المجموع : 4
يا عَينُ هَذا المُصطَفى أَحمَدُ
يا عَينُ هَذا المُصطَفى أَحمَدُ / خَيرُ الوَرى والسيِّدُ الأَمجَدُ
وَهذه القبَّةُ قد أَشرقَت / دونَ عُلاها الشَمسُ والفرقدُ
وَهذه الرَوضَةُ قد أَزهرت / فيها المُنى والسؤل وَالمقصدُ
وَهذه طيبةُ فاحَت لنا / أَرجاؤُها وَالسَفحُ والغَرقَدُ
وَعينُها الزَرقاءُ راقَت وَلَم / يَحلَّها الإثمِدُ والمِروَدُ
فَما لأَحزانيَ لا تَنجَلي / وَما لنيرانيَ لا تخمدُ
هَذا المصلّى وَالبَقيعُ الَّذي / طابَ به المنهلُ والمورِدُ
أَرضٌ زَكَت فَخراً وَنافَت عُلاً / فالأَنجمُ الزُهرُ لها حُسَّدُ
حصباؤُها الدُرُّ وأَحجارُها / وَتُربُها الجَوهَرُ والعَسجدُ
تَمَنَّت الأَقمارُ والشهبُ لَو / كانَت نَواصيها بها عُقَّدُ
فَما عَلى من كُحلَت عينُه / بتُربها لَو عافها الإِثمِدُ
بها مَزايا الفَضلِ قد جُمِّعَت / وَفضلُها في وصفِه مُفرَدُ
يغبطُها البيتُ وأَركانُه / وَزَمزَمٌ والحِجرُ والمَسجدُ
مشهدُ سَعدٍ فضلُه باهِرٌ / ملائكُ اللَه به سُجَّدُ
وَكَيفَ لا وهو مَقامٌ لِمن / له على هام العُلى مَقعَدُ
وَموطنُ الصَفوة من هاشمٍ / يا حَبَّذا الموطِنُ والمشهَدُ
خَيرُ قُرَيشٍ نَسَباً في الوَرى / زكا به العُنصرُ والمَحتِدُ
وَخيرَةُ اللَه الَّذي قد عَلا / به العُلى والمَجدُ والسؤددُ
غُرَّتُه تَجلو ظَلامَ الدُجى / وهو الأَعزُّ الأَشرفُ الأَسعدُ
الفاتحُ الخاتِمُ بحرُ النَدى / وَبَرُّهُ وَالمنهجُ الأَقصَدُ
فضَّلهُ اللَه على رُسلهِ / وَسائرُ الرسل به تَشهدُ
آياتُه كالشَمس في نورها / أَبصَرَها الأَكمَهُ والأَرمَدُ
حنَّ إِليه الجذعُ من فُرقَةٍ / وَفي يديه سبَّح الجَلمدُ
وَالماءُ من بين أَصابيعهِ / فاضَ إلى أَن رَويَ الوُرَّدُ
وَالقَمَرُ اِنشقَّ له طائعاً / وَراحَ بالطاعة يُستَسعَدُ
وَالشَمسُ عادَت بعد لَيلٍ له / وَعَودُها طَوعاً له أَحمَدُ
وَكَم له من آيةٍ في الوَرى / دانَ لَها الأَبيَضُ والأَسودُ
حديثُها ما كانَ بالمُفتَرى / وَالصبحُ لا يَخفى ولا يُجحَدُ
فيا رَسول اللَه يا خَيرَ من / يقصدُهُ المُتهمُ والمُنجدُ
سمعاً فدتكَ النَفسُ من سامع / دَعوةَ داعٍ قَلبُه مُكمَدُ
دَعاكَ والوَجدُ به مُحدِقٌ / لعلَّ رُحماكَ له تُنجِدُ
طالَ بيَ الأسرُ وطالَ الأَسى / وَما عَلى ذلك لي مُسعِدُ
قَد نفدَ الصَبرُ لما نالَني / وَكَيفَ لا يَفنى ولا يَنفَدُ
فالغارَةَ الغارةَ يا سيّدي / فإنَّكَ المَلجأ وَالمَقصِدُ
حبُّك ذُخري يومَ لا والدٌ / يُغني ولا والدةٌ تُسعِدُ
وَأَنتَ في الدارين لي موئلٌ / إذا جفا الأَقربُ والأَبعدُ
فاِكشف بَلائي سيِّدي عاجِلاً / علَّ حَراراتِ الأَسى تَبرُدُ
وأدنني منك جِواراً فقد / ضاقَ بيَ المضجَع والمرقَدُ
وَبَوِّئَنّي طَيبَةً مَوطِناً / فإنَّها لي سابقاً مَولِدُ
وَهي لَعمري مَقصِدي والمُنى / لا الأَبلقُ الفَردُ ولا ثَهمَدُ
ثُمَّ سلامُ اللَه سبحانَهُ / عليك صَبٌّ دائمٌ سَرمدُ
وَآلِك الغرِّ الكرام الألى / لهم أَحاديثُ العلى تُسنَدُ
ما غَرَّدت في الروض أَيكيَّةٌ / وَما زهت أَغصانُها الميَّدُ
