القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 14
اكْشفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ
اكْشفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ / وارفعوا الستْرَ عن الصبح المبينْ
وابعثوه عَسْجداً مُؤْتلِقاً / زاد في لألائه طولُ السنينْ
وانتضوا من غمدِه سيفغَ وَغىً / كان إن صال يَقُدُّ الدارعين
وقناةً جَلَّ من ثَقَّفها / للحِفاظِ المُرِّ والعزم المكين
لوتِ الدهرَ على باطله / وهي كالحقِّ صَفاةٌ لا تلين
هزمت جيشَ الأباطيلِ فما / غادرتْ غير جَريح أو طعين
كتب اللّه على عامِلها / إنما الْخُلْدُ جزاءُ العاملين
جدت ضمَّ سناء وسنا / ومصاص الطهر في دنيا ودين
طاعة الأملاك فيه امتزجت / في السموات بعز المالكين
فتشوا في الترب عن عزمته / وعن الإقدام والرأي الرصين
واخفضوا بالصمت في محرابه / أفصح الألسن صمت الخاشعين
وانتحوا من قبره ناحيةً / واحذروا أن تزحموا الروح الأمين
وحنانا بضريحٍ طالما / صقلته قبلات الطائفين
وجثت مصر به خاشعة / تذرف الدمع على خير البنين
صَيْحَةٌ قدْسِيَّةٌ إن سكتتْ / فلها في مِصْرَ رَجْعٌ ورَنينْ
وعَرينٌ حَلَّ فيه ضَيْغَمٌ / رحمةُ اللّه على لَيْثِ العرين
ومضاءٌ عَرَفَتْ مِصْرُ به / أنَّ للحقِّ يميناً لا تمين
لا أرَى قَبْراً ولكني أرَى / صفحةً من صَفحاتِ الخالدين
أو أراه قَصَبَ المجدِ الذي / دونه ينفَقُ جُهْدُ السابقين
أو أراه عَلَماً في فَدْفَدٍ / لمعتْ أضواؤُه للحائرين
أو أراه روضةً إنْ نَفَحتْ / خَجِلَ الوردُ وأغْضَى الياسَمين
أو أراه دَوْحَةً وارفةً / نَشَرَتْ أفياءَها للاجئين
أو أراه قلبَ مصرٍ نابضاً / بِمُنىً تمحو من القلبِ الأنينْ
نَقَلوا التابوتَ تَحْتَفُّ به / رَحَماتٌ من شِمالٍ ويمين
ذاك بَعْثٌ حَيِيَتْ مصرُ به / من جديدٍ تلك عُقبى الصابرين
هل علمتم أنَّ مَنْ واريتُمُ / في حَنايا كلِّ مصريٍ دفين
ما لِسعدٍ حُفْرةٌ واحدةٌ / هو مِلءُ القلبِ ملءُ الأرَضين
كلُّ بيتٍ فيه سعدٌ ماثلٌ / في إطارِ من حَانٍ وحنين
نظرةُ الرئْبالِ في نظرته / وانبلاجُ الحقِّ في ضَوْءِ الجبين
وضعتْ مصرُ به آمالَها / فاستقرَّتْ منه في حِصْنٍ حصين
هو للأَبناءِ عمٌّ وأبٌ / وهو للآباءِ خِلٌّ وخَدينْ
كان سعدٌ عَلَماً منفرداً / هل يُرَى للشمس في الأفْقِ تَنين
إنّ أمَّ المجدِ مِقْلاتٌ فكم / سَوَّفَتْ بين جَنينٍ وجَنين
تبخَل الدنيا بآسادِ الشرَى / أيّها الدنيا إلى كم تَبْخَلين
أنتِ قد أنجبت سعداً بطلاً / وقليلٌ مثلَه مَنْ تلدين
وجدتْ مصرُ به واحدَها / ربَّ فَرْدٍ بأُلوفٍ ومئين
ومن الناسِ نضارٌ خالصٌ / ومن الناس غُثاءٌ وغَرين
ومن الناس أسودٌ خُدَّرٌ / ومن الناس ذُبابٌ وطنينْ
قاد للمجد مناجيد الحمى / كلُّهم أرْوَعُ مُنْبَتُّ القَرينْ
تقرأُ الإقدامَ في صفحتهِ / مثلَما تقرأُ خطَّ الكاتبين
كلّما مرّتْ به عاصفةٌ / زَعزَعٌ مرَّت على طَوْدٍ رَكين
تقرَعُ الأقدارُ منه عَزْمَةً / أنِفَتْ صخرتُها أنْ تستكين
يا بني الرُبّانِ لا تستيئسوا / إنْ مضى الموتُ برُبانِ السفين
إنّ سعداً أخضع الريح لكم / والبقيَّاتُ على اللّه المعين
لاحتِ الفرصةُ في إبّانِها / إنها لا تُرْتَجَى في كلِّ حين
فهلمّوا فاقْنِصوا طائرَها / كلّكُمْ بالسبق والنصر قمين
صَدَقَ اللّه تعالَى وعدَه / إنما الفوزُ ثواب المخلصين
هاتِ من وحي السماء الكلِما
هاتِ من وحي السماء الكلِما / واجعلِ الأيامَ والدنيا فمَا
وابْعثِ الشِّعْرَ جنَاحَيْ طائرٍ / كلّما شارفَ أُفْقاً دَوّما
أيُّ يَوْمٍ سعِدَتْ مِصْرُ به / كان في طيِّ الأماني حُلُمَا
مولدُ الفاروقِ يَوْمٌ بلغَتْ / رايةُ الإسلام فيه القِممَا
طافت الأملاكُ تَرْقي مهدَه / وتُناجي ربَّها أن يَسلَمَا
فرأتْ لما رأتْه ملَكاً / نورُه من نورِ سُكّانِ السَّما
يُطبِقُ الغَيمُ لدَى عَبْستِه / ثمّ يَنجابُ إذا ما ابتسمَا
ورأت في ابن فؤَادٍ ناشئاً / يملأ الدنيا ويُحيي أممَا
وكريماً بشَّرَ استهلالُه / أنَّ في فيه الهدى والْحِكمَا
وجَبيناً علويّاً مُشْرِقاً / يبهَرُ العينَ ويمحو الظُّلمَا
كتب اللّه عليه أسْطُراً / تَقْرأ النُبْلَ بها والشّمَمَا
وَيداً إنْ سكنت في يومِها / هزّت السيف غداً والقلمَا
يتمنى الغيْثُ لو ساجلها / أو تلقّى عن نداها الكرمَا
زُهِيَ المهدُ فَمَنْ أنبأه / أنه يحوي العُلا والهِممَا
