القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ قَلاقِس الكل
المجموع : 43
وأسمرٍ يفتكُ بي طرفُهُ
وأسمرٍ يفتكُ بي طرفُهُ / إذا تثنّى وكذا الأسمرُ
إن قلتُ في وجنتِه جنّةٌ / قلتُ وفي ريقَتيهِ كوثرُ
قد كفلَتْ أكفالُه أنّه / بخَصْره ينعقِدُ الخُنصُرُ
وشاحُهُ يقلق إذ بزّهُ / ذاك الذي غصّ به المئْزَرُ
وإن مضى يرجِع أردافَهُ / كأنّه مُقْتَبِل مُدْبِرُ
ما أطولَ الليلَ على الساهرِ
ما أطولَ الليلَ على الساهرِ / لولا التفاتُ القمرِ الزاهرِ
حُلَّ نقاب الجوّ عن واصلٍ / يفقُدُ تيهاً صلفَ الهاجرِ
وربما جرّدَ من جَفنِه / ما استخدم الباترَ للفاترِ
وما الذي غرّك من ناظرٍ / مركب في غُصُنٍ ناضرِ
يكسِرُ إذ يكسِرُ أجفانَهُ / وا عجباً للكاسرِ الكاسرِ
يا رامياً أسهُمَهُ رانياً / أما على الناظر من ناظرِ
لحظُك في القلبِ له سَورَةٌ / كأنّ منها نفثَةَ الساحرِ
صادَ على فرطِ نِفارٍ ولم / أسمعْ بمثل الصائد النافر
في كل يومٍ للهوى فتنةٌ / تُقضي على العاذلِ للغادرِ
قامت بها الحربُ على ساقِها / واعترفَ المُخْدِرُ للخادِرِ
أيُّ سكونٍ لَشِجٌ قلبُه / هفت به قادِمتا طائرِ
وضيفُ طيفٍ ردَّهُ مدمَعي / فساقه الفكرُ الى خاطري
إن صدّ نيل الدمعِ عن نيلِه / فإنّهُ جاءَ على الحاجر
أشكرُ مسْراه وأشكو له / وربَّ شاكٍ في الهوى شاكرِ
زار وقد حطّ نقابَ الدُجى / عن وجهِ صُبحٍ مُسفرٍ سافرِ
وأدهمِ السُدْفةِ قد خط منْ / هلالِه نُوناً على الحافرِ
قلتُ وزهْوُ الزَهْرِ مستغرِقٌ / بعارضٍ من صُبحه ماطِرِ
لا أكفُرُ الليلَ وإحسانِهُ / وإن دعاهُ الناسُ بالكافرِ
لا ومعالي الأشرفِ المُنتَمي / في المجدِ للكابرِ والكابرِ
نجمِ بنى الحُباب على بدرِها الز / اهر بل إصباحِها الباهرِ
تأوي بنو الأغلب منهُ الى / مَنْ في حَنانيه لَعيّ العاثر
ذو راحةٍ تُجدي وتُرْدي العِدى / كأنما نِيْسانُ في ناجرِ
ننظِمُ من أمداحِه جوهراً / نُخرجُه من بحرِه الزاخِرِ
من كل عذراء أحاديثُها / تملأُ أُذْن المثَلِ السائر
مُلْهيةُ الداعي وحنانة ال / حادي ومُستَطْرَفَةِ السائر
أفعالُه البيضُ وأقوالُهُ / تفيضُ للواردِ والصادر
للهِ ما أوضحَ من مُشكِل / للعقلِ فيه دهَشُ الحائرِ
تصرِّفُ الأحكامُ أقلامَه / ويَصرِفُ الأمرَ الى الآمرِ
وما جُسَيْماتُ المعالي سوى / لُعابُ ذاك الأصفرِ الضامرِ
