القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 8
عجبتُ من بحرٍ بلا ساحل
عجبتُ من بحرٍ بلا ساحل / وساحلٍ ليسَ له بحرُ
وضحوةٍ ليس لها ظُلمة / وليلةٍ ليس لها فجرُ
وكرةٍ ليس لها موضع / يعرفها الجاهلُ والحبر
وقبةٍ خضراءَ منصوبةٍ / جاريةٍ نقطتُها القهرُ
وعَمَدٍ ليس لها قُبةٌ / ولا مكان خفي السر
خطبت سراً لم بغيره كن / فقيل هل هيمك الفِكرُ
فقلتُ ما لي قدرةٌ فارفقوا / عليه في الكونِ ولا صبر
فإنَّ بالفكر إذا ما استوى / في خلدي يتَّقدُ الجمر
فيصبح الكلُّ حريقاً فلا / شفعٌ يُرى فيه ولا وِتر
فقيل لي ما يجتني زَهره / من قال رفقاً إنني حرّ
من خطب الخنساءَ في خِدرهها / مُتيماً لم يغله المهر
أعطيتها المهر وأنكحتها / في ليلتي حتى بدا الفجر
فلم أجد غيري فمن ذا الذي / أنكحته فلينظر الأمر
فالشمسُ قد أدرج في ضوئها / القمرُ الساطعُ والزهرُ
كالدَّهرِ مذمومٌ وقد قال من / صلى عليه ربُك الدهر
يا أيها المشغوفُ بالذكر
يا أيها المشغوفُ بالذكر / في حالة الإشفاعِ والوترِ
إن ضاق ظرفُ الدهرِ عن عينكم / فلم يضقْ عن عينكم صدري
ما أوسع القلبَ إذ آمنت / جوارحي بكلِّ ما يجري
لم أدرِ أنَّ للقلبَ ظرف لكم / لولا الذي أخبرني سِرَّي
عند تجليه لنا طالباً / في ليلة يعطى إلى الفجرِ
أنت الذي أخبرتني بالذي / فهمت به في السِّرِّوالجهر
على لسانِ السَّيِّد المصطفى / الطيِّب الأسلافِ من فِهر
ما جئتكم بالأمر من خارج / بل جئتكم بالأمرِ من بحرِ
تلتطمُ الأمواج فيه كماً / تأتي به الأنفاس في الذكر
فإن ذكرتم فاذكروه بما / تلاه في القرآنِ ذي الذكر
لا تذكروه بالذي تنظروا / فالفرعُ يُعطي قوّةَ النجر
ذكرته يوماً على غَفَلةٍ / بغير ما قلبٍ من الأمر
فلم أجدْ عند مذاقِ الجنى / طعمَ الذي أعلم بالخبر
وجدته كالمنِّ في طعمه / والفارقِ الواضحِ بالسُّكر
بالصحو يأتي ذكره دائماً / والقبضُ والبرد مع الوفر
والذكر من عندي على ضِدِّه / يأتيك بالسكر وبالحرِّ
فذكره ما بين أذكارنا / بين الليالي ليلةَ القدر
سبحانَ من صيَّرني عالماً / من بعد ما قد كنتُ كالغمر
الحمدُ لله الذي صيرّا
الحمدُ لله الذي صيرّا / وجودَنا لفعله مظهرا
لو أننا نعلمُ أرواحنا / بالوجه في الصبح إذا أسفر
كما علمنا بالجسوم التي / عينها الليلُ إذا أدبر
كنا به نعلم أعياننا / لكن جلناها لأمر طرا
من ظلمةِ الطبع وأخلاطِه / فاعتم الليلُ وما أقمرا
وألبس الأنجم أنوارها / لما رأى عسكرها شمّرا
حينَ رَمَت بالرجمِ أرواح مَن / يسترقِ السمعَ كما أخبرا
انظر إلى الأرضِ وخيراتها / وما بها الرحمن قد أظهرا
لابدَّ أنْ يصبح عمرانُها / كمثلِ ما أصبح وادي القرى
عروشها خاويةٌ حين لم / يغيرِ الناسُ بها المنكرا
عمَّ بلاءُ الله سكَّانها / فأهلكَ المقبلَ والمُدبرا
بذا أتانا النصُّ من عنده / في محكم الذكر كذا سطرا
