القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 44
غادَروني بِالأَثيلِ وَالنَقا
غادَروني بِالأَثيلِ وَالنَقا / أَسكُبُ الدَمعَ وَأَشكو الحُرَقا
بِأَبي مَن ذُبتُ فيهِ كَمَداً / بِأَبي مَن مُتُّ مِنهُ فَرَقا
حُمرَةُ الحَجلَةِ في وَجنَتِهِ / وَضَحُ الصُبحِ يُناغي الشَفَقا
قَوَّضَ الصَبرُ فَطَنَّبَ الأَسى / وَأَنا ما بَينَ هذَينِ لَقا
مَن لِبَثّي مَن لِوَجدي دُلَّني / مَن لِحُزني مِن لِصَبٍّ عَشِقا
كُلَّما ضَنَّت تَباريحُ الهَوى / فَضَحَ الدَمعُ الجَوى وَالأَرَقا
فَإِذا قُلتُ هَبوا لي نَظرَةً / قيلَ ما تُمنَعُ إِلّا شَفَقا
ما عَسى تُغنيكَ مِنهُم نَظرَةٌ / هِيَ إِلّا لَمحُ بَرقٍ بَرَقا
لَستُ أَنسى إِذ حَدا الحادي بِهِم / يَطلُبُ البَينَ وَيَبغي الأَبرَقا
نَعَقَت أَغرِبَةُ البَينِ بِهِم / لا رَعى اللَهُ غُراباً نَعَقا
ما غُرابُ البَينِ إِلّا جَمَلٌ / سارَ بِالأَحبابِ نَصّاً عَنَقا
بِأَثيلاتِ النَقا سِربُ قَطا
بِأَثيلاتِ النَقا سِربُ قَطا / ضَرَبَ الحُسنُ عَلَيها طُنُبا
وَبِأَجوازِ الفَلا مِن إِضَمٍ / نَعَمٌ تَرعى عَلَيها وَظِبا
يا خَليلَيَّ قِفا وَاِستَنطِقا / رَسمَ دارٍ بَعدَهُم قَد خَرِبا
وَاِندُبا قَلبَ فَتىً فارَقَهُ / يَومَ بانوا وَاِبكِيا وَاِنتَحِبا
عَلَّهُ يُخبِرُ حَيثُ يَمَّموا / أَلِجَرعاءِ الحِمى أَول لِقَبا
رَحَلوا العيسَ وَلَم أَشعُر بِهِم / أَلِسَهوٍ كانَ أَم طَرفٌ نَبا
لَم يَكُن ذاكَ وَلا هذا وَما / كانَ إِلّا وَلَهٌ قَد غَلَبا
يا هُموماً شَرَدَت وَاِفتَرَقَت / خَلفَهُم تَطلُبُهُم أَيدي سَبا
أَيَّ ريحٍ نَسَمَت ناديتُها / يا شَمالٌ يا جَنوبٌ يا صَبا
هَل لَدَيكُم خَبَرٌ مِمّا نَبا / قَد لَقينا مِن نَواهُم نَصَبا
أَسنَدَت ريحُ الصَبا أَخبارَها / عَن نَباتِ الشيحِ عَن زَهرِ الرُبى
إِنَّ مَن أَمرَضَهُ داءُ الهَوى / فَليُعَلَّل بِأَحاديثِ الصِبا
ثُمَّ قالَت يا شَمالُ خَبِّري / مِثلَ ما خَبَّرتُهُ أَو أَعجَبا
ثُمَّ أَنتِ يا جَنوبُ حَدِّثي / مِثلَ ما حَدَّثتُهُ أَو أَعذَبا
قالَتِ الشَمالُ عِندي فَرَجٌ / شارَكَت فيهِ الشَمالُ الأَزيَبا
كُلُّ سَوءٍ في هَواهُم حَسُنا / وَعَذابي بِرِضاهُم عَذُبا
فَإِلى ما وَعَلى ما وَلَمّا / تَشتَكي البَثَّ وَتَشكو الوَصَبا
وَإِذا ما وَعَدوكُم ما تَرى / بَرقَهُ إِلّا بَريقاً خُلَّبا
رَقَمَ الغيمُ عَلى رَدنِ الغَما / مِن سَنا البَرقِ طِرازاً مُذهَبا
فَجَرَت أَدمُعُها مِنها عَلى / صَحنِ خَدَّيها فَأَذكَت لَهَبا
وَرَدةٌ نابِتَةٌ مِن أَدمُعٍ / نَرجِسٌ تُمطِرُ غَيثاً عَجَبا
وَمَتى رُمتَ جَناها أَرسَلَت / عِطفَ صُدغَيها عَلَيها عَقرَبا
تُشرِقُ الشَمسُ إِذا ما اِبتَسَمَت / رَبَّ ما أَنوَرَ ذاكَ الحَبَبا