ينشُدُ من ينشُدُ أوصافَهُ / علقمُ ما أنت الى عامرِ
هبّتْ لنا ريحُ أحاديثِه / تعثَرُ في ذيلِ الثَنا العاطرِ
وأرّجَتْ من رَبْع أوصافِه / يانِعَ زهرِ الجنةِ الزاهرِ
قاضٍ مُجيدُ الشِعْر في وصفهِ / يُهدي البضاعاتِ الى التاجِرِ
قد زاد في منصِبِ آبائه / فافتخر الأولُ بالآخِرِ
فليَهْنِه العامُ الذي عام في / بحر أياديهِ لنا الغامرِ
ولا تزَلْ أوصافُ إحسانِه / تُغني عن الناظمِ والناثرِ
قبّلتُه يوماً وقابلتُه
قبّلتُه يوماً وقابلتُه / بخاطرٍ في مدحِه ذي خطَرْ
فقال هذي دررٌ جمّةٌ / فقلت في ثغرِك هذي الدُررْ
قادَ وقادَ السودَ نحوَ
قادَ وقادَ السودَ نحوَ / فهُمْ على الغارِ لهُمْ غارَهْ
فانظُرْ الى القَرْنِ على رأسِه / كأنه في أسفلِ الحارَهْ
يا ذَرَويّاً كان في حبّهِ
يا ذَرَويّاً كان في حبّهِ / جسميَ في الرقّةِ كالذّرِّ
أقْصَدْتَني بالهُجْر من بعد ما / أقصدْتَني من قبلُ بالهجْرِ
وخفتُ أن ينطِقَ ثغري بما / يُبيحُ آثارَ حِمى الثّغِر
كنْ آمناً فالدهرُ قد شُفِّعَتْ / أحداثُه فيكَ مَدى الدهرِ
هيهاتَ أن أبلغَ بالشِعْرِ ما / قد بلغَتْ منك يدُ الشِعْرِ
قولوا لنجم الدين بل بدرِه
قولوا لنجم الدين بل بدرِه / بل صبحِه الزاهرِ بل شمسِهِ
من مالِه يضعفُ عن جُودِه / وجودِه يضعفُ عن نفسِهِ
ماذا ترى في مدنفٍ يومُه / يَزيدُ أضعافاً على أمسِه
أسقَمَهُ الله فما فيهِما / صحّ من السُقْمِ سوى ضِرْسِهِ
لم يُبْقِ فرّوجاً حكى جسمُه / تصحيفَهُ للعينِ معْ عكسِه
ولا نُقوعاً بعضُه ناقعٌ / لغلّةِ الظمآنِ من خمسِه
ولا شراباً كادَ من طيبِه / أن يُخْرجَ الميّتَ من رَمْسِه
ولا دهاناً لو يعاني به الص / خْرُ للانَ الصخرُ في مسِّهِ
وبعد هذا هو في حِسّه / يختلفُ الحالُ وفي جَسّهِ
فتارة يُطْلَقُ تسريحُه / وتارة يُوثَقُ في حَبسِه
مسٌّ من الدهرِ فهل ذو ندًى / يَشفيهِ بالإحسانِ من مسّهِ
أيُّ فؤادٍ فيكَ لم يكلَفِ
أيُّ فؤادٍ فيكَ لم يكلَفِ / وأيُّ طرفٍ فيكَ لم يَذْرِفِ
لو عطفَ الصبرُ تجنبتُه / فكيفَ أُلْفيه ولمْ يعطِفِ
ما أحسبُ الأضلعَ ترْضى بما / حوَتْ من البرحِ ولم تكْتَفِ
قد قوي الخطبُ لهْ حيلةٌ / لواهنِ المَنْكَبِ مُسْتَضْعِفِ
لا يحرُسُ الموعِرَ في شاهقٍ / من مصْرَعِ المسَهْلِ في نَفْنَفِ
