القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مِهْيار الدَّيْلمِي الكل
المجموع : 6
الليلُ فالأرضُ لليثِ الشرى
الليلُ فالأرضُ لليثِ الشرى / عرّسَ يبغي راحةً أو سرى
فتارةً مفترِشاً غابةً / وتارةً مفترساً مُصحِرا
والظَّفَر الحلو له إن عفا / عمداً وإن نَيَّبَ أو ظَفَّرا
مرَّ على هِزَّة ألبادِهِ / يكبُرُ أن يؤمرَ أو يُزجَرا
يَرى من العزَّة في نفسه / ما لم يكن ماحضُ نصحٍ يَرَى
أغلب لم يُخلَقْ رَكوبَ المطا / سهلاً ولم يُقصَر لخزمِ البُرى
فما تريد اليدُ من مِقودٍ / يرجِعُ عنه باعُها أبترا
للّه رامٍ سهمهُ رأيُهُ / إذا رأى شاكلةً فكَّرا
يطيع من عزمته مُقدِماً / ما غلَّس النهضةَ أو بَكَّرا
تنصره الوثبةُ من أن يُرَى / مستصرِخ الخُلسةِ مستنصِرا
لا تجذُبُ الأوطان منه ولا / يخدعه للضيم طيبُ الكرى
يأنسُ بالنعمةِ ما ساندت / جنباً منيعاً وحمىً أعسرا
فإن مشت في جوّها ذلّةٌ / رابك مذعوراً ومستنفرا
لِيمَ على غَشْمتِه فاتكٌ / هلّا ارتأى فيها وهلّا امترى
وقيل لو عُلِّلَ مستأمناً / والداءُ إن موطِلَ يوماً سَرَى
وكم جَنَى الرَّيثُ على حازمٍ / فودّ لو قدَّمَ ما أخَّرا
يا فارسَ الغرَّاء يرمِي بها / سهلَ العِنانِ الجانبَ الأوعَرا
يردُّ من غُرَّتها مُعتِماً / على الدآدي غَلَساً مقمرا
ينُصُّ من أرساغها والمطا / إما جناحاً طارَ أو مَنسِرا
قل لعميد الدولة افلح بها / قد سلَّم الخصمُ وزال المِرَا
فانظر إلى الأعقاب من صدرها / لابد للمعتم أن يُفجِرا
ركبتَها بزلاءَ مخطومةً / تحملُ منك الأَسَدَ القَسْورا
ترمِي بدار الذلِّ من خلفها / ظهراً وتبغِي في العلا مظهرا
ناجيةً تأخذ من حظّها / مقبِلةً ما تركَتْ مدْبِرا
حتى استقلَّتْ بك بحبوحةً / تشرُفُ بالبادية الحُضَّرا
محميّة الأرجاء إن هُيِّجت / زعزعتِ الأبيضَ والأسمرا
تُذكِرُك المجدَ بوفد الجدا / وسامرَ الليل ونارَ القِرى
وغلمةً حولك من عامرٍ / شَرطَك مدعُوّاً ومستنصَرا
تحسَبُها إن غضِبتْ جِنَّةً / وجانبَ الزاب بها عَبقَرا
تأمر في ذاك وتنهى بما / أنفتَ أن يُنهَى وأن يؤمَرا
عدوُّك الآملُ ما لا يرى / أصبح من بعدك مستوزَرا
دعوة داعٍ لم يجد حظُّهُ / أشقى له منك ولا أخسرا
قد أنكرتْ بَعدك خُطَّابَها / فما ترى كُفئاً ولا مُمهِرا
وابتُذلتْ حتى غدا ظهرُها / أجلبَ مما ركِضتْ أدبرا
بين بني العاهات منبوذةً / يزاحم الأعمى بها الأعورا
