المجموع : 19
أيها العاتبُ ما ذا
أيها العاتبُ ما ذا / ك وما اعِرفُ ذنبي
أتظُنُّ الدمعَ دَيْناً / تتقاضاه بعَتبي
إن تكن أنكرت حِفظي / لك وأرتبتَ بحُبيّ
فبعينِ الله يا ظا / لمُ عيناي وقلبي
مَنْ بِسَلْعٍ مُطْلِعٌ لي
مَنْ بِسَلْعٍ مُطْلِعٌ لي / قمرا طال مَغيبُهْ
وأصيلا بالحِمَى نُغِّ / صَ بالعاذل طِيبُهْ
كلُّ شيءٍ حَسَنْ حا / شاك فالعين تُصيبُهْ
عنَّفوا القلبَ على قَا / تِلِه وهو حبيبُهْ
كلُّ جُرْمٍ لك إلا ال / غَدْرَ فالقلبُ وَهُوبُهْ
وأقلُّ الناس ذَنْباً / قادرٌ عُدَّتْ ذنوبُهْ
أُعْجِبَتْ بي بين نادي قَومِها
أُعْجِبَتْ بي بين نادي قَومِها / أُمُّ سعدٍ فمضَتْ تسألُ بي
سَرَّها ما عَلِمتْ من خُلُقي / فأرادتْ عِلمَا ما حَسَبي
لا تخالي نَسَباً يخفِضُني / أنا مَن يُرضيكِ عند النسبِ
قَوْمِيَ استولَوْا على الدهرِ فَتىً / ومَشَوْا فوق رءوسِ الحِقَبِ
عمَّموا بالشمسِ هاماتِهُمُ / وبَنوْا أبياتَهم بالشهُبِ
وأَبى كِسرَى على إيوانهِ / أين في الناس أبٌ مثلُ ابي
سَوْرةُ الملكِ القُدامَى وعَلَى / شَرَفِ الإسلامِ لي والأدبِ
قد قَبستُ المجدَ من خيرِ أبٍ / وقبَستُ الدينَ من خيرِ نبي
وضَممتُ الفخرَ من أطرافِهِ / سوددَ الفرسِ ودينَ العرب
نظرةٌ منكِ ويومٌ بالجَرِيبِ
نظرةٌ منكِ ويومٌ بالجَرِيبِ / حَسْب نفسي من زمانٍ وحبيبِ
فمنَ الواقفُ بي بينكما / جمَعَ الفُوقَ على سهمٍ مُصيبِ
وقفةً لا أشتكي من بعدها / غُلَّةَ الصدرِ ولا ذلَّ الغريبِ
يا ابنة الجمرةِ من ذِي يَزَنٍ / في الصميم العِدِّ والبيتِ الرحيبِ
ما لكم لا أجدبَ اللهُ بكم / يرتعِي جاركُمُ غيرَ الخصيبِ
الجدَي يمنعُه ذو جِدَةٍ / والجنابُ الرحبُ ينبو بالجُنوبِ
ورماحٌ دون أضيافِكُمُ / تأخذُ السالمَ فيكم بالمريبِ
أتَّقيكم والهوى يقدمُ بي / وأغضُّ الصوت والدمعُ يَشِي بي
ومن الشِّقوةِ في زورتِكم / أنّ عينَ الرمح من عينِ الرقيبِ
لا يكن آخِرَ عهدِي بِكُمُ / يا وُلاةَ القلبِ ليلاتُ القليبِ
يا لَمن ينكُص عن غِزلانكم / وهو وثَّابٌ على الليثِ الغضوبِ
ومتى العزُّ وفي أبياتكم / أعينٌ تقهرُ سلطانَ القلوبِ
يا صَبا نجدٍ ويا بانَ الغضا / اُرفُقا بي بالتثنِّي والهبوبِ
واسلما لا مثلَ ما طاحَ دمي / منكما بين نسيمٍ وقضيبِ
قَسَم البينُ فما عدّل بي / غدرةَ الوافي وتبعيدَ القريبِ
وقضى الدهرُ فحالتْ صِبغةٌ / عُدَّ ذنبُ الدهرِ فيها من ذنوبي
وفؤادي يشتكي جَورَ النوى / وعِذارِي يشتكي جَورَ المشيبِ
كم أُدارِي عَنَتَ الأيّام في / غَبْنِ حظِّي وأُطاطِي للخطوبِ
وأردّ الحزمَ في أُفحوصِه / وهو هافٍ يتنزَّى للوثوبِ
قاعداً والجَدُّ قد رحَّلَ بي / والمعالي يتقاضَيْن ركوبي
جِلسةَ الأعزلِ يلوِي يَدَهُ / وسلاحي بين كُورِي وجَنيبي
أمدحُ المثرِين ظنَّاً بهِمُ / ربّما يقمَر بالظنّ الكذوبِ
كلُّ وغدِ الكفِّ منبوذِ الحيا / طيِّب المحضرِ مسبوبِ المغيبِ
يمنع الرِّفد وتَلقَى وفدَه / قِحَةُ البخلِ بإدلالِ الوهوبِ
يطلبُ المدحَ لأن يفضحَهُ / وهو قبلَ المدحِ مستورُ العيوبِ
قلتُ للآمال فيه كَذَبَتْ / أُمُّهُ إن كنتِ آمالي فخيبي
جَلَبُ الأرضِ عريضٌ دونه / وسُرَى العيسِ وإدمانُ اللّغوبِ
وغلامٌ آخذٌ ما طلبتْ / نفسهُ أو فائتٌ كلَّ طلوبِ
