المجموع : 8
هات حدّثني فقد طاب السمر
هات حدّثني فقد طاب السمر / و أنر ظلمة نفسي يا قمر
سور الحسن فلا تبخل بها / إنّ للشاعر ألحان السور
أنا نشوان و من خمر الهوى / قد ترشّفت رحيقا بابليّا
سكرة الحبّ في عهد الصبا / كيف لا يعذر من كان صبيّا
في ظلال الورد أحسو خمرتي / مشركا في كأسي الزهر النديّا
نهلة منّي و منه نهلة / هكذا نرتشف الكأس هنيّا
لامني الناس على حبّ الطلى / فاعذر الشاعر فيها يا قمر
آه للأزهار من شاعرة / تجهل الأوزان و الشّعر شعور
آه للأزهار في أوراقها / كتب الدّهر روايات العصور
هذه الأغصان هزّتها الصّبا / نضرات كنّ بالأمس خصور
و ثغور الورد في أكمامه / كنّ للغيد المعاطير ثغور
هذه أسرار جنّات الرّبى / فاسمع السرّ وصنه يا قمر
الزغاريد فقد جنّ الإباء
الزغاريد فقد جنّ الإباء / من صفات الله هذي الكبرياء
بأبي العزلاء في غمرتها / آلة الحرب جراح و دماء
بنت مروان اصطفاها ربّها / لا يشاء الله إلاّ ما تشاء
هي في غسان بأس و ندى / و هي في الإسلام فتح و بلاء
جمرة الحق فسبحان الذي / صاغ هذا الجمر من ظل و ماء
الأديم السّمح عطر و رؤى / ربّما أغفى عليه الأنبياء
و على كلّ مكان جدّة / تأسر العين و نعمى و رواء
خالف المشهد فيها جاره / فلدات الحسن شتّى غرباء
كلّ حسن بدعة مفردة / ليس بين الحسن و الحسن إخاء
تندر الأشباه ممّا اختلفت / صور الحسن و تخفى النظراء
ألورود الحمر ذكرى و هوى / و طيوف من جراح الشّهداء
نفحة الصّبح على غوطتنا / خبر عنهم و أطياب المساء
حملت زغردة العرس لكم / فانتشى الأفق و لم يصح الهواء
أيّها الدنيا ارشفي من كأسنا / إنّ عطر الشام من عطر السماء
شهداء الحقّ في جنّتهم / هزّهم للشام وجد و وفاء
تضحك (الرّبوة) في أحلامهم / هل عن الرّبوة في عدن غناء
كلّما هبّت صبا من (دمّر) / رنّح الجنّة طيب و غناء
خيلاء الحقّ في عدن لكم / يغفر الله لقومي الخيلاء
و اعذروا عدنا على غيرتها / إنّها و الشام في الحسن سواء
شهداء الحقّ هل يسكركم / في نعيم الله شعر و غناء
فسلوا الله بما قدّمتم / يكشف الله عم السرّ الغطاء
و إذا الفردوس مجلو على / مفرق الشمس فما فيه خفاء
عربيّ الدّار و الأهل معا / و الرحيق المشتهى و الندماء
حمحمات الخيل في أفيائه / و قرى الضيف و ترجيع الحداء
عمر الفردوس ظلا و قرى / و تجلّى للوفود الخلفاء
آل مروان جلال و ندى / و بنو العبّاس هدي و ضياء
متصافين على نعمائه / ليس في الجنّة إلاّ الأصفياء
سكب الله على أحقادهم / من نديّ الحبّ ما شاؤوا و شاء
و على السدّة قحطانية / جلي الملك و قيل : الشعراء
و تغّنيت فمرّت صور / لذّة الأحلام من دنيا الفناء
كلّما سلسلت من ألحانها / مسحوا الدمع على فضل الرّداء
أنت ميراث لنا من عمر / يسأل الديّان عنه الورثاء
يا فلسطين هوى مسعر / من ربى الشام و نصر و ولاء
و تحيّات الرضى من دجلة / و سلام الله من غار حراء
أين من ثأرك و الثأر دم / خالد الفتح و أين الأمراء
