المجموع : 464
قَد صَكَّ لي بِالقُربِ مِن سَيِّدي
قَد صَكَّ لي بِالقُربِ مِن سَيِّدي / وَدارَ صَكّي في الدَواوينِ
وَاستَأذَنَ الكاتِبُ في خَتمِهِ / وَقَد دَعَوا لِلخَتمِ بِالطينِ
كَيفَ خَطا النَتنُ إِلى مِنخَري
كَيفَ خَطا النَتنُ إِلى مِنخَري / وَدونَهُ راحٌ وَرَيحانُ
أَظُنُّ كِرياساً طَما قُربَنا / أَو ذَكَرَ اليُؤيُؤَ إِنسانُ
وَصاحِبٍ أَخلَفَ ظَنّي بِهِ
وَصاحِبٍ أَخلَفَ ظَنّي بِهِ / وَالخَيرُ بِالصاحِبِ مَظنونُ
جامَلَني بِالقَولِ حَتّى إِذا / صارَ لَهُ مالٌ وَتَمكينُ
أَعرَضَ عَنّي لاوِياً شِدقَهُ / كَأَنَّهُ في الوَفرِ قارونُ
أَنكَرتُها مِنهُ فَعاتَبتُهُ / وَالنُصحُ في الإِخوانِ مَضمونُ
فَتاهَ إِذ عاتَبتُهُ شامِخاً / وَأَصلُهُ في أَهلِهِ دونُ
قَد أَسبِقُ الجارِيَةَ الجونا
قَد أَسبِقُ الجارِيَةَ الجونا / مِن قَبلِ تَثويبِ المُنادينا
بِكُلِّ مَعروفٍ بِأَعراقِهِ / عَلى عُيونِ الأَرمَنِيِّينا
رَبيبُ بَيتٍ وَأَنيسٌ وَلَم / يُربَ بِريشِ الأُمِّ مَحضونا
لَم يُنكِهِ جُرحُ حِياصٍ وَلَم / يَبغِ لَهُ بِالثُفلِ تَسكينا
كُرُّزُ عامٍ صاغَهُ صائِغٌ / لَم يَدَّخِر عَنهُ التَحاسينا
أَلبَسَهُ التَكريزُ مِن حَوكِهِ / وَشياً عَلى الجُؤجُؤِ مَوضونا
لَهُ حِرابٌ فَوقَ قُفّازِهِ / يَجمَعنَ تَأنيفاً وَتَسنينا
كُلُّ سِنانٍ عيجَ مِن صَدرِهِ / تَخالُ عِطفَي رَأسِهِ نونا
وَمِنسَرٍ أَكلَفَ فيهِ شَفاً / كَأَنَّهُ عِقدُ ثَمانينا
في هامَةٍ كَأَنَّما قُنِّعَت / بَعضَ حِبالِ السابِرِيِّينا
وَمُقلَةٍ أَشرِبَ آماقُها / تِبراً يَروقُ الصَيرَفِيِّينا
نُرسِلُ مِنهُ عِندَ إِطلاقِهِ / عَلى الكَراكِيِّ دُرَخمينا
داهِيَةٌ تَخبِطُ أَعجازُها / خَبطاً يُحِسّيها الأَمَرّينا
يَحمي عَلَيها الجَوَّ مِن فَوقِها / حيناً وَيُغريها الأَحايِينا
وَهُنَّ يَرفَعنَ صُراخاً كَما / جَهوَرَ في الشَعبِ المُلَبّونا
فَمُقعَصٌ أُثبِتَ في سَحرِهِ / وَخاضِبٌ مِن دَمِهِ الطينا
قَد مَشَقَتهُ في الحَشا مَشقَةٌ / أَلقَت مِنَ الجَوفِ المَصارينا
رُحنا بِهِ نَحمِلُ أَكبادَها / في زَورَةٍ عَشراً وَعِشرينا
أَعطى البُزاةَ اللَهُ مِن قِسمِهِ / ما لَم يُخَوِّلهُ الشَواهينا
