القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 84
كن على الصدق مقيماً والأدبْ
كن على الصدق مقيماً والأدبْ / والزم العلم بفهم وطلبْ
واتق الله بقلب خاشع / واجتنب ظلمة أنواع السبب
وانظر النور الذي في طيه / حيث أدنى بالأقاصي واقترب
وتوكل في المهمات على / خالق الخلق تنل أعلى الرتب
وتوسل كل وقت في الذي / أنت راجيه به تلق الأرب
ثم لا تنس هنا عبد الغني / من دعاء الخير فالله يهب
وصلاة الله ربي لم تزل / مع سلام لنبي منتخب
وكذاك الآل مع أصحابه / عصبة الحق ومنجاة الكرب
أمد الأزمان ما غرد في / دوحه الطائر فاهتاج الطرب
لك قد رمت وجوداً فأبى
لك قد رمت وجوداً فأبى / وحوى رسمك أما وأبا
أنت رسم مستحيل عدم / ووجود الله عنك احتجبا
بدعاويك له حيث دنا / منك يا تقديره واقتربا
واجب ما زال ربي واجباً / مستحيل أن يرى منقلبا
وكذا الممكن في إمكانه / لم يزل والعلم فيه غلبا
علم ربي غالب في كل ما / هو فيه فاسمعوا هذا النبا
هن أنواع ثلاث جنسها / مدرك بالعقل والغير صبا
فاحذر الواجب أن تخلطه / بالذي أمكن فالخلط هبا
يا بني الأيام هذا أبداً / دائم والكل يبغي الطلبا
ما هنا كل ولكن وهم / غلب العقل أزال الأدبا
إن هذا هو علم خارج / عن معاني العقل علم الغربا
ظهرت ذاتي لذاتي
ظهرت ذاتي لذاتي / وصفات من صفاتي
وبدت في النفس نفس / مكنت في حركات
كنت كالقشر عليها / وهي كاللب المواتي
والذي أبديه عنها / هو نعتي وسماتي
عينها غابت ولكن / حضرت باللحظات
وغدت تكشف عني / لي بها عن ظلماتي
وتبدت شمسها من / فوق سبع الطبقات
فأنارت أرض قلبي / وبها ضاءت جهاتي
وأنا الحادث ماض / وأنا الدائم آت
وهو أمر واحد واث / نان بعد الإلتفات
فتنحوا عن طريقي / يا نفوساً جاهلات
واحذروا أن تدخلوا في / طرقاتي الضيقات
وابحثوا عنكم وخلوا ال / بحث عن أوصاف ذاتي
أنا إلا روحُ أمرٍ / فوق كل الكائنات
أنا إلا محضُ نورٍ / فائض باللمحات
أنا إلا سرُّ عرشٍ / وأنا ماء الحياة
وأنا المعروف في السب / ع الطباق العاليات
وأنا فوق إشارا / تي وكل الشطحات
ومعاني الكون دوني / وهو من أدنى هباتي
كيف لا والنفس مني / ذهبت في الذاهبات
وبدا الحق مكاني / يتجلى بصفاتي
والذي يعرف ربي / عارف بي وبذاتي
والذي يجهله يج / هلني بالغفلات
يا أخلاءي رويداً / كم بتعويج قناتي
ظنكم أعدم نوري / عندكم ذا اللمعات
كلما لمتم شربنا / كم كؤوس صافيات
وعلمنا كم دنانِ ال / باقيات الصالحات
وجهلتم ما لديكم / كحمير سارحات
عندكم ماء وأنتم / قد عطشتم للممات
هيئوا الأكباد منكم / في غدٍ للحسرات
واستعدوا لسؤال / عن جميع السيئات
ليت منكم لو شربتم / ما حويتم يا سقاتي
مخرج الأفلاك أضحى / بحروف الجسم ياتي
عن لسان الملأ الأع / لى وهاتيك الذوات
ومعاني الروح تتلى / في المسا والغدوات
وكلام الله برق / خصّنا بالومضات
