القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 45
ذات تراأى النور من صفِّها
ذات تراأى النور من صفِّها /
وقد تجلى النشر من لفِّها /
وكلما غنت على دفها /
روَّعها البرقُ وفي كفِّها / برقٌ من القهوة لمَّاعُ
بها من الأكوان دارت رحى /
وخمرها شاربها ما صحا /
وسرها غيب الهدى أوضحا /
عجبت منها وهي شمس الضحى / كيف من الأنوار ترتاعُ
كم صورة في قطعة الشمعِ
كم صورة في قطعة الشمعِ / مفيدةٍ للفرق والجمعِ
يظهرها صانعها سرعة / فتبهر الأبصار باللمع
وتختفي ثم يرى غيرها / يضحك أو يبكي بلا دمع
وكلها فانية لا ترى / هناك إلا قطعة الشمع
فاعتبروا فعل الوجود الذي / أنتم به المنصوص في السمع
هل تعرفون العدم الصرفا
هل تعرفون العدم الصرفا / فتدركوا من لفظه حرفا
لا تحسبوا معناه مفهومكم / معناه شيء عنكمو يخفى
فكيف تدرون الوجود الذي / من عدم صرف هو الأخفى
وهو الذي نعنيه في وحدة ال / وجود لما نذكر الوصفا
إن الوجود الصرف إطلاقه / كالعدم الصرف لمن وفى
كلاهما من حيث نفساهما / تساويا فانعطفا عطفا
تقابلا واجتمعا عندنا / في عدم الإدراك إذ ينفى
إن كنت تدري الرزق في بلدة
إن كنت تدري الرزق في بلدة / أو في مكان فاطلب الرزقا
وإن علمت الحق ينساك من / رزقك يوماً ذكِّر الحقا
وإن دخلت البيت تبغي به / توكُّلاً كيلا ترى الخلقا
فإنها تجربة وهي في / ربك شكٌّ يمنع الصدقا
وإنما الحيلة في تركك ال / حيلة فاتركها لكي ترقى
ما الغير إلا بابه المغلقُ
ما الغير إلا بابه المغلقُ / وكلنا مفعوله المطلقُ
وليس مفعولاً به عندنا / لأننا للفعل لا نسبق
وإننا المعنى الذي فعله / جاء به لما لنا يخلق
وليس مفعول به ظاهراً / بالفعل والسبق له حققوا
وقولهم ذا ليس شرطاً له / يرده بالصدر من يصدق
بل كل مفعول به سابق / للفعل قطعاً عند من يفرق
وكل من يجحد قولوا له / هات مثالاً عندنا يطبق
يكون مفعولاً به ماله / سبق على الفعل الذي يلحق
فإن يكن حاول في لفظة / جاء بها في النطق إذ ينطق
فأخبروه ليس مقصودنا / لفظ لنا يأتي به المنطق
وإنما المعنى مراد الذي / يقول والحق به مشرق
ظهرت لي يا غيب يا مطلقُ
ظهرت لي يا غيب يا مطلقُ / بالروح روح الأمر بي تشرقُ
والروح روح واحد كلنا / أرواحنا منه لنا تسبق
لسانه العقل إذا رام أن / ينطق بي في نفسه ينطق
كلامنا نحن وكل الورى / في نفسه ربي له يخلق
طبيعة بالروح تبدو كما / تخفى فلا غرب ولا مشرق
بحر هو الروح وأمواجه / جميع ما يسكن أو يخفق
مثل معانيك التي أنت في / نفسك تعنيها إذا تحدق
والكل خلق الله لاحت لهم / في كل شيء آية تبرق
يا مالكي روحك روحي كما / قلت نفخت الروح إذ حققوا
بيني وما بينك هذا فإن / خفيت فيه فأنا الأسبق
والغيب أنت الغيب حق ولا / نقدر أن ندنو ولا نلحق
وإنما تعرفه بالذي / صوّره الروح لنا المطلق
معرفة من روحنا مثلنا / مخلوقة دون الذي يخلق
والروح هذا ملك واحد / بملئ ملك الله يستوثق
أحب مولاه ولا يستطع / إدراكه وهو له يعشق
حيران فيه فتراه لنا / مصوراً فهو بنا يرمق
هذا طريق واسع والسوى / ذاك طريق أعوج ضيق