واستامها المفلِسُ لما غدتْ / تباعُ بالفلْس فلا تشتَرَى
كانت بكم مغنَى هوىً آهلاً / فاليومَ أضحت طللاً مقفرا
وساقَها سالبُها ظلَّكم / للذئب يَرعَى سَرحَها مُصحِرا
داميةً من ندمٍ كفُّه / يأكلها الإبهامَ والخِنصَرا
ينشُدُ منكم وطراً فاته / ويسأل الرُّكبانَ مستخبِرا
كعاشقٍ فارقَ أحبابَهُ / طوعاً وسامَ الليلَ طيفَ الكرى
أين له أين بكم نادماً / معتذراً إلا بأن يُعذَرا
ما أخلقَ العاثرَ يمشي به / كسيرهُ أن يبتغي مَجْبَرا
لا يعرف المعروفَ من أمره / مُعمَّرٌ حتى يرى المنكَرا
يا نعمةً ما صاحبتْ صاحباً / وعُقلَةُ النعمة أن تُشكَرا
غداً يوافيك بأيمانهِ / جاحدُك الغامطُ مستبصِرا
بغدرةٍ يرغبُ في بسطها / وزَلَّةٍ يسأل أن تُغفرا
فثَمَّ فاردد قادراً رأيَك ال / شاردَ وابرُدْ صدرَك الموغَرا
واجرِ من الصفح على عادةٍ / مثلُك مستولٍ عليها جرى
والتحِم الجُرح فقد طُوّحَتْ / جَنْبَاه بالمِسبار واستنهَرا
بادرْ بها الفوتَ فما شِلوُها / أوّل مَيْتٍ بك قد أنشِرا
واركب مطاها فقد استخضعتْ / ذلّاً لأنْ تُلْجَم أو تُثفَرا
وروّضَ البُعدُ وتأديبُهُ / لك الرقابَ الذلَّ والأظهُرا
غَرسٌ فتيٌّ أنت أنشأتَهُ / فلا تدَعْ غيرَك مستثمرا
ما أسَّسَ القادرُ إلا بنَى / عُلْواً ولا يخلُقُ إلا فَرَى
واسأل مواعيدِيَ في مثلها / هل أخلفت أو كذّبتْ مَزجَرا
لو نزل الوحيُ على شاعر / قمتُ بشيراً فيكُمُ منذرا
أو ادعى المعجِزَ من ليس بال / نبيّ كنتُ المعجِزَ المبهرا
كم آيةٍ لي لو تحفَّظتُمُ / بها وفألٍ بعلاكم جرى
يشكر مقروءاً ويشكو إذا / صح الذي حدّث أو خبّرا
لا حقُّ من قدَّم حقّاً به / يُعطَى ولا فوزَةُ ما يُشتَرى
وجُلُّ حظي عندكم فيه ما / أجودَ ما قال وما أشعرا
تناسياً في حيث تقضي العلا / وتوجبُ القدرةُ أن أُذكَرا
كنتم ربيعي وثرى أرضكم / يلقى الحيا ظمآنَ مستبشرا
فما لربعي دارساً هامداً / مذ صرتم الأنواءَ والأبحرا
إليكم الصرخةُ لا منكُمُ / ما أخونَ الحظَّ وما أجورا
قد أكلتني بعدكم فترةٌ / ما أكلت إلّا فتىً مُقْترا
واستعذبتْ لحمي وإن لم تجد / إلّا مُمِرّاً طعمه مُمقِرا
كنتُ على البِلَّةِ من مائكم / منتفضاً من ورقي مُصفِرا
فكيف حالي ونوى داركم / قد منع القطرةَ أن تقطُرا
من لي بصون العمر في ظلِّه / سِنيَّ أُحصيهنَّ والأشهرا
ومن لكم غيري طباق الملا / ما راضه فيكم وما سَيَّرا