وشدا الكونُ لدى مَوْلده / أينما سرت سمعْتَ النَّغَمَا
وتنادت بُشْرَياتٌ باسمه / صُدّحاً في كلِّ أفق حُوّمَا
ومضت أصداؤها هاتفةً / أنجبت مصرُ فتاها المعلَمَا
ومشَى الدهرُ إلى ساحتهِ / رأسُه كاد يُداني القدَمَا
والّليالي خاشعاتٌ حولَهُ / يترقبن رضاه خَدَما
وُلِدَ السعدُ على أبوابِه / ونَما في ظلِّه لمَّا نمَا
فأتى التاريخُ في أبطالِه / يلمحون العَبْقَرِيَّ المُلهَمَا
وبدا العرشُ وقد حلَّ به / يَفْرَعُ الشمسَ ويعلو الأنجمَا
ما رأى بعَد سليمانَ له / مُشبهاً في عدلهِ إنْ حَكمَا
زانه الفاروقُ من خَيْرِ أبٍ / فدعِ المأمونَ والمعتصِمَا
حينَ عزَّ الدينُ والملكُ به / هَنَّأَ المِنْبرُ فيه العَلَمَا
لا ترىَ العينُ به إلاَّ عُلاً / كلّما تسمو له العَيْنُ سَمَا
أين شعري وفُنوني مِنْ مدىً / لو مضَى حَسّانُ فيه أُفحِمَا
أنا من فَيْضِ له مُتّصِلٍ / أنعُمٌ تمضِي فألقَى أنعُمَا
ليس بِدعاً أنْ زَهَا شعري به / يزدهي الروضُ إذا الغَيْثُ همَا
هَجَرَتنا وهَجَرْنا زَيْنَبا
هَجَرَتنا وهَجَرْنا زَيْنَبا / وصَحا القَلْبُ الذي كان صَبَا
طالما سُقْتُ فُؤادِي نَحْوها / فَنَبَتْ عنه مِطَالاً ونَبا
ودعوتُ الوَجْدَ للَّهْوِ بها / فأَبَتْ دَلاً عليه وأَبَى
نَعَبَ البَيْنُ بِنَا سقياً له / فاسْتَعَدْتُ البَيْنَ لمّا نَعبا
ومضَى الشَوْقُ فما جادتْ له / مُقْلَتي بالدَّمْع لمّا ذَهَبا
عَلِقتْ غَيْرِي وتَرْجُو صِلَتي / عَجَباً ممّا تُرَجِّي عَجَبا
هل يَحُلُّ الغِمْدَ سَيْفانِ معاً / أو يضُمُّ الغِيلُ إِلاَ أَغْلَبا
إنَّ هذا الْحُسْنَ كالماءِ إذَا / كَثُر النَّاهِلُ مِنْه نَضَبا
وهو مِثْلُ الزَّهْرِ إِنْ أكْثرْتِ مِنْ / شَمِّهِ يا زَيْنُ أمْسَى حَطَبا
وهو مِثْلُ المَال إنْ أَسْرفْتِ في / بَذْلهِ للسَّائِليه سُلِبَا
قَدُّك المائِسُ قد بَغَّضَ لي / كُلَّ غُصْنٍ بَيْنَ أَنْفاسِ الصَّبا
وجَنَى خَدَّيْكِ قد زَهَّدَني / في حَديثِ الوَرْدِ يُزْهَى في الرُّبا
أبْصَروا البَدرَ فقالُوا وَجْهُها / فتَغَشَّيْتُ بثَوْبي هَرَبا
فاحتَجِبْ يا بدرُ عن أَعْيُننا / وعَزِيزٌ عِنْدنا أَنْ تُحْجَبا
أَنَا يا زَيْنَبُ ماءٌ فإِذا / هِجْتِنِي صِرْتُ لَظىً مُلْتَهِبا
أَرْكَبُ المَرْكَبَ صَعْباً خَشِناً / إِنْ دَعَتْني هِمَّتي أنْ أرْكَبا
ضارباً في سُبُلِ المَجْدِ ولَوْ / رَصَفُوها بالعَوالي والظُّبا
هاج شوْقَ الوالِهِ المُضطربِ
هاج شوْقَ الوالِهِ المُضطربِ / حُلُمٌ شَقَّ ظَلامَ الحُجُبِ
جرّدَ الليلُ عليه غَيْهباً / فتخطَّى عقَباتِ الغَيْهبِ
زارني والليلُ في غَفْوتِه / يَتَمطّى عن دِثارِ السُّحُب
طائفٌ إنْ رُمتَه لم تلْقَه / وهو من جفنِكَ بين الهُدُب
بارعُ الريشةِ حتّى لَتَرَى / غائبَ الشخصِ كأنْ لم يَغِب
بسَماتُ الروضِ من ألوانِه / وسَنا الكأسِ ودُرُّ الحُبَب
في يديه مِجْهَرٌ من عَجَبٍ / تُفَتَحُ العينُ به عن عَجبِ
قلتُ هذِي جَنَّةٌ أم ما أرَى / أم تهاويلُ خَيالٍ كَذِبِ
أم أنا غيْري وإلاّ مَنْ أنا / أم هو السحْرُ غدا يلعَبُ بي
ما الذي يبدو لعيني سامِقاً / يتحدّى سَبَحاتِ الكوكب
أرضُه مِسْكٌ وفي تُرْبتِه / ينبُتُ الفَنُّ مكانَ العُشُب
وإذا شاد يُغنِّي مَرِحٌ / لُؤلؤيُّ الصوتِ حُلْوُ المذهب
صاح ذا لُبْنانُ فانْزِلْ سَفْحَه / قلت مالي غيرَه من أَرَب
هو عِرِّيسٌ لآسادِ الْحِمَى / وكِناسٌ لِظباءِ الربْرَب
قد تمنّاه الهوَى من بُعد / كيف لو أبصَرَه عن كَثبِ
الأزاهيرُ به من قُبَلٍ / والينابيعُ رَحيقُ العِنب
وقدودُ الهِيفِ في رَوْضاتِه / قُضُبٌ تمْرَحُ بين القُضُب
جُمِعتْ لَيْلاتُه من دَعَجٍ / وسَنا إصباحِه من لَبَب
وَسجايا أهلِه أنْسامُه / كم نعِمْنا بِشذاها الطيب
كتَبَ المجدُ لهم تاريخَهمْ / في جبينِ الدهرِ لا في الكُتبِ
كلُّ شهمٍ أَرْيَحِيّ أغْلَبٍ / من كريمٍ أريحِيّ أَغْلَب
بين عَدنانَ وغَسّانَ لهم / نسَبٌ يرفَعُ شأوَ النسب
نصبوا في كلِّ أرضٍ رايَهم / ما دَروْا في المجد معنى النصَبِ
وأذلُّوا الصعبَ في رِحْلاتِهم / أيُّ صعبٍ عندهم لم يُرْكَب
وطَوْوا شرقاً بشرقٍ وجرَى / سيلُهم يزحَمُ شطَّ المغْرِب
ينزَحُ النازحُ ما في رَحْلِه / غيرُ إقدامٍ وعزمٍ ذَرِبِ
ورَجاءٍ برجاءٍ يلْتقي / وكِفاحٍ للقاءِ النُّوَب
