المجموع : 59
بالله يا مشبِهةَ الخمرِ
بالله يا مشبِهةَ الخمرِ / لوناً ويا أضوأَ من بدرِ
رُدِّي فؤادي حَسْبُه بعضُ ما / سقَتْه عيناكِ من السحر
صُنْتُكِ عن لحظِيَ يا من غدت / تكاد من رقَّتها تجري
عِقدك هذا الجوهر المحض أم / ثغرك نَظَّمِت على النحر
شبَّهتُها بالبدر فاستضحكتْ
شبَّهتُها بالبدر فاستضحكتْ / وقابلت قوليّ بالنُكْرِ
وسفَّهتْ قولي وقالت متى / سَمُجْتُ حتى صرتُ كالبدر
البدر لا يرنو بعين كما / أَرنو ولا يبسِم عن ثغر
ولا يُميط المِرط عن ناهد / ولا يشُدّ العِقْد في نحر
من قاس بالبدر صِفاتي فلا / زال أسيراً في يَدَيْ هجري
السُّكْرُ في أَسْكَرَ عندي وقارْ
السُّكْرُ في أَسْكَرَ عندي وقارْ / فاخلع بِها لِلَّهْو عنك العِذارْ
ولا تطِع في نَشْوةٍ لائماً / إنّ قبول الّلوم في السُّكر عار
وهاكَها تسلُب لُبَّ الفتى / وحلمَه في لَطَفٍ واختصار
حمراء في الكأس فإن شُعْشعت / ولَّد قَرْعُ الماء فيها اصفرار
في قَدَحٍ لي له مُشْبِه / إلاَّ صفاءَ الماء وضوء النهار
كأنما الساقي إذا مجَّها / في صفوه يجمع ثلجاً ونار
فَرُحْ صريعَ الراح إن كنتَ من / أُلاَّفها واغْدُ خليع العذار
أمَا ترى النيل وريح الصبا / تنظم فيه زَرَدات صغار
لا سيَّما إن غرَّد النايُ أو / ناولك الكأسَ صموتُ السِوار
وبتَّ تجني لَعَساً أَشْنباً / مستعذَبَ الظَّلْم بَرُودَ القطار
ومقلةً مثمرة فتكة / ووجنة منبِتة جُلنّار
كأنّ لامَ الصُّدْغ في عاجِها / ليل تبدّى جُنْحه في نهار
من كان لا يُسْلِيه هذا وذا / فهو وحقّ اللهِ عينُ الحمار
جلَّت مساعيّ عن الفخرِ
جلَّت مساعيّ عن الفخرِ / فهي نجوم الأَنجم الزُهْرِ
وكيف يحصي الفخرُ تعديد ما / أَحْوِي وقد زاد على القَطْر
من فضل نوري نورُ شمس الضحى / ومن سَنَا عِرضي سنا البدر
أيُّ كريمٍ لم يشِمْ شِميتي / وأيُّ عافٍ لم يَرِد بَحري
وأيُّ مجد لم أَلِجْ بابَه / وأيُ علمٍ لم يلِجْ صدري
يفتخر الفضلُ بكَسْبي له / وتسمع الأيّام من أمري
كم أنزل المقدارُ عن قدره / من جهِلتْ فطنتُه قدري
فحسب مَن قاطعني أنه / بات عدوّاً فيّ للدهر
كم مظهِرٍ لي في الورى غدره / رماه عني الدهر بالغدر
وظالمٍ لم يألُ في ظلمه / عوقِب بي من حيث لا يدري
فمنهمُ مَن ذاق كأس الردى / مختَرَماً قبل مدى العمر
ومنهمُ من شَتَّتَتْ شملَه ال / أَيامُ بعد الجَمْع والوَفْر
ومنهمُ من حُطَّ عن عِزّه / فعاش في ذلّ وفي ذُعْر
قل لبني اللَّخناء ذي آيةٌ / واضحةُ الإسرار والجهر
وهكذا يُخْذَل في دهره / كلُّ دعِيٍّ صَدّ عن نصري
أقسِم بالبيت ومَنْ حجَّه / والركنِ والمشعَرِ والحِجْر
لو أَضْمرتْ لي الشمسُ في جوّها / سُوءاً لراحت وهْيَ لا تجري
وكلُّ مَنْ أبغضني إنّه / يموت أو يحيا على صُغْر