فقال فيه واتّقوا فتنة / وتمم القولَ به منظرا
سبحان مَن أخبرنا أنه / كان على الأخذ بنا أقدرا
هذا الذي جئت به واضحٌ / في سورةِ الأنفال قد حُرِّرا
ويعد ذا ترجع أفكارها / إلى إمامٍ ما له من ورا
لا فعلَ في العالم إلا له / فإنَّ ما سميتَه مُنكرا
فحكمه ذلك لا عينه / فلتعتبر قولي حتى ترى
به وإن شئت بأعياننا / لتشهد الأسماء والمحضرا
يبدو إليك الأمر من فصِّه / كما بدا لمنْ به أخبرا
مثل رسولِ الله في وقته / والوارثِ المختار بين الورى
فالحمد لله الذي قد وقى / من شرِّ ما يمكن أن يُحذرا
لولا كتابٌ سابقٌ فيكم / نبذتم لفِعلكم بالعَرا
ما شرعَ الرحمن أذكاره / إلا لكي تعصمَكم كالعُرى
لأنها أعصم ما يُتقى / لما بدا الرحمن قد قَدرا
تعوّذوا منه به أسوةً / بسيِّدٍ يعلم ما قرَّرا
من يعرفِ الحقَّ وأسرارَه / يكن لما جئت به مُظهرا
من لم يرى الحقَّ بأنوارِه / يكن لما أذكره منكِرا
العمى لاتدرِك أبصارنا / إلا ظلاماً وهي شيءٌ يُرى
وليس يدري بالذي قلته / إلا الذي في غيبة قد سرى
فالغيب لا يدركه غائبٌ / إلا الذي في غيبه أحضرا
أوضحتُ أمراً ليس يدري به / إلا الذي في شأنه قد جرى
او سيِّد خص بأسراره / مثل إمام نفسُه قد درى
يسري به قُدماً إلى ذاته / لا يعرف الخلفَ ولا القَهقَرى
ما هو كالخنس في سيرها / بل هو كالبدرِ الذي أزهرا
أظهر عينَ الشمسِ في ذاته / وهو على ما هو لمن أبصرا
الميل في الأمرين لا ينكر
الميل في الأمرين لا ينكر / لكنه في جانبي أظهر
لأنني بالجسم حصَّلته / مشاهداً للعين إذ تبصر
ثم اجتمعنا في المعاني وقد / زدت بميل الحسِّ إذ تشعر
اضرب أسداساً بأخماسها / لعلني في ضربها أذكر
ما فاتني منه وإني إذا / أذكره يشهدني المحضر
وذا عزيز إنْ يرى حاصلاً / وما عليه أحد يعثر
يخسر من كان مليكاً به / ويربح السوقة والمتجر
يعطي ولا يأخذ وهو الذي / يظهره في عينه المظهر
الحكمُ حكمُ الجبر والاضطرار
الحكمُ حكمُ الجبر والاضطرار / ما ثَم حكم يقتضي الاختبارْ
إلا الذي يثعزى إلينا ففي / ظاهرِه بأنه عن خيارْ
كمثلِ ما يُعزى إلى خالقي / وعرشنا من عرشه في ازورار
لو فكر الناظر فيه رأى / بأنه المختار عن اضطرار
لكل هذا ثابتٌ لا تقل / بأنه خاص بنا مُستعار
فالعلمُ ما يتبع معلومه / فالحكمُ للساكنِ مثل الديار
لا تعتبِ العالم في كلِّ ما / يكون فيه من غنى وافتقار
ولا الذي أوجده إنه / يحكم بالعلمِ فأين الفرار
حِرتُ وحار الأمر في حيرتي / فليلزمِ العالمُ دارَ القرار
وليرتضي بما له لا يزد / على رضاه إنه في تَبار
لا يعلم الحقَّ سوى واحد / يقضي على الحكام بالاضطرار
ألا ترى القاضي في حكمه / بمقتضى الشِّرعِ فأين الخيار
ما أقلق العالم إلا الذي / قام به من حكمة الانتظار
هذا هو الفصلُ الذي بينه / وبين من يفعل بالاقتدار
من قال في الله بتوحيده
من قال في الله بتوحيده / قد قال ما قال به المشركُ
