المجموع : 10
دارت السرّاء فيهِ قَهْوة
دارت السرّاء فيهِ قَهْوة / فَتَسَوّغْتُ الأجَلَ الأعْذَبا
قَبْل أنْ أغْشَاهُ هَاجَرْتُ له / نِيّةٌ أخْلَصْتُها مُحْتَسِبا
فَلَئِنْ وَافَيْت عَبْداً كَلِفاً / فلَقد لاقَيْتُ مَوْلىً حَدِبا
أحْسِنُوا العَطْفَ عَلَيها مُهَجَا
أحْسِنُوا العَطْفَ عَلَيها مُهَجَا / وَجَدَ الحُبُّ إلَيها مَنْهَجا
واحْفَظوها مِن ظُبَى ألْحَاظِكم / حِفْظَكُم ذَاك اللّمى والفَلَجَا
أقَدِرْتُم فَظَلَمْتُم مَنْ رَنَا / دُونَ جُرْم وحَرَمْتُم مَنْ رَجا
مَا عَلَيْكُم لو أطَعْتُم جُودَكُم / وَفَرَجْتُم مَا بِنَا فَانْفَرجا
هَكذا تَصدِمُنا غِزْلانُكُمْ / صَدْمَةَ الأوْسِ أخَاها الخَزْرَجا
زَمن البَيْنُ لأنّ البَيْن لَمْ / يُبْقِ مِنْ أزْمانِنَا مَا يُرْتَجَى
كَيْفَ بِالمَنْجى وأشْراكُ الهَوى / قَلّ مَنْ أَفْلَتَ مِنْها وَنَجا
قد لَقِينا شِدّةً مِنْ هَجْرِكُم / فَابْعَثوا الوَصْل إلَيْنا فَرَجا
نَفِّسُوا عَنها نُفوساً عَثَرَتْ / بِالْمَنايا كحلاً أو بلجا
وَاصْدُقُوا العَزْمَةَ في تكذيبِهِمْ / عُذّلاً يَبْغونَ مِنْكُمْ عِوَجا
زَعَموا أنّا رَأَيْنا رَأيَ مَنْ / عاجَ عَن سَمْتِ الهَوى أوْ عَرّجا
وَخَلَعْنا من لباسِ الحُبّ ما / قَطع الحُسْنَ لَنا أَو نَسَجا
وَنَزلنا عَن مَعاريجِ الصّبا / مذ نَزَلْتُم ذلكَ المُنْعَرَجا
لا وأنْفاس لِنُعْمى جَعَلت / مَزْحَفَاً رَوْضَ الرُّبى أو مَدْرَجا
وَرِسالاتِ هَوىً جاءَتْ بِها / فَأفَادَت كُلّ قَلْبٍ ثَلَجا
ما نَفضْنَا بالتصابي راحَةً / قَد شدَدْناها عَلَيها مُهجا
لا ولا اسْتَدرَجنا اليأسُ إلى / سَلْوَةٍ غَرّ بِها مُسْتَدْرجا
ولئِن أنْكَرتُمُ ما نَدّعي / فاسْأَلوا عنّا الحَمامَ الهَزِجا
هلْ بَكَى إلا بَكَيْنَا مَعَه / وَسَلَكنا في الأَسَى ما نَهَجا
لَم يَكُن للنَّومِ في أَحداقِنا / دونَ إذنٍ مِنكُم أَن يلِجا
هَذِهِ أبصارُنا شاخِصَةٌ / نَحوَكُم تَبكِي زَماناً دَرَجا
عَجَباً مِنْكُم أَصَخْتُم دُونَنا / لِدَعاوي الخَصْمِ حتَّى فَلَجَا
ومَزَجْتُم بالقِلى ودكُم / وحَمَيْنَا ودّنا أنْ يُمْزَجا
وَلَقَدْ رُمْنا رِضاكُم حِقَباً / وَتَحَمّلنا أذاكُمْ حِجَجا
ودَعَوْنا عَطْفَكُم مِن كَثبٍ / فَقَرَعْنا مِنهُ بَاباً مُرْتَجا
