القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 27
إِثنِ عَنانَ القَلبِ وَاِسلَم بِهِ
إِثنِ عَنانَ القَلبِ وَاِسلَم بِهِ / مِن رَبرَبِ الرَملِ وَمِن سِربِهِ
وَمِن تَثَنّي الغيدِ عَن بانِهِ / مُرتَجَّةَ الأَردافِ عَن كُثبِهِ
ظِباؤُهُ المُنكَسِراتُ الظُبا / يَغلِبنَ ذا اللُبِّ عَلى لُبِّهِ
بيضٌ رِقاقُ الحُسنِ في لَمحَةٍ / مِن ناعِمِ الدُرِّ وَمِن رَطبِهِ
ذَوابِلُ النَرجِسِ في أَصلِهِ / يَوانِعُ الوَردِ عَلى قُضبِهِ
زِنَّ عَلى الأَرضِ سَماءَ الدُجى / وَزِدنَ في الحُسنِ عَلى شُهبِهِ
يَمشينَ أَسراباً عَلى هينَةٍ / مَشيَ القَطا الآمِنِ في سِربِهِ
مِن كُلِّ وَسنانٍ بِغَيرِ الكَرى / تَنتَبِهُ الآجالُ مِن هُدبِهِ
جَفنٌ تَلَقّى مَلَكا بابِلٍ / غَرائِبَ السِحرِ عَلى غَربِهِ
يا ظَبيَةَ الرَملِ وُقيتِ الهَوى / وَإِن سَمِعَت عَيناكِ في جَلبِهِ
وَلا ذَرَفتِ الدَمعَ يَوماً وَإِن / أَسرَفتِ في الدَمعِ وَفي سَكبِهِ
هَذي الشَواكي النُحلُ صِدنَ اِمرأً / مُلقى الصِبا أَعزَلَ مِن غَربِهِ
صَيّادَ آرامٍ رَماهُ الهَوى / بِشادِنٍ لا بُرءَ مِن حُبِّهِ
شابٌّ وَفي أَضلُعِهِ صاحِبٌ / خِلوٌ مِنَ الشَيبِ وَمِن خَطبِهِ
واهٍ بِجَنبي خافِقٌ كُلَّما / قُلتُ تَناهى لَجَّ في وَثبِهِ
لا تَنثَني الآرامُ عَن قاعِهِ / وَلا بَناتُ الشَوقِ عَن شِعبِهِ
حَمَّلتُهُ في الحُبِّ ما لَم يَكُن / لِيَحمِلَ الحُبُّ عَلى قَلبِهِ
ما خَفَّ إِلّا لِلهَوى وَالعُلا / أَو لِجَلالِ الوَفدِ في رَكبِهِ
أَربَعَةٌ تَجمَعُهُم هِمَّةٌ / يَنقُلُها الجيلُ إِلى عَقبِهِ
قِطارُهُم كَالقَطرِ هَزَّ الثَرى / وَزادَهُ خِصباً عَلى خِصبِهِ
لَولا اِستِلامُ الخَلقِ أَرسانَهُ / شَبَّ فَنالَ الشَمسَ مِن عُجبِهِ
كُلُّهُمُ أَغيَرُ مِن وائِلٍ / عَلى حِماهُ وَعَلى شَعبِهِ
لَو قَدَروا جاؤوكُمُ بِالثَرى / مِن قُطبِهِ مُلكاً إِلى قُطبِهِ
وَما اِعتِراضُ الحَظِّ دونَ المُنى / مِن هَفوَةِ المُحسِنِ أَو ذَنبِهِ
وَلَيسَ بِالفاضِلِ في نَفسِهِ / مَن يُنكِرُ الفَضلَ عَلى رَبِّهِ
ما بالُ قَومي اِختَلَفوا بَينَهُم / في مِدحَةِ المَشروعِ أَو ثَلبِهِ
كَأَنَّهُم أَسرى أَحاديثُهُم / في لَيِّنِ القَيدِ وَفي صُلبِهِ
يا قَومِ هَذا زَمَنٌ قَد رَمى / بِالقَيدِ وَاِستَكبَرَ عَن سَحبِهِ
لَو أَنَّ قَيداً جاءَهُ مِن عَلِ / خَشيتُ أَن يَأتي عَلى رَبِّهِ
وَهَذِهِ الضَجَّةُ مِن ناسِهِ / جَنازَةُ الرِقِّ إِلى تُربِهِ
مَن يَخلَعُ النيرَ يَعِش بُرهَةً / في أَثَرِ النيرِ وَفي نَدبِهِ
يا نَشأَ الحَيِّ شَبابَ الحِمى / سُلالَةَ المَشرِقِ مِن نُجبِهِ
بَني الأُلى أَصبَحَ إِحسانُهُم / دارَت رَحى الفَنِّ عَلى قُطبِهِ
موسى وَعيسى نَشَآ بَينَهُم / في سَعَةِ الفِكرِ وَفي رُحبِهِ
وَعالَجا أَوَّلَ ما عالَجا / مِن عِلَلِ العالَمِ أَو طِبِّهِ
ما نَسِيَت مِصرُ لَكُم بِرَّها / في حازِبِ الأَمرِ وَفي صَعبِهِ
مَزَّقتُمُ الوَهمَ وَأَلِفتُمُ / أَهِلَّةَ اللَهِ عَلى صُلبِهِ
حَتّى بَنَيتُم هَرَماً رابِعاً / مِن فِئَةِ الحَقِّ وَمِن حِزبِهِ
يَومٌ لَكُم يَبقى كَبَدرٍ عَلى / أَنصارِ سَعدٍ وَعَلى صَحبِهِ
قَد صارَتِ الحالُ إِلى جِدِّها / وَاِنتَبَهَ الغافِلُ مِن لُعبِهِ
اللَيثُ وَالعالَمُ مِن شَرقِهِ / في هَيبَةِ اللَيثِ إِلى غَربِهِ
قَضى بِأَن نَبني عَلى نابِهِ / مُلكَ بَنينا وَعَلى خِلبِهِ