أصونُ أبشارَ خدود الدُمَى
أصونُ أبشارَ خدود الدُمَى / وأمنع الغاوي من النظره
وظاهري في العين مستحسَن / واسمِيَ مشتق من الستره
لو فُرِش المجلس بالدُرّ
لو فُرِش المجلس بالدُرّ / نَضْداً وبالياقوت والتِّبْرِ
ما كان عن حسنِيَ مستغنِياً / لا خير في بيت بلا سِتْرِ
هجرتُ شُرْب الراح في فتيه
هجرتُ شُرْب الراح في فتيه / ما منهمُ من يهجر الخمرا
فقال منهم قائل هُجْرُها / في هَجْرِها لا يَبْسطُ العُذْرا
وخمرنا بعدُ فما استكملت / في دَنّها معصورةً شهرا
وليس عُمْرُ الخَمْر ما لم يَحُلْ / حَوْلٌ عليها عندنا عُمْرا
وقد أتى النوْرُوزُ مستجهِلاً / مَن لم يَجِدْه ميّتاً سُكْرا
ولستُ في استهدائها مخطئاً / كَلاَّ ولا مرتكبا نُكْرا
فعُذْتُ من قصدِ فريدِ العُلا / بَمعقِلٍ لا زال لي ذُخرا
مولىً حَباني بعضَ إنعامه / عندي وحسبي قَصْدُه فخرا
فجاء حسنُ الظنّ من قبل ما / أمَّلته يؤذِن بالبشرى
وسار نظمُ الشِّعْر في إثْرِه / مقدِّماً قبل الندَى شكرا
يا حَبذا شكري وظنّي بمن / أرجو لردّ العسر لي يسرا
وابِأبي من حَسَّن الظنَّ في
وابِأبي من حَسَّن الظنَّ في / قصدي ومن أسلفني شكرا
ومن دعاني للمهمّ الذي / يُسَهِّل المستصعَب الوَعْرا
أحسنتَ إِحسانَ المحبّ الذي / أخلصَ لي الإسرارَ والجَهرا
ولا ومَن أسأله راجياً / منه العُلا والعزَّ والنصرا
ما جاءني شِعُرك مَسْتَقياً / وقدوتي مالكةٌ خمرا
إلا التي استخلصتُها وهْيَ لم / يَبْلُغُ مَدَى العمرِ لها شهرا
فليتني رحتُ بلا مُهْجةٍ / ولم أقدِّم في الورى عذرا
أوْليتني مُلِّكتُ عمري لكي / أُعطِيّ منه سائلي الشَطْرا
لكنني أحبوك إذْ لم أجِد / من صِرْفها ما جاوز العمرا
صفراءَ كالوَرْس عقيقيَّة / صافية عاتقة بِكْرا
يَزُفُّها نحوك مَنْ يرتضي / مثلك كُفْؤاً فارتقب عَشرا
لا زلتَ يا مالكُ لي سالماً / لعلّ سقمي بك أن يَبْرَا
أرى أناساً ساء بي ظنُّهُم
أرى أناساً ساء بي ظنُّهُم / في كلّ ما قلتُ من الشعِر
لمّا تطأطا بهمُ عِلْمُهُمْ / قاسُوا بأقدارهِمُ قدري
قالوا سواه صانعٌ كلَّ ما / يأتي به في السرّ والجهرِ
لو فهِموا أو عقلوا لاستحَوْا / أن يجعلوا المِرِّيخَ كالبدر
قِيسوا بشعري شعرَه تعلموا / تضايُقَ النهر عن البحر
من بَطَّل الحقّ هجا نفسه / بجهله من حيث لا يدري
فناظروني فيه أو فاشرحوا / شعريَ إن أنكرتمُ أمري
أولا فقولوا حسدٌ قاتل / مستمِكنٌ في القلب والصدر
يا رُبَّ ليل بتُّه ناعماً
يا رُبَّ ليل بتُّه ناعماً / بين رُبا المختار فالجِسْرِ
أَخرج فيه لِصِباً من صِباً / وَأستحثّ الخمرَ بالخمرِ
وعذبة الألفاظ معشوقةٍ / ساحرِة الأَوتار والشِعْر
راجحة الأرداف مَمْكورةٍ / طَوْع الصِّبَا مرهَفة الخَصْر