وسمعنا وتر الوت / ر بأيدي الغانيات
ودفوف الحق من نق / رتها زالت سناتي
ومزامير المعاني / أطربت بالنغمات
وحلا رقصي مع الأر / واح تلك الراقصات
ثم باآتي جيمعا / دخلت في ألفاتي
وانقضى صحوي وقد عم / مت ببحر السكرات
غرست في أرضه بال / لطف منه شجراتي
وهو بزري وهو أيضاً / ظاهراً من ثمراتي
وانثنت أغصاننا من / أمره بالنسمات
في ربا أوج التجلي / ورفيع الحضرات
يا شذا عرف غراسي / فاح يا طيب نباتي
والسوى في كل حزن / وأنا في النزهات
والذي عنديَ مني / غير ما عند عداتي
هم يروني في شتات / مثل ما هم في شتات
وانطوى عنهم خصوصي / وانتفى عنهم ثباتي
وانجلت شمسي وهم بال / جسم خلف الهضبات
فاح مسكي وزكام / عندهم عن نفحاتي
وأنا في محض إيقا / ن وهم في الشبهات
وعلى الجملة فيهم / قد أجيبت دعواتي
وأصيبوا برزايا / هي إحدى السطوات
نورطه المصطفى منه جيمع الكائنات
نورطه المصطفى منه جيمع الكائنات / وبه كان الترقي في رفيع الدرجات
كفه غيث مغيث لقلوب المتقين / ومزيل عطش الأمة يوم الحسرات
كل روح هي من نورسناه ظهرت / كل جسم هو منه ظاهر بالحركات
وهو سر ليس يخلو منه شيء في الورى / لكن الستر عليه من شخوص النسمات
شاهد ذلك منا وهو مشهود لنا / يتجلى للبرايا في جميع اللمحات
وصلاتي وسلامي للذي أنواره / أشرقت في الكون حتى زال سر الظلمات
وعلى آل وصحب بهما عبد الغني / بدل الله له سوء الخطا بالحسنات
حركات سكناتُ
حركات سكناتُ / كلها تجدداتُ
ظهرت عن أمر ربي / فَسَرَتْ فيها الحياة
إنها خلق وأمر / وصفات وذوات
ووجود خالص قد / لونته الفانيات
مثل لمح البصر الكل / ل وهن الكائنات
أي هذا الحجر الجا / مد والأرض الموات
قم تجدد واكشف الأم / ر لتأتيك الهبات
وانظر البرق لموعاً / ماله عنك فوات
إنه أنت إذا كا / ن له منك التفات
كل شيء غير وجه ال / له فان ورفات
وهي لولاها لما كا / ن له قط ثبات
فوجود الكون قول ال / له كن هم كلمات
فهي كن لا غيرها قا / م بها القوم الثقات
يعبدون الله سراً / وجهاراً ثم ماتوا
إن عرفتم غير هذا ال / حق يا قوم فهاتوا
أنا مجنون الملاحِ
أنا مجنون الملاحِ / فاعقلوني يا لواحي
واقرؤا نطقي فإني / مثبت بالحق ماحي
أخذت قلبي عيون / غمزها سكري وراحي
لا عيون من تراب / هي أو ماء قراح
بل عيون ناظرات / لي من كل النواحي
أينما وليت ألقى / وجهها الحق كفاحي
وبها كنت وما كن / ت وسكران وصاحي
كل عين أنا عنها / نظرة بل وحي واحي
وجميعي هو من أج / فانها المرضى الصحاح
أنا إلا النور منها / في مساء وصباح
أنا إلا القول عنها / في غدو ورواح
تتجلى بي عليكم / في قميصي ووشاحي
قد هدت بي وأضلت / بي كثيراً عن فلاح
ولقد أنكرتموها / من شهودي والتماحي
فرمتكم من جحود ال / حق في الكفر الصراح
وغزتكم بسيوفي / وسبتكم برماحي