وَنَبلُغُ المَجدَ عَلى عَينِهِ / وَنَدخُلُ العَصرَ إِلى جَنبِهِ
وَنَصِلَ النازِلَ في سِلمِهِ / وَنَقطَعَ الداخِلَ في حَربِهِ
وَنَصرِفَ النيلَ إِلى رَأيِهِ / يَقسِمُهُ بِالعَدلِ في شِربِهِ
يُبيحُ أَو يَحمي عَلى قُدرَةٍ / حَقَّ القُرى وَالناسُ في عَذبِهِ
أَمرٌ عَلَيكُم أَو لَكُم في غَدٍ / ما ساءَ أَو ما سَرَّ مِن غَبِّهِ
لا تَستَقِلّوهُ فَما دَهرُكُم / بِحاتِمِ الجودِ وَلا كَعبِهِ
نَسمَعُ بِالحَقِّ وَلَم نَطَّلِع / عَلى قَنا الحَقِّ وَلا قُضبِهِ
يَنالُ بِاللينِ الفَتى بَعضَ ما / يَعجَزُ بِالشِدَّةِ عَن غَصبِهِ
فَإِن أَنِستُم فَليَكُن أُنسُكُم / في الصَبرِ لِلدَهرِ وَفي عَتبِهِ
وَفي اِحتِشامِ الأُسدِ دونَ القَذى / إِذا هِيَ اِضطُرَّت إِلى شُربِهِ
قَد أَسقَطَ الطَفرَةَ في مُلكِهِ / مَن لَيسَ بِالعاجِزِ عَن قَلبِهِ
يا رُبَّ قَيدٍ لا تُحِبّونَهُ / زَمانُكُم لَم يَتَقَيَّد بِهِ
وَمَطلَبٍ في الظَنِّ مُستَبعَدٍ / كَالصُبحِ لِلناظِرِ في قُربِهِ
وَاليَأسُ لا يَجمُلُ مِن مُؤمِنٍ / ما دامَ هَذا الغَيبُ في حُجبِهِ
يا ناشِرَ العِلمِ بِهَذي البِلاد
يا ناشِرَ العِلمِ بِهَذي البِلاد / وُفِّقتَ نَشرُ العِلمِ مِثلُ الجِهاد
بانِيَ صَرحِ المَجدِ أَنتَ الَّذي / تَبني بُيوتَ العِلمِ في كُلِّ ناد
بِالعِلمِ سادَ الناسُ في عَصرِهِم / وَاِختَرَقوا السَبعَ الطِباقَ الشِداد
أَيَطلُبُ المَجدَ وَيَبغي العُلا / قَومٌ لِسوقِ العِلمِ فيهِم كَساد
نَقّادُ أَعمالِكَ مُغلٍ لَها / إِذا غَلا الدُرُّ غَلا الاِنتِقاد
ما أَصعَبَ الفِعلَ لِمَن رامَهُ / وَأَسهَلَ القَولَ عَلى مَن أَراد
سَمعاً لِشَكوايَ فَإِن لَم تَجِد / مِنكَ قُبولاً فَالشَكاوى تُعاد
عَدلاً عَلى ما كانَ مِن فَضلِكُم / فَالفَضلُ إِن وُزِّع بِالعَدلِ زاد
أَسمَعُ أَحياناً وَحيناً أَرى / مَدرَسَةً في كُلِّ حَيٍّ تُشاد
قَدَّمتَ قَبلي مُدُناً أَو قُرى / كُنتُ أَنا السَيفَ وَكُنَّ النِجاد
أَنا الَّتي كُنتُ سَريراً لِمَن / سادَ كَإِدوَردَ زَماناً وَشاد
قَد وَحَّدَ الخالِقَ في هَيكَلٍ / مِن قَبلِ سُقراطَ وَمِن قَبلِ عاد
وَهَذَّبَ الهِندُ دِياناتِهِم / بِكُلِّ خافٍ مِن رُموزي وَباد
وَمِن تَلاميذي موسى الَّذي / أوحِيَ مِن بَعدُ إِلَيهِ فَهاد
وَأُرضِعَ الحِكمَةَ عيسى الهُدى / أَيّامَ تُربي مَهدُهُ وَالوِساد
مَدرَسَتي كانَت حِياضَ النُهى / قَرارَةَ العِرفانِ دارَ الرَشاد
مَشايِخُ اليونانِ يَأتونَها / يُلقونَ في العِلمِ إِلَيها القِياد
كُنّا نُسَمّيهِم بِصِبيانِهِ / وَصِبيَتي بِالشَيبِ أَهلُ السَداد
ذَلِكَ أَمسي ما بِهِ ريبَةٌ / وَيَومِيَ القُبَّةُ ذاتُ العِماد
أَصبَحتُ كَالفِردَوسِ في ظِلِّها / مِن مِصرَ لِلخَنكا لِظِلّي اِمتِداد
لَولا جُلّى زَيتونِيَ النَضرِ ما / أَقسَمَ بِالزَيتونِ رَبُّ العِباد
الواحَةُ الزَهراءُ ذاتُ الغِنى / تُربي الَّتي ما مِثلِها في البِلاد
تُريكَ بِالصُبحِ وَجُنحِ الدُجى / بُدورَ حُسنٍ وَشُموسَ اِتِّقاد
بَنِيَّ يا سَعدُ كَزُغبِ القَطا / لا نَقَّصَ اللَهُ لَهُم مِن عِداد
إِن فاتَكَ النَسلُ فَأَكرِم بِهِم / وَرُبَّ نَسلٍ بِالنَدى يُستَفاد
أَخشى عَلَيهِم مِن أَذىً رائِحٍ / يَجمَعُهُم في الفَجرِ وَالعَصرِ غاد
صَفيرُهُ يَسلُبُني راحَتي / وَيَمنَعُ الجَفنَ لَذيذَ الرُقاد
يَعقوبُ مِن ذِئبٍ بَكى مُشفِقاً / فَكَيفَ أَنيابُ الحَديدِ الحِداد
