المجموع : 4
يا طولَ هَذا اللَيلِ لَم أَرقُدِ
يا طولَ هَذا اللَيلِ لَم أَرقُدِ / إِلّا رُقادَ الوَصِبِ الأَرمَدِ
مِثلَ اِكتِحالِ العَينِ نَومي بِهِ / بَل دونَ كُحلِ العَينِ بِالمِروَدِ
أُراقِبُ الصُبحَ كَأَنّي اِمرُؤٌ / مِن راحَةٍ فيهِ عَلى مَوعِدِ
بِتُّ إِلى أَن راعَني ضَوؤُهُ / وَخَلفَ سِنّي إِصبَعي مِن يَدي
تَعَجُّباً مِمّا دَهاني بِهِ / أَقرَبُ جيراني لِذي الأَبعَدِ
رَقّى إِلَيها كَذِباً لَم يَكُن / مِنّي عَلى مَمشىً وَلا مَقعَدِ
حَتّى أَدَلَّت بَل ثَنى لُبَّها / عَنّي مَقالُ الكاشِحِ المُفسِدِ
في الصَدرِ مِمّا بُلِّغَت حِبَّتي / مِثلُ شِهابِ القابِسِ الموقِدِ
إِن بَرَدَت عَن كَبِدي لَوعَةٌ / طالَت عَلى القَلبِ فَلَم تَبرُدِ
بَل أَيُّها الواشي بِها عِندَنا / لا زِلتَ لا تُعجِبُني فَاِزدَدِ
أَنتَ لَعَمرُ اللَهِ أَوجَدتَها / عَلَيَّ حَتّى كَدَّرَت مَورِدي
وَكُنتُ أَسباني بِها صاحِباً / يَعتَلُّ في الأَمرِ وَلَم يوجَدِ
لَم تَرَ مِثلي مُغرَماً بِالهَوى / وَمِثلَ عَبّادَةَ لَم تَقصِدِ
تَبرو لَدى هَجري وَأَدوى بِهِ / فَلَستُ بِالحَيِّ وَلا بِالرَدي
لَكِنَّني مِثلُ سَبيلِهِما / مِثلُ سَليمِ الحَيَّةِ الأَسوَدِ
شَتّانَ ذا مِنها وَإِرسالَها / أَدالِجٌ أَنتَ وَلَم تَعهَدِ
غَداةَ زُمَّت إِبلي غُدوَةً / وَالقَومُ مِن باكٍ وَمِن مُسعِدِ
فَقُلتُ إِن آبوا فَأَنتِ الهَوى / وَإِن أَرُح مِنكِ فَلا تَبعُدِ
يا عَبدَ لا تَنسَي فَلَم أَنسَهُ / مَمشايَ بَينَ المَسجِدِ المُبتَدي
يَومَ عُبَيدُ اللَهَ كَالمُعتَدي / عَلَيَّ في حُبِّكِ أَو مُعتَدي
يَقولُ إِذ أَبصَرَني مُقبِلاً / في القَومِ مُعتَمّاً وَلَم أَرتَدِ
لِفارِغٍ مِمّا بِهِ شِغلُهُ / لَم يَشجَ بِالحُبِّ وَلَم يَشهَدِ
لَمّا رَآهُ شَهِدَت عَينُهُ / مُشَوَّهَ اللَبسَةِ في المَشهَدِ
هَذي الَّتي دَلَّهَهُ حُبُّها / وَكانَ حيناً مِن حَصى المَسجِدِ
فَقُلتُ يا صاحِ بِها حَيِّني / كِلني لِما بي لَستُ بِالمُرشَدِ
كُنتُ كَما قُلتَ مِنَ اَبنائِهِ / وَفِتنَتي عَبدَةُ بِالمَرصَدِ
بَينا كَذا إِذ بَرَقَت بَرقَةً / بَينَ رِداءِ الخَزِّ وَالمِجسَدِ
بَيضاءُ حُسناً أُشرِبَت صُفرَةً / تَهتَزُّ في غُصنِ الصِبى الأَغيَدِ
تَحسُدُها الجاراتُ مِن حُسنِها / وَمِثلُ عَبّادَةَ فَليُحسَدِ
يَحسُدنَ مِنها قَصَباً مالِئاً / لِلقُلبِ وَالخَلخالِ وَالمِعضَدِ
وَالدُرُّ وَالياقوتُ يَحسُدنَها / مُناطَةً في الأَوضَحِ الأَجيَدِ