وإن يقل أكثر من واحد / فهو الذي بربه يشرك
قد حار فيه أهل توحيده / ثم مع الحيرة لا يترك
فاحفظ جميع القول فيه تكن / في ذاك من غيركم أدرك
فإنه يقبل أقوالكم / في ذاته إن كان لا يُدرك
وخلقه الأشياءَ ما بيننا / محققٌ يدري به المدرِك
فالكلُّ لله على ما ترى / عين الذي قيل هو المدرك
وكلّ شيء نحن فيه به / فذلك الشيءُ لنا مدرك
إنَّ الذي هيمني حسنه
إنَّ الذي هيمني حسنه / من الذي هام ولا تدري
في سورة الأعلى وأمثالها / كالفجرِ والليلِ إذا يسري
سبحانَ من جل فما مثله / من أحد إلا الذي أدرى
في سورة الشورى أتى ذكره / وإنه الآن على ذكري
قد جاء حقاً بالصفات التي / تزيد في العدّ عن العشر
تحمل عرشَ الذاتِ من ذاتها / وما لها عينٌ سوى سرِّي
بها وجودي وبها كنته / لذاك تجري بي عن أمري
لا تنظروني غيره إنني / هوية الحقِّ بلا ستر
فليس في العالم من مفصل / إلا وفيه علمُ الذكر
فتصب يعرفه من له / في ذاته منزلةَ الشكر
له مزيدُ العلم من شكره / يستره ما فيه من كفر
وليس بالكفر الذي ذقته / من قرَّر الإنسان في خسر
بأصله ثم أتى شارحاً / مفرعاً بالحقِّ والصبر
بذا أتى النص الذي قاله / لخلقه في محكم الذكر
فمن يرد يمتاز في أهله / فليمشِ بالحال على أثري
فإنه الحقُّ الذي قال لي / انصح عبادي وامتثل أمري
بمكة في حالة تقتضي / في وقتها القبض من العسر
وفي دمشق قال لي مثله / في مرة أخرى على سرِّي
فقلتُ يا رب أعني على / ما قلت لي فقال بالنصر
فلم يزل في نصرتي قائماً / في كلِّ حالٍ دائمِ البِشر
وقال تمم ما بدأتم به / من الفتوحات على قدر
على لسانِ المصطفى أحمد / ولم ينب عني في العذر
فإن فيها سبباً مقلقاً / يضيق من إيراده صدري
فقال لي لا تلتفت إنني / مزيلُ ما تخشى من الضرّ
أيّدك الله فكن آمنا / ولا يكن قلبك في ذُعر
فقمت بالعلمِ لهم مُفصحا / مبيناً في السرِّ والجهر
أورده من غير كيلٍ له / كأنما آخذٌ من بحر
لو أنه ينظر في قوله / إن إليه مرجع الأمر
رأى وجود الحق عين الذي / يطلبه في وحدة الكثر
لو أنه يعرفُ أحواله / ما ميَّز الخيرَ من الشرّ
ليس له الشرّ فإنّ الذي / سمي شرّاً عدم فادر
بيده الخير فقل كالذي / يقول فيه صاحب السبر
فإنه الخير كما قال لي / من قال بالباعِ وبالشبر
فاعبد إله السرِّ مستلماً / ولا تكفر صاحب الفكر
الحمد للأوَّلِ والآخر
الحمد للأوَّلِ والآخر / الأحد الباطنِ والظاهر
بوحدةِ الكبر عرفت الذي / قرَّره الرحمن في خاطري
إنَّ الغنى وصفٌ له ثابتٌ / عند اللبيب العاقلِ الناظر
والنقلُ قد أثبت أسماءَه / لحكمتهِ الخابرِ والحائر
والكشفُ قد قال بهذا وذا / لأنه في الموقفِ الباهر
يبهر أربابَ الحجى بالغنى / ويبهر الناقلُ بالحابر
وهو على ما هو في نفسه / يحكم للأوَّل والآخر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025