فَاِنظُر رَعاكَ اللَهُ في حاجِهِم / فَنَظرَةٌ مِنكَ تُنيلُ المُراد
قَد بَسَطوا الكَفَّ عَلى أَنَّهُم / في كَرَمِ الراحِ كَصَوبِ العِهاد
إِن طُلِبَ القِسطُ فَما مِنهُمُ / إِلّا جَوادٌ عَن أَبيهِ الجَواد
كَنيسَةٌ صارَت إِلى مَسجِدِ
كَنيسَةٌ صارَت إِلى مَسجِدِ / هَدِيَّةُ السَيِّدِ لِلسَيِّدِ
كانَت لِعيسى حَرَماً فَاِنتَهَت / بِنُصرَةِ الروحِ إِلى أَحمَدِ
شَيَّدَها الرومُ وَأَقيالُهُمُ / عَلى مِثالِ الهَرَمِ المُخلَدِ
تُنبِئُ عَن عِزٍّ وَعَن صَولَةٍ / وَعَن هَوىً لِلدينِ لَم يَخمُدِ
مَجامِرُ الياقوتِ في صَحنِها / تَملُؤُهُ مِن نَدِّها الموقَدِ
وَمِثلُ ما قَد أودِعَت مِن حُلىً / لَم تَتَّخِذ داراً وَلَم تُحشَدِ
كانَت بِها العَذراءُ مِن فَضَّةٍ / وَكانَ روحُ اللَهِ مِن عَسجَدِ
عيسى مِنَ الأُمِّ لَدى هالَةٍ / وَالأُمُّ مِن عيسى لَدى فَرقَدِ
جَلّاهُما فيها وَحَلّاهُما / مُصَوِّرُ الرومِ القَديرُ اليَدِ
وَأَودَعَ الجُدرانَ مِن نَقشِهِ / بَدائِعاً مِن فَنِّهِ المُفرَدِ
فَمِن مَلاكٍ في الدُجى رائِحٍ / عِندَ مَلاكٍ في الضُحى مُغتَدي
وَمِن نَباتٍ عاشَ كَالبَبَّغا / وَهوَ عَلى الحائِطِ غَضٌّ نَدي
فَقُل لِمَن شادَ فَهَدَّ القُوى / قُوى الأَجيرِ المُتعَبِ المُجهَدِ
كَأَنَّهُ فِرعَونُ لَمّا بَنى / لِرَبِّهِ بَيتاً فَلَم يَقصِدِ
أَيُعبَدُ اللَهُ بِسَومِ الوَرى / ما لا يُسامُ العَيرُ في المِقوَدِ
كَنيسَةٌ كَالفَدَنِ المُعتَلي / وَمَسجِدٌ كَالقَصرِ مِن أَصيَدِ
وَاللَهُ عَن هَذا وَذا في غِنىً / لَو يَعقِلُ الإِنسانُ أَو يَهتَدي
قَد جاءَها الفاتِحُ في عُصبَةٍ / مِنَ الأُسودِ الرُكَّعِ السُجَّدِ
رَمى بِهِم بُنيانَها مِثلَما / يَصطَدِمُ الجَلمَدُ بِالجَلمَدِ
فَكَبَّروا فيها وَصَلّى العِدا / وَاِختَلَطَ المَشهَدُ بِالمَشهَدِ
وَما تَوانى الرومُ يَفدونَها / وَالسَيفُ في المُفدِيِّ وَالمُفتَدي
فَخانَها مِن قَيصَرٍ سَعدُهُ / وَأُيِّدَت بِالقَيصَرِ الأَسعَدِ
بِفاتِحٍ غازٍ عَفيفِ القَنا / لا يَحمِلُ الحِقدَ وَلا يَعتَدي
أَجارَ مَن أَلقى مَقاليدَهُ / مِنهُم وَأَصفى الأَمنَ لِلمُرتَدي
وَنابَ عَمّا كانَ مِن زُخرُفٍ / جَلالَةُ المَعبودِ في المَعبَدِ
فَيا لِثَأرٍ بَينَنا بَعدَهُ / أَقامَ لَم يَقرُب وَلَم يَبعُدِ
باقٍ كَثَأرِ القُدسِ مِن قَبلِهِ / لا نَنتَهي مِنهُ وَلا يَبتَدي
فَلا يَغُرَّنكَ سُكونُ المَلا / فَالشَرُّ حَولَ الصارِمِ المُغمَدِ
لَن يَترُكَ الرومُ عِباداتِهِم / أَو يَنزِلَ التُركُ عَنِ السُؤدَدِ
هَذا لَهُم بَيتٌ عَلى بَيتِهِم / ما أَشبَهَ المَسجِدَ بِالمَسجِدِ
فَإِن يُعادوا في مَفاتيحِهِ / فَيا لِيَومٍ لِلوَرى أَسوَدِ
يَشيبُ فيهِ الطِفلُ في مَهدِهِ / وَيُزعَجُ المَيتُ مِنَ الَمرقَدِ
فَكُن لَنا اللَهُمَّ في أَمسِنا / وَكُن لَنا اليَومَ وَكُن في غَدِ
لَولا ضَلالٌ سابِقٌ لَم يَقُم / مِن أَجلِكَ الخَلقُ وَلَم يَقعُدِ
فَكُلُّ شَرٍّ بَينَهُم أَو أَذى / أَنتَ بَراءٌ مِنهُ طُهرُ اليَدِ
طالَ عَلَيها القِدَم
طالَ عَلَيها القِدَم / فَهيَ وُجودٌ عَدَم
قَد وُئِدَت في الصِبا / وَاِنبَعَثَت في الهَرَم
بالَغَ فِرعَونُ في / كَرمَتِها مَن كَرَم
أَهرَقَ عُنقودَها / تَقدِمَةً لِلصَنَم
خَبَّأَها كاهِنٌ / ناحِيَةً في الهَرَم
اِكتُشِفَت فَاِمَّحَت / غَيرَ شَذاً أَو ضَرَم
