المجموع : 3
أخْبَرُوني غَضْبَةً وصَلفَا
أخْبَرُوني غَضْبَةً وصَلفَا / أنكم رُحْتُمُ إليهِ مَرصَفا
ثُمَّ قالوا عَنْ ذُقون حُلِقَت / قُلْتُ لا بَدَّ لها أن تُخلَفا
إنّ حَلْقَ الذَّقْنِ خيرٌ لِلفَتَى / يا بَنِي الأَعْمَامِ مِنْ أنْ تُنتَفا
وَالّذي حَلَقَ أنصافَ اللِّحَى / كانَ في الأَحكامِ عَدْلاً مُنْصِفا
حَلَقَ النِّصْفَ بِذَنْبٍ حاضِرٍ / وَعَفا بالنصفِ عَمَّا سَلَفَا
سارَتِ العِيسَ يُرَجِّعْنَ الحَنِينا
سارَتِ العِيسَ يُرَجِّعْنَ الحَنِينا / وَيُجَاذِبْنَ مِنَ الشَّوْقِ البُرينا
دامِياتٍ مِنْ حَقِّي أَخْفافُها / تَقْطَعُ البِيدُ سَهَولاً وحُزُونا
وَعَلَى طُولِ طَواها حُرِمَتْ / عُشْبَهَا المُخْضَرَّ والماءَ المَعِينا
كلما جَدَّ بها الوَجْدُ إلَى / غايَة لَمْ تَدْرِها إلاَّ ظُنُونا
قُلْتُ لِلْحَادِي أعِذْ أَشْواقَها / بالسُّرَى إنَّ مِنَ الشَّوقِ جُنُونا
آهِ مِنْ يَوْمِ بهِ أَبْكِي دَماً / إنَّ لِلْعِيسِ وَلِي فيهِ شُؤُونا
أَسَرَتْ ألْبَابَنا لَمَّا سَرَتْ / تَحْمِلُ الحُسْنَ بُدوراً وغُصُونا
كلُّ سَمْراءَ وما أنْصَفْتُها / فَضَحَتْ سُمْرَ القَنا لَوناً وَلِينا
أعْدَتِ القَلْبَ فُتُوراً وضَنىً / لَيْتَها مِنْ وَسَنِ تُعْدِي الجُفونا
ثَغْرُها الدُّرِّيُّ مِنْ أنْفاسِهِ / مِسْكُ دارينَ وَخَمْرُ الأَنْدرِينا
أَخَذَتْ قَلْبي وَصَبرِي والكَرَى / يَوْمَ بَيْعي النَّفْسَ منها أَرَبُونا
لا أقالَ اللهُ لِي مِنْ حُبِّها / بَيعَه يَوْماً وَلاَ فَكَّ رُهُونا
صاحِبي قِفْ بي فإني لم أجِدْ / لِي عَلَى الوَجْدِ وَلا الصَّبْر مُعِينا
وَسَلِ الرَّيْعَ الذِي سُكَّانُهُ / رَحَلُوا عنهُ عساهُ أَنْ يُبِينا
نَسَخَتْ آياتِهِ أَيْدِي البَلَى / فأرَتْ عَيْنِيَ منهُ الصَّادَ شِينا
وَجَنوبٌ وَشمالٌ جَعَلاَ / تُرْبَهُ فِي جَبهَةِ الدَّهْرِ غضوناً
فَثَراهُ وَحَصَاهُ أبَداً / يَفْضُلانِ المِسْكَ وَالدُّرَّ الثَّمينا
سَحَبَتْ فيهِ الصَّبا أذْيالَها / بِمَدِيحي لإِمامِ المُرسَلِينا
أحْمَدَ الهادِي الَّذي أُمَّتُه / رَضِيَ الله لها الإسلامَ دينا
كانَ سِرّاً في ضَمِيرِ الغَيْبِ مِنْ / قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ كَوْنٌ أَوْ يكونا
تُشْرِقُ الأَكْوانُ مِنْ أَنوارِهِ / كُلَّما أوْدَعَها اللهُ جَبِينا
أسْجَدَ اللهُ لهُ أمْلاكُهُ / يَوْمَ خَرُّوا لأَبيهِ ساجِدينا
ودَعَا آدَمُ باسْمِ المُصْطَفَى / دَعْوَةً قالَ لها الصِّدْقُ آمِينا
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ / كلماتٍ هُنَّ كَنْزُ المُذْنِبِينا
وَبهِ جَنَّاتُ عَدْنٍ رُفِعَتْ / عَلَماً أَبْوابُها لِلْمُسْلِمِينا
ودُعُوا أَنْ تِلْكُمُ الدارُ لكمْ / فادْخُلُوها بسَلامٍ آمِنِينا
وَبهِ نُوحٌ دَعا في فُلْكِهِ / فَأَغاثَ اللهُ نوحاً والسَّفِينا
وَأَغَاثَ اللهَ ذَا النُّونِ بهِ / بَعْدَ ما أَغْرَى بهِ في البَحْرِ نُونا
وَشَفَى أَيُّوبَ مِنْ ضُرٍّ كما / سَرَّ يَعْقُوبَ وَقد كانَ حَزِينا