والأزغبُ المَسلوبُ من ريشِه / كصاحبِ القادمةِ المُنْكَفي
ولو حَمى ذا الظِلْفِ أحجامه / لم يقدِم الأغلبُ ذو المِخْصَفِ
من حبَبِ النفسِ ثمارُ المُنى / جَنى اللذاذاتِ ولم يَقطُفِ
وتابعُ الأمالِ تهوي به / رياحُها في المسْلَك المُجْحِفِ
وللفتى بالموتِ شُغْل فما / يصنعُ باللَدْنِ وبالمُرهَفِ
عمرو الفتى أُهْلِك في عامرِ / وحاجبٌ أُسلِمَ في خَندَفِ
والدهرُ لا تفرقُ أحداثُهُ / بين دنيءِ القومِ والأشْرفِ
ولو تحامى عنه ذو مَنعةٍ / لم ينقصِ البدرُ ولم يُكْسَفِ
قد حطّ عن مَفْرِقِ أيامِهِ / تاجُ الرئاساتِ أبو يوسُفِ
وكوكبُ غيّبَهُ حادث / كما بَدا في ليلِه المُسْدِفِ
وكرمةٌ من أدبٍ كاد أن / يعصُرَ منها عنبُ القَرْقَفِ
وروضةٌ ما فتحتْها الصَبا / حتى أحالتْها يدُ الحَرْجَفِ
وملةٌ قد نُسِخَتْ قبلَ أنْ / ينسخَ فيها البَسْمُ في المُصحَفِ
يا بنَ أبي يوسُف خُذْ بعدَهُ / بصبرِ يعقوبٍ على يوسفِ
بحرُك لا ينزِفُهُ جدولٌ / والبحرُ بالجدولِ لم يَنزِفِ
معرةُ الموتِ وباعِدْ بها / كلٌّ على مسلكِها يقتفي
والدهرُ لا خانتْكَ أيامُهُ / عادَتْهُ مذ كانَ ألا يَفي
فاكتفِ باللهِ فإنّ الذي / يفوّضُ الأمرَ له يكتفي
اقطَعْ مؤاخاةَ أخٍ جافِ
اقطَعْ مؤاخاةَ أخٍ جافِ / أرضعَهُ اللؤمُ بأخلافِ
ولا تذِلْ جوهرَ شعرٍ لهُ / فكرُكَ من أصونِ أصدافِ
إني أرى الشِعْرَ عفا رسمُه / في معشرٍ جُودُهمُ عافِ
كسَتْ أيادي البُخْلِ أعطافَهُم / غلائلاً ليستْ بأفْوافِ
لا كيلُهُمْ وافٍ ولا عرْضُهُم / صافٍ ولا مَعروفُهُم ضافِ
فاركَبْ من العزْمِ وجنّبْهُمُ / قَرى أمونِ الخَطْوِ مِهْيافِ
حظٌّ بقومٍ أسّسوا مجدَهُمْ / بحدِّ أقلامٍ وأسْيافِ
قد أوقَدوا نارَ الوغى والقِرى / لذي عنادٍ ولأضيافِ
منعتَني جاهَك في وقفةٍ
منعتَني جاهَك في وقفةٍ / تُسعِدُني في عقدِ سنبوقِ
يا طبلُ ما ألهاكَ عن شاعرٍ / يضْربُ في عِرضِكَ بالبوقِ
مدحُكَ أدنى حقّ نَعمائكْ
مدحُكَ أدنى حقّ نَعمائكْ / على مواليكَ وأعدائكْ
لو قيلَ ما الجودُ لقال الوَرى / كلهُمُ من بعضِ أسمائكْ
لا فضلَ للشاعرِ في مدحِه / وإنما الفضلُ لآلائكْ
كم نابلٍ في طرفيك البابلي
كم نابلٍ في طرفيك البابلي / وذابلٍ في عطفِك الذابلِ
وكم حوى ردفُك من موجةٍ / تضربُ من خصركَ في ساحِلِ
يا كوكباً ناظرُه طالعاً / كناظرٍ في كوكبٍ آفلِ