يقْمَحُ الضيمَ ولو أبصرهُ / ليلة العِشرِ على الماءِ الشَّروبِ
ما أذلَّ الخصبَ في دارِ الأذى / وألذَّ العزَّ في دار الجُدوبِ
يا بني كلِّ نعيم ضاحكٍ / في حِمى وجهٍ من اللؤمِ قَطوبِ
قد مللِناكم على شارتِكم / ويضيقُ الصدرُ في البيتِ الرحيبِ
وعسى الدنيا التي أدَّتكُمُ / تصطفينا من بنيها بنجيبِ
ماجدِ الشيمةِ سهلٍ ليلهُ / للقِرَى صبٍّ إلى الحمدِ طَروبِ
يكسِبُ المالَ لأن يُتلِفهُ / والعلا في يدِ مِتلافٍ كَسوبِ
تَخبُث الأيدي وفي راحتِهِ / من نداه أرجُ المَشتَا المَطيبِ
كابن حمّادٍ ولا مِثلَ له / هل تَرى للبدر فرداً من ضِريبِ
جذابَ الرُّوَّاضَ عن مِقودِهِ / مرِسُ الجمرةِ وهّاجُ الثُّقوبِ
أين يا سائقها أين بها / جعجعِ الآمال في غيرِ عزيبِ
جَمَعَ الصاحبُ من أطرافها / وَفْىَ حَيْرَى الطُّرقِ عَمياءِ النُّكوبِ
ضمَّها بالرأيِ حتى التأمتْ / شُلَّتاها من شُذوذٍ وشذوبِ
ويدٍ لا ترِبتْ تلك يداً / رِبقةِ الجاني وفكِّ المستنيبِ
سلَّتِ الدولةُ منه صارماً / شِرقَ الصفحةِ ظمآنَ الغُروبِ
طَبعَ الأقبالُ من جوهرهِ / زُبْرةً تقدحُ نيرانَ الحروبِ
لو أطاعته يدٌ حاملةٌ / لم تُكذِّبْ ظبتاهُ عن ضَريبِ
جَرَّبوه ماضياً حيثُ مضى / صادعَ الوحيِ ومحتومَ الغيوبِ
قَلِقاً يَنفِي الكرى عن وجههِ / عِلمُه أنَّ المعالي في الهبوبِ
أَلْمعِياً سوّدته نفسُهُ / والمساعي قبلَ تسويدِ الشعوبِ
قدَّمتْهُ صاعداً عن قومِهِ / مَصْعَدَ اللَّهذمِ قُدَّامَ الكعوبِ
هَبهَبوا منه بليثٍ في الوغى / قرِمِ الأظفارِ مستاقِ النّيوبِ
خيرِ من خَبَّتْ له أو وَخَدتْ / للجدَى ذاتُ سَنامٍ وسبَيبِ
يأخذُ الحاجاتِ من حيثُ غلتْ / غيرَ معذولٍ على حبِّ الغُصوبِ
تحسَبُ الغابةَ مما اجترَّهُ / حومةً بين عَقيرٍ وتريبِ
ماضياً لم يثنِهِ عن قصدِهِ / هجمةُ الليل ولا طولُ الدؤوبِ
جَمَعَ الجودَ إلى البأسِ كما / شعشعَتْ نارٌ بماءٍ في قضيبِ
راحةٌ لم يَعلَق البخلُ بها / وفؤادٌ لم يُسفَّهْ بالوجيبِ
ولسانٌ يخصِمُ السيفَ بهِ / يترك الفارِسَ عبداً للخطيب
مَنْ رسولٌ سَعِدتْ رحلتُهُ / يومَ أدعوهُ بلبَّيْكَ مجيبي
ناصحُ الجيبِ بما حمَّلتُهُ / حيثُ يَخشَى مُرسِلٌ غِشَّ الجيوبِ
لم أكلِّفهُ سُرى البيدِ ولم / أتعسَّفْه بأخخطارِ السُّهوبِ
عيسهُ ملمومةٌ يركب منها / مطمئناً ظهرَ مِذلالٍ رَكوبِ
يقسِمُ الماءَ بباعٍ مطلَقٍ / وفَقارٍ مُرسَلِ الحبلِ سَروبِ
صعبةُ الخِلقةِ سهلٌ أرضها / فهو بين اللينِ منها والصَّليبِ
سارياً ليستْ عليه خِيفةٌ / ما وقاه الله سَوْراتِ الجَنُوبِ
قل لنوتِيَّك شَرِّعْ آمناً / حَدَثَ التَّيارِ والموجِ العصيبِ
رِدبها مَيسانَ واحبسها على ال / مَعقلِ الممنوعِ والوادي العشيبِ
فإذا ضاقت فعلِّقها أَبَا / طاهرٍ تَعلَقْ بفرّاجِ الكروبِ
وإلى ذي الرتبتيْن ابتدرتْ / فُرصُ المجدِ وحاجاتُ الأريبِ
قل له عَنِّيَ حيَّتك العُلا / بوكيفٍ من حَيَا الشكرِ صَبيبِ
وسَقَى عِرضَك ما استسقيتَه / بارقٌ من مِدَحِي غيرُ خَلوبِ
ترفُلُ الأحسابُ في روضتهِ / مَرفَلَ الغادةِ في البُرْدِ القشيبِ
خيرُ ما استثمرَ من غَرس الندى / واجتنىَ من غُصُنِ الجودِ الرطيبِ
وبذلتَ الوفْرَ حتى ابتعتَهُ / هَمَّ آدابك من حُسنٍ وطِيبِ