اليهود استأسدوا فيك فمن / جرّأ الضعف و أشلى الضعفاء
هان عن شكواي عبدان العصا / أنا أشكو من عهود الحلفاء
و تغنّيت فجنّت طربا / أريحيات و نعمى و حياء
جنّة الفردوس أنتم أهلها / و سواكم في حماها غرباء
أنا أشعاري من أحسابكم / غرر الأحساب و الشعر وضاء
هفت الحور و ألقت خمرها / أين رضوان و أين الرقباء
كلّ حوراء على أجفانها / يحلم السّحر و يغفو الإشتهاء
تمّ صفو الدّهر لولا محنة / في فلسطين و بلوى و شقاء
يا ربى القدس و ما أندى الرّبى / دمنا فيها ربيع و نماء
هذه الأطياف في جنّاتها / أريحيّات الجدود القدماء
همس الفردوس هل من نبأ / عن ربى الغوطة معسول الرّجاء
و نعم عندي بشرى عطّرت / بالزغاريد وجوه البشراء
إنتزعنا الملك من غاصبه / و كتبنا بالدم الغمر الجلاء
و سقانا كأسه مترعة / و سقينا و في الكأس امتلاء
و اقتحمنا حديدا و لظى / و جزيناه اعتداء باعتداء
سكرت ممّا ارتوت من دمه / غصص حرّى و ثارات ظماء
كلّما جدّل منّا بطل / زغردت في زحمة الهول النّساء
الظباء الأمويّات و في / خدرها الدّنيا : حمى الله الظّباء
كلّما نادين فتيان الحمى / كبّر الفتيان و ارتدّ النداء
نحن للغوطة في الجلّى فدى / و لهذا الكحل في العين فداء
سقت الجرحى فلم يظمأ فتى / رشف الكوثر من هذا السقاء
شهداء الحقّ لا أبكيكم / جلّت الغوطة عن ضعف البكاء
جلّ هذا الدم أن يرثى له / عار سفّاكيه أولى بالرّثاء
الرّبى في ميسلون استعبرت / أين دمع الحزن من دمع الهناء
أقبل الدّهر عليها تائبا / وعفا يوسف عن جور القضاء
يا ظباء الأمويّين اضحكي / تضحك الدّنيا و يغمرها الصفاء
و اغمزي الأنجم هذي أعين / شأنها في الدّهر لمح و اجتلاء
أعين حبّك قد سهّدها / فاغمريها بالمنى تغف السّماء
و على السدّة و النقع دجى / أموي الفتح مرموق البهاء
من عليّ فيه طهر و هدى / و من الفاروق بأس و مضاء
كيف أنسى يا زعيمي ليلة / عصفت نيرانها بالأبرياء
غوطة الشام جحيم فائر / و الميادين طعان و رماء
ما شكى الشاكون فيها ظمأ / أكؤس الحقد روّيات ملاء
ملك الطاغي الثنايا عنوة / و استحرّ القتل و اشتدّ البلاء
و تجارى الأمويّون إلى / غمرة الموت و فاز السعداء
جنّت النّخوة قحطانيّة / و هي عزلاء و جنّ الأقوياء
تخرس الأنباء ممّا حملت / فهي همس في شفاه السّفراء
عنف باريس شجاني أمره / بدعة الأقدار عنف الجبناء
قد عذرناهم على غدرهم / و استرحنا و استراح الطلقاء
سهّل الغدر على صاحبه / أنّه من كلف المجد براء
لم ينل من عزمك اليأس و لا / عنت الدّهر و لا الدّاء العياء
بورك الإيمان نورا و هدى / نعمة الله و سرّ العظماء
يصنع الدنيا و لا تصنعها / صور العقل و ألوان الدّهاء
كتب الله لك النّصر به / فعلى الظلاّم و الظلم العفاء
حقّ يوم الشام أن تكتبه / قدرة الله على وجه ذكاء
هذه الأرض لفرسانكم / ولعقبانكم هذا الفضاء
ملك مروان لكم وحدكم / قد جلا الإيمان كلّ الشركاء
الغد الميمون في الدنيا لكم / فاقتحم يا جيش و اخفق يا لواء