أَو كَخَيالٍ لَها / بَعدَ مَتابٍ أَلَم
نَمَّ بِها دَنُّها / وَهيَ عَلَيهِ أَنَم
بي رَشَأٌ ناعِمٌ / ما عَرفَ العُمرَ هَم
أَخرَجَها اللَهُ كَال / زَهرَةِ وَالحُسنُ كِم
تَخطُرُ عَن عادِلٍ / لَم يُرَ إِلّا ظَلَم
تَبسِمُ عَن لُؤلُؤٍ / قَدَّرَهُ مَن قَسَم
كَرَّمَهُ في النَوى / هَذَّبَهُ في اليُتَم
مُضطَهَدٌ خَصرُها / جانِبُهُ مُهتَضَم
طاوَعَ مِن صَدرِها / أَيَّ قَوِيٍّ حَكَم
حَمَّلَهُ ثِقلَهُ / ثُمَّ عَلَيهِ اِدَّعَم
تَسأَلُ أَترابَها / مومِئَةً بِالعَنَم
أَيُّ فَتىً ذَلِكُن / نَ العَرَبِيَّ العَلَم
يَشرَبُها ساهِراً / لَيلَتَهُ لَم يَنَم
قُلنَ تَجاهَلتِهِ / ذَلِكَ رَبُّ القَلَم
شاعِرُ مِصرَ الَّذي / لَو خَفِيَ النَجمُ لَم
قُلتُ لَها لَيتَ لَم / نُرمَ وَفي نُتَّهَم
عاذِلَتي في الطِلى / لَو أَنصَفَت لَم أُلَم
إِن عَبَسَ العَيشُ لي / عُذتُ بِها فَاِبتَسَم
يَشرَبُها كابِرٌ / بَينَ ضُلوعي أَشَم
يَبذُلُ إِلّا النُهى / يَهتِكُ إِلّا الحُرَم
يُكسِبُها خُلقَهُ / يَمزُجُها بِالشِيَم
يَمنَعُها حِلمَهُ / إِن دَفَعَتهُ اِحتَشَم
تِلكَ شُموسُ الدُجى / أَم ظَبِيّاتُ الخِيَم
تُقبِلُ في مَوكِبٍ / شَقَّ سَناهُ الظُلَم
خِلتُ بِأَنوارِهِ / قَرنَ ذُكاءٍ نَجَم
مَقصِدُها سُدَّةٌ / آلَ إِلَيها العِظَم
حَيثُ كِبارُ المَلا / بَعضُ صِغارِ الخَدَم
قَد وَقَفوا لِلمَها / فَاِنسَرَبَت مِن أَمَم
تَخطِرُ مِن جَمعِهِم / بَينَ لُيوثٍ بُهَم
خارِجَةً مِن شَرىً / داخِلَةً في أَجَم
ناعِمَةً لَم تُرَع / لاهِيَةً لَم تَجَم
اِنتَشَرَت لُؤلُؤاً / في المُهَجاتِ اِنتَظَم
تَمرَجُ في مَأمَنٍ / مِثلَ حَمامِ الحَرَم
مُؤتَلِفٌ سِربُها / حَيثُ تَلاقى اِلتَأَم
مُندَفِعاتٌ عَلى / مُختَلِفاتِ النَغَم
بَينَ يَدٍ في يَدٍ / أَو قَدَمٍ في قَدَم
تَذهَبُ مَشيَ القَطا / تَرجِعُ كَرَّ النَسَم
تَبعَثُ أَنّى بَدَت / ضَوءَ جَبينٍ وَفَم
تُعجِلُ خَطواً تَني / فاتِنَةً بِالرَسَم
تَجمَعُ مِن ذَيلِها / تَترُكُهُ لَم يُلَم
تَرفُلُ في مُخمَلٍ / نَمَّ وَلَمّا يَتِم
تَتبَعُ إِلّا الهَوى / تَقرَبُ إِلّا التُهَم
فَاِجتَمَعَت فَاِلتَقَت / حَولَ خِوانٍ نُظِم
مُنتَهَبٍ كُلَّما / ظُنَّ بِهِ النَقصُ تَم
مائِدَةٌ مَدَّها / بَحرُ نَوالٍ خِضَم
تَحسَبُها صُوِّرَت / مِن شَهَواتِ النَهَم
لَم تُرَ في بابِلٍ / ما عُهِدَت في إِرَم
حاتِمُ لَو شامَها / أَقلَعَ عَمّا زَعَم
مَعنُ لَوِ اِنتابَها / أَدرَكَ مَعنى الكَرَم
أَشبَهُ بِالبَحرِ لا / يُحرِجُها مُزدَحَم
قامَ لَدَيها المَلا / يَبلُغُ أَلفَينِ ثَم
مُقتَرِحاً ما اِشتَهى / مُلتَقِياً ما رَسَم
لَو طَلَبَ الطَيرَ مِن / أَيكَتِهِ ما اِحتَرَم
يا مَلِكاً لَم تَضِق / ساحَتُهُ بِالأُمَم
تَجمَعُ أَشرافَها / مِن عَرَبٍ أَو عَجَم
تُخطِرُ مَن أَمَّها / بَينَ صُنوفِ النِعَم
سادَةُ أَفريقيا / لُجَّتِها وَالأَكَم
أَنتَ رَشيدُ العُلى / في المَلأَينِ اِحتَكَم
لَيلَتُكُم قَدرُها / فَوقَ غَوالي القِيَم
مُشرِقَةٌ مِثلُها / في زَمَنٍ لَم يَقُم
لا بَرَحَ الصَفوُ في / ظِلِّكُمو يُغتَنَم
ما شَرِبوها وَما / طالَ عَلَيها القِدَم
بَثَثتُ شَكوايَ فَذابَ الجَليدُ
بَثَثتُ شَكوايَ فَذابَ الجَليدُ / وَأَشفَقَ الصَخرُ وَلانَ الحَديد
وَقَلبُكَ القاسي عَلى حالِهِ / هَيهاتَ بَل قَسوَتُهُ لي تَزيد
باتَ المُعَنّى وَالدُجى يَبتَلي
