المجموع : 141
حاجَيْت فضلاً وهو ذو فطنةٍ
حاجَيْت فضلاً وهو ذو فطنةٍ / ما زال للحكمة درَّاسا
ما هَنَةٌ عمَّت بني آدمٍ / يعير الناس بها الناسا
يَعتمدُ العامدُ إتيانَها / فلا يرى القومُ بها باسا
حتى إذا جاء بها فلتةً / نكَّسَ من سَوْءتها الراسا
يا وهبُ ذو الضرطةِ لا تبتئس / فإن للأستاه أنفاسا
قد تنطق الأستاهُ في مجلسٍ / وتُملأ الأفواهُ إخراسا
فاضرط لنا أخرى بلا حِشمةٍ / كأنما خرَّقت قِرطاسا
لتُؤنس الأولى بها مُحسِناً / فإنها تَطلبُ إيناسا
ما رَشَأ الأنس بمستأنِسِ
ما رَشَأ الأنس بمستأنِسِ / إلى بياض الشَعَر المُخْلسِ
بل صَدْفةُ المبغض من حُكمه / في الشيب تتلو نظرة المُبلِس
وصحبةُ المعتِم من شأنِه / وليس منه صحبةُ المغلس
ماذا على الدهر وعَوداته / لو صاح يا ليل الصِّبا عسعس
فاسودَّ مبيَضٌّ كسا نورُهُ / قَلْبي ظلاماً حالك الطرمس
أستلبِسُ اللَه النُّهى إنه / أحْصَنُ ملبوس لمستلبس
فاجأني الشيب على صبوةٍ / أيُّ يد في الغيِّ لم تَغمِس
نورٌ ونار لهما وقدةٌ / لو قُرِنا بالماء لم يَجمُس
ما أعدلَ الحبَّ على جَورهِ / في خُلطة الأحمقِ والكيِّس
قلبي على وعظ النهى مولع / بجالبٍ للداء مستنكِس
أحببت روداً من بنات الصبا / أي بنات القلب لم تخلِس
منَّاعةً للرشف منّاحةً / للطرف إن تُبرِئْكَ تستنكِس
ترنو بطرف مؤنِسٍ قاتلٍ / لولا عمى الأهواء لم تؤنس
لا عوقبتْ نحلة لِمْ حلَّأَت / عن ريقها حائمةَ المُخمِس
ضَنَّت بماء العيش لكنها / من يقتَبسْ نار الجوى تُقبِس
يا نحلةَ الشهد التي أيأست / منه وإن غرت فلم تُؤيس
ما حققتْ معنى اسمها نحلةٌ / قيل اقلسي أرياً فلم تَقلِس
يا هل أحسَّت ليلة المنحنَى / أم ذهلت عني فلم تحسس
وسَواسُ وجدٍ ضافني هاجَهُ / وسواسُ حَليٍ ضافها مُجرِس
كأنما ناجى به صدرُها / صدري فماذا فيه لم يَهجس
يا أيها السامي بألحاظه / للبيض في البيض ألا نكِّس
تلك المها أصبحن مثل المها / ليست لقُنّاص بني سِنْبس
قالت لك العينُ وآرامُها / ما أنت بالمرعَى ولا المكنِس
أخْيَبُ ذي قوس رمى ظبيةً / من هتف الدهر به قَوِّس
فلا تَعُوجَنَّ عَلى قاطعٍ / مطيةَ الوصل ولا تَحبِس
واعدل إلى ذي خُلةٍ حافظٍ / معاهدَ المورِقِ في المؤيس
كالأردشيريِّ الذي بَيَّنَتْ / في عُودِه حُرِّية المغرِس
بلّغْ عبيد اللّه مُلِّيتَهُ / أني إذا ما غاب في مَحْبس
لكنني ما دمتُ في ظِلِّه / من غامر النعمة في مَغمس
يا واهب التاج الذي لم يزل / من زينة اللابس والمُلْبِس