وَما غدا ينشدُنا مُنشدٌ / يا عَينُ هَذا المُصطَفى أَحمَدُ
رأَيتُ قَوماً من بني هاشمٍ
رأَيتُ قَوماً من بني هاشمٍ / دنَوا من العَليا وما أبعدوا
قد وَصَفوا بالحمد آباءَهم / وأَظهروا في المَجدِ ما شيَّدوا
حتّى إِذا ما سأَلوا عن أَبي / قُلتُ لهم أَنَّ أَبي أَحمَدُ
قُم هاتِها كالنارِ ذات الوَقود
قُم هاتِها كالنارِ ذات الوَقود / تَسطعُ نوراً في لَيالي السُعود
واِستَجلها عَذراءَ قد رَقَّصت / نَدمانها إِذ هُم عليها قُعود
واِستَلبت بالسُكر أَلبابَهم / وهم على ما فعلَتهُ شُهود
جنودُها الأَفراحُ عند اللِقا / فهل أَتى القومَ حَديثُ الجنود
قد جَعَلوا قِبلَتَهم دَنَّها / فهم حوالَيها قيامٌ سُجود
كأَنَّها في الكأس ياقوتَةٌ / ذابَت لِفَرطِ الوَقد بعد الجمود
ما اِفترَّ منها الثغرُ إلّا غَدت / تُجلى على خُطّابها في عُقود
يُديرُها أَغيد عَذبُ اللَمى / تَشابَهت منها ومنه الخُدود
لا يمزجُ الراحَ إذا صبَّها / في الكأس إلّا مِن لَماه البَرود
لَو لَم تَطِب بالمَزجِ من ثغرِهِ / ما طابَ للعشّاقِ منها الورود
ما فيه من عَيبٍ سوى أَنَّه / لا يَحفظُ العهدَ وَيَنسى الوعود
أَو غادَةٌ هَيفاءُ مَجدُولَةٌ / قد أَثمرَت قامَتُها بالنُهود
إذا جَلت راحتُها راحَها / تَمنَحُكَ الوَصلَ وَتَمحو الصُدود
في رَوضَةٍ غَنّاءَ مَطلولَةٍ / تَبسطُ للصَحب خدودَ الورود
تَبَسَّم البَرقُ بأَرجائِها / وَقَهقَهَت في حافَتيها الرُعود
فَغَنَّت الورقُ على أَيكها / وَهَزَّت الأَغصانُ هيفَ القُدود
كأَنَّما وَرقاؤُها قَينةٌ / قد جَسَّتِ الأَوتارَ والغُصن عود
فَبادِرِ اللَذّاتِ في وَقتِها / فَما مَضى يا صاحبي لا يَعود
أَما تَرى نَيروزَها قد أَتى / يَميسُ في وَشي الرُبى في بُرود
وَأَضحَكَ الأَزهارَ في رَوضِها / ونبّه الأَطيارَ بعد الهجود
وَدَبَّجَ الرَوضَ بأَلوانِه / حُسناً وأَحيا الأَرضَ بعد الهُمود
وَأَلبسَ الآفاقَ من وَشيهِ / مَطارفاً خُضراً وَبيضاً وسود
وَالصبحُ قد أَسفرَ عَن غُرَّةٍ / منيرةٍ أَشرق منها الوجود
كأَنَّه حين بَدا مُسفِراً / وَجهُ حُسينٍ حين يَلقى الوفود
السَيّدُ الماجِدُ مَن أَذعَنَت / له الوَرى من سَيِّد أَو مَسود
وَالطاهِرُ الأَصلِ الكَريم الَّذي / قد طُهُرَت بالنَصِّ منه الجُدود
وَالحافظُ العهد إذا ما نُسي / عندَ كرام القَوم حِفظُ العُهود
كَم كَرَمٍ نَتلوهُ من فَضلِهِ / كرامةً لا يَعتَريها جُحود
وَقِصَّة النائب في كيده / عَلى عُلاه من أَدَلِّ الشُهود
لا زِلتَ منصوراً أَبا ناصِرٍ / عَلى عَدوٍّ وَحَسودٍ عَنود
ولا بَرحتَ الدَهرَ في نِعمَةٍ / مَحسودَةٍ تَصدَعُ قَلبَ الحَسود
واِستَملها غَرّاءَ منظومَةً / كالعِقد في لَبَّة جيداءَ رود
وافت تهنّيكَ بنصرٍ على / شانٍ لَدودٍ من محبٍّ وَدود
فَدُم مَدى الأَيّام مُستَبشِراً / بعزّةٍ إِقبالُها في صُعود
ما غرَّدَت في الرَوضِ أَيكيَّةٌ / وَزَمزَمَ الحادي بِوادي زَرود
لما رأَت عينيَ عينَ الَّذي
لما رأَت عينيَ عينَ الَّذي / عادَ لِقُربي بعد إِبعادي
قالَت لِقَلبي لا تَشَكَّ الصَدى / ما أَقربَ العين من الصادي