لِكُلِّ سَبعٍ طُعمَةٌ مِثلَهُ / في القَدرِ إِن فَوقاً وَإِن دونا
أصبح أيري مُعرضاً عنّي
أصبح أيري مُعرضاً عنّي / وكان من قصّتهِ أنّي
كنتُ بقصرِ الخلد في روضةٍ / بين نخيل الطنّ والبَرني
خلا لها الوردُ لذي نرجس / معتنقٍ للآسِ في غصنِ
نيطَ بتفّاحٍ إلى مشمشٍ / تخرقه الأنهارُ بالسُفنِ
فمرتعُ الروضةِ نوّارهُ / مختلفُ البهجةِ في الحسنِ
من أصفر يرنو إلى أحمرٍ / وأبيض في اللونِ كالقطنِ
وبرمكيُّ الحسنِ في حلّةٍ / كأنّهُ من حسنهِ جنّي
ظلّ يسقي الشربَ من قهوةٍ / ناصعةٍ في صبغة الدهن
حتى إذا الفجر حدا بالدجا / ودارت القهوة في قَرني
وصاحبُ الفرحةِ مستوفزٌ / لحيث ما يبلغهُ عنّي
قلتُ لأيري حين أبصرتهُ / تدمعُ عيناه من الحزنِ
إنكَ إن قصرتَ عمّا أرى / بتّ سخين العين ذا غَبنٍ
فخرَّ يدنو نحوه مطرقاً / ونور معمورٍ إلى الرهن
حتى توفّاه رسولُ الكرى / فأطبقَ الجفنَ على الجفنِ
فلم أزل أصبر حتى إذا / مالَ على الجنبِ من الوهنِ
دببتُ كالعقربِ جنبيّةٌ / وتارةً أحبو على بطني
قصداً إليه فتبطّنتُ ما / حوى السراويل إلى المتنِ
فكان من وجدي به أنني / أخطأتُ مجرى الرمح في الطعنِ
وحسَّ بالدسرة في ظهرهِ / فقام كالحيران من جُبني
حتى علاني وأنا تحته / أدعو على الحرمات باللعنِ
مُندّي الجبهةِ من بعد أن / أفلتّ منه صفدي الأذنِ
ثم رمى وجهي بتفاحةٍ / لم يخطِها لمّا رمّى سنّي
فرحتُ محروماً بلا حاجةٍ / وقام أيري ضاحكاً منّي
يقول والذَنبُ له كلّهُ / كذاكَ من يعمل بالظنِّ
يا أيها السائل عن ديننا
يا أيها السائل عن ديننا / قد ذهبَ المردانُ بالدينِ
نحن أُناسٌ حسَنٌ ديننا / نكسّرُ القُثاء في التينِ
تحسبُها من لينها خزّة / أو فنَكاً من فنَكِ الصينِ
كأنّ ما بي في المجانين
كأنّ ما بي في المجانين / لأنّ ما بي ليس بالدونِ
إنّ الذي تيّمني حبُّهُ / أمردُ من نشيءِ الدواوين
قد نشر الطومار في حجرهِ / مبتدئاً بالياءِ والسينِ
فكادت النفسُ لدى خُطّهِ / تخرجُ بين الواوِ والنونِ
بطرّز الوردَ على خدّهِ / من عَرَقٍ بالمشكِ معجونِ
فنصفهُ نرجسةٌ غضّةٌ / ونصفهُ من فنَكِ الصينِ
أحسنُ من يوم الشعانين
أحسنُ من يوم الشعانين / ونعتِ أعيادِ الملاعين
تفّاحةٌ بين الرياحين / في مجلس العجم الدهاقين
