المجموع : 44
غادَروني بِالأَثيلِ وَالنَقا
غادَروني بِالأَثيلِ وَالنَقا / أَسكُبُ الدَمعَ وَأَشكو الحُرَقا
بِأَبي مَن ذُبتُ فيهِ كَمَداً / بِأَبي مَن مُتُّ مِنهُ فَرَقا
حُمرَةُ الحَجلَةِ في وَجنَتِهِ / وَضَحُ الصُبحِ يُناغي الشَفَقا
قَوَّضَ الصَبرُ فَطَنَّبَ الأَسى / وَأَنا ما بَينَ هذَينِ لَقا
مَن لِبَثّي مَن لِوَجدي دُلَّني / مَن لِحُزني مِن لِصَبٍّ عَشِقا
كُلَّما ضَنَّت تَباريحُ الهَوى / فَضَحَ الدَمعُ الجَوى وَالأَرَقا
فَإِذا قُلتُ هَبوا لي نَظرَةً / قيلَ ما تُمنَعُ إِلّا شَفَقا
ما عَسى تُغنيكَ مِنهُم نَظرَةٌ / هِيَ إِلّا لَمحُ بَرقٍ بَرَقا
لَستُ أَنسى إِذ حَدا الحادي بِهِم / يَطلُبُ البَينَ وَيَبغي الأَبرَقا
نَعَقَت أَغرِبَةُ البَينِ بِهِم / لا رَعى اللَهُ غُراباً نَعَقا
ما غُرابُ البَينِ إِلّا جَمَلٌ / سارَ بِالأَحبابِ نَصّاً عَنَقا
بِأَثيلاتِ النَقا سِربُ قَطا
بِأَثيلاتِ النَقا سِربُ قَطا / ضَرَبَ الحُسنُ عَلَيها طُنُبا
وَبِأَجوازِ الفَلا مِن إِضَمٍ / نَعَمٌ تَرعى عَلَيها وَظِبا
يا خَليلَيَّ قِفا وَاِستَنطِقا / رَسمَ دارٍ بَعدَهُم قَد خَرِبا
وَاِندُبا قَلبَ فَتىً فارَقَهُ / يَومَ بانوا وَاِبكِيا وَاِنتَحِبا
عَلَّهُ يُخبِرُ حَيثُ يَمَّموا / أَلِجَرعاءِ الحِمى أَول لِقَبا
رَحَلوا العيسَ وَلَم أَشعُر بِهِم / أَلِسَهوٍ كانَ أَم طَرفٌ نَبا
لَم يَكُن ذاكَ وَلا هذا وَما / كانَ إِلّا وَلَهٌ قَد غَلَبا
يا هُموماً شَرَدَت وَاِفتَرَقَت / خَلفَهُم تَطلُبُهُم أَيدي سَبا
أَيَّ ريحٍ نَسَمَت ناديتُها / يا شَمالٌ يا جَنوبٌ يا صَبا
هَل لَدَيكُم خَبَرٌ مِمّا نَبا / قَد لَقينا مِن نَواهُم نَصَبا
أَسنَدَت ريحُ الصَبا أَخبارَها / عَن نَباتِ الشيحِ عَن زَهرِ الرُبى
إِنَّ مَن أَمرَضَهُ داءُ الهَوى / فَليُعَلَّل بِأَحاديثِ الصِبا
ثُمَّ قالَت يا شَمالُ خَبِّري / مِثلَ ما خَبَّرتُهُ أَو أَعجَبا
ثُمَّ أَنتِ يا جَنوبُ حَدِّثي / مِثلَ ما حَدَّثتُهُ أَو أَعذَبا
قالَتِ الشَمالُ عِندي فَرَجٌ / شارَكَت فيهِ الشَمالُ الأَزيَبا
كُلُّ سَوءٍ في هَواهُم حَسُنا / وَعَذابي بِرِضاهُم عَذُبا
فَإِلى ما وَعَلى ما وَلَمّا / تَشتَكي البَثَّ وَتَشكو الوَصَبا
وَإِذا ما وَعَدوكُم ما تَرى / بَرقَهُ إِلّا بَريقاً خُلَّبا
رَقَمَ الغيمُ عَلى رَدنِ الغَما / مِن سَنا البَرقِ طِرازاً مُذهَبا
فَجَرَت أَدمُعُها مِنها عَلى / صَحنِ خَدَّيها فَأَذكَت لَهَبا
وَرَدةٌ نابِتَةٌ مِن أَدمُعٍ / نَرجِسٌ تُمطِرُ غَيثاً عَجَبا
وَمَتى رُمتَ جَناها أَرسَلَت / عِطفَ صُدغَيها عَلَيها عَقرَبا
تُشرِقُ الشَمسُ إِذا ما اِبتَسَمَت / رَبَّ ما أَنوَرَ ذاكَ الحَبَبا