لو عقلتم لو دريتم / يا ذوي الجهل المتاح
ونفوس في فساد / لا ترى نور الصلاح
فاحذر الليث وحول / عنه يا كلب النباح
ودعوه يا ذوي الأع / ين هاتيك الوقاح
بيت حق واجب حر / مته غير مباح
لا تقل منه سلمنا / ما حسستم بالجراح
ستذوقون غداً إن / برد الجرح سلاحي
وسترديكم سمومي / وستلقيكم رياحي
ويفي بالوعد بالنص / ر إلهي والنجاح
ويريش الله بالإم / داد مقصوص الجناح
هيكلي سام سليم الشبحِ
هيكلي سام سليم الشبحِ / طاهر الذيل نظيف القدحِ
وإنائي بالتجلي طافح / يتكفّى بفنون الملح
ومن المنبع روحي شربت / وبصدر صدرت منشرح
لا درى الغير ولا كان له / لمحة من نور تلك اللمح
أنا في المذكور والجاهل في ال / ذكر والفكر وعقد السبح
هو في بيت هوى منغلق / وأنا في رفرف منفسح
كلنا من نخلة واحدة / لكن العجوة غير البلح
وجهنا الحق غسلنا وسخ ال / غير عنه بمياه الوضح
وتركنا الكل للكل فلا / بالمذمات ولا بالمدح
هي نفس كيفما شئت بدت / لي بشخص بالسوى متشح
وهو أمري نازل مرتفع / بمزامير الورى في مرح
كلهم منك خيالات فدع / عنك يا عبد الغني واسترح
وادخل البيت وبت في دعة / وتعانق معه واصطلح
واترك الكرسي والعرش وما / تحته للغي أو للفلح
واهجر الجنة والنار ولا / تفتتن عن ذاته بالشبح
وتمتع بالرقيقات وفز / بالعطايا وافتخر بالمنح
وانخلع عنك وعربد طرباً / وتهتك في الهوى وافتضح
هذه دولتنا قد حضرت / دولة العز وكنز الفرح
وانفصلنا أبدا من أزل / عين ماء دافق منسفح
روضة زهرتها فائحة / فانتشق نفحتها وانصلح
وتنصت لغنى بلبلها / وعلى المطرب لا تقترح
واحرق الجاهل في قشرته / وهو لا يشعر بالمصطلح
هو ألقى نفسه معتدياً / في المضيقات ولم ينفسح
أنت بالتصديق في الراحة بي / وهو في إنكاره في ترح
حق عيني رؤية الوجه المليحْ
حق عيني رؤية الوجه المليحْ / قد أتانا خبر فيه صحيحْ
قول طه إن للعين التي / هي عين لك حقاً قد أتيح
فليؤد كل ذي حق هنا / حقه الوارد في النصح الصريح
فهو معروف لدى عارفنا / خافياً عن كل ذي وجه قبيح
وجه من ينكر دين المصطفى / ويرى ذاك حراماً ما أبيح
إن هذا هو شرعي دائماً / وبه ألقى إلهي في الضريح
فليمت غيظاً ويفنى كمداً / كل من ينكره لا يستريح
أين نبت الورد في الخدين من / كل بدرٍ طالع من نبت شيح
والذي ما عنده فرق يرى / بين وجه الشعر والوجه الصبيح
فهو حيوان ولا عقل له / في هوى الدنيا له قلب قريح
يعشق الملعونة الدنيا التي / هو ملعون بها كلب نبيح
إن يقل عنا عرته صبوة / صبوة الجهل بها المرء جريح
ما صبا قلبي ولكن هام في / مجتلى وجه كريم لا شحيح
فانظروا العاشق منكم كيف في / طمس قلب وعمى عين يسيح
وانظروا العاشق منا كيف في / فيض علم الله والفتح الفسيح
ما لكم من نظر يا هؤلا / غير بهتان وتشنيع فضيح
فاستعدوا لسواد الوجه في / يوم حق صادق الوعد رجيح