يَطلُعُ اللَيلُ إِذا ما أَسدَلَت / فاحِماً جَثلاً أَثيثاً غَيهَبا
يَتَجارى النَحلُ مَهما تَفلَت / رَبَّ ما أَعذَبَ ذاكَ الشَنَبا
وَإِذا مالَت أَرَتنا فَنَناً / أَو رَنَت سالَت مِن اللَحظِ ظُبى
كَم تُناغي بِالنَقا مِن حاجِرٍ / يا سَليلَ العَرَبِيِّ العُرُبا
أَنا إلّا عَرَبِيٌّ وَلِذا / أَعشَقُ البيضَ وَأَهوى العَرَبا
لا أُبالي شَرَّقَ الوَجدُ بِنا / حَيثُ ما كانَت بِهِ أَو غَرَّبا
كُلَّما قُلتُ أَلا قالوا أَما / وَإِذا ما قُلتُ هَل قالوا أَبى
وَمَتى ما أَنجَدوا أَو أَنهَموا / أَقطَعُ البيدَ أَحُثَّ الطَلَبا
سامِرِيُّ الوَقتِ قَلبي كُلَّما / أَبصَرَ الآثارَ يَبغي المَذهَبا
وَإِذا هُم شَرَّقوا أَو غَرَّبوا / كانَ ذو القَرنَينِ يَقفو السَبَبا
كَم دَعَونا لِوِصالٍ رَغَبا / كَم دَعَونا مِن فِراقٍ رَهَبا
يا بَني الزَوراءِ هذا قَمَرٌ / عِندَكُم لاحَ وَعِندي غَرَبا
حَرَبي وَاللَهِ مِنهُ حَرَبي / كَم أُنادي خَلفَهُ وَاِحرَبا
لَهفَ نَفسي لَهفَ نَفسي لِفَتىً / كُلَّما غَنّى حَمامٌ غَيِّبا
يا خَليلَيَّ أَلِمّا بِالحِمى
يا خَليلَيَّ أَلِمّا بِالحِمى / وَاِطلُبا نَجداً وَذاكَ العَلَما
وَرِدا ماءً بِخَيماتِ اللَوى / وَاِستَظِلّا ضالَها وَالسَلَما
فَإِذا ما جِئتُما وادي مِنىً / فَالَّذي قَلبي بِهِ قَد خَيَّما
أَبلِغا عَنّي تَحِيّاتِ الهَوى / كُلَّ مَن حَلَّ بِهِ أَو سَلَّما
وَاِسمَعا ماذا يُجيبونَ بِهِ / وَاِخبِرا عَن دَنِفِ القَلبِ بِما
يَشتَكيهِ مِن صَباباتِ الهَوى / مُعلِناً مُستَخبِراً مُستَفهِما
يا أُولي الأَلبابِ يا أولي النُهى
يا أُولي الأَلبابِ يا أولي النُهى / هِمتُ ما بينَ المَهاةِ وَالمَها
مَن سَها عَن السُها فَما سَها / مَن سَها عَنِ المَهاةِ قَد سَها
سِر بِهِ بِسِربِهِ لِسِربِهِ / فَاللُهى تَفتَحُ بِالحَمدِ اللَها
إِنَّها مِن فَتَياتٍ عُرُبٍ / مِن بَناتِ الفُرسِ أَصلاً إِنَّها
نَظَمَ الحُسنُ مِن الدُرِّ لَها / أَشنَباً أَبيَضَ صافي كَالمَها
رابَني مِنها سُفورٌ راعَني / عِندَهُ مِنها جَمالٌ وَبَها
فَأَنا ذو المَوتَتَينِ مِنهُما / هكَذا القُرآنُ قَد جاءَ بِها
قُلتُ ما بالُ سُفورٍ راعَني / مَوعِدُ الأَقوامِ إِشراقُ المَها
قُلتُ إِنّي في حِمىً مِن فاحِمٍ / ساتِراً فَلتُرسِليهِ عِندَها
شِعرُنا هذا بِلا قافِيَةٍ / إِنَّما قًصدِيَ مِنهُ حَرفُ ها
غَرَضي لَفظَةُ ها مِن أَجلِها / لَستُ أَهوى البَيعَ إِلّا ها وَها
نحن سرُّ الأزليّ
نحن سرُّ الأزليّ / بالوجودِ الأبديّ
إذ ورثنا خُلق المظا / هر فينا الهاشميّ
واعتلينا واستوينا / بالمقامِ القدسيّ
ووهبنا ما وهبنا / سرّ بدرِ الحبشيّ
وبعثناه رسولاً / للرئيس الندسيّ
بكتاب رقمته / كفُّ ذاتِ الحكميّ
