كم حسرات لي وكم وجد
كم حسرات لي وكم وجد / ليست على غور ولا نجدِ
لا بل على جرجان من بلدة / سكنتُ منها جنة الخلد
أرض من المسك ووشيٌ من الط / طل على فرش من الرَّند
وسادة عاشرتهم لم أزل / في ظل عيش بهمُ رغد
كنت بهم طول مُقامي بها / ومنهمُ في زمن الورد
يا صاح هل تذكر كم ليلة / سعدتُ منها بأبي سعد
ألم يكن غرة إخواننا / ألم يكن واسطة العقد
أليس كنا سُوَراً للعلى / وكان فينا سورة الحمد
ناهيك من حلم ومن سؤدد / فيه ومن علم ومن رفد
شمائل الغيث وخلق الصبا / له وقلب الأسد الوَرْد
ذو خلُق لو أنه دمعة / ما أثرت في صفحة الخد
ومن كمولاي أبي معمر / والأخ غُصْنَيْ شجر المجد
ضبعَيْ يد الفضل وسبعي وغا ال / علم وربعي كرم العهد
ولؤلؤيْ درْج ونجمين في / برج وصمصامين في غمد
والخولكيين فما منهمُ / إلا معيد في العلى مبد
يأوون في المجد إلى خُطة / تُلقي الثريا بثرى الوهد
وشيخ أرْجان فناهيك من / أرْوع في همته فرد
سيد من أخلصني وده / وخير من أخلصته ودي
ما أنس لا أنس فقيهاً لنا / يُكْنَى أبا الفضل السمرقندي
وفاضلاً يكنى أبا قاسم / إليه عرض الجيش والجند
تزخرفت جرجان أنساً به / واستوحشت أرض نهاوَنْدِ
أنزلني الدّهر على حكمه / من شامخ عالِ إلى وَهْد
كب على الوجه سروري بهم / كبّاً على الجبهة والخد
أوطأني ظهر النوى عنهمُ / إني ما نمت من الصد
لا زلت يا جرجان معمورة / للرجل الآمل يستجدي
صفا لنا دَنُّكِ لكنه / لا بد في الآخر من دُردي
فالنذل قاضيك على لؤمهِ / وفرطِ ما يعلوه من بَرد
لا يلبُس الجوزاء ألحاظَه / تيهاً ولا يخرا على النَد
تراه لا يعلم أن الخرا / أجمل من لحيته عندي
والزنجمانيّ فواحسرتا / منه على هامته الوغد
فاز بذاك الرأس مني ولم / أبُح بما فيه ولا أُبدي
والماسراباذيّ أيُّ امرىء / مخنث في ذلك الجلد
إذا أتى زوجته زانياً / تُنْزِل أسماءُ على هند
سماجة القرد وخلق الصِّبى / وذلك الداء الذي يُردي
إن خلصت فروته من يدي / فلا اجتدت ناراً من الزند
مغتلم الثقبة لكنه / يوهمنا الرغبة في المرد
ويشتهي المرد ولكنه / كل صُمُلّ عارم جَلْد
يا كرم الأستاذ نحوي ويا / فواضل الشيخ التي عندي
لا زلتما في نعمة بعدي / وعشتما في القرب والبعد
قامرني الدهر سروري بكم / بغير شطرنج ولا نَرْد
قد عشتما قبلي فعِيشا معي / ثم ابقيا بعدي لمن بعدي