واعملوا ما شئتموه ههنا / كل قول هو منكم مثل ريح
نحن قوم لا نبالي بالذي / قيل فينا هو ذم أو مديح
حسبنا الله الذي نعرفه / وبه نهوى تجليه الرجيح
أنكرت أمثالكم قبلي على / مثل طه وعلى عيسى المسيح
وعلى مثل خليل الله من / جاء بالحق وإسحق الذبيح
ثم زالوا ومضوا في غيهم / وعن الباطل ذو الحق أزيح
هكذا الدنيا علينا وعلى / منكرينا ما عليها مستريح
فَرَحي يا فَرَحي يا فَرَحي
فَرَحي يا فَرَحي يا فَرَحي / خمرة المحبوب ملء القدحِ
قم بنا نشربها صافية / يا نديمي واغتبق واصطبح
خمرة الذات تجلت وعلت / عن معاني الكون يوم الفرح
لا يراها غيرها من أحد / كل طرف بالسوى منجرح
هذه لا هذه أنت ولا / أنت فاعرف عين هذا الشبح
هو عين الكل لا كل سوى / عينه عين العطا والمنح
بيته الغيب فإن لم تستطع / لا تحل عن بابه المنفتح
ربما يقبلك البواب إن / كنت ذا قلب له منطرح
واحد عدده العقل لنا / بانتظام كعقود السبح
فتحقق وتدقق واعترف / أنك الفرد الذي لم تلمح
وتوحد واترك الكثرة عن / وهمك الحاجب عنه واستح
أنت حق واحد لا غيره / غيره أنت فَطِبْ وانشرح
وادخل الحضرة يا حضرته / وتعانق معه واصطلح
لمتى أنت سواه لمتى / في نزاع أنت مت واسترح
يا وجوداً واحداً ليس له / غير أسماء به لا تنمحي
ظهرت عنه له في صور / فانيات مثل قوس القزح
كن له لا لسواه أبداً / وانغسِلْ عنك به وانمسح
كن جماداً وإذا شئت به / كن نباتاً مثمراً كالبلح
وإذا شئت كنِ الحَيْوان يا / أيها الإنسان وقت المرح
وانجمع إن شئت طوراً وافترق / كيفما كنت ولا تقترح
هذه الأطوار لا تبقى له / هي برق لاح للملتمح
يتجلى هو في الكون بها / لا بها مزدلف في قرح
كم شحيح قام بالنفس فلم / يلقها لما تجلت كم شحي
طلعت شمس الوجودِ
طلعت شمس الوجودِ / من سموات الشهودِ
فاختفى الرسم وطاح ال / وهم وانحلت قيودي
كان في ظني بأني / مستقل في الوجود
أملك الفعل وأحوي ال / قول مع كل العقود
كبني الأيام ألهو / بقيام وقعود
وأنا بين ليال / من ظلام الفكر سود
فتأملت وقلب / ت صدوري وورودي
وتسايلت إلى أن / سلت من بعد الجمود
وتحققت بأني / نابت بالوهم عودي
وبأني عند نفسي / كخيال في هجودي
واعترا في بالذي أع / لمه عين جحود
وكذا الظل له مر / ءى ولكن بالعمود
فأنا اليوم أنا ذا / ك على رغم الحسود
وأنا المحبوب والمح / بوب ذاتي ووجودي
وأنا نفس جميع ال / ناس نسلي وجدودي
وأنا الكل وكل ال / كل من فضلة جودي
ما معي في الملك غيري / والورى طراً شهودي
ولقد أطلقت نفسي / من تخاطيط حدودي
وسللت السيف مني / بعد هاتيك الغمود
وشققت الحجب عن عي / ني وطالعت ودودي
وصلاتي لي جميعاً / وركوعي وسجودي
وأنا ناري إذا ما / شئت أشقى بخلود
وأنا الجنة إذ في / قبضتي كان سعودي
ما على نفسي مني / في وعيدي ووعودي
وعلى ذاتي إقبا / لي كما عني صدودي
وهي نفسي لا سواها / بين حجب وشهود