أوقعني منك على مانعٍ / مخايلٌ عندك من باذِلِ
طَلاقةٌ أنشأ لي برقُها / سحائباً من دمعيَ الهاطلِ
وسقمُ أجفانٍ توهّمتُها / ترثي لسُقْمِ الجسدِ الناحلِ
ومعطفٌ معتدلٌ مائلٌ / مالي وللمعتدلِ المائلِ
حبُّكَ لا حبُكَ هذا الذي / أوقعَ في أنشوطةِ الحابلِ
وليتَني أشكو الى عاذرٍ / أو ليتَني أشكو من العاذلِ
وليلةٍ أسلمتُ أصداءَها / من أكؤسِ الراح الى صاقِلِ
فالتهَبَتْ فحمتُها جمرةً / من خمرةٍ قاتلةِ القاتلِ
واتّسقَتْ نحوي مسرّاتُها / نسْقَ الأنابيبِ الى العاملِ
كخاطرِ الأسعدِ في كُتْبِه / للحافظِ الحَبْرِ عن الكاملِ
روضُ بلاغاتٍ سَقاها الحِجا / ما شاءَ من طلٍّ ومن وابلِ
خمائلُ الزهرِ له تغتدي / ملتفّةً في سمَلِ الخاملِ
رسائلٌ تُخبِرُ أنواعُها / عن خاطرٍ متقدٍ سائلِ
تعجِزُ قِسّاً في أيادٍ بها / وتعتَلي سحبانَ في وائلِ
للمَلِكِ الكاملِ في طيّها / ذكرٌ كَساها صفةَ الكاملِ
تَفدي ملوكُ الأرضِ ملْكاً نَضا / بُردَيْهِ عن كافٍ لهمْ كافِلِ
يدفعُ عنهم وهُمُ جُندُه / كذلك السنِّ مع الذابِلِ
وفيه للدُنيا وللدين ما / يستَعجِزُ القائلَ بالفاعلِ
فالسيفُ يروي منه عن جارِمٍ / والضيفُ يَروي منهُ عن عادِلِ
وسائلٍ عنه فقلتُ استمِعْ / من عالمٍ لا كنتَ من جاهلِ
حسبُك ما تُبصِرُ من كتبِه / الى الفقيهِ العالِمِ العاملِ
والمرءُ ما عبّر عن فضلِه / بمثلِ ميلٍ منهُ للفاضلِ
أكرمُ منه عاجلاً مَنْ غَدا / يُكرمُه الرحمنُ في الآجلِ
من دين دينِ الحقّ مُستهلِكٌ / حتى اقتضاهُ من يدِ الباطِلِ
مُشْرعُ شرعٍ قد سرى خِصْبُهُ / في بلدِ المعرفةِ الماجلِ
مناقبٌ قد نُظِمَتْ حِليةً / على صدورِ الزمنِ العاطلِ
خُذها من الخاطرِ خطّارةً / قليلةَ الناقدِ لا الناقلِ
في عرَضِ الأشعارِ من حُسْنِها / ما شئتَهُ من جوهرٍ قابِلِ
تُنسي العتاهيَّ لها قولَهُ / يا إخوتي إن الهَوى قاتلي
ولو حَواها لم يَقُلْ سائلاً / ماذا تردّون على السائِلِ
وعجّلِ البرَّ فما يستوي
وعجّلِ البرَّ فما يستوي / يا سيّدي العاجلُ والآجلُ
لا زلتَ في عزٍّ وفي نعمةٍ / ما اهتزّ غصنٌ ناعمٌ ذابلُ
نعمْ هو البرقُ على الأنعمِ
نعمْ هو البرقُ على الأنعمِ / فاشْقَ به إن شئتَ أو فانعمِ
لاحَ بأعلى هضْبةٍ خافقاً / خفقَ لواءِ البطَلِ المُعْلَمِ
وزلّ عن صهوةِ طَرْفِ الدُجى / سقطةً جُلِّ الفرَسِ الأدْهَمِ
