المجموع : 4
مَرَّ بي في فَلَك من ربرَب
مَرَّ بي في فَلَك من ربرَب / قَمَرٌ مُبْتَسمٌ عن شَنَبِ
زَيَّنُوا أَعْلاه بالدُّرِّ كما / ثقَّلُوا أَسْفَلَهُ بِالكُثُبِ
فازْدَهَتْنى أَرْيَحِيّاتُ الصِّبا / واسْتَخَفَّتْنِي دواعِي طَرَبي
فَتَعَرَّضْتُ لتَسْلِيمٍ له / فإِذا التَيَّاهُ لا يَعْبأُ بي
قالَ هذا العَبْدُ مَن دَلَّلَهُ / ما الَّذِي أَمَّنَهُ مِن غَضَبي
يا ظُبَا لَحظِي خُذِي لي رأْسَهُ / فَهْوَ لا شَكَّ مِن أهلِ الرِّيبِ
فانْبَرَتْ أَلْحاظُهُ تَطْلُبُني / وأَنا قُدَّامَها في الهَرَبِ
لَوْ تَراني وأَنا أُلْطِفُهُ / وأُدارِيهِ مُدَارَاةَ الصَّبي
خِلْتَهُ جَبَّارَ قَوْمٍ مَرَدُوا / وأَنا في لُطُف الوَعْظِ نَبي
أَذَّنَ الدِّيكُ فَثُبْ أَوْ ثَوِّب
أَذَّنَ الدِّيكُ فَثُبْ أَوْ ثَوِّب / وانْضَحِ القَلْبَ بماءِ العِنَبِ
وَتَأَمَّلْ آيةً مُعْجِزَةً / ما قَرَأْنَا مِثْلَها في الكُتُبِ
رَكَعَ الإبْرِيقُ مِن طاعتِهِ / وبَكى فابْتَلَّ ثَوْبُ الأَكْوُبِ
وَلْوَلَ المِزْهَرُ يَنْفِي كُرَبي / وَتَطَرَّبْتُ فأَعْيا طَربَي
ورَبِيبٍ قامَ فينا ساقِيًا / كالرَّشا أُرْضِعَ بَيْنَ الرَّبْرَبِ
ظَبْية دُونَ الصَّبايا قُصِّصَتْ / فأَتَتْ غَيْداءَ في شَكْل الصَّبي
فُتِّحَ الوَرْدُ على صَفْحتِها / وحَماهُ صُدْغُها بالعَقْرَبِ
فَمشَتْ نَحْوِي وقد مُلِّكْتُها / مِشْيةَ العُصْفورِ نَحْوَ الثَّعْلَبِ
وغَمامٍ باكَرَتْنا عَيْنُهُ / تُتْرِعُ الأُفْقَ بدَمْعٍ صَيِّبِ
مِثْلَ بَحْرٍ جَاءَنا مِن فَوْقِنا / جِرْمُه مِن لُؤْلُؤٍ لم يُثْقَبِ
فَدَنا حتى حَسِبْنا أَنَّه / يَمْسَحُ الأَرْضَ بفَضْلِ الهَيْدَبِ
فسَأَلْناهُ وقد أَعْجَبَنا / حَشوُهُ العَيْنَ بمَرأى مُعْجِبِ
أَنْتَ ماذا قالَ مُزْنٌ عَلَّمَتْ / كَفَّهُ النُّجْعةَ كَفَّا دَرِبِ
سامَني بالشَّرْقِ أَنْ أَسْقِيَكُم / رَحْمةً منه بأَقْصَى المَغْرِبِ
فَسَأَلْناهُ أَبِنْ ذاك لنا / قالَ هل يَخْفى ضِياءُ الكَوْكَبِ
مَلِكٌ ناصَبَ مَن خالَفَكُمْ / عامِرِيُّ المُنْتَمَى والمَنْصِبِ
فَعلمْنا أَنَّهَا نَفْحةُ مَن / وَرِثَ الجُودَ أَباً بَعْدَ أَبِ
لكَ كَفٌّ بالثُّرَيَّا فَيْضُها / ولها بَسْطُ النَّدَى مِن كَثَبِ
كَقَلِيبٍ دَلْوُها مُتْرَعَةٌ / أَشْرَقَتْ بالماءِ عَقْدَ الكَرَبِ
تُبْصِرُ العَيْنانِ منه إِنْ بَدا / قَمَرَ السَّرْجِ وشَمْسَ المَوْكِبِ
أَنْجَبَتْهُ للمعالي أُسْرَةٌ / نَزَلُوا للمَجْدِ أَعْلَى الرُّتَبِ
بنُفُوسٍ مِن سَناءٍ غَضَّةٍ / في جُسُومٍ بَضَّة من حَسَبِ
ووُجُوهٍ مُشْرِقاتٍ أَوْ مَضَتْ / ضاحِكات في وُجُوهِ الكُرَبِ
لهُمُ أَيّامُ حَرْبٍ كَثَّرَتْ / في عِداهُمْ داعِياتِ الحَرَبِ
لم يُطِقْ عامِرُ قِدْما مِثْلَها / لا ولا عَمْرُو بن مَعْدِ يكرِبِ
سَحَبُوا مِن ذَيْلِ مَجْد إِذْ هُمُ / للْوَغَى في ظِلِّ نَقْعٍ أَشْهَبِ