جاءني أنّك مشعوفٌ به / شَعَفَ العذريّ بمدحٍ أو نسيبِ
راغباً أن تُصْطَفَى من جِدّه / والفكاهاتِ بمدحٍ أو نسيبِ
وتُحَلَّى منه عِقداًن باقياً / فخرُهُ في كلِّ جِيدٍ وتريبِ
قلتُ فضلٌ عَجبٌ من دهرنا / وهو من فاعله غيرُ عجيبِ
ما تبالي حين تَستامُ العلا / أخطيبُ الشمسِ أم أنتَ خطيبي
أنا من يُعطيك مجداً حاضراً / ويُبَقِّي لك مجداً في العَقيبِ
لا كقولٍ يطرد الساقي به / جذوةً تخمدُ من قبلِ اللهيبِ
كم يُمنِّيني على سلطانها / نفْسَ مَرجُوٍّ ومَخشِيٍّ مَهيبِ
وابتغَى بالمالِ أن يشرِيَني / فترفَّعْتُ فطارتْ عفَّتي بي
لكن اشتقتُ وقد سُمِّيتَ لي / بسماتِ الفضلِ والجودِ الغريبِ
فافترعْ خيرَ هَدِيٍّ وأَثِبْ / خيرَ ما جادت به نفسُ مُثيبِ
وإذا صرتَ نصيبي منهُمُ / فقد استوفيتُ من دهري نصيبي
مَن عَذيرِي يومَ شرقيّ الحمى
مَن عَذيرِي يومَ شرقيّ الحمى / من هوىً جَدَّ بقلبٍ مَزَحا
نظرةٌ عادت فعادة حسرةً / قَتلَ الرامي بها مَن جَرَحا
قلن يستطردن بي عِينَ النقا / رجلٌ جُنَّ وقد كان صحا
لا تعدْ إن عُدتَ حيّاً بعدها / طارحاً عينيك فينا مَطرحَا
قد تذوَّقتُ الهوى من قبلها / وأرى مُعذبَهُ قد أَملحا
سل طريق العيس من وادي الغضا / كيف أغسقتَ لنا رَأْدَ الضحى
ألشيءٍ غير ما جيراننا / نفضوا نجدا وحَلّوا الأبطحا
يا نسيم الصبح من كاظمةٍ / شدّ ما هِجت الجوى والبُرَحا
الصَّبا إن كان لابدّ الصَّبا / إنها كانت لِقلبي أرْوَحا
يا نداماي بسلْعٍ هل أرى / ذلك المَغْبقَ والمصطَبَحا
اُذكرونا ذكرَنا عهدَكُمُ / ربَّ ذكَرى قرَّبتْ مَن نَزَحا
واذكروا صبّاً إذا غنَّى بكم / شِربَ الدمعَ وعاف القَدحَا
رجعَ العاذلُ عني آيساً / من فؤادي فيكُمُ أن يُفلِحا
لو دَرى لا حَمَلتْ ناجيةٌ / رحلَهُ فيمن لحاني ما لَحَا
قد شربتُ الصبرَ عنكم مُكرَهاً / وتبعتُ السقم فيكم مُسمِحا
وعرفتُ الهمَّ من بعدكُمُ / فكأنّي ما عرفتُ الفرحا
ما لساري اللهوِ في ليل الصِّبا / ضَلَّ في فجرٍ برأسي وضَحا
ما سمعنا بالسُّرى مِن قبله / بابن ليلٍ ساءه أن يُصبِحا
طارقٌ زارَ وما أنذرنا / مُرغِياً بَكراً ولا مُستنبِحا
صَوَّحتْ ريحانةُ العيشِ به / فَمن الراعي نباتاً صَوَّحا
أنكرتْ تبديلَ أحوالي ومَن / صحِب الدنيا على ما اقترَحا
شدَّ ما مَنَّى غروراً نفسَه / تاجرُ الآدابِ في أن يَربَحا
أبداً تُبصِرُ حظَّاً ناقصاً / حيثما تُبصِرُ فضلاً رجَحا
والمنَى والظنُّ بابٌ أبداً / تُغلَق الأيدي إذا ما فُتِحا
قد خَبَرتُ الناسَ خُبرِي شِيَمي / بخلاء وتَسمَّوا سُمَحا
وتولَّجتُ على أخلاقهم / داخلاً بين عَصاها واللِّحا
وبعثتُ الماءَ من صُمِّ الصَّفا / قبلَ أن أبعثَ ظنّاً مُنجِحا
يشتهون المالَ أن يبقىَ لهم / فلماذا يشتهون المِدَحا
يُفصِح اللَّحَّانُ بالجودِ وهُمْ / فرطَ بخلٍ يُعجِمون الفُصَحا
جَرَّتِ الحسنى غلاماً ماجداً / لم يُطِع في الجود إلا النُّصَحا
طَوَّلوا في حَلبةِ المجدِ له / فمضى يَتبعُ رأساً جَمَحا
مُنجَباً من آل إسماعيل لم / يَروِ في الأَخلاقِ إلا المُلَحا
كيفما طارتْ عِيافاتُ الندَى / حَوْلَه طِرنَ يميناً سُنُحا
لا يبالي أيَّ زندٍ أَصلدتْ / مَن أتى راحتَه مقتدِحا