حمراءُ كالنار ولكنّها / قُبلةُ أحبابٍ ميامين
ما شانها عضٍّ وقد صيّرت / لي نخبةً دون الرياحين
كم من غلام ذي تحاسين
كم من غلام ذي تحاسين / أفسده ناطف ياسين
ياّبنَ حُمَيدٍ عِش لَنا سالِماً
ياّبنَ حُمَيدٍ عِش لَنا سالِماً / ما اختَلَفَ النَوروزُ وَالمِهرَجان
وَاستَأنِفِ العُمرَ جَديداً فَقَد / وَلّى زَمانٌ وَأَتانا زَمان
أَما تَرى الأَرضَ وَأَثوابُها / شَقائِقُ النُعمانِ وَالأُقحُوان
وَهَذِهِ الأَيّامُ قَد أُبدِلَت / فَهيَ ظِرافٌ ناضِراتٌ حِسان
فَصَدتَ في النَوروزِ عِرقاً وَقَد / تُخِيِّرَ الوَقتُ وَطابَ الأَوان
فَاِستَعمِلِ الصَهباءَ في مَجلِسٍ / تَستَعمِلُ الأَوتارَ فيهِ القِيان
وَعَدتَ بِرذَوناً فَرَدَّدتَني
وَعَدتَ بِرذَوناً فَرَدَّدتَني / إِلَيكَ حَتّى قامَ بِرذَوني
وَكانَ مَصقولَ النَواحي إِذا / رَأَيتَهُ مُستَغرَبَ اللَونِ
لُؤلُؤَةٌ تَضحَكُ أَرجاؤُها / تَحسُنُ في البَذلَةِ وَالصَونِ
مَنَّيتَني الأَدهَمَ مِن بَعدِ ما / فَجَعتَني بِالأَشهَبِ الجَونِ
إِن تَكذِبِ الميعادَ تَظلِم وَإِن / تَصدُق فَبِرذَوناً بِبِرذَونِ
قُل لي إِذا قُمتَ عَلى أَربَعٍ
قُل لي إِذا قُمتَ عَلى أَربَعٍ / مُحَيِّياً في ذَلِكَ الشانِ
وَقامَ مِن خَلفِكَ فَتحٌ فَما / يَنفَعُكَ الفَضلُ بنُ مَروانِ
عِندَ ظِباءِ الرَملِ أَو عينِهِ
عِندَ ظِباءِ الرَملِ أَو عينِهِ / قَلبُ مَشوقِ القَلبِ مَخزونِهِ
يُهَوِّنُ الهَجرَ خِلِيٌّ وَلَو / يَعشَقُ ما قالَ بِتَهوينِهِ
وَالشَوقُ مَصروفٌ إِلى شادٍ / مُختَلِفٍ بَحرُ أَفانينِهِ
لَوَّنَ مِن أَخلاقِهِ وَالهَوى / فيهِ عَلى كَثرَةِ تَلوينِهِ
حَسَّنَهُ باريهِ إِذ صاغَهُ / مِن فِتنَةٍ أَعجَبَ تَحسينِهِ
إِن تَتَعَجَّب فَلِأَبكارِ ما / يَأتي بِهِ دَهرُكَ أَو عونِهِ
يَستَنزِلُ المَرءَ عَلى هَونِهِ / عَن حُكمِهِ فيهِ عَلى هونِهِ
أَبو عَلِيٍّ خَيرُ مَن يُرتَجى / في شِدَّةِ الدَهرِ وَفي لينِهِ
تاجِرُ مَدحٍ يَصطَفيهِ عَلى / تَقويمِهِ الحَمدَ وَتَثمينِهِ
يُقَصِّرُ القَومُ وَهُم عُصبَةٌ / عَن جَزرِ ما يولي وَتَخمينِه
وَما وَصيفٌ يَومَ وَصفي لَهُ / بِخامِلِ الذِكرِ وَلا دونِهِ
يَعتَمِدُ السُلطانَ مِنهُ عَلى / مُبارِكِ الطائِرِ مَيمونِهِ