حتى لقد سُمِّي بكم مسرفاً / حيث يُسمَّى مادحاً مكثرا
أقسمتُ إن فاتكم الدهر بي / لَيندمَنْ بَعدِيَ مَنْ قَصَّرا
يا عُروتي الوثقَى أعدْ نظرةً / في خَلَّةٍ منبوذةٍ بالعرا
تلافَ بالعاجل ميسورَها / وصُبْ ولو مؤتشِلاً مُنزِرا
واضمن على جودك من أجل ما / قد أنعم الوادي وعمّ الثرى
ولا تدعني ودعاء الصّبا / في معشرٍ أشقَى بهم مُعسِرا
نَبِّهْ على أنّ اختصاصي بكم / يُخرِجُكم بالرّغم مني يَرَا
واطلع طلوعَ البدر ما ضرّه / سرارُه ليلةَ ما أقمرا
واستخدم النيروزَ واسعد به / مستعملاً في العزّ مستعمرا
يومٌ من الأيام لكن رأى / له عليها الفضلَ والمفخَرا
كأنه من نخوة قُلِّد ال / تسويدَ عن أمرك أو أُمِّرا
ينسب كسرى فإن اختاركم / ديناً فقد وافقكم عنصُرا
يُقسم والصدق قمينٌ به / بما حبا الأرضَ وما نوّرا
أنك تَبقَى مالكاً خالداً / ما ردّ منه الدهر أو كرّرا
كم النوى قد جَزِع الصابرُ
كم النوى قد جَزِع الصابرُ / وقَنَط المهجورُ يا هاجرُ
أأحمدَ البادون في عيشهم / ما ذمّ من بعدهم الحاضرُ
أم كان يومُ البين حاشاكُمُ / أوّلَ شيء ما له آخرُ
ما لقلوبٍ جُبلتْ لدنَةً / يعطفها العاجمُ والكاسرُ
قستْ على البعد وقد ظُنَّ بال / وفيِّ منها أنّه غادرُ
قد آن للناسين أن يرعووا / شيئاً فما عذرُك يا ذاكرُ
أما يهُزُّ الشوقُ عِطفاً ولا / يجذبُ هذا الوطنُ الساحرُ
كم يُمطَلُ الملسوعُ في الوعد بال / راقي وكم ينتظر الناظرُ
قد صُدِعَ العظمُ وأخلِقْ متى / شُظِّيَ أن لا ينفعَ الجابرُ
لا تتركوا المحصوصَ في أسركم / يخلِفُ ريشاً إنه طائرُ
اللّهَ يا فاتلَ أمراسِها / أن يتولَّى أمرَها الناسرُ
اِقبلْ من الباذل واقنعْ بما / يُعطيك من باطنه الظاهرُ
ولا تُكشِّفْ عن خفيّاتِ ما / يخفيه عنك الهائب الساترُ
وشاور الإقبال من قبل ما / تشاورُ الرأيَ وتستامِرُ
وانهضْ بجَدٍّ فلكم ناهض / بالحزمِ والحزمُ به عاثرُ
سعدُك في أمثالها ضامنٌ / أنك فيها الفائزُ الظافرُ
قد أهملَ النوَّامُ من سَرحها / ما كان يَرعَى طرفُك الساهرُ
وحَمَلَتْ بعدَك جهْلاتُها / وفرّ منها القامصُ النافرُ
وأدَّبتْها لك غَلْطاتُها / كم قاصد بَصَّرَهُ جائرُ
فمن لها مجدبةً أرضُها / إن لم يُعنها العارضُ الماطرُ
أنت لها أو رجُلٌ منكُمُ / والناسُ أكَّالٌ ومستاثِرُ
لا تُسلموها فهي خَطِّيَّةٌ / يُدعَى لها بِسطامُ أو عامرُ
