المجموع : 3
مَنْ قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى
مَنْ قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى / وَأَلْهَمَ الْقُمْرِيَّ حَتَّى شَدَا
وَزَيَّنَ الأَرْضَ بِأَلْوانِهَا / وَصَوَّرَ الأَبْيَضَ والأَسْوَدَا
سُبْحَانَ مَنْ أَبْدَعَ فِي مُلْكِهِ / حَتَّى بَدَا مِنْ صُنْعِهِ مَا بَدَا
تَنَزَّهَتْ عَنْ صِفَةٍ ذَاتُهُ / وَقَامَ فِي لاهُوتِهِ أَوْحَدَا
فَاسْجُدْ لَهُ وَاقْصِدْ حِمَاهُ تَجِدْ / رَبَّاً كَرِيماً وَمَلِيكاً هَدَى
فَقُمْ بِنَا يا صَاحِ نَرْعَ النَّدَى / وَنَسْأَلِ اللهِ عَمِيمَ النَّدَى
أَمَا تَرَى كَيْفَ اسْتَحَارَ الدُّجَى / وَكَيْفَ ضَلَّ النَّجْمُ حَتَّى اهْتَدَى
وَلاحَ خَيْطُ الْفَجْرِ فِي سُحْرَةٍ / كَصَارِمٍ فِي قَسْطَلٍ جُرِّدَا
فَالْجَوُّ قَدْ باحَ بِمَكْنُونِهِ / وَالأَرْضُ قَدْ أَنْجَزَتِ الْمَوْعِدَا
غَمَامَةٌ أَلْقَتْ بِأَفْلاذِهَا / وَجَدْوَلٌ مَدَّ إِلَيْنَا يَدَا
فَانْهَضْ وَسِرْ وَانْظُرْ ومِلْ وَابْتَهِجْ / وَامْرَحْ وَطِبْ وَاشْرَبْ لِتُرْوِي الصَّدَى
وَلا تَسَلْ عَنْ خَبَرٍ لَمْ يَحِنْ / مِيقَاتُهُ وَانْظُرْ إِلَى الْمُبْتَدَا
وَلا تَلُمْ خِلاً عَلَى هَفْوَةٍ / فَقَلَّمَا تَلْقَى فَتىً أَمْجَدَا
لَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ ما أَضْمَرَتْ / أَحْبَابُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ الْعِدَا
فَدَعْ بَنِي الدُّنْيَا لأَهْوَائِهِمْ / وَلا تُطِعْ مَنْ لاَمَ أَوْ فَنَّدَا
مَا لِي وَلِلنَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ / كُلُّ امْرِئٍ رَهْنُ حِسَابٍ غَدَا
هِلْ هِيَ إِلَّا مُدَّةٌ تَنْقَضِي / وَكُلُّ نَفْسٍ خُلِقَتْ لِلرَّدَى
فَاسْتَعْمِلِ الرِّفْقَ تَعِشْ رَاشِداً / وَاعْطِفْ عَلَى الأَدْنَى تَكُنْ سَيِّدَا
وَاسْعَ لِمَا أَنْتَ لَهُ فَالْفَتَى / إِنْ هَجَرَ الرَّاحَةَ حَازَ الْمَدَى
مَا خَلَقَ اللهُ الْوَرَى بَاطِلاً / لِيَرْتَعُوا بَيْنَ الْبَوَادِي سُدَى
فَاقْبَلْ وَصَاتِي وَاسْتَمِعْ حِكْمَتِي / فَلَيْسَ مَنْ أَغْوَى كَمَنْ أَرْشَدَا
إِنِّي وإِنْ كُنْتُ أَخَا صَبْوَةٍ / وَمِسْمَعٍ يُطْرِبُنِي مَنْ شَدَا
فَقَدْ أَزُورُ اللَّيْثَ في غَابِهِ / وَأَهْبِطُ الأَرْضَ عَلَيْهَا النَّدَى
وَأَصْدَعُ الْخَصْمَ وَمَا خِلْتُنِي / أَصْدَعُ إِلَّا الْبَطَلَ الأَصْيَدَا
بِلَهْذَمٍ لَيْسَتْ لَهُ صَعْدَةٌ / لَكِنَّهُ يَمْضِي إِذَا سُدِّدَا
أَوْ صَارِمٍ يَفْرِي نِيَاطَ الْكُلَى / وَلَمْ يَزَلْ فِي جَفْنِهِ مُغْمَدَا