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ / أنت أولى بالهوى و الشّعر منّي
لك سحر مثل سحري عجب / أترى عندك حزنا مثل حزني
فترنّم بأناشيد الهوى / ناعما ما شئت من غصن لغصن
و تعلّم كيف يبكي شاعر / ضاع ما بين صدود و تجنّ
إنّما الدنيا و في أمثالها / عبر الدنيا و أصداء التمنّي
غارة لم أهيّب جمرها / فنبا سيفي و لم يسلم مجنّي
ربّ دهياء أناخت بالحمى / -غاب حاميه و خطب مرجحنّ
بين سمع و عيان ليتني / لا ترى عيني و لا تسمع أذني
ما على لحني و قد أرسلته / يلهب الدنيا على الغاضب لحني
فإذا لم أستثرها همما / لا ورى زندي و لا ظلّل ركني
غنّ يا بلبل فوق الدوح غنّ / أنت أولى بالهوى و الشعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ / أيّها الطير دروس الهمّ عنّي
تاج هارون خبا لألاؤه / فبكت دجلة حزنا و الفرات
وذرى الزّهراء خرّت بعدما / طاولت زهر النجوم النيّرات
وبنو مروان ولّوا وانطووا / و تخلّوا عن متون الصافنات
قل لجيش الروم ماذا تتّقي / طاح ريب الدهر غدرا بالغزاة
لا بنو العبّاس في زخم الوغى / لا ولا أبناء حمدان الأباة
عقلت بين خيام المنحنى / و الفراتين عتاق السابقات
و هي الأسياف في أغمادها / صدئت يا ويلتي للمرهفات !
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ / أنت أولى بالهوى والشعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ / أيّها الطير دروس الهمّ عنّي
قف على اليرموك و اخشع باكيا / و تيمّم من صعيد القادسيّة
تربة طيبة طاهرة / و قبور من حيا الدمع رويّه
ها هنا مثوى الصناديد الألى / قد لووا قسرا عنان الجاهليّة
دوّخوا الروم وثلّوا عرشها / وطووا حمر البنود الفارسيّة
و قضوا الأحجار والثمه ثرى / طاهرا واعقر على القبر المطيّة
يا قبورا محيت واندثرت / أنت نبراس الهدى والوطنيّة
لك من دمعي إذا ضنّ الحيا / ديمة تبكي ووطفاء روّيه
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ / أنت أولى بالهوى والشّعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ / أيّها الطير دروس الهمّ عنّي
قد رأوا ليلاي تذري دمعها / كرّم الله الدموع الطاهره
حرس الله جفونا عطّرت / بالندى تلك الخدود الناضره
كفكفي دمعك لا يشهده / ناظر حتى النجوم الزاهره
إنّ لي يا ابنة ودّي همّة / تخضد الخطب ونفسا ثائره
وأراني في غد مقتحما / مستظلا بالسيوف الباتره
ملقيا نفسي في غمرتها / كيفما دارت هناك الدائره
فإذا متّ غريبا نائيا / و أنا في التسع بعد العاشره
أذكريني واحفطي عهد الهوى / واندبي شؤم الجدود العاثره
لست تالله محبّا غادرا / لا تكوني بعد موتي غادره
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ / أنت أولى بالهوى والشعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ / أيهّا الطير دروس الهمّ عني
خلق الشاعر و البؤس معا
خلق الشاعر و البؤس معا / فهما خلاّن لم يفترقا
ذهب العمر و لم تمسك بدي / بين أترابي صفيّا أو خليلا
