المجموع : 6
يا سابِحاً يَصهَلُ في غِرَّةٍ
يا سابِحاً يَصهَلُ في غِرَّةٍ / أَينَ وَجيهُ الخَيلِ وَالذائِدُ
آدى لَهُ في الدَهرِ ما يَبتَغي / ثُمَّ أَتاهُ قَدَرٌ آثِدُ
هَل يَأمَنَ الحوتُ مِنَ الشُهُبِ أَن / يَأخُذَهُ في الكِفَّةِ الصائِدُ
أَو حِمَلٌ نُزِّهَ في الجَوِّ أَن / يَغتالَهُ بِالمَديَّةِ الكائِدُ
إِن كانَ لِلمَرّيخِ عَقلٌ فَما / يَستُرُ عَنهُ أَنَّهُ بائِدُ
يوصي الفَتى بِالأَمرِ مِن بَعدِهِ / كَأَنَّهُ مِن بَينِهِ عائِدُ
يَكذِبُني الرائِدُ في زَعمِهِ / وَمُهلَكٌ إِن كَذَبَ الرائِدُ
وَالخَيرُ لا يُكَفَّرُ فَلِيُحسِنِ المُس / لِمُ وَالصابِئُ وَالهائِدُ
فَوائِدُ الأَيّامِ مَحبوبَةٌ / وَفاقِدٌ لَذَّتَها الفائِدُ
فَزَجِّ دُنياكَ فَما يَخلِدُ ال / ناقِصُ في العَيشِ وَلا الزائِدُ
وَإِنَّ مِنهاجَ الرَدى يَستَوي / فيهِ مَسوَدُ القَومِ وَالسائِدُ
وَإِنَّما يَلقى شُجاعُ الوَغى / كَما يُلاقي النافِرُ الحائِدُ
تُقصَفُ بِالقُدرَةِ رَضوى كَما / يُقصَفُ هَذا الغُصنُ المائِدُ
وَلَو دَرى الموؤودُ ما عِندَنا / مِن نَبَإٍ ما عُتِبَ الوائِدُ
قَد شُيِّدَ القَصرُ لِسُكّانِهِ / وَغَيرُ مَن يَسكُنُهُ الشائِدُ
إِن شَرِبوا الراحَ فَما شُربُنا
إِن شَرِبوا الراحَ فَما شُربُنا / في الراحِ إِلّا الأَزرَقُ البارِدُ
لا تَطرُدِ الوَحشَ فَما يَلبَثُ الصارِدِ / مَطرودُ في الدُنيا وَلا الطارِدُ
أُختُ بَني الصَرِدِ في دَهرِها / أَصابَها سَهمُ رَداً صارِدُ
كانَ لَها كَرمانِ هَذا أَبى ال / سَقيا وَهَذا أَبَداً وارِدُ
لا توحِشُ الوَحدَةُ أَصحابَها / إِنَّ سُهَيلاً وَحدَهُ فارِدُ
وَكَم تَرى في الأُفُقُِ مِن كَوكَبٍ / يَعظُمُ أَن يُرمى بِهِ المارِدُ
خَبَّرتَني أَمراً فَقُل راشِداً / مِن أَينَ هَذا الخَبَرُ الشارِدُ
عَلَيكَ بِالصُدقِ فَلا حَظَّ لي / في كَذبٍ يَنظِمُهُ السارِدُ
مَن يُدنِ لِلشّاكَةِ أَثوابَهُ / يُصِبهُ مِنها غُصُنٌ هارِدُ
مولاكَ مَولاكَ الَّذي ما لَهُ
مولاكَ مَولاكَ الَّذي ما لَهُ / نِدٌّ وَخابَ الكافِرُ الجاحِدُ
آمِن بِهِ وَالنَفسُ تُرقى وَإِن / لَم يَبقَ إِلّا نَفَسٌ واحِدُ
تَرجُ بِذاكَ العَفوَ مِنهُ إِذا / أَلحَدَت ثُمَّ اِنصَرَفَ اللاحِدُ
كَأنَّما العالَمُ ضَأنٌ غَدَت
كَأنَّما العالَمُ ضَأنٌ غَدَت / لِلرَعيِ وَالمَوتُ أَبو جَعدَه
فَهادِجٌ حامِلُ عُكّازَةٍ / وَفارِسٌ مُعتَقِلٌ صُعدَه
وَآخَرٌ يُدرِكُ مَن قَبلُهُ / وَيَترُكُ الدُنِّيا لِمَن بَعدَه