آه للآسادِ آساد الشّرى / مِنْ نِعاجٍ ثاوِياتٍ مَنْعِجا
وظِباءٍ لاعباتٍ بالنهى / سانِحاتٍ بَيْنَ سَلَمى وَأجا
كالدُّمى غَيْرَ دَلال رُبَّما / رَقَّ مَعْنًى فاسْتَرَقَّ المُهَجا
وَفُروعٍ أرسَلوها ظُلَما / وَخُدودٍ أطلَعُوها سُرُجا
وَأَماليدَ كخِيطان القَنَا / مِن قُدودٍ نَصَلوها الدَّعَجا
يا شُموسَ اليَوْم كَمْ نَرْعَى بكُم / أنْجُمَ الليلِ إذا الليلُ سَجا
انظُرونا نَقْتَبِس من نورِكُم / وَادرَؤوا عَنّا شَجىً قَدْ وَشَجا
إنّمَا أنْتُم رَيَاحِينٌ لَنَا / تَنْثَنِي لِيناً وَتَذْكُو أَرَجا
فَأبيحُونا أفَانينَ المُنَى / نَهَراً حُلْواً وَظِلاً سَجْسَجا
أيها العذّال في أدمُعِنا / حَدّثوا عَن بحْرِها لا حَرَجا
واحْكُمُوا إنّ البُكَا لَجّ بِنا / فَعَبَرْنا عَبْرَتَيْهِ لُجَجَا
ما لِقَلبي لا يَجوز المُنْحَنَى / خَطْفَة لِلْبَرْقِ إلا اخْتَلَجا
أبَتِ الفَوْزَ عَلَيْهِ فَازةٌ / هَيّجَ الوَجْدُ بِها مَا هَيّجا
قَسَمَتْهُ بَيْنَ يَأْس وَمُنىً / فَغَدا مُكْتَئِباً مُبْتَهِجا
إنّ في الهَوْدَجِ حَمْراءَ الحُلى / مِنْ بناتِ الحَيّ تُصْبِي الهَوْدَجا
حُمِّلَتْ فِتْنَةَ مَنْ يَرْمقُها / مِبْسَماً عَذْباً وَخَصراً مُدْمَجا
مَزَجَ الحُسْن بكافورِ الضُّحى / في أعالي قدّها مِسْكَ الدُّجى
إنْ تَثَنَّت فَقَضيباً أمْلَداً / أو تَجَلّت فَصَبَاحاً أبْلَجا
لَمْ يَزِنْ دمْلجُها مِعْصَمَها / ذَلِكَ المِعْصمُ زان الدّمْلُجَا
يَا لَقَوْمٍ ضُرِّجوا في ضَارج / بالعُيونِ النجْلِ فِيمَن ضُرِّجا
ثُمّ لا يَنهاهُمُ عن مِثْلِها / وازِعُ الشّيب ولا ناهي الحِجا
لَوْ ترانا بالهَوى نَشكو الجَوى / والمَطايا تَحتَنا تَشْكو الوَجا
ذَهَبَتْ نفْسُك واللّهِ عَلى / مَا لَقِينا حسَرَاتٍ وَشَجى
شاقَ من رَوْض الأماني أرَجُه
شاقَ من رَوْض الأماني أرَجُه / ولأمْر ما شَجاني مَدْرَجُهْ
خُيِّلت لي أنها تَصدقُني / وخيالاتُ الفَتى تَسْتَدْرِجُهْ
فإذا أكْذَبُ شْيء فجرُها / ولَقد غرّ الحِجا مُنْبَلِجُهْ
يا شَقيقَ النفسِ أوصيك وإنْ / شَقّ في الإخْلاصِ مَا تَنْتهِجُهْ
لا تَبِتْ في كَمَدٍ من كَبَد / رُبّ ضِيقٍ عادَ رَحْباً حرجُهْ
وبِلُطف اللّهِ أصْبِحْ واثِقاً / كُلُّ كَرْبٍ فَعَلَيْه فَرَجُهْ