بعلومٍ وسمتها / موقع النجم العليّ
ومطالعُ هلا / لين بأفق قطبيّ
حرّضَ الناس على ني / ل الوجودِ العمليّ
ونهايات التلقي / بالمقام الخلقيّ
ومشت أسماءُ ذاتي / في وضيعٍ وعليّ
فالذي آمن منهم / لم يزل حّياً بحيّ
والذي أعرض منهم / لم يفز منا بشيّ
نحنُ حزبُ الله مَنْ يلحقنا
نحنُ حزبُ الله مَنْ يلحقنا / جدُّنا جدُّ وجدُّ هزلُنا
أشهد الأسرار من أحبابه / من يشاء ولها أشهدنا
فمتى أدرككم فينا عمى / سائلوا عنا الذي يعرفنا
ذاكُم الله عظيمٌ جدَّه / يمنحُ الأسرارَ مَنْ شاء بنا
ما أماكُنا رجالاً هتفتْ / بهم الوُرقُ بدوحاتِ منى
فرمينا جمرةَ الكونِ بها / فَرمَينْا بمريشات الفنا
وازْدلفنا زُلفةَ الجمع فهل / أسمع القوم مناجاة المنى
يا عبادي هل رأيتم ما أرى / يا عبادي هل بنا أنتم أنا
خرسَ القوم وقالوا ربنا / أنت مولانا ونحن القرنا
يا عباد الله سمعاً إنني / روح مولاكم أمين الأمنا
أنا ماحي الكون من أسراركم / أنا سرُّ الكنز ما الكنز أنا
أنا جبريلُ هذي حكمتي / فاقرأوها تكشفوا ما كَمنا
جئتُ بالتوحيد كي أرشدكم / فاقتنوا أنفسكم من أجلنا
وخذوا عني فيكم عجباً / تجدوا السرَّ لديه علنا
ميزوا الأحوال في أنفسكم / لا تكونوا كدعيٍّ فتنا
عن صحو العبد سكران بدا / عالم الأمرِ له فافتنا
كما أن المحو دعوى إن بدت / في محياه علامات الوَنَا
قل إن المثبتِ في أحواله / طبتَ بالحق فكنتَ المأمنا
ليست الهيبة خوفاً إنها / أدبٌ يعربه العذب الجنى
حالُها الإطراقُ من غير بكا / ووجودُ الجهدِ من غير عِنا
وحليفُ الأنسِ طلقٌ وجهه / إنْ تدلَّى لحبيب ودَنَا
يرشد الخَلقَ ويبدي رسمَه / شاكراً واستمعوا إن أذنا
صاحبُ القبض غريبٌ مفردٌ / إن رأى بسطاً عليه حزنا
وخليلُ البسطِ يخفي غيرةً / ضرّ باديه ويبدي المننا
لا تراه الدّهرَ إلا ضاحكاً / تبصر الحْسنَ به قد قرنا
صاحب الهمة في إسرائه / سائر قد ذبَّ عنه الوَسَنا
صاحبُ التوحيد أعمى أخرسُ / لا أنا قال ولا أيضاً أنا
يا عبيد النفسِ ما هذا العمى / لم تزالوا تعبدون الوثنا
سقتم الظاهر من أحوالكم / ما لنا منكم سوى ما بطنا
فاقتنوا للعلم من أعمالكم / علم فتحٍ واشربوه لبنا
واخرجوا بالموت عن أنفسكم / تبصروا الحقَّ بكم مقترنا
وانظروا ما لاح في غيركم / تجدوه فيكم قد ضمنا
اختلسنا من كراما
اختلسنا من كراما / تِ الكيان الأبديّ
وجينا بمقاما / تِ العيان الأزليّ
ورفعنا عن تكالي / فِ الوجود العمليّ
لمضاهاة استواء / فوق عرشٍ فلكيّ
فرأينا من تعالى / بالوجود الخلقيّ
في لطيفٍ ملكيّ / وكثيف بشريّ
وسألناه بأسرا / رِ المقامِ القدسيّ
نيل ما قد نحن نل / ناه لبدرِ الحبشيِّ
كان لي قلبٌ فلما ارتحل
كان لي قلبٌ فلما ارتحل / بقي الجسمُ محلّ العِلل