أنا في الكون شقيّ حائر / لا أرى نورا و لا أهدى سبيلا
أنا طير لم يغرّد فاسمعوا / بالدجى منه نواحا و عويلا
أنا إنسان غريب أمره / شرب السمّ و عاف السلسبيلا
أنا روح حرّة طائرة / رضيت بين الراري مقيلا
تومق الدنيا فتبكي جزعا / و تناجي أهلها جيلا فجيلا
شاركت في الحزن من ذاق الأسى / و أبت حين نوى الإلف الرحيلا
بورك الحبّ و ما أعدله / ملك الروح و لم ينس الهيولي
قد سرى في الكون حتّى لم يدع / في قلوب الناس قلبا مغلقا
هو حزن هادئ في غبطة / و هو لو ذقت نعيم في شقا
إيه يا موج سلاما هكذا / يرسل الصبّ مع الموج سلامه
مرّ بي الدهر فأدمى مقلتي / بعد أن اثبت في قلبي سهامه
لم يغيّرني سقاما و هوى / إن يكن غيّرني وجها و قامه
هات حدّثني عن العهد الذي / كان في ثغر لياليّ ابتسامه
لا أرى من بعد عشرين مضت / عجبا إن عاود القلب غرامه
ذكر الشام سقاها صيّب / طاهر المزن وحيّتها غمامه
لا تلمه حين يصفيها الهوى / إنّما الشام بوجه الدّهر شامه
كيف لم أقض حنينا وأسى / يوم فارقت برغمي جلّقا
للّقا : قالت : و من أعلمها / أنّني أحيا إلى يوم اللّقا
أنشقي أزهار شعري غضّة / إنّني ألقيتها بين يديك
و اعذريني حين أبكي و اذرفي / دمعة طاهرة من مقلتيك
حرت في الحبّ إلى أن لاح لي / سرّه مجتجبا في ناظريك
قوّة قاهرة تجذبني / حيثما يمّمت مضطرّا إليك
هذه الموجة فرّت بعدما / قبّلت بالسرّ إحدى قدميك
لا تلوميها فما في قبلة / طهرت إثم عليها أو عليك
و نسيم الصبح ما أسعده / حين ترويه حميّا شفتيك
ويح شنفيك قد اهتزّا هوى / حينما شمّا الشذى من وجنتيك
كلّ ما في الكون يهواك فهل / حلية الزندين تهوى معصميك
إنّ في نهديك طيبا عبقا / أنشقي الشاعر هذا العبقا
و اذكري الشاعر و البؤس معا / فهما خلاّن لم يفترقا
بلبلي مات حبيسا باكيا
بلبلي مات حبيسا باكيا / لوعة الشعر على ذاك الحبيس
فقد الصبح أناشيد الهوى / بعده و أنفرط العقد النفيس
عطّلوا المجلس يا سمّاره / و أريقوا يا نداماي الكؤوس
قد قضى اليوم جليسي و مضى / لا تطيب الخمر من غير جليس
ما لأغصان الرّبى من بعده / تتهادى عاريات و تميس
و عروس الزهر هل يضحكها / مشرق الشمس و قد مات العريس
ويل أمّ الظلم ثكلى دائما / فنيت طسم و لم تبق جديس
إنّما الدّنيا لمن كافحها / و مشى مستلئما وسط الخميس
بلبلي مات و لم تنج به / وصفة الرازي ولا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى / و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا ما الذي / أبقت الأحزان منّي للميس
عاش ما عاش طليقا بالربى / و الربى حسن و لون و عبير
يتغنّى بأناشيد الهوى / ناعما بالعمر و العمر قصير
يرسل الأشعار في الأيك كما / أرسل الشعر حبيب و جرير
فغدا اليوم أسيرا بعدما / كان حرا بين روض و غدير
إرحموه و اعطفوا ما شئتم / فأحقّ الناس بالعطف الأسير
هو يبكي و أنا أبكي أسى / و كلانا ذو شجون و شعور
من لباب البرّ قد أطعمته / و لقد أرشفته الماء النمير