وعُلى حَفْصِيّةٍ فِهْرِيّةٍ
وعُلى حَفْصِيّةٍ فِهْرِيّةٍ / ذَهَبتْ وَأْداً بِعَلْيا أُدَدِ
هَذِهِ آثَارُهُ فاسْتَمِعوا / سُوَراً مَتلُوّةً في المَشْهَدِ
وَاستَجِيبوا لِمُنَادي أمْرِهِ / تَخلَعُوا الغَيَّ بِلُبسِ الرّشَدِ
إنَّما أَنْتُمْ لِيَحيَى المُرْتَضَى / خَوَلٌ مِنْ أحْمر أوْ أسودِ
مَلِكٌ مُدّ لَهُ النّصْرُ بِمَنْ / في السّمواتِ العُلَى مِنْ مَدَدِ
لَيْسَ لِلأَشْقَيْنِ مِنهُ عاصِمٌ / وَلَو احْتَلُّوا مَحَلَّ الأَسْعَدِ
كَم هَوى مِن كافِرٍ في كافِرِ / وانْضَوَى مِن مُلْحِد في ملحَدِ
طالَما أرْسَلَ مِنْ صَعْدَتِهِ / جارِحاً يُغرَى بِصَيدِ الأَصْيَدِ
هَذِهِ تَمْرُقُ منهُ بائِداً / في المَجالِ الضّنكِ فَخر الأيِّدِ
جَأشُهُ لَمّا احتَواهُ جَيْشُهُ / صارَ أرْسَى مَوْقِفاً مِنْ أُحُدِ
وَمَتى قارَعَ أقْرانَ الوَغَى / عَلّم الأُسْد حَذارَ النَّقَدِ
نُجِّدَ القَصْرُ لَهُ فاعتاضَ مِن / حُسْنِهِ الخَيْمَةَ بَينَ الأنْجُدِ
وازْدَرَى الحُلّة صَنْعانِيّةً / رَافِلاً في سابِغاتِ الزّرَدِ
فَوْقَ فَرْشٍ مِنْ مَواضٍ فُلُقٍ / في عِداهُ وَعِوالٍ قُصُدِ
فَضْلُهُ بادٍ عَلَى النّاسِ بِما / خَطّ من ذاك وأَوْلَى منْ يَدِ
إِن يَكُن طاغِيَةُ الرُّومِ بَغَى / فَظُبَى الهِنْدِ لَهُ بِالْمرْصَدِ
لَم يَكَدْ لَو كانَ يَدْري غَيرَه / في محاباةِ هَوىً لَمْ يَكدِ
غَرّه البُعدُ وعن قرْبٍ يَرى / جِزْيةَ الكُفْرِ تُؤَدَّى عَن يَدِ
سَوْفَ تَغْشَاهُ الجَوارِي مِلؤُها / مَلأ كالأسْدِ ذاتِ اللبَدِ
كُلُّ شَيحانَ تَمطَّى مِن مَطا / أَدْهَمِ الصِّبغَة سَهْلِ المِقْوَدِ
يَحسَبُ البَحرَ طَريقاً يَبساً / فَهوَ يُجرِيهِ كَطرْف أجْرَدِ
زَحفُهُم تَحتَ لِواء الحَقِّ في / يَدِ مَذخور لِدَفْع المُؤْيَدِ
عِزّة الجُمْعَة قَدْ ضَاعَفَهَا / فارْتَدَى الذِّلَّةَ أهْلُ الأحَدِ
وعَلَى القَائِمِ بِالتّوحِيدِ أَنْ / يُقْعِدَ التثليثَ أدْنَى مقْعَدِ
صَرَخَ النّاقوسُ يَبكِي يَوْمَهُ / لِتَنَاهِي عُدَدٍ أوْ عَدَدِ
وَاقْتَدَى الرُّهْبَانُ فِي نُدْبَتِهِ / بِلَبيد في أَخيهِ أرْبَدِ
أيُّها المَوْلى إلَيكُم مِدَحاً / خَصّها سؤْدَدُكُم بالسُؤْدَدِ
حَبّرت مِنها يَراعِي حِبراً / للندى زَهوٌ بِها وَسَطَ الندِي