إما هلالٌ منكُمُ واضحٌ / يسري لها أو كوكبٌ زاهرُ
يا راكبَ الدهماءِ تمطو به / في زافرٍ تيّارُهُ زاخرُ
ملساء تجري منه في أملسٍ / يُروِي صداها نقعُهُ الثائرُ
تطوِي السُّرى لم يتشذَّبْ لها / خُفٌّ ولم يَحفَ لها حافرُ
سابقة لا السوطُ هبهابُهُ / فيه ولا الصوتُ لها زاجرُ
إذا سوافي الريح شَقَّت على ال / ركبِ سَفتها العاصفُ العاصرُ
يزاحم القاطولَ من دِجلةٍ / رامٍ إلى البحرِ بها صائرُ
يرود روضَ الجود حيث استوى ال / ظِلُّ ورَفَّ الورَقُ الناضرُ
وحيثُ قام الماءُ معْ أنّهُ / جارٍ وحلَّ القمرُ السائرُ
قل لوزير الوزراء التظَى / بعدك ذاك الولَهُ الفاترُ
وانتحت الأشواقُ قلبي فما / يفوتني القاصدُ والعائرُ
وأَكلَتْني كلُّ جوفاءَ لا / يُشبِعها الحالبُ والجازرُ
تَسرُطني بَلْعاً وكانت وما / يُسيغ لحمي فَمُها الفاغرُ
في كلّ يومٍ قَتَبٌ ضاغطٌ / يغمزُ نضوٌ تحته ضامرُ
أدعو فلاناً وفلاناً له / دعاءَ من ليس له ناصرُ
أقمتُ أرعَى جدبَ دارٍ وفي / أخرَى ربيعٌ مائحٌ مائرُ
فمَن لظمآنَ بنجدٍ وفي / تِهامةٍ صوبُ الحيا القاطرُ
يا شرفَ الدين عسى ميِّت ال / فضلِ بأن تلحظَه ناشرُ
يا خيرَ من دُلَّت على بابه / حائرةٌ يركبُها حائرُ
أظلعها التطوافُ معْ فرط ما / ورَّثها من جَلَدٍ داعرُ
بقَّى السُّرَى منها ومنه كما / بَقَّى من المأطورةِ الآطرُ
لم يَرَيَا قبلك بيتاً له / نادٍ ولا ناراً لها سامرُ
حتى قضى اللّهُ لحظَّيْهما / عندك قسماً كلُّه وافرُ
فَحُوِّلا في عَطَنٍ واسع / يذرَعُ فيه الأملُ الشابرُ
لم يبقَ من فوق الثرى للعلا / غيرك لا سمعٌ ولا ناظرُ
قد كانت الأرضُ وَلوداً فمذ / وُلِدْتَ فهي المقلتُ العاقرُ
وسَلَّم الإجماعُ من أهلها / أنَّك فيها المعجزُ الباهرُ
إن نَجَمَتْ ناجمةٌ بالظُّبى / أبدع فيها سيفُك الباترُ
أو كانت الشورى غِطاءً على ال / بطيءِ جلَّى رأيُكَ الحاضرُ
وإن أخذتَ الدستَ والصدرَ فال / قضاءُ ناهٍ فيهما آمرُ
أو وردَ الناسُ فلم يصدروا / عجزاً فأنت الواردُ الصادرُ
وكم أراك اليومُ ما في غدٍ / ما أنت من أمر غدٍ حائرُ
إن تُنزَع الدولةُ ما أُلبِستْ / منك وأنتَ الملبسُ الفاخرُ
أو يُكفَر الحقُّ ولابدَّ أن / يُحرَمَ طيبَ النعمةِ الكافرُ
فاسأل مَن الناجي إذا بُويعتْ / نفسٌ بنفسٍ ومَن الخاسرُ
غداً يُرى عند اختلاف القنا / كيف غناءُ الدِّرعِ يا حاسرُ
ويعكُفُ النادمُ مسترجعاً / عادةَ ما عوَّده الغافرُ
