بي هِلالاً فضل البَدرَ سَناءَ
بي هِلالاً فضل البَدرَ سَناءَ / وَغَزالاً عَلَّمَ النفرَ الظباءَ
فَإِذا ما رَوّضَ الجزع عَطا / وَإِذا ما أَظلَمَ الكَونُ أَضاءَ
وَبِنَفسي قَمَرٌ إِمّا بَدا / أَو رَنا أَغضَت له الشَمسُ حَياءَ
لَم يَزَل يَنسَخُ آيات الضُحى / نوره أَو يلبس اللَيل رِداءَ
بَينَما كنت أَرى إِيضاحه / يَخطُفُ الأَبصارَ إِذ عاد خفاءَ
وَخَليط قَد وَصَلنا ودَّهُ / وَقَطَعنا في هَواه الخلطاءَ
أَلفَ الصَدَّ فَقُلنا رشأ / شأنه الصدّ تَدانى أَو تناءى
غاله صرف اللَيالي فاِنطَوى / فَطَوَينا الودَّ فيهِ وَالوَلاءَ
كُنتُ أَرعاهُ صَباحاً وَمَساء / صِرتُ أَنعاهُ صَباحاً وَمَساءَ
وَإِذا أَنعاهُ أَو أَندبُهُ / أَندبُ العزَّ وَأَنعي الكِبرياءَ
كانَ ملويّ السرى إلّا لَنا / فَلَوى عنّا اِلتفاتاً واِنثناءَ
أَتراهُ قَد تَناءى عَن قِلىً / ما عَهِدنا في تَدانيه قِلاءَ
أَم تَرى ترحاله كانَ جفاً / لا وَعينيه فَما كانَ جَفاءَ
إِنَّما الحادي دَعا حَتّى لَقَد / طبقت دعوته الدنيا زقاءَ
ثُمَّ ما أَمهله أَن جاءَه / مستحثّاً فَتَولاه وَفاءَ
وَكَذا الأَيّام إِمّا حاوَلَت / قطع أَمرٍ واصلَت فيهِ العَداءَ
وَخطوبُ الدهر إِمّا نزلَت / في فناءٍ أَقفَرَت ذاكَ الفناءَ
وَدَواعي البين إِمّا قويت / جعلت أَنديَة الحيّ قواءَ
وَرياحُ الجدب إِمّا عصفت / في أَلاء قلعت ذاكَ الأَلاءَ
وَلِجاجُ الحبّ لا يبقي عَلى / مَن تَفانى في الهَوى إِلّا الفَناءَ
وَكَذا يَلقى الأَسى من لَم يَكُن / دون من يَهواه حرزاً أَو وَفاءَ
قل لحاديه أَجِب تسآلنا / قَد نَراك اليَوم أَعجلت الحِذاءَ
أَتعوّدتَ النَجا عند السرى / أَم تعمّدتَ بمسراك النَجاءَ
ما نَراك اليَوم إِلّا ظالِماً / أَخذَ الغصن وأَعطانا الغثاءَ
قَد طويتَ البشر عنّا وَالهَنا / وَنَشرتَ الهمَّ فينا وَالشَجاءَ
وَزجرتَ الطيرَ عَن أَوكارِهِ / غلطاً جرَّ عَلى الوكر العفاءَ
خلّه فَهوَ فَتىً يافِع / ثُمَّ ذرنا نَحتَفِظ ذاكَ الفتاءَ
خلّه تنعم به أَوطانُه / واِبقه نحمد به هَذا البَقاءَ
وَإِذا ما رمت من ذاك فَدىً / فَخُذ الدنيا وَما فيها فِداءَ
بنت بالريّ وَغادرت لَنا / مهجاً حرقها الوجد ظماءَ
قَد كذبنا ما وَفينا معه / إِذ وَأدنا الصدق فيهِ وَالوَفاءَ
واِنقَلَبنا من ذرى عادية / لِربى أَحدثن للذلّ وعاءَ
وَظَللنا في زَمان كلّه / سقم أفقدن أَهليه الشفاءَ
وَكَذا من لم يَكن ذا مِرَّةٍ / باللَيالي كابد الداء العياءَ
وَالَّذي هذّبه العلمُ فَلا / يَأَلَف الداء وَلا يَعدو الدَواءَ
وَفّه يا عين فَرضاً واجِباً / وَاِحذري أَن تهملي فيه الأداءَ
وَأَريني كَيفَ تسكاب الحَيا / يجعل الأوداء غدراً ونهاءَ
وَاِقض يا نَفسُ عليه جزعاً / وَتعزّي عنه أَو فاِقضي عزاءَ
هَل لَنا وَالعَيش أَمسى خشناً / غير أَنّا نذكر العَيش الرخاءَ
ونُمنّي النفس في فاقتها / أن سَيملا الدهر كفّيها غناءَ
هَكَذا فليهج الذكر الأسى / وَليثر بَينَ الحَشا داءً فَداءَ
قَد ذكرنا مَجدنا العذب الرواء / واِنثَنينا نندب العذب الرواءَ
وكَنينا عنه تخواف العدى / تلفت الطرف لكانيه اِشتِفاءَ
أَيُّها المَجدُ تراجع وَأَقِم / واِقصر اللبثَ علينا وَالثواءَ
لا تَكُن مغتَرِباً عَن عصب / أَصبَحوا منك جَميعاً غرباءَ
