المجموع : 35
هَذا الَّذي كُنتُ بِهِ أوعَدُ
هَذا الَّذي كُنتُ بِهِ أوعَدُ / أَنجَزَ وَعدَ الأَمسِ هَذا الغَدُ
فَالغَدُ قَد أَعجَلَني حَثُّهُ / عَن أَن أَقولَ اليَومَ لا تَبعُدوا
ما لَكَ إِلّا اليَومَ في شِدَّتي / أَنتَ صَديقٌ أَنتَ أَنتَ العَدو
قُليتَ لا كانَ لِساني لِمَن / لَيسَ لَهُ في كَشفِ خَطبٍ يدُ
وَأَغيَدٍ أَهيَفَ وَالحُبِّ بي / لَم يَهفُ إِلّا الأَهيَفُ الأَغيَدُ
بَدا بِهِ البُخلُ فَأَلحاظُهُ / عَطشى وَفي ريقَتِهِ المَورِدُ
تَستَشهِدُ الأَغصانُ في أَنَّها / كَعِطفِهِ اللَدنِ وَما أَشهَدُ
وَالناسُ حُسّادٌ عَلى وَصلِهِ / وَما أَلومُ الناسَ أَن يَحسُدوا
إِن شَبَّهوهُ صَنَماً فَاِنْهَهُم / فَإِنَّهُم في الحُبِّ قَد أَلحَدوا
وَذَلِكَ الجَمرُ عَلى خَدِّهِ / يُقبِسُكَ النورَ وَلا يوقَدُ
النارُ في خَدِّكَ لا تَنطَفي / وَالنارُ في قَلبِيَ لا تَبرُدُ
كَأَنَّما قامَ بِمِحرابِهِ / مِن صُدغِهِ ذو خَشيَةٍ يَسجُدُ
يَدعو لِأَيّامِ العَزيزِ الَّتي / بِالعَدلِ في أَحكامِها تَخلُدُ
فَكُلُّ أَرضٍ بِالنَدى جَنَّةٌ / وَكُلُّ دارٍ لِلدُعا مَسجِدُ
يا نِعمَةَ اللَهِ الَّتي فَضلُها / يوجِدُ إيمانَ الَّذي يَجحَدُ
يَستَنفِدُ الآمالَ مَعروفُهُ / وَهوَ عَلى المَعهودِ لا يَنفَدُ
لِلَهِ بابٌ مِنكَ في أَرضِهِ / ما دونَهُ مَلجاً وَلا مَقصِدُ
وَيَستَوي مَورِدَ مَعروفِهِ / مَسودُ هَذا الخَلقِ وَالسَيِّدُ
عَبدُهُم حُرٌّ بِإِعتاقِهِ / وَحُرُّهُم بِالجودِ مُستَعبَدُ
كُلُّهُمُ أَسرى نَدىً سَرَّهُم / أَنَّهُمُ في كَفِّهِ أَعبُدُ
تَحَيَّرَ الهَيئِيُّ لَمّا رَأى
تَحَيَّرَ الهَيئِيُّ لَمّا رَأى / كَواكِباً تَطلُعُ في الأَطلَسِ
يا مَلِكاً تُنشِئُ أَفعالُهُ
يا مَلِكاً تُنشِئُ أَفعالُهُ / فيهِ مِنَ الأَقوالِ ما يُنشا
تَستَنجِدُ الآمالُ في قَصدِهِ / سَماحَ كَفٍّ يُحسِنُ البَطشا
هَيبَتُهُ تُغمِدُ أَسيافَهُ / وَرُبَّ جُرحٍ لَيسَ في الأَحشا
يُسَدِّدُ الرُمحَ لِحَقدِ العِدى / فَقُل لَهُم لا يُضمِروا غِشّا
كَم فيهِمُ مِن مَيتٍ راكِبٍ / وَسَرجُهُ قَد أَشبَهَ النَعشا
يَبَشُّ مِن هونٍ لِأَقدارِهِم / وَالسَيفُ في الرَوعِ يُرى هَشّا
كَأَنَّما أَسيافُهُ في الوَغى / طَيرٌ يَرى الهامَ لَهُ عُشّا
يُبَدِّلُ الأَلوانَ قَسطالُهُ / فَتُبصِرُ الرُومَ بِهِ حُبشا
وَالشَمسُ مِن بَينِ القَنا قَد حَكَت / سَيفاً صَقيلاً في يَدٍ رَعشا
أَوقَدَ نارَينِ القِرى وَالوَغى / فَهَذِهِ تُغشى وَذي تُخشى
كَم قَد غَزا أَموالَهُ جودُهُ
كَم قَد غَزا أَموالَهُ جودُهُ / وَاِستَنجَدَ العافينَ أَعوانا
لِيَفخَرِ الناسُ وَما باعَدوا / بِأَن بَراهُ اللَهُ إِنسانا
ميزانُ أَعمالِكَ لا شَكَّ في
ميزانُ أَعمالِكَ لا شَكَّ في / رُجحانِهِ وَالحَقُّ لا يَشتَبِهْ
بِالحَجَرِ الأَسوَدِ إِذ صُنتَهُ / وَالحَجَرِ الأَبيَضِ إِذ صُنتَ بِهْ
المَوتُ سَيفٌ لِغَريمٍ لَهُ
المَوتُ سَيفٌ لِغَريمٍ لَهُ / دَينٌ وَلا يَقضيهِ إِلّا الرِقاب
يَبقى النَدى بَعدَكَ مِقدارَ ما / يَبقى نَضيرُ الرَوضِ بَعدَ السَحاب
