خَلِّياني مِن وِطاءٍ وَوِسادِ
خَلِّياني مِن وِطاءٍ وَوِسادِ / لا أَرى النَومَ عَلى شَوكِ القَتادِ
واِرحَلا مِن قَبلِ أَن لا تَرحَلا / فَالبَلايا كُلَّ يَومٍ في اِزديادِ
وَاِترُكاني مِن أَباطيلِ المُنى / فَهوَ بَحرٌ لَيسَ يروى مِنهُ صادِ
وَاِبذُلا في العِزِّ مَجهودَكُما / لا يُلامُ المَرءُ بَعدَ الاِجتِهادِ
إِنَّما تُدرَك غاياتُ المُنى / بِمَسيرٍ أَو طِعانٍ أَو جِلادِ
مَن نَصيري مِن زَمانٍ فاسِدٍ / جَعلَ الأَمرَ إِلى أَهلِ الفَسادِ
كُلَّما قُلتُ لَهُ ذا سَرَفٌ / في التَّعدّي قالَ لي هَذا اِقتِصادي
كُنتُ قَبلَ اليَومَ أَبكي بِشَجىً / هَمَّ نَفسي وَطَريفي وَتِلادي
ثُمَّ قَد أَصبَحتُ أَبكي ناسياً / شَجوَ إِخواني وَرَهطي وَبِلادي
زَوبَعَت في جَوِّها عاصِفَةٌ / ذاتُ إِعصارٍ تُضاهي ريحَ عادِ
ما نَجا مِن نارِها غَيرُ اِمرِئٍ / عادَ مِنها بِمُضِلٍّ غَيرِ هادِ
ترَكَت عالِيَها سافِلَها / وَالرِعانَ القودَ بَغلاً لِلوِهادِ
يا لَقومي ما أَراكُم حسَناً / بَيعَنا بِالبَخسِ في سوقِ الكَسادِ
أَعَمىً غالَكُمُ أَم ناصِحٌ / مُضمِرُ البَغضاءِ مُبدٍ لِلوِدادِ
عَجباً مِنكُم وَمِن تَصديقِكُم / مَن يُمَنّيكُم بِنارٍ مِن رِمادِ
فَهَبوا ناصِحَكُم رامَ الوَفا / هَل يُلاقي اللَيثَ سَرحٌ مِن نِقادِ
وَاللَّبيبُ الحُرُّ لا يَخدَعُهُ / لمَعانُ الآلِ عَن حِفظِ المَزادِ
وَالقَديمُ العِتق لا يُوفي بِهِ / باسِلُ الغارِبُ مِن نَسلِ الكُدادِ
آهِ واشقوَةَ أَربابِ العُلى / هَلَكَ المَجدُ إِلى يَومِ التَنادِ
يا بُغاثَ الطَير طيري وَاِنظُري / هَرَبَ البازِيِّ مِن كَلبِ الجَرادِ
وَاِرتَعي يا بَقَرَ الحَرثِ فَقَد / لَعِبَ الضّيْوَنُ بالأُسدِ الوِرادِ
وَكَذا نُودي لإِخوانِكُم / بِعُلُوِّ الأَمرِ في كُلِّ البِلادِ
جئتَ يا مَوت فَإِن شِئتَ فَذَر / لَيسَ عَيشُ الذُلِّ يَوماً مِن مُرادي
قَبَّحَ اللَهُ حَياةً قُرِنَت / بِشقا الضَيمِ وَإِشماتِ الأَعادي
غَيرُ مُخطٍ لَو تَمَنَّيتُ الرَدى / دَولَةَ الأَوباشِ مِن سُقمِ الفُؤادِ
كَم تقاضاني المَعالي عَزمَةً / يهتِفُ الشادي بِها في كُلِّ نادِ
فَإِذا رُمتُ نُهوضاً قَعَدَت / بي أُمورٌ أَنا مِنها في جِهادِ
قِلّةُ المالِ وَكُثرٌ في العِدى / وَاِبنُ عَمٍّ رَأيُهُ غَيرُ السَدادِ
