القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 45
يا أيها الناس خذوا حذركم
يا أيها الناس خذوا حذركم / من صحبة الفاسق والكاذب
والتزموا صحبة أهل التقى / جماعة السنة والواجب
فصاحب مع صاحب دائما / كقلم بين يدي كاتب
يكتب ماقد شاء فيه به / بحكم عقد الصحبة اللازب
روى ابن مسعود عن المصطفى / قال رسول الخالق الواهب
اعتبروا الأرض بأسمائها / واعتبروا الصاحب بالصاحب
الكون قد أظهر لي بسطه
الكون قد أظهر لي بسطه /
في نور طه مثبت قسطه /
والآل نور أحكموا ربطه /
لو شق عن قلبي يرى وسطه / سطران قد خطا بلا كاتب
نوران في نور لهم غائب /
روح وجسم ذا بلا عائب /
لا زال في قلبي لنا تائب /
العلم والتوحيد في جانبٍ / وحب آل البيت في جانب
إن قلت يا روحي لسبُّوحي
إن قلت يا روحي لسبُّوحي / يقول لي بل أنت يا روحي
وإن أقل يا روح روحي يقل / ذلك نوري من له أوحي
حتى يكون المحو عن لوحنا / فيظهر المخفى في اللوح
غير الوجود الحق ما ها هنا / فاستغنموا تحقيق ممنوح
أحبني قدماً ومن فرط ما / أحبني صور ملموحي
فصورتي محفوظة عنده / يشهدها مشهد ممدوح
وهكذا كل البريات لو / تدري بحال منه مشروح
يا واحداً في كل شيء ولا / شيء فمن سوحٍ إلى سوح
نحن جميعا لك لا أنه / أنت لنا كالنور من بوح
نحن تصاوير تصورتها / حباً لها بالجسم والروح
فادَّعتِ الحبَّ وكانت به / جارحة في زي مجروح
إني أنا جسم فنفس فروحْ
إني أنا جسم فنفس فروحْ / ثلاثة فيهن أغدو أروحْ
وهن أصل واحد حادث / يخفى سريعاً وسريعاً يلوحْ
وراءه الأمر الذي يقتضي / حقيقة تجهلها كل روح
تنزهت في غيبها عندنا / فما لها إلا شميم يفوح
كاللمح من أبصارنا أمرها / وهو الذي منه يكون الفتوح
يا واحداً وهو كثير كما / قلنا ولكني به لا أبوح
خوفاً على حرمته عند من / يجهله أو يعتريه جموح
فإن كل الفانيات التي / بها الوجود الحق كان السموح
ما غيرته مذ تجلى بها / وباطل في نور حق يطوح
خذ لي أماناً منك يا سيدي / جوانحي للقرب فيها جنوح
وإنني أرجوك في كل ما / أدعوك من خير وقلبي لحوح
حقيقتي أنت ولكن غداً / من بعد موتي لي بهذا وضوح
يوم اللقا مرجعنا كلنا / إليك يا مرجع أنوار يوح
طوبى لمن يفهم أقوالنا / كفهمنا فهو طروب صدوح
أو يترك الإنكار إن لم يكن / يدري ويصغي لكلام النصوح
فإن حانات دواويننا / خمارها يولي الغبوق الصبوح
ولا ينال الكأس إلا فتى / فيه لأسرار المعاني صلوح
عليه ما نرمز لا يختفي / وعنده من كل لفظ شروح
وسر هذا أنه مؤمن / بالغيب من معنى النظام السنوح
يحفظ من طوفان وسواسه / سفينة كان بها حفظ نوح
لا تقرب المنكر يا مسلماً / فربما تعديك منه القروح
وربما سالت جراحاته / فنجست منك الفؤاد الطموح
كم عصبة من جهلهم حالنا / كادوا علينا يلبسون المسوح
ما آمنوا بالغيب حتى على / قلوبهم فيض التجلي يسوح
بل صوروه في خيالاتهم / وعندهم فيما رأوه رجوح
وهو بعيد غاية البعد عن / أن يشبه الغيب الحقيق النزوح
والله مع هذا عليم بهم / وإنه ذو العفو وهوالصفوح
عشقت في مكة ذات البها
عشقت في مكة ذات البها / يدعونها الكعبة باسم صريح
وهي كعوب غادة حرة / كم قلب صبٍّ في هواها جريح
محجوبة بالستر عن كل من / ينظرها من أجنبي قبيح
وإنما ينظرها محرم / فيبصر الوجه الجميل الصبيح