كلّما ضاقت يدُ الغيثِ بما / مَلكتْ جاودها مُنفَسِحا
لربيب النعمةِ اجتابَ الدجَى / خابطٌ يُنضِي قِلاصاً طُلَّحا
حَمَّلَ الهمَّ وقد أَثقلَه / جَلْدَةَ العظمِ أَمُوناً سُرُحا
تُوسِعُ البيداءَ ظهراً خاشعاً / في يدِ السير ورأساً مَرِحا
لا تبالي ما قضت حاجتَها / ما دَمِي من خُفِّها أو قَرِحا
حَمَلَتْ أوعيةَ الشكرِ له / وانثنت تحمِلُ منه المِنحَا
أحرز الفضلَ طريفاً تالداً / والمعالي خاتِماً مُفتتِحا
وجرى يقتصُّ مِن آياته / أثرَ المجدِ طريقاً وَضَحا
نسبٌ كيف ترامت نحوه / أعينُ الفخر أصابت مَسرحا
أملسُ الصفحةِ لم تَعلَق به / غمزةٌ من قادحٍ ما قدَحا
عَوَّد البدرَ وقد قابله / غُرّةً بات بها مستصبِحا
ورآه البحرُ أَوفَى جمَّةً / منه بالنائل لمّا طفَحا
وتسامت أعينُ الشِّعر إلى / أن يكونَ السامعَ الممتدحَا
لم تجِد أبكارُهُ أو عُونُهُ / عنك في خُطَّابها مُنتدَحا
غير حُرَّاتٍ أراها مُهمَلاً / حقُّها عندكُمُ مُطَّرَحا
كم ترى أن يصبِر الشعرُ على / أن تُهينوا مثلَها أو يَصفَحا
أنتم استنزلتُمُ عنها يدي / بعد ما عزَّ بها أن أَسمَحا
ورغبتم في علا أنسابها / وكرامٍ من ذويها صُلَحا
وأرى مطلكُمُ في مهرها / دام والمهرُ على مَن نَكَحا
وثِقَ الشعرُ بكم واتصلتْ / غفلةٌ تُخجلهُ فافتضَحا
فاعذروه إن أتى مُقتضِياً / فلقد أنظَرَكم ما صَلَحا
ومضى حَولٌ على حَولٍ ولم / يُنتجِ الوعد الذي قد أُلقِحا
اُذكروه مثلَ ما يذكركم / مُحسِناً واستقبِحوا ما استَقبَحا
واعلموا أنّ قَلِيبَ الشكرِ إن / هو لم يُمَددْ برفدٍ نَزَحا
واصحبوا أيّامَكم واستخدموا / في المعالي هُجنَها والصُّرَحا
بين نيروزٍ وعيدٍ أمسيا / رائدَيْ إِقبالكم أو اصبحا
تَكمهُ الأحداثُ عنكم إن رأى / طرفُها غيرَكُمُ أو لَمَحَا
أنذرَتْني أمُّ سعدٍ أنَّ سعدا
أنذرَتْني أمُّ سعدٍ أنَّ سعدا / دونها ينهَدُ لي بالشَّرِّ نَهْدَا
غَيرةً أن تسمعَ الشَّربَ تُغنِّي / باسمها في الشِّعر والأظعانَ تُحدَى
قلت يا لَلحبِّ من ظبيٍ رخيم / صدتُه فاهتجتُ ذؤباناً وأُسْدا
ما على قومِكِ أن صار لهم / أحدُ الأحرار من أجلكِ عبدا
وعلى ذي نظرةٍ غائرةٍ / بعثتْ سُقماً إلى القلب تعدَّى
قَتلتْ حين أصابت خطأً / وقِصاصُ القتلِ للقاتلِ عمدا
أتُراني طائعاً أضرمتُها / حُرَقاً تأكلُ أضلاعي ووجدا
سبّبتْ لي فيكِ أضغانَ العدا / نظرةٌ أرسلتُها تطلبُ ودّا
وعلى ما صفحوا أو نَقموا / ما أرى لي منكِ يا ظبيةُ بُدَّا
أَجتلى البدرَ فلا أنساكِ وجهاً / وأرى الغصنَ فلا أسلاكِ قدّا
فإذا هبَّتْ صَبَا أرضكمُ / حَملتْ تُربَ الغضا باناً ورَندا
لامَ في نجدٍ وما استنصحتهُ / بابليٌّ لا أراه اللّه نجدا
لو تصدَّى رشأُ السَّفحِ له / لم يلُم فيه ولو جارَ وصدّا
يصلُ الحولُ على العهد وما / أَنكرَ التَّذكارُ من قلبِيَ عهدا
أفَيروَى عندكم ذو غُلّةٍ / عدِمَ الظَّلْمَ فما يشربُ بَرْدا
رُدَّ لي يوماً على كاظمةٍ / إن قضى اللّه لأمرٍ فات ردّا
وحماني من زمانٍ خابطٍ / أبداً في عَطَني شَلّاً وطردا
كلَّما أبصر لي تامكةً / كدَّها أو ردّها عظماً وجِلدا
يصطفي الأكرمَ فالأكرمَ من / نُخَبي أنفسَ ما كنتُ مُعِدّا
كلّما شُدّتْ بظهري هَجمةٌ / ركب الشرَّ لها ركضاً وشدّا