اللّهُ إن تَرضوا وإن تسخطوا / قدَّر وهو العالمُ القادرُ
أنَّ العلا بحبوحةٌ بيتُها ال / مُشرقُ هذا الحسبُ الطاهرُ
ناصَى بها عبدُ الرحيم السها / وبعدَه الكابرُ والكابرُ
حتى انتهى الفخرُ إلى هضبةٍ / ليس لمن يصعَدُها حادرُ
ساهَمَ في المجد فعلَّى به / مُقادحٌ ليس له قامرُ
قد فرضَ اللّهُ لتدبيره ال / أمرَ وهذا الفَلكُ الدائرُ
فكلَّما ندّ إلى غيره / فهو إليه صاغراً صائرُ
يا ملبسَ النُّعمى التي لم يزل / عليَّ منها الشاملُ الغامرُ
ومَنبَعي العذبَ إذا قلَّص ال / سَجلُ وأكدى الرجلُ الحافرُ
مضت بطرحي أشهرٌ تسعةٌ / حاشاك أن يَعقُبَها العاشرُ
هذا وما قصَّر شعرٌ ولا اس / تحالَ عن عادته شاكرُ
وما لخلَّاتي سوى جودكم / خبيئةٌ يذخرها الذاخرُ
قد أقحط الوادي فلا لابنٌ / لطارقِ الحيّ ولا تامرُ
فلا وَنتْ تطرقكم في النوى / فتائلٌ أبرمها الضافرُ
زوائرٌ تُهدِي لأعراضكم / ألطفَ ما يحملهُ الزائرُ
يؤثَرُ عنها خبرٌ صادقٌ / في مجدكم أو مَثَلٌ سائرُ
في كلِّ نادٍ نازحٍ غائبٍ / لها حديثٌ بكُمُ حاضرُ
تعرِضُ أيَّام التهاني بها / ما تعرِضُ المعشوقةُ العاطر
تميس منها بين أيّامكم / خاطرة يتبعها الخاطرُ
لثَّمَها التحصينُ عن غيركم / وهي على أبوابكم سافرُ
شاهدةٌ أني لكم حافظٌ / إذا نبا أو نكَثَ الغادرُ
وكمَّل الفخرُ لها أنّك ال / ممدوح فيها وأنا الشاعرُ
بلوتُ هذا الدهر أطوارَهْ
بلوتُ هذا الدهر أطوارَهْ / عليَّ طوراً ومعي تارَهْ
وبصَّرتْني كيف أخلاقُه / تجاربٌ كشَّفن أخبارَهْ
فصرتُ لا أنكر إحلاءَهُ / يوماً ولا أنكر إمرارَهْ
لا هو إن شدّ رأى كاهلي / رِخواً ولا نفسيَ خوَّارَهْ
ولا تصبَّانِيَ من سَلمِهِ / زخارفٌ للعين غرَّارَهْ
من عاذري منه على أنني / ضرورةً أقبلُ أعذارَهْ
دعه وبِتْ منه على نجوةٍ / خائفةِ الرقبةِ حذَّارَهْ
واسلم فما تسلَمُ من جَوْرِهِ / إلا إذا ما لم تكن جارَهْ
تنقَّلي يا رُكُبَ العيس بي / منجدةً يوماً وغَوَّارَهْ
لا خطر الضيمُ ببالِ امرىء / وأنتِ بالبيداء خطّارَهْ
قد نبتِ البيداءُ بي جالساً / أرجو الأماني وهي غدّارَهْ
أظلِمُ نفسي بين أبنائها / والنفسُ لا تُظلَم مختارَهْ
ويطَّبيني وطَنٌ تربُهُ / مستعبَدٌ يلفِظ أحرارَهْ
وكم تُرَى تَسحرني بابلٌ / وبابلٌ بالطبع سحّارَهْ
إن كنتَ يا قلبيَ منّي فلا / تخدَعْك منها هذه الشارَهْ