لا تظلم الله بما لا يليقْ
لا تظلم الله بما لا يليقْ / به ولا تدخل له في مضيقْ
فإن أهل الجهل قد بالغوا / في حقه بالنقص وهو الشفيقْ
يرحمهم دوماً وهم في عمى / عنه حمير بالغت في النهيق
ظنونهم فيها احتقار لهم / من غير علم عندهم في الطريق
كل امرئ منهم يظن الردى / هو الهدى والظن بئس الرفيق
سكران من خمر جهالاته / يا ليته لو كان يوماً يفيق
يا ويح قوم شبَّهوا ربهم / وقيدوه وهو وهو الطليق
يؤذونه سبحانه بالذي / قد نسبوه وهو ما لا يليق
وكم شريك أثبتوه له / به فخرّوا من مكان سحيق
كذا له صاحبةً أثبتوا / وولداً قل ذاك عبد رقيق
وعبدوا الأصنام جهلاً وقد / خروا إليها سُجَّداً بالحقيق
وعلقوا بالبيت أصنامهم / ودنسوا البيت الحرام العتيق
والنار أيضا عبدوها كما / هم يعبدون الشمس ذات الشريق
ويعبدون العجل من جهلهم / وكفرهم بالله وهو المحيق
وهكذا يؤذونه دائماً / وهو صبور ماءهم لا يريق
كما حكى القرآن هذا لنا / وكان ما قد كان من كل ضيق
حتى أتى الله بنور الهدى / وزال عن إشراقه ما يعيق
وأسفر الفجر وفاحت به / حدائق الورد وروض الشقيق
وقد تجلى لقلوب الورى / رب لهم قد كان نعم الصديق
وإنه غيب عن العقل بل / عن الحواس الخمس قول حقيق
وما له ماهية تقتضي / ظهوره فيها لمن يستفيق
وإنما الخلق ظهوراته / بهم تجلى مثل برق بريق
لم يتغير جل وهو الذي / يغير الغير ويهدي الفريق
خذ علمه عني فإني به / بحرٌ مداه للأعادي عميق
واحذر من الجبار يلقيك في / بحري فكم من جاهلٍ بي غريق
واشرب معي كأس الوجود الذي / عن غيره يغنيك فهو الرحيق
وقل لمن لا يعرفون الذي / هم فيه من خبث لديهم معيق
يا عصبة الطغيان والإفترا / إلى متى كفوا الحريق الحريق
ما أنتمو مثلي لكي تعرفوا / ما حجر الكدّان مثل العقيق
العلم والمال عدوّان لم
العلم والمال عدوّان لم / يجتمعا إلا اقتضى الحالُ
فَسادَ وَصْفٍ منهما ذلك ال / آخرَ فليستيقظِ البالُ
فالعلم إن لم يفسد المالَ في / وجه الهدى أفسده المال
علم عظيم النفع للعالمِ
علم عظيم النفع للعالمِ / جل عن المفهوم والفاهمِ
وكيف لا ينكر وهو الذي / يجهله إبليس في آدم
حتى أبى عن أن يُرى ساجداً / لربه من قوة الواهم
والتبس الأمر عليه ولم / يقدر على التمييز في العالم
كم عدم أخفى وجوداً وكم / من زائلٍ غطَّى على دائم
يا ويحه والنهر في داره / من حائرٍ صادي الحشى حائم
وكل ذا من قسوة عنده / وحسد في نفسه قائم
لم يسلم الأمر إلى ربه / ولم يشاهد حكمة الحاكم
وعاند الخالق في خلقه / معترضاً سيف القضا القاصم
فاحذره واحذر أن تحاكي له / ترجع بحالِ الخاسر النادم
يا أيها الإنسان قم وانتبه / من لي بهذا الغافل النائم
ويحك قد أشقى إلهُ الورى / إبليس من أجلك يا آدمي
فكن سعيداً أنت واسبق إلى / نيل العلى واعرض عن اللائم
وكتْبَ محيي الدين طالعْ لها / بخاطرٍ عن غيرها صائم
معتقداً في حقها قاطعاً / بأنها دين أبي القاسم
ولا تكن في ذاك مستعملاً / علوم رسمٍ للبنا هادم
فإن محيي الدين شمس الهدى / وهو الإمام العارف الحاتمي
عليه رضوان من الله ما / تنعم المرحوم بالراحم