مُظَفَّرٍ في الحَربِ ما سِرُّها / بِظاهِرٍ عَن حَظرِ تَحصينِهِ
عَهدٌ مِنَ السَيفِ عَلى خَدِّهِ / مُجاوِرٌ مارِنَ عِرنينِهِ
إِن شانَ قَوماً ضَربُ أَقفائِهِم / شَرَّفَهُ الضَربُ بِتَزيِينِهِ
نَستَمتِعُ اللَهَ بِأَيّامِهِ / وَعِزِّهِ فينا وَتَمكينِه
وَليَفدِهِ مِن كُلِّ ما يُختَشى / كُلُّ مَصونِ المالِ مَخزونِهِ
تُراكَ مُعدِيَّ عَلى ظالِمٍ / ضَعيفِ عَقدِ الرَأيِ مَأفونِهِ
لَم تَدَعِ الأُبنَةُ في عِرضِهِ / بَقِيَّةً تُرجى وَلا دينِهِ
ما انزَجَرَ الصِبيانُ عَن نَيكِهِ / لِلطولِ مِن ظاهِرِ عُثنونِهِ
فَضائِحٌ إِن يَلتَمِس غَسلَها / لا يَنقَ مِنها غِشُّ صابونِهِ
ضاعَفَ مِن بَثّي وَأَحزاني
ضاعَفَ مِن بَثّي وَأَحزاني / فَقدُ أَخِلّايَ وَإِخواني
إِنَّ الَّذي أَسخَطَني لَو رَمى / فِيَّ إِلى العَدلِ لَأَرضاني
وَلِلَّيالي في تَصاريفِها / حُكمانِ فيما رابَنا اثنانِ
وَفي خُطوبِ الدَهرِ إِن فُتِّشَت / طَعمانِ مِن شُهدٍ وَخُطبانِ
وَعادَةُ الأَيّامِ في فِعلِها / تَخلِطُ مِن سوءِ وَإِحسانِ
تِلكَ العُلا يُعوِلنَ وَجداً عَلى / أَيّوبِهِنَّ بنِ سُلَيمانِ
عَلى امرِئٍ لَم يُلفَ في سُؤدُدٍ / بِواهِنِ السَعيِ وَلا وانِ
ثاوٍ مَضى وَالجودُ تِلوٌ لَهُ / لا أَوَّلٌ يُرجى وَلا ثانِ
صَبراً أَبا العَبّاسِ صَبراً عَلى / رَزيأَةٍ مُعضِلَةِ الشانِ
وَنَكبَةٌ تُجرى عَقابيلُها / مَضامِعَ الباقي عَلى الفاني
مَلَّ فَما تَعطِفُهُ رَحمَةٌ
مَلَّ فَما تَعطِفُهُ رَحمَةٌ / وَاتَّخَذَ العِلّاتَ أَعوانا
إِن ساءَكَ الدَهرُ بِهِجرانِهِ / فَرُبَّما سَرَّكَ أَحيانا
لا تَيأَسَن عَطفَ أَخي مَلَّةٍ / أَظهَرَ بَعدَ الوَصلِ هِجرانا
يَمَلُّ هَذا الناسُ مَن قَد هَوَوا / وَوَصلُنا باقٍ كَما كانا
توعِدُني شَيبانُ بَغياً وَما
توعِدُني شَيبانُ بَغياً وَما / تَعلَمُ مَن توعِدُ شَيبانُ
وَالعَنَزِيّونَ فَقَد أَوعَدوا / وَالحَربُ أَطوارٌ وَأَلوانُ
لَو أَبصَروا خَيلي وَأَبطالَها / وَبَعدَها رَجلٌ وَفُرسانُ
لَعايَنوا المَوتَ أَوِ استَأسَروا / بِالصُغرِ وَالذِلَّةِ أَو دانوا
إِنَّ أُولي العِلمِ بِما في الفِتَن
إِنَّ أُولي العِلمِ بِما في الفِتَن / تَهَيَّبوها مِن قَديمِ الزَمَن