باتَ المُعَنّى وَالدُجى يَبتَلي / وَالبَرحُ لا وانٍ وَما مُنجَلي
وَالشُهبُ في كُلِّ سَبيلٍ لَهُ / بِمَوقِفِ اللُوّامِ وَالعُذَّلِ
إِذا رَعاها ساهِياً ساهِراً / رَعَينَهُ بِالحَدَقِ الغُفَّلِ
يا لَيلُ قَد جُرتَ وَلَم تَعدِلِ / ما أَنتَ يا أَسوَدُ إِلّا خَلي
تَاللَهِ لَو حُكِّمَت في الصُبحِ أَن / تَفعَلَ أَحجَمتَ فَلَم تَفعَلِ
أَو شِمتَ سَيفاً في جُيوشِ الضُحى / ما كُنتَ لِلأَعداءِ ما أَنتَ لي
أَبيتُ أُسقى وَيُديرُ الجَوى / وَالكَأسُ لا تَفنى وَلا تَمتَلي
الخَدُّ مِن دَمعي وَمِن فَيضِهِ / يَشرَبُ مِن عَينٍ وَمِن جَدوَلِ
وَالشَوقُ نارٌ في رَمادِ الأَسى / وَالفِكرُ يُذكي وَالحَشا يَصطَلي
وَالقَلبُ قَوّامٌ عَلى أَضلُعي / كَأَنَّهُ الناقوسُ في الهَيكَلِ
هَل تَيَّمَ البانُ فُؤادَ الحَمام
هَل تَيَّمَ البانُ فُؤادَ الحَمام / فَناحَ فَاِستَبكى جُفونَ الغَمام
أَم شَفَّهُ ما شَفَّني فَاِنثَنى / مُبَلبَلَ البالِ شَريدَ المَنام
يَهُزُّهُ الأَيكُ إِلى إِلفِهِ / هَزَّ الفِراشِ المُدنَفَ المُسَتهام
وَتوقِدُ الذِكرى بِأَحشائِهِ / جَمراً مِنَ الشَوقِ حَثيثَ الضِرام
كَذَلِكَ العاشِقُ عِندَ الدُجى / يا لِلهَوى مِمّا يُثيرُ الظلام
لَهُ إِذا هَبَّ الجَوى صَرعَةٌ / مِن دونِها السِحرُ وَفِعلُ المُدام
يا عادِيَ البَينِ كَفى قَسوَةً / رَوَّعتَ حَتّى مُهَجاتِ الحَمام
تِلكَ قُلوبُ الطَيرِ حَمَّلتَها / ما ضَعُفَت عَنهُ قُلوبُ الأَنام
لا ضَرَبَ المَقدورُ أَحبابَنا / وَلا أَعادينا بِهَذا الحُسام
يا زَمَنَ الوَصلِ لَأَنتَ المُنى / وَلِلمُنى عِقدٌ وَأَنتَ النِظام
لِلَّهِ عَيشٌ لي وَعَيشٌ لَها / كُنتَ بِهِ سَمحاً رَخِيَّ الزِمام
وَأُنسُ أَوقاتٍ ظَفِرنا بِها / في غَفلَةِ الأَيّامِ لَو دُمتَ دام
لَكِنَّهُ الدَهرُ قَليلُ الجَدى / مُضَيَّعُ العَهدِ لَئيمُ الذِمام
لَو سامَحَتنا في السَلامِ النَوى / لَطالَ حَتّى الحَشرِ ذاكَ السَلام
وَلَاِنقَضى العُمرانُ في وَقفَةٍ / نَسلو بِها الغُمضَ وَنَسلو الطَعام
قالَت وَقَد كادَ يَميدُ الثَرى / مِن هَدَّةِ الصَبرِ وَهَولِ المَقام
وَغابَتِ الأَعيُنُ في دَمعِها / وَنالَتِ الأَلسُنُ إِلّا الكَلام
يا بَينُ وَلّى جَلَدي فَاِتَّئِد / وَيا زَماني بَعضُ هَذا حَرام
فَقُلتُ وَالصَبرُ يُجاري الأَسى / وَاللُبُّ مَأخوذٌ وَدَمعي اِنسِجام
إِن كانَ لي عِندَكَ هَذا الهَوى / بِأَيِّما قُلتُ كَتَمتُ الغَرام
أَذعَنَ لِلحُسنِ عَصِيُّ العِنان
أَذعَنَ لِلحُسنِ عَصِيُّ العِنان / وَحاوَلَت عَيناكَ أَمراً فَكان
يَعيشُ جَفناكَ لِبَثِّ المُنى / أَوِ الأَسى في قَلبِ راجٍ وَعان
يا مُسرِفاً في التيهِ ما يَنتَهي / أَخافُ أَن يَفنى عَلَينا الزَمان
وَيا كَثيرَ الدَلِّ في عِزِّهِ / لا تَنسَ لي عِزّي قُبَيلَ الهَوان
وَيا شَديدَ العُجبِ مَهلاً فَما / مِن مُنكِرٍ أَنَّكَ زَينُ الحِسان
يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى
يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى / في ذَلِكَ الحُلمِ العَريضِ الطَويل
قَد قامَ غَليومٌ خَطيباً فَما / أَعطاكَ مِن مُلكِكَ إِلّا القَليل
شَيَّدَ في جَنبِكَ مُلكاً لَهُ / مُلكُكَ إِن قيسَ إِلَيهِ الضَئيل
قَد وَرَّثَ العالَمَ حَيّاً فَما / غادَرَ مِن فَجٍّ وَلا مِن سَبيل
فَالنِصفُ لِلجِرمانِ في زَعمِهِ / وَالنِصفُ لِلرومانِ فيما يَقول
