لا تتركي زورقَنا المُجْهَدا
لا تتركي زورقَنا المُجْهَدا / يجري به اليأسُ ويمضي العذابْ
لا تُسلمِي مجدافه للرَّدى / فالشاطئُ الموعودُ وشكَ اقترابْ
سيّان أرغى الموجُ أم أزْبَدا / لن نحنيَ الرأسَ أمام الصعابْ
هذي يدي مُدِّي إليها يَدا / نقتحم النوءَ ونطوِ العبابْ
نادَى بروحي منكِ روحٌ شرودْ / لبيْكِ يا رُبَّانتي الهاتفهْ
شرائعُ الناس بهذا الوجودْ / أعجزُ من أنْ تقهرَ العاطفهْ
ودِدْتُ لو حطَّمت هذي القيودْ / وجئتُ ألقاكِ على العاصفهْ
يُضيء وجهينا بريقُ الرعودْ / فننثني بالبسمةِ الخاطفهْ
وحدكِ أنتِ الآن إنَّا هنا / روحانِ شبَّا في ظلال الكفاحْ
شراعنا الخفَّاق لن يَسكُنا / لليأس مهما مزَّقتهُ الرياحْ
ونجمُنا ما زال طَلْقَ السَّنى / يُطالع الأفقَ ويلقَى البطاحْ
إذا الغواشي السُّودُ مرَّتْ بنا / ألقى لنا الضوءَ ومدَّ الجناحْ
حُبُّكِ رُبَّانُ الهدى والسلامْ / ما لان للأخطار أو أذعنَا
لا تنزِعِي من قبضتيهِ الزمامْ / ولا يَرُعْ قلبكِ هذا الضنَى
كم ثار نوء وتدجَّى ظلامْ / وهذه أنتِ وهذا أنا
إنَّا بلونا الهولَ باسم الغرامْ / جنباً لجنبٍ ورجونا المُنى
ثِقي بملَّاحكِ في المأزقِ / إنّي أنا ابنُ الموج والعاصفاتْ
الشعَراتُ البيضُ في مفرقي / تُنبِيكِ عن أياميَ الخالياتْ
آثارُ عمر مُرعدٍ مُبرقِ / تعصف فيه أروعُ الحادثاتْ
ما كدَّرَتْ من روحيَ المشرقِ / تلك الليالي القُلَّبُ المظلماتْ
حبيبتي من أيِّ قلبٍ حزينْ / وأيِّ روحٍ عبقريِّ الألمْ
وأيِّ وادٍ للأسى أو معينْ / فجَّرتِ لحناً من أرقِّ النغمْ
وصَفْتِ فيه زهرة الجورِجينْ / حارسةَ الميْتِ بوادي العَدمْ
وخِلتِها كالكأسِ ذات الرنينْ / برَّاقةً فيها الردى يبتسِمْ
بكيتِ بالدمع السخين الذريفْ / على غرامٍ خِلتِهِ قد مضى
وأبْصَرَتْ عيناكِ ظلَّ الخريف / يُجللُ الأرض ويغشَى الفضا
تخضبُ كفَّاه النضيرَ الوريف / ورْساً وتُدمِي الزنبقَ الأبيضا
وتُخرس الطير بليلٍ شفيف / يروعُ فيه القلبَ أن ينبِضا
هذا الخريف الجهمُ تمشي خُطاهْ / على الربيع الذَّابلِ المحتضَرْ
كآبةٌ تحجبُ أُفقَ الحياهْ / سحابةً تخنقُ ضوءَ القمرْ
أُختاهُ هذا الحبُّ غضٌّ صِباهْ / أيُّ عذابٍ صاغ هذي الصورْ
لم يَبرحِ الشاطئَ إنِّي أراه / كعهدِهِ في الموعد المنتظرْ
كان حديثُ القَدرِ المبهَم / مثارَ هذا الخاطر المفزعِ
برغم قلبي صحتُ لا تُقدمي / وكان ما كان فلم تسمعي
أشفقتُ أن تَشْقي وأن تألمي / معي فناشدتُكِ أنْ تَرجعي
لكنْ أبى الحبُّ فلم نأثم / وكان أن أبقى وتبقي معي
أكان حلماً أم قضاءً دعا / ماذا يُفيد العاشقين الحذرْ
شئنا فلم نقدرْ وعُدنا معا / يا أختَ روحي ذاك حكم القدرْ
لم ندَّخِرْ جهداً ولا أدمعا / ولا دماً ما نحن إلَّا بشرْ
ما أمجدَ الحبَّ وما أروعا / إذا تحدَّى العاشقان الخطرْ
الحبُّ ما زالَ وهذا سناهْ / يُلهبُ حتى الجذوةَ الخامدهْ
تذوِي الأزاهيرُ وتذوي الشفاه / وهو ربيعُ الأنفس الواجِدهْ
قلوبُنا منه تُصيبُ الحياه / وتستمدُّ النَّضرةَ الخالدهْ
إذا أضعناهُ فوارحمتاه / لنا وبؤسَى لليدِ الجاحدهْ