و كسوت القفص الرحب الذرى / بالقباطيّ الموشّى و الحرير
غير أنّ الطير فاضت روحه / بين حزن و شهيق و زفير
بلبلي مات و لم تنجع به / وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى / و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عني لميسا ما الذي / ابقت الأحزان مني للميس
أيّها الصيّاد لا تنصب له / شركا و اسمح بتقطيع الشرك
أيّها الصيّاد ما أعجزه / أيّها الصيّاد بل ما أقدرك
دعه حرا و استمع تغريده / هلّة الصبح و قل : ما أشعرك
دعه حرا فلقد صوّره / خالق الكون الذي قد صوّرك
جارك الأدنى دعاه ظما / و هجير فتفيّا شجرك
أنت سكران و لم تشرب طلا / إنّما البغي الذي أسكرك
تعس الصيّاد من ذي قسوة / جرّب الدنيا طويلا و عرك
مذ رأى البلبل في غفلته / صوّب السهم إليه و برك
فارتمى الطير صريعا و هوى / تاركا أفراخه فيما ترك
بلبلي مات و لم تنجع به / وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى / و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا ما الذي / ابقت الأحزان منّي للميس
ابن أمي فرّ لا يلوي به
ابن أمي فرّ لا يلوي به / مجتلى بدر و لا لألاء شمس
حازه الدّهر و مرّت فوقه / لجج أخطأها عدّي و حدسي
يا لأمسي و هو يجتاز المدى / بين أشباح من الأيّام خرس
مرّ في الآباد فاستوقفه / من لييلات شبابي ألف أمس
عرفت فيه أخاها آيبا / من ربوع عافيات الذكر درس
و انتحت فيه مكانا موحشا / هو مع وحشته ذروة رمس
قال أمس هات عن صاحبنا / و ابعث الذكرى فطول العهد ينسي
قد تملّيت به غضّ الصّبى / زير حسناء و ورقاء و كأس
كمنت للغيد في أشعاره / زينة الشيطان من غيّ و رجس
خالعا بردى عفاف و تقى / سادرا يصبح في الغيّ و يمسي
يقطف الحسن على أوراقه / من شفاه عذبة الملمس لعس
قال أمس و أنا عهدي به / نضو أوراد و تسبيح و درس
يعبد الله ففي محرابه / كعبة زهراء من نور و قدس
رضي الصوف فما يعرفه / ... ناعم الخزّ و لا غالي الدمقس
ضحك الأمس فرنّت في الدّجى / ضحكة الثاكل في ليلة عرس
و انثنى يخطب فيهم خطبة / أبلغ المنطق في أعذب جرس
أين ما تروون عن صاحبنا / عري الحقّ فلا عذر للبس
أتقيّ و هو ينفي كلّ ما / لم يؤيّد بيقين أو بحسّ
أخليع و الضنى يسلمه / في ربيع العمر من برء لنكس
هو _ يعفو الله عن آثامه / ساخر صوّر من سقم و يأس
مزّق الحقّ حجابا للدّجى / و انجلت نفسي في النّور لنفسي
ألف أهلا بأمير المؤمنين
ألف أهلا بأمير المؤمنين / سيّد البطحاء و البيت الأمين
مرحبا بالتاج مرموق السنى / و بربّ التاج و العرش المكين
قائد الأبطال شوسا للوغى / حامل الأعباء و الله المعين
بابن أقمار العلى من هاشم / و أبى البيض الملوك الفاتحين
البهاليل الصناديد الألى / رفعوا راية فهر باليمين
يعرف البيت إذا طاف به / أنّه ابن الطائفين العاكفين
يعرف البيت إذا مرّ به / أنّه ابن الطّيبين الطاهرين
تعرف الأستار إذ يلثمها / أنّه ابن الساجدين الراكعين