أَوْلى بمن تحمله قدرةً / فراقُ من تجهلُ مقدارَهْ
لا شِمتُ برقَ الهُون في دُوركم / والعزُّ في الأبرقِ والدَّارَهْ
اللّهُ لي منتصفٌ من أخٍ / يكِيلُني بالعُرفِ إنكارَهْ
يحمي لساني أبداً عِرضَه / ويبتغي في عِرضِيَ الغارَهْ
أعِفُّ عن جمّته مفْعَماً / تُناهزُ الوُرَّادُ تيَّارَهْ
ولا يراني ناسياً عهدَهُ / إن غاض أو كابد إعسارَهْ
فليته صان مكاني كما / صان عن البذلةِ دينارَهْ
لولا بنو أيّوبَ لولاهُمُ / ما وجدَ المظلومُ أنصارَهْ
قومٌ إذا استنجدتهم لم أخف / سهماً ولو ناضلَني القارَهْ
وبتُّ فيهم حيث لا يؤكل ال / جارُ ولا تُنتَهَك الجارَهْ
البيتُ لا ينكِرُ طُرّاقَهُ / والليلُ لا يعدَم سُمّارَهْ
والجفناتُ الغُرُّ يُسنَى لها / كلُّ غضوبِ الغلْي هدَّارَهْ
ترى الجَزورَ العَبْلَ في قلبها / أعشارُهُ تلعَنُ جزَّارَهْ
إن صَمَّ عنك الناسُ أو غَمَضتْ / في الخطب عينٌ وهي نظّارَهْ
فتحتَ منهم في مغاليقه / أسماعَ ذا الدهرِ وأبصارَهْ
نَموا شهاباً من أبي طالبٍ / خيراً وبثَّ اللّه أنوارَهْ
والأفُقُ العُلويّ إن غَوَّرتْ / شموسُه أطلعَ أقمارَهْ
قَصَّ حديثَ المجد عنهم فتىً / يُصدِّقُ السودَدُ أخبارَهْ
وبرَّزوا سبقاً ولكنّهم / لم يُدركوا في المجد مِضمارَهْ
ناصَى عميدُ الرؤساء العلا / والناسُ يقتصُّون آثارَهْ
وطالت النجمَ به همّةٌ / تقضي من الغايات أوطارَهْ
أبلجُ ودّ البدرُ لو صُيِّرتْ / لوجهه عِمّتُهُ دارَهْ
مَوَّلَهُ المجدُ فلم يكترِثْ / إقلالَهُ المالَ وإكثارَهْ
كفَت به القدرةُ لما سطت / أيدٍ مع القدرة جبّارَهْ
سالِمْهُ واحذَرْ صافياً ماءَهُ / وهِجْه واحذَرْ صالياً نارَهْ
إن نام راعى السَّرحِ في الأمن لم / يكحَلْ بطعم النوم أشفارَهْ
ولم تكن ثَلَّتُهُ نهزةً / يُطمِعُ فيها الذئبُ أظفارَهْ
أو شَرَعوا في الشرّ عافت له / نفسٌ بفعل الخير أمَّارَهْ
كفى الإمامين بتدبيره / مخاوفَ الخطبِ وأخطارَهْ
واستسبغا من رأيه نَثْلةً / ضافيةَ الأذيالِ جرّارَهْ
حلّتْ عن الماضي فعادت يدُ ال / باقي بها تَعقِدُ أزرارَهْ
قام بأمرِ اللّه مستخلفٌ / كنت لجرح الدين مِسبارَهْ
أرهفَ من نصحِك صَمصمامةً / بيضاءَ مثلَ البدرِ نَيَّارَهْ
أُخرِست الفتنةُ عن ملكه / بالأمس والفتنةُ نعَّارَهْ
وزارة حصَّنْتَ أموالَه / فيها كما حصَّنْتَ أسرارَهْ
فابلغ به أقصى المنى مثلما / بلَّغهُ سعيُك إيثارَهْ
واستخدم الأيّامَ نَفّاعةً / تجري بما شئتَ وضرَّارَهْ