كأنما البدرانِ في وجهها / فهْيَ سَماءُ الشّمسِ والبدرِ
فلم أَزْل أَشربُ من كفّها / وأَجْتَنِي الشّهَد من الثَّغْر
حتى تضجّعت وبي منه ما / بِلَحْظ عَيْنَيها من السُّكْر
والبدرُ قدْ مدّ على نِيله / مِنْطقةً من خالص التِّبر
اشرب على بدرٍ بدا كاملاً
اشرب على بدرٍ بدا كاملاً / في أنجمٍ منثورةٍ كالشَرَرْ
كأنه في ليله غُرَّةٌ / تمّ سناها بسواد الطُرَرْ
يا لائِمي في أن خلعتُ العِذارْ
يا لائِمي في أن خلعتُ العِذارْ / ما ترك الحبّ لقلبي اختيارْ
الصبر أولى غير أنّ الهوى / أحلاه ما لم يك فيه اصطبار
كَمْ وَلَهِي فيه وكَمْ عَبْرتي / ومُحْرَقي من غير نارٍ بنار
ولو تأمّلتَ وجدت الصِّبَا / أخفَّ من حِلْمٍ ثقيلِ الوقار
هل بعد طَيّ العُمْر إلا البِلَى / وهل وراءَ الشيب إلا البوَارْ
عصرُ شباب المرء ضيفٌ له / يمضي وأيام التّصابي قِصار
فخذ من اللَّذة من قبل أن / ينأى بلّذاتك بُعْدُ المَزَار
وليلةٍ أسريت فيها ولا / بدرٌ يُنِير الأرض إلا سِرار
كالمُقْلة الدعجاء زنجيَّة / كافرة لَمْعَ نجوم المدار
وصاحبي ذو رَوْنق صارم / مدرَّج المَتْنين ماضي الغِرار
أنحفُ من ضعف نسيم الصَبا / حدّا وأمضى من ظُبَا الاحورار
حتى طرقتُ الحيَّ من وائل / ولجوّ مكحول النواحي بِقار
والقوم من سَوْرة كأس الكَرَى / كأنما عُلُّوا بِصِرفٍ عُقار
فبتّ في محبوك مَجْدُولة / صامتةِ الحِجْلْين ملأَى السِّوارْ
مُرْتشِفاً من بَرْد أنيابها / حُلْواً بَرُودَ الطّلّ عذْبَ القِطار
وهي من الخِيفة لا تَهْتدي / لموضع الشَّكوى ولا الاعتذار
كأنّها غصنُ نقاً ناعمٌ / يَميس من يُمْنى يدٍ لليَسار
والذّعر يَسْتَنْبِط من دمعها / درّاً أبَتْ سِلْكاه إلاّ انتثار
كأنها تَمْسح رشحاً من ال / كافور بالعُنَّاب من جُلنّار
حتى إذا رقّ قميصُ الدّجى / وابتسم الصبحُ وَراءَ الإزار
قامت كئيباً غائراً لونُها / تَسْتوقف اللّيل عن الانفجار
فعاد ليلاً ثانياً فرعُها / أَعْجِب بليلٍ طالع من نَهار
وحذَّرَتْني من أَذَى قَومِها / حتى إذا لم يَبْدُ منّي الحِذَار
بكتْ وفدَّتْني بآبائها / والشُّمِّ من معشرها والنُّضَار
ثم ثَنَتْ كفّي على خافقٍ / من قلبها مُرْتَجِفٍ مُسْتَطار
كأنّها ظبيٌ رأى قانصاً / بحيث لا يُنْجِيه منه الفِرار
أو معشرٌ عادَوْا بني المصطفى / واغتصبوا المُلكَ وخافوا نزار
قل لأبي المنصور يا بن العلا / ووارثَ المُلْك وحامي الذِّمار
يا حجّة الله التي أشرقتْ / فينا ويا صاحبَ كَنْز الجِدار
وَيا مجيرَ الجود من حبسه / في حين لا سَمْحٌ به يُسْتجارْ
ويا هُدَى مَن ضلَّ عن رُشْدِه / واشتبه الحقّ عليه فحار
أبوك جلَّي الظلم والبغي عن / شرائع الدين فأنت المَنار
جمعتَ أفذاذ بني فاطم / عزماً وأدركت لهم كلَّ ثار
بهمَّةٍ تسمو على المشترِي / وراحةٍ تغمر مَدَّ البحار
هَنَاك عِيد لك تمَّت له / فينا معاني لفظِه واستنار
جمَّلتَه عِزّاً وحسناً كما / جمَّلتِ الشمس رداءَ النهار
برزتَ فيه كبروز الضحى / مجتمعَ الهيئة بادي الوقار
وأنت مِن جودك في وابلٍ / سَحّ ومن لُبْس التقي في شِعار
تبتسم الدنيا إلى ماجدٍ / منك حُسنيّ كريم النِجَار
لا يخلط الجِدَّ بهزل ولا / يَهنيه في غير المعالي قرار
ولا يُعدّ الحِلمْ حلماً إذا / لم ينشر الحلم مع الاقتدار
أروع لا يثنِيه عن عزمه / رَوْع ولا حادث خطبٍ كُبَار
يَلْقَى القنا الصُمّ بمثل القنا / من رأيه تحت سماء الغبار
لا يسأم الجود فِعالاً ولا / يزداد للإيمان إلا انتصار
صلَى عليك الله من مالك / جَذَّ يَدَ البخل نَداه فبار
والنصرُ والعِزّ قِريناك ما / رُمْتَ عدوّاً فلك اللهُ جار
عاقِب بما شئتَ سوى الهجر
عاقِب بما شئتَ سوى الهجر / واغلق رضا قلبك عن غَدْري
أليس قد رُحتُ على كلّ ذا / أجولُ في سرّك والجهر
جدِّد ولو بالسوءِ ذِكرى فما / أحِبّ أن تنفكّ عن ذكري
يا من أرى ذلّيَ في حبّه / أحلى من الفُسْحة في العمر
ومن إذا شبّهته لم أَجِد / لوجهه شِبْهاً سوى البدر
سَلْ لحظَ عينيك وتفتيرَه / إن كان لي شيء من الصبر
كأنّ فكري لك دوني فما / أَقدِر أَن تَسقُط من فكري
قل لنزارٍ أنت أُسُّ العلا
قل لنزارٍ أنت أُسُّ العلا / وفرعها الثابت في الأُسّ
يا بهجة الأيام فينا ويا / زين سرير الملكِ والكرسي
تاه بك المجد على أهلهِ / كما يتيه الصبح بالشمسِ
بالرشدِ إن سِرت فِسْر ظافِراً / بين العلا والفتحِ والقدسِ
وإن تخلَّفت تخلَّفت في / نجحٍ سليمَ الملك والنفسِ
أنت المُوقَّى في غَدٍ مثلَ ما / وقِّيت في اليومِ وفي أَمسِ
واللهُ قد أعطاك سعدا رمى / عن مِلكك الأعداء بالنحسِ
لو بلغت بغدادُ أقصى المُنَى / نادتك دون الجِنّ والإنسِ
ولا تكن من قتلِ أملاكها / يا حُجَّة الرحمان في لَبْسِ
آلُ رسولِ اللهِ جِنسٌ عَلاَ / وأنت أعلى ذلك الجِنسِ
فاسلم على رَغْم أنوفِ العِدا / لِصفْع حُسَّادِك بالقَلسِ
وابقَ على الأَيام فالدين والد / نيا بأقبالك في أُنسِ
يا غُصُنا في المجدِ سامِي الذُّرَا / محمدِيَّ النبتِ والغَرس
من لم يسلِّم لك فضل العُلاَ / ففضله في غاية البخسِ
أما ترى الأَيام والناس مذ / عمَّهمُ عدلُك في عُرْسِ
ناعورة أنَّة أَنِينَ الهوى
ناعورة أنَّة أَنِينَ الهوى / لمَّا شكت حَرَّ وساويسها
أنينها صَرَّةُ تدويرها / ودمعها ماء قواديسِها
كأنما الكيزان في بِئرِها / هامُ ملوكٍ في نواوِيسِها
تَقذِف بالماء إلى روضةٍ / كأنها ريش طواويسِها
كأنما السَرْوُ بها نِسْوة / قامت إلى قرعِ نواقيسِها
ويُحسب الخَشخاشُ مِن حولها / يدا أشارت بدبابِيسها