لا مُعينٌ لِيَ مِن قَومي وَلا / جِدَّتي تَحمِلُ جِدّي وَاِجتِهادي
وَإِذا قُربُكَ لَم تَنفَع بِهِ / في حِمى قَومِكَ فَأذَن بِبِعادِ
يا نَديميَّ اِترُكاني وَاِذهَبا / لَيسَ وادي الذُلِّ لِلحُرِّ بِوادِ
أَينَ عَزمي وَأَنا المانِعُها / يَومَ تَأتي مُشرَئِبّات الهَوادي
تَعثُرُ العِقبانُ في عِثيَرها / وَتَظَلُّ الشَمسُ مِنها في حِدادِ
حامِلاتٍ لِلوَغى كُلَّ فَتىً / مُخضَدِ النَجدَةِ مُستَرخي النِّجادِ
طالَ لُبثي بَينَ مَولىً خاذِلٍ / وَمُعادٍ وَصَديقٍ كَالمُعادي
تَمضُغُ الأَيّامُ لَحمي عَبَثاً / لَيسَ بَعدَ المَضغِ غَيرُ الإِزدِرادِ
لا حَياتي تَمنَعُ الجارَ وَلا / نائِلي يُرجى وَلا يُخشى عِنادي
أَحذارَ المَوتِ أَبقى هَكَذا / لا وَمُجري الماءِ رِزقاً لِلعبادِ
إِن تَرى شَخصي لِأَمرٍ ساكِناً / فَلَعَمري إِنَّ قَلبي في طِرادِ
رُبَّ ذِي هَمٍّ تَراهُ مُطرِقاً / وَهوَ في إِطراقِهِ حَيَّةُ وادِ
كَيفَ أَرضى هَذِهِ الحالَ وَلَم / تَقَعِ الأَوطامُ مِن وَقعِ الجِيادِ
ما اِنتِظاري بِرؤُوسٍ أَينَعَت / لَيسَ هَذا اليَنعُ إِلّا لِلحَصادِ
يا جُفوني طَلِّقي عَنكِ الكَرى / إِنَّما طيبُ الكَرى بَعدَ السُهادِ
ما الَّذي يُقعِدُني عَن همَّتي / وَالمَنايا رائِحاتٌ وَغَوادِ
لَأُقيمَنَّ لِأَبناءِ الوَغى / سوقَ إِقدامٍ وَطَعنٍ وَجِلادِ
إِن يَكُن عِزّاً وَإِلّا فَرَدىً / لَستُ مِن دونِ شَبيبٍ وَمَصادِ
لا يَطيبُ العِزُّ ما لَم تَجنِهِ / بِاللِدانِ السُمرِ وَالبيضِ الحِدادِ
ما اِعتِذاري وَالوَغى تَعرِفُني / وَالعَوالي وَالمَواضي وَالهَوادي
قَد تَساوى في مَضاءٍ صارِمي / وَسِناني وَلِساني وَفُؤادي
فَاِرمِ بِي ما شِئتَ وَاِعلَم أَنَّني / لَيثُ غابٍ وَشِهابٌ ذُو اِتِّقادِ
لَستُ بِالتَرعِيَّةِ الغمرِ وَلا / واهِنَ العَزمِ وَلا كابي الزِنادِ
مَنصِبي في المَجدِ أَعلى مَنصِبٍ / وَعِمادي في العُلى أَوفى عِمادِ
وَأَنا اِبنُ السادَةِ الغُرِّ الأُلى / وَرِثوا المَجدَ جَواداً عَن جَوادِ
لَم يَزل فينا رَبيعٌ مُربِعٌ / وَحِمىً حامٍ وَهادٍ لِرَشادِ
يَنزَعُ الشَوّى إِذا البَزلُ غَدَت / لَيسَ فيها قوتُ يَومٍ لِلقُرادِ
وَيَصُكُّ البيضَ بِالبيضِ إِذا / حُطِّمَت في الصيدِ أَطرافُ الصِعادِ
وَلَنا فَضلُ حُلومٍ ما اِدَّعى / مِثلَها قَيسٌ وَلا قسُّ إِيادِ