كان بدراً طالعاً إذ أتى / مغرب التوحيد ثم أفل
زاده شوقاً إلى ربّه / صاحبُ الصعقة يومَ الجبل
لم يزل يشكو الجوى والنوى / ليلةَ الإثنين حتى اتصل
فدنا من حضرةٍ لم تزل / تهبُ الأرواحَ سرّ الأزلْ
قرعَ الأبوابَ لمّا دنا / قيل من أنت فقال الحجل
قيل أهلاً سعة مرحباً / فُتح البابُ فلما دخل
خرَّ في حضرته ساجداً / وانمحى رسم البقا وانسجل
وشكا العهد فجاء النِدا / يا عبيدي زال وقتُ العمل
رأسك ارفع هذه حضرتي / وأنا الحقُّ فلا تنتعل
رأسك ارفع ما الذي تبتغي / قلت مولاي حلولُ الأجل
قال سجني قال مت واعلمن / أنّ في السجنِ بلوغَ الأمل
يا فؤادي قد وصلت له / قل له قولَ حبيبٍ مُدِل
لولا ذاتي لم يصح استوى / وبنوري صح ضربُ المثَل
أنا ورقاءُ المثاني
أنا ورقاءُ المثاني / مَسكني رَوضُ المعاني
أنا عينٌ في العيانِ / ليس لي غيرُ المثاني
فيناديني يا ثاني / وأنا لستُ بثاني
ينتهي إلى وجودي / كلُّ شيءٍ في الكيان
أنا أتلو من تسامتْ / ذاتُه عنِ العيانِ
لي حكمٌ مُستفادٌ / في الأقاصي والأداني
ليس لي مثل سوى من / شانُه يشبه شاني
فانتقد إن كنتَ تبغي / ما أتى به لساني
من رقائقَ تدلَّتْ / بحقائقَ حسانِ
لقلوبٍ قد تولَّتْ / عن زخارفِ الجِنانِ
طالباتٍ من تعالى / عن تصاريفِ الزمانِ
فهو الفردُ المعلى / ما له في الحكمِ ثاني
وهو الذي اجتباني / وهو الذي اصطفاني
وأقامني عَديلاً / بين دنٍّ ودِنانِ
فأُقاصي كلَّ قاصٍ / وأُداني كلَّ داني
وأُوالي كلَّ والٍ / وأُعاني كلَّ عاني
فإذا هَويت سَفلاً / فبروجُ السَّرَيانِ
وإذا صعدتُ عُلواً / فلتحليل المباني
فأنا أعطي المعاني / وأنا أخلي المغاني
فأنا السِّرُّ المسوَّى
فأنا السِّرُّ المسوَّى / خلْقُه بلا بَنانِ
رَتَّب الأمور فيه / خالقي لما بناني
فأنا صخرٌ ومني / تتفجر المعاني
وأنا مع العوالي / مثلُ أفراسِ الدهانِ
وأنا الذي توارى / جسمه عن العيانِ
والذي أجبتُ ربّي / طائعاً لما دعاني
فالذي يرى وجودي / لتصاريفِ الزمانِ
كفؤادِ أمِّ موسى / فارغاً منَ المعاني
فهو الخليُّ حقاً / من حقائقِ البيان
فأنا أصلُ المعاني / وأنا أُسُّ الأغاني
وأنا سرُّ إمام / فاضلٍ سامي المكانِ
عِلمُه أكمل علم / شانُه أعظم شان
هامَ بي لمّا رآني / في مقاصرِ الجنانِ
لا أسميه فإني / خائف حدَّ السِّنانِ
والذي يفهمُ قولي / هو صخر بن سِنان
أكرمُ الوجودِ كفّاً / ثابتٌ عند الطِّعان
فأنا والأمُّ والجدّ / ةُ والجدُّ المعاني
في وجودِنا من الجو / دِ معاً بلا زمانِ
مثل ما لاح لعينٍ / في الهوى بَرقٌ يماني
نطح الغفرُ بُطيناً زابنا
نطح الغفرُ بُطيناً زابنا / والثريا كُللت بالأفقِ
دبر القلب بهقعاتٍ على / شَولةٍ طالعةٍ بالمشرق
هَنعة الأنعام في أفلاكها / ذرعت بلدتها في الغَسَقِ
نثرةُ الذابحِ للطرفِ رات / بلعاً يشكو كمينَ الحُرَق
