المجموع : 4
أَطلب الوصلَ وأيامي تشحُّ
أَطلب الوصلَ وأيامي تشحُّ / والهوى يزدادُ والدمعُ يَسُحُّ
كم ليالٍ لو أَذُقْ فِيهَا الكَرَى / أَسهرتْني لوعةٌ فِيهَا وبَرْحُ
أَلمَحُ النجمَ متى مَا شِمْتُه / يَا ليالي الوصل هل لي منك لَمْحُ
ظُلماتٌ بالدُّجى كَم لي بِهَا / زَفَراتٌ تقطعُ الأحشا وتَلْحُو
كأسُ شوقي بالحَشى قَدْ طَفَحتْ / ليت شِعري هل لكأْسِ الوصل طَفْح
ما لنارِ الشوقِ تَذْكُو كلما / سال دمعي مَا خَباها قَطُّ نَضْح
أَغرقتْني سُحْبُ عيني بالبكا / وبقلبي من سَعير الوجدِ لَفح
ضِدانِ فِي قلبي وعيني جُمعا / كَيْفَ فِي حكم الهوى هَذَا يَصِحّ
يا لَهَا من مُزْعِجاتٍ بالحَشى / تُمرِض الجسمَ وللأسرى تَصِح
كدتُ لولا أملي أفضِي هَوىً / يَا أُهيلَ الحبِّ هل للوعد نُجْح
شاب رأسي كم أُقاسِي هل تُرَى / يَسْمحوا لي بوصالٍ أَوْ يَشحٌّوا
طال ليلي فِي سُهادٍ وبُكا / أَمسحُ الدمعَ وَمَا للسهدِ مَسْحُ
غُلِق الشرقُ عن الصبح فما / لليالي الصبِّ يَا ذا قط صبح
كم أُقاسي من هموم الدهرِ كم / لَيْسَ بَيْنَ الدهرِ والأحرار صلح
إنما الدهرُ همومٌ وهَنا / وحياةُ المرءِ فِي دنياه كَدْح
لا يطيب العيشُ إِلاَّ لفتى / قَدْ تَساوَى عنده خُسْر ورِبح
ترك الدهرَ وولّى هارباً / من بنيه مَا لهذا الدهر نُصْح
أَسكرتْني همومُ الدهرِ فيا / لَكَ دهرٌ من بَلاهُ لستُ أصحو
كم أراني زمنُ الفكرِ بِهَا / مُزعجاتٍ كلُّها للقلبِ قَرْحُ
كم أُداوي القلبَ قَلَّت حيلتي / كلما داويتُ جرحاً سال جرح
نَعتِب الدهرَ وَمَا الدهرُ أسا / أهلَ ودي مَا لهذا الدهر جُنْحُ
إنما الدهرُ صباحٌ ومساءٌ / وكلا هذين إغلاقٌ وفتحُ
ذَلِكَ السكونُ صُروفٌ وفَناً / وزوالٌ ثُمَّ ضِيقَ ثُمَّ مَسْح
نحن سَفْرٌ والليالي سُفُن / كم لَهَا فِي أَبْحُر الأَعمارِ سَبْح
عشت دهراً لَمْ أجد خِلاًّ سِوَى / مظهرِ الفحشا وبالحُسنى يَبَحّ
إنْ تَبَدَّى فسُلاف سَلْسَل / أَوْ تَناءى فَأُجاج الطعم مِلْح
إِن تَسَلْني عن بني الدهر فسَلْ / إن قلبي لعلوم القوم صَرْحُ
كم بشوشٍ وهْو صِلٌّ أَرْقَم / فِي حَشاه من زِنادِ للغِلِّ قَدْح
ضاق ذَرْعي من أُناسٍ / دَأْبهمَ دائم الدهرِ مُعاداة وقَدْح
أتعبوني كم أُدارِي إنهم / فِي فؤادي نَصَبٌ مُعْيٍ وقَدْح
أهلَ ردى إنْ تُسيئوا عِشْرَتي / إن قلبي بخلوصِ الود قُح
لستُ أَشكو ضيقَ دهرِي أبداً / إنْ يكن لي من مليك العصر فَسْح
رَحْبُ خَلْقٍ رحب خُلقٍ أروعٌ / طَودُ حلمٍ فَيْصَلُ الأحكامِ سَمْح
مَلكيٌّ ذو صفات قُدِّست / دونَ مَرْقاها لرأسِ النجمِ نَطْح
كتب الجودُ عَلَى أعتابه / ابن تُركي لسطورِ البخلِ يمحو
إن قِداحٌ للمعالي ضُرِبت / فالمُعَلَّى لأبي تيمورَ قِدْح
