدي يتَّقدُ الجمر
فيصبح الكلُّ حريقاً فلا / شفعٌ يُرى فيه ولا وِتر
فقيل لي ما يجتني زَهره / من قال رفقاً إنني حرّ
من خطب الخنساءَ في خِدرهها / مُتيماً لم يغله المهر
أعطيتها المهر وأنكحتها / في ليلتي حتى بدا الفجر
فلم أجد غيري فمن ذا الذي / أنكحته فلينظر الأمر
فالشمسُ قد أدرج في ضوئها / القمرُ الساطعُ والزهرُ
كالدَّهرِ مذمومٌ وقد قال من / صلى عليه ربُك الدهر
يا أيها المشغوفُ بالذكر
يا أيها المشغوفُ بالذكر / في حالة الإشفاعِ والوترِ
إن ضاق ظرفُ الدهرِ عن عينكم / فلم يضقْ عن عينكم صدري
ما أوسع القلبَ إذ آمنت / جوارحي بكلِّ ما يجري
لم أدرِ أنَّ للقلبَ ظرف لكم / لولا الذي أخبرني سِرَّي
عند تجليه لنا طالباً / في ليلة يعطى إلى الفجرِ
أنت الذي أخبرتني بالذي / فهمت به في السِّرِّوالجهر
على لسانِ السَّيِّد المصطفى / الطيِّب الأسلافِ من فِهر
ما جئتكم بالأمر من خارج / بل جئتكم بالأمرِ من بحرِ
تلتطمُ الأمواج فيه كماً / تأتي به الأنفاس في الذكر
فإن ذكرتم فاذكروه بما / تلاه في القرآنِ ذي الذكر
لا تذكروه بالذي تنظروا / فالفرعُ يُعطي قوّةَ النجر
ذكرته يوماً على غَفَلةٍ / بغير ما قلبٍ من الأمر
فلم أجدْ عند مذاقِ الجنى / طعمَ الذي أعلم بالخبر
وجدته كالمنِّ في طعمه / والفارقِ الواضحِ بالسُّكر
بالصحو يأتي ذكره دائماً / والقبضُ والبرد مع الوفر
والذكر من عندي على ضِدِّه / يأتيك بالسكر وبالحرِّ
فذكره ما بين أذكارنا / بين الليالي ليلةَ القدر
سبحانَ من صيَّرني عالماً / من بعد ما قد كنتُ كالغمر
الحمدُ لله الذي صيرّا
الحمدُ لله الذي صيرّا / وجودَنا لفعله مظهرا
لو أننا نعلمُ أرواحنا / بالوجه في الصبح إذا أسفر
كما علمنا بالجسوم التي / عينها الليلُ إذا أدبر
كنا به نعلم أعياننا / لكن جلناها لأمر طرا
من ظلمةِ الطبع وأخلاطِه / فاعتم الليلُ وما أقمرا
وألبس الأنجم أنوارها / لما رأى عسكرها شمّرا
حينَ رَمَت بالرجمِ أرواح مَن / يسترقِ السمعَ كما أخبرا
انظر إلى الأرضِ وخيراتها / وما بها الرحمن قد أظهرا
لابدَّ أنْ يصبح عمرانُها / كمثلِ ما أصبح وادي القرى
عروشها خاويةٌ حين لم / يغيرِ الناسُ بها المنكرا
عمَّ بلاءُ الله سكَّانها / فأهلكَ المقبلَ والمُدبرا
بذا أتانا النصُّ من عنده / في محكم الذكر كذا سطرا
فقال فيه واتّقوا فتنة / وتمم القولَ به منظرا
سبحان مَن أخبرنا أنه / كان على الأخذ بنا أقدرا
هذا الذي جئت به واضحٌ / في سورةِ الأنفال قد حُرِّرا
ويعد ذا ترجع أفكارها / إلى إمامٍ ما له من ورا
لا فعلَ في العالم إلا له / فإنَّ ما سميتَه مُنكرا
فحكمه ذلك لا عينه / فلتعتبر قولي حتى ترى