يا رَبِّ قُل سَيفُكَ أَم سَيفُهُ / أَيُّهُما يا رَبِّ ماضٍ ثَقيل
إِن صَدَقَت يا رَبِّ أَحلامُهُ / فَإِنَّ خَطبَ المُسلِمينَ الجَليل
لا نَحنُ جِرمانُ لَنا حِصَّةٌ / وَلا بِرومانَ فَنُعطى فَتيل
يا رَبِّ لا تَنسَ رَعاياكَ في / يَومٍ رَعاياكَ الفَريقُ الذَليل
جِنايَةُ الجَهلِ عَلى أَهلِهِ / قَديمَةٌ وَالجَهلُ بِئسَ الدَليل
يا لَيتَ لَم نَمدُد بِشَرٍّ يَداً / وَلَيتَ ظِلَّ السِلمِ باقٍ ظَليل
جَنى عَلَينا عُصبَةٌ جازَفوا / فَحَسبُنا اللَهُ وَنِعمَ الوَكيل
يا لَيلَةً سَمَّيتُها لَيلَتي
يا لَيلَةً سَمَّيتُها لَيلَتي / لِأَنَّها بِالناسِ ما مَرَّتِ
أَذكُرُها وَالمَوتُ في ذِكرِها / عَلى سَبيلِ البَثِّ وَالعِبرَةِ
لِيَعلَمَ الغافِلُ ما أَمسُهُ / ما يَومُهُ ما مُنتَهى العيشَةِ
نَبَّهَني المَقدورُ في جُنحِها / وَكُنتُ بَينَ النَومِ وَاليَقظَةِ
المَوتُ عَجلانٌ إِلى والِدي / وَالوَضعُ مُستَعصٍ عَلى زَوجَتي
هَذا فَتىً يُبكى عَلى مِثلِهِ / وَهَذِهِ في أَوَّلِ النَشأَةِ
وَتِلكَ في مِصرَ عَلى حالِها / وَذاكَ رَهنُ المَوتِ وَالغُربَةِ
وَالقَلبُ ما بَينَهُما حائِرٌ / مِن بَلدَةِ أَسرى إِلى بَلدَةِ
حَتّى بَدا الصُبحُ فَوَلّى أَبي / وَأَقبَلَت بَعدَ العَناءِ اِبنَتي
فَقُلتُ أَحكامُكَ حِزناً لَها / يا مُخرِجَ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ
قالَ السَلوقي مَرَّةً لِلجَواد
قالَ السَلوقي مَرَّةً لِلجَواد / وَهوَ إِلى الصَيدِ مَسوقُ القِياد
بِاللَهِ قُل لي يا رَفيقَ الهَنا / فَأَنتَ تَدري لي الوَفا في الوِداد
أَلَستَ أَهلَ البيدِ أَهلَ الفَلا / أَهلَ السُرى وَالسَيرِ أَهلَ الجِهاد
أَلَم تَكُن رَبَّ الصِفاتِ الَّتي / هامَ بِها الشاعِرُ في كُلِّ واد
قالَ بَلى كُلَّ الَّذي قُلتهُ / أَنا بِهِ المَشهورُ بَينَ العِباد
قالَ فَما بالُكَ يا صاحِبي / إِذا دَعا الصَيدُ وَجَدَّ الطِراد
تَشكو فَتُشكيكَ عَصا سَيِّدي / إِنَّ العَصا ما خُلِقَت لِلجَواد
وَتَنثَني في عَرَقٍ سائِلٍ / مُنَكَّسَ الرَأسِ ضَئيلَ الفُؤاد
وَذا السَلوقي أَبَداً صابِرٌ / يَنقادُ لِلمالِكِ أَيَّ اِنقِياد
فَقالَ مَهلاً يا كَبيرَ النُهى / ما هَكَذا أَنظارُ أَهلِ الرَشاد
السِرُّ في الطَيرِ وَفي الوَحشِ لا / في عَظمِ سيقانِكَ يا ذا السَداد
ما الرِجلُ إِلّا حَيثُ كانَ الهَوى / إِنَّ البُطونَ قادِراتٌ شِداد
أَما تَرى الطَيرَ عَلى ضَعفِها / تَطوي إِلى الحَبِّ مِئاتَ البِلاد
كانَ بِرَوضٍ غُصُنٌ ناعِمٌ
كانَ بِرَوضٍ غُصُنٌ ناعِمٌ / يَقولُ جَلَّ الواحِدُ المُنفَرِد
فَقامَتي في ظَرفِها قامَتي / وَمِثلُ حُسنى في الوَرى ما عُهِد
فَأَقبَلَت خُنفُسَةٌ تَنثَني / وَنَجلُها يَمشي بِجَنبِ الكَبِد
تَقولُ يا زَينَ رِياضِ البَها / إِنَّ الَّذي تَطلُبُهُ قَد وُجِد
فَانظُر لِقَدِّ اِبني وَلا تَفتَخِر / مادامَ في العالَمِ أُمٌّ تَلِد
إِنفَع بِما أُعطيتَ مِن قُدرَةٍ
إِنفَع بِما أُعطيتَ مِن قُدرَةٍ / وَاِشفَع لِذي الذَنبِ لَدى المَجمَعِ
إِذ كَيفَ تَسمو لِلعُلا يا فَتى / إِن أَنتَ لَم تَنفَع وَلَم تَشفَعِ
عِندي لِهَذا نَبَأٌ صادِقٌ / يُعجِبُ أَهلَ الفَضلِ فَاِسمَع وَعِ
قالوا اِستَوى اللَيثُ عَلى عَرشِهِ / فَجيءَ في المَجلِسِ بِالضِفدَعِ
وَقيلَ لِلسُلطانِ هَذي الَّتي / بِالأَمسِ آذَت عالِيَ المسمَعِ
تُنَقنِقُ الدَهرَ بِلا عِلَّةٍ / وَتَدَّعي في الماءِ ما تَدَّعي