أو رياحُ الحربِ يوماً عَصَفت / فعِداهُ بسَموم السيفِ سَدْح
مَا استطالتْ للأَعادي شوكةٌ / مذ ثَناها من يد الأقوام كَفْح
فيَداه للمُوَالي مَرْهَمٌ / ويداه للمُعادِي الخصمِ جُرح
يسبِقُ البرقَ ذكاهُ حِدَّةً / فيُريه الفكرُ مَا يُخفيه جُنْحُ
قَيَّد المجدَ حفيظاً حارساً / وبيوتَ المالِ للعافين سَرْح
مَا أتاه وافدٌ إِلاَّ انثنى / وعليه من سحاب الجودِ سَحّ
يَا لَنفسٍ لَمْ تَجِدها طَمَحت / إن نفسَ الحرِّ لفحشاءِ كَبْح
في رِياض المجدِ نفسٌ غُرِست / فشَذاها من عَبيرِ الفضلِ نَفْح
قد زَهَت أغصانُها من كرمٍ / فجَناها كرم مَحْضٌ وصَفْح
هاجمتْني نِعَمُ القُرْبِ كما / صاهمتْني نِقَمٌ بالبين تلحو
فربُكم أهْنَى حياةً لفتى / وكذاك البعدُ للأحبابِ ذَبْحُ
عِيسُ رَجْوَى أَقلقتْنِي نجوكم / إذ حَداها كَرم منكم ومَنْح
حُثْحِثت تَسرِي برَكْبٍ ولكم / لِحِماكم ساقَها الدهرُ المُلِحّ
طالما أَوْقرتُموني كرماً / فهْي غَرْثَى مَا لذاك الحال شَرْح
ما لحصرِ المدحِ فيكم أَمَدٌ / فقُصوري عن دِراكِ المدح مدح
إِنْ تُرِد أَهْنا شراباً
إِنْ تُرِد أَهْنا شراباً / قَرْقَفاً فاشربْ كِرابا
ذا شَرابٌ من لُجينٍ / فاق شهداً ورُضابا
خُذه من كَفَّي غَرِيرٍ / غَنِجٍ رَخْصٍ شبابا
خَنِث الأعطافِ يُكْسَى / من سَنا البدرِ ثيابا
أَهْيَفٍ يسعى برِدْفٍ / يُخجل البحرَ عُبابا
يَتدانَى منك شوقاً / يمش بالدَّلِّ اضطرابا
هاكَ فاشربْ من يديه / نارَجِيلاً مستطابا
أبيضَ اللون رَحيقاً / سَلْسلاً شَهْداً مُذابا
من سُلافٍ خَمَّرتْه / جامةٌ دارت حجابا
لستُ أنسى منه عهداً / فِي ظفارٍ يَا صِحابا
في رياض قَدْ سناها / مُنشِئ الكونِ سحابا
ونسيمِ البُرءِ يشفي / بالهوى قلباً مُصابا
وظباءِ الوحشِ حولي / رائعاتٌ لن تَهابا
في مروجِ مُعشباتٍ / تُعجز الساعي طلابا
يا رَعَى اللهُ ليالٍ / نَرْتَجي منها إيابا
في ديارٍ شَبَّ فِيهَا / رائقُ الأُنْس وشابا
مَزَج القلبُ هُياماً / بهواها واستطابا
يا ليالٍ هل تُعودِي / تُسرعي الخطوَ اقترابا
تَجمعينا بمليكٍ / أَرفعِ الخَلْقِ جَنابا
أَبْعَد الأَمْلاكِ صِيتاً / أقرب العلياءِ قابا
طَلِقِ الوجهِ سخيٍّ / مَلَّك الجودَ الرقابا
باسم الثَّغرِ بَشوشٍ / أَحسنِ الناس خِطابا
كلُّ نادٍ كَانَ فِيهِ / لَمْ تجد فِيهِ سِبابا
ليت عيشي كَانَ منه / يجمع السَّير إيابا
كي أَفزْ منه ببِشْرٍ / يُذهب الحزن ذَهابا
لَمْ يُغَلِّق دوني عنه / بافتراقٍ قطُّ بابا
فحياتِي بيديه / كنتُ كهلاً أَوْ شبابا
يَا سَقَى الله زماناً / جاد بالجَمْع وطابا
هَطَل المُزْنُ عَلَيْهِ / هَطَلاناً وانْسِكابا
يا مَليك العصرِ يَا من / فاق فِي الجود انتسابا