به وإن شئت بأعياننا / لتشهد الأسماء والمحضرا
يبدو إليك الأمر من فصِّه / كما بدا لمنْ به أخبرا
مثل رسولِ الله في وقته / والوارثِ المختار بين الورى
فالحمد لله الذي قد وقى / من شرِّ ما يمكن أن يُحذرا
لولا كتابٌ سابقٌ فيكم / نبذتم لفِعلكم بالعَرا
ما شرعَ الرحمن أذكاره / إلا لكي تعصمَكم كالعُرى
لأنها أعصم ما يُتقى / لما بدا الرحمن قد قَدرا
تعوّذوا منه به أسوةً / بسيِّدٍ يعلم ما قرَّرا
من يعرفِ الحقَّ وأسرارَه / يكن لما جئت به مُظهرا
من لم يرى الحقَّ بأنوارِه / يكن لما أذكره منكِرا
العمى لاتدرِك أبصارنا / إلا ظلاماً وهي شيءٌ يُرى
وليس يدري بالذي قلته / إلا الذي في غيبة قد سرى
فالغيب لا يدركه غائبٌ / إلا الذي في غيبه أحضرا
أوضحتُ أمراً ليس يدري به / إلا الذي في شأنه قد جرى
او سيِّد خص بأسراره / مثل إمام نفسُه قد درى
يسري به قُدماً إلى ذاته / لا يعرف الخلفَ ولا القَهقَرى
ما هو كالخنس في سيرها / بل هو كالبدرِ الذي أزهرا
أظهر عينَ الشمسِ في ذاته / وهو على ما هو لمن أبصرا
الميل في الأمرين لا ينكر
الميل في الأمرين لا ينكر / لكنه في جانبي أظهر
لأنني بالجسم حصَّلته / مشاهداً للعين إذ تبصر
ثم اجتمعنا في المعاني وقد / زدت بميل الحسِّ إذ تشعر
اضرب أسداساً بأخماسها / لعلني في ضربها أذكر
ما فاتني منه وإني إذا / أذكره يشهدني المحضر
وذا عزيز إنْ يرى حاصلاً / وما عليه أحد يعثر
يخسر من كان مليكاً به / ويربح السوقة والمتجر
يعطي ولا يأخذ وهو الذي / يظهره في عينه المظهر
الحكمُ حكمُ الجبر والاضطرار
الحكمُ حكمُ الجبر والاضطرار / ما ثَم حكم يقتضي الاختبارْ
إلا الذي يثعزى إلينا ففي / ظاهرِه بأنه عن خيارْ
كمثلِ ما يُعزى إلى خالقي / وعرشنا من عرشه في ازورار
لو فكر الناظر فيه رأى / بأنه المختار عن اضطرار
لكل هذا ثابتٌ لا تقل / بأنه خاص بنا مُستعار
فالعلمُ ما يتبع معلومه / فالحكمُ للساكنِ مثل الديار
لا تعتبِ العالم في كلِّ ما / يكون فيه من غنى وافتقار
ولا الذي أوجده إنه / يحكم بالعلمِ فأين الفرار
حِرتُ وحار الأمر في حيرتي / فليلزمِ العالمُ دارَ القرار
وليرتضي بما له لا يزد / على رضاه إنه في تَبار
لا يعلم الحقَّ سوى واحد / يقضي على الحكام بالاضطرار
ألا ترى القاضي في حكمه / بمقتضى الشِّرعِ فأين الخيار
ما أقلق العالم إلا الذي / قام به من حكمة الانتظار
هذا هو الفصلُ الذي بينه / وبين من يفعل بالاقتدار
من قال في الله بتوحيده
من قال في الله بتوحيده / قد قال ما قال به المشركُ
وإن يقل أكثر من واحد / فهو الذي بربه يشرك
قد حار فيه أهل توحيده / ثم مع الحيرة لا يترك