فَانظُر إِلَيكَ الأَمرُ في ذَنبِها / وَمُر نُعَلِّقُها مِنَ الأَربَعِ
فَنَهَضَ الفيلُ وَزيرُ العُلا / وَقالَ يا ذا الشَرَفِ الأَرفَعِ
لا خَيرَ في المُلكِ وَفي عِزِّهِ / إِن ضاقَ جاهُ اللَيثِ بِالضِفدَعِ
فَكَتَبَ اللَيثُ أَماناً لَها / وَزادَ أَن جادَ بِمُستَنقَعِ
قَد سَمِعَ الثَعلَبُ أَهلَ القُرى
قَد سَمِعَ الثَعلَبُ أَهلَ القُرى / يَدعونَ مُحتالاً بِيا ثَعلَبُ
فَقالَ حَقّاً هَذِهِ غايَةٌ / في الفَخرِ لا تُؤتى وَلا تُطلَبُ
مَن في النُهى مِثلِيَ حَتّى الوَرى / أَصبَحتُ فيهِم مَثَلاً يُضرَبُ
ما ضَرَّ لَو وافَيتُهُم زائِراً / أُريهُمُ فَوقَ الَّذي اِستَغرَبوا
لَعَلَّهُم يُحيونَ لي زينَةً / يَحضُرُها الديكُ أَوِ الأَرنَبُ
وَقَصَدَ القَومَ وَحَيّاهُمُ / وَقامَ فيما بَينَهُم يَخطُبُ
فَأُخِذَ الزائِرُ مِن أُذنِهِ / وَأُعطِيَ الكَلبَ بِهِ يَلعَبُ
فَلا تَثِق يَوماً بِذي حيلَةٍ / إِذ رُبَّما يَنخَدِعُ الثَعلَبُ
مُنتَزَهُ العَبّاسِ لِلمُجتَلى
مُنتَزَهُ العَبّاسِ لِلمُجتَلى / آمَنتُ بِاللَهِ وَجَنّاتِهِ
العَيشُ فيهِ لَيسَ في غَيرِهِ / يا طالِبَ العَيشِ وَلَذّاتِهِ
قُصورُ عِزٍّ باذِخاتُ الذُرى / يَوَدُّها كِسرى مَشيداتِهِ
مِن كُلِّ راسي الأَصلِ تَحتَ الثَرى / مُحيرَ النَجمِ بِذِرواتِهِ
دارَت عَلى البَحرِ سَلاليمُهُ / فَبِتنَ أَطواقاً لِلَبّاتِهِ
مُنتَظِماتٌ مائِجاتٌ بِهِ / مُنَمَّقاتٌ مِثلَ لُجّاتِهِ
مِنَ الرُخامِ الندرِ لَكِنَّها / تُنازِعُ الجَوهَرَ قيماتِهِ
مِن عَمَلِ الإِنسِ سِوى أَنَّها / تُنسي سُلَيمانَ وَجِنّاتِهِ
وَالريحُ في أَبوابِهِ وَالجَوا / ري مائِلاتٌ دونَ ساحاتِهِ
وَغابُهُ مَن سارَ في ظِلِّها / يَأتي عَلى البُسفورِ غاباتِهِ
بِالطولِ وَالعَرضِ تُباهي فَذا / وافٍ وَهَذا عِندَ غاياتِهِ
وَالرَملُ حالٍ بِالضُحى مَذهَبٌ / يُصَدِّئُ الظِلُّ سَبيكاتِهِ
وَتُرعَةٌ لَو لَم تَكُن حُلوَةً / أَنسَت لِمَرتينَ بُحَيراتِهِ
أَو لَم تَكُن ثَمَّ حَياةَ الثَرى / لَم تُبقِ في الوَصفِ لِحَيّاتِهِ
وَفي فَمِ البَحرِ لِمَن جاءَهُ / لِسانُ أَرضٍ فاقَ فُرضاتِهِ
تَنحَشِدُ الطَيرُ بِأَكنافِهِ / وَيَجمَعُ الوَحشُ جَماعاتِهِ
مِن مِعزٍ وَحشِيَّةٍ إِن جَرَت / أَرَت مِنَ الجَريِ نِهاياتِهِ
أَو وَثَبَت فَالنَجمُ مِن تَحتِها / وَالسورُ في أَسرِ أَسيراتِهِ
وَأَرنَبٌ كَالنَملِ إِن أُحصِيَت / تَنبُتُ في الرَملِ وَأَبياتِهِ
يَعلو بِها الصَيدُ وَيَعلو إِذا / ما قَيصَرٌ أَلقى حِبالاتِهِ
وَمِن ظِباءٍ في كِناساتِها / تَهيجُ لِلعاشِقِ لَوعاتِهِ
وَالخَيلُ في الحَيِّ عِراقِيَّةٌ / تَحمي وَتُحمى في بُيوتاتِهِ
غُرٌّ كَأَيّامِ عَزيزِ الوَرى / مُحَجَّلاتٌ مِثلَ أَوقاتِهِ
ما وَصلُ مَن تَهوى عَلى أنسَةٍ
ما وَصلُ مَن تَهوى عَلى أنسَةٍ / بِالبَدرِ في ظِلِّ الرَبيعِ الظَليل
عَلى بِساطٍ نَسَجتهُ الرُبى / شَتّى الحُلى وَالوَشي غضٍ طَليل
أَبدى الرَياحينَ وَأَهدى الشَذا / وَجَرَّ أَذيالَ النَسيمِ العَليل
وَاِستَضحَكَ الماءُ فَهاجَ البُكى / في كُلِّ خِدرٍ لبناتِ الهَديل
بِالمَجلِسِ المُمتعِ ما لَم تَزِد / فيهِ اِبنةَ الكرمِ وشعرَ الخَليل
شِعرٌ جَرى مِن جَنَباتِ الصِبا / يا طيبَ واديهِ وَطيبَ المَسيل
فيهِ رِواياتُ الصبا وَالهَوى / تَسَلسَلَت أَشهى مِنَ السَلسَبيل
قَد صانَها الشاعِرُ عَن خُلوةٍ / في مُفضِلٍ أَو مُرةٍ في بَخيل