رأسُ مالِ المرءِ ما في رأسِه / من ذكاءٍ لا حُطامُ النَشُب
ملكوا الدنيا فلما جَمَحتْ / ملكوها برفيعِ الأدب
ليس للسيفِ على حدَّته / صَوْلةُ الشعْر ووَخْزُ الخُطَب
هذّبوا الفُصْحَى ولمُّوا شَمْلَها / بعد أن كانت صَدىً في سَبْسَبِ
جمّعوها حُلْوةَ الجَرْس كما / تجمَعُ النحلةُ حُلوَ الضَّرَب
أنتَ يا لُبْنانُ عَزْمٌ ونُهىً / لستَ من صخرٍ ولا من حَصَب
كلّما أطلعتَ ليلاً شَفَقاً / مُوِّهتْ صفحتُه بالذهب
ظنّتِ الغيدُ وما أجرأَها / أنّه من خدِّها المختضِب
سْحْرُ شِعْرٍ ومَجالي فِتنةٍ / وعيونٌ أُغْرِمتْ باللعب
وابتسامٌ فيه أشراكُ الهَوى / وحديثٌ فيه عُذْرُ المذنب
أين قلبي غصبوه فاسألوا / جارةَ الوادي عن المغتصب
واشفعوا لي واحذروا غضْبَتها / آهِ من صَوْلة هذا الغضبِ
ثم قولوا مُسْتَهامٌ وَصِبٌ / وَيْلَتا للمستهامِ الوَصِب
طائرٌ غرّدَ في دَوْحَتكم / علّم الأطيارَ معنى الطرب
طار من مصرَ يُحيِّي أمّةً / تَوّجَتْ بالمجدِ هامَ الْحِقَب
قاهريٌّ أخجلتْ ألحانُه / رنَّة العُودِ وشَدْوَ القَصَبِ
خُلِقَتْ أوتارُه قُدْسِيّةً / من حَنانِ الحبِّ لا من عَصَب
فارحمي مُغترِباً ليس اسمُه / في رُبا لُبنانَ بالمغترب
جاء يبغِي الْحُبَّ لا الْحَبَّ فهل / جاوز المسكينُ حدَّ الطلب
فنصبتِ الفخَّ خدّاعَ المُنَى / خَشِنَ الكفِّ حديدَ المِخْلبِ
وأتَى هَيْمانَ يشدو واثباً / ليته في يومه لم يثب
فارْتَمى بين جَناحٍ هائضٍ / وَجناحٍ خافقٍ مضطرب
واجِبَ القلبِ ولولا نظرةٌ / عرضتْ لاهيةً لم يَجِب
اطلقيه وابعثي آمالَه / وثوابَ اللّهِ فيه احتسبي
هل على الهاتفِ بالحسن إذا / ما شدا من حَرجٍ أو عَتَب
قد براه السُقْمُ إلاّ فَضْلَةً / من فؤادٍ حائرٍ ملتهب
كم هفا القلبُ للُبنان وكم / عاقه صَرْفُ الزمانِ القُلّب
أصبح الحكمُ به في نُخْبةٍ / من بنيه الكرماءِ النُّجُبِ
كلُّهم حرُّ أبيُّ ينتمي / في ذُرا المجدِ إلى حرٍ أبي
وهبوا الروحَ للُبنان فِدىً / وضَنينٌ كلُّ مَنْ لم يَهَب
خُلُقٌ مثلُ أزاهيرِ الرُّبا / ضحِكت للعارضِ المنسكب
وسياساتٌ ورأيٌ ساطعٌ / يضَعُ الحقَّ مكانَ الرِيَب
قادهم خيرُ رئيسٍ للعُلا / شمريِّ العزم عالي الحَسَب
يا لواءَ الحسنِ أحزابَ الهوى
يا لواءَ الحسنِ أحزابَ الهوى / أجّجوا في الحب نيران الجفَاءْ
مذ رأوْا طَرفَكِ يبدو ناعساً / أيقظوا الفتنةَ في ظلِّ اللواء
فرّقت أهواءهم ثاراتُهم / كلُّ حُبٍّ بين أشواك عِداء
جمعوا بغضاءَهم فافترقوا / فاجمعي الأمرَ وصوني الأبرياء
إن هذا الحسنَ كالماء الذي / راق حتى كاد يخفيه الصفاء
والرضابُ الْحلُو لو جدتِ به / فيه للأنفس رِيٌّ وشفاء
لا تذودي بعضنا عن وِردهِ / كلُّنا يشكو الجوى والبُرَحاءْ
فانظري ليس الصدَى في بعضنا / دون بعضٍ واعدلي بين الظماء
وتجلَّيْ واجعلي قومَ الهوى / للهوى فيك وللحسن فِداء
هم فداءٌ لك لا بل كلُّ مَن / تحت عرش الشمسِ في الحكم سواء
أقبلي نستقبل الدنيا وما / يملأ الأعينَ حسناً ورُوَاءْ
أنت كالجنَّة ضُمِّنت الذي / ضُمِّنته من معدّاتِ الهناء
واسفِري تلك حُلىً ما خُلقت / لسوى لثمٍ وضمٍ واجتلاء
ما رأينا آيةَ اللّه أتت / لتُوارَى بلثامٍ وخباء
واخطرِي بينَ الندامَى يحلفوا / أنك الغصن ازدهاراً واستواءْ
أخبرتهم نفحةٌ منكِ سَرَتْ / أن روضا راح في النادي وجاء
وانطقِي ينثْر إذَا حدّثتِنا / لفظُك العذبُ عن القلبِ العنَاء
إنه الدرُّ فهل يمنحنا / ناثرُ الدر علينا ما نشاء
وابسمِي من كان هذا ثغره / فتن الزهرَ أريجاً وبهاء
فدعيه ينشر الطِّيبَ كما / يملأُ الدنيا ابتساماً وازدهاءْ
لا تخافي شططاً من أنفس / داولت بين خضوع وإباء
إنْ أجابت دعوة الحبِّ مشت / تعثُرُ الصبوةُ فيها بالحياة
راضت النخوةُ من أخلاقنا / فخضعنا وجمحنا كرمَاءْ
وسمت فوق الهوى أحسابُنا / وارتضَى آدابَنا صدقُ الوَلاء
فلو امتدت أمانينا إلى / أسدٍ مالاث كفّاً بدماء
أو سرت أنفاسُنا في جانبيْ / مَلَكٍ ما كدّرت ذاك الصفاء
أنتِ يَمُّ الحسن فيه ازدحمتْ / زُمَرُ العشَّاقِ كُل بسِقاء
أنقذتهم بعد يأسٍ مُغرِقٍ / سفُن الآمال يُزجيها الرجَاءْ
يقذف الشوق بها في مائجٍ / ماله من ساحلٍ إلاّ الّقَاء
فهي تجري والجوى يبعثُها / بين لَجّيْنِ عناء وشقاء
شدةٌ تمضي وتأتي شدَّة / واعتداءٌ للهوى بعد اعتدَاءْ
لو علت للنجم نفسي لأتتْ / تقتفيها شدّةٌ هل من رَخاء
