القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 2
قُمْ هاتِها من كفّ ذاتِ الوِشاحْ
قُمْ هاتِها من كفّ ذاتِ الوِشاحْ / فقَد نَعى اللّيلَ بشيرُ الصّباح
واحللْ عُرَى نومكَ عن مُقلَةٍ / تَمْقُلُ أحداقاً مِراضاً صحاح
خَلِّ الكرَى عَنكَ وخُذْ قَهْوَةً / تُهدي إلى الرّوحِ نسيمَ ارتياح
هذا صَبُوحٌ وَصَبَاحٌ فما / عُذْرُكَ في تَرْكِ صَبُوح الصّباح
باكِرْ إلى اللّذّاتِ وارْكَبْ لها / سَوابقَ اللّهوِ ذواتِ المِراح
من قبل أنْ ترشُفَ شمسُ الضّحى / ريقَ الغوادي من ثُغُورٍ الأقاح
أو يطويَ الظلُّ بساطاً إذا / ما بَرِحَ الطلّ له عنْ بَرَاح
يا حَبّذا ما تبصرُ العينُ مِنْ / أنْجُمٍ راحٍ فوقَ أفلاكِ راح
في روضةٍ غنّاءَ غنّتْ بها / في قُضُبِ الأوْراقِ وُرْقٌ فِصَاح
لا يعرفُ النّاظرُ أغصانَها / إذا تثنتْ من قدودِ الملاح
كَأنّ مفتوتَ عبيرٍ بها / مُطَيّبٌ منه هُبوبُ الرّياح
من كلّ مقصورٍ على رنّةٍ / لو دمَعَتْ عَينٌ له قلتَ ناح
أو ساجعٍ تحسَبُ ألحانَهُ / مِن كُلّ نَدمانٍ عَلَيهِ اقتراح
إنْ قيل بَدّلْ بُدّلَتْ نَغْمَةٌ / منه كأنّ الجِدّ منها مُزاح
يا صاحِ لا تصحُ فكمْ لذّةٍ / في السكرِ لم يَدْرِ بها عيشُ صاح
وأَركبْ زماناً لا جماحٌ لهُ / من قبْلِ أنْ يحدثَ فيه الجماح
قلتُ لحادينا وكأسُ السرى / دائِرَةٌ من كَفّ عَزْمٍ صُرَاح
والعيسُ في شِرّةِ إرقالها / تلطِمُ بالأيدي خدودَ البطاح
لا تُطْمِعِ الأنضاءَ في راحةٍ / وإن وصلنا بغدوٍّ رواح
من كلّ مثل الغَرْبِ مَمْلُوءَةٍ / أيناً فما تَنْشَطُ عندَ امتِياح
فهي سخيّاتٌ وإنْ خلتها / بما أنالَتْ من ذميلٍ شحاح
تمتحُ بالأَرسانِ أرْماقَهَا / إِلى الرَشيدِ المَلِكِ المُستَماح
إنّ عُبَيدَ اللَّه منه انتَضَت / يمانيَ البأسِ يمينُ السّماح
مَلْكٌ به تُخْتَمُ أهْلُ العُلَى / إِذا بدا فَبِأَبيهِ افتِتاح
وعمّ منهُ الذلُّ أهلَ الخنى / وعمَّ منْهُ العزُّ أهلَ الصّلاح
مستَهدِفُ المعروفِ سمحٌ لهُ / عِرْضٌ مَصُونٌ وثناءٌ مباح
يخفضُ في المُلْكِ جنَاحَ العُلى / لم يَرْفَعِ القَدْرَ كخفضِ الجَناح
تمهرُ أرواحَ العدى بيْضُهُ / إذا أرادتْ من حروبٍ نكاح
فكلّما غَنّتْهُ في هامهم / أبْقَتْ على إثْرِ الغناءِ النّياح
كَمْ ليلَةٍ أشرَقَ في جُنحِها / بخضرمِ الجَيشِ إلال الصّباح
تسري بها عقبانُ راياتِهِ / مهتَدياتٍ بنُجومِ الرّماح
حوائِماً تحسبُ في أُفْقِهِ / مَجَرّةَ الخَضراءِ ماءً قراح
كأنّها والرّيحُ تَهفُو بهَا / قلوبُ أعدائِكَ يومَ الكِفاح
كَمْ مأزِقٍ أصدرتْ عن أُسْدِهِ / حُمْراً خَياشيمَ القنا والصفاح
يَفتَح في سَوْسَانِ لَبّاتِهِم / بنفسجُ الزّرْقِ شقيقَ الجراح
كأنّ أطرافَ الظُّبَى بينَهُمْ / تفلقُ فوقَ الهامِ بيضَ الأداح
أقبلتَهُمْ كلّ وجيهيَّةٍ / تضيّقُ العُمْرَ خطاها الفساح
كأنّما ترشَحُ أبصارُهَا / بما اغتَذَتْهُ من ضَريبِ اللّقاح
لولاك يا ابن العزّ من يَعْرُبٍ / لم تَلجِ الآمالُ بابَ النّجاح
ولا تَلَقّى الفَوزَ إذ سوهموا / بنو القوافي من مُعَلّى القداح
فانْعمْ بعيدٍ قد أتى ناظماً / كلُّ لسانٍ لك فيه امتداح
فقد أرتنا في ابتذالِ اللّهَى / كفُّكَ أفعالَ المُدَى في الأضاح
من شاءَ أنْ تَسْكَرَ راحٌ بِرَاحْ
من شاءَ أنْ تَسْكَرَ راحٌ بِرَاحْ / فليَسْقِها خَمْرَ العيون الملاحْ
فإنّها بالسّحرِ ممزوجَةٌ / أمَا تَرَاها أسكَرَتْ كلّ صاح
فَما تَرى من شربها في الصّبا / في رِبْقَةِ السكرِ فهل من سَرَاح