جبهةُ السعد إذا ما زَبَرَتْ / علمها وسط خباءٍ أزرق
صَرفَ المقدمُ عَوَّاء له / مؤخر يثقله في الطرق
وسماك سَبحتْ أرجلُه / رِشاءٍ طالعٍ كالزورَق
أنا عنقاءُ الوجودِ المشترك
أنا عنقاءُ الوجودِ المشترك / قدّستْ ذاتي عن حبسِ الشّرك
أنا مثن والمثاني صفتي / وأنا الثاني لسرّ مُشترك
صَيَّر الأعيان عيناً واحداً
صَيَّر الأعيان عيناً واحداً / فوجودُ الحقِّ في نفي العدد
لبستْ جاريةٌ من يدنا
لبستْ جاريةٌ من يدنا / خرقةً نالت بها عينَ الكمالِ
خرقةً دينيةً عُلوية / ألحقتْها بمقاماتِ الرجالِ
وكذاك الله قد ألبسها / ثوبَ عزٍّ وقبولٍ وجَمالِ
وضياءٍ وسناءٍ وسنا / واعتدالٍ وبَهاءٍ وجلالِ
كلَّما أبصرتُها غيَّبني / ما أرى من حسن دَلٍّ ودلالِ
حَفِظَ الله عليها عهدها / وعلينا حفظُها طولَ الليالي
سألتنا شرفَ نلبسها
سألتنا شرفَ نلبسها / خرقةَ القومِ على شرطِ الوفا
حين تابتْ عندنا من كل ما / كان منها قبل هذا سلفا
فأجبناها إلى ما سألت / باعتقادٍ وودادٍ وصفا
وأمرناها بأن تلبسها / كل من كان بخير عرفا
هي لمّا لبستُها سبَّحتْ / حسبي الله تعالى وكفى
وأتتْ تلثم نعلي خدمةً / ولقد كان لنا فيه شفا
ولقد عانقتُ منها غُصناً / يخجلُ الغصن إذا ما انعطفا
وارتشفنا ريقةً مسكينةً / تخجل الشَّهدَ إذا ما ارتشفا
ما أتينا محرَماً نحذره / بل أتينا فيه ما الله عفا
فانظروا المعنى الذي أرمزه / في كلامي تجدوه في الوفا
لبستْ صَفيةُ بنتُ ابنتِنا
لبستْ صَفيةُ بنتُ ابنتِنا / خِرقةً ضمنْتها كلَّ المنى
مثل ما ضمَّ من الخيرلنا / زمنَ الرمي بأيامِ منى
وسألتُ الله أن يعصمها / من أذى النفس ومن كل خنا
يومَ تُجزى كلُّ نفسٍ سعيها / ولنا أيضاً هناكم وهنا
وسألت الله أن ينبتها / مثل ما قال نباتاً حسنا
في أمانٍ وانتظام بهدى / واغتباطٍ بسرورٍ وهَنا
إنَّ هذا لهو السحر الحلال
إنَّ هذا لهو السحر الحلال / أين أنتم أين أنتم يا رجالْ
اشربوه لبناً من ضرعنا / شربَ صادٍ وجد الماءَ الزُّلالْ
يشبه المعجز في معدنه / يا لثاراتٍ لأمر لا يُنالْ
باكتساب أنه من قول مَنْ / قال بالإسكان في عين المحالْ
هو ظل للذي تعرفه / ولهذا حكمه حكم الظلال
ما كمالُ الشخصِ إلا ظله / إنْ بالظلِّ له عينُ الكمال
ولهذا مدَّه الله لنا / فنراه عندنا ضربَ مِثال
يتعالى الله عن إدراكنا / وكذا نحن جلال في جمال
إننما العلم به العلمُ بنا / فلذا نجهله في كل حال
في رجوعِ الظلِّ علمٌ واضحٌ / حكمة الظلِّ ترى عند الزوال
ما لقومي عن حديثي في عما
ما لقومي عن حديثي في عما / ثم قالوا نحن فيكم علما
صَدقوا في نصف ما قالوا وما / صَدقوا في نصفه الثاني لِما
يقتضيه حكمُ ما جئتُ به / من علومٍ جهلتها الحكما
عزَّ علمُ الذَّوقِ أنْ يدركه / عالم جانبنا ما احترما