ساعفي آمالَ أنضاءِ الهوى / يقتل الداء إذا عزّ الدواء
واكشفي حُجْبَ النوى ينتعشوا / بقبول من سجاياك رُخاء
أنتِ رُوحانيَّةٌ لا تدّعى / غيرَها فالأمرُ كالصبح جلاء
فاسألي المِرآةَ هل يوْماً رأت / أنَّ هذا الشكلَ من طينٍ وماء
وانزِعي عن جسمِك الثوب يَبِن / رُبّ حق ضاع في ثوب رياء
وارفعي شَعْرَك عنه ينجلي / للملا تكوينُ سكانِ السَّماء
وأَرِي الدنيا جَنَاحَيْ مَلَكٍ / منهما تستمنح النورَ ذُكَاءْ
نُشِرا في مُجتَلَى ضوء الضحا / خلفَ تمثالٍ مصوغٍ من ضِياء
حلّق النسْرُ كما شاء وَصاحْ
حلّق النسْرُ كما شاء وَصاحْ / ورمَى بالقيدِ في وجهِ الريَاحْ
وجلا عن ريشِه العارَ كمَا / تنجلي الأصداءُ عن بيضِ الصفاح
وأطاحَ القفصَ المشئوم لا / تعرفُ الجنُّ متى أو أيْنَ طَاح
كم قضى الليل به مستيئساً / جَزِعاً بين أنينٍ ونُواح
ولكم حنّ إلى أوطانِه / قَلِقَ الأضلاعِ خَفّاقَ الْجَنَاح
يُرسِلُ العينَ فلا يلقَى سوى / لُججٍ خُضْرٍ دميماتٍ شِحاح
يشتكي لليل في وحشتِه / فإذا غاب تشكَّى للصَباحْ
ذهب الماضي مَجيداً حافلاً / رحمةٌ اللّهِ عليه أين رَاح
أإسارُ الحرِّ حقٌّ سائغٌ / وإباءُ الحرِّ شيءٌ لا يُبَاح
وإذا مُدّتْ لإحسانٍ يَدٌ / هزّت الفِتنَةُ أطرافَ الرمَاحْ
وإذا جفّتْ لَهاةٌ ظمأً / ضنّتِ الأنفسُ بالماءِ القَرَاح
وإذا مال أخٌ نحو أخٍ / ملأ الأفواهَ شَغْبٌ وصِيَاح
وإذا أنّ جَريحٌ دَنِفٌ / لطبيبٍ قيل لا تشكُ الْجِرَاح
هل على المفجوعِ في أوطانِه / حَرَجٌ إنْ ردّد الشكوَى وبَاح
أو على من رام أن يحيا كما / يتمنَّى الحرُّ ذنبٌ أو جُناحْ
أو على العاني مَلامٌ إنْ رنَا / بعدَ عشرينَ لإطلاقِ السَراح
ثم قالوا لم يصُنْ ميثاقَهُ / ونبا عن خُلُقِ العُرْبِ السمَاح
أيُّ عهدٍ يرتضيه باسلٌ / عربي النَبْعِ ريفيُّ الْجِماح
أيُّ عهدٍ هو أن أُذْبحَ من / غيرِ سكِّينٍ ولا أشكو الذباح
هو عهدُ الذئبِ يُمليه على / شاتِهِ المِخْلَبُ والنابُ الوَقَاح
وهو القوّةُ ما أجرأَها / إنْ مشَتْ يوماً إلى الحقِّ الصرَاح
كم سلاحٍ صالَ من غيرِ يَدٍ / ويدٍ تدفَعُ من غيرِ سِلاَح
قصد الفاروقَ يبغِي موئِلاً / في رِحابٍ لِبَني العُرْبِ فِسَاحْ
همّةٌ جاءت تناجي همَّةً / ويدٌ مُدّتْ إلى أكرمِ رَاحْ
مَلِكٌ يرنو لعُلْيَا مَلِكٍ / وطِماحٌ يتسامى لِطمَاح
فثوىَ في خيرِ غمدٍ آمناً / صَارِمٌ أرهفَهُ طولُ الكِفَاح
لم يجدْ غيرَ بشاشاتِ المُنَى / وارتياحِ للندَى أيَّ ارتيَاح
يَا أبَا الأُمَّةِ يا مَنْ ذِكْرُهُ
يَا أبَا الأُمَّةِ يا مَنْ ذِكْرُهُ / مَلأَ الدُّنْيَا حَدِيثاً عَطِرا
هَزَّ مِصْراً نَبَأٌ فاضَتْ لَهُ / عَبَراتُ الْقَوْمِ تَجْرِي مَطَرَا
هُرِعُوا نَحْوَكَ كَالْبَحْرِ إِذَا / سُجِّرَتْ أَمْواجُهُ أوْ زَخَرَا
بَيْنَ شَكٍ وَيَقِينٍ قاتِلٍ / يَنْشُرُ الْخَوْفَ وَيَطْوِي الْحَذَرَا
بِوُجُوهٍ مَرَّة آمِلةٍ / وَهْيَ حيناً باسِراتٌ كَدَرَا
تَرتَجي الرَحْمَنَ في مِحْنَتِهَا / ثُمَّ تَخْشَى في الْمُصابِ الْقَدَرَا
كُلُّهُمْ يَسْأَلُ عَنْ سَعْدٍ وَمنْ / عَيْنهِ ماءُ الشُئُونِ انْهَمَرَا
إِن سَعْداً غَرَسَ النبْتَ وَقَدْ / شاءَ رَبِّي أنْ يَذُوقَ الثمرَا
كُلما رامُوا بِسعْدٍ ضَرَراً / صَانَهُ اللَهُ وَكَفَّ الضَرَرَا
إِنَّ سيْفاً في يَمِينِ اللَهِ قَدْ / هَزَّهُ بارِئُهُ لَنْ يُكْسَرَا
عِشْ لِمِصْرٍ وَزَراً يَكلَؤُهَا / لَمْ نَجِدْ غَيْرَكَ فِيها وَزَرَا
أَنْتَ مِصْرٌ عِشْ لمِصْرٍ إِنَّها / بِكَ تَحْيَا وَتَنَالُ الْوَطَرَا
بَطَلٌ أيْقَظَ مِصْراً بَعْدَ مَا / كادَ يُرْدِي أَهْلَها طُولُ الْكَرَى
بَعَثَ اللَهُ بِهِ فَانْبَعَثَتْ / رُسُلُ الآمالِ تَتْرَى زُمَرَا
وَطَوَى اللَهُ بِهِ عَهْداً مَضَى / تَهْلَعُ النفْسُ لَهُ إِنْ ذُكِرَا
قادَ جَيْشاً مِنْ قُلُوبٍ حَوْلَهُ / خاضعاتٍ إِنْ نَهَى أوْ أمَرَا
تَرْكبُ الصعْبَ إِلَى مَرْضاتِهِ / وَتُلاقي في هَوَاهُ الْخَطَرا
شَلَّ زَنْدٌ قَدْ رَمَى زَنْدَ الْعُلاَ / وحَمَى اللَهُ الرئيسَ الأَكْبَرَا
مَحَقَ اللَهُ أبَا لُؤْلُؤَةٍ / وَوَقَى مِصْراً فَأَبْقَى عُمَرَا
إِنَّ مَنْ يَحْرُسُهُ بارِئُهُ / لا يُبالي بالردَى إِنْ خَطَرَا
فَهَنَاءً بِنَجاةٍ كَشَفَتْ / غُمَّةَ الْقُطْرِ وَطابَتْ أثَرَا
عاشَ سَعْدٌ والْمَليكُ الْمُرْتَجَى / مَوْثِلُ الأُمَّةِ في أسْمَى الذُرَا