لَوْ تَقَدّمتُ بِميلادِي لَمْ / تَتَأخّرُ عَن أَغاني مَعْبَدِ
قَرّت الحالُ بِكُم في نِعَم / أنْطَقَتنِي بِالقَوافِي الشردِ
تَصِفُ الرّوضَ وقَد غَنّى بِها / واصِفٌ سَجْعَ الحَمامِ الغَرِدِ
لا بَرِحْتُم في حُبُورٍ نَسَقٍ / وبَقيتُم في ظُهورٍ سَرْمَدِي
أسْرَف الدّهْرُ فَهَلا قَصَدا
أسْرَف الدّهْرُ فَهَلا قَصَدا / ما عليهِ لوْ شَفَى بَرْحَ الصّدَى
يَنْقَضي يَومي كأَمسي خيبةً / أبَداً أقْرَع بَاباً مُوصَدا
طالَ قَدْحي لأمَانٍ أُخلِفَتْ / وَعَناءٌ قَدْحُ زَنْدٍ صَلَدا
آهِ مِنها نبوةً مذ سَدِكتْ / لمْ تُلبِّثْ نافِقاً أن كَسَدا
عَوْدُ حَالاتي مُنافٍ بدْءَهَا / ليتَ شِعري ما عَدا عَما بَدا
سَرْمَداً أَحمِل خَطْباً آدَنِي / وَبِخَطبِي الإِدُّ فيهِ سَمَدا
كَمْ تَمَنيتُ الرّدَى في عِيشَةٍ / ضَرِباً صَارَ لَها صُلب الرّدى
لا أَوَدّ العُمْرَ أَلْقاهُ إذا / عزّ فيه ما يُقيمُ الأَوَدا
حَسْبِيَ اللّهُ لِشَتّى نُوَبٍ / لَيْسَ يُحْصيها حِسابٌ أَبَدا
قَدْ خَلَعْتُ الصّبْرَ في أثْنائِها / فَرْطَ جَهْدٍ ولَبِست الكَمَدا
هَذِهِ مِمّا أُعاني كَبَدي / تَتَلَظّى وَتَشَظّى كَبَدَا
أنَا جَارُ البَحْرِ إلا أنّ لي / مِنْهُ في حالِ الوُرودِ الثَّمَدا
وعَلى ذلِكَ يا نَفْسُ فَلا / تَيْأَسي إنّ مَعَ اليَوم غَدا
لِلإمَامِ المُرْتَضَى مِما مَضى / خَلَفٌ يُولِيكَ عَيْشاً رَغَدا
وَمَتى عُدْتَ إِلى اسْتِعْطافِهِ / تَجِدِ العَوْدَ إِلَيْهِ أَحْمَدا
مَلِكٌ بالقُرْبِ مِن سُدّتِه / يُحرزُ المَرْءُ العُلى والسؤْدَدا
مِثْلَمَا أحْرَزَعَنْ آبَائِهِ / الأمَراء الراشِدينَ الرُّشَدا
قَسَم الدّهْرَ لِصَوْلٍ يُتّقَى / ولِطَوْلٍ بينَ بَأسٍ وَنَدَى
كَيِفَ لا تُعْنَى أياديهِ بِنَا / وَهوَ أعْلَى النّاسِ عَيْناً ويَدا
إنَّما دَوْلةُ يَحْيَى رَحْمَةٌ / للبَرايا وَحَياةٌ لِلْهُدَى
سَدَّ مَا هَدَّ الشأَى سلْطانُهُ / فَتَأمّلْ هلْ ترَى شَيئاً سُدى
أوَ لَمْ يَسكُنْ بِهِ ما شَرَدَا / أوَ لَمْ يَصْلُحْ بِهِ ما فَسَدا
نشر الدّعوة لمّا هَمَدتْ / وأقامَ الحَقّ لَمّا قَعَدَا
بَيّناتٌ فِيهِ آيَاتُ العُلَى / رَاحَ مُرْتاحاً لِحُسنَى وَغَدا