مَاضِي الْغِرَارَيْنِ وَلَكِنَّهُ / لا يَعْرِفُ الصَّيْقَلَ وَالْمِبْرَدَا
أَوْ مِشْقَصٍ إِنْ فَوَّقَتْ نَصْلَهُ / إِلَى امْرِئٍ غَيْرُ يَدٍ أَقْصَدا
أَوْ طَائِرٍ فِي وَكْرِهِ جاثِمٍ / يَشُوقُ إِنْ هَيْنَمَ أَوْ غَرَّدَا
لَمْ يَعْدُ كِنَّاً لَمْ يَزَلْ سَاكِناً / فِيهِ وَبَاباً دُونَهُ مُؤْصَدَا
قَدْ لانَ إِلَّا أَنَّهُ إِنْ قَسَا / يَوْمَ نِضَالٍ صَدَعَ الْجَلْمَدَا
مُعْتَقَلٌ لَكِنَّهُ مُطْلَقٌ / يَجُولُ في مَسْكَنِهِ سَرْمَدَا
يَحْكُمُ بِالذَّوْقِ عَلَى ما يَرَى / وَيَعْرِفُ الأَصْلَحَ والأَفْسَدَا
لَهُ صِحَابٌ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ / تَنْقُلُ عَنْهُ نَبَرَاتِ الصَّدَى
فَهْوَ بِهَا مُجْتَمِعٌ شَمْلُهُ / إِنْ أَصْدَرَ الْقَوْلَ بِهَا أَوْرَدَا
مُشْتَبِهَاتُ الرَّصْفِ فِي جَوْدَةٍ / تَبَارَكَ اللهُ الَّذِي جَوَّدَا
يَبِيتُ مِنْهَا وَهْو ذُو مِرَّةٍ / فِي رَصَفٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ نُضِّدَا
ذَاكَ لِسَانِي وَهْوَ حَسْبِي إِذَا / ما أَبْرَقَ الْحَاسِدُ أَوْ أَرْعَدَا
وَصَاحِبٍ لا كَانَ مِنْ صَاحِبٍ
وَصَاحِبٍ لا كَانَ مِنْ صَاحِبٍ / أَخْلاقُهُ كَالْمِعْدَةِ الْفَاسِدَهْ
أَقْبَحُ مَا فِي النَّاسِ مِنْ خَصْلَةٍ / أَحْسَنُ مَا فِي نَفْسِهِ الْجَامِدَهْ
لَوْ أَنَّهُ صُوِّرَ مِنْ طَبْعِهِ / كَانَ لَعَمْرِي عَقْرَباً رَاصِدَهْ
يَصْلُحُ لِلصَّفْعِ لِكَيْلا يُرَى / فِي عَدَدِ النَّاسِ بِلا فَائِدَهْ
يَغْلِبُهُ الضَّعْفُ وَلَكِنَّهُ / يَهْدِمُ فِي قَعْدَتِهِ الْمَائِدَهْ
يُرَاقِبُ الصَّحْنَ عَلَى غَفْلَةٍ / مِنْ أَهْلِهِ كَالْهِرَّةِ الصَّائِدَهْ
كَأَنَّمَا أُظْفُورُهُ مِنْجَلٌ / وَبَيْنَ فَكَّيْهِ رَحىً راعِدَهْ
كَأَنَّمَا الْبَطَّةُ فِي حَلْقِهِ / نَعَامَةٌ فِي سَبْسَبٍ شَارِدَهْ
تَسْمَعُ لِلْبَلْعِ نَقِيقاً كَمَا / نَقَّتْ ضَفَادِي لَيْلَةٍ رَاكِدَهْ
كَأَنَّمَا أَنْفَاسُهُ حَرْجَفٌ / وَبَيْنَ جَنْبَيْهِ لَظىً وَاقِدَهْ
وَيْلُمِّهِ إِذْ مَخَضَتْ هَلْ دَرَتْ / أَنَّ الرَّدَى فِي بَطْنِهَا الْعَاقِدَهْ
تَبَّاً لَهَا شَنْعَاءَ جَاءَتْ بِهِ / مِنْ لَقْحَةٍ فِي فَقْحَةٍ كَاسِدَةْ
لا رَحْمَةُ اللهِ عَلَى وَالِدٍ / غَمَّ بِهِ الدُّنْيَا ولا وَالِدَهْ
يَا أَيُّهَا الظَّالِمُ فِي مُلْكِهِ
يَا أَيُّهَا الظَّالِمُ فِي مُلْكِهِ / أَغَرَّكَ الْمُلْكُ الَّذِي يَنْفَدُ
اصْنَعْ بِنَا ما شِئْتَ مِنْ قَسْوَةٍ / فَاللهُ عَدْلٌ وَالتَّلاقِي غَدُ