ملكتْ مصرُ زِمامَ العالمين بالعلومْ
ملكتْ مصرُ زِمامَ العالمين بالعلومْ / في حديثٍ للمعالي وقديمْ
ذكرُها حلَقَ بين الأولين للنجوم / ووعاهُ الدهرُ والدهرُ فطيمْ
كوكَبٌ في الظلماتِ روضةٌ وسطَ فلاةِ / رمزُ عزمٍ وحياةِ
مصرُ أنتِ مُذْ نشأتِ / صفحة المجدِ سجلُ الخالدينْ
نحنُ حرَّاسٌ على الكنزِ المصونْ العقُولْ / كَنْزُ مصر ومُنى المستقبلِ
نحنُ للأخلاق في مصرَ حصُونْ لاتزُولْ / عِزَةُ الشعبِ بعز المعْقِل
كم غَرسْنا من نبات عبقريُ النفحاتِ / مُورقٌ داني الجناة
كم جهِدْنا كم سهِدْنا / نهدمُ الجهل ونبني الناشئينْ
تلك في الأرضِ حياة الأنبياء والهُداةْ / شَرَفٌ أعظِمْ به من شَرَفِ
نحنُ للأرواحِ إن عزَّ الدَوَاْ الأساة / كم وقينا مهجةً من تلفِ
وَألَنَا مِنْ قَناةِ في اعتزامٍ وأناةِ / بالخلال الطيَباتِ
كَمْ بلغْنا ما أَردْنَا / من صلاح النفسِ في رفقٍ ولينْ
نرقبُ اللَه ونرجُوهُ الثوابْ في العَمَلْ / وعُلا مصر المنالُ الأوحدُ
ما لنا إلاَ نهُوضٌ بالشبابْ مِنْ أَمَلْ / قَوَةُ الأوطانِ عقلُ ويدُ
حسبنا من حسناتِ أننا في النَهَضَاتِ / أهلُ جدٍ وثباتِ
الكفاحْ والفَلاحْ / شيمةُ الحُرِّ ودأبُ العاملينْ
كم صنَعْنَا مِنْ عقُولٍ ورجَالْ للَوطنْ / عُرِفُوا بالنبلِ فيمن عُرِفَا
ليس فيهم من دعَا الحقُ فَمالْ أَوْ وَهَنْ / هو مصريٌّ صميمٌ وكفَى
هُوَ من نسلِ الكُماةِ الأماجيدِ السُراةِ / من أَتَوْا بالمعْجزاتِ
من يُباهي من يُضاهِي / ما لمصرٍ في مدَى المجدِ قرينْ
منشىءُ الأجيالِ أستاذُ الشعوبْ والأُمَمْ / قَلَما يبلغ في الدُنيا مُنَاهْ
شعلةٌ تعلو وتخبُو وتذُوبْ في الضِرَمْ / لتقودَ النشىءَ في ليلِ الحياةْ
يا لهَا من صفحاتْ طاهراتٍ ناصعاتْ / مُلئت بالصالحاتْ
كلُّ خَطْبٍ كُلَ صَعْبٍ / هَيَنٍ إنْ صَحَّ عَزْمُ الصابرينْ
عاشَ فاروقٌ أماناً وَرَجاءْ عَاشَ عَاشْ / رافعُ العَلَمِ ومُحيي الأملِ
بلغَتْ مصرُ به أوْجَ السَماءْ عَاشَ عاشْ / وغَدَتْ سيَدة في الدُوَلِ
عاشَ ربُ المكرماتْ والأيادي السابغاتْ / يُفتدى بالمهجاتْ
المليك المليك / حُبُّه ملء قلوب المخلصينْ
ذِكْرَياتٌ رَدَّدَ الدَّهْرُ صدَاها
ذِكْرَياتٌ رَدَّدَ الدَّهْرُ صدَاها / وعُهُودٌ يَحْسُدُ المِسْكُ شَذَاهَا
وَصَلَ العُرْبُ الغَطارِيفُ إِلَى / غايةٍ لا تَبْلغُ الطَّيْرُ ذُرَاها
وَجرَوْا صَوْبَ العُلاَ في طَلَقٍ / زَاحَمَ الأَنْجُمَ واجْتَازَ مَدَاها
تَقِفُ الأوْهَأمُ حَسْرَى دُونَه / لاهثاتٍ قَصَّرَ الأيْن خُطَاها
مَرَّ بالشَّمْسِ فَلمْ تَشْعُر بِهِ / إذْ جَرَى إلاّ ظنُوناً واشْتِباها
أُمَّةُ الصَّحْراءِ أَقْوَى جَلَداً / مِنْ مَهَارِيها وأَهْدَى مِن قَطَاها
صَخْرُها أَوْحَى إليها عَزْمَةً / من بَني رَضْوَى وثَهْلاَن بَنَاهَا
وسُكُونُ البِيدِ في رَهْبَتِها / جَرّدَ الرُّوحَ وبالنُّورِ كَسَاها
رُبَّ صَدْرٍ نَافَسَ الْحِلْمُ به / كُلَّ صَحْراءَ بَعِيدٍ مُنْتهاها
وخِلاَلٍ أَنْبَتَ الْجَدْبُ بِهَا / عِزَّةَ اليَأْسِ فما لانَتْ قَناها
أَبَتِ الضَّيْمَ فمَا مَدَّتْ يَداً / لذَوي النُّعْمَى وَلمْ تَغْفِر جِباهَا
تحْفَظُ العِرْضَ مَصُوناً ناصِعاً / وإلى الطُّرَّاق مَبْذولٌ قِراها
أمَمٌ إِنْ يَهْلِكَ المَالُ فإِن / لُمِستْ أَعْراضُها حَلَّت حُبَاها
رَدَّدَتْ أَشْعَارَها شَمْسُ الضُّحَا / وسِرَاجُ اللَّيْلِ لَمَّا أَنْ تَلاَها
آيَةٌ مِنْ نَفْحَةِ اللّهِ فَلَوْ / كانَ للنِّسْيَانِ كف ما مَحَاها
رَوْضَةٌ قد لَقَّبُوها كَلِماً / تُخْجِلُ الْحُسْنَ إِذا الْحُسْنُ رَآها
كَمْ حَكِيمٍ أوتِيَ الْحُكْم فَتىً / وفَتَاةٍ مَلأَ التِّبْيَانُ فَاها
تُرْسِلُ الأَمْثَالَ تَسْرِي شُرَّداً / لا تُبَالي أَيْنَما كانَ سُرَاها
قِفْ عَلَى الأَطْلال واذْكُرْ أمَّةً / خَلّدَ الأَطْلالَ مأْثُورُ بُكَاها
بَعَث اللّهُ بهَا نُورَ الْهُدَى / من قُرَيشٍ فاصْطَفَاه واصْطَفَاها
أَشْرَق الصُّبْحُ عَلَى الدُّنْيَا به / بَعْد أن طَالَ عَلَى الدُّنْيَا دُجَاها
وجَرَى في الأرْض يَنْبُوع هُدىً / بعد أَنْ حَرَّقَها حَرُّ صَدَاها
قَلَّد الفُصْحَى حُلىً قُدْسِيّةً / فَزَهَاها من حُلاَها ما زَهَاها
وبَياناً هاشِميّاً لو رَمَى / قُلَلَ الأجيَال لانْهَدَّت قُوَاها