مِنْ عَدِيٍّ في ذُرَاها وكَفَى / أن أقرّت بمَزَاياها العِدى
عَبّد النَّهْجَ فَأَلْقَى طَيّعاً / بِيَدَيْهِ كُلُّ طَاغٍ عَنَدا
سِيَرٌ صَيَّرنَ أَملاكَ الدنى / حينَ عَزّ الدّين فيها أعبُدا
دُونَهُ يَعْرضُهُم ديوانُهُم / مُصْدِراً يَعْتامُهُ أو مُورِدا
فَلِماذا عَظَّموا مُعْتَصِماً / وَبماذَا فضّلوا مُعتَضِدا
أوْضَحَ الفَرْقَ بهِ مَن شَأوه / شَادَ عَليْاء تُناصي الفَرْقَدا
فَاتَهُمْ عِلْماً إلى حِلْم وَمَنْ / جَمَعَ الأشْتَاتَ كانَ المُفْرَدا
تَقْتَفِي الأعْرابُ مَا يُسمعُه / مِن قَوافٍ سِرْن عَنهُ شُرّدا
وَلَهُ الفَضْلُ عَلى أمْلاكِهَا / شَبَهاً صاغوا وصاغَ العَسْجَدا
لا عَداهُ النَصر والتّأييدُ ما / غَارَ في الآفاقِ نجْمٌ وَبَدا
لا يَضَعْ مِنِّي لَوْنِي عِنْدكُم
لا يَضَعْ مِنِّي لَوْنِي عِنْدكُم / رُبّ لَيْل فَضَلَ اليَوْمَ وزادا
شَعُر الشَّعْر بِكِتْماني الهَوى / فَدَعاني دُونَ أَضْدادِي ونادَى
وَلُزومي الفَرْعَ وفَّى أدَبي / فَخُذوا عَنِّي أَصْلاً مُستَفادا
صِبْغُ ما أخدُمهُ من صِبغَتي / فلِهَذا ما تَخَيْرت السَّوادا
عَبَر البَحْرَ يَؤُمّ الأبْحُرا
عَبَر البَحْرَ يَؤُمّ الأبْحُرا / آمِناً في ورْدِهِ أن يَصْدُرا
وامتَطَى اللجّة خَضْراء بِما / ألِفَ العَيْشَ لَدَيْهِم أخْضَرا
خاضَ صَدرَ الهَوْل جَهْماً عابِساً / يَنْتَحيهِم ضاحِكاً مُسْتَبشِرا
وَسَما للغايَةِ القُصْوى عَلَى / خَطِرٍ أحزَرَ عنهُ الأخْطَرا
أثْرَةٌ أظْفَرَه الصّبْرُ بِها / وَأخُو الصّبْر حرٍ أن يَظْفَرا
يَا لَهُ مُعتَزِماً مُعْتَزِلاً / عِيشةَ الخَفضِ ولِذاتِ الكَرَى
جَدَّ مَجبولاً على رَفضِ الوَنى / فتَرى منهُ فَتىً مَا فَتَرا
أسْأَرَتْ منهُ الفلاذَا سَوْرَة / لِلْجَوارِي كالمَذاكِي ضمَّرا
طَامِحَ الهِمّة لا مُقْتَصِداً / في تَرَقِّيهِ وَلا مُقْتَصِرا
قُلباً في حَالتَيْهِ حُوَّلاً / طَعِمَ الشّهْدَ وَذاقَ الصّبرا
للمَوامِي والطّوامِي مَوجُها / ما مَضَى مِن عُمُر أو غَبَرا
لا يُبَالي كَيفَما بَاشَرَها / غَيْرُهُ من يَتَوَقّى الغِيَرا
إنْ يَكُنْ زَحزَحَ عَنْهُ وَطَناً / فلَقَدْ أمكَنَ مِنْهُ وَطَرا
يَا لَسَاحاتٍ ثَواهُنّ العِدى / فَبَدا المَعْرُوفُ مِنْها مُنكِرا
راحَ مَن آمنَ عَنْها راحِلاً / وَغَدا يَحْتَلها مَنْ كَفَرا