يَطلُعُ اللَيلُ إِذا ما أَسدَلَت / فاحِماً جَثلاً أَثيثاً غَيهَبا
يَتَجارى النَحلُ مَهما تَفلَت / رَبَّ ما أَعذَبَ ذاكَ الشَنَبا
وَإِذا مالَت أَرَتنا فَنَناً / أَو رَنَت سالَت مِن اللَحظِ ظُبى
كَم تُناغي بِالنَقا مِن حاجِرٍ / يا سَليلَ العَرَبِيِّ العُرُبا
أَنا إلّا عَرَبِيٌّ وَلِذا / أَعشَقُ البيضَ وَأَهوى العَرَبا
لا أُبالي شَرَّقَ الوَجدُ بِنا / حَيثُ ما كانَت بِهِ أَو غَرَّبا
كُلَّما قُلتُ أَلا قالوا أَما / وَإِذا ما قُلتُ هَل قالوا أَبى
وَمَتى ما أَنجَدوا أَو أَنهَموا / أَقطَعُ البيدَ أَحُثَّ الطَلَبا
سامِرِيُّ الوَقتِ قَلبي كُلَّما / أَبصَرَ الآثارَ يَبغي المَذهَبا
وَإِذا هُم شَرَّقوا أَو غَرَّبوا / كانَ ذو القَرنَينِ يَقفو السَبَبا
كَم دَعَونا لِوِصالٍ رَغَبا / كَم دَعَونا مِن فِراقٍ رَهَبا
يا بَني الزَوراءِ هذا قَمَرٌ / عِندَكُم لاحَ وَعِندي غَرَبا
حَرَبي وَاللَهِ مِنهُ حَرَبي / كَم أُنادي خَلفَهُ وَاِحرَبا
لَهفَ نَفسي لَهفَ نَفسي لِفَتىً / كُلَّما غَنّى حَمامٌ غَيِّبا
يا خَليلَيَّ أَلِمّا بِالحِمى
يا خَليلَيَّ أَلِمّا بِالحِمى / وَاِطلُبا نَجداً وَذاكَ العَلَما
وَرِدا ماءً بِخَيماتِ اللَوى / وَاِستَظِلّا ضالَها وَالسَلَما
فَإِذا ما جِئتُما وادي مِنىً / فَالَّذي قَلبي بِهِ قَد خَيَّما
أَبلِغا عَنّي تَحِيّاتِ الهَوى / كُلَّ مَن حَلَّ بِهِ أَو سَلَّما
وَاِسمَعا ماذا يُجيبونَ بِهِ / وَاِخبِرا عَن دَنِفِ القَلبِ بِما
يَشتَكيهِ مِن صَباباتِ الهَوى / مُعلِناً مُستَخبِراً مُستَفهِما
يا أُولي الأَلبابِ يا أولي النُهى
يا أُولي الأَلبابِ يا أولي النُهى / هِمتُ ما بينَ المَهاةِ وَالمَها
مَن سَها عَن السُها فَما سَها / مَن سَها عَنِ المَهاةِ قَد سَها
سِر بِهِ بِسِربِهِ لِسِربِهِ / فَاللُهى تَفتَحُ بِالحَمدِ اللَها
إِنَّها مِن فَتَياتٍ عُرُبٍ / مِن بَناتِ الفُرسِ أَصلاً إِنَّها
نَظَمَ الحُسنُ مِن الدُرِّ لَها / أَشنَباً أَبيَضَ صافي كَالمَها
رابَني مِنها سُفورٌ راعَني / عِندَهُ مِنها جَمالٌ وَبَها
فَأَنا ذو المَوتَتَينِ مِنهُما / هكَذا القُرآنُ قَد جاءَ بِها
قُلتُ ما بالُ سُفورٍ راعَني / مَوعِدُ الأَقوامِ إِشراقُ المَها
قُلتُ إِنّي في حِمىً مِن فاحِمٍ / ساتِراً فَلتُرسِليهِ عِندَها
شِعرُنا هذا بِلا قافِيَةٍ / إِنَّما قًصدِيَ مِنهُ حَرفُ ها
غَرَضي لَفظَةُ ها مِن أَجلِها / لَستُ أَهوى البَيعَ إِلّا ها وَها
نحن سرُّ الأزليّ
نحن سرُّ الأزليّ / بالوجودِ الأبديّ
إذ ورثنا خُلق المظا / هر فينا الهاشميّ
واعتلينا واستوينا / بالمقامِ القدسيّ
ووهبنا ما وهبنا / سرّ بدرِ الحبشيّ
وبعثناه رسولاً / للرئيس الندسيّ
بكتاب رقمته / كفُّ ذاتِ الحكميّ