وَخليلُ اللهِ هَمِّتْ قَومُهُ / أنْ يَكِيدُوهُ فكانوا الأخسرينا
ونور المصطفى إطفاء ما / أوقدوه وتولوا مدبرينا
وَجدَتْهُ أنبياءُ اللهِ في / كلِّ فضْلٍ واجِداً ما يَجِدُونا
مَصْدَرُ الرَّحْمَةِ لِلْخَلْقِ فلا / عَجَبٌ أَنْ يَتَوَلَّى الصَّالحينا
خَتَمَ اللهُ النَّبِيِّينَ بهِ / قَبْلَ أنْ يجْبُلَ مِنْ آدَمَ طِينا
فَهْوَ فِي آبائِهمْ خيرُ أبٍ / وَهْوَ في أبنائِهِمْ خيرُ البَنِينا
قد عَلاَ بالرُّوحِ والجِسْمِ عُلاً / رَجَعَتْ مِنْ دونها الرُّوحُ الأَمِينا
وَرَأَى مِنْ قابِ قَوْسَيْنِ الَّذي / رُدَّ مُوسَى دُونَه مِنْ طُورِ سِينا
وَوَجِيهاً كانَ مُوسَى عِنْدَهُ / مِثْلَما قد كانَ جِبْرِيلُ مَكِينا
صَلَوَاتُ اللهِ ذِي الفَضْلِ عَلَى / رُسُلِ اللهِ إلينا أجْمَعِينا
أكْرَمُ الخُلْقِ هُمُ الرُّسْلُ لنا / وَأبو القاسِمِ خيرُ الأَكْرَمينا
فَتَعَالَى مَنْ بَرَا صُورَتَهُ / مِنْ جَمَالٍ أُودِعَ الماءَ المَهينا
وَاصْطَفَى مَحْتِدَهُ مِنْ دَوْحَةٍ / أنْبَتَتْ أَفْنانُها عِلماً ودِينا
مِنْ أُنسٍ جانَبَتْ أَحْسَابُهُمْ / طُرُقَ الذَّمِّ شِمالاً ويَمِينا
ما رأَينا كَرَمَ الأخْلاقِ في / غَيرِ ما تَأْتُونَهُ أَوْ يَدَّعُونا
يَغْضَبُ المَوْتُ إذا ما غَضِبُوا / وَإذا ما غَضِبُوا هُمُ يَغْفِرُونا
مَعْشَرٌ صَانَهُمُ اللهُ لأَنْ / يُودَعُوا مِنْ أحْمَدَ السِّرِّ المَصُونا
هَذبَ السُّؤْدُدُ أَخْلاقَهُم / فَلَهُمْ مِنْ شَرَفٍ ما يَدَّعُونا
عَجَباً والمُصْطَفَى الشَّمْسُ الذَّي / ظَهَرَتْ أنْوَارُهُ لْلْمُبْصِرِينا
شَهِدَ الكُفَّارَ بالغَيْبِ لَهُ / وَأَتاهُمْ فَإذا هُمْ مُبْلِسونا
أغْلَقُوا بابَ الهُدَى مِنْ دُونِهِمْ / بَعْدَ ما كانُوا بهِ يَسْتَفْتِحُونا
وَعَمُوا عنه فلا وَاللهِ ما / تَنْفَعُ الشِّمْسُ لَدَى القَوْمِ العَمِينا
وَأَتاهُمْ بِكِتابٍ أُحْكِمَتْ / منه آياتٌ لقَوْمٍ يَعْقِلونا
سَمِعَتْهُ الإِنْسُ وَالجِنُّ فما / أنْكَرُوا مِنْ فَضْلِهِ الحقَّ المُبِينا
عَجَزُوا عَنْ سُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ / فَهُمُ اليَوْمَ له مُسْتَسْلِمُونا
قال لِلْكُفَّارِ إذْ أَفْحَمَهُمْ / بالتَّحَدِّي مالكمْ لا تَنْطِقُونا
قَصَّ ما يَأتي عليهمْ مِثْلَما / قَصَّ أَخْبارَ القُرونِ الأَوَّلِينا
وأَتَتْ أَخْبارُهُ في حِكَمٍ / فَتَأملْها ثِماراً وَفُنُونا
قَسَّمَ الرَّحْمَة فِي قُرَّائِهِ / وَعَذابَ الخِزْيِ في المُسْتَقْسِمِينا
ما لَهُ مثْلٌ وَفي أمْثالِهِ / أَبداً مَوْعَظَةٌ لِلْمُتَّقِينا
رَحِمَ اللهُ بهِ الخَلْقَ وَكَمْ / أَهْلَكَ اللهُ بآياتٍ قُرُونا
نَمْ هَنِيئاً مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ
نَمْ هَنِيئاً مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ / بِجَميلٍ قَدَّمْتَ بَيْنَ يَدَيْكَا
لَمْ تَزَلْ عَوْنَنَا عَلَى الدَّهْرِ حَتَّى / غَلَبَتْنَا يَدُ المَنُونِ عَلَيْكا
أَنْتَ أَحْسَنْتَ في الحَياةِ إلَيْنَا / أَحْسَنَ اللهُ في المَمَاتِ إلَيْكا