واقعاً في كلّ مَن كثّرني / بيدٍ خرقاءَ أو أصبحتُ فردا
أُكلَةَ الصُّعلوكِ لا أُسنِدُ ظهراً / في الملمّاتِ ولا أَشتَدُّ عَضْدا
غاب أنصاري فمن شاء اتقاني / حذَر الإثمِ ومن شاء تعدَّى
شَقِيتْ من بعدهم نفسي وهم / أيّ برجٍ نزلوه كان سعدا
قل لأملاكٍ نأَى عنّي بهم / ناقلُ الأقمار قُرباً ثُمَّ بُعدا
يا سيوفي يوم لا أملِك عزّاً / وعيوني يوم لا أُورَدُ عِدَّا
وشبابي إن دنوتم كان غَضَّاً / وإذا رحتم مع البين استُرِدَّا
عجباً لي كيف أبقى بعدكم / غير أن قد خُلِقَ الإنسان جَلْدا
غلبَ الشوقُ فما أحمِلُ صبراً / وجفا الناسُ فما أسألُ رِفدا
أنا من أغراسكم فانتصروا لي / قبل أن تهشِمَني الأيام حصدا
يا رسولي ومتى تَبلُغْ فقلْ / خيرَ ما حُمِّل مأمونٌ فأدَّى
يا كمالَ الملكِ يا أكرمَ مَن / يمَّمَتْه ظُعُنُ الآمالِ تُحدَى
يا شهاباً كلَّما قال العدا / كاد يخبو زاده الرحمنُ وقدا
يا حساماً كلَّما ثلّمه ال / ضربُ راق العينَ إرهافاً وحَدَّا
ما براك اللّهُ إلا آيةً / فَتن الناسَ بها غَيَّاً ورُشْدا
وثَبَاتُ الليثِ إن أُنكِر في / شَدَّةٍ كان مع الأخرى أشَدَّا
كلّما عاند فيها حاسدٌ / ظهرتْ باهرةً مَن يتحدّى
ولَكَمْ أنشرتَ إعجازاً بها / من فِعالٍ طُوِيتْ لحداً فلحدا
وبخيلٍ خاملٍ أعديتَه / كرماً نال به الحمدَ ومجدا
وزليقٍ منتَهى شاهقةٍ / حيثُ لا يصعَد إلا مَن تردَّى
طَأْمنَ الجوُّ لها وانحدرت / قُلل الأجبال حتى كنّ وُهْدا
حَرَصَ الكوكبُ أن يطلُعَها / فهوَى عنها وما سدّ مَسدَّا
وإذا الكيدُ مشَى يَسْمُتُها / طامعاً عاد وقد خاب وأكدى
خفَّ من خطوك فيها ناهضٌ / لم يسرْ في التيه إلا سار قصدا
يأخذ المجلسَ من ذِروتِها / مالكاً تدبيرَها حَلّاً وعَقْدا
طرتَ فيها والعدا واقعةٌ / تأكل الأيدي لها غيظاً وحِقدا
يُلعَنُ الناسُ على عجزهمُ / وتُحيَّا بالمساعي وتُفَدَّى
فَرَّعَت للمجد منكم دوحةٌ / كنتَ من أنضرها عُوداً وأندَى
تربةٌ بورك في صَلصالها / أنجبَتكم والداً طاب ووُلْدا
طينةٌ أعجِبْ بها مجبولةٌ / أخرجتْ سَلْمى وثَهْلانَ وأُحْدا
يا عيونَ الدهرِ لا زالتْ بكم / قَذِياتٍ أعينُ الحسّاد رُمدا
وتقاضَى الملكُ عنكم بسيوفٍ / منذ سُلَّتْ لم تكن تشتاقُ غَمدا
كلَّما سُونِد منكم بأخيهِ / صارمٌ صَمَّمَ أمضىَ وأَحَدَّا
وبَقِيتم لبقايا كَرمٍ / بكُمُ يُلْحَمُ في الناس ويُسدَى
لم تكن لولاكُمُ أرماقُها / أثراً يَخفَى ولا عيناً تَبدَّى
يا نجومِي لا يَرُعْنِي منكُمُ / غائرٌ باخَ ولا حَيدانُ ندَّا
نوِّروا لي واسرجوا في طُرُقي / أقطعِ الأرضَ بكم جَمْزاً ووَخْدا
أَجمع الحصباء في مدحكُمُ / بلساني وأعدُّ الرمل عَدّا
وكما أَرْغمتُ من قبلُ بكم / آنُفاً آبِيةً أجدعُ بَعْدا
أبداً أنصُبُ نفسي دونكم / عَلَماً فرْداً وخَصَّاماً ألدَّا
غير أني منك يا بحرَ الندى / أشتكي حظّي فقد خاب وأكدَى
عادةٌ تُمنَعُ أو تُقطَع بتَّاً / وحقوقٌ وَجبتْ تُهملُ جِدَّا
ووعودٌ يجمحُ المطلُ بها / أن يرَى ميقاتُها عندك حدَّا
بعد أن قد كنتَ أحفاهم وفاءً / لي وأوفاهم لما أسلفتَ عهدا
حاش للسُّحبِ التي عُوِّدتُها / منك أن يَروى بها الناسُ وأصدَى
نفثةٌ من مذكِرٍ لم يألُ في ال / صبر للحاجةِ والأوطارِ جهدا
