قد طَلَعَ البدرُ من المَغرِبِ
قد طَلَعَ البدرُ من المَغرِبِ / فَمنْ رأى هذا ولم يَعجَبِ
والبحرُ في البحرِ أتى راكباً / في طَيِّ فُلْكٍ طيّبَ المَشرَبِ
شخصٌ إذا أقبلَ لكنَّهُ / من شخصهِ يَخرُجُ في مَوْكِبِ
في كلِّ فنٍّ ولسانٍ ترى / منهُ إماماً مُذْهبَ المَذهبِ
يعلمُ ما ليسَ لهُ عالمٌ / قارئَما قد كان لم يُكتِ
في قلبهِ من نَظَرٍ صادِقٍ / ما كذَّبَ العَينَ ولم يَكذبِ
دائِرَةُ الحِكمةِ أقلامُهُ / أعمِدةُ الحقِّ على المَنْكبِ
أحاطَ بالعِلمِ وأسرارهِ / إحاطةَ الهالةِ بالكوكبِ
وكادَ يستقصي لُغاتِ الورى / من مُعْجَمٍ فيها ومن مُعرَبِ
تستحضرُ الأمرَ لهُ فِكرَةٌ / تَستدركُ الأبَعدَ بالأقرَبِ
بَدِيهُ رأيٍ من وَقارٍ بهِ / يأبى ابتِدارَ القولِ بالمُوجَبِ
يَعفوُ على قُدرتهِ مُغضِياً / من حلِمهِ عن نَظَر المغُضَبِ
يحتالُ في التَّرْكِ لذَنبٍ فإنْ / كانَ ففي معذِرَةِ المُذنِبِ
بديعُ لُطفٍ كنسيم الصَبَا / يُهدِي الرُبى عَرْفَ الكِبا الطيّبِ
رَحْبُ النُهَى والصدرِ والباعِ وال / مَنطِقِ والدارِ كريمُ الأبِ
إن كان خيرُ الناسِ من ينفَعُ النْ / نَاسَ فقُلْ هذا ولا تَرْهبِ
ورُبما ضَرَّ حَسُوداً لهُ / أتعَبهُ جرياً ولم يتعَبِ
يا لابساً ثَوبَ سَوادٍ كما / يلبَسُ بدرٌ حُلَّةَ الغَيهَبِ
هَيَّجت بي في الشعر بعد النَّوى / وَجداً قدِيماً في الحَشا قد ربي
والشِعرُ مثلُ المُهرِ في خُلقِهِ / إن طالَ عهدُ الرَّبْطِ لم يُركَبِ