فاحفظ جميع القول فيه تكن / في ذاك من غيركم أدرك
فإنه يقبل أقوالكم / في ذاته إن كان لا يُدرك
وخلقه الأشياءَ ما بيننا / محققٌ يدري به المدرِك
فالكلُّ لله على ما ترى / عين الذي قيل هو المدرك
وكلّ شيء نحن فيه به / فذلك الشيءُ لنا مدرك
إنَّ الذي هيمني حسنه
إنَّ الذي هيمني حسنه / من الذي هام ولا تدري
في سورة الأعلى وأمثالها / كالفجرِ والليلِ إذا يسري
سبحانَ من جل فما مثله / من أحد إلا الذي أدرى
في سورة الشورى أتى ذكره / وإنه الآن على ذكري
قد جاء حقاً بالصفات التي / تزيد في العدّ عن العشر
تحمل عرشَ الذاتِ من ذاتها / وما لها عينٌ سوى سرِّي
بها وجودي وبها كنته / لذاك تجري بي عن أمري
لا تنظروني غيره إنني / هوية الحقِّ بلا ستر
فليس في العالم من مفصل / إلا وفيه علمُ الذكر
فتصب يعرفه من له / في ذاته منزلةَ الشكر
له مزيدُ العلم من شكره / يستره ما فيه من كفر
وليس بالكفر الذي ذقته / من قرَّر الإنسان في خسر
بأصله ثم أتى شارحاً / مفرعاً بالحقِّ والصبر
بذا أتى النص الذي قاله / لخلقه في محكم الذكر
فمن يرد يمتاز في أهله / فليمشِ بالحال على أثري
فإنه الحقُّ الذي قال لي / انصح عبادي وامتثل أمري
بمكة في حالة تقتضي / في وقتها القبض من العسر
وفي دمشق قال لي مثله / في مرة أخرى على سرِّي
فقلتُ يا رب أعني على / ما قلت لي فقال بالنصر
فلم يزل في نصرتي قائماً / في كلِّ حالٍ دائمِ البِشر
وقال تمم ما بدأتم به / من الفتوحات على قدر
على لسانِ المصطفى أحمد / ولم ينب عني في العذر
فإن فيها سبباً مقلقاً / يضيق من إيراده صدري
فقال لي لا تلتفت إنني / مزيلُ ما تخشى من الضرّ
أيّدك الله فكن آمنا / ولا يكن قلبك في ذُعر
فقمت بالعلمِ لهم مُفصحا / مبيناً في السرِّ والجهر
أورده من غير كيلٍ له / كأنما آخذٌ من بحر
لو أنه ينظر في قوله / إن إليه مرجع الأمر
رأى وجود الحق عين الذي / يطلبه في وحدة الكثر
لو أنه يعرفُ أحواله / ما ميَّز الخيرَ من الشرّ
ليس له الشرّ فإنّ الذي / سمي شرّاً عدم فادر
بيده الخير فقل كالذي / يقول فيه صاحب السبر
فإنه الخير كما قال لي / من قال بالباعِ وبالشبر
فاعبد إله السرِّ مستلماً / ولا تكفر صاحب الفكر
الحمد للأوَّلِ والآخر
الحمد للأوَّلِ والآخر / الأحد الباطنِ والظاهر
بوحدةِ الكبر عرفت الذي / قرَّره الرحمن في خاطري
إنَّ الغنى وصفٌ له ثابتٌ / عند اللبيب العاقلِ الناظر
والنقلُ قد أثبت أسماءَه / لحكمتهِ الخابرِ والحائر
والكشفُ قد قال بهذا وذا / لأنه في الموقفِ الباهر
يبهر أربابَ الحجى بالغنى / ويبهر الناقلُ بالحابر
وهو على ما هو في نفسه / يحكم للأوَّل والآخر