يا ابْن أُمِّ المَجْدِ خُذْها عِبْرةً / جِدّ قَوْلٍ يُشْتَهَى كاللَّعِبِ
مِن بَناتِ اللُّبِّ زانَتْكَ كما / زانَ صَدْرَ المُهْرِ حَلْيُ اللَّبَبِ
خَمْرةٌ مِن طيبِها قد سُبيَتْ / قَطَعَتْ نَحْوَكَ عَرْضَ السَّبْسَبِ
أَصُبَيْحٌ شِيمَ أَمْ بَرْقٌ بَدَا
أَصُبَيْحٌ شِيمَ أَمْ بَرْقٌ بَدَا / أَمْ سَنَا المَحبوبِ أَوْرَى أَزنُدَا
هَبَّ مِن مرْقدِهِ مُنْكَسِراً / مُسْبِلاً للْكُمِّ مُرْخٍ للرِّدا
يمْسحُ النَّعْسةَ مِنْ عيْنَيْ رشا / صائِدٍ في كُلِّ يوْمٍ أَسدا
أَوْرَدتهُ لُطُفا آيتُهُ / صفْوةَ العيْشِ وأَرْعتْهُ ددا
فَهْوَ مِن دلٍّ عراهُ زُبْدةٌ / مِن صريحٍ لم يُخَالِطْ زَبدا
قُلْتُ هَبْ لي يا حبِيبِي قُبْلَةً / تَشْفِ مِن غَمّك تَبريح الصَّدى
فانثَنَى يَهْتَزُّ مِن مَنكِبِه / قائِلاً لا ثُمَّ أَعْطَانِي اليدا
كُلَّما كَلَّمنِي قَبَّلْتُهُ / فَهْو إِمّا قال قَوْلاً ردَّدا
كاد أَنْ يرْجِع مِن لَثْمِي له / وارْتِشَافِي الثَّغْر منه أَدْرَدَا
قال لي يلْعبُ صِدْ لي طائِراً / فترانِي الدَّهْر أَجْرِي بالكُدَى
وإِذا اسْتَنْجَزْتُ يَوْماً وَعْدَه / قالَ لي يَمْطُلُ ذَكِّرْنِي غَدا
شَرِبَتْ أَعْطَافُهُ خَمْرَ الصِّبا / وسَقَاه الحُسْنُ حَتَّى عَرْبَدَا
وإِذا بِتُّ به في رَوْضة / أَغْيَداً يَعْرُو نَباتاً أَغْيَدَا
قامَ في اللَّيْلِ بجيدٍ أَتْلَعٍ / يَنْفُضُ اللمّةَ مِن دَمْعِ النَّدَى
رَشَأٌ بَلْ غادةٌ مَمْكُورةٌ / عُمِّمَتْ صُبْحاً بلَيْلٍ أَسْوَدَا
أَحَحَتْ مِن غَضَّتِي في نَهْدِها / ثُمَّ عَضَّتْ حُرَّ وَجْهي عَمَدَا
فَأنَا المجْرُوحُ مِن عَضَّتِهَا / لا شَفانِي اللَّهُ منها أَبَدَا
ومَكانٍ عازِبٍ مِن جِيرَةٍ / أَصْدِقَاءٍ وهُم عَيْنُ العِدَا
ذِي نباتٍ طَيِّبٍ أَعْرَافُهُ / كَعِذَارِ الشَّعْر في الخَدِّ بَدَا
تَحْسَبُ الهَضْبَةَ منه جَبَلاً / وحُدُورَ الماءِ منه أَبْردَا
قُلْتُ إِذ خَيَّمْتُ فيه قاطِناً / وتَلاقَتْنِي الأَمَانِي سُجَّدَا
وَرَأَيْتُ الدَّهْرَ خَوْفِي ساكِناً / وبَنِي الأَحْرَارِ حَوْلِي أَعْبُدَا
جادَ مَن أَصْبَحْتُ في أَيَّامِه / والرَّدى يَحْذَرُ مِن خَوْفِي الردَى
مَلِكٌ يُحْسَبُ عَدْلاً مَلَكاً / وإِمامٌ أَمَّ فينا فَهَدَى
خِلْتُهُ والرُّمْحُ في راحَتِهِ / قَمَراً يَحْمِلُ منه فَرْقَدَا
نِعمَ ما اخْتَرْتُ لنَفْسِي فاعْلَمُوا / إِنْ زَمَانٌ جارَ أَوْ صَرْفٌ عَدَا
لَيْسَ من يَعْشُو إِلى نار القِرى / مِثْلَ مَن يَعْشُو إِلى نارِ الهُدَى
أَيُّهَا المُعْتَدُّ في أَهْلِ النُّهَى
أَيُّهَا المُعْتَدُّ في أَهْلِ النُّهَى / لا تَذُبْ إِثْر فَقِيدٍ ولَهَا
وإِذا الأُسْدُ حمتْ أَغيالَهَا / لم يضُرَّ الخِيس صَرْعاتُ المهَا
وغَرِيبٌ يا ابْن أَقْمارِ العُلا / أَنْ يُراع البدْرُ مِن فَقْدِ السُّهَا