بعلومٍ وسمتها / موقع النجم العليّ
ومطالعُ هلا / لين بأفق قطبيّ
حرّضَ الناس على ني / ل الوجودِ العمليّ
ونهايات التلقي / بالمقام الخلقيّ
ومشت أسماءُ ذاتي / في وضيعٍ وعليّ
فالذي آمن منهم / لم يزل حّياً بحيّ
والذي أعرض منهم / لم يفز منا بشيّ
نحنُ حزبُ الله مَنْ يلحقنا
نحنُ حزبُ الله مَنْ يلحقنا / جدُّنا جدُّ وجدُّ هزلُنا
أشهد الأسرار من أحبابه / من يشاء ولها أشهدنا
فمتى أدرككم فينا عمى / سائلوا عنا الذي يعرفنا
ذاكُم الله عظيمٌ جدَّه / يمنحُ الأسرارَ مَنْ شاء بنا
ما أماكُنا رجالاً هتفتْ / بهم الوُرقُ بدوحاتِ منى
فرمينا جمرةَ الكونِ بها / فَرمَينْا بمريشات الفنا
وازْدلفنا زُلفةَ الجمع فهل / أسمع القوم مناجاة المنى
يا عبادي هل رأيتم ما أرى / يا عبادي هل بنا أنتم أنا
خرسَ القوم وقالوا ربنا / أنت مولانا ونحن القرنا
يا عباد الله سمعاً إنني / روح مولاكم أمين الأمنا
أنا ماحي الكون من أسراركم / أنا سرُّ الكنز ما الكنز أنا
أنا جبريلُ هذي حكمتي / فاقرأوها تكشفوا ما كَمنا
جئتُ بالتوحيد كي أرشدكم / فاقتنوا أنفسكم من أجلنا
وخذوا عني فيكم عجباً / تجدوا السرَّ لديه علنا
ميزوا الأحوال في أنفسكم / لا تكونوا كدعيٍّ فتنا
عن صحو العبد سكران بدا / عالم الأمرِ له فافتنا
كما أن المحو دعوى إن بدت / في محياه علامات الوَنَا
قل إن المثبتِ في أحواله / طبتَ بالحق فكنتَ المأمنا
ليست الهيبة خوفاً إنها / أدبٌ يعربه العذب الجنى
حالُها الإطراقُ من غير بكا / ووجودُ الجهدِ من غير عِنا
وحليفُ الأنسِ طلقٌ وجهه / إنْ تدلَّى لحبيب ودَنَا
يرشد الخَلقَ ويبدي رسمَه / شاكراً واستمعوا إن أذنا
صاحبُ القبض غريبٌ مفردٌ / إن رأى بسطاً عليه حزنا
وخليلُ البسطِ يخفي غيرةً / ضرّ باديه ويبدي المننا
لا تراه الدّهرَ إلا ضاحكاً / تبصر الحْسنَ به قد قرنا
صاحب الهمة في إسرائه / سائر قد ذبَّ عنه الوَسَنا
صاحبُ التوحيد أعمى أخرسُ / لا أنا قال ولا أيضاً أنا
يا عبيد النفسِ ما هذا العمى / لم تزالوا تعبدون الوثنا
سقتم الظاهر من أحوالكم / ما لنا منكم سوى ما بطنا
فاقتنوا للعلم من أعمالكم / علم فتحٍ واشربوه لبنا
واخرجوا بالموت عن أنفسكم / تبصروا الحقَّ بكم مقترنا
وانظروا ما لاح في غيركم / تجدوه فيكم قد ضمنا
اختلسنا من كراما
اختلسنا من كراما / تِ الكيان الأبديّ
وجينا بمقاما / تِ العيان الأزليّ
ورفعنا عن تكالي / فِ الوجود العمليّ
لمضاهاة استواء / فوق عرشٍ فلكيّ
فرأينا من تعالى / بالوجود الخلقيّ
في لطيفٍ ملكيّ / وكثيف بشريّ
وسألناه بأسرا / رِ المقامِ القدسيّ
نيل ما قد نحن نل / ناه لبدرِ الحبشيِّ
كان لي قلبٌ فلما ارتحل
كان لي قلبٌ فلما ارتحل / بقي الجسمُ محلّ العِلل