حتى إذا ما قابلَ وادي الغَضا / أغْضى على مدمَعِهِ المُثْجِمِ
واستقبلَ السَفْحَ وكم فوقَهُ / من مُقلةٍ سافحةٍ بالدَمِ
فعندما شقّ كنوزَ الرُبى / عن ذلك الدينارِ والدِرْهَمِ
قامَ نساءُ الحيّ يجنينَهُ / بين فُرادى منه أو توأمِ
فأشْكَلَ النورانِ في مَنسِمٍ / تعبَقُ ريّاهُ وفي مَبسِمِ
وأشبهَ النورانِ في نَضْرِه / الى حياءٍ وحَيفا ينتَمي
ما بينَ وجْناتٍ الى أعيُنٍ / وبين خَيريٍّ الى خُرَّمِ
ومَعرِكٍ بينهما لم يزلْ / يفتِكُ فيه الظبيُ بالضَيْغَمِ
حولَ حِمىً باتَ كليبٌ له / مجرّداً من شَمْلِهِ المُحْتَمي
يمنعُ ضيفَ العينِ منه القِرى / وهو مباحٌ ليدِ أو فَمِ
يا عاقِري النيبِ لضَيْفانِهمْ / غلِطْتُم في كبِدِ المُغرَمِ
كم من دمٍ باتَ به حيُّكُمْ / كأنّهُ ملتقَطُ العَندِمِ
وكم عيونٍ أصبحتْ عندكم / معدودةً في جُملة الأسهُمِ
أتْلَفْتُمُ قلبي فماذا الذي / خفّف عنكُمْ ثِقَلَ المَغرَمِ
لا طرقَتْ ربْعَكُمُ غارةٌ / يسألُ منها مَعشَري عن دَمي
ولا سرَتْ نحوكُمُ أسرةٌ / تأسُرُ بالداهيةِ الصّيلَمِ
من كل مَن مصدَرُ أسيافِه / بضربةٍ مثلِ فمِ الأهْتَمِ
يقولُ إن جرّ كعوبَ القَنا / تأبط على الحافرِ والمَبْسِمِ
ما هذه أولُ ما ردّني / عنه بلا أجرٍ ولا مغنَمِ
فخلّ عن عتْبِكَ لي إنها / شنشَنَةٌ تُعرَفُ من أخْزمِ
ولا تخفْ مني ضَياعاً فقد / حفظْتُ عند الحافظِ الأكرمِ
أقسمتُ بالله ولولا عُلا / مجدِ أبي القاسمِ لم أُقْسِمِ
إنّ ابنَ حَمودٍ له راحةٌ / تستجلبُ الحَمدَ من المِرْزَمِ
المُجمَلُ المنعِمُ إن حبّرَتْ / مدائِحُ في المُجمَلِ المنعّمِ
والكعبةُ الغرّاءُ لكنّه / يحلُّ ما يحرَمُ للمُحْرِمِ
في كل يومٍ لوفودِ النَدى / ببابِه مُجتمعُ الموسِمِ
للمالِ من راحتِه عندَهم / أمثالُ ما للماءِ من زَمْزَمِ
يفيضُ بحرُ العِلْم من صَدْرِه / فيزْدَري بالزاخرِ الخَضْرَمِ
يُمْلى وقد يملأ مسترسلاً / حقائبَ المُنجِدِ والمُتْهِمِ
سائلْهُ أو سَلْهُ تجدْ عندَهُ / هُدى جهولٍ وغِنى مُعدِمِ
لو نحلَ الأيامَ آدابَهُ / لم يظْلمِ الدهرَ ولم يُظْلِمِ
ولو أعار الليلَ آراءَهُ / ما احتاجَ ساريهِ الى الأنجمِ
فضائلٌ كادتْ لإفراطِها / تُنطِقُ بالشُكْرِ فمَ الأبكَمِ
ما بدأ الإحسانَ فاحتاجَ أن / يقولَ راجيهِ له تمّمِ