أقسمتُ بالمجد وأسبابه / إنك منه غير ما مُفْلس
نفَلتني ودَّ عقيدِ الندى / عفواً بجدواك ولم تَعبِس
ودَّ المكنَّى لا تُحابَى به / باسم رسول المنعِم المبئس
الحسنِ المحسنِ في فعله / أنفِسْ به من عُقدةٍ أنفس
آنسني والدهر لي مُوحشٌ / بمؤنسٍ ناهيكَ من مُؤنِس
بمُفضلٍ ما شئتَ من مُفضلٍ / ومُقبسٍ ما شِئتَ من مُقبِس
منبلج الرأي غزير الندى / صاحب يوم مُمْطرٍ مُشمس
نواله كالغيث في أزمة / ورأيه كالنجم في حِنْدِس
إذا قضى بالحدس ذو شبهة / تتبَّع الحق ولم يَحدس
من آل وهب شاد بنيانه / كلُّ أشمّ المجد والمعْطِس
بدرُ سماءٍ وسناً باهر / لا يمحق اللَهُ ولا يَطمس
أسعدُ بالحلم من المشتري / وبالحجى والعلم من هِرْمس
حرٌّ متى يَظفَرْ بذي زَلَّةٍ / يغفر ولا يَظفِرْ ولا يَضرس
يَعفو إذا الجاني ابتغى عَفْوه / لكنه فارسُ مُستفْرِس
ممن إذا أغضِبَ في قُدرة / كقُدرةِ القَسْور لم يفرِس
يقابلُ الحسنى بأمثالها / ويقرعُ الدهرِسَ بالدهرس
مَكايدٌ من مَسَّحتْ عِطفَهُ / مسَّحه الحَيْن فلم يَشمس
يأخذ بالعينين أخذَ العمى / ويَعقِل الرجْلَين كالنِقرس
خِرق إذا أسنى أفاعيلَهُ / قال لِمُسني شكرِه خسِّس
طالبَ تسهيلٍ على شاكرٍ / لا زاهداً في راغبٍ مُنفس
وذاك أدعى لذَوي حمدهِ / إنْ سمعت فطنةُ مستوْجس
فما يزال الدهر مستوفياً / للحمد في صورة مُسْتَبْخِس
مُقتسمٌ بين صبا ذي النهى / وحكمةِ المُوضِح لا المشْكِس
فلسفةٌ شَفْعُ مُلوكِيةٍ / أظرِفْ بمن حازهما أنطِس
إذا صَبتْ زُهْرتُه صبوةً / قال لها هِرمسُه هَندِس
وإن عدا هِرْمسه حدّه / قالت له زُهْرتُه نفِّس
فما اجتلاهُ غير مُستحسنٍ / ولا ابتلاهُ غيرُ مستنْفس
كم مجلسٍ مرَّ له كلُّهُ / كأنه باكورة المجلس
ذكَّرني فيه بأخلاقه / دمع الندى في حَدَق النرجس
أرْجو سنائي لمُجازاتِه / لكنني راجٍ كمستيئس
كيف أجازى كوكباً نيِّراً / أسْعد أيامي ولم يُنحس
لو لم تر السبعةُ تمثاله / في اللَوح لم تَجْر ولم تكْنِس
ولو أطاعتها مقاديرُها / جرتْ لتلقاهُ ولم تخنس
يُطمعني في شكره قدرتي / على القريض المُطمِع المؤيس
وتارةً يُؤيسُني أنني / أحْزنتُ في الشكر ولم أُدهس
شكر امرئٍ قَصَّر عن شكره / أقصى حَويل الماتح الممرِس
مستأنس الجزء إلى قبضتي / والكل منه غير مستأنس
يا أيها المُوجس في نفسه / خوفاً من الأيام لا توجس
للَه بالشام وفي بابلٍ / بيتان بيتُ القدس والمقدِس
بيتٌ قديم ذائعٌ ذكرُهُ / وبيتُ شاهٍ بالعلا مُعرس
