نَبَّهتُهُم مِثلَ عَوالي الرِماح
نَبَّهتُهُم مِثلَ عَوالي الرِماح / إِلى الوَغى قَبلَ نُمومِ الصَباح
فَوارِسٌ نالوا المُنى بِالقَنا / وَصافَحوا أَعراضَهُم بِالصِفاح
لِغارَةٍ سامِعُ أَنبائِها / يَغَصَّ فيها بِالزَلالِ القَراح
لَيسَ عَلى مُضرِمِها سُبَّةٌ / وَلا عَلى المُجلِبِ مِنها جُناح
دونَكُمُ فَاِبتَدِروا غُنمَها / دُمىً مُباحاتٍ وَمالٌ مُباح
فَإِنَّنا في أَرضِ أَعدائِنا / لا نَطَأُ العَذراءَ إِلّا سَفاح
يا نَفسُ مِن هَمِّ إِلى هِمَّةٍ / فَلَيسَ مِن عِبءِ الأَذى مُستَراح
قَد آنَ لِلقَلبِ الَّذي كَدَّهُ / طولُ مُناجاةِ المُنى أَن يُراح
لا بُدَّ أَن أَركَبَها صَعبَةً / وَقاحَةً تَحتَ غُلامٍ وَقاح
يُجهِدُها أَو يَنثَني بِالرَدى / دونَ الَّذي قُدِّرَ أَو بِالنَجاح
الراحُ وَالراحَةُ ذُلُّ الفَتى / وَالعِزُّ في شُربِ ضَريبِ اللَقاح
في حَيثُ لا حُكمٌ لِغَيرِ القَنا / وَلا مُطاعٌ غَيرَ داعي الكِفاح
ما أَطيَبَ الأَمرَ وَلَو أَنَّهُ / عَلى رَزايا نَعَمٍ في مَراح
وَأَشعَثِ المَفرِقِ ذي هِمَّةٍ / طَوَّحَهُ الهَمُّ بَعيداً فَطاح
لَمّا رَأى الصَبرَ مُضِرّاً بِهِ / راحَ وَمَن لَم يُطِقِ الذُلَّ راح
دَفعاً بِصَدرِ السَيفِ لَمّا رَأى / أَلّا يَرُدَّ الضَيمَ دَفعاً بِراح
مَتى أَرى الزَوراءَ مُرتَجَّةً / تُمطَرُ بِالبيضِ الظُبى أَو تُراح
يَصيحُ فيها المَوتُ عَن أَلسُنٍ / مِنَ العَوالي وَالمَواضي فِصاح
بِكُلِّ رَوعاءَ عُظَينِيَّةٍ / يَحتَثُّها أَروَعُ شاكي السِلاح
كَأَنَّما يَنظُرُ مِن ظِلِّها / نَعامَةً زَيّافَةً بِالجَناح
مَتى أَرى الأَرضَ وَقَد زُلزِلَت / بِعارِضٍ أَغبَرَ دامي النُواح
مَتى أَرى الناسَ وَقَد صُبِّحوا / أَوائِلَ اليَومِ بِطَعنٍ صُراح
يَلتَفِتُ الهارِبُ في عِطفِهِ / مُرَوَّعاً يَرقُبُ وَقعَ الجِراح
مَتى أَرى البيضَ وَقَد أَمطَرَت / سَيلَ دَمٍ يَغلِبُ سَيلَ البِطاح
مَتّى أَرى البَيضَةَ مَصدوعَةً / عَن كُلِّ نَشوانَ طَويلِ المِراح
مُضَمَّخِ الجيدِ نَؤومِ الضُحى / كَأَنَّهُ العَذراءُ ذاتُ الوِشاح
إِذا رَداحُ الرَوعِ عَنَّت لَهُ / فَرَّ إِلى ضَمِّ الكِعابِ الرَداح
قَومٌ رَضوا بِالعَجزِ وَاِستَبدَلوا / بِالسَيفِ يَدمى غَربُهُ كاسَ راح
تَوارَثوا المُلكَ وَلَو أَنجَبوا / لَوَرَّثوهُ عَن طِعانِ الرِماح
غَطّى رِداءُ العِزِّ عَوراتِهِم / فَاِفتُضِحوا بِالذُلِّ أَيَّ اِفتِضاح
إِنِّيَ وَالشاتِمَ عِرضي كَمَن / رَوَّعَ آسادَ الشَرى بِالنُباح
يَطلُبُ شَأوي وَهوَ مُستَيقِنٌ / أَنَّ عِناني في يَمينِ الجِماح
فَاِرمِ بِعَينَيكَ مَلِيّاً تَرى / وَقعَ غُباري في عُيونِ الطِلاح
وَاِرقَ عَلى ظَلعِكَ هَيهاتَ أَن / يُزَعزَعَ الطَودُ بِمَرِّ الرِياح
لا هَمَّ قَلبي بِرُكوبِ العُلى / يَوماً وَلا بَلَّ يَدَيَّ السَماح
إِن لَم أَنَلها بِاِشتِراطٍ كَما / شِئتُ عَلى بيضِ الظُبى وَاِقتِراح
أَفوزُ مِنها بِاللُبابِ الَّذي / يُغني الأَماني نَيلُهُ وَالصُراح
فَما الَّذي يُقعِدُني عَن مَدىً / لا هُوَ بِالنَسلِ وَلا بِاللِقاح
طُلَيحَةٌ مَدَّ بِأَضباعِهِ / وَغَرَّ قَبلي الناسَ حَتّى سَجاح
يَطمَحُ مَن لا مَجدَ يَسمو بِهِ / إِنّي إِذا أُعذَرُ عِندَ الطَماح
وَخِطَّةٍ يَضحَكُ مِنها الرَدى / عَسراءَ تَبري القَومَ بَريَ القِداح
صَبَرتُ نَفسي عِندَ أَهوالِها / وَقُلتُ مِن هَبوَتِها لا بَراح
إِمّا فَتىً نالَ العُلى فَاِشتَفى / أَو بَطَلٌ ذاقَ الرَدى فَاِستَراح