أسْهُمٌ مِنْ كَلِمٍ مَسْنونةٌ / جاهَدَتْ في اللّهِ واللّهُ بَرَاها
كُلَّمَا صَاحَ بها في طَيْبةٍ / مُسْتَثِيراً رَدَّدتها لاَبَتَاها
يَزْعُمُ الشِّعْرُ سَفاهاً أنَّه / لو عَفَتْ عَنهُ القَوافِي لَحكَاها
نَزَل القُرْآنُ بالضَّادِ فَلَوْ / لَمْ يَكُنْ فِيهَا سِواهُ لكَفَاها
حَسْبُها أَنْ صَوَّرَتْ من آيِهِ / مُعْجزاتٍ عَظُمَت أنْ تَتَنَاهى
وَبنُو مَرْوَانَ للّهِ هُمُ / عُدَّةُ الفُصْحَى وحُرَّاسُ حِماها
رُبَّ مَأْثورٍ لَهُمْ ودَّ لَهُ / صَدَفُ اللُّؤْلُءِ لَوْ كَانَ شِفَاها
خُطَبٌ هُزَّ لها مِنْبَرهم / يَقْذِف الهَوْلَ دِرَاكاً مَنْ رَماها
وقَوافٍ سَلْ أبا حَزْرَتِها / وسَلِ الأَخْطَلَ كَيْفَ ابتَدعَأها
طُفْ ببغداد وسَلْ آثارَها / أيُّ سِرٍ كَتَمَتْهُ شَفَتاها
كُلُّ رَسْمٍ قد وعَى نادِرَةً / لو جَرى النُطْقُ عليه لحَكَاها
مَشَت الدنْيا إِليْها تَتَّقِي / سُخْطَ بغدادَ وتَسْتَجْدِي رِضاها
وأبو المأمون في مَمْلكةٍ / يتحدَّى المُزْنَ أَنْ تَعْدو قُراها
بَلَغَتْ بنتُ قُرَيْشٍ ذِرْوَةً / بِبَني العَبَّاسِ صَعْباً مُرْتقَاها
بَيْنَ شِعْرٍ كأزاهيرِ الرُّبا / عَكَفَ الغَيْثُ عليها فَسَقاها
هُوَ دَلٌّ رَدَّدَتْهُ قَيْنَةٌ / وَهْوَ وَجْدٌ فاضَ مِنْ نَفْسِ فَتاها
وعُلُومٍ تُرْجِمَتْ وَاسْتُنْبِطَتْ / وَفُصُولٍ بَهَرَ الدُّنْيا حِجاها
آبداتُ القولِ ولَّتْ بَعْدَهُم / طَيَّبَ اللّهُ ثَراهُمْ وثَراها
يا بَنِي العَبَّاسِ في مَصْرَعِكُمْ / عِظَةُ الكَوْنِ وَعاها مَنْ وَعاها
أُطْفِىءَ النُورُ ودالَتْ دَوْلَةٌ / وَطَوَى الدهْرُ المُنَى حِينَ طَواها
شَدَّ هُولاَكُو عَلَى أَرْبَاضِها / شَدّةَ الذُؤْبَانِ أَبْصَرْنَ شِياها
وجَرَى مِنْ حَوْلِهِ عِقْبانُهُ / كُلَّما أَطْعَمَها هاج ضَراها
لَهْفَ نَفْسِي بِنْتُ عَدْنانَ هَوَتْ / وأسُودُ الغِيلِ قَدْ دِيسَ شَراها
سائِلُوا دِجْلَةَ عَمَّا رَاعَها / أَوْ دَعُوها فَكَفاها ما دَهاها
قَذَفَ الكُتْبَ بهَا طَاغِيَةٌ / هَلْ دَرَى ما كَنَزَتْه دَفَّتاها
فَتَأَمَّلْ إِذْ جَرَى آذِيُّها / أَتَرَى فيهِ عُقُولاً أَمْ مِياها
ذَهَبَ العَسْفُ بآثارِ النُّهَى / كَيْفَ تَحْيَا أُمَّةٌ ضاعَتْ نهاها
طَارَتِ الفُصْحَى لِمِصْرٍ تَبْتَغِي / ناعِمَ العَيْشِ خَصِيباً في ذَراها
بَقِيَتْ فيها تُلاقِي شَظَفاً / في أَحَايِينَ وفي حينٍ رَفاها
ثُمَّ هَبَّتْ حَوْلَها عاصِفَةٌ / خَلَطَ الذُّعْرُ ضُحاها بِمَساها
وإِذَا نَجْمٌ بَدا مُؤْتَلِقٌ / شَخَصَتْ نحوَ سَنَاهُ مُقْلتَاها
وإِذا مُنْقِذُ مِصْرٍ ماثِلٌ / وإذا مِصْرٌ وقَدْ شُدَّتْ عُراها
وإذا العِلْمُ يُدَوِّي صَوْتُهُ / وإِذا الضَّادُ أضاءَتْ صَفْحَتاها
ظَفِرَتْ بالعَبْقَرِي المُرْتَجَى / فاسْتَجَابَتْ للعُلا لمَّا دَعاها
دَوْلةُ العِلْمِ بِهِ رُدَّتْ إلى / عَرْشِ مِصْرٍ بَعْدَ أَنْ طَال نَواها
مَنْ كَإِسْماعِيلَ في آلائِهِ / يَنْفَدُ القوْلُ ولا يَفْنَى جَداها
زُهِيَتْ مِصْرُ جمَالاً وَسَناً / بِأَبِي الأشْبالِ واهْتَزَّتْ رُباها
تخْجَلُ السُّحْبُ إذا ما وازَنَتْ / مَرَّةً بَيْنَ نَداهُ وَنَداها
غَرَسَ العِلْمَ بِمِصْرٍ دَوْحَةً / كُلَّمَا أَخْضَلَها طَابَ جَنَاها
سَمَتِ الآدابُ والدُّنْيا بِهِ / وَبَدَتْ تَخْطِرُ في أَزْهَى حُلاها
يا ابْنَ إسْمَاعِيلَ يا ذُخْرَ النُّهَى / جَدَّدَتْ مِصْرُ بِكُمْ عَهْدَ صِباها
كُلُّ أَشْتَاتِ النَّدَى إنْ فُرِّقَتْ / فَإِلَى بابِ فُؤادٍ مُلْتَقاها
هِمَّةٌ شادَتْ بِمِصْرٍ دَوْلَةً / صانَها الإِنْصَافُ والعِلْمُ وَقاها
مَسَحَتْ مِصْرُ بهِ عَيْنَ الكَرَى / بَعْدَ أَنْ طالَ عَلَى مِصْرٍ كَراها
وَثَبَتْ وَثْبَتَها دَائِبَةً / كلَّما أَجْهَدَها السَّعْيُ زَجاها
أًيْنَما أبْصَرتَ تَلْقَى نَهْضَةً / تَمْلأُ العيْنَ وإِقْبَالاً وَجَاها
وَقُصُوراً لاَمِعاتٍ كَالضُّحَا / رَدَّدَ العِرْفانَ في مِصْرَ صَداها
يا نَصِيرَ العِلْمِ فِي مَمْلَكَةٍ / بَلَغَتْ بِالْعِلْمِ غاياتِ مُناها
كُلَّ يَوْمٍ لَكَ حَفْلٌ لِلعُلا / وَأَيادٍ تَبْهَرُ الدُّنْيا لُهاها
وَجَدَتْ بِنْتُ قُرَيْشٍ مَوْئِلاً / في ذَرَا المُلْكِ وحِصْناً مِنْ عِداها
لُغَةُ القُرْءَانِ تُزْهَى شَرَفاً / أنَّ حامي الدِّينِ وَالْمُلْكِ حَماها