يُصبح من حاول مَعْروفَهُ / مُلتمساً أفضى إلى مُلمِس
ولا ترى راحتُهُ عِرمِساً / عند مُناخ الرَّسْلة العِرمس
بين أياديه وأيامنا / تفاوتُ الناعس والمُنعِس
من آل وهبٍ شاد بنيانَهُ / كلُّ أشَمِّ المجدِ والمعطِس
وعرضه أملسُ ما خيَّمتْ / آمال راجيه على أمْلَس
أستحرِس اللَه له إنه / أفضلُ محروس لمستحرِس
المنطِق المخرسُ سَقياً له / رعْياً له من مُنطقٍ مُخرِس
أنطق مُدَّاحاً وكمَّتْ به / أفواهُ حسّادٍ فلم تَنْبِس
ومدحه المأخوذُ من مجدِه / ما قال لي وجدي به دلِّس
بل قال أجلى الليل عن صُبحه / للعين فاصدقْ عنه أو لبِّس
وسائل عنه وعن أهله / قلتُ له جهراً ولم أهمس
أنت الذي أحوجَهُ جَهْلُهُ / في رؤية الشمس إلى مَقْبِس
بلَغْتهمْ فاحطُطْ بوادِيهمُ / تحططْ بأحوَى النبتِ مُسْتَحلس
لا خير في نزع يدي نابلٍ / بعد لحوق النَصل بالمعجس
لآل وهبٍ مِننٌ جَمّةٌ / من يَرَها من حاسدٍ يُبلس
كم قال لي تأمِيلُهُم سِرْ بنا / وقال لي تمويلهم عَرِّس
كم زوَّجتني بدأةٌ منهمُ / وقالتْ العودة لي أعرِس
غَرَستُ أنواعاً فما أثمرتْ / وأثمروا لي حيثُ لم أغرِس
قلتُ لمن قال استزِد فَضْلَهم / جاهِرْ بتهديدك أو وسوِس
أصابعي خمس حباني بها / من لا يراني قائلاً سَدِّس
سمعاً بني وهبٍ فلم أستعِر / لكم حُلَى قومٍ ولم أعكس
ما قلتُ إلا بعض ما فيكُمُ / فليقُمْ الحاسد وليجْلس
لم أهتضمْ دِيني ولم أنتهك / عرضي بما قلت ولم أدْنِس
كأنه في الكف من خفّةٍ
كأنه في الكف من خفّةٍ / مقدارُهُ من صُفرة الشمس
أفضِّلُ الورد على النرجس
أفضِّلُ الورد على النرجس / لا أجعل الأنجم كالأشمسِ
ليس الذي يقعد في مجلسٍ / مثل الذي يمثلُ في المجلس
يا مُستقرَّ العار والنقصِ
يا مُستقرَّ العار والنقصِ / أغنتْ مخازيك عن الفحصِ
أنت الذي ليست لسوآتِه / ولا لنُعْمى اللَه من مُحصي
لولا أبو الغوث عميدُ العلا / والماجد الحر أبو حفص
جاءك عني منطقٌ مُمرِضٌ / أدْبَغُ للجلد من العَفْص
إني وإن غُيبتُ عن طيِّئٍ / أهل العلا والمجد والقَبْص
لواجدٌ فيك بلا فِريةٍ / مشاتماً تُغني عن النصِّ
معايبُ الناس وسوآتُهُم / قد جُمعت لي منك في شخص
ألبسُ حِلمي عند لُبسي له
ألبسُ حِلمي عند لُبسي له / حتى تراني ساكنَ النَّبض
كأنما كفاي قد غُلَّتا / عن حركاتِ البسطِ والقبض
خوفاً على نضوٍ براه البِلَى / فبعضُهُ يبكي على بعضِ
أدبُّ مشياً وهو في صيحةٍ / يشكو ويستعفي من الركضِ
يا طيلساناً أنا وقْفٌ له / أرفوه بالفرض وبالقرض