كان بدراً طالعاً إذ أتى / مغرب التوحيد ثم أفل
زاده شوقاً إلى ربّه / صاحبُ الصعقة يومَ الجبل
لم يزل يشكو الجوى والنوى / ليلةَ الإثنين حتى اتصل
فدنا من حضرةٍ لم تزل / تهبُ الأرواحَ سرّ الأزلْ
قرعَ الأبوابَ لمّا دنا / قيل من أنت فقال الحجل
قيل أهلاً سعة مرحباً / فُتح البابُ فلما دخل
خرَّ في حضرته ساجداً / وانمحى رسم البقا وانسجل
وشكا العهد فجاء النِدا / يا عبيدي زال وقتُ العمل
رأسك ارفع هذه حضرتي / وأنا الحقُّ فلا تنتعل
رأسك ارفع ما الذي تبتغي / قلت مولاي حلولُ الأجل
قال سجني قال مت واعلمن / أنّ في السجنِ بلوغَ الأمل
يا فؤادي قد وصلت له / قل له قولَ حبيبٍ مُدِل
لولا ذاتي لم يصح استوى / وبنوري صح ضربُ المثَل
أنا ورقاءُ المثاني
أنا ورقاءُ المثاني / مَسكني رَوضُ المعاني
أنا عينٌ في العيانِ / ليس لي غيرُ المثاني
فيناديني يا ثاني / وأنا لستُ بثاني
ينتهي إلى وجودي / كلُّ شيءٍ في الكيان
أنا أتلو من تسامتْ / ذاتُه عنِ العيانِ
لي حكمٌ مُستفادٌ / في الأقاصي والأداني
ليس لي مثل سوى من / شانُه يشبه شاني
فانتقد إن كنتَ تبغي / ما أتى به لساني
من رقائقَ تدلَّتْ / بحقائقَ حسانِ
لقلوبٍ قد تولَّتْ / عن زخارفِ الجِنانِ
طالباتٍ من تعالى / عن تصاريفِ الزمانِ
فهو الفردُ المعلى / ما له في الحكمِ ثاني
وهو الذي اجتباني / وهو الذي اصطفاني
وأقامني عَديلاً / بين دنٍّ ودِنانِ
فأُقاصي كلَّ قاصٍ / وأُداني كلَّ داني
وأُوالي كلَّ والٍ / وأُعاني كلَّ عاني
فإذا هَويت سَفلاً / فبروجُ السَّرَيانِ
وإذا صعدتُ عُلواً / فلتحليل المباني
فأنا أعطي المعاني / وأنا أخلي المغاني
فأنا السِّرُّ المسوَّى
فأنا السِّرُّ المسوَّى / خلْقُه بلا بَنانِ
رَتَّب الأمور فيه / خالقي لما بناني
فأنا صخرٌ ومني / تتفجر المعاني
وأنا مع العوالي / مثلُ أفراسِ الدهانِ
وأنا الذي توارى / جسمه عن العيانِ
والذي أجبتُ ربّي / طائعاً لما دعاني
فالذي يرى وجودي / لتصاريفِ الزمانِ
كفؤادِ أمِّ موسى / فارغاً منَ المعاني
فهو الخليُّ حقاً / من حقائقِ البيان
فأنا أصلُ المعاني / وأنا أُسُّ الأغاني
وأنا سرُّ إمام / فاضلٍ سامي المكانِ
عِلمُه أكمل علم / شانُه أعظم شان
هامَ بي لمّا رآني / في مقاصرِ الجنانِ
لا أسميه فإني / خائف حدَّ السِّنانِ
والذي يفهمُ قولي / هو صخر بن سِنان
أكرمُ الوجودِ كفّاً / ثابتٌ عند الطِّعان
فأنا والأمُّ والجدّ / ةُ والجدُّ المعاني
في وجودِنا من الجو / دِ معاً بلا زمانِ
مثل ما لاح لعينٍ / في الهوى بَرقٌ يماني
نطح الغفرُ بُطيناً زابنا
نطح الغفرُ بُطيناً زابنا / والثريا كُللت بالأفقِ
دبر القلب بهقعاتٍ على / شَولةٍ طالعةٍ بالمشرق
هَنعة الأنعام في أفلاكها / ذرعت بلدتها في الغَسَقِ