حِكْمَةُ المَأْمُونِ عَادَتْ دارُها / بِابْنِ إِسْماعيلَ مِنْ بَعْدِ بِلاَها
مَجْمَعُ الفُصْحَى تَجَلَّى مُشْرِقاً / في سَماءِ الْمَجْدِ مُجْتَازاً سُهاها
هُو في مِصْرَ مَنارٌ كُلَّما / أَرْسَلَ الأضواءَ في مِصْرَ هَداها
رَأَتِ البَصْرَةُ فِيهِ حَفْلَها / وَرَأَتْ بَغْدَادُ فِيه مُنْتَدَاها
مَنْ رَسُولِي لأَعارِيبِ اللِّوَى / أَيْنَ أَعْرَابُ اللِّوَى أَيْنَ لِوَاها
أَنَّ مِصْراً بَعَثَتْ آدابَها / وأبا الفاروق قَدْ أَحْيا لُغاها
وَبنَى اليومَ عُكاظاً ثانياً / تَاهَ إِعْجَاباً بِه الدَّهْرُ وبَاهَى
هَلْ حَبا الآدَابَ تاجٌ مِثْلَما / صاحِبُ التَّاج بِمِصْرٍ قَدْ حَباها
أَنْهَضَ التَّأْلِيفَ مِنْ كَبْوتِهِ / فَسَقَى الأَحْلاَمَ رُشْداً وَغَذاها
كَمْ كِتَابٍ دَوَّنَتْ أَخْبارُهُ / مِنَناً كان فؤادٌ مُبْتَداها
رَحَلَ الأَعْلامُ في الغَرْبِ إِلَى / سُدَّةٍ يَسْطَعُ بِالْعِلْمِ سَنَاها
فَرَأَوْا مَمْلَكَةً وَثَّابَةً / ومَلِيكاً بِهُدَى اللّهِ رَعاها
دُمْ فُؤَادَ الْقُطْرِ تَحْيا أُمَّةٌ / لَمْ يَكُنْ إِلاَّكَ يَوْماً مُرْتَجاها
وَسَما الفَارُوقُ نَجْماً ساطِعاً / لِبَنِي مِصْرَ وَعُنْوانَ عُلاها
حَسْرَتَا للكُونْتِ برْنَا
حَسْرَتَا للكُونْتِ برْنَا / دُوت لَوْ تَنْفَعُ حَسْرَهْ
رَامَ أن يستنْقِذَ الكَوْ / نَ ويَسْتَأْصِلَ شَرَّهْ
قَتْلُهُ جُبْنٌ وخُذْلاَ / نٌ ولُؤْمٌ وَمَعَرَّهْ
طَلَبَ الكَفَّ عَنِ الحرْ / بِ فَمنْ نَفَّذَ أمْرَهْ
خَرَقَ الهُدْنَةَ أبْنَا / ءُ يَهُوذَا ألْفَ مَرَّهْ
وَهْوَ لاَ يُؤمِنُ حَتَّى / سَلَبُوه الروحَ جَهْرَهْ
أتُرىَ آمَنَ لَمَّا / خَرَقَ الأَنْذَالُ صَدْرَهْ
رُبَّما يَحْفِرُ ذُو الآ / مَالِ بالآمَالِ قَبْرَهْ
هزّتِ البُشْرَى جَناحَ الخافقيْنْ
هزّتِ البُشْرَى جَناحَ الخافقيْنْ / ومضتْ تخطِرُ بين المشرقيْنْ
وتهادَى النيلُ نشوانَ الهوىَ / ينثرُ الأزهارَ فوْق الشاطئينْ
كَمْ وكم للّهِ في الناسِ يَدٌ / يعجِزُ الشكرُ عليها باليدينْ
دُرّةٌ من سُؤدَدٍ لامعةٌ / ضمّها العرشُ لأغلى دُرَّتينْ
دُرّةٌ للمُلْكِ ما ماثلها / كَرَمُ التبْرِ ولا صَفْوُ اللجينْ
وشعاعٌ زاد في لأْلائِهِ / أنّه من لَمحاتِ النيِّرينْ
وشذىً من زهرةٍ ناضرةٍ / جمّلتْ في مصرَ أزهَى زهرتينْ
شرفُ الدوْحَة لاقَى شرفاً / فنما الفرعُ شريفَ المبِتَيْنْ
قرّتِ الأعْيُنُ لمَّا أنجبتْ / مصرُ للدنيا بها قرّةَ عَيْنْ
ونجا فاروقُها فاستبشرت / وصفا الدهر فكانت بُشْرَيَيْنْ
فاجتلت مصرُ مناها مرّةً / ثم عادت فاجتلتها مرَّتينْ
كم وقفنا نرتجي البُشْرَى كما / يُرْتَجَى بدرُ الدجَى في ليل غَيْنْ
واتجهنا نحو عابدين التي / أصبحتْ ثالثةً للقبلتينْ
صورةٌ للحبِّ ما أصدَقَها / ومن التصوير تزييفٌ ومَيْنْ
ومشى أجدادُها في مَوْكِبٍ / زاحم الدهرُ به بالمنكِبَينْ
مَوْكِبٌ قد خفَقَت أعلامهُ / وعلت فوقَ مَناطِ الفرقديْنْ
لم تَرَ العينُ له مثلاً ولا / خطرتْ أوصافُه في أذنينْ
يخْطِرُ التاريخُ فيه مثلَما / يخطِرُ الفارسُ بين الجحفَلَيْنْ
فيه مُحْيي مصرَ في أبنائه / زينةِ الدنيا وفخرِ المَلَوينْ
من كإسماعيلَ في آلائِهِ / أو كإبراهيم حامي الْحَرَميْنْ
جذوةُ الحربِ إذا ما اشتعلتْ / وبدا الشرُّ وأبدَى الناجذين
جمع الضادَ إلى رايته / مذ رآها أثَراً من بعدِ عَيْنْ
بدّدَت دُهْمُ الليالي شملَها / والليالي كلُّها من أبَوَيْنْ
فحباها وَحْدَةً ما عرفتْ / في الهَوى حدّاً لأقصى بلدينْ
وصلتْ رضوَى بلُبْنانَ كما / مزجت بالنيل ماءَ الرافدينْ
عجباً من آيةٍ كانتْ له / أصحتْ بابنِ فؤادٍ آيتيْنْ
ليس للعُرْبِ سواه عاهلٌ / يبهرُ الدنيا بعدلِ العُمَرينْ
زيّنتْه نشأةٌ طاهرةٌ / وهو للطهْرِ وللنشأةِ زَيْنْ
قانتٌ للّه في محرابِهِ / لم يَشُبْ آمالَه في اللّه رَيْنْ
مَلِكٌ يجتابُ ثوبيْ مَلكٍ / أينَ مَنْ يُشبهُه في الناس أينْ
سرَقَ النيلُ الندَى من كفِّه / فأسَالَ التِبْرَ فوق الواديينْ
حُبُّه دَيْنٌ وَدِينٌ للورَى / يَا لهُ في الحبِّ من دِينٍ ودَيْنْ
وبنى الملكَ أبوهُ جاهداً / فسَما فوق بناءِ الهَرَمينْ
عَلَوِيُّ العزم إنْ رام العلا / لم يضِقْ ذَرْعاً ولم يمَسْه أيْنْ
رفع الشعرَ إلى منزلةٍ / لم ينلْها في زمان ابن الْحُسَينْ
دَوْلةٌ قامتْ تناغِي دوْلةً / فنعِمْنا في ظِلال الدولتينْ