عجبت من شيئين قد أجمعت
عجبت من شيئين قد أجمعت / عليهما كل عقول الأنامْ
فالأول المعدوم من كل شَيْ / أزال عنه الله وصف انعدامْ
فصار موجوداً وأضحى له / وصفَ وجودٍ ظاهرٍ للعوام
فاعجب لموصوفٍ هو المنتفي / ووصفه الثابت دون انبهام
بمن ترى الوصف غدا قائماً / تحققوا يا قوم هذا الكلام
والآخر الحق الوجود الذي / قَدَّر كل الخلق بالإنتظام
كيف بمعدوماته قد غدا / متصفاً والعقل فيها إمام
حتى بدا التنزيه عنها به / واحتاج هذا الأمر للإختصام
وإنما القهار وهو الذي / أفعاله تجرى بحكم المرام
فيطلع العقل على ما يشا / من المعاني عن ضيا أو ظلام
تصرُّفاً منه به كيفما / أراد لا عتبٌ كما لا ملام
معرفتي مخلوقة وهي لا
معرفتي مخلوقة وهي لا / تليق بالخالق ربي القديمْ
لأجل ذا في كل وقت بدت / في صورة يطرب منها النديمْ
إذا تأملنا تناويعها / في كل معوجٍّ وفي مستقيم
وإنها قاصرة كلها / عن حضرة الغيب النزيه العظيم
قلنا صواب كلها قول من / يعتبر المخلوق ذاك العديم
وإنها استعداده قد بدا / منه لها يرجى قبول الكريم
وباعتبار الحق قلنا خطا / جميعها والوصف فيها ذميم
وإنما الحق تعالى الذي / بنفسه دون سواه عليم
فعلمنا بالحق منا له / إسلامُنا والقلب منا سليم
ونحن بالعلم الذي نفسه / تعلمه نعلمه يا فهيم
أشكو من الله إلى خلقه
أشكو من الله إلى خلقه / إني إذاً من أهل دار الجحيمْ
وإنما شكري له دائماً / على توالي الفضل منه العظيم
ألم يكن أوجد ما لم يكن / مني بإيجاد جواد كريم
وهو الذي يحفظني بالذي / يمدُّني منه برزق مقيم
وكيفما كنت أرى فضله / غامرني وهو الغفور الرحيم
نزيد في الشكر له دائماً
نزيد في الشكر له دائماً / وكلما زدناه زاد النِعَمْ
مثل تجارة الكريم الذي / له شياه ولديه نَعَمْ
فكلما قلنا له زد لنا / قال أيا من عاملوني نَعَمْ
قالوا غداً نأتي ديار الحمى
قالوا غداً نأتي ديار الحمى / ديار من هم أهل سلمى همو
فينظر القلب إليهم بهم / وينزل الركب بمغناهمو
وكل من كان مطيعاً لهم / وكان مشغوفاً بذكراهمو
فإنه إن جاءهم خائفاً / أصبح مسروراً بلقياهمو
قلت فلي ذنب فما حيلتي / أخشى بأن يطردني عنهمو
عندي الحيا منهم ولي خجلة / بأي وجه أتلقّاهمو
قالوا أليس العفو من شأنهم / وكم نجا عبد رجا منهمو
والصفح من أخلاقهم دائماً / لا سيما ممن ترجّاهمو
إن أقبل السعد وزال العنا
إن أقبل السعد وزال العنا /
وقد سكرنا بكؤوس المنى /
وموسم الأفراح لي إن دنا /
يا ربةَ العود خذي في الغنا / وحرِّكي من صوته ما ونى
قم يا نديمي موسم القرب جا /
وأبدل اليأس لنا بالرجا /
ولا تخف ظلم ظلام دجا /
فإن مسودَّ قميص الدجى / لوَّنه الصبح بما لوَّنا
حسن ملاح الكون لي هيما /
وتوبتي وهبتها اللوَّما /
فرحت مُغرىً في الهوى مغرما /
وفاز بالتوبة قوم وما / تاب من التوبة إلا أنا
إن قلتَ لم أقدر ولم أستطع
إن قلتَ لم أقدر ولم أستطع / ادفع عني كيد شيطاني
أو قلتَ ذا صعب على همتي / فأنت في كذب وبهتان
إن الشياطين من النار هم / والماء منه كل إنسان