رأيتها في مدتي مرة / فراح جسمي في هواها طريح
وطفت سبعاً حولها لاثماً / يمين ربي هيئة المستبيح
ويا له من حجر أسود / كأنه الخال بخد المليح
ما الكل إلا رجل واحدٌ
ما الكل إلا رجل واحدٌ / ففز بهذا الرجل الواحدِ
وما عداه فهي أفكاره / ترددت في قلبه الواجد
فتارة منها له مظهر / فيها من المولود والوالد
وتارة يفقد منها له / مظهره المفقود بالفاقد
وكل ذا دل على حيرة / من طارف الأمر ومن تالد
والعجز عن خلاقه حطه / فيما ترى من أمرك الشاهد
اجتمعوا يا إخوتي واحشدوا
اجتمعوا يا إخوتي واحشدوا / فإن لي مسألةً تُجهدُ
كنت أنا واليوم من مدة / لست أنا ذاك الذي أعهد
ذاك مضى عني وهذا أتى / وفيهما إني أنا المفرد
وتارة حيث التجلي اقتضى / أذم هذاك وذا أحمد
أنا الذي أعهد وهم وقد / زال وجاء الحق لا يجحد
أم ذاك مشهود الذي جاءني / فإنه كيف يشا يشهد
أم تلك أيدي الكائنات التي / من فوقها لله طالت يد
أم سيئات النفس قد بدلت / لي حسنات واهتدى المفسد
أم أسلم الشيطان إرث الذي / عن النبي المصطفى يستند
حقيقة حققها ناطق / مجازها قد صار لا يقصد
أم هو ذاك الغيب من أصله / شهادة جاءت له ترشد
والعلم قسمان فمستحضر / ذكر ومحفوظ له يمدد
والكل من حفظ قديم إلى / ذكر هو المحدث لا ينفد
وجود حق بشؤون له / مفروضه أبيض أو أسود
وكلها فانية عنده / وهي به لا معه توجد
خلوا معاني الذوق لي أو دعوا / دعواكمُ العلم ولا تعتدوا
وحققوا أنفسكم وأدركوا / بالكشف ما جاء به المرشد
وميزوا ما قاله عارف / من الذي يذكره الملحد
وكحل في أعين خلقة / ليس كعين كحلها الإثمد
وليس من يملك شيئاً به / كمستعير للسوى يردد
وجود كوني من تجلي الجوادْ
وجود كوني من تجلي الجوادْ / هذا عطاء ماله من نفادْ
يا عدماً أحرفه خطها / كاتبه النور بنور المدادْ
أنت شؤن الحق لا يلتبس / عليك معبود هنا بالعباد
وبينه فرق وبين الورى / وبالغنى والفقر فالفرق باد
واجمع فشيء واحد ما به / تعدد في نظر الإقتصاد
واكتب به بالأبيض المجتلي / والناس دعهم يكتبون بالسواد
واشهد بما تعرف فيما ترى / شهادة الحق بغير استناد
وأيقظ الخاطر من غفلة / وامسح من الأغيار كحل الرقاد
من لي بمن يبدو بأسمائه / فيفعل الغي بها والرشاد
والكل مفعول له مطلق / عن قيد حرف جامع للتضاد
صاد جميعي بظهوراته / لصدغه والعين دال وصاد
يحكم ما شاء بنا دائماً / لا جور منه كيفما قد أراد
وعشقه صيرنا كالهبا / وزادنا فرط البكا والسهاد
بالله يا سائق ركباننا / قل لسليمى طال هذا البعاد
إني على العهد مقيم لها / وإنني عنها كصوب العهاد
يا طالما نلت بها خلوة / وفزت منها بلذيذ المراد
كانت تناجيني على ذلتي / وعزها باللطف والإتحاد
واليوم لما ذبت في حبها / والروح والجسم مضى والفؤاد
وصار كلي مقتضى كلها / وقوبل العالي لها بالوهاد
واختطفت ذات بذات لها / وزال ذاك الكد والإجتهاد
وانطفت النار بنور اللقا / وللهوى لم يبق غير الرماد
غابت فلم أدر لها من نبا / وأدرك الزرع وصار الحصاد
كأنني في كونها لم أكن / وهي التي كانت بحكم انفراد
وإن هذا في الهوى قولها / على لساني لمرادي أفاد
لا أنني قلت فحمدي لها / منها عليها زاد والشكر زاد
وهي التي تعرفني مثل ما / كنت قديماً شرراً في زناد
واقتدحتني بإراداتها / فلحت مثل البرق شيأً يراد