دُمْ بعزِّ فِي زمانٍ / بنُحوسٍ لن يُشابا
تهنأ بالملك سعيداً / دائمَ الدهر مُهابا
وبفهرٍ فِي ظَفارٍ / لَمْ يزل فِيهَا مُجابا
سَفرُ الإِنْس قصيراً / يُورِثُ القلبَ التهابا
وفراق الخِلِّ صعبٌ / يورث الصبَّ عذابا
وابتعادُ الدارِ يَسْقِي / بكؤوس الشوقِ صابا
قال أَرِّخْ قلت مَلْك / لَمَّ بالفضلِ الرقابا
تِهْ دلالاً أَيَّهذا المَرْبَعُ
تِهْ دلالاً أَيَّهذا المَرْبَعُ / إنك اليومَ المَقامُ الأَرْفَعُ
رجع المجدُ فطوبَى لَكَ من / تختِ ملكٍ طابَ فيك المَرجِع
سجع الدهرُ وغنى بالهنا / فترى الأكوانَ طُراَ تَسْجع
فطفِقنا من غِناها طَرَباً / نُحسن الرقص وطوراً نسمع
يا ليومٍ سَطع البدرُ بِهِ / كَانَ قِدْماً فِي دُجاه يَسْطع
هَطع البِشرُ علينا سَرْمداً / فَغَدونا للتهاني نَهْطع
نَجْتليه مذ تَجَلَّى وَلَعاً / وضياءُ البدر طبعاً يُولَع
نقطع الأيامَ شوقاً ومُنىً / ومَسيسُ الشوقِ فينا يقطع
والليالي وَسِعْتنا جَفوةً / بالدهر ضاق فِيهِ الأَوْسَعُ
تَقْرع الأعداءَ فِينا مَضَضاً / كلُّ سنٍّ ظلَّ فينا يُقْرَعُ
صَدْعُ شملٍ أَوْسعتْه غربةٌ / ظل منهُ كلُّ شملٍ يُصْدَع
طالما أرفع كفّي ضارِعاً / علَّ يوماً بالأماني يَضْرع
إن يوماً بالأماني مسرعٌ / ذَاكَ بالأفراح يوم أَسْرَع
دمعتْ عيني سروراً وعَدتْ / كلُّ عين من سروري تَدْمَعُ
خَرَّتِ الأكوانُ طوعاً رُكَّعاً / مذ رأتْ تيمورَ ظلَّتْ تركع
بدرُ تِمٍّ أشرق الأفقُ بِهِ / واستنارت من سماه الأَرْبُع
واستطارتْ فرحاً لما بدا / برِحاب المجد مَلْكٌ أَروعُ
فهنيئاً يَا بني الأوطانِ قَدْ / جُمع الأنسُ وطاب المَجْمَعُ
واطمأنَّ المُلك مسروراً وَقَدْ / كَانَ بالشوق كئيباً يَظْلع
قرتِ الأكوانُ عيناً واستوى / بسرير الملك قرمٌ أَمْنَعُ
غصنُ مجدٍ بالمَعالي مُورِقٌ / ولمثل المجدِ مَن ذا يزرعُ
فاشربوا كأسَ التهاني قَرْقَفاً / إن يومَ البشرِ روضٌ مُمْرِع
وارفعوا أيدي الدُّعا مبسوطةً / إن للداعين أيدٍ تُرفَعُ
إن ذا السلطانَ فينا رحمةٌ / فاشكروا المولى جميعاً واسمعوا
دُمْ بِعزٍّ أَيُّها السلطانُ مَا / لاح برقٌ فِي الدَّياجِي يَلْمَعُ
قال أَرِّخْ فمتى البدرُ بدا / قلت عُدَّ الفضلُ طراً أَجْمع
يَا لَرَكْب قَدْ سَرَوْا
يَا لَرَكْب قَدْ سَرَوْا / وفؤادي قَدْ شَرَوا
رحَموني لَوْ رأوا / ليت شِعري لَوْ دَرَوا
أيَّ قلبٍ مَلَكُوا /
لستُ أنسى مَا جرَى / حين شَدّوا للسُّرَى
نَبَذوني بالعَرَا / وفؤادي مَا درَى
أيَّ شِعْب سَلكوا /
إن عودي قَدْ ذَوَى / سَلبوا مني القُوَى
مذ رَمَوْني بالنوى / حار أربابُ الهوى
في الهوى وارتبكوا /
أهُمُ قَدْ علموا أم / عَراهم صَمَمُ
فالتصابي سَقَم / أَتُراهم سَلِموا
أم تُراهم هلكوا /