حتى متى أنت كذا مبتلىً / بالسلّ لا تحيا ولا تقضي
أصبحتُ من رفوك مثل الذي / يأمُل زبدَ الماءِ بالمخضِ
تَسعى لكي تجمعَ وسْطَيهما
تَسعى لكي تجمعَ وسْطَيهما / كأنها مِسمارُ مقراضِ
أَيِستُ من دهري ومن أهله
أَيِستُ من دهري ومن أهله / فليس فيهم أحدٌ يُرضى
إن رُمتُ مدحاً لم أجدْ أهله / أورمتُ هجواً لم أجد عِرضا
يا ذا الذي كُنيتُهُ كُنْيتي
يا ذا الذي كُنيتُهُ كُنْيتي / أما رعيتَ الودّ والخُلْطَهْ
أشقيتَ سمعي بنُغاشيّةٍ / عيَّارةٍ كَدَّاشةٍ مِلْطَهْ
إذا تغنَّت رحلت نِعمةٌ / عن أهلها وانصرفتْ غِبطَهْ
في الصوتِ منها أبداً بُحَّةٌ / تُوهمني أن بها خَبْطه
نغْمتُها نغمةُ مزكومة / قد جمعتْ في أنفها مَخْطه
ما حقُّها عندي إذا أقبلتْ / تَعْوي سوى قولي لها نَحْطه
وقفدةٍ تسجُدُ من وقعها / ولطمةٍ في موضع النقْطه
قاسيتُ منها ليلةً مُرّةً / وخُطةً أيتما خُطه
قلتُ وخُبِّرْتُكَ واصلتَها / حاشَ له من هذه الغلطهْ
ماذا يرى في وجه مَسْلولةٍ / لا رفعَ اللَّهُ لها سَقْطهْ
خضراء كالعقرب في صُفرةٍ / نمشاءَ كالحيةِ في رُقطه
قمعيِّةٍ ذاتِ فَمٍ واسعٍ / يصبُو إليه من به ثَلْطهْ
من يبلُهُ اللَّه بتقبيلِها / أشبَّ ما كان يمُتْ عَبطه
في وجهها من أنفها روْشنٌ / أما يراه صاحبُ الشُرطه
أقسمت أن لو كان لي أنفُها / قططتُ من خُرطُومِه قطّه
كأنما خلقتهما نِقمةٌ / مُنزَلةٌ تقدِمُها سخطه
قميئة الخَلق على أنها / أعتقُ في الدنيا من الحِنطه
سِقطة سوءٍ أبداً تحتها / سِقط لدى الغائطِ أو سِقْطه
نحيفة الجسم ولكنها / تَهْوَى العنيفَ الجافيَ الضبطه
واسعة الثُّقبين بغَّاءةٌ / تُعجبها الدّسَّة والخَرْطَه
إذا رأتْ فيشلةً ضخمةً / خرَّت لها قائلة حِطّه
كأنها من جُودِها باستها / لكل أيرٍ في استها خِطَّهْ
تودُّ أن الأير في فَرْجها / زادَ على قامتها بسطهْ
وتُسعِط النائكَ من إبطها / بسعطةٍ يا نتنَها سَعْطَهْ
ونكهةٍ تلذعُ أنف الفتى / كأنها في أنفهِ شرطهْ
إن الذي يقوى على نَيكها / يقوى إذا مات على الضغطهْ
من يَشتريها شرّ ما سلعةٍ / من يشتريها بئسَتِ اللَّقطه
هل زائدٌ فيها على فسوةٍ / هل زائدٌ فيها على ضرطه
ستعلمُ البظراءُ أنْ قد هَوتْ / في ورطةٍ أيَّتما ورطه
إن كنت صفعاناً وَلِي ضيعةً
إن كنت صفعاناً وَلِي ضيعةً / وأنت بَذْبَخْتُ ولا تُصفَعُ
فإنما تدعى إذا ضيعة / لأن من يملكها الأضيَعُ
هذا لعمري عجبٌ عاجبٌ / يا من قفاه منظر مَسمَعُ
