لَولا علوّ النَفس وَالهمّةِ
لَولا علوّ النَفس وَالهمّةِ / وَعزة فيها عَن الذلَّةِ
أَو خشية من أَن يَراني الوَرى / أنِّي لخلق أَشتكي عسرَتي
ما ردّني عَن نيل ما أَبتغي / دَهر وَإِن عادى فَلَم يَثبت
وَربما قَد لامَني جاهلٌ / في تَركيَ المَسعى وَإِن أكدت
نعم اِنّهُ لامَ عَلى خبرة / كَما تركت السَعي عَن خبرة
رَأَيت أنَّ الجَدَّ ما لَم يُشَبْ / بِالذلِّ لا يُدنيك من عزة
فَقُلت خليها لأَربابها / فَغاية المحيا إِلى موتة
وَما يَضر المَرء فَقدُ الغِنى / ما دام في ستر عن الحاجة
وَلَيسَ من عَيب سِوى جَهلة / أَو خِسَّةِ الآباء وَالعترة
فَدَعهُ يَرقى في السَما مَنزِلاً / أَلَيسَت الأُخرى إِلى حفرة
وَقل لَهُ بِالأنس لا يَزدَهي / فَإِن عقباه إِلى وحشة
وَقُل لجمع الجَمع لا تركنوا / فَإِنهُ رَهن إِلى الوَحدة
إِني أَقول الحَق حَقاً كَما / أَزيِّنُ الأَشعار بالحكمة
ما قيمة الدُنيا فَتَسعى لَها / وَما هِيَ الدُنيا لذي الفطنة
ما تلكَ إِلا مَنزلٌ ضَيفه / يَحلّه في أهبة الرحلة
فَلا تَقي جسماً سَيلقى الرَدى / وَلا تَصُن نفساً إِلى ضيعة
وَكَيفَ تَهوى أن تَزِين البنا / وَأَنتَ لَم تحفظ قوى البنية
فَيا أَخي بِاللَه فكِّر وَقُل / ما أَحوَج الإِنسان للفكرة
هذا الَّذي نَدري وَنَقضي بِهِ / وَاللَه يَهدي سبلَنا للتي
وَإِن يَكُن ذو غاية لائِماً / فَإِننا لَسنا ذَوي غاية