فَاستَعصَموا اللَهَ وَكانَ التُقى / أَوفى لَهُم فيها مِنَ اَوفى الجُنَن
وَاِجتَمَعوا في حُسنِ تَوفيقِهِ / وَاِفتَرَقوا في كُلِّ سَعيٍ حَسَن
فَعالِمٌ مُستَمجِدٌ عامِلٌ / يَسلُكُ بِالناسِ سَواءَ السُنَن
يَنثُرُ مِن فيهِ لَهُم جَوهَراً / مِن عِلمِهِ لَيسَ لَهُ مِن ثَمَن
يَقسِمُهُ طُلّابُهُ بَينَهُم / قِسمَةَ تَعديلٍ بِقَدرِ الفِطَن
وَبُهمَةٌ مُختَرِطٌ سَيفَهُ / يَغمِدُهُ في هامِ أَهلِ الوَثَن
يَلبَسُ مِن إيمانِهِ لَأمَةً / فَضفاضَةً يَغنى بِها عَن مِجَن
وَحابِسٌ في بَيتِهِ نَفسَهُ / مُعتَزِلٌ مُستَمسِكٌ بِالسُنَن
يَأخُذُ مِن دُنياهُ قوتاً لَهُ / مُقتَنِعاً مِثلَ عِذارِ الرَسَن
قَد جَعَلَ البَيتَ كَقَبرٍ لَهُ / وَبُردُهُ فيهِ لَهُ كَالكَفَن
فَهوَ خَفيفُ الظَهرِ لَكِنَّهُ / أَثقَلُ في ميزانِهِ مِن حَضَن
وَهارِبٌ شُحّاً عَلى دينِهِ / إِلى البَراري وَرُؤوسِ القُنَن
يَأنَسُ بِالوِحدَةِ في بيدِها / أَكثَرَ مِن تَأنيسِهِ بِالسَكَن
لا يَرهَبُ الأُسدَ وَمَن لَم يَخُن / سَيِّدَهُ في عَهدِهِ لَم يُخَن
وَتائِبٌ مِن ذَنبِهِ مُشفِقٌ / يَبكي بُكاءَ الواكِفاتِ الهُتُن
تَخالُهُ بَينَ يَدَي رَبِّهِ / في ظُلَمِ اللَيلِ كَمِثلِ الغُصُن
إِن مَهَّدَ الناسُ لِدُنياهُمُ / شَمَّرَ في تَمهيدِهِ لِلجَنَن
كَأَنَّما الأَرضُ لَهُ أَيكَةٌ / وَهوَ بِها قُمرِيَّةٌ في فَنَن
وَصامِتٌ في قَلبِهِ مِقوَلٌ / بِالذِكرِ لِلَّهِ طَويلٌ لَسِن
قَد نَوَّرَ اللَهُ لَهُ قَلبَهُ / بِالذِكرِ في السِرِّ لَهُ وَالعَلَن
فَإِن يَبِن بِالفِكرِ عَن صَحبِهِ / فَجِسمُهُ بَينَهُمُ لَم يَبِن
وَإِن لَغَوا جَليسٌ لَهُم / لَم يَلِجِ اللَغوُ لَهُ في أُذُن
في مَلَكوتِ اللَهِ سُبحانَهُ / تَجولُ أَلبابُ لُبابِ الفِطَن
فَهُم خُصوصُ اللَهِ في أَرضِهِ / حَقّاً بِهِم تُدرَأُ عَنّا المِحَن
سَمَوا بِفَضلِ اللَهِ نَحوَ الَّتي / مَن حَلَّ في جيرَتِها قَد أَمِن
وَنَزَّهوا الأَنفُسَ عَن مَنزِلٍ / نازِلُهُ مُستَوفِزٌ لِلظَعَن
وَضَمَّروا الخَيلَ لِيَومٍ بِهِ / يُنكَبَ مَن يَركَبُ فَوقَ الهُجُن
فَلَيتَني كُنتُ لَهُم خادِماً / وَلَيتَني إِذ لَم أَكُن لَم أَكُن