ولهذا يخطىء الحكمَ الذي / يطلبُ الحال إذا ما حكما
تضحك الأزهار بالأرض إذا / بكت الزهر التي فوق السما
وكذا العلمُ الذي أظهره / عندنا تضحكُ منه العُلما
عُلماء السَّوء لا كانوا ولا / كانوا بالتقوى لديه كرما
إن شخصاً جهلَ الأمرِ الذي / قلت في نظمي هذا في عما
إنما الكيِّس مَن دانَ به / نفسَه حين أراه القدما
قدم الصدق الذي نعرفه / كلُّ من يشهده محتكما
فترى الحقَّ كما أنزله / في نزولٍ واستواء وعما
وإذا كان وجودي عينه / لم أزل في عين كوني عدم
أعلم الله الذي نحن به / من أمور لوحه والقلما
حين أجرى الحياة نهراً / من بخارٍ فيه سماه دما
عجباً إني على صورته / ولذا أصبح أمري مبهما
فله التنزيه عن وصفي وقد / جاء في القرآن علماً محكما
هو في الأرض ِإله قادر / ومعي في كلِّ وجه وسما
أمهلوا ما أهملوا إنهم / عندنا والله قومٌ حكما
حين أبقونا وفي عقدهم / أنهم فينا رؤوسٌ زُعما
إنما نحن عبيدٌ كلنا / عندنا وعندهم ليس كما
قلتُ فيهم إنهم قد زعموا / أكذبَ الله الذي قد زعما
في كتابِ الله إذ جاء به / مُخبراً عنهم لهم مستفهما
ما لمنْ أبصرني
ما لمنْ أبصرني / غيرُ ما أبصرُهْ
فله مني الذي / بعد ذا أذكرُه
شجي قام به / وأنا أستُره
بل هو المعنى الذي / لم أزل أظهره
وبدا منه لهم / خبرٌ أكبره
وأبى العقلُ الذي / ما إلي مخبره
وإن إيمانَ الورى / في الورى معبَرُهْ
فبه أسمعه / وبه أبصرهْ
قدمي ساعية / وهي بي تظهره
ويدي باطشة / فأنا مصدرُه
فاكتم الأمر الذي / قلتُ لا تشهره
طابَ ذوقاً عندنا / جملة مخبرِه
مثلَ ما طابَ لنا / خبراً أكبرُه
أنه ليس بهو / والهَو لا يحصره
فإذا قلت أنا / فأنا أشعره
أنني لستُ أنا / وأنا مظهرُه
إنّ ذا الهو المقا / م الذي يبهره
إن تجلى بأنا / فأنا أفقره
أو تجليتُ به / وهو لا ينكره
قام بي نعتُ الغنى / وأنا أنكره
ثم عن هذا أو ذا / علمنا يكبرُه
واحد العين الذي نعرفه
واحد العين الذي نعرفه / وكثير الحكم ما نجهلُه
عدّدت أحكامه آثاره / وهو العلمُ الذي يقبله
فإذا ما قلت هذا عملي / قال لا إني أنا أعمله
قلت أهلاً فلماذا قلتَ لي / أنت رهن بالذي تفعله
ثم تنفي الفعل عني وأنا / في جهادٍ في الذي أبذله
ولقد أعلم قطعاً أنكم / أنت علاَّمٌ بما أجهله
الذي أجمله تجمله / والذي تجملُ ما أجمله
فإذا قبحتُ فعلاً لم أقل / أدباً إنك بي تعمله
وإذا أحسنتُ فعلاً فأنا / بك ربي أدباً أوصله
وأنا الفاعل في هذا وذا / ظاهراً والكشف ما يقبله
أنا أسعى الدهر في تحصيل ما / عالم الأمر أرى يهمله
وأنا من عالم الخلقِ وقد / حزته كشفاً وما أمهله
فيراني في الذي أعلمه / إنه بي وبه أعجله
فإذا أخلصه لي قلت لا / إنما منه لنا مجمله

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025