شَيبوبُ ديوانُك باكورَةٌ / وَفجرُكَ الأَوَّلُ نورُ السَبيل
الشِعرُ صنفانِ فباقٍ عَلى / قائِلِهِ أَو ذاهِبٌ يومَ قِيل
ما فيهِ عصرِيٌّ وَلا دارسٌ / الدَهرُ عمرٌ لِلقريضِ الأَصيل
لَفظٌ وَمعنىً هُوَ فَاِعمَد إِلى / لَفظٍ شَريفٍ أَو لِمَعنى نَبيل
وَاِخلُق إِذا ما كُنتَ ذا قُدرَةٍ / رب خَيالٍ يخلقُ المُستَحيل
ما رَفَعَ القالَةَ أَو حَطَّهُم / إِلا خيالٌ جامدٌ أَو منيل
مَن يَصِفِ الإِبلَ يَصِف ناقةً / طارَت بِهِم وَاِرتَفَعَت أَلفَ ميل
سائِل بني عصرِكَ هَل مِنهُم / مَن لَبِسَ الإِكليلَ بَعدَ الكَليل
وأَيُّهُم كالمُتَنَبّي اِمرُؤٌ / صَوّاغُ أَمثالٍ عزيزُ المَثيل
وَاللَه ما موسى وَلَيلاتُهُ / وَما لِمَرتين وَلا جيرزيل
أَحَقُّ بالشِعرِ وَلا بِالهَوى / مِن قَيس المَجنونِ أَو مِن جَميل
قَد صَوَّرا الحُبَّ وَأَحداثَهُ / في القَلبِ مِن مُستَصغَر أَو جَليل
تَصويرَ مَن تَبَقّى وَمَن شِعرُه / في كُلِّ دَهرٍ وَعَلى كُلِّ جيل
بات المعنّى والدجى يبتلى
بات المعنّى والدجى يبتلى / والبرح لا وانٍ ولا منجلي
والشهب في كل سبيل له / بموقف اللُّوّام والعذل
إذا رعاها ساهيا ساهرا / رعينه بالحدق الغفّل
يا ليل قد جرت ولم تعدل / ما أنت يا أسود إلا خلى
تالله لو حكِّمت في الصبح أن / تفعل خفت الله لم تفعل
أو طلت سيفا في جيوش الضحى / ما كنت للأعداء ما أنت لي
أبيت أشقى ويدير الجوى / والكأس لا تفنى ولا تمتلي
والخدّ من دمعي ومن فيضه / يشرب من عين ومن جدول
والشوق نار في رماد الأسى / والفكر يذكي والحشا يصطلى
والقلب قوّام على أضلعي / كأنه الناقوس في الهيكل
غدت برب النفس من شِقوتي / وبالركاب الأسعد المقبل
أهلا برب النيل رب القرى / رب البطاح الكثر مما يلى
الجامع العرشين في واحد / واللابس التاجين في المحفل
والساحب الذيل على عصره / على ملوك الزمن الأوّل
أهلا بمولانا وسهلا به / ومرحبا بالسيد المفضل
الممتطى متن السها عزة / فلو أشار الدهر لم ينزل
المنعم المجزل عن نفسه / عن جدّه عن جدّه المجزل
الجاعل الأمة من عدله / والفضل بين الظل والمنهل
عاصمة النيل أزدهِى وأنجلي / واتخِذي اليوم صنوف الحلى
واستعرضي الخيل ومدّى الع / يد بالجحفل فالجحفل
وأنت يا قصر ابتهج وابتهل / وأهد الملا بالعلم المرسل
وأزلف الوفد إلى ربهم / وظلل السدّة واظّلل
ويا بني مصر أهرعوا وأضرعوا / بحفظ مولى مصر والموئل
هذا لكم وجه الندى والهدى / فاستقبلوه خير مستقبل
لولا الليالي ما حملنا القذى
لولا الليالي ما حملنا القذى / ليتك عنا يا ليالي نيام
هبِك حميِت النفس أن تشتكي / لن تمنعيها أن تمج اللئام
نرحو بحلمي أن سنعلو وأن / تبقى معاليا ليوم القيام
وأن نصون الحق عن معشر / قد كتموا الحق وظنوا اكتتام
لعل أن ينصر من نصره ال / نصر ومن يرجى به الانتقام
يا ليلة سميتها ليلتي
يا ليلة سميتها ليلتي / لأنها بالناس ما مرت
الموت عجلان إلى ولدى / والوضع مستعص على زوجتي
هذا فتى يُبكى على موته / وهذه في أوّل النشأة
والقلب ما بينهما حائر / من بلدة يسرى إلى بلدة
حتى أتى الصبح فولى أبي / وأقبلت بعد العناء إبنتي
فقلت أحكامك حرنا لها / يا مخرج الحىّ من الميت
لا تدخل الحانات مستهترا
لا تدخل الحانات مستهترا / فالصفع في الحانات ساق يطوف
فرب كف خلقت أسطرا / في الوجه لا تمحى بعذر الحروف

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025