في نعيم أنا طوراً / ثم طوراً في وقود
وتحياتي على ذا / تي من غير نفود
غصن بان فوقه البدر بدا
غصن بان فوقه البدر بدا / أم غزال راح يغزو أسدا
أم مليح يتثنى مرحاً / حيث أضحى بالبها منفردا
صنم الحسن الذي لم يره / عاشق إلا له قد عبدا
يا له بحر جمال عطفه / موجه بالجسم يرمي زبدا
نار خديه مجوسي الهوى / ما رآها قط إلا سجدا
وإذا ما ظهرت من وجهه / حضرة الغيب طلبنا المددا
صار جهلي غيره معرفة / صار غيي وضلالي رشدا
آه من قسوته مع شغفي / في هواه وهوى الغيد ردى
قلت يا مولاي جُدْ لي كرماً / بوصال قال لا لا أبدا
قلت فالوعد به تسلية / قال يحتاج يفي من وعدا
قلت فاسمح بخيال في الكرى / قال لي ما لك طرف رقدا
قلت ما تفعل بي حينئذ / قال ما أختاره طول المدى
قلت خذ روحي فقال الروح لي / خل دعواها وهات الجسدا
واترك الأمر إلى مالكه / إن للمحبوب في الحب يدا
كل من يعشق وجهاً حسناً / لا يرى إلا البلا والنكدا
فاصطبر إن شئت أو شئت فمت / كم علينا ذاب جلد جلدا
أنا موسى العشق ربي أرني / بك أن أنظر ظبياً شردا
لاح لي جمر على وجنته / كلما أدنو إليه بعدا
فلعلّي منه ألقى قبساً / أو يرى قلبي على النار هدى
قم تأمل أيها الغافل لم / يخلق الرحمن ذا الحسن سُدى
وتعرض لهواه فلقد / جاء من ناحية الستر نِدا
وإذا لامك من ليس له / نظر فاخرب عليه البلدا
أين أهل اللوم من أهل الهوى / ما المحبون يساوون العدا
كلما أرشف سمعي عاذلي / مرَّ لومي زدت في الحب صدى
فكأن العذل منه طلب / لهيامي بلسان عقدا
أيريد الغر أن يصلح من / حال أهل العشق ما قد فسدا
إنما أهل الهوى مرآته / وهو فيهم حاله قد شهدا
ثم لما أشكل الأمر رمى / نفسه من جهله وانتقدا
وادعى العشق فلم يحصل له / وعلى أهل الهوى قد حقدا
قام فيه يكثر اللوم لهم / أوَلَمْ يخش الإله الصمدا
هبه لا يعرف لذَّاتِ الهوى / حسن محبوب فؤادي حجدا
إن قلبي اليوم في أسر رشا / لا يرى للقتل عشقاً قودا
وجهه الجنة في أعيننا / خده النار بقلبي وقدا
لم يزل يجفو وأبليت على / حبه أثواب عمري الجددا
ولكم أفنيت جسمي سقماً / وتنفست عليه الصُعَدا
وإذا في حبه مت فقد / عشت بعد الموت عيش السُعَدا
يا سقى الله زمانا بالحمى / ورعى بالشعب عيشاً رغدا
طالما كنت به طوع هوى / لم أخف في نهب وقتي أحدا
حيث غزلان النقا قد أنست / بي وبعد المنع أولتني ندا
وكحلت العين بالعين وما / بعدها عدت شكوت الرمدا
حيث أقمار البها طالعة / تتجلى ولها الروح فدا
وغصون البان لما انعطفت / طائر القلب عليهن شدا
حيث وجه السعد فينا مقبل / بالهنا والهم عنا طردا
وكؤس الأنس بالقوم صفت / وبنا الورد إليه وردا
في رياض ضحك الزهر بها / كلما السحب بكت قطر الندا
هزت النسمة من أغصانها / حين جَلَّتْها قناً مرتعدا
فلهذا كبَّر الطيرُ وقد / لبس النهر عليها زردا