بعث النيروزُ يستعجلكم / سائلاً في الوعد أن يُجعلَ نقدا
وهُوَ اليومُ الذي من بعده / سوف تُفْنون مدى الأيام مدّا
فاقبلوه شافعاً وارضوا به / زائراً عنِّيَ بالشعرِ ووفدا
أنتُمُ أكرمُ من يُهدَى له / والقوافي خيرُ ما يُحبَى ويُهدَى
بُلِّغتْ صبراً فقالت ما الخبرْ
بُلِّغتْ صبراً فقالت ما الخبرْ / قلتُ قلبٌ سِيمَ ذلاً فنفرْ
لا تعودي في هَوىً ظالمةً / ربّما عاذ بحِلمٍ فانتصرْ
نظرةٌ أعرضتُ عنها أعقبتْ / غضباً آذنَ للقلب النظرْ
أرهفتْ سيفيْن في أجفانها / كلَّ مَنْ غَرَّا يبتْ علَى غَرَرْ
أقسمتْ مَن جَرَحاه لا برا / يا طبيبي متْ ودائي في الحَوَرْ
أرسلتْ ليلةَ صدّتْ طيفَها / ناظراً أين رقادي من سَهَرْ
قال حيّاني فقالت نائماً / طرفه قال نعم قالت غدر
يا هوى حسناء ما شئت لها / من فؤادي غير ذل وخور
رب يوم باهلتني بالصبا / وصَغارٌ عندها حظُّ الكِبَرْ
وتنكَّبتُ مُدِلاً وَفْرةً / نَشرَ العنبرَ عنها مَنْ ضَفَرْ
فرأت شَيْباً فقالت غُيِّرتْ / قلتُ ما كلُّ شبابٍ في الشَّعَرْ
غُيِّرت بيضاءَ في سودائها / قلتُ مهلاً آيةُ الليلِ القمرْ
ما لغزلانٍ تصافيني الهوى / ما استطاعتْ وأُجازيها الكَدَرْ
أنِستْ إذ يئستْ من قَنَصي / فاستوى ما قرَّ منها ونَفرْ
وهل الزَّوراء إلا وطنٌ / يخدعُ الشوقَ وفي أخرى الوطَرْ
يا ندامايَ بها النِّسيانُ لي / ولكم منِّي حِفاظي والذِّكَرْ
كلَّ يومٍ أنا أبكي منكُمُ / صاحبا بالأمس بقَّاني ومَرْ
إنّ في الرَّيِّ وسعدٍ عِوضاً / كلّما قايستُ طابَ وكَثُرْ
سوف أنجو راكباً إحسانَهُ / كلُّ مركوبٍ سوى ذاك خَطَرْ
سارياً أجنُبُ كُبْرَى هِممي / أطلبُ المرعَى لها حيثُ المَطرْ
خاب من رام المعالِي حاضراً / والأمانِي في كَفالاتِ السَّفَرْ
ما الغِنَى والمجدُ إن زرتَ فتىً / ذا تناهٍ وهو ناءٍ لم يُزَرْ
لا تباعدْهُ الليالي إنّه / أملٌ بين جُمادَى وصفَرْ
بأبي الساقي وبالغيثِ صدىً / والفتَى الحلوَ الجنَى والشُّهدُ مُرْ
عَلَّمتْ أعداؤه أموالَه / لَمَماً يمنعها أن تَستقِرْ
يافعٌ مكتهلٌ من حلمه / للصِّبا السنُّ وللرأيِ الكِبَرْ
يا أبا القاسمِ صابتْ نِعمةٌ / لك لم يعدُ بها الغيثُ الزَّهَرْ
لم أزلْ أصبرُ علماً أنه / أبداً يُعقَبُ خيراً من صَبَرْ
ناظراً عادَكُمُ في مثلها / جَنَّةً لي من عذابٍ منتظَرْ
كان جُرحاً جائفاً فاندملتْ / قرحةٌ منه وكَسرٌ فجُبرْ
يا ملوك الرَّيِّ هل داركم ال / أرضُ طُرَّاً أم تعولون البَشَرْ
وَسِعَ الناسَ جميعاً جودُكم / فاستوى من غابَ عنكم وحَضَرْ
واصلَتْ شاعرَهم نُعمَى لكم / لم تدعْ مفحمَهَم حتّى شَعَرْ
حلِّ يا سعدَ العلا بَهماءَها / مِن قَبولٍ بحُجولٍ وغُرَرْ
واجلُ لي أُخرَى على الكافي متى اح / تشمتْ منه حياءً وخَفَرْ
عرفَتْ مَنَّكَ فيما قبلَها / فأتتْ واثقةً تقفو الأثَرْ
حاجةٌ تمّتْ ووافى حظُّها / حين نبَّهتُ لها منك عُمَرْ
مَطَلَ الدَّينَ ولو شاء قضَى
مَطَلَ الدَّينَ ولو شاء قضَى / فاسقُ الذمّةِ ينسَى ما مضى
كيف يُرجَى النصحُ من محتكمٍ / يُكثر السّخطَ ولا يرضى الرضا
سرّني يومَ مِنىً معترضاً / ملء عيني وشجاني مُعرِضا
وجد الوجدَ كما خلَّفه / بعد حولٍ ما برا ما أمرضا