نثرةُ الذابحِ للطرفِ رات / بلعاً يشكو كمينَ الحُرَق
جبهةُ السعد إذا ما زَبَرَتْ / علمها وسط خباءٍ أزرق
صَرفَ المقدمُ عَوَّاء له / مؤخر يثقله في الطرق
وسماك سَبحتْ أرجلُه / رِشاءٍ طالعٍ كالزورَق
أنا عنقاءُ الوجودِ المشترك
أنا عنقاءُ الوجودِ المشترك / قدّستْ ذاتي عن حبسِ الشّرك
أنا مثن والمثاني صفتي / وأنا الثاني لسرّ مُشترك
صَيَّر الأعيان عيناً واحداً
صَيَّر الأعيان عيناً واحداً / فوجودُ الحقِّ في نفي العدد
لبستْ جاريةٌ من يدنا
لبستْ جاريةٌ من يدنا / خرقةً نالت بها عينَ الكمالِ
خرقةً دينيةً عُلوية / ألحقتْها بمقاماتِ الرجالِ
وكذاك الله قد ألبسها / ثوبَ عزٍّ وقبولٍ وجَمالِ
وضياءٍ وسناءٍ وسنا / واعتدالٍ وبَهاءٍ وجلالِ
كلَّما أبصرتُها غيَّبني / ما أرى من حسن دَلٍّ ودلالِ
حَفِظَ الله عليها عهدها / وعلينا حفظُها طولَ الليالي
سألتنا شرفَ نلبسها
سألتنا شرفَ نلبسها / خرقةَ القومِ على شرطِ الوفا
حين تابتْ عندنا من كل ما / كان منها قبل هذا سلفا
فأجبناها إلى ما سألت / باعتقادٍ وودادٍ وصفا
وأمرناها بأن تلبسها / كل من كان بخير عرفا
هي لمّا لبستُها سبَّحتْ / حسبي الله تعالى وكفى
وأتتْ تلثم نعلي خدمةً / ولقد كان لنا فيه شفا
ولقد عانقتُ منها غُصناً / يخجلُ الغصن إذا ما انعطفا
وارتشفنا ريقةً مسكينةً / تخجل الشَّهدَ إذا ما ارتشفا
ما أتينا محرَماً نحذره / بل أتينا فيه ما الله عفا
فانظروا المعنى الذي أرمزه / في كلامي تجدوه في الوفا
لبستْ صَفيةُ بنتُ ابنتِنا
لبستْ صَفيةُ بنتُ ابنتِنا / خِرقةً ضمنْتها كلَّ المنى
مثل ما ضمَّ من الخيرلنا / زمنَ الرمي بأيامِ منى
وسألتُ الله أن يعصمها / من أذى النفس ومن كل خنا
يومَ تُجزى كلُّ نفسٍ سعيها / ولنا أيضاً هناكم وهنا
وسألت الله أن ينبتها / مثل ما قال نباتاً حسنا
في أمانٍ وانتظام بهدى / واغتباطٍ بسرورٍ وهَنا
إنَّ هذا لهو السحر الحلال
إنَّ هذا لهو السحر الحلال / أين أنتم أين أنتم يا رجالْ
اشربوه لبناً من ضرعنا / شربَ صادٍ وجد الماءَ الزُّلالْ
يشبه المعجز في معدنه / يا لثاراتٍ لأمر لا يُنالْ
باكتساب أنه من قول مَنْ / قال بالإسكان في عين المحالْ
هو ظل للذي تعرفه / ولهذا حكمه حكم الظلال
ما كمالُ الشخصِ إلا ظله / إنْ بالظلِّ له عينُ الكمال
ولهذا مدَّه الله لنا / فنراه عندنا ضربَ مِثال
يتعالى الله عن إدراكنا / وكذا نحن جلال في جمال
إننما العلم به العلمُ بنا / فلذا نجهله في كل حال
في رجوعِ الظلِّ علمٌ واضحٌ / حكمة الظلِّ ترى عند الزوال
ما لقومي عن حديثي في عما
ما لقومي عن حديثي في عما / ثم قالوا نحن فيكم علما
صَدقوا في نصف ما قالوا وما / صَدقوا في نصفه الثاني لِما
يقتضيه حكمُ ما جئتُ به / من علومٍ جهلتها الحكما