والصبا يذكرنا عهد الصبا / ليت ما بالأمس لي كان غدا
ليت لو جاد زماني بالذي / كان منه قبل ذا قد عهدا
يا أصيحابي بأكناف الحمى / عللاني إن صبري فقدا
واذكرا لي سنداً أعرفه / لست ألقى لي سواء سندا
نفد الدمع على جفوته / واشتياقي والجوى ما نفدا
هو في القلب مقيم بل أنا / هو لا بل هو دوني وجدا
كذب القائل قد حل به / والذي قد قال فيه اتحدا
إنما المعشوق موجود ولا / عاشق غير التباس قصدا
لي هوى بالشعب من كاظمة / ساكن هذا الحشى والكبدا
وأنا اليوم به مشتهر / فليمت ضدي ويبلى حسدا
أنا مفتي العشق من يسألني / عن هواه يلقني مجتهدا
أنا قاضي شرع أرباب الهوى / كل حكم بينهم لي حمدا
فالذي أمنعه يشقى ومن / أجعل الحق له قد سعدا
غير أني في أناس جهلوا / ما أنا في شأنه والجهل دا
قلم يجري له النورُ يدُ
قلم يجري له النورُ يدُ / فوق لوح معه يتحدُ
يكتب الظاهر والباطن من / كل شيء كان فهو المدد
وهو عين الكل والكل له / راجع إذ هو فيهم رصد
وهو لا شك كثير بالورى / وهو في تحقيقه منفرد
مثل ما أنك ذو عقل به / تعقل الأشيا كما يعتمد
بحر ماء موجه أرواحه / راق والأجسام فيه الزبد
وإذا شئت فقل عقل وقل / هي نفس كل شيء تلد
اذبح النفس بسيف الإجتهادْ
اذبح النفس بسيف الإجتهادْ / في رضى مولاك تحظى بالمرادْ
واكشف الحجب عن القلب به / وتأمل وجه مولاك الجواد
لا تكن من نفر قد أمروا / فعموا عنه وصموا بازدياد
سألوا واستخبروا واستكشفوا / ولقد هاموا به في كل واد
ولو اَنَّ القوم فيهم رشد / فوضوا الأمر إلى رب العباد
وأتوا منه بما قد قدروا / واستطاعوا وعلى الله الرشاد
قل هو الله أحدْ
قل هو الله أحدْ / ليس في الكون أحدْ
إنما الكون له / حجة فيمن جحد
ينجلي الحق به / وهو للمطلق حد
قدَّرتْهُ قدرة / ليس عنها ملتحد
لا تقل حلَّ ولا / تقلِ الحقُّ اتحد
قل سواه باطلٌ / وهو الحقُّ الأحد
لا تظن الله معنا ها هنا في ذا الوجودْ
لا تظن الله معنا ها هنا في ذا الوجودْ / هو معنا بالتجلي بتقادير القيودْ
وتقادير القيود الكلُّ فانٍ هالكٌ / عدم لكن له يظهر بالله وجودْ
إنما الكون جميعا حادث إذ لم يكن / ثُمَّ قد كان وربي كان من غير جحود
ليس شيء معه من قبل أن يخلق لا / داخل أو خارج أو ذو اتصال أو نفود
لا زمان لا مكان لا فلان كان في / أزل الآزال فافهم وانتبه مِن ذا الرقود
وتأمل في كلامي وانتظر إن لم يكن / فاهماً فالله ربي سوف بالفهم يجود
أنت مخلوق وما تفهم مخلوقاً فكن / عارفاً نفسك خلقاً كلها دون جمود
لا تجل بالفكر في ربك لن تقدر أن / تعرف المطلق بالداخل في قيد الحدود
رفع الله السموات الطباق السبع في / نظر العين كما قد قال من غير عمود
وهو لا يظهر إلا بعد أن يفنى الورى / كلهم يظهر بالإيمان منه في الشهود
فيراه القلب غيباً مطلقاً عن كل ما / كان من قبل يراه وهو مولانا الودود