لو صح ما قلت لكان الغنى / يضر والفقر الذي ينفع
دفعتُ من أمك في طيزها / إن كان ما قلت الذي يدفع
ويحك ما أسخاك من لابسٍ / أكل ما تلبسه تخلع
ما كل من كان له نحلةٌ / ينحلها الناس كما تصنع
قلت لخود ضفتُها مرةً
قلت لخود ضفتُها مرةً / من أهل بيت الشرف الأرفعِ
وقد بدت ساق لها خَدلَةٌ / كأنما تمشي على خروع
يتبعها ردف لها راجحٌ / يثوخ فيها أكثرُ الإصبع
يا ربة المنزل هل عندكم / من مطعم للزب أو مطمع
قالت على كم أنت من شُعبةٍ / فقلت قول القائل الأروع
على ثلاث ضيفكم قائماً / فهل تقومون على أربع
قالت نعم والله يا دافني / وصائني عن ذلة المصرع
نحن أصحّاءُ بلا علةٍ / فما لنا الآن وللمضجع
قلت لقد قلت ألا فافعلي / فأي ردف ثَمَّ لم تُشرَع
ردف إذا لاقاك مستهدفاً / قالت له الشهوة قم فادفع
فلم أزل أشفي حراراتِها / بمثل رأس الرجل الأصلع
وخيرُ ما تقريكه حرَّةٌ / أن تدخل الأصلع في الأفلع
نعم القرى ذاك ولكنه / يصلح للشبعان لا الجوع
أحسبها أم الفتى مدرك / خطيب أهل الأدب المِصقع
تلك التي لو عدلت فيشتي / عن خرقها الواسع لم يرقع
سوف يرى الديوث من ذا غدا / يَخزَى ويَلقى الذل في المجمع
قد كان لولا أنه حائن / في منظر عني وفي مسمع
أصبح يعقوب وتبجيله
أصبح يعقوب وتبجيله / للخبز مرئيٌّ ومسموعُ
رغيفه في قدر ديناره / بتلكم السكة مطبوعُ
بل آية الكرسي مكتوبة / فهو طوال الدهر ممنوع
لا يشتكي ضيفٌ له كِظَّةً / لكنه يقتله الجوع
بدعةُ عندي كاسمها بدعَهْ
بدعةُ عندي كاسمها بدعَهْ / لا إفك في ذاك ولا خدعَهْ
يجتمع الظرف لجلّاسها / والحسن والإحسان في بقعه
يا أيها السائل عن حظها / للناس جزء ولها تسعه
كأنما غنت لشمس الضحى / فألبستها حسنها خلعه
ممن قضى الله بإحسانه / ما أحسنت قُمْرِيَّةٌ سَجْعه
لها مسير في أغانيها / توسَّطَ الإبطاءَ والسرعه
كأنما رقة مسموعها / رقَّةُ شكوى سبقت دمعه
تهدي إلى قلبك ما يشتهي / كأنها قد أُطلِعَت طِلعه
تحسن في البدأة لكنها / أحسن من بدأتها الرجعه
لو أسندت ميتاً إلى نحرها / أو عودها ثاب من الضجعه
غنت فلم تحوج إلى زامرٍ / هل يحوج الصبح إلى شمعه
وشيع الزمرُ أعاجيبَها / من ظبية أوفت على تلعه
فكان تاجاً زاد في بهجة / لا كُمَّةً غطَّت على صلعه
ويح ابن أيوب لقد فاته / منها السماع اللَّذُ والصنعه
فما يبالي بعدما ناله / مما وصفنا ما دهى سمعه
وكم شقي ملكت قلبه / فقطعته قطعةً قطعه
عانده في أمرها نحسه / وساعدتها الأنجم السبعه
كذاك من يقرب من خطة / تكن له الخطَّة بالشفعه
ظلت وقد أبدت لنا وجهها / في ضحوة الجمعة كالجمعه
كأنما تجلو لأبصارنا / من شمس يوم غائم لمعه
أقسمت لو مكنت من شدوها / وكان وتراً لا أرى شَفعه
لم أحفل الملك ولا ملكه / ما حنَّتِ النيبُ ولا نزعه
وكان قلبي أبداً ظرفه / وكان سمعي أبداً قمعه
وخلتني ما دمت تلقاءها / من جنة الخلد على تُرعه
طفِّل على من حَصُلت عنده / فبعض تطفيل الفتى رفعه
واستفتح الباب الذي دونها / تفتح لدى فتحكه قلعه
تلك ربيع فانتجع روضه / فلن يعاب الحر بالنجعه
حافظ على مجلسها جاهداً / فإنه ناهيك من متعه
وحدث الناس به فاخراً / فإنه ما شئت من سُمْعه
أسمعنيها سيدٌ ماجدٌ / يفوز بالمجد لدى القرعه
لكنه عودني ظالماً / أن يتبع الفرحة بالفجعه
بيناه قد ألبسني نخوة / بالعطف إذ ألبسني خشعه
وبينما وجهي به مسفر / إذ برقعت وجهي به سُفعه
يفيق لي من سكر لذاته / إفاقة تتبعها هجعه
أُدعَى فأَسعى فأرى حاجباً / جهماً لديه المنع والمنعه
فشافعٌ يحفزه شافعٌ / ورقعة تحفزها رقعه
والنفس في لبس وفي حيرة / والجسم نضوُ يشتكي ظَلعه
من دفعةٍ تتبعها جذبةٌ / وجذبةٍ تتبعها دفعه
يجذبني للدفع ذو قوة / يدفعني للجذب في سرعه
ويحيَ كم تعذب لي جرعة / منه وكم تملُحُ لي جرعه
كأنه في فعله نحلة / تتبع منها مجَّةً لسعه
خير حديثٍ من أخٍ صدقُهُ / يا من أبت أعراقه وضعه
عبدك إن أنصفت من بانة / فإن تعديت فمن نَبعه
ها هو مبدٍ لك مكنونَهُ / فقد أضاقت حاله ذرعه
ولو رجا ودك دون الجدا / ما كظ ما قد سُمتَه وُسعه
لكنه يلحظُ منك القلى / عن ظنة قد زلزلت ربعه
وما بكت عيناه من حسرة / ولا شكا بين الحشا لذعه
ولا رآه الله مستعطفاً / أصل الرضا منك ولا فرعه
فكيف أستعطف مستنفري / لا لطماح يبتغي قذعه
ولا لذنب جئتُهُ موجبٍ / ردِّي إذا جئت ولم أُدْعه
والحر ما استنفرتَه نافرٌ / ولو تلقّى أنفه جدعه
في بُلَغِ الإخوان لي عصمةٌ / وفي رجاء الله لي شبعه
متى توددتُ إلى مبغضٍ / أو يممت بي قدمي صقعه
فلا أقال الله لي عثرة / ولا أقل الله لي صرعه
أما درى من جار في حكمه / من ملك أني أرى خلعه
شرطي من الأملاك من لا أرى / لي كل يوم معه وقعه
لا يتبع الصفوة لي بالقذى / ولا الطمأنينة بالفزعه
ممن يؤاخي سيفُهُ غمدَهَ / ولا يؤاخي سيفه نِطعه
ولا يرى أني إذا زرته / قصدت للهرسة والمقعه
دع ذا وجاوزه إلى غيره / وارضَ لمن أغضبتَه طبعه
وَأْمَنْ شواظاً فار من غيظه / يكفِكَ حلمٌ راجح قمعه
حاشاه أن تتبعه عزة / من عزة تتبعها خضعه
ولو رأيت اليأس من عفوه / لم ير مني هذه الخنعه
وما على عبد أخي طاعة / ضيعه مولى ولم يرعه
أغضبه حتى طغا جهله / فلم يقل في لومه قذعه
يا أيها المأمول في دهره / زع من عُرامي بالندى وزعه
بادر بمعروفك آفاته / فَبِنيةُ الدنيا على القُلعه
وازرع زروعاً ترتضي ريعها / يوماً فكلٌّ حاصدٌ زرعه
قد كنت عن عرفك ذا سلوةٍ / لو لم تكن ذوقتني طَلْعه
لكن تشوَّفْتُ إلى ينعه / بطلعه فامنح يدي يَنْعه
هل يمنع الحرُّ جنى حظِّهِ / من هزَّ هزّاً ليِّناً جِذْعه
غنِّ أبا حفصٍ إذا جئته
غنِّ أبا حفصٍ إذا جئته / بشعره فيَّ بإيقاعِ
وليكن الإيقاع في رأسه / من حاذق بالقفد صفّاعِ
راع فؤادي منك ما راعَهْ
راع فؤادي منك ما راعَهْ / ولاعه صدك ما لاعَهْ
أمرضت قلبي ثم ما عدته / كلاً ولا داويت أوجاعَهْ
يا مالكاً قلبي وتعذيبه / مهلاً فما ملكت إقلاعه
ته عند تمليكك تخليصه / أو عند إحسانك إمتاعه
حق لك الكبر على عاشق / نارك في جنبيه لذاعه
لو كنت قد مُلِّكت إنقاذه / منك كما مُلِّكت إيقاعه
يا ناقص القدرة كم غيةٍ / ليست لها نفس بتيَّاعه
لا تحسبنِّي للهوى طعمةً / إنِ استجاش الرأي أشياعه
أنا الذي إن شئت هان الهوى / خَوَّفَ أو أطمع إطماعه
يا عجباً من شنطف إنها / أضحت تغني غيرَ مرتاعه
ما أصفق الوجه الذي أعطيت / ساق إليه الخزيُ أنواعه
ألقِ إليها أذناً واستمع / أبرد ما غنته كرَّاعه
وأْمُرْ لها ثم بروميةٍ / للرقص والإيقاع جمَّاعه
رقّاصةٍ في البطن كبَّادةٍ / موقعة في الرأس صفّاعه
تعساً لها تعساً إذا ما عوت / ونزعةً للنفس نزّاعه
تفسو فما تنفك عن فسوها / دواخن في البيت منباعه
دحداحة الخلقة حدباؤها / قامتها قامة فُقّاعه
قصيرة القامة مقصوعةٌ / للقمل فوق الطبل قصّاعه
تطفرها من قِصَرٍ فأرةٌ / وبظرها يُتعبُ ذرَّاعه
مشؤومة للخير حصَّادةٌ / لكنها للشر زرّاعه
تضل في السربال من قلة / كصعوة في جوف قفّاعه
وعواعة البطن فإن رجعت / يوماً غناء فهي وعواعه
لو أنها ملكي ولي ضيعة / نصبتها للطير فزّاعه
أقبح بذاك الخلق من منظر / وزَّع فيه القبح أوزاعه
بالحمق والغلمة مصروعة / بالإبط والنكهة صرّاعه
لا تعرف الله ولكنها / سجادة للأير ركّاعه
منيتها أير عريض القفا / مضلَّع تغمز أضلاعه
حتى إذا قام على سوقه / سدت به ثقبة بلاعه
لها حِرٌ أشمط مستكرشٌ / شاب وما تترك إرضاعه
تجهد أن تشبعه دهرها / لو أنها تسطيع إشباعه