أيّها الرامي وما أجرَى دماً / لا تحصِّبْ قد بلغتَ الغرضا
قَسَمَ الحبُّ فما أنصفني / جورَ ما نفَّلَ لي وافترضا
ما على ساقيَّ دمعي مغدِقاً / في رضابٍ لو سقاه مبرِضا
قد سلبتم حسداً جوهره / فاستحِلُّوه وبقُّوا العَرضا
شَقِيَ السائقُ في تبليغه / أدرى أيَّ طريقٍ نفضا
الغَضا إن الحشا من ذكره / ربما استبردتُ منها بالغضا
اطلبوا للعين في أبياته / نظرةً تَكحَلُها أو غُمُضا
وبنفسي هاجرٌ لم يعتمد / قبضوا من أنسه فانقبضا
لمتُمُ فيه وقلتم رقبة / رمتُمُ صعباً وقُدتم رَيِّضا
إن تَفُتْكَ اليومَ شمسٌ حُجبتْ / فغداً ما كلّ يومٍ أبيضَا
من أمرَّ الليلَ والصبحَ به / أظلم الحظُّ عليه وأضا
خلّ يا دهرُ ابن أيّوبَ وخذ / كلَّ شيء إن فيه عِوَضا
هبْ ليَ الواحدَ إني اخترتُه / وهنيئاً لك ما ضمّ الفضا
بك أَفدي وبهم منك أخاً / حين أمذقتم ودادي مَحَضا
ناصلاً من صدإِ العار كما / خلَّص القَينُ الحسامَ المنتضى
لبس المجدَ فما أوحشه / أيّ ثوبٍ في هوى المجد نضا
سودَدٌ حِلُّ تراثٍ ونرى / كرمَ القومِ مُعاراً مقرَضا
شرفٌ يا آل أيّوب مشى / معرقاً فيكم مطيلاً معرِضا
نرتعي أوديَةً مُهشَمةً / وترودون ربيعاً مُحمِضا
وقف الحبَّ على دوحتكم / غُصُنٌ منها لقلبي قبضا
نجتني منه خياراً لكُمُ / حلو ما لاك فمٌ أو قَرَضا
مِدَحاً تنشر أعراضكُمُ / نشرَ حسناء لعُرسٍ مَعْرضا
سائراتٍ تحت أوصافكُمُ / شاهداتٍ لا يذقن الغُمُضا
ما سعى للبيت يمشي حاسراً / راجلٌ وابنُ ركابٍ ركضا
وجرت أوداجُها قائمةً / يوم جَمعٍ وتَلَوَّتْ رُبُضا
بكَرتْ هِيما تحِلُّ الرُّبُطا
بكَرتْ هِيما تحِلُّ الرُّبُطا / تملِكُ الماءَ على سربِ القطا
تحسَب الأخفافَ في أجنحةٍ / طرنَ والجرجارَ منها اللغَطا
كلّ هوجاء ترى في حبلها / من أبانٍ منكباً منخرِطا
تصف المعقولَ منها مارداً / غُلَّ والناشطَ سهماً مَرَطا
ما رأت جزْعَ أشيٍّ خُوصُها / فرأت كفٌّ لعُنْقٍ مَضبَطا
ظمأ لا يتبغِّين له / مُشتَكىً إلا وسيعاتِ الخُطا
فانهَ يا حابَسها فضلَ العصا / إنما تأمر أمراً شطَطا
وعلى الماء الذي جئت له / كلّ جمِّ الأخذ منزورِ العطا
يمنع الرشفةَ لا ترزأهُ / ويفرّي باللحاظ النَبطا
بارد الريق إذا مرَّ سقى / مرهف الجفن إذا همّ سطا
يا فروع البان من وادي الغضا / زادكنّ اللّه بي مختبطا
أجتني حيث اجتنَى الظبيُ العِرا / قيّ أو أعطى المنى حيثُ عَطا
وسقى الدمعُ وإلا فالحيا / ذلك الملعبَ والمختلطا
آهِ كم فيكنّ لي من نظرةٍ / قتلتْ عمداً وكانت غلطا
وفؤادٍ أبداً أرمي به / لعيونٍ تستقلُّ اللُّقطا
ومَقيلٍ فرَشَ اللهوُ به / فوقكنّ الأُزْرَ لي والرَّيَطا
زمن ليت المنى تَرجِعُهُ / لو بِلَيتٍ رُدَّ عيشٌ فَرَطا
كل يوم أتمنَّى وطراً / لم أكن أمسِ به مغتبطا
أشتكي الآتي إلى الماضي ولا / يعدَم الأقربُ لي ما شحطا
قل لبيضاءَ توسّعتْ بها / قد تلثَّمتُكِ صِلّاً أرقطا
إنما كنتِ حساماً حُطّ في / مَفرِقي واسمكِ شيبٌ وخَطَا
أنكر الطُّراقُ منه قبساً / أعلق النارَ به من سَلَطا
وتواصت رسلُ الألحاظِ من / قبل أن تبلغَه أن يسقطا
قمتُ في نادي الهوى أندبُه / شَعَراً صار برغمي شَمَطا
ولئن هان ضعيفاً ذاوياً / فبما عزّ دهيناً قَطَطَا
وأخ والنوم في أجفانه / نحلةٌ شنّوا عليها المأقِطا