تَنقَشِعُ السُحبُ وَيَذوي عَلى / آثارِها النَبتُ وَيَبقى التُراب
يا ساهِري اللَيلَةِ لَم تَسكُنوا
يا ساهِري اللَيلَةِ لَم تَسكُنوا / مِن بَعدِهِ داراً سِوى الساهِرَه
قَد سارَ عَنكُم وَهوَ دُنياكُمو / فَسارَت الدُنيا إِلى الآخِرَه
صاحِبُ هَذا القَصرِ كَم قُبِّلَت
صاحِبُ هَذا القَصرِ كَم قُبِّلَت / ساحَتُهُ أَمسِ وَكَم عُظِّما
وَقُدرَةُ القادِرِ في هَدمِهِ / أَعظَمُ مِنها في بِناءِ السَما
أَوثَقَ ما كانَ بَأيّامِهِ
أَوثَقَ ما كانَ بَأيّامِهِ / خانَتهُ وَالأَيّامُ خَوّانَه
ما رَعَتِ الأَيّامُ أَيّامَهُ / وَلا اِتَّقى المَقدورُ سُلطانَه
إِن قُلتَ مَن كانَ وَما وَصفُهُ / فَكُلُّ شَيءٍ حَسَنٍ كانَه
ماتَ وَماتَ الناسُ مِن بَعدِهِ / وَما أَماتَ الشُكرُ إِحسانَه
وَعُمرُ نوحٍ لَم يَكُن عُمرَهُ / بَلِ النَدى غَمَّرَ طوفانَه
غَمِّض عَنِ الدُنيا وَعَن أَهلِها / عَينَكَ إِن لَم تَرَ إِنسانَه
أَبقَيتَ أَطرافَ غِنى كُلُّ مَن / أَبصَرها رَجَّعَ أَلحانَه
فَقَضَّبَت أَحداثُها دَوحَهُ / وَقَصَفَت مِن بَعدُ أَغصانَه
دُنياهُ يا دُنياهُ ما أَنتِ في / ظُلمِكِ ذا الإِنسانَ إِنسانَه
وَزالَ إِمكانُ فَتىً واسِعٌ / لِلحَقِّ ما اِستَوسَعَ إِمكانَه
إِن أَبكِهِ طَرفي عَلى خيفَةٍ / يَأمُرُ بِالكِتمانِ أَجفانَه
وَلَيتَهُ أَعلَنَ أَشجانَه / فَيَحمِلُ الإِعلانُ أَشجانَه
وَكُنتُ في كِتمانِ حُبّي لَهُ / كَمُؤمِنٍ يَكتُمُ إيمانَه
مَن جَعَلَ الدَهرَ لِباساً لَهُ / فَكَيفَ يَستَغرِبُ أَلوانَه
يا صاحِبي هَل لَكَ مِن حيلَةٍ
يا صاحِبي هَل لَكَ مِن حيلَةٍ / وَسوِستُ فيها أَيَّ وِسواسِ
أَحَبَّني الناسُ وَأَبغَضتَني / حَقّا فَما أَنتَ مِنَ الناسِ
وَكُتبُهُ تَحكي لَنا دارَهُ
وَكُتبُهُ تَحكي لَنا دارَهُ / فَكُلُّ مَن فيها بَناتُ الخَطا
دَليلُ كَونِ العَقلِ ذا عِلَّةٍ / يَظهَرُ في القَولِ إِذا خَلَّطا
أَقلامُهُ مِن غِلطٍ طاغِيَه
أَقلامُهُ مِن غِلطٍ طاغِيَه / وَهيَ بِما يُجري الأَسى جارِيَه
سَيَهلَكُ الكَلبُ بِها عاجِلاً / ثَمودُ قَد تَهلَكُ بِالطاغِيَه
طِفلٌ كَفاهُ القَلبُ داراً لَهُ
طِفلٌ كَفاهُ القَلبُ داراً لَهُ / كَأَنَّما القَلبُ لَهُ قالَبُ
كَيوسُفِ الحُسنِ وَقَلبي لَهُ / سِجنٌ وَما ثَمَّ لَهُ صاحِبُ
أَصبَحَ وَالقَلبُ لِباسٌ لَهُ / لاَ قاصِرٌ عَنهُ وَلا ساحِبُ
وَهوَ بِعَيني وَهوَ إِنسانُها / وَهيَ لَهُ مِن خارِجٍ حاجِبُ
ضاقَ بِهِ ضيقُ عِناقي لَهُ / فَلَم يَسَع ما قالَهُ العائِبُ
فَاَمتَزَجَت بِالماءِ أَجزاؤُهُ
فَاَمتَزَجَت بِالماءِ أَجزاؤُهُ / مِثلَ اِمتِزاجِ الماءِ بِالراحِ
أَهلاً عَلى أَنَّ لَيالي الأَسى / قُفلٌ وَلَم أَظفَر بِمِفتاحِ
بُمُدرَجٍ فاتِحِ الصاقَه / تَخالُهُ فالِقَ إِصباحِ
طابَ وَإِنَّ الشانَ في خَطرَةِ / تَدفَعُ صَدرَ الهَمِّ بِالراحِ
قاريهِ يا صاحِ لِإِفهامِهِ / وَلَيسَ لِلإِطرابِ بِالصاحي
مِن حُبِّيَ الدُنيا عَلى خُبثِها
مِن حُبِّيَ الدُنيا عَلى خُبثِها / وَطيبِ نَفسي بِأَخابيثَها
أَنِّيَ إِن نِمتُ عَلى حالَةٍ / لَستُ أَرى إِلّا أَحاديثُها