قُم هاتِها حَمراءَ قَبلَ المَزاج
قُم هاتِها حَمراءَ قَبلَ المَزاج / تَسطَعُ نوراً في كؤوس الزُجاج
كأَنَّها في كأَسِها لمحةٌ / من بارقٍ أَو لَمعَةٌ من سِراج
عَذراءُ قد أَلبَسها إذ بدت / حَبابُها الدُرّيُّ عِقداً وَتاج
يُديرها أَغيدُ ساجي الرَنا / أَحوى رَشيقُ القَدِّ حلوُ المِزاج
يَهتَزُّ كالغُصن إذا ما مَشى / ورِدفُه من مَشيه في اِرتجاج
إِذا رآه عاذلي مُسفِراً / لجلجَ في القَول وكفَّ اللجاج
بادر إِلى اللَّذّات في وَقتِها / واِفتح لِداعي الأُنسِ عنها رِتاج
واِصطَبح الراحَ فقد أَشرَقَت / وَالصبحُ إِشراقه في اِنبِلاج
أَما ترى يا صاحِ زَهرَ الرُبى / ماجت به الريحُ سُحيراً فَماج
وَالجوُّ قد أَرَّجَ أَرجاءَه / وَالروضُ من قَطر النَدى في اِبتهاج
وَالريحُ هَبَّت موهِناً نشرُها / يَملأ بالطيب الرُبى والفِجاج
إنّي اِمرؤٌ لَيسَ لدائي سِوى / هذي الَّتي أَنعَتُها من عِلاج
فاِشرَح بها لا روَّعتك النَوى / صَدراً لهمِّ البَينِ فيها اِعتِلاج
لِلَّه طَيفٌ من حَبيبٍ نأى / سَرى يَخوضُ اللَيلَ وَاللَيلُ داج
مرَّ بنا لكنَّه لم يَعُج / ما ضَرَّه إذ مَرَّ لو كانَ عاج
آهٍ لعصرٍ نلتُ فيه المُنى / بحاجَةٍ قضَّيتها بعد حاج
يا لَيتَهُ لو عادَ يَوماً فَقَد / عادَ فُراتُ الماءِ عِندي أجاج
وَاللَه ما هَيَّج ذكرُ الحِمى / وَجدي بِذاكَ الحيِّ إلّا وَهاج