وعدت لا برقاً ولا بارقاً / والشمس عنها الغيم في الأفق حاد
فتارة عني بما قد مضى / تترجم الأحوال بالإفتقاد
وتارة تترك لا تعتني / حسب الذي منها يكون المراد
وهكذا الكل لها راجع / والكون كون والبلاد البلاد
لا تحسب التحقيق غير الذي / أنت له تدرك يا ذا العناد
لكنك المحكوم منها بها / عليك بالجهل وبالإنتقاد
وهي علىما هي في حضرة / يصدر عنها ذو ضلال وهاد
بمقتضى أسمائها للذي / شاءت من الإبهام في الإعتقاد
فيه أنا ميت ومقبورُ
فيه أنا ميت ومقبورُ / وفيه محشور ومنشورُ
هو الوجود الحق لا أحد / سواه لا نار ولا نور
وجنتي وهو نعيمي ولم / يزل إلى أن ينفخ الصور
والحور والولدان تبقى ولا / ولدان إلا هوْ ولا حور
هناك لا يبقى سواه ولا / يبقى سواه وهو مشهور
وهكذا الكل ولكن هنا / يظهر مخذول ومنصور
وجود حق نحن فيه وما / فيه سواه باطل زور
كن هكذا مثلي تكن مثله / وثم لا مصرٌ ولا سور
حضرة إطلاق كروض زها / يُطربُ منه فيه شحرور
وهو الذي يسمع لا أنت بل / يبصر لا أنت ومبصور
وذاك مسموع ولا غيره / وهُوَ لا موسى ولا طور
وإنما الكل تقاديره / كالبرق مقدور فمقدور
علم قديم وهو عين الذي / يعلم مخزون ومسرور
وجوده النفس وذلك في / أسماه والصفات مذكور
الحبة السوداء في خده
الحبة السوداء في خده / بها يباهي ورده الأحمرا
وهو الشفا من كل داء كما / جاء عن المختار خير الورى
من لي بها أدفع داء الهوى / عني ولو بالشم أو أن أرى
وإنما الوردة نار وقد / شممت من حبتها العنبرا
فليت شعري ريحها لي شفا / أو أن أراها فاز من أبصرا
هذا حديث لم يبنه لنا / إلا الذي عنها لنا خبرا
أنتم هي الجوزة في قشرها
أنتم هي الجوزة في قشرها / وصعوة تسكن في وكرها
والمزج من حق ومن باطل / في درة غرقاء في بحرها
وراءكم أنتم وقدامكم / يا حضرة قد غبت في ذكرها
إلى متى يا قوم في غفلة / أنتم عن البكر وعن خدرها
قوموا إليكم واكشفوا ستركم / عنكم وعن سُعدَى وعن سترها
فوجهها من خلف أثوابكم / وشمسها تشرق في بدرها
والكون ليل ونهار اللقا / نفس يلوح النور من فجرها
كم خلعت ثوباً تجلت به / واتشحت بالبرد في صدرها
وهي على ما هي في ذاتها / لم تتغير بانطوا نشرها
وإنما تظهر في هيئة / حسب الذي تختار من أمرها
وتختفي عنا ومن عالم / لعالم تمشى على قدرها
وشأنها هذا كما يقتضي / مقامها والعز من فخرها
يا عابدا رباً بتصويرِهِ
يا عابدا رباً بتصويرِهِ / وعقله من تحت تسخيرِهِ
يفهم شيئاً ويظن الذي / يفهمه الله بتسطيره
خالقك الله بلا شبهة / وخالق العقل وتصويره
من لم يكن يعجز عن علمه / بربه فاه بتغييره
فإن ما في عقله كله / خلق له من بعض تأثيره
يا قانعاً بالعقل في ربه / ما ثم فيه غير تقديره
وإنك المحجوب عنه بما / تخيلته النفس من غيره
تظن أن الله ذاك الذي / عقلته تلجا إلى خيره
هيهات هيهات فيا ويح من / يعبد مفهوماً بتدبيره
يدعوه في سر وجهر ولن / يجيبه في حال تعسيره
لأنه في عجزه مثله / خلق عليه وسم تحقيره
يجله وهو له خاضع / معترف عنه بتقصيره
وكل هذا حاصل منه في / صورة معنى مثل تعبيره
ما عنده الإيمان بالغيب كي / يزول تنجيس بتطهيره
ويعرف الله القديم الذي / ما مثله شيء بتطويره
والله حق والسوى باطل / فاحذر من العقل وتزويره
واثبت على الشرع وما جاء من / أحكامه تظفر بتنويره