تعرف البيض و ما أغمدها / أنّه ابن الطاعنين الضاربين
لمن الموكب جبريل به / من جنود الله يمشي من مئين
و من المقبل يعلوه سنّا / من سناء الخلفاء الرّاشدين
شيبة الحمد أرى أم هاشما / أم عليّ الطهر زين العابدين
أم أرى سيّد غمدان مشى / في ظلال البيض وضّاح الجبين
حوّطوا الموكب باسم المصطفى / و بنيه من عيون الحاسدين
و افرشوا الأكباد يمشي فوقها / و اتركوا الورد و خلّوا الياسمين
و انثروا الدمع على موكبه / و دعوا المسك لحور و لعين
أدمع البشر و قد يبكي الفتى / سرّه الدّهر كما يبكي الحزين
و أذنوا للغيد أن تشهده / سافرات في صفوف الشاهدين
سيّد البطحاء في أبنائه / ألف أهلا بالملوك القادمين
تتهادى الأعوجيّات بهم / إنّها تعرف قدر الرّاكبين
ذكرت إذ مسحوا أعرافها / بأكفّ الكرماء المنعمين
هاشما و البيض من أبنائه / ألمطاعين الطوال المطعمين
أيّها الآتي إلينا من ذرى / طالما عطّرها الروح الأمين
بيتك الشام و فيه نخبة / من بنيك الأوفياء الصادقين
بردى حنّ غراما و هوى / للأحبّاء الكرام الهاجرين
و ربى الفيحاء أنّت و شكت / فرقة الأحباب لو يغني الأنين
صاحب التاج أجبني هل أتى / ععرشك العالي حديث الكاذبين
الألى أهدوا إلى التاج الأذى / و أرادوا أن يضلّوا المهتدين
حدّثوا عنك كذابا و افتروا / لا يحبّ الله سعي المفترين
و أتوا بالغشّ لكن أقسموا / أنّهم جاءوا إلينا ناصحين
زعموا أنّك تهوى لندنا / و تحبّ النفر المستعمرين
و تطيع القوم فيما أمروا / و هم تالله شرّ الآمرين
نحن نهواك على رغم العدى / و نجلّ التاج رغم المبغضين
يدك البيضاء لا ننكرها / سوّد الله وجوه المنكرين
لح على عمّان بدرا نوره / يكشف اللّيل و يهدي التّائهين
و على الغوطة أقبل يوسفا / حسنه يجلو عيون النّاظرين
و على بغداد أشرق رحمة / تسعد المأمون فيها و الأمين
وحّد العرب و أسعد أمّة / سادت العالم في ماضي السنين
و أعد أيّام هارون و قد / ملأ الدنيا رجالا و سفين
بردى جفّ و ما في دجلة / نغبة تروي الظماء الواردين
كلّما هبّ نسيم من منى / أيقظ الأشواق و الوجد الدّفين
لم ألن للدّهر لكن زعمت / عاديات الدّهر أنّي سألين
لم أخن لا و الصّفا عهدكم / أيّ خير في وجوه الخائنين
أنا بالروح جواد فاغفروا / زلّتي إن رحت بالدمع ضنين
لا ترى الأعداء دمعي جاريا / إنّني أبغض عطف الشامتين
و أنا شاعركم في موطن / ما لمن و الأكم فيه خدين
ناطق فيكم و لو أنّ الظبى / جرّدت فوق رقاب الناطقين
فتقبّلها عروسا و استمع / ما يثير الشوق و الحبّ الكمين
صنتها عن خاطبيها غادة / لفتى البيت إمام المسلمين
يا صبابا طال عهدي بالهوى
يا صبابا طال عهدي بالهوى / أو ترضين بهذا يا صبايا
إنّ في قلبي زوايا للمنى / هل يثور الحبّ من تلك الزّوايا
أرجعي كأسي يا فاتنتي / إنّ في كأسي من الخمر بقايا
رقدت روحي على أغنيّة / لخيالات الأماني و المنايا
فتلاشت مع صدى أنشودة / فرغت منها إلاهات الخطايا
يا إلهات الهوى لا تغضبي / إنّني قدّمت روحي في الضحايا