فَغَرَ الشرْكُ عَلَيْها فَمَهُ / لَيْتَهُ أُلْقِمَ فِيها الْحَجَرا
أَزَمَاتٌ طَعَنَتْ عَنْها بِهِ / عَزَماتٌ تَتَلَظّى سُعُورا
ضَايَقَتهُ في الذَّرى ثُمّ سَمتْ / بأمانيهِ إلَى شُمّ الذُّرى
فَلَهُ البُشْرَى بِمَرْمَاهُ الذي / أنْجحَ السّيْرَ عَلَيْهِ والسُرى
وبِمَرْقاه إِلى مَرْتَبَةٍ / هَوَتِ الأنْجُم عَنْها مَظْهرا
حَسْبُهُ مَعْلُوةً خِدْمَتُهُ / لِلأمِيرِ ابْن إِمَام الأُمَرا
زَكَرِياءَ بن يَحْيَى المُرْتَضَى / ابْن عَبْد الواحدِ بن عُمَرا
نَسَبٌ أبْهرُ مِن شَمسِ الضُّحى / ليسَ ماءُ المُزْنِ منْهُ أطْهَرا
وأَبٌ يخْلُفُهُ ابنٌ في العُلى / كالجَنَى يعْقُبُ بَعْدُ الزّهَرا
إنّما آلُ أبي حَفص هُدىً / يكْشِفُ الغَيَّ ويَجْلو السَّرَرا
قَد أفاءَ بهِمُ ظِلُّ المُنى / وَصَفا مِنْ شرْبِها ما كَدَرا
تَخِذَ الناسُ علاهُم سُنَناً / وَتَلا الدّهرُ حُلاهُم سُوَرا
فَلَهُم مِن عِزّة أن يَفْخَروا / وعَلى حُسَّدِهِم أن تُقْصِرا
لا يَنالُ الفَوْزَ إلا رَاشِدٌ / حَجَّ شَرْعاً بَيْتَهُم واعْتَمَرا
بَيْت عَلْيَاءَ سَمَتْ أَطرْافُه / وَرَسَتْ بَيْنَ الثرَيَّا والثَّرَى
أَوْطَنَ التوْحيدُ منهُ مَشْعَراً / وتَبنَّى الهَدْيُ مِنْهُم مَعْشَرا
لهمُ المجْدُ الذِي لا يُمتَرَى / فيهِ والحَقُّ الذِي لا يُفْتَرى
سَلّم الأَمْلاكُ لَمَّا عَلِمُوا / أنَّ كل الصّيد في جوْفِ الفَرا
أعْظَمُ الأمّةِ وِزْراً نَاكِبٌ / عنهُمُ لَم يَعتَمِدْهم وَزَرا
صَفْوَةُ العالَمِ رَاقوا فِطَناً / تُبْرِزُ الأخفَى وَرَقَّوا فِطَرا
مِنْ وُلاةٍ شرّفَ اللّه بِهِم / دَهرَهُم مذْ أُوجِدوا والبَشَرا
لَوْ أَباحُوا لِلسُّهى أن يَرْتدِي / نُورَهُم أخْفَى سَناهُ القَمَرا
زُرْ ذَراهُمْ تَجِدِ اليَوم ضُحىً / كُلَّه والليل طيباً سحرا
وانتَجِعْهُم مُوسِراً أو مُعسِراً / تَرِد الجُود زُلالاً خَصِرا
كيْفَ يَخشَى عائِلٌ تَهلكَةً / وأَبو يَحيَى مُعيلٌ لِلوَرى
مَلِكٌ يَدعُو نَداه الجَفلَى / حينَ لا تَدعُو الملوكُ النَّقَرى
نَصَر الإحْسانَ والعَدْلَ بهِ / مَن قَضَتْ أقْدارُهُ أنْ يَنْصُرا
أرْوَعٌ طلقُ المُحيَّا لم يَزَل / يَنشُرُ الأمنَ ويَطوي الحذَرا