وَمَن سِواهُم فَرِجالٌ رَجَوا / أَن يَعبُروا البَحرَ بِغَيرِ السُفُن
وَإِنَّما قَصَّرَ بي عَنهُمُ / حُبّي لِدارٍ مُلِئَت بِالفِتَن
لا غارَتِ الدُنيا وَلا أَنجَدَت / فَالعاقِلُ الحُرُّ بِها مُمتَحَن
تَميلُ لِلأَحمَقِ مِن أَهلِها / وَهيَ عَلى عاقِلِهِم تَضطَغِن
يا عَجَباً مِن غَفلَتي بَعدَ أَن / نادانِيَ الشَيبُ أَلا فَارحَلَن
وَأَدرِكِ الفائِتَ مِن قَبلِ أَن / يَفجَأَكَ المَوتُ فَلا تُنظَرَن
أَقبَحُ مَن تَرمُقُهُ مُقلَةٌ / مُبصِرَةٌ شَيخٌ خَليعُ الرَسَن
تَقتادُهُ الدَهرَ دَواعي الهَوى / إِلى الصِبا مِثلَ اِقتِيادِ البُدُن
يَأمُلُ آمالَ فَتىً يافِعٍ / كَأَنَّهُ لَيسَ بِشَيخٍ يَفَن
لَيسَ جَمالُ الشَيخِ إِلّا التُقى / وَالمَحوُ لِلسوءِ بِفِعلٍ حَسَن
شُغِلتُ بِالوَصفِ وَلَو أَنَّني / أُشغَلُ بِالمَوصوفِ كُنتُ الفَطِن
وَلَم أَبِع رُشداً بِغَيٍّ وَلَم / أَرضَ بِعَقلي مِثلَ هَذا الغَبَن
إِنّا إِلى اللَهِ لَقَد حاقَ بي / ما يُورِثُ الخِزيَ غَداً وَالحَزَن
وَالحَمدُ لِلَّهِ فَفي كَفِّهِ / مَنحٌ لِمَن شاءَ وَفيها المِنَن
وَهوَ الَّذي أَرجو فَإِن لَم يَكُن / عِندَ رَجائي فيهِ طَولاً فَمَن
أَيا وَزيراً لَم يَزَل آخِذاً
أَيا وَزيراً لَم يَزَل آخِذاً / عِندَ المُلِمّاتِ بِأَيدينا
وَسَيِّداً نَحكُمُ في مالِهِ / وَجاهِهِ النامي بِما شينا
أَراكَ مَشغولاً بِكَسبِ العُلا / وَحارِساً دُنياكَ وَالدينا
فَاجعَل مِنَ اللَيلِ لَنا ساعَةً / يَحكُمُ فيها مالَهُ جينا
وَلا يَكُن يَحضُرنا ثالِثٌ / فَرُبَّما الثالِثُ يُؤذينا
وَغادَةٍ سَوداءَ بَرّاقةٍ
وَغادَةٍ سَوداءَ بَرّاقةٍ / كَالماءِ في طيبٍ وَفي لينِ
كَأَنَّها صيغَت لِمَن نالَها / مِن عَنبَرٍ بِالمِسكِ مَعجونِ
شَطَّ بِسَلمى عاجِلُ البَينِ
شَطَّ بِسَلمى عاجِلُ البَينِ / وَجاوَرَت أُسدَ بَني القَينِ
وَرَنَّتِ النَفسُ لَها رَنَّةً / كادَت لَها تَنشَقُّ نِصفَينِ
يا اِبنَةَ مَن لا أَشتَهي ذِكرَه / أَخشى عَلَيهِ عَلَقَ الشَينِ
وَاللَهِ لَو أَلقاكِ لا أَتَّقي / عَيناً لَقَبَّلتُكِ أَلفَينِ
طالَبتُها دَيني فَراغَت بِهِ / وَعَلَّقَت قَلبي مَع الدَينِ
فَصِرتُ كَالعَيرِ غَدا طَالِباً / قِرناً فَلَم يَرجَع بِأُذنَينِ