لا يرفع الإقبالُ مستقبلاً / غطاءَه عنك وأستارَهْ
يزيرك النيروزُ في روضةٍ / من مِدَحي أحسنَ زوّارَهْ
غنَّاء شقّ الشِّعرُ ثرثارَه / لها وأجرى الفكرُ أخطارَهْ
مقيمة عندك لكنّها / بِعَرفها في الأرض سيّارَهْ
تحقّقتْ بالكَلِم الفصْلِ فال / مُلك لها والناسُ نَظَّارَهْ
تشربُ من حوضِ المعاني وما / تُفضِلُ للوارد أسآرَهْ
وهي مع الإفراط في حبِّكم / حاملةٌ للهجر صبّارَهْ
تُنسَى وتقصَى غير منسيّة / وهي مع الإعراض ذكَّارَهْ
تحنُّ للجافي وتحتال لل / مقَصِّر المهمِلِ أعذارَهْ
يُقنِعها الإنصاف لو أُنصفَتْ / وتطلبُ المالَ وإكثارَه
حظُّك منها صفوُ سلسالها / إن رنَّقَ المادحُ أشعارَهْ
وإنّ صدقي فيك أعتدّه / من كذبي في الناس كفّارَهْ
دلَّ عى الخير وأنبائه
دلَّ عى الخير وأنبائه / ودلَّ أحياناً على الشرِّ
للطالبين الوِترَ عوناً إذا / ثاروا ومأخوذ بلا وِترِ
باح بما استودعتَه صدرُهُ / لا ضيِّق الباعِ ولا الصدرِ
تمَّ بقدٍّ لم يطلْ وانطوى / مجتمعَ الأعضاء بالنشرِ
غير ضعيف أبداً أسره / وهو طَوالَ الدهر في الأسرِ
ما سائر بين الورى دائرٌ
ما سائر بين الورى دائرٌ / بآيةٍ سائرةٍ دائرَهْ
يجولُ في مستبهِم ضيِّق / منه حِذاءَ الحلَق الوافرهْ
تنظرُ منه أبداً كلمّا / ليست له عينُك بالناظرهْ
يوجَدُ منه ناحلٌ مسمِنٌ / يُحمَلُ في واردةٍ صادرهْ
ووادعٌ يُدئب أقرانَهُ / وغائبٌ صورتهُ حاضرهْ
قضت به خرقاءُ مضعوفةٌ / قضيةَ القادرة القاهرهْ
كأنما تعقِد في نظمه / سحراً ولكن أختها الساحرهْ
تعطيك إما ظفَراً أو ردىً / سماتُه العادلة الجائرهْ
فساعةً متجرُها مربح / وساعةً خائبة خاسرهْ
شواهد الإيمان في صمته / ودِينُه في أُمَّةٍ كافرهْ
لا لنوازِي كبدٍ هاجها
لا لنوازِي كبدٍ هاجها / بالبان من خنساءَ تَذكارُ
عاد لها من بعد إقلاعها / دينٌ من الحبِّ وإصرارُ
يا قوم لي من أسرتي قاتلٌ / مَنْ لقتيلٍ ما له ثارُ
أرى دَمِي يقطُرُ من أنملٍ / شفارُها مُؤْقٌ وأشفارُ
ظبيٌ رخيمٌ لفظهُ ناسكٌ / وطرفُه الفاتك عَيَّارُ
ضعُفتُ تحت الغمز من عاجمٍ / يصرَعُ لبِّي وهو خَوَّارُ
أصبحتُ عبداً باختياري له / وفارسٌ قوميَ أحرارُ
يا موتُ نفسي لك إن أعرضتْ / خنساءُ أو شطّت بها الدارُ
خوَّفني بالنارِ في وصلها / قومٌ وفي هجرانها النارُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025