حُلْو إذا لُوينَ مرٌّ إذا / خُوشِنَ طعمُ الشهْدِ والعلْقَمِ
حكّمَهُ الله فأحيا به / نصّ الكتابِ المُنزَلِ المُحكَمِ
وأصبحَ الشّرْعُ به قيّماً / يَهْدي طريقَ السّنَنِ الأقوَمِ
يروي فيروي بأسانيدِه / غُلّةَ فهمِ المعشرِ الحُوَّمِ
هذا وكم أيقظَ ذا غفلةٍ / غادرَهُ في سِنةِ النّوّمِ
مقدَّمُ الذكرِ وإن لم يكن / ممّنْ أتى في الزمنِ الأقدمِ
ولو أتى فيه لحطّ اسمُهُ / من البُخاريّ ومن مُسلِمِ
يا مَنْ يجاريه الى غايةٍ / سالمْه وارجعْ دونَه تسلَمِ
لا يرتقى للنّجمِ ذو سُلَّمٍ / فكيفَ من كان بلا سُلَّمِ
يا سيّداً أفعالُه غُرّةٌ / فوق جبينِ الزمنِ الأدهمِ
صُمْ وافرَ الأجرِ وصِمْ حاسداً / يُشْجيهِ قولي لك صُمْ أوصِمِ
وابقَ وزِدْ واعْلُ وسُدْ واصطنِعْ / وارقَ وجُْ وابدأْ واسْلَمِ
طوّل قرنَيْهِ وعلاّهُما
طوّل قرنَيْهِ وعلاّهُما / ما شَرِبا من نُطَفِ العالَمِ
لو كان في المُمكنِ أن يُثْمِرا / ما أثمرا إلا بني آدمِ
ما ضرّ ذاك الريمَ ألا يريمْ
ما ضرّ ذاك الريمَ ألا يريمْ / لو كان يرثي لسَليمٍ سليمْ
وما على مَنْ وصله جنّةٌ / أن لا أرى مَنْ صدُّهُ في جَحيمْ
أُغيدُ ما همّتْ به روضةٌ / أعلّ جِسمي لأكونَ النسيمْ
ما للسّقيم صحةٌ عند مَنْ / ضنّ بها منهُ بجَفْنٍ سَقيمْ
وكيف لا يَصْرِمُ حَبْلي وقد / سمِعْتُ في النِسبةِ ظبيَ الصَريمْ
رقيمُ خدٍّ نام عن ساهرٍ / ما أخْلَقَ النومَ بأهلِ الرَقيمْ
وعاذلٍ دام ودامَ الدُجى / بهِيْمةٍ نادمتُهُ في بَهيمْ
يغيظُني وهو على رَسْلِهِ / والمرءُ في غيظِ سواهُ حَليمْ
قلتُ إذ استعذَبَ لوْمي وقد / وقعتُ منهُ في العذابِ الأليمْ
أُعْذُرْ فؤادي إنّه شاعرٌ / في كلّ وادٍ في هواهُ يَهيمْ
يا رُبّ خمرٍ فمُهُ كأسُها / لم أقتَنِعْ من شُربِها بالشميمْ
أتْبعتُ رَشْفاً قُبَلاً عندَها / وقُلْتُ هذي زمزَمٌ والخَطيمْ
فافترّ إمّا عن أقاحي الرُبى / يضحكُ أو درِّ العقودِ النَظيمْ
أو كان قد قبّل مُستَحْسَناً / ما حبّرَ الفاضلُ عبدُ الرحيمْ
من لفظِه راحٌ وأخلاقِه / روحٌ وتلك الدارُ دار النعيمْ
فارشفْ بأسماعِكَ من قهوةٍ / ما أحدثتْ من ندمٍ للنديمْ
وارتَعْ على روضٍ له نضْرَة / تنظُرُ في الروضِ بعينِ الهَشيمْ
بلاغةٌ جرّتْ جريراً ولم / تتركْ خُطاماً بيدِ ابنِ الخطيمْ
وربّما هبّتْ رياحٌ لها / تلْقَحُ منها كلُّ فكرٍ عَقيمْ