والماء يطفي النار والنار لا / تسطو على الماء بسلطان
ما لم يحل بينهما موصل / لبرد ماء حر نيران
وها هنا النفس غدت حائلاً / فاكسر إناء الحائل الفاني
يبقى بعيداً عنك يخشاك أن / تُطفِيَهُ شيطانُك الداني
لله حمدي دائماً في الورى
لله حمدي دائماً في الورى / حمد مقيم النعمة القاطنِ
على انصلاح القلب والجسم من / سوء بليدٍ ضلَّ أو فاطن
أمامنا الأعظم في ظاهر / وشيخنا الأكبر في الباطن
لا معه نحن ولا معْنا
لا معه نحن ولا معْنا / ونحن لا حرفٌ ولا معنى
بل نحن أمر واحد كلنا / إشارة القوسين أو أدنى
وهو الوجود الحق كنّا به / وهماً على وهمٍ وما كنا
نذوب ذوب الثلج في مائه / إذا تجلى عندنا استغنى
صفاته مرجعها ذاته / إذ لا ثلاثٌ لا ولا مثنى
يا وحدةً مطلقةً ما على / وجودها حكم له يُعنى
بالعدم الصرف أحاطت كما / قالت لنا لما لها قلنا
ونحن لا قول ولا قائل / ولا نرى خوفاً ولا أمنا
وقد وقفنا عند أسمائه / شرعاً فما أغنى وما أقنى
وكلما جزنا به جاءنا / شرك الخفا يدني إلى المغنى
والأصل لا علمٌ به عندنا / كلا ولا جهلٌ به منا
ولا حضور لا ولا غيبة / وقد عدمنا الظهر والبطنا
هذا جنون الحق في عقلنا / يدريه من في الحق قد جنا
يا ابن طريق الحق لا تلحني / من وحد الموجود ما ثنّى
قول المجانين الذي قلته / أنَّى لعقلٍ فهمُه أنَّى
لا تخلط الواجب بالممكنِ
لا تخلط الواجب بالممكنِ / وكن بتمييزهما معتني
فالواجب الحق وجود وما / سواه غير العدم الممكن
لم يتغير واحد منهما / عما عليه كان قدماً بني
هذا الوجود الحق باد على / كل التقادير بما يعتني
بعلمه قامت سماواته / والأرض حتى كل شيء فني
وهو كثير في ظهوراته / وواحد في ذاته الأبين
مكوّن الذرات يأتي بها / وجوده بالقلم المقتني
يركّب الأشياء منها على / تصويرها من فاضل أو دني
حتى تراه ظاهراً بالذي / ركَّبه ينطق بالألسن
تراه في صورة ناعورة / وتارةً في شكل روض جني
وتارة في شكل بدر على / غصن مليح أهيف ينثني
وهو الذي قد جل في نفسه / عن صورة التصوير للأعين
والجاهل المنكر في غيه / وللذي يعرف عيش هني
تبارك الله الغني الذي / يعرفه بالحسِّ عبد الغني
لو أن من يطلب مولاهُ
لو أن من يطلب مولاهُ / مثل الذي يطلب ديناهُ
لكان يلقاه بلا شبهة / في كل شيء كان يلقاه
من يطلب الدنيا ترى قلبه / مستغرقاً فيها وأَحْشاه
وعقله قد أسرته كما / بذكرها قد أشغلت فاه
يحب من يوهمه بذلها / وإن يكن أبغض أعداه
ويركب الأهوال في نيلها / أهوال ديناه وعقباه
وقلبه في حبها صادق / يطلب منها ما تمناه
وليته في ربه هكذا / والناس أشكال وأشباه
لو أخلصوا في الله إخلاصهم / في غيره ناجاهم الله
وخصهم منه بما خصهم / وكان بالذكرى لهم جاه
ولكن التقدير قد عاقهم / عنه وفاز الكل لولاه
وهو الذي يقضي عليهم بهم / لأن علم الله مبداه
والعلم عنهم كاشف حيث هم / في عدم لا شيء معناه
وكيفما هم جاء إيجادهم / من نعمة المولى وجدواه
والخير والشر سواء له / أيهما بالخلق أولاه
والله لا يظلم شيئاً وقد / فاضت على الكل عطاياه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025