كُلَّما فَتّحَ ذكراً بِاسْمِهِ / مادِحٌ فتّقَ مِسْكاً أذْفَرا
أطْلَعَتْ منهُ الليالي بُورِكَتْ / في سَماءِ المَجدِ بَدْراً نَيِّرا
أحْرَزَ السؤْدَدَ عَنْ آبائِهِ / واقْتَفَاهُم أكْبَراً فَأكْبَرا
فَجّرَتْ يُمْناهُ ينبوعَ النَدى / فجَرَى يَروِي الصَّدَى ما فَجَّرا
ما رُسوخُ الطّوْد ما جُوْدُ الحَيا / ما حُسامُ الهِنْدِ ما لَيْثُ الشَّرى
إنْ حبَا في مجْلِس أَو احتَبى / أَو يُرى في مأزَق أو انْبَرى
باذِلٌ والغَيثُ فيها باخِلٌ / سَنةً شَهْباء تُزْجِي العِبَرا
تُطْفِئُ الأجْوادُ فيها نارَها / وَهو في الهَضْبِ يَشُبّ العَنبَرا
وَإِذا ما شَرِيَ الشّرُّ فَلَم / يَقْتَصِر حتّى يجُزّ القَصَرا
حَسَمَ الأوْجالَ شَهْماً بَطلا / وَفَرى الأحوالَ عَضْباً ذَكَرا
أسْعَدُ الأملاك جَدّاً لا يَني / أو يَفوتَ النيرات الزُّهُرا
وأمَدُّ الناسِ في البَأسِ مَدىً / وَالرّدى عَن نابِهِ قدْ كَشَرا
نَعَّمَ السّمع بِما شَيّدَه / مِن مَعالٍ وأَقَرّ البَصَرا
ليسَ يَرْجو مَن عَصَى مُعْتَصِماً / مِنْ عَواليهِ ولا مُعْتَصَرا
هذِه الأحْياءُ قَد دَوّخَها / فَسَلِ البِيضَ بِها والسُّمُرا
زَارَها لَيْثاً مَهيباً زَأْرُهُ / لا يُهابُ الليْثُ حتّى يَزْأَرا
مُهْدِراً مِن دَمِها مَا حَقَنت / ودَم المرَّاق يَمْضي هَدَرا
غَادَر الغَدْر وَمن دانَ بهِ / لِلعَوالي والعَوافي جَزَرا
وثَنَى للذُّلِّ والإذعانِ مَنْ / عنَّ في سُلْطانِهِ واستَكبَرا
أوْحَدٌ تَخْدُمُه أيّامُه / وتُواليهِ نَهَى أوْ أَمَرا
خَلَعَ الحُسْنُ عَلى دَوْلَتِهِ / حُلّة تَخْتَالُ فيها سِيَرا
واقتَفاها مِن أبِيه سُنَناً / سارَ في الناسِ بها أوْ سِيَرا
وَكَفَاه أنّ في حَضْرتِهِ / باهَرَتْ نُورَ الهُدى نارُ القِرى
بَابُهُ مُبتَدأ الخَيْر الذِي / صَدَّقَ الخُبْر لَدَيْهِ الخَبَرا
أبَداً لا تَتَعَدّى قَرْعَهُ / زُمَرٌ لِلْفَتْحِ تَتْلو زُمَرا
يَا وَلِيَّ العَهْدِ فيما طَالَمَا / نَافَسَ الدّينَارُ فِيهَا المِنْبَرا
هاكَ مَا حَبّرْتُهُ مِنْ مِدَحٍ / جِئْتُ عَن تَقصيرِها مُعْتَذِرا
وَهيَ الإمْرَةُ أَعيا وَصْفُها / نُظِمَ الحَمْدُ لَها أونُثِرا
قَدْ تحَرَّمْتُ بِها مُستَنصِراً / أوْ تَشَيّعْتُ لَهَا مْسْتَبشِرا