ومن الليل عليه فضلة / ميسمُ الصبح بها ما علطا
وسطورُ الأفق قد جلَّلها / أزرقُ الفجرِ فعادت نُقَطا
والثريا في مآخير الدجى / هامةٌ شمطاءُ غَلَّتْ مُشُطا
قلت قم قد يئستْ منّا العلا / فتمطّى يُوسدُ الكفَّ المَطَا
ينفض الونيةَ عن أعطافه / منفض المعقول لاقى مَنشَطا
ثم قال اطلب بنا غاياتها / وتقحَّمها مَخيضاً مُورِطا
قد مللنا الناسَ فاصفح عنهُمُ / عرْضَ هذا الملإ المنبسطا
لا تقعْ إلا رؤوساً فيهُمُ / دع ذناباها لهم والوسَطا
فأثرناها رفيقَيْ عزمةٍ / شاكلتْ بينهما فاختلطا
نأخذُ الأرفعَ من طُرْق العلا / ونعدِّي المنحنى والمهبِطا
فوصلنا والعلا لم تختضعْ / باعتساف والذّرَى لم تُلتَطا
نرِدُ الغُدرَ زُلالاً شَبِماً / ونفيء المجدَ ظلّاً سبطا
والثرى أخضر لا يلبسه / جِلدةَ الشهباءِ عامٌ قُحِطا
وإذا العوراء غطّتْ وجهها / عنك لم تُلقِ على المال غِطا
ليس إلا جفنةً فهَّاقة / للقِرى أو بازلاً معتَبَطا
غررٌ تجلو الدياجي ولُهى / يتفرَّجنَ الخطوب الضُّغَّطا
نِعمَ باناتُ صَباً مطلولةٌ / تطرد الريحَ شَمالاً قِطْقِطا
تسرح الأبصار حيث اقترحت / والرجاء الرحب كيف اشترطا
كلُّ فضلٍ عادل ميزانه / فإذا جاء عطاءٌ فَرَّطا
لا تعبِّس نعمةٌ ضاحكةٌ / قاسم الحظّ بها ما غلِطا
رضِيَ المقدار والحظُّ بها / إن رَضِي حاسدُها أو سخطا
لبني عبد العزيز اجتهدتْ / بوجيفِ المنتقي والمَرَطَى
لمساميحَ حوَوْا سقفَ العلا / حِصصاً واقتسموه خُطَطا
كلُّ وضّاحٍ قُدامَى دستِهِ / قُبَلُ الآمالِ تَحفِي البُسُطا
تبصر الغاشين حولَيْ بابه / أبداً رَكْباً ورَجْلَى سُمُطا
لو مشى حولاً على شوك القنا / ورأى الضيم قَعوداً ما امتطى
فإذا استُصرِخ في نازلةٍ / سلَّط الآراءَ فيما سلَّطا
قام تأويد الخلافات بهم / حادثاتٍ وسلافاً فُرُطا
وإذا لم يصبحوا أربابَها / وزَروا فيها وكانوا الوسطا
وإذا ما ولدوا بدراً جلا / ظُلَمَ الأرض وبحراً غَطْمَطا
مثلما أحيا الندى فخرُ العلا / واستراش الكرمَ المنجلطا
ساكنُ الصدر ليانٌ مسُّه / فرشَ البشرَ شِعاراً ووِطا
شائماً فيها ظباً مبروَّةً / يفتللن الصارم المخترطا
مثلَ حيّات النقا ما عرَمتْ / كان مأكولاً بها مستَرَطا
مبصراتٍ فِقَرَ القول إذا / ما ابنُ عشواءَ بليل خبطا
تضبِط الدنيا فإن سام يداً / ضمَّ دينارٍ أبت أن تضبِطا
وسعى طفلاً فطالت يدُه / سودَداً كهلَهم المختلِطا
جئتُه والدهرُ قد أرصد لي / من خفيِّ الكيد ذئباً أمعطا
وجروح اليأس في حالي سدى / تقذف القيد وتعيي القُمُطا
فوفَى جذلانَ حتى ردّني / وقصارى غايتي أن تُغبَطا
تأخذ الأبصارَ مني شارة / تدع الشيخ فتىً مستشرطا
نعمةٌ لو قعد الشكر بها / بهرت واشتهرت أن تُغمطا
فاتت الأملاكَ حتى منعتْ / كلّ راجي غايةٍ أن يقنطا
فاستمع تخبِرْك عني شرَّدٌ / تقطع الأرضَ الربَى والغُوَطا
تدع الآمال إما روضةً / سُقيتْ أو عِترةً أو نَمَطا
معدِنٌ كلُّ لسانِ مفصِحٍ / حولها يسقط حتى تُلْقطا
وإذا هُجْنُ القوافي نُسِبَتْ / كانت العُربَ وكُنَّ النبطا
وإذا النيروز ضمَّت عطفَه / فترةٌ هزّته حتى يَبسُطا
فابتدا بين يديكم قائماً / لكُمُ يَفتح منها سَفَطا
فاهتبلها تحفة وانعم بها / زائراً إمّا دنا أو شحطا
يا ديