المجموع : 68
جفنٌ قريح وفتىً ناحلُ
جفنٌ قريح وفتىً ناحلُ / أرَّقَ عينيهِ هوىً قاتِلُ
عالجَ من وجدٍ بهِ عِشرةً / يَيبسُ منها غصنُهُ الذابلُ
فبعضُهُ يبكي على بعضهِ / وفيه منه شغلٌ شاغلُ
يا مدنفَ الأجفانِ صِل مُدنفاً / ضلَّ له المُسعد والعاذلُ
أدنفَ كلُّ الحسنِ في الكلِّ
أدنفَ كلُّ الحسنِ في الكلِّ / مَن لا يَرى مَن عِزُّهُ ذُلِّي
ليهنه أنَّ قَتيلاً لهُ / إن كانَ من قبلي ففي حِلِّ
مشرِقُ حُسنٍ ما لهَ مغربٌ / في غصُنٍ ريّانَ مخضَلِّ
دَلَّ على شَمسِ الضُّحى نُورُهُ / ودلَّتِ الشمسُ على الظِّلِّ
يَعرِفُ طولَ اللَّيلِ من لم يَنَم
يَعرِفُ طولَ اللَّيلِ من لم يَنَم / من يُنفِدُ الدَّمعَ ويبكي بدَم
لم يبقَ في ثوبيهِ إلا هوىً / في بدنٍ بالٍ طويلِ السَّقم
لهُ حبيبٌ رامَ إنصافَهُ / فلم يَدَعهُ الكِبرُ حتَّى ظلَم
وكانَ يُخفي ما بهِ جاهداً / فأظهرت عبرتهُ ما كَتَم
إذا برَاني السَّقَمُ الدائمُ
إذا برَاني السَّقَمُ الدائمُ / سَهرتُ يا مَن طرفُهُ نائِمُ
لا أرقَت عينَاكَ يا ظالِمي / وليسَ يَدري أنَّهُ ظالمُ
أما وَطرفٍ هدَّني سقمُهُ / وما حَواهُ البَدنُ الناعِمُ
ما فَقدَ القلبُ غليلَ الهَوى / ولا انتَهى عن لومهِ لائِمُ
مَن ناصِري من غَنج ظالِم
مَن ناصِري من غَنج ظالِم / يَجورُ أحياناً على الحاكمِ
أحورَ كالبَدرِ إذا ما بَدا / يهتزُّ مِثلَ الغُصُنِ النَّاعمِ
يا قاسمَ السِّحرِ بأجفانهِ / ويلي من المقسومِ والقاسمِ
يا فِتنةً أبدعَها رَبُّها / دِيناً ودُنياً لِبني آدَمِ
بينَ حشاهُ لهبٌ مضرمُ
بينَ حشاهُ لهبٌ مضرمُ / فدمعه يظهرُ ما يكتمُ
متيمٌ ذو سقمٍ قلبُهُ / للشوقِ والأحزانِ مستسلمُ
بكى فلم تبقَ له عبرةٌ / وليسَ بعد الدمعِ إلا الدمُ
تمكنت من قلبهِ لحظةٌ / أسرَع فيها القدرُ المُبهَمُ
الحبُ يُبلي من يكن يكتُمه
الحبُ يُبلي من يكن يكتُمه / ما بثهُ في دنفٍ يسقمُه
أمأت طرفاً فاتراً لم يَزَل / يقصدُ من أبصرَهُ أسهمُه
ما ذهب القلبُ ولا صبرُهُ / إلا من الوَجدِ بِمن يكلمُه
يزدادُ تِيهاً كلَّما زادَهُ / ذُلاً ولا يدعوهُ من يرحمُه
مُقلتُهُ في حَرجٍ من دمي
مُقلتُهُ في حَرجٍ من دمي / تعمدت قتلَ فتىً مُسلمِ
لا نالَها المكروهُ من مُقلةٍ / مَريضةٍ داميةِ الأسهمِ
بأبي مُقيما بلذيذِ الكَرى / فداكَ من أسهرتَهُ فأنعمِ
وأثبني لحظُكَ من مُقلةٍ / كأنها بالأمسِ لم تأثمِ
ظَفَرتَ بالقلبِ فكُن راحِما
ظَفَرتَ بالقلبِ فكُن راحِما / أما تَراهُ دَنِفاً هائِما
وكُن له من وَجدهِ ناصراً / لا زلتَ مِما نابَهُ سالِما
يا غُصُناً يشرقُ نورٌ به / يهتَز قي قامتهِ ناعِما
كَم لَيلةٍ أسهَرنيها الهَوى / قد يَنتَهي عَن سَهري نائِما
لا تعذلاني إن بَكيت البَدن
لا تعذلاني إن بَكيت البَدن / إن أنتما لم تَعذراني فَمن
وأندبا كيفَ براهُ الهوى / وأينَ مما تظهرانِ بَطن
كلي عليلٌ مذ رنا لحظةً / أسبابُها موصولةٌ بالفِتَن
من طرفِ من صيرهُ حسنهُ / يحارُ منهُ كل شيءٍ حسَن
الطرفُ يَبكي رَحمةً للبدَن
الطرفُ يَبكي رَحمةً للبدَن / والقلبُ مما بهما ذو شَجن
بعضٌ دَهى بَعضاً فكلّ جنى / فذا وهذاك وَذا مُرتَهن
يا مَن هُو الحُسن ومن طَرفه / اللحظُ فلا يقسمُ إلا الفتن
زدني هَوى وازداد به جفوةً / إذ كان ما تأتي إليه حسَن
ضَحِكتَ سُروراً وأبلَيتني
ضَحِكتَ سُروراً وأبلَيتني / ونمتَ عن سَقمي وأضنَيتَني
لا سَهرت عينُكَ بل لا بكَت / ولا رَمتها أسهُمُ الأعينِ
يا حسنَ الوجهِ أنا المُبتلى / وأنتَ بالجفوةِ أبليتني
حَسيبُكَ اللَه فلو كنتَ لي / تزور والحبَّ لأحييتني
يا واكفَ الدمعِ من الحُزنِ
يا واكفَ الدمعِ من الحُزنِ / ونائيَ الجفنِ عن الجفنِ
فطأ علَى القلبِ لأنَّ الهوى / أخرجهُ من موضع الأمنِ
فَفارَق الحيَّ على ضنهِ / به فِراقَ الخِدنِ للخِدنِ
ماذا جَنى لحظي على واحِدي / بلحظةٍ من واحدِ الحُسنِ
إلى مَتى قلبيَ لا يسكنُ
إلى مَتى قلبيَ لا يسكنُ / قد أخذَت أسرارُهُ تُعلَنُ
أذابَهُ الوجدُ بِمَن طَرفُهُ / بِكلِّ ما أبصرَ مُستمكِنُ
من شهدَت صورتُهُ أنهُ / من كل حسنٍ حَسَنٍ أحسنُ
لا تنسبِ الحسنَ إِلى غيرِه / فعندَهُ الغايةُ والمَعدِنُ
جُرتَ على قلبي مع الحُزنِ
جُرتَ على قلبي مع الحُزنِ / يا مُنتَهى الغايةِ في الحُسنِ
لم يكفِهِ أنَّكَ أخرجتَهُ / من موضعِ الراحةِ والأمنِ
فَصارَ رَهناً في يديَّ الهوى / يا قربَهُ من غلقِ الرهنِ
يا طولَ سَلوايَ إلى غافلٍ / عن كلِّ ما أسلُو وما أعنِي
يا نائمَ الطرفِ هناكَ الكَرى
يا نائمَ الطرفِ هناكَ الكَرى / لم يَرثِ لي طرفُكَ ممَّا يَرى
لم تدرِ عَيني ما جَنى لحظُها / حتى جَرى مِن دَمعها ما جَرى
ما ضَرَّ من أنحلني هَجرُهُ / لو رَدَّ مني وصلُهُ يا تُرَى
من كلِّ من أبصَرني خاضِعاً / تاهَ لإجلالِ له وامتَرى
أعديتني طرفاً من الأهوى
أعديتني طرفاً من الأهوى / وكنتُ في أمنٍ من العَدوى
ولم أزل فيما مَضى آمناً / من ذلَّةِ الأسقامِ والبلوى
حتَّى حنى طَرفي على مُهجَتي / فأظهرَ الغيرةَ والسلوَى
فقال لي مالِك رقي أفِق / فلستُ ممَّن يَقبلُ الدَّعوَى
كيفَ يُهنَّى العيش من إلفُهُ
كيفَ يُهنَّى العيش من إلفُهُ / باعدَهُ وهو مشوقٌ إليهِ
وصِرتُ لا أملأُ عَينيَ من / هُ حذراً من عينِ غيرِي عليهِ
وا بِأبي من كلّ طرفٍ غَضي / ضٍ أخذَ الفَترةَ من مُقلتيهِ
وكلُّ من أبصرَهُ عالمٌ / بأنَّهُ رهن معي في يديهِ
يا تاركَ الجِسمِ بلا قلبِ
يا تاركَ الجِسمِ بلا قلبِ / إن كنتُ أهواكَ فَما ذنبي
يا مُفرداً بالحسنِ أفردتَني / منكَ بطولِ الشوقِ والحبِّ
إن تكُ عَيني أبصرَت فتنةً / فهَل على قلبي من عَتبِ
حَسيبُك اللَهُ لما بي كما / إنّكَ في فِعلِكَ بي حسبي
كُنَّا جَميعاً فَتفرَّقنا
كُنَّا جَميعاً فَتفرَّقنا / يا بينُ لم أوحشتَنا مِنَّا
ما كانَ ضر الدَّهرُ لو سَرَّنا / بِغَفلةٍ من صَرفهِ عَنَّا
آذاكَ من كُثرٍ بنا قلةٌ / ومِن سُرورٍ دائمٍ حُزنا
فردَّنا اللَه إلى غايةٍ / كنا بها حينَ تواصَلنا