عزَّ علمُ الذَّوقِ أنْ يدركه / عالم جانبنا ما احترما
ولهذا يخطىء الحكمَ الذي / يطلبُ الحال إذا ما حكما
تضحك الأزهار بالأرض إذا / بكت الزهر التي فوق السما
وكذا العلمُ الذي أظهره / عندنا تضحكُ منه العُلما
عُلماء السَّوء لا كانوا ولا / كانوا بالتقوى لديه كرما
إن شخصاً جهلَ الأمرِ الذي / قلت في نظمي هذا في عما
إنما الكيِّس مَن دانَ به / نفسَه حين أراه القدما
قدم الصدق الذي نعرفه / كلُّ من يشهده محتكما
فترى الحقَّ كما أنزله / في نزولٍ واستواء وعما
وإذا كان وجودي عينه / لم أزل في عين كوني عدم
أعلم الله الذي نحن به / من أمور لوحه والقلما
حين أجرى الحياة نهراً / من بخارٍ فيه سماه دما
عجباً إني على صورته / ولذا أصبح أمري مبهما
فله التنزيه عن وصفي وقد / جاء في القرآن علماً محكما
هو في الأرض ِإله قادر / ومعي في كلِّ وجه وسما
أمهلوا ما أهملوا إنهم / عندنا والله قومٌ حكما
حين أبقونا وفي عقدهم / أنهم فينا رؤوسٌ زُعما
إنما نحن عبيدٌ كلنا / عندنا وعندهم ليس كما
قلتُ فيهم إنهم قد زعموا / أكذبَ الله الذي قد زعما
في كتابِ الله إذ جاء به / مُخبراً عنهم لهم مستفهما
ما لمنْ أبصرني
ما لمنْ أبصرني / غيرُ ما أبصرُهْ
فله مني الذي / بعد ذا أذكرُه
شجي قام به / وأنا أستُره
بل هو المعنى الذي / لم أزل أظهره
وبدا منه لهم / خبرٌ أكبره
وأبى العقلُ الذي / ما إلي مخبره
وإن إيمانَ الورى / في الورى معبَرُهْ
فبه أسمعه / وبه أبصرهْ
قدمي ساعية / وهي بي تظهره
ويدي باطشة / فأنا مصدرُه
فاكتم الأمر الذي / قلتُ لا تشهره
طابَ ذوقاً عندنا / جملة مخبرِه
مثلَ ما طابَ لنا / خبراً أكبرُه
أنه ليس بهو / والهَو لا يحصره
فإذا قلت أنا / فأنا أشعره
أنني لستُ أنا / وأنا مظهرُه
إنّ ذا الهو المقا / م الذي يبهره
إن تجلى بأنا / فأنا أفقره
أو تجليتُ به / وهو لا ينكره
قام بي نعتُ الغنى / وأنا أنكره
ثم عن هذا أو ذا / علمنا يكبرُه
واحد العين الذي نعرفه
واحد العين الذي نعرفه / وكثير الحكم ما نجهلُه
عدّدت أحكامه آثاره / وهو العلمُ الذي يقبله
فإذا ما قلت هذا عملي / قال لا إني أنا أعمله
قلت أهلاً فلماذا قلتَ لي / أنت رهن بالذي تفعله
ثم تنفي الفعل عني وأنا / في جهادٍ في الذي أبذله
ولقد أعلم قطعاً أنكم / أنت علاَّمٌ بما أجهله
الذي أجمله تجمله / والذي تجملُ ما أجمله
فإذا قبحتُ فعلاً لم أقل / أدباً إنك بي تعمله
وإذا أحسنتُ فعلاً فأنا / بك ربي أدباً أوصله
وأنا الفاعل في هذا وذا / ظاهراً والكشف ما يقبله
أنا أسعى الدهر في تحصيل ما / عالم الأمر أرى يهمله
وأنا من عالم الخلقِ وقد / حزته كشفاً وما أمهله
فيراني في الذي أعلمه / إنه بي وبه أعجله
فإذا أخلصه لي قلت لا / إنما منه لنا مجمله