يا من لِموصولِ الشَجا بالشجا / فليسَ للتّبريح عنه بَرَاح
تُشْرِقُ حولَيه الوجوهُ الَّتي / للبَدرِ والشَمسِ بِهنّ افتضاح
وا رحمتا للصبّ من لَوعةٍ / بكلّ ريّا الحقف صِفرِ الوشاح
يمشي اختيالُ التيه في مشيها / فعدِّ عن مَشْيِ قطاةِ البطاح
ألْقَى الهَوَى العذريُّ في حجره / حرب الغواني والعدى واللّواح
لو حملت منه قلوبُ العدى / جراحَ قلبٍ ما حَمَلْنَ الجراح
وجدي غريبٌ ما أرى شَرْحَهُ / يُوجَدُ في العَينِ ولا في الصّحاح
وإنّما يُحْسِنُ تفسيرَهُ / دَمْعٌ حِمَى السرّ به مُسْتَباح
إنْ مَسّني الضرُّ بِقَرْحِ الهَوى / فبرءُ دائي في الشرابِ القراح
من ظَبيةٍ تنفرُ من ظِلّها / وإن غدا الظلّ عليها وراح
ففي ثناياها جَنَى ريقةٍ / يا هل ترشّفْتَ النّدى من أقاح
كم من يدٍ قد أطْلَعَتْ في يدي / نجمَ اغتباقٍ بعد نجمِ اصطباح
من قهوةٍ في الكأسِ لمّاعةٍ / كالبرقِ شُقّ الغيمُ عنه فلاح
سخيّة بالسكر مَرّتْ على / دنانِها بالختم أيْدٍ شحاح
وهي جَمُوحٌ كُلّما أُلْجِمَتْ / بالماءِ كَفّتْ من غلوّ الجماح
كأنّما الكأسُ طلا مُغْزِلٍ / مُرْوِيَةٍ بالدَّرّ منه التياح
كأنّما الإبريقُ في جسمها / يَنفخُ للندمانِ رُوحَ ارتياح
في روضةٍ نَفْحَتُها مِسْكَةٌ / تُهْدى إلينا في جيوب الرّياح
تميسُ سُكْراً فكأنّ الحيا / باتَ يُحَيّيها بكاساتِ راح
كأنّما أشجارُها مَنْدَلٌ / إن لَذَعَتْهُ جَمْرَةُ الشمس فاح
كأنّما القَطْرُ به لؤلؤٌ / لم يجرِ منه ثُقَبٌ في نِصَاح
كأنّ خُرْسَ الطيرِ قد لُقّنَتْ / مَدْحَ عليٍّ فتغنّتْ فِصَاح
أرْوَعُ وَضّاحُ المحيّا كما / قابَلتَ في الإشراقِ بشرَ الصّباح
مُعَظَّمُ الملك مُقِرٌّ له / بالملك حتى كلّ حيّ لَقَاح
مجتمعُ الطعمينِ في طبعه / تَوَقُّدُ البأسِ وفَيْضُ السّماح
يُضْحِكُ في الغرب ثغورَ الظُّبا / وهنّ يُبْكِينَ عُيُونَ الجراح
مَهّدَ في المهديتين العلى / وعمّ منه العدلُ كلّ النّواح
والمُلْكُ إن قامَ به حازِمٌ / أضحى حِمىً والجدّ غيرُ المزاح
في سرجه اللّيثُ الَّذي لا يُرَى / مفترساً إلّا ليوثَ الكِفاح
كأنّما سَلّ على قِرْنِهِ / من غمده سيفَ القضاءِ المُتَاح
ذو هِمّةٍ شَطّتْ عُلاه فما / تُدْركُ بالأبصارِ إلّا التِماح
من حِمْيَرِ الأمْلاكِ في منصبٍ / ذو حسبٍ زاكٍ ومجدٍ صراح
أعاظِمٌ لم يمحُ آثارَهُمْ / دهرٌ لما خطَّته يمناهُ ماح
هُمُ اليَعاسيبُ لدى طَعْنِهِمْ / إنْ شوّكوا أيمانَهُمْ بالرّماح
كم لهمُ في الأُسْدِ من ضربَةٍ / كما سجاياهُ قريع اللّقاح
إن ابنَ يحيَى قد بَنى للعُلى / بيتاً فأمسى وهو جارُ الضراح
وصالَ بالجِدّ منوطاً به / جَدٌّ له الفوزُ بضربِ القداح
والصارمُ الهنديّ يسقي الردى / فكيفَ إن سُقّيَ مَوتاً ذباح
آراؤه في الرّوع أعْدى على / أعدائِهِ من مُرْهَفَاتِ السّلاح
وبطشُهُ ما زالَ عن قُدْرَةٍ / يُغْمِدُ في الصّفح شِفَارَ الصّفاح
لا تصدرُ الأنفسُ عن حُبِّهِ / فإنّهُ للسيّئاتِ اجتراح
كم طامحِ الألحاظِ نَحْوَ العُلَى / إذا رآهُ غَضَّ لحظَ الطّماح
وربّ ذئبٍ ذي مراحٍ فإن / عنّ له الضرغامُ خلّى المراح
يا طالِبَ المعروفِ ألْمِمْ به / تَخْلَعْ على المطلوبِ منك النجاح
نداهُ يُغني لا نَدَى غَيرِهِ / من للذُّنَابَى بِغَنَاءِ الجناح
فخلِّ مَنْ شَحّ على وفره / لا تُقْدَحُ النّارُ بزندٍ شحاح
فالربعُ رحبٌ والندى ساكبٌ / والعيشُ رغدٌ والأماني قماح

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025