ربَّما في الشعرِ قامتْ صَفْحةٌ / بالذي يَعْيا به ذو الصفْحتينْ
إنّما الشعرُ على كثرتهِ / لا تَرى فيه سوى إحدى اثنتينْ
نفحةٌ قُدْسِيَّةٌ أو هَذَرٌ / ليس في الشعر كلامٌ بَيْنَ بَينْ
سلِمَتْ للتاجِ أصفَى دُرّةٍ / وأقرَّ اللّهُ عيْنَ الوالدينْ
جمعَ اللّهُ لها الْخيرَ كما / جمعَ الدنيا لنا في مَلِكَينْ
ضمّني مجلسُ أنسٍ زانه
ضمّني مجلسُ أنسٍ زانه / صفوةٌ من نجباءِ الأصدقاءْ
منطقُ الهزل به جِدٌّ وكمْ / نَطق الْجِدُّ به القول الهُراء
فتطارحْنا حديثاً عَجَباً / فيه للروحِ وللعقلِ غِذاء
وتَجاذبْنا فنوناً جمعتْ / طُرَفاً ممَّا رواه الأدباء
ثم رُمْنا أن نحاجِي ساعةً / لنُريحَ النفسَ من كدِّ العَناء
قلت من يبدأ قالوا فابتدىء / أنت فالكلُّ لما تُلْقي ظِماء
قلت للنحويِّ قل قال وهل / تركت حتّى لنفسي من ذَماءْ
قلت فليأت البديعيُّ بما / شاءت الفِطْنةُ من لُغْزٍ وشاء
قال أتقنتُ بديعي كلَّه / غيرَ نوع هو حسنُ الابتداء
قلت للصرفيّ فابدأ قال قد / عاقني الإعلالُ في ريحٍ وشاء
ثم قالوا قل ولا تُكْثِر فمن / أكثرَ القول أملّ الْجُلَساء
قلت من يعرِفُ علماً وحِجاً / وذَكاءً وسماحاً في رِداء
يملأ الدنيا حياةً إن بدا / كوكباً يسطع فيَّاضَ الضياء
فأجابوا الشمسُ قلتُ انتبهوا / ليس للشمس نوالٌ وذَكاء
ثم قالوا زد فناديت ومما / مَوْرِدٌ قد راح في الناس وجَاءْ
موردٌ يمشي إلى قُصَّادِه / فيه رِيٌّ وحيَاةٌ وشِفاء
فنأوا عنِّي وقالوا عَجَبٌ / كيف يمشي مثلَما تزعُمُ ماء
قلتُ هل أبصرتُمُ جسماً يُرَى / للإِخاءِ المحضِ أو صِدق الوفاء
لِلعلا للفضلِ للدينِ وللأَ / دبِ الجمّ جميعاً والإِباء
فأجابوا قد عَجَزنا قل لنا / ذاك في الأرض يُرَى أم في السماء
قلت في الأرضِ وللأرضِ بهِ / ويحكم أيُّ ازدهارٍ وازدهاء
هو في الطبِّ أَبقْراطُ وفي / حَلْبة الشعرِ إمامُ الشعراء
وإذا أعطى أبيْتُم أَنَفاً / أن تعُدُّوا حاتماً في الكرمَاءْ
فأجابوا اكشف لنا حَيَّرتنا / عن أحاجيك إن شئتَ الغِطاء
قلت كلاّ فانظروا وانتبهوا / ليس في الأمر التباسٌ أو خَفاء
هل رأيتم دَوْحَةً مثمرةً / كلَّ آن في صباحٍ أو مَساء
هي في الصيف ظِلالٌ ونَدى / وهي دفءٌ وحَنانٌ في الشتاء
يجدُ البائسُ في ساحتها / موئِلاً حُلْوَ الْجَنَى رَحْبَ الفِناء
سألوني محسنٌ قلت نعم / ملجأُ القصّادِ كهفُ الفقراء
ثم قالوا شاعرٌ قلت أجل / شعْرُه الدرُّ بهاءً وصَفاء
ثم قالوا زاهدٌ قلت نعم / عنده الدنيا وما فيها هَبَاءْ
فأشاروا قِفْ عرفناه وهل / يُجْهَلُ البدرُ فما هذا الغَباء
عَجَباً حِزنا ولم نفطُنْ له / واسمُهُ كالصبح نوراً وجَلاء
لا نسمِّيه فيكفي وصفُه / فيه عن كلِّ تعريفٍ غَناء
قم وسجِّل فضلَه واهتِفْ به / وابتكِرْ ما شئتَ فيه من ثناء
ساكنِي الفيومِ إنِّي ذاكر
ساكنِي الفيومِ إنِّي ذاكر / عهدَكُمُ والذكر في البعدِ وفَاءْ
كم شدَا شعرِي على دوحتِكُمْ / أيّ شعرٍ غَرِدٍ أيّ غِنَاءْ
بلدٌ كالزهرِ حُسناً وشَذاً / بينَ أظلالس وأَنْسامٍ ومَاءْ
مثل خدِّ البكرِ في تلوينهِ / ترتدي في كُلِّ حينٍ بردَاءْ
فهيَ بالأمسِ سِوَاهَا في غدٍ / وهيَ في الصبح سِواهَا في المَساءْ
سكت الصوت الذي دوّى زمانَا
سكت الصوت الذي دوّى زمانَا / وطوى الموتُ من الفصحى بيانَا
الفصيحُ القول قد أخرسه / قدرٌ يُخرس في الموت اللسانا
ما عهدناه على المنبر إلاّ / ماضياً كالسيفِ نصلاً وسنانا
يُرسل الأشعارَ حمراء اللّظى / والأغاريدَ صفاءً وليانا
كان صوتاً عربياً خالصاً / يسلك البيد ويستّن الرعانا
يقطعُ الأرض وهاداً وربىً / ويشق الجوَّ متناً وعنانا
بين بيروت وبغداد ترى / منه في الشعر الكريماتِ الحسانا
يُرسل الصيحةَ بالحق كما / يُرسل الناعي إلى اللّه الأذانا
كان في الحزمة أقوى مكسراً / أيُّ خطبٍ دهم العودَ فلانا
أيّها الشاعرأزمعت السرى / وتخيرت على البيْن الأوانا
كنت تهوى كل جحفلٍ حاشدٍ / فرماك الموتُ في الحفل عيانا
لم تمت فوق سريرٍ ناعمٍ / يكتسي ندا ويندى زعفرانا
إنما مت خطيباً في فمٍ / باغمٍ قد فقد اليوم الحنانا
من يجيب اليوم أبناءك إن / هتفوا باسمك فيهم يا أبانا
أيّها الضوء الذي أبصرته / لم يثر ولم ينفث دخانا
كنتَ في الشعر مكاناً عالياً / من تُرى بعدك يستد المكانا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025