وافهم من القرآن مستدركاً / ما خرب العقل بتعميره
واقبل على الغيب وكن واثقاً / به وخف من حكم تدميره
واقطع بعجز الكل عن دركه / واهرب من العقل وتحكيره
عجبت ممن يترك الفهم في ال / قرآن لا يلوي لتفسيره
ليعرف الرب به وهو لا / ينهى عن العقل وتفكيره
تراه يخشى الفهم في آية ال / قرآن تلقيه لتكفيره
ولا يخاف العقل يطغي به / كأنه يقضي بتوقيره
فافهم كتاب الله واحكم بما / فيه على الأدنى وقطميره
واضرع إلى ربك ترجوه في / تهليله حقاً وتكبيره
وإن أراك الله فضل امرئٍ / من كامل الدنيا وتحريره
فثق به واركن إلى قوله / واعكف على تكرار هجِّيره
واشمم شذا الروضة من نفسه / وعش به واقنع بتعطيره
انظر إلى الكون وتسطيره
انظر إلى الكون وتسطيره / واعلم بأن السر في غيره
لا يطلب الله بصدق ولا / يشتاق أن يلقاه في سيره
إلا الذي يؤمن بالغيب لا / يقنع بالعقل وتصويره
ونفسه يعرفها أنها / داخلة في حكم تقديره
عاجزة عنه تعالى فلا / تدرك منه غير تغييره
للشيء فالشيء إذاً هالك / ووجهه باق على خيره
منامكم قد جاء في الذكر من / آياته فافطن لتذكيره
والناس قد جاء نيام كما / نبينا قال بتقريره
ونائم يلقى خيالاً نشا / منه فيحتاج لتعبيره
وإنما التعبير من ظاهر / لباطن يعبر في غيره
ليس كمثل الله شيء كما / قال تعالى عند تفسيره
إشارة يعرفها عارف / صفا من الغير وتكديره
فافهم كلامي وتحقق به / ليشرق القلب بتنويره
إن كنت لم ترض عن النفسِ
إن كنت لم ترض عن النفسِ / فأنت من نوعي ومن جنسي
فإن نفسي لا ترى نفسها / إلا على خبث وفي رجس
صفاتها مذمومة كلها / وهي من الطاعات بالعكس
من أجل هذا هي في الجهل لم / تبرح وفي غي وفي لبس
لكن لها روح مطهرة / تصبح في خير كما تمسي
من أمر ربي كلها طاعة / لأمره بالعقل والحس
شريفة تنبئ أوصافها / عن حسن أصل طيب الغرس
فالروح في الرفعة والنفس في / سفالة تبقى إلى الرمس
كاللب والقشر أو الشمس مع / شعاعها فانظر إلى الشمس
والعبد منسوب لذا أو لذا / في نشأة الإطلاق والحبس
فتارة تغلب ذات العلى / فينعم المغلوب بالإنس
ويظهر المخفي عنها بها / لها فيبدو العرش والكرسي
وتارة تغلب تلك التي / بجهلها في الوهم والهجس
فيصبح المغلوب في وحشة / من أمره وهو بها مكسي
طوراً وطوراً وهو دأب الذي / كماله الناشي على الأس
وراثة علمية حققت / عمن لحرف الكون كالطرس
إني أنا المكتوب في الطرسِ
إني أنا المكتوب في الطرسِ / لا يهرب الكلب من العرسِ
موائد الإنسان ممدودة / والفضل ملء العرب والفرس
والكل إنعام عليهم بهم / من كل نوع كان أو جنس
إن حل قيد الكون عن كائن / فذاك ثلج ذاب في الشمس
والنفس إن ألقت مقاليدها / لربها تخرج من الحبس
جوهرة غرفاء في بحرها / يقول عنها غيرها نفسي
وكلم منها عليها بها / ستائر في العقل والحس
لها ذوات وصفات على / تعدادهم في حالة اللبس
وصاحب الكشف رأى واحداً / ما في غد أو كان بالأمس
لا غير ذاك الواحد المختفي / يعوم في بحر من الطمس
أنا كتاب الله في الناسِ
أنا كتاب الله في الناسِ / اذكر المستيقظ الناسي
واشرح القول الذي قيل لي / في سر سري بين جلاسي
مجبولة نفسي على سرها / لغيب الغيب في الناس
شربت كأسا ثم ناولته / مَن عن يميني فضلة الكاس
فإن حساها فبصدقٍ له / وإن تقايَى فبوسواس