رأى به الديوانُ ديوانَهُ / مطرّزاً باسمِ شريفٍ وَسيمْ
وقال يا عبدَ الحميدِ ادّرِعْ / من بعدِ هذا اليومِ ثوبَ الذَميمْ
زُرْهُ تَزُرْ سحبانَ في وائلٍ / وانظُرْهُ تنظُرْ حاجباً في تَميمْ
وثمّ طولٌ عمَمٌ وشّحَتْ / أعطافُهُ برْدَةَ طولٍ عَميمْ
علامةُ السؤدَدِ معلومةٌ / جسمٌ نحيفٌ وعلاءٌ جَسيمْ
أثرى حديثُ المجدِ عنهُ به / ولم يزَلْ يبسطُ كفَّ العديمْ
من معشرٍ ما بينَهُم مُعْسِرٌ / يقْضون راجِيهِمْ قضاءَ الغَريمْ
قد قلتُ للطالبِ مسعاهُمُ / جهِلْتَ فانظر أيَّ برقٍ تَشيمْ
تهلّلوا في حيثُ شمسُ الضُحى / تبرزُ في الصحوِ بوجهٍ شَتيمْ
وانقَسموا بين ثناءق على ال / أفواهِ سيّارٍ ومجدٍ مُقيمْ
يفديهُمُ كلُّ منيعِ القِرى / مبتذلِ العِرْضِ حلالِ الحريمْ
تنظُرُ عينُ الضيفِ منه الى / خُلْقٍ ذميمٍ ومحيّاً دَميمْ
لطائمُ المِسْكِ إذا نافستْ / أوصافَهم راحتْ بوجهِ لَطيمْ
عندي قَليبُ الشِعْرِ يا بحرَهُ / وبارضٌ من روضِهِ يا جَميمْ
فامنُنْ بتقديمي فإنّي امرؤ / حديثُ إنعامِكَ لي والقَديمْ
قد صار موسى حينَ أوردتُهُ / ما آلَ يا مَدْيَنَ موسى الكَليمْ
والكاملُ الكاملُ لي جنّةٌ / أنت صِراطي نحوَها المُستَقيمْ
وامنُنْ بأحسنتَ تجدْ مُحسناً / يهزّ بالإطرابِ عِطْفَ الكَريمْ
فهو مُقامٌ إن تأملتَهُ / خفتَ على لِبي أن لا يُقيمْ
ومشرقٍ يُشبِهُ بدرَ الدُجى
ومشرقٍ يُشبِهُ بدرَ الدُجى / حُسناً ويَسْري في الدُجى الفاحِمِ
وكلّما قُلِّبَ في لِمّةٍ / أضحكَها عن ثغرٍ باسمِ
أظنّهُ حاذرَ سُلوانا
أظنّهُ حاذرَ سُلوانا / يسْتامُهُم وصْلاً وهِجْرانا
واستعْذَبَ العذْلَ لذكراهُمُ / وكان لا يعرِفُ نِسيانا
وإنّما أوجسَ في نفْسه / تسميةُ الإنسانِ إنسانا
يا قاتلَ الله فُنونَ الهَوى / فكلّ فنٍ منهُ أفْنانا
أصبحتِ الغُزلانُ أُسْداً به / وصارتِ الآسادُ غِزْلانا
مصارعٌ يعرِفُها كلُّ مَنْ / يعرفُ يَبْرينَ ونُعْمانا
يا ذا الذي يطلُبُ لي مالكاً / سائلْ هَداك الله رِضوانا
أطْلَقَ من جنّتِه شادِناً / قد ملأ الأحشاءَ نيرانا
فاصْطادَهُ القلبُ وما صادَهُ / وكان ما قِيلَ وما كانا
وا عجباً أغربَ في الهَوى / فردّني أحلُمُ يَقْظانا
يا خاطري لا نوْمَ من بعدِ أنْ / رأيتُ شمسَ المُلْكِ نَبْهانا
قلّدَهُ فكرُك في نحرِه / دُرّاً من المدْحِ ومَرْجانا