وَمَضحَكاً مِنها كَما أَومَضَت / صَيفِيَّةُ المُزنِ وَلَم تُرعِدِ
وَأَنَّها حَوراءُ مَكحولَةٌ / غانِيَةٌ تَغنى عَنِ الإِثمِدِ
يَحسُدنَها ذاكَ إِلى صورَةٍ / قامَت بِها عِندي وَلَم تَقعُدِ
لا عَيبَ فيها غَيرَ تَأخيرِها / كُلَّ صَباحٍ وَعدَنا في غَدِ
راحَت رَواحاً بَينَ كُنّادِ
راحَت رَواحاً بَينَ كُنّادِ / وَأَخلَفَت ظَنّي وَميعادي
وَبِتُّ مُشتاقاً إِلى وَجهِها / أَلقى عَلَيهِ غُلَّةَ الصادي
فَقُلتُ لِلنَفسِ قِفي إِنَّها / شيمَةُ ما في الوَعدِ ميعادِ
ما كُلُّ برقٍ مُرشِدٌ ماؤُهُ / وَلا صَديقٌ كُلُّ مُعتادِ
كَم دونَها مِن مَنهَلٍ آجِنٍ / وَمِن ذُرى طَودٍ وَأَعقادِ
وَمِن سَخاوِيٍّ بِها مُشرِفٍ / لِلعَينِ مِن مَثنى وَأَفرادِ
فَعَزِّ نَفساً قَلبُها شاخِصٌ / بِفَقدِ مَن لَيسَ بِمِفقادِ
وَصاحِبٍ يُعطي وَيُبدي العُلى / رَكّابُ أَهوالٍ وَأَعوادِ
صَحِبتُهُ في المُلكِ أَو عودِهِ / فَزادَ في عِدَّةِ حُسّادي
يا طالِبَ الحاجاتِ لا تَعصِني / وَاِسمَع فَإِنّي ناصِحٌ هادِ
دَع عَنكَ حَمّاداً وَخُلقانَهُ / لا خَيرَ في خُلقانِ حَمّادِ
المُؤثِرُ الرَأسَ عَلى رَبِّهِ / وَالجاعِلُ الخِنزيرَ في الزادِ
طَرّادُ وِلدانٍ إِذا ما غَدا / ما كُلُّ لوطِيٍّ بِطَرّادِ
بَرِئتُ مِن هَذا وَمِن دينِهِ / يُصبِحُ لِلخِشفِ بِمِرصادِ
بِئسَ الشَوانِيُّ لَهُ مَنصِبٌ / في آلِ نِهيا غَيرُ مُرتادِ
لا يَشرَبُ الخَمرَ وَلَكِنَّهُ / يَأكُلُها أَكلَ اِمرِئٍ عادِ
سُمّيتَ عَبدَ الرَأسِ مِن حُبِّهِ / قَد عَلِمَ الحاضِرُ وَالبادي
سَمّاكَ حَمّاداً أَبٌ كاذِبٌ / ما أَنتَ لِلَّهِ بِحَمّادِ
أَبَعدَ خَمسينَ تَكَمَّلتَها / تَبكي عَلى اِستٍ المُسمِرِ العادي
عَرَّدتَ عَن قَرمِ بَني هاشِمٍ / وَالمَوتُ يَحدوكَ بِهِ الحادي
لَولا تَنَحّيكَ وَفى نَذرَهُ / فيكَ فَأَصبَحتَ مَعَ الزادِ
ما أَنتَ بِالزاني وَلَكِنَّما / وَرِثتَ عَن حَشٍّ وَوَلّادِ
لَو كُنتَ مِمَّن يَتَّقي سَوأَةً / أَعوَلتَ مِن سُخطي وَإِبعادي
تَخدُمُ أَقواماً وَخَلَّيتَني / وَقَد تَراني حَيَّةَ الوادي
أَشبَهَكِ المِسكُ وَأَشبَهتِهِ
أَشبَهَكِ المِسكُ وَأَشبَهتِهِ / قائِمَةً في لَونِهِ قاعِدَه
لا شَكَّ إِذ لَونُكُما واحِدٌ / أَنَّكُما مِن طينَةٍ واحِدَه
تَبرَأُ بِالهَجرِ وَأَدوى بِهِ
تَبرَأُ بِالهَجرِ وَأَدوى بِهِ / فَلَستُ بِالحَيِّ وَلا بِالرَدي
أَقولُ وَقَد راحَ الأَوانِسُ حُيَّضاً / بِنَفسي غَزالاً لا يَحيضُ وَلا يَلِد