هنالك الشيطان يلوي بهم / عن خمرتي والكاس والطاس
قوموا اسكروا يا قوم في حانتي / فالليل فيه ضوء نبراس
ووجه ساقينا لنا مشرق / يختال في أثواب إلباس
ونحن لا شرق ولا مغرب / لنا ولا عارٍ ولا كاسِ
نحن بلا نحن فكونوا كما / كنا ولا تخشوا من الباس
وهو هو الموجود لا غيره / والأمر ماح كل قرطاس
إن رمت أن تدرك كل المنى
إن رمت أن تدرك كل المنى /
وتنجلي عنك غواشي العنا /
فارض وكن بالله مستيقنا /
يا أيها الراضي بأحكامنا / لا بد أن تحمد عقبى الرضى
ولا تخض في أمر رب السما /
تبق كذا منطرحاً في العما /
وإن أردت الهم أن يعدما /
فوض إلينا وابق مستسلما / فالراحة العظمى لمن فوضا
صبر الفتى يلجى لمطلوبه /
كيوسف الدينا ويعقوبه /
واشرب صفا التحقيق من كوبه /
لا ينعم المرء بمحبوبه / حتى يرى الخيرة فيما قضى
كان أنا سيدي
كان أنا سيدي / مدة دهر مضى
ثم أنا كنته / في زمن وانقضى
وهو هو الآن لا / غير بحكم القضا
فاعتبروا هكذا / برق وجود أضا
واحترزوا تفتنو / ن بضياء الفضا
يا عدماً ظاهراً / ما بوجود قضا
ذاك هو الحق لا / أنت فكن مرتضى
ثم عن الكون كن / منقبضاً معرضا
تلق ظهوراته / في سخط أو رضى
تحرق أنواره ال / كل كجمر الغضى
أنت هو الملفوظ واللافظُ
أنت هو الملفوظ واللافظُ / واللفظ والملحوظ واللالحظُ
واللحظ والمعلوم والعالم / والعلم والمحفوظ والحافظ
والحفظ والمأكول والآكل / والأكل والمجهوظ والجاهظ
وكل ما يدرك بالعقل وال / عقل ومن يغتاظ والغائظ
والحس والمحسوس والوهم وال / موهوم بل والوعظ والواعظ
مراتب قام وجود بها / حق على تغييرها واقظ
وهو وجود مطلق ثابت / قد حار فيه السعد والجاحظ
والأوليا والأنبيا كلهم / والحيّ في تحقيقه الفائظ
نحن ضياء الغارب الطالعِ
نحن ضياء الغارب الطالعِ / ونحن كالآلات للصانعِ
ونحن أسباب أمور الورى / نفعل بالمعطي وبالمانع
لا تحسن الأوقات إلا بنا / ولا يطيب العيش في الواقع
وليس منا زمن خالياً / من باصرٍ حقاً ومن سامع
والله إن يقطع كل الورى / ليس لنا والله بالقاطع
ملتنا ملة طه الذي / جاء بحال الفارق الجامع
وديننا ما في الورى غيره / وما عداه خدعة الخادع
إياك بل إياك من عصبة / في حقنا لم تخشَ من رادع
قد حاولوا بالجهل أن يطفئوا / أنوار علم عندنا نابع
وأنكروا الأسرار واستصغروا / دين النبي المصطفى الشافع
والعقل قد قاموا به يحصرو / ن الدين في المستحسن النافع
وقد نفوا ما عقلهم قاصر / عن فهمه من شرعنا الواسع
والدين قد خصوه في ظاهر / لجهلهم بالباطن الشاسع
وقاربوا أن يجعلوا ملة / عظيمة المتبوع والتابع
كملة للكفر مفهومة / بالعقل في الخافض والرافع
خوفاً على منصبهم بالعلى / بين عوام الناس في الجامع
يا خيبة المسعى لهم إنهم / قد نظروا بالبصر الهاجع
فأبصروا الدنيا فأضحى لهم / عما سواها عفة القانع
وما لهم من قبح نياتهم / عن غضب الجبار من دافع
ألم يصلهم أن دين الهدى / كالبحر أو كالوابل الهامع
ظواهر تدرك بالعقل مع / بواطن كالبارق اللامع
وكلها حق بحقٍّ أتت / من عند حق بالهدى صادع
ويح شجيٍّ من خليٍّ وهل / سالي الحشى كالواله الوالع
والجسم لا تشبهه روحه / ما جامد كالسائل المائع
وبارع يدري جهولاً ولم / يدر جهول قطُّ بالبارع

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025