المجموع : 6
لِلَّهِ أيامي بقليوبِ
لِلَّهِ أيامي بقليوبِ / والعيشُ مُخضَرُّ الجَلابيبِ
والطيرُ في الأغصان فَتّانة / ما بين تَلْحين وتَطْريب
والشمس في المَغربِ مُصْفَرَّة / كعاشق من بعدِ محبوب
وجُلَّنار بين أغصانه / يُبدِي أفانينَ الأَعاجيب
كزَعْفرانِ لاحَ في لاذةٍ / حمراءَ في راحةِ مخضوب
وغاضبٍ غالَط عن شَيْبِهِ
وغاضبٍ غالَط عن شَيْبِهِ / كأنما دُلَّ على عَيْبِهِ
لو كان أَبْقاهُ على حالِه / ما أَلْجَأ الناس إلى رَيبْه
قد رامَ أَنْ يَخْفَى ومن خَلَفِه / أَدِلةٌ تُعْرِب عن غَيْبِه
والشيبُ كالسيل إذا ما طما / لم تَدْرِ ما يمنع من شَييْبِه
يا نفسُ ما عيشُك بالدائبِ
يا نفسُ ما عيشُك بالدائبِ / فقَصِّري من أملٍ خائبِ
وَيْكِ أَما يكفيك أن تُبِصري / جَنائزا تنقَل بالراتب
بالطفلِ والبالغِ والمُبتدى / شبابَه والكَهْلِ والشائب
من والدٍ أو ولد أو أخٍ / أو من غريبٍ عنكِ أو صاحِب
فهل تَبَقَّى لك من حُجّةٍ / إلا غرور الأمل الكاذب
أمَا عجيبٌ أنّ ذا كلَّه / موفر في شره الكاسب
لو لم يكن شيءٌ سوى الموتِ كا / ن الزهدُ في الدنيا من الواجب
أو لم يكن موتٌ لكانتْ هم / ومُ الدهرِ تَنْفِى رغبةَ الراغب
فكيفَ والإنسانُ من بعدِه / مُناقَشٌ من عالمٍ حاسِب
قد أَنْذَرَ الوعظُ وأَسْماعُنا / عن كلِّ ما يذكرُ في جانب
شُرْبُك حبَّ الفهمِ صعبٌ فلا
شُرْبُك حبَّ الفهمِ صعبٌ فلا / يَغرُّك ألأمرُ بأنْ تَشْرَبَهْ
لكنَّ للنسيانِ حُبّا وقد / صح لبعض الناس بالتجربْه
وشَرْحُه عند أبي عامر / فلا يَفوتَنَّك أنْ تكتبه
ففَهْمُهُ يُنْبِيك عن صِدْقه / بشاهدٍ كَذَّب مَنْ كَذَّبه
لو كان بالنسيانِ يُحْوَى العُلا / صَحَّ له أَرفعُها مَرْتبه
احفَظْ ولا تَنْسَ فإنْ لم تَكُنْ
احفَظْ ولا تَنْسَ فإنْ لم تَكُنْ / تَحفظُ فازْدَدْ رغبةً في الطَّلَبْ
فالطالبُ الأَبْلهُ مَعْ ما به / أفضلُ من ذي فِطْنٍة م طَلَب
كم ناظر ضَلَّ بلا دُرْبَةٍ / فدَلَّه الأعمى الذي قد دَرِب
وذي ذكاءٍ غرَّه فهمُه / فقَصَّرت همتُه في الدَّأَب
مُتَّكِلا أنَّ له فِطْنةً / تُنِيله العلمَ متى ما طَلَب
وغَرَّه التَّسْوِيفُ حتى غَدا / ما فيه من فَضْلٍ لنقصٍ سَبَب
يا ناظِرا يَعْجَب مما رأى
يا ناظِرا يَعْجَب مما رأى / غيرُ الذي تُبْصِرُه أَعْجَبُ
قد رفَع اللهُ لمن شادَها / منزلةً من دُونِها الكوكب
عامرةً بالشكر مأنوسةً / بالحمد لا تَفْنَى ولا تَخْرب
هِمَّتُه في تلك مرفوعة / وجُودُه في هذه يَقْرُب
لا سَلب اللهُ له نعمةً / فإنها لاشك لا تُسْلَب