منقلب الشفرين مستضحِكٌ / ما هو إلا جيب درّاعه
نوسعها ذماً على أنها / بذّالة ليست بمنّاعه
تقتل بالبذل فأعجب بها / ضرارة في زي نفّاعه
كم عصت الله وما أحسنت / فقحتها شيئاً سوى الطاعه
خفاضة للرأس لكنها / لرجلها والردف رفّاعه
قد لمعت من برص واضح / مؤزَّرٍ في الوجه لمّاعه
لو عرضت شيراز صوَّارَها / وعِينها لانتابها الباعه
صفعانة تأخذ من رأسها / لطيزها في الفسق رتّاعه
مبتاعة دفعاً بصفع ألا / قبَّحها الرحمن مبتاعه
ترقع من فروتها صدعها / وحيلة الإنسان رقّاعه
قلت لداعي الشعر في شتمها / مهلاً فقد أبلغت إسماعه
ستسمع الآذان في شنطف / قوافياً للجهل ردّاعه
ليست عن الثأر بنوّامة / ولا عن الوتر بهجّاعه
إن صكت الوجه فسفاعة / أو صكت الرأس فقمّاعه
يا من تغنينا بما ساءنا / دونَكِها للأنف جدّاعه
أسمعتِنا سوءاً فأُسمعتِهِ / فاستمعي إن كنت سمّاعه
لا تحسب الشيخ أبا حفصل
لا تحسب الشيخ أبا حفصل / يعيش من أقلامه الصُلَّعِ
لكن من الله ومن زوجه / تستدخل الأصلع في المخدع
ليست بذي بأس ولكنها / قوَّامة الليل على الأربع
من كسبها عاش أبو حفصل / وطال ما عاش مع الجوَّع
وربما عاد على نفسه / بكسب رأس جيد المصفع
يمكن بالأكلة من صفعه / في ساحة الرأس وفي الأخدع
ولحيةٍ يحملها مائقٌ
ولحيةٍ يحملها مائقٌ / مثل الشراعين إذا أشرعا
تقوده الريح بها صاغراً / قوداً عنيفاً يُتعب الأخدعا
فإن عدا والريح في وجهه / لم ينبعث في وجهه إصبعا
لو غاص في البحر بها غوصةً / صاد بها حيتانه أجمعا
لم أر شيئاً صادقاً نفعه
لم أر شيئاً صادقاً نفعه / للمرء كالدرهم والسيفِ
يقضي له الدرهم حاجاته / والسيف يحميه من الحيف
صبراً أبا الصقر فكم طائر
صبراً أبا الصقر فكم طائر / خرَّ صريعاً بعد تحليقِ
زُوِّجتَ نُعمى لم تكن كفأها / فصانها الله بتطليق
وكل نعمى غير مشكورة / رهن زوال بعد تمحيق
لا قدست نعمى تسربلتها / كم حجة فيها لزنديق
صبراً لهاج ذاد عنك الكرى / وشاب دنياك بترنيق
أرَّقه مدحُك لا مجدياً / فاقتصّ تأريقاً بتأريق
يا ذا الذي ضنَّ بمعروفه
يا ذا الذي ضنَّ بمعروفه / عني وقد قاسيت فيه الأرقْ
أقلنيَ العثرة إني امرؤٌ / ما زلت في الصحو كثير الزلق
رضيت مما كنت أمَّلته / بأجر وراقي وغُرمِ الورق
فاجعلهما حظي وعجِّلهما / وارض من المطل بما قد سبق
إن جديد المطل مستقبح / وأقبح المطلين مطل خلق
ولست أهجوك بشيء سوى / إنشاد شعري فيك وسط الحَلَق
وأن إذا استخبر مستخبرٌ / ما ثوَّبَ المادح قلت القلق