مِنَنٌ كيفَ يُقَضَّى حقُّها / ولَهَا القَدْرُ الذي لنْ يُقْدَرا
وَهَنيئاً أوْبَةٌ مَيْمُونَةٌ / ألْبَسَتْنا مِنْ حُبُورٍ حِبَرا
وفُتُوحٌ يَمّمَتْ حَضْرَتَكم / أُوَلٌ تَقْدُمُ مِنها أُخَرا
ذُخِرَتْ وِتْراً وشَفْعاً لَكُمُ / فاقْتَضُوا مِنْ غُرِّها ما ذُخِرا
هَذِه أنْدَلُسٌ قَد أصْبَحَت / وَكَفَى بالشّرْقِ عَنها مُخبِرا
فتَسوّغْها عَلى حُكمِ المُنى / آثِراً مِنْ حَقها أن تُؤْثِرا
دُمْتَ والدُّنيا بِسُلْطانِكُمُ / طَلْقَةٌ والدّين مَشدُودُ العُرى
رقَّ مَولانا لِعَبْدٍ زَمِنِ
رقَّ مَولانا لِعَبْدٍ زَمِنِ / دَنِفِ الجِسْمِ لِشَكْوٍ مُدْمِنِ
لم يَكُنْ يَبْعُدُ عَهْداً بالصِّبى / وهْوَ في ضَعْفِ الكَبيرِ اليَفَنِ
قَدْ وَنَى خَطْواً كَما شاءَ الضَّنَى / ولهُ نَهْضَةُ شُكْرٍ لا تَنِي
فَشَفَى شَكْواهُ مِن عُسْرَتِهِ / وضَناهُ بالسَّماحِ الهَتِنِ
وَرَأَى إِبقاءهُ في خِدْمَةٍ / وهْوَ أهْلٌ لِجَسيمِ المِنَنِ
لَم يَزَلْ عَطْفُ الأَميرِ المُرْتَضَى / ونَداهُ أبداً يُنْعِشُنِي
لا أَخَافُ الهونَ في دَوْلَتِهِ / مَنْ يكُن عَبْداً لَهُ لا يَهُنِ
متُّ وَجْداً لِثَوَائِي بَعْدَه / وَكَريمُ القَصْدِ بي أنْشَأَنِي
خَصَّنِي مِن خِدْمَةِ النَّجْلِ الرِّضَى / بِحَنَانٍ وامْتِنَانٍ عَمَّنِي
قَمَرُ السَّعْدِ الذي يُسْعِدُني / وَحَيا الجُودِ الذي يُوجِدُنِي
دامَ للدِّينِ وللدُّنيا حِمىً / خَالِدَ المُلْكِ خُلُودَ الزَّمَنِ
جَارَ مَن أَهْوَى عَلَى لُبْ
جَارَ مَن أَهْوَى عَلَى لُبْ / نَى كَمَا جَار مسَمَّى
وَإِذا صُحِّفَ بَعْدَ ال / قَلْبِ لَمْ يَخْفَ مُعَمَّى
إنّ تقوى اللّه نعمَ الملجأ
إنّ تقوى اللّه نعمَ الملجأ / ورجاءُ الناس بئس النبأ
قلّما يبرَأ منهوك الحجا / عن هداه بعماه يربَأ
عسكرُ الموت يعي دائبا / وهو من جهل به لا يعبَأ
طاول التوبة مغرورا بما / يترجّى أتراه يرجأ
عجبا منه تناسى عجبه / وتناهى منتماهُ الحمأ
ثم لا يشغل بالا بالتقى / حيث منقود الردى لا يكلأ
وكفاه آية موقظة / من سبات هو فيه سبا
ما له واصل حبّا للدّنا / وبها صارمَ قيلاً حبأ
هازئاً يمسي ويضحي زاهياً / كيف يزهى بائدٌ أو يهزأ
بادر المهلة يا عبد المنى / واحذر الصرعةَ ممّا يفجأ
وادّكر عقبى أناس درجوا / أنت في أعقابهم لا تنسأ