عَيشٌ كَما تَعهَدُ لا مُخلِفٌ / وَعيدَهُ بَل مُخلِفٌ وَعدَه
هَل يَأمَنُ البِرجيسُ في عِزِّهِ / مِن قَدَرٍ يُعدِمُهُ سَعدَه
كَأَنَّما النَجمُ لِخَوفِ الرَدى / تَأخُذُهُ مِن فَرَقٍ رِعدَه
كَم لِاِبنٍ في الأَرضِ لَم يُدَكَّر / لُبَناهُ مُذ بانَ وَلا دَعدَه
أُحاذِرُ السَيلَ وَمَن لي بِمُن / جاةٍ إِذا أَسمَعَني رَعدَه
وَالوَقتُ لا يَفتَأُ في مَرِّهِ / مُقَرِّباً مِن أَجَلٍ بُعدَه
فَراقِبِ الخالِقَ بِالغَيبِ في النِ / يامَةِ وَالقِيامَةِ وَالقَعدَه
يَلقاكَ بِالماءِ النُمَيرِ الفَتى
يَلقاكَ بِالماءِ النُمَيرِ الفَتى / وَفي ضَميرِ النَفسِ نارٌ تَقِد
يُعطيكَ لَفظاً لَيِّناً مَسُّهُ / وَمِثلُ حَدِّ السَيفِ ما يَعتَقِد
وَيَمرَحُ الإِنسانُ مِن جَهلِهِ / وَهُوَ أَسيرٌ في رِباطٍ وَقِدّ
كَم حَلَّتِ الأَيّامُ مِن حيلَةٍ / ثُمَّتَ حَلَّت كُلَّ عِقدٍ عُقِد
وَالمرَءُ كَالبائِعُ في سوقِهِ / يَأخُذُ ما يُعطى وَلا يَنتَقِد
حَتّى إِذا اليَومُ اِنقَضى ساءَهُ / ما تَجِدُ النَفسُ وَما يَفتَقِد
لا أَحقِدُ الآنَ عَلى صاحِبٍ / إِن رابَني مَعدِنَ خَيرٍ حَقَد
فَهَذِهِ الدُنِّيا عالى ما تَرى / لَم تَدِ مَقتولاً وَلَم تَستَقِد
أحْسَنُ بالوَاجِدِ مِن وَجْدِهِ
أحْسَنُ بالوَاجِدِ مِن وَجْدِهِ / صَبْرٌ يُعيدُ النّارَ في زَنْدِهِ
ومَنْ أبَى في الرُّزْءِ غَيْرَ الأسَى / كانَ بُكاهُ مُنْتَهَى جُهْدِهِ
فَليَذْرِفِ الجَفْنُ على جَعْفَرٍ / إذ كانَ لم يُفْتَحْ على نِدّهِ
والشيءُ لا يَكْثُرُ مُدّاحُهُ / إلاّ إذا قيسَ إلى ضِدّهِ
لوْلا غَضَا نَجْدٍ وقُلاّمُهُ / لم يُثْنَ بالطّيبِ على رَنْدِهِ
ليسَ الذي يُبْكى على وَصْلِهِ / مثلَ الذي يُبْكى على صَدّهِ
والطّرْفُ يرْتاحُ إلى غُمْضِهِ / وَلَيسَ يَرْتاحُ إلى سُهْدِهِ
كانَ الأسَى فَرْضاً لو أنّ الرّدى / قال لنا افْدوهُ فلم نَفْدِهِ
هل هُوَ إلا طالِعٌ للهُدى / سارَ منَ التُّرْبِ إلى سَعْدِهِ
فباتَ أدْنَى مِنْ يَدٍ بَينَنا / كأنّهُ الكَوْكَبُ في بُعدِهِ
يا دَهْرُ يا مُنجِزَ إيعادِهِ / ومُخْلِفَ المأمولِ من وَعْدِهِ
أيُّ جَديدٍ لكَ لم تُبْلِهِ / وأيُّ أقرانِكَ لم تُرْدِهِ
تَستأسِرُ العِقبانَ في جَوّها / وتُنزِلُ الأعصَمَ من فِنْدِهِ
أرى ذَوي الفَضل وأضدادَهم / يَجمعُهُمْ سَيْلُكَ في مَدّهِ
إنْ لم يكُنْ رُشْدُ الفتى نافِعاً / فغَيّهُ أنفَعُ مِنْ رُشْدِهِ
تَجرِبةُ الدّنيا وأفعالِها / حَثّتْ أخا الزّهْدِ عَلى زُهْدِهِ