بنت لا بنت فَهَل بعدَ النَوى / نَلتَقي أَم أَنتَ لَم تنو اللقاءَ
هَذِهِ الأَوطان تَدعوك فَعُد / وأعد في أَهلها ذاكَ البَهاءَ
لا تَدَع عين العدى تنظرنا / نظر الغرب إِلى الشرق اِزدِراءَ
أَيُّها الرامي إِلى غاياتِها / مُحسناً عَن قوس فكريه الرماءَ
أَجل الطرفَ وَجُل بين الوَرى / وَاِبعثِ الفكر هبوطاً واِعتلاءَ
تَجِد الشَرقَ هوى من صرحه / وَتَرى الغَربَ تَعالى حيث شاءَ
إِنَّ ذا من كَسَلٍ نامَ وَذا / قامَ يشأى عزمه السَيف مضاءَ
وَكَذا من كانَ في يَقظته / ترك الراقِد في الشوط وَراءَ
وَالَّذي يَرجو المَعالي راقِداً / فاته اليَقظان عزّاً واِعتلاءَ
ظلّ هَذا يَنشق الهوج وذا / راح لا ينشقها إِلّا رَخاءَ
أَبَداً من جال في أَنحائه / لا يَرى غير رَزايا تَتَراءى
لا يَرى غير أَسىً يَتلو أَسى / وَعناءً لا يَلي إِلّا عَناءَ
وَفَتىً من جبنه بَعدَ فَتى / يَترُكُ الجمَّ وَيَرتاد اللغاءَ
وَحمىً منهتك بعد حمىً / لَيسَ يَلقى فيه ذو الروع اِحتِماءَ
كُلُّ يَوم أَزمة تفرسه / بنيوب تدع الطود هباءَ
يَسرق الأَزلم من أَحداثهِ / لَمحة الطير إِلى الفخ اِقتِذاءَ
ويردّ اللّحظ في أَجفانه / دامياً يعثر بالفجر عشاءَ
وَأُولي الأَمر كَما تنظرهم / أَغفَلوا الأَمر وَعدوا أمراءَ
قرّبونا للبلى واِبتَعَدوا / قاتل اللَه الطغاة البعداءَ
من يدٍ للظلم أَقوى من يَدٍ / لَم تَنَل إِلّا العباد الضُعَفاءَ
من أُقاضي وَغَريمي ذو القَضا / فَخُذوني وَالقضاة الغُرَماءَ
أَينَ لا أَينَ الأُلى قَد أَنفوا / وَأَبوا إِلّا المَعالي والإباءَ
رجحوا حلماً وَخفّوا همماً / وَنشوا صيداً وَشبوا زعماءَ
للهدى كانوا أَدلّاء وَلل / عدل وَالمَعروف كانوا خلفاءَ
فَكأن لَم يخلفوني أَوَّل ال / خلق إِلّا لِيَكونوا عُظَماءَ
لَو دَعاهم صارخ لاِنتَفَضوا / عَن بطون الأَرض واِحتلّوا السَماءَ
أَطلَقوا كلّ أَسيرٍ مثلَما / مَلَكوا الأَحرار جوداً وَسَخاءَ
لَو تبعنا في العلا آثارهم / لَزحمنا الشرقَ وَالغربَ علاءَ
تَرَكوا المَنزِل مَعموراً لَنا / ثُمَّ جئنا فَتَركناهُ خلاءَ
ضَربوا العزّ لَنا أَخبية / فَنقضناها خباءً فَخباءَ
وبَنوا المجد علينا صُرُحاً / فَعقرناها بناء فَبناءَ
وَبقينا صوراً جامدة / لا يَرى فيها أَخو الرشد ذماءَ
كلّنا نلهج بالعلم وَلا / أَحَد منّا يباري العلماءَ
لَيسَ للفضل نصيب عندنا / غير أَن نعرف منه الفضلاءَ
ندّعي العلم وَلَو أَنفُسُنا / أَنصَفتنا لدعتنا جهلاءَ
علماء الأَرض قوم علموا / أنّ في الأَرض نَعيماً وَشَقاءَ
علموا مِن أَينَ يجتاح الشَقا / فأَزاحوه وَعاشوا سُعَداءَ
شمّروا وَالشَكّ في حندسه / فَأَحالوا ظلم الشكّ ضياءَ
كشفوا كلّ غطاً واِكتَشَفوا / كُنُزاً كانَ بِها الترب ملاءَ
سخّروا البرق فَأَضحى طوعهم / واِستَقادوا من لَظى النار العِصاءَ
وَأَذابوا من حَديد زبراً / وَأَعادوه رشاءً فَرشاءَ
ثمّ مدّوه عَلى هام الوَرى / وَأَمدوا في حشاه الكَهرباءَ
جَعَلوا البحر قصوراً وَالثَرى / أَبحُراً تزخر صَيفاً وَشِتاءَ
وَلَقَد عبّوا بأصفى مائها / وَشربنا فضله الرنق حساءَ
وَخَليق بالرَوى من صرم ال / كَدَرَ الآجِنَ عذبا وَرواءَ
لَيتَ شِعري ما الَّذي أَطلقهم / من عقال وَدَعانا أسراءَ
ما لَنا نَحن ضَعِفنا وَقووا / أَوَ لَسنا كلّنا طيناً وَماءَ