مِثلِيَ هَذا النَجمُ في سُهدِهِ
مِثلِيَ هَذا النَجمُ في سُهدِهِ / وَمِثلُهُ المَحبوبُ في بُعدِهِ
يَختالُ في عَرضِ السَما تائِهاً / كَأَنَّما يَختالُ في بُردِهِ
إِن شِئتَ فَهوَ المَلِكُ في عَرشِهِ / أَو شِئتَ فَهوَ الطِفلُ في مَهدِهِ
يَرمَقُنو شَذَراً كَأَنّي بِهِ / يَحسَبُني أَطمَعُ في مَجدِهِ
يَسعى وَلا يَسعى إِلى غايَةٍ / كَمَن يَرى الغايَةَ في جَدِّهِ
كَأَنَّما يَبحَثُ عَن ضائِعٍ / لا يَستَطيعُ الصَبرَ مِن بَعدِهِ
طالَ سُراه وَهوَ في حَيرَةٍ / كَأَنَّهُ المَحزونُ في وَجدِهِ
في جُنحِ لَيلٍ حالِكٍ فاحِمٍ / كَأَنَّ حَظِيَ قُدَّ مِن جِلدِهِ
لا يَحسُدُ الأَعمى بِهِ مُبصِراً / كِلاهُما قَد ضَلَّ عَن قَصدِهِ
ساوَرَني الهَم وَساوَرتُهُ / ما أَعجَزَ الإِنسانَ عَن رَدِّهِ
ما أَعجَبَ الدَهر وَأَطوارَهُ / في عَينِ مَن يُمعِنُ في نَقدِهِ
جَرَّبتَهُ دَهراً فَما راقَني / مِن هَزلِهِ شَيء وَلا جَدِّهِ
أَكبَرَ مِنهُ أَنَّني زاهِدٌ / ما زَهِدَ الزاهِدُ في زُهدِهِ
أَكبَرَ مِنّي ذا وَأَكبَرتُ أَن / يَطمَعَ أَن أَطمَعَ في رَفدِهِ
وَعَدَّني أُعجوبَةً في الوَرى / مُذ رُحتُ لا أَعجَبُ مِن حِقدِهِ
يا رُبَّ خَلِّ كانَ دوني نُهىً / عَجِبتُ مِن نَهسي وَمِن سَعدِهِ
وَعائِشٍ يَخطُرُ فَوقَ الثَرى / أَفضَلُ مِنهُ المَيتُ في لَحدِهِ
أَصبَحَ يَجني الوَردَ مِن شَوكِهِ / وَبِتُّ أَجني الشَوكَ مِن وَردِهِ
أَكذِبُ إِن صَدَّقتُهُ بَعدَما / عَرَفتُ مِنهُ الكَذِبَ في وَعدِهِ
لا أَشتَكي الضَرَّ إِذا مَسَّني / مِنه وَلا أَطرُبُ مِن رَغدِهِ
أَعلَمُ أَنَّ البُؤسَ مُستَنفَذٌ / وَالرَغدُ ما لا بُدَّ مِن فَقدِهِ
إِذا اللَيالي قَرَّبَت نازِحاً / وَكُنتَ مُشتاقاً إِلى شَهدِهِ
أُمَلِّكُ عَنهُ النَفسَ في قُربِهِ / خَوفاً مِنَ الوَحشَةِ في صَدِّهِ
وَإِن أَرَ الحُزنَ عَلى فائِتٍ / أَضَرَّ بِيَ الحُزن وَلَم يُجدِهِ