أفضالُه عبّرن عن فضلهِ / هل أصبحَ الإحسانُ حسانا
شهْم شأى يوسُفَ في حُسنِه / وبذّ في المُلْكِ سُلَيْمانا
تجْنيه سُمْرُ الخطّ عذبُ الجَنى / وهي التي تنْعَتُ مرآنا
فمَنْ رأى من قبلِها معرَكاً / يَحولُ في الحالةِ بُسْتانا
أنزِلْ به في الحي من مازنٍ / ولا تخَفْ ذُهْلَ بن شَيْبانا
ورد بحارَ الجودِ زخّارةً / تظْما لأنْ تُبصِرَ ظمآنا
ولا تلجّجْ إنْ طَما موجُها / فربّما أصبحَ طُوفانا
أفتكُ ما كان بحيثُ القَنا / يلفّ بالفُرسانِ فُرْسانا
والنقْعُ قد مدّ رُواقَ الدُجى / وأطلعَ الخَرْصانُ شَهْبانا
والبيضُ نحو الزعْفِ ممتدةٌ / جداولٌ تتبعُ غُدْرانا
والخيلُ عُقبانٌ ترى فوقَها / عَقْبان أعلامٍ وعُقبانا
من كلّ من جرَّ كعوبَ القَنا / فخلتَهُ ليثاً وثُعْبانا
يظنّهُ مادحُه أيكةً / وإن رآهُ القرن ثهلانا
ذو العزْمِ لو يُطيعُ ذا شفرةٍ / ما جازَ أن يسْكُن أجفانا
والبأسُ لا واللهِ ما نارُهُ / مما روَوْهُ لابن كَنعانا
والرأيُ لو كان لعَدْوانَ لم / يخفْ من الأيام عُدْوانا
والجودُ ما نازعَ فيه الحَيا / إلا حَوى التهْتانُ بُهْتانا
والمنظرُ البهرُ قد قلت إذ / نازعَ فيه البدرُ بُرْهانا
هذا الكمالُ قد حَوى سعدَهُ / يا بدرُ لن يُعْقِب نُقْصانا
يا ماجداً نلتُ بأفنائه / أوطارَ من لازمَ أوْطانا
أحرزتَ عن عينِ الزمانِ العُلى / دمتَ لتلك العينِ إنسانا
إن ابنَ عدلانَ له حيلةٌ
إن ابنَ عدلانَ له حيلةٌ / يعجَزُ من رام تحلّيها
نصفيةٌ فرّكَ أكمامَها / وعمّةٌ صفّ حواشِيها
فقلتُ غرّتْكُمْ مخاريقُه / وغُيّبَتْ عنكُم مخازيها
واللهِ ما وسّعَ أكمامَهُ / عُجْباً بما نالَ ولا تِيها
وإنما وسّعها عِدّةٌ / يحمِلُ ما يسرِقْهُ فيها
يا ذا الذي أنطقَهُ مالُه
يا ذا الذي أنطقَهُ مالُه / وكان لولاهُ حليفَ السكوتْ
ما لكَ من مالكَ إلا الذي / تسُدّ منه خلّة أو تَقوتْ
سيّانِ من أصبحَ في جوسقٍ / أو كان في بيتٍ من العنكبوتْ
ما الفقرُ يُدْني لامرئٍ موتَه / ولا الغِنى يمنَعُهُ أن يموتْ
وعسكريٍّ كلما رُمتُه
وعسكريٍّ كلما رُمتُه / جرّد لي حُبَّ مُلاحاتِه
آراءُ قلبي منه خفّاقةٌ / كأنها من بعضِ راياتِه
عُلِّقتُه بدراً ولكنّهُ / صيّرَ خوضَ الهولِ هالاتِه
كأنّما ألحاظُه علّمَتْ / من فيك غاراتِ غاراتِه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025