والقَلْبُ مِنْ أهوائِهِ عابِدٌ / ما يَعْبُدُ الكافرُ من بُدّهِ
إنّ زَماني برَزياهُ لي / صَيّرَني أمْرَحُ في قِدّهِ
كأنّنا في كَفّهِ مالُهُ / يُنفِقُ ما يَختارُ من نَقْدِهِ
لوْ عَرَفَ الإنْسانُ مقدارَهُ / لم يَفْخَر المولى على عَبْدِهِ
أمْسِ الذي مَرّ على قرْبهِ / يَعجِزُ أهلُ الأرْضِ عن رَدّهِ
أضْحى الذي أُجّلَ في سِنّهِ / مثلَ الذي عُوجِلَ في مَهْدِهِ
ولا يُبالي المَيْتُ في قَبرهِ / بذَمّهِ شُيّعَ أمْ حَمْدِهِ
والواحِدُ المُفرَدُ في حَتْفِهِ / كالحاشِدِ المُكْثِرِ من حَشدِهِ
وحالَةُ الباكي لآبائِه / كحالَةِ الباكي على وُلْدِهِ
ما رغبَةُ الحيّ بأبنائِهِ / عَمّا جنَى الموْتُ على جَدّهِ
ومَجْدُهُ أفعالُهُ لا الذي / من قَبْلِهِ كانَ ولا بَعْدِهِ
لُوْلا سَجاياهُ وَأخْلاقُهُ / لكانَ كالمَعْدومِ في وُجْدِهِ
تَشتاقُ أيّارَ نفوسُ الوَرَى / وإنّما الشّوْقُ إلى وَرْدِهِ
تَدعو بطول العمر أفواهُنا / لمَنْ تَناهى القَلبُ في وُدّهِ
يُسَرّ إن مُد بَقاءٌ لَهُ / وكلُّ ما يَكْرَهُ في مَدّهِ
أفضَلُ ما في النّفسِ يَغتالُها / فنَستَعيذُ اللهَ من جُندِهِ
وآفَةُ العاشِقِ مِنْ طَرْفِهِ / وآفَةُ الصّارِمِ مِنْ حَدّهِ
كم صائنٍ عن قُبْلَةٍ خدَّهُ / سُلّطَتِ الأرْضُ على خَدّهِ
وحامِلٍ ثِقْلَ الثّرَى جِيدُهُ / وكان يَشكو الضَّعفَ من عِقدِهِ
وَرُبّ ظمآنَ إلى مَوْرِدٍ / وَالمَوْتُ لوْ يَعْلَمُ في وِرْدِهِ
ومُرْسِلِ الغارَةِ مَبثوثَةً / مِن أدهَمِ اللّوْنِ ومن وَرْدِهِ
يَخوضُ بحراً نَقْعُهُ ماؤهُ / يَحْمِلُهُ السّابحُ في لِبْدِهِ
أشجَعُ مَنْ قَلّبَ خَطّيّةً / على طَويلِ الباعِ مُمْتَدّهِ
يَرَى وُقوعَ الزُّرْقِ في دِرْعِهِ / مثْلَ وُقوع الزُّرْقِ في جِلْدِهِ
لا يَصِلُ الرُّمْحُ إلى طَرْفِهِ / ولا إلى المُحْكَمِ مِنْ سَرْدِهِ
يُلقى عليهِ الطّعنُ إلقاءكَ ال / حَسْبَ على المُسرعِ في عَقدِهِ
بلَحظَةٍ منهُ فَما دونَها / يَرُدّ غَرْبَ الجيشِ عن قَصْدِهِ
أمْهَلَهُ الدّهْرُ فأوْدَى بهِ / مُبْيَضُّهُ يُحْدَى بمُسْوَدّهِ
فَيا أخا المَفقُودِ في خَمسَةٍ / كالشُّهبِ ما سَلاّك عن فقدِهِ
جاءَكَ هذا الحُزْنُ مُستَجدياً / أجْرَكَ في الصّبرِ فلا تُجْدِهِ
سَلِّمْ إلى اللّهِ فكُلُّ الّذي / ساءَكَ أو سَرّكَ من عندِهِ
لا يَعْدَمُ الأسْمَرُ في غابِهِ / حَتْفاً ولا الأبيضُ في غِمدِهِ
إنّ الذي الوَحْشَةُ في دارِهِ / تُؤنِسُهُ الرّحمَةُ في لَحْدِهِ
لا أُوحشَتْ دارُك من شَمسِها / ولا خلا غابُكَ مِنْ أُسْدِهِ