المجموع : 4
عَلَيْكُمُ جَانَبْتُ أَصْحَابِي
عَلَيْكُمُ جَانَبْتُ أَصْحَابِي / وفيكُمُ عادَيْتُ أَحْبَابِي
ولم أَزَلْ أُطْنِبُ في شُكْرِكُمْ / غايَةَ ما يَبْلُغُ إِطْنَابِي
وانْتَهَتِ الحالُ إِلى أَنَّني / جعلتُكُمْ قِبْلَةَ مِحْرابي
وكانَ لي رَبٌّ صَلاتِي لَهُ / فانْقَسَمَتْ فيكُمْ لأَرْبابِ
وكانَ ظَنِّي بكُمُ صادِقاً / فَغَرَّنِي مِنْهُ بِكَذَّاب
الحمدُ لِلَّهِ وإِنْ كُنْتُمُ / رُحْتُمْ عَنِ الشُّهْدِ إِلى الصَّابِ
لا أَدَّعِي السُّلوانَ عن حبِّكمْ / كلاًّ ولا أَكْتُمُ أَوْصَابي
كُنْتُمْ على كَثْرَةِ وَصْلِي لكمْ / تُبْدُونَ لِي أَوْجُهَ طُلاَّبِ
فأَنْثَنِي تِيهاً بلقياكُمُ / قد ضَاقَ بي أَوْسَعُ أَثوابي
فصِرْتُ إِنْ جئتُ إِلى دارِكُمْ / أَجيءُ في صورَةِ مُرْتَابِ
تظْهَرُ لِلْعَيْنِ ملالاتُكُمْ / وإِن رأَتْكُمْ بعدَ إِغبابِ
وإِنْ تحدَّثتُ على بابِكمْ / كَأَنَّنِي لستُ على البابِ
آذيتموني باستحالاتكمْ / حتى تَهَزَّأْتُ بآدابي
غيريَ قد أَصبحَ أَوْلَى بكُمْ / وغيركم أَصبحَ أَولَى بي
أبعد شَيْبي لشبابي إيابْ
أبعد شَيْبي لشبابي إيابْ / هيهاتَ لا يرجع شرخُ الشبابْ
أم هلْ لمن عرّضني للعِتابْ / وهل يُرجّى بعد ذا الاجتنابْ
فالقلبُ مني في أليمِ العذابْ / ودمعُ عينيّ كقطرِ السّحابْ
وظبيةٍ مثلِ ظِباءِ الشِّعابْ / رقيقةِ الخدّيْن مثل الشّرابْ
في ثغرها الشّهْدُ لعمري مُذابْ / طُوبى لمنْ يرشُفُ ذاك الرُضابْ
في كفّها حمراء مثلُ الشِّهابْ / صافيةٌ رقّتْ كمِثلِ السّراب
تذهبُ بالحقدِ معا والضِّباب / لها بشخصين ربوعٌ خراب
ومنزلٍ بالجزعِ منهم يَبابْ / كنتُ به مع زينبٍ والرَّباب
وهلْ مع الدهرِ يدومُ اصطحابْ / أُصبحُ في ظُفْرٍ له ثمّ نابْ
درّتْ عليه غادياتُ الرّبابْ / فأظهرَتْ بُرْداً بلونٍ عُجابْ
قد رقمَتْهُ ثم أيدي السّحابْ / ومَهْمهٍ قفرٍ كثير الهضابْ
فيه الشماريخُ وصُمُّ الصِّلاب / به المها والعِينُ ثمّ الذئابْ
قطعْتُه إبّان عصر الشّبابْ / والشمسُ إذ ذلك تحت الحجابْ
والليلُ من فوقِ الرُبى كالخِضابْ / بمُنطوي الأحشاءِ طيّ الكتابْ
أقَبّ شاطٍ أسودٍ كالغراب / تراه كالأجدلِ في الانتِصابْ
وحين ينقَضُّ كمثلِ العُقابْ / أو فكلَمْحِ البرقِ أو كالشِّهابْ
وكان فيما قد فعلْتُ الصّواب / حتى أتينا مَن إليه الرِّكابْ
نَبغي إماماً ظلّ فوق الرِّقابْ / لأن جدواهُ كماءِ السَّحابْ
وليلةٍ أطلعْتَ في جِنْحِها
وليلةٍ أطلعْتَ في جِنْحِها / شمساً من الصهباءِ لم تحتجِبْ
أنشأتَ حرباً بين فُرسانِها / تجري بنا فيها خيولُ الطّرَبْ
أرماحُها الشمعُ وأسيافها / نارُ الغَضى والدمُ ماءُ العِنَبْ
نسمحُ للرّاحِ بأرواحِنا / لكننا نرجعُ فيما نهبْ
تحت سماءٍ من دُخانٍ لها / وثْبُ شَرار كانقِضاضِ الشُهُبْ
إذا النّسيمُ اشتقّ أغصانَها / حسبْتَها ألسنةً تصطخِبْ
وانتصبَ الشمْعُ فكلّفتَهُ / أن يُطلعَ الأترُجّ فوقَ الذّهبْ
أشارَ من شدةِ إشفاقِه
أشارَ من شدةِ إشفاقِه / بالصّبْرِ والحِميةُ رأيُ الطبيبْ
وثِقتُ بالودّ وصدقِ الوفا / منه وقد يخطئُ سهمُ المُصيب