صدقْتَ يا برق بهذا النبا
صدقْتَ يا برق بهذا النبا / ومن ليَ اليوم بأن تكذَبا
من هِزة الحزن غدا خافقاً / سلكك أم من هِزة الكهرُبا ؟
طارت بيوم النَّحس برقيةٌ / آه على الآمال طارت هبا
شقّت على الأسماع أصداؤها / وهز فيها المشرقُ المغربا
موجزةُ اللفظ وداعي الأسى / بالحزن في أثنائها أطنبا
تكاد أن تَمرُقَ من سلكها / لو وجدت من بينه مهربا
علماً بما تحمل من خطرة / بالرغم ان تقرأ أو تكتبا
لسانُها الأخرسُ من حَلَّه ؟ / ولفظُها المعجمُ من أعربا؟
قُومي البسي بغدادُ ثوب الأسى / إن الذي ترجينه غُيِّبا
إن الذي كان سراج الحمى / يشيع في غيهبه كوكبا
بات على نهضة أوطانه / ملتهب الجمرة حتى خبا
قصرَّ من أيامه همُّهُ / أن يُنقِذ الموطن والمذهبا
قومي افتحي صدرك قبراً له / وطرزيه بوُرود الرُّبى
خُطي على صفحته :" هكذا / يُرفع من مات شهيدَ الابا "
ودرِّسي نشأك تاريخَه / فان فيه المنهج الأصوبا
رُدي إلى أوطانه نَعشَه / لا تدفني في فارس " يعربا "
لا تدعي فارس تختصه / فالولد البَرْز لمن أنجبا
شمس اضاءت ههنا حقبة / وهي هنا أجدر أن تغرُبا
كان يهزُ الصُلب من غالبٍ / ويدفع المغلوب أن يغلبا
يُهيب بالطالب أن يركب الأخطارَ / حتى يبلُغَ المطلبا
لا يأتلي ينشُد حقاً ولا / ينفك ان يُغضب أو يغضبا
كان صليب العود في دنه / وكان في آرائه أصلبا
يمنعه المبدأ أن ينثني / والدين والجَرأةُ أن يكذِبا
عفٌّ عن الدنيا سوى خُطةٍ / يذبُ عنها وكفى مأربا
ورابط الجأش متى ما يشأ / جهَّز ن آرائه مقنبا
يبغضه المعجب إذ أنه / أخو اتضاع يبغض المعجَبَا
محّص بالتجريب أيامه / وكيِّسُ الأقوام من جربا
يكاد أن يُشرب من رقة / ومن جمال الروح ان يُنهبا
شاء العلى والمجد ان يجتلى / وشاءت الاقدار ان يُحجبا
تنازع للكون في اهله / صير منا الحوَّلَ القُلبا
ما الجود في أعمارنا طولها / وإنما الجود بأن توهبا
سيان طال العمر أو لم يطُلْ / ما دامت الغاية أن يسلبا
سمعاً زعيم من نادب / عزَّ عليه اليوم ان نُدْبَا
اليومَ يَرثيك وفي أمسه / كان يُغنيك لكي تَطْرَبا
كان وما زال بأنفاسه / ينفُث كالجمر وقد ألهبا
ما دأبه العجب ولكن كفى / أنك قد كنت به معجَبا
بكل غراءَ اذا أثنشِدت / تلهي العطاش الهيم ان تشربا
تزري على الشمس اذا اشرقت / وتغرُب الشمس ولن تغربا
من أين سارت وجدت قائلاً / أهلاً وسهلاً مرحبا مرحبا
ايةٍ بلادي هل يَقيك الأذى / أني انتضيت المقول المِقْضبا
تعيا القوافي ان تصُدَّ الجوى / يغلي ويعيا الدمعُ ان ينضُبا
شيئانِ ما مثلهما لذةً / في السمع ذكراك وذكرُ الصِّبا
من فلَذٍ القلب وأنياطه / حقٌ لتمثالكَ أن يُنصبا