المجموع : 30
إن سرَّ أعدائيَ أَنْ عَضَّني
إن سرَّ أعدائيَ أَنْ عَضَّني / دَهري بما أذْهَبَ من مالي
فهِمَّتي بالنَّجمِ معقودةٌ / ما حطَّها ما حَالَ من حَالي
كالنَّارِ إِن نكَّسَها قابِسٌ / لم يتنَكَّس نورُها العَالي
زهّدني في العقلِ أنِّي أرَى
زهّدني في العقلِ أنِّي أرَى / عنايةَ الأيامِ بالجَهلِ
مَثُوبَةُ الفَاقِدِ عَن فقدِهِ
مَثُوبَةُ الفَاقِدِ عَن فقدِهِ / بِصَبْره أنْفَعُ من وَجْدِهِ
يَبْكِيهِ من حُزنٍ عليه فهلْ / يطمعُ في التّخليدِ مِن بعدِهِ
ما حيلةُ النّاسِ وهلْ مِن يدٍ / لهمْ بدفعِ الموتِ أو صَدِّهِ
وُرُودُهُ لا بدَّ منهُ فلِمْ / تُنْكِرُ ما لا بدَّ مِن وِرْدِهِ
سِهامُهُ لم يَستطِعْ ردَّهَا / داودُ بالمُحَكمِ من سَرْدِهِ
ولا سليمانُ ابنُهُ ردَّهَا / بمُلْكِهِ والحشدِ من جُنْدِهِ
عدلٌ تساوَى الخلقُ فيهِ فما / يُمَيِّزُ المالكُ عن عبدِهِ
كلٌّ لهُ حَدٌّ إذا ما انتهَى / إليهِ وافَاهُ على حَدِّهِ
تَجمَعُنا الأرضُ فكلُّ امرِئٍ / في لَحْدِهِ كالطّفْلِ في مَهْدِهِ
أمَا تَرى وُرّادَنَا عَرَّسُوا / بمنزِلٍ دانٍ على بُعْدِهِ
تبوَّءُوا الأرضَ ولم يُخبِروا / عن حَرِّ مَثْواهُم ولا بَرْدِهِ
لِحَادِثٍ أسكتَهم أمسكُوا / عنِ ابتداءِ القولِ أو رَدِّهِ
لو نطقُوا قالُوا التُّقَى خيرُ ما / تزوَّدَ المرءُ إلى لَحْدِهِ
فارجعْ إلى اللهِ وثِقْ بالذِي / وَافاكَ في الصّادِقِ من وَعْدِهِ
للصّابرينَ الأجرُ والأمنُ مِن / عَذابِهِ والفوزُ في خُلْدِهِ
مَن مبلغُ المعتَرِّ والقانِعِ
مَن مبلغُ المعتَرِّ والقانِعِ / وابنِ السّبيلِ النّازِحِ النازعِ
أنَّ النَّدى قد مات فاستعصِموا / باليأسِ من دانٍ ومِن شاسِعِ
لا يبذُلَنْ ذو فاقَةٍ وجهَهُ / لِذي ثراءٍ باخلٍ باخِعِ
ما يظفَرُ الرّاجي نَدى كَفِّهِ / بغيرِ ذُلِّ الخاشِع الخاضِعِ
هل ينفعُ الظّامي إذا ما طَمَا / أُجاجُ بحرٍ ليسَ بالنَّاقِعِ
لله درُّ اليأسِ من ناصِحٍ / ليس بِغَرَّارٍ ولا خادِعِ
ولا سَقى الأطماعَ صوبُ الحَيا / فإنَّها مَهْلَكَةُ الطَّامِعِ
لا ترجُوَنْ خَلقاً فكلُّ الوَرى / يقبِضُ كَفَّ المانِعِ الجامِعِ
وما حوَتْ أيديهِمُ فَهو في / مثلِ لَهاةِ الأسَدِ الجائِعِ
قد سَمِعوا بالجودِ لكنَّهُ / لبُخلِهِم ما لذَّ للسِّامِعِ
وكلُّهمْ إن أنت كشَّفتَهُم / مثلُ سرابِ القِيعَةِ الّلامِعِ
فدعْهُمُ واطلُبْ من اللهِ ما / ضَنُّوا به من فضلِهِ الواسِعِ