واجعل الحس يراه فهو محسوس ولا / شيء معه من جميع الخلق من بيض وسود
كل شيء هو خيط أسودُ
كل شيء هو خيط أسودُ / طوله في العلم منه يمددُ
بان عندي هو خيط أبيضٌ / هو أمر الله فجر يقد
قدراً مازال مقدوراً كما / قال في القرآن ربي أحد
فتركت الأكل والشرب له / فصيامي أبداً لا يفقد
إنما يطعمني الله كما / هو يسقيني ومنه المدد
ويبات الآن كلي عنده / حيث لا عندَ لكلي يوجد
فاعرف القول وحققه تفز / بالذي عنه أشار الصمد
قل هو الله أحد
قل هو الله أحد / ليس في الكون أحد
كل شيء هالك / غير وجه لا يحد
والذي يفنى به / مَعَ رَبِّهِ اتَّحَد
يا هنا عارفه / يا شقاء من جحد
ما له من ملجأٍ / ما له من ملتحد
نحن علْمُ الله في الله وما
نحن علْمُ الله في الله وما / لفتى منا سوى الله وجودْ
نحن معلوماته في علمه / ولنا في ذاك إكرامٌ وجود
لا تقل أوجدنا الله ولا / أننا وجودُ حقٍّ ذو حدود
نحن يا ابن اليوم شيء هالك / من قديم للفنا فيه عهود
جل وجهُ الله أن نشركه / بوجود أو بقاء أو صمود
نحن كالبرق سريعاً نختفي / ثم نبدو لمحةً ثم نعود
هكذا يذكرنا الله على / كثرة الأطوار من غير جمود
فاعرفونا تعرفوا أنفسكم / مثلنا واحترزوا من الجحود
ما له ذكر سوى من علمه / بجميع الخلق من بيض وسود
فهو لا يخرج عنه كائن / بل من العلم إلى العلم يرود
كلهم فيه ولا كل لهم / عدم حاق به محضُ وُجود
واسع قال عليم ربنا / وسعت رحمته كل الجنود
فالذي يؤمن بالحق الذي / قلته نال مقامات السعود
والذي ينكر أشقى هو من / عاقر الناقة في قوم ثمود
وهو علم الله أيضاً مثلنا / نازل للذكر من غير صعود
عالم الحكمة هذا
عالم الحكمة هذا / فيه ذو الهذيان هاذى
حكمة لله جلت / ويقول الغر ماذا
عمي الدهريُّ عنها / وبها المؤمن لاذا
ويقول الفلسفيو / ن هو العلة هذا
كذبوا ما الحق إلا / فعل أمر يتحاذى
فعل من يفعل ما شا / ء صحيحاً وجذاذا
وله الأوصاف والأس / ماء جمعاً وفذاذا
كيفما شاء ولا عل / لة لا طبع عياذا
والطبيعيون قوم / نبذوا الحق انتباذا
عبدوا الطبع بكفر / وجدوا فيه لذاذا
ثم أقوام اعتزال / مُطروا الغيَّ رذاذا
عن هدى السنة مالوا / نفذوا عنه نفاذا
أين دين الحق ممن / بالضلال الله آذى
ورسولَ الله أيضاً / عند ما شذ شذاذا
ديننا شرع نبيٍّ / صادق للحق حاذى
فتمسكنا به لا / تبتغي ذاك ولا ذا
واقتدينا بأبي بك / ر وتابعنا معاذا
هذه نفحة عنبرْ
هذه نفحة عنبرْ / عن شذاها لا يُعَبَّرْ
يا مريض النفس عنك ال / عارف النحرير أخبر
إن ترم داءك يبرى / فاشرب الماء المدبَّر
لتقيء الكون والكو / ن وكسر البعد يجبر
قام في الصدر خطيب / وله قلبك منبر
فاستمع وانصت ولا تل / غو فتيلاً كن مُصَبَّر
وبه لا بك فاذكر / ولذكر الله أكبر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025