وانفتح النرجِس عن أعين / مصفرَّةِ الأحداقِ من بُوسها
وأُقحوانٍ كثغور المَهَى / مفترَّةٍ من بعد تعبِيسها
وسَوْسَنٍ كالقَرْصِ لمَّا بدت / آثاره في لِينِ ملموسها
نَبَّههُ القَطْر بأندائِه / إذ نثرتْهُ السُّحْبُ من كِيسها
تلعب بالأبصار أنوارُها / لِعْب الأمانِي بِمفاليسها
فرُحْ على رَيْحانها واسترِح / للرّاحِ في دَوْحة مأنوسها
وهاتِها يخفى على الحِسّ ما / جاءت به رِقّةُ محسوسها
كأنما الساقي إذا حثَّها / يقدح لمعَ البرق في كُوسها
عاطيتها لَمْياءَ مجدولةً / يضيق عنها وُسْع ملبوسِها
كأنما نجني جَنَى الشَهْدِ من / بين ثناياها وتلعيسها
كم خِفت من لحظ عيون المَهَا / وكم أخَفْت الأسْد في خِيسها
لاح نذِير الشّيبِ فانزع به / عن الغواني ونواميسها
واسمُ إلى الصفوةِ من هاشم / أهلِ معالِيها وتقديسها
إن قريشاً بِعلا هاشِمٍ / تفخر في عَقْوةِ عِرِّيسِها
إن يك من ياقوتها هاشم / فَعبد شمسٍ من ضغابِيسها
دع عبدَ شمس وأباطيلَها / فقد بدا الله بتنكِيسها
قبيلة ما طهَّر الله مَنْ / شايعها مِن إِثم تنجيسها
طافت بحربٍ وهو فِرعَوْنها / طَوْفَ النصارى حول قسّيسِها
دم النبِيّ المصطفى ظاهِر / يلوح في بنيان تأسِيسها
سَقَت بنِيه بالردى واغتدت / نِساؤه سَبْيا على عِيسِها
قبيلة أفضلها شرُّها / لا شرفت عن حال مرءوسها
فإنها أولى بإتعاسها / ولعنها من لعنِ إِبْليسها
أذكرني النرِجِسُ أجفانَ مَنْ
أذكرني النرِجِسُ أجفانَ مَنْ / غادرني في صُفرةِ النرجِسِ
فلم أزل ألثم مبيضَّه / شوقاً على طِيبِ جَنَى الأكؤسِ
حتى أشاب الصبحُ فرعَ الدجى / ولم أنم عنه ولم ينعسِ
يا من حكى النرجِس لي نَشْره / ماذا تقلَّدت من الأنفسِ
هبك لبِست الصبح وجها فمِن / أين لبِست الشَعْر كالحِندِسِ
والله لا زال عليك الهوى / وَقْفاً وإن كنت الظلومَ المُسِي
يا ليلة عانقنِي بدرُها
يا ليلة عانقنِي بدرُها / فامتزجت نَفْسانِ في نَفْسِ
كأنما عانقتُ شمس الضحى / أو قمراً في صورة الإِنس
يا شجر المشمِش لا أصبحت
يا شجر المشمِش لا أصبحت / مِنك رُبا البستانِ مستوحِشه
يا حُسْنه مِن شجر أينعت / أغصانُه واحتملت مِشمِشه
كأنما جمَّشه عاشق / فاصفرَّ خوفاً منه إذ جمَّشه
هيهات من كِتمانِ طيّ الحشا
هيهات من كِتمانِ طيّ الحشا / دمعي بما أَكتم مِنه وشى
يا من لها وجه كشمسِ الضحى / وطرَّة مثل ظلام العِشا
إن تسفكي باللحظِ ظلما دمي / فقد يُصيب الليثَ عينُ الرشَا
شهدت للنيلوفرِ الغضِّ
شهدت للنيلوفرِ الغضِّ / بالعدلِ في جملة ما يقضي
يفتَح عند الصبح أجفانَه / طَرْفا ولا يلوي على الغُمْض
لأن تحت الصبح نيلَ المنى / وكلَّ طِيبٍ حسنٍ محض
حتى إذا الليل تبدّى انزوى / وغاص بالكلّ وبالبعضِ
كيلا يَرَى في الليل لون القِلى / والصدِّ والهجرانِ والبغضِ