فَما لِما يقطَعُ من واصِلٍ / ولا لِما يوصِلُ من قاطِعِ
قد قَسَّمَ الأرزاقَ بين الوَرى / في مُتعَبٍ ساعٍ وفي وادِعِ
كلّهُمُ يأتيهِ من رِزقِهِ / كفايةٌ لو كان بالقانِعِ
لكنَّهُم مِن حِرصِهم قد عَمُوا / عن الطَّريقِ المهْيَعِ الشَّارِعِ
لو أيقَنُوا أنَّ لهم رازِقاً / ليس لما يُعطيهِ مِن مانِعِ
ولا لِما يرفَعُ مِن خافِضٍ / ولا لِما يَخفِضُ مِن رافِعِ
ما طلَبوا مِن غيرِ مُعْطٍ ولا / دَعَوْا إذا اضْطُرُّوا سوى السامِعِ
فَليسَ بَعد الموتِ دارٌ سِوى
فَليسَ بَعد الموتِ دارٌ سِوى / جنَّةِ عَدْنٍ أو لَظىً تَضرَمُ
والموعِدُ الحشرُ ونُجزَى عن ال / أعمالِ والغبنُ لمن يَندَمُ
ويُنْصَفُ المظلومُ من خَصمِهِ / ويستوي السُّلطانُ والمُعدَمُ
ويشخَصُ الخلقُ إلى حاكِمٍ / يحكُم فيهم بالّذي يَعلَمُ
ولِلّيالي واعظٌ صامتٌ / يُسمِعُنا لو أنّنا نَفهَمُ
والنّاسُ في الدّنيا نيامٌ وما / أسرعَ ما يستيقظُ النُّوَّمُ
ويقدَمُ الخلقُ على وِزْرِ ما / تَقَلَّدوا أو أجرِ ما قَدَّمُوا
وسَّعَ صبري عن عتيقِ الإِسى
وسَّعَ صبري عن عتيقِ الإِسى / من بَعدِ ما ضاقَ بيَ المَسلَكُ
أسلمتُهُ إذ لم أجد لي يداً / بدفعِ من يَطلبُ ما يَملِكُ
عارِيَّةً كان وما كُلُّ ما / يُعارُ يُسْتَقْنَى ويُسْتَمْلَكُ
أعارَهُ مُشترِطاً ردَّهُ / والشرطُ ما بينَ الوَرى أملَكُ
وصاحب صاحبني في الصبا
وصاحب صاحبني في الصبا / حتى ترديت رداء المشيب
لم يبد لي ستين حولا ولا / بلوت من أخلاقه ما يريب
أفسده الدهر ومن ذا الذي / يحافظ العهد بظهر المغيب
ثم افترقنا لم أصب مثله / عمري ومثلي أبداً لا يصيب
فاعجب لها من فرقة باعدت / بين أليفين وكل حبيب
العجز لا ينقص رزقا ولا
العجز لا ينقص رزقا ولا / يزيده حول ولا فحص
كل له رزق سيأتيه ولا / زيادة فيه ولا نقص
قد ضمن الله لنا رزقنا / جاءت به الآثار والنص
فما لنا نطلب من غيره / لولا قنوط النفس والحرص
قصر خطوي وحنا صعدتي
قصر خطوي وحنا صعدتي / مرور دهر خائن خابل
وصار كفي مألفا للعصا / من بعد حمل الأسمر الذابل
أمشي بضعف وانحناء على / عصاي مشي الصائد الخاتل
كأنني لم أمش يوم الوغى / إلى نزال البطل الباسل
ولم أشق الجيش لا أختشي / من الردى كالقدر النازل
فانظر إلى ما فعل العمر بي / من طوله لم أحظ بالطائل
يا حسرتا إني غدا ميت / على فراشي ميتة الخامل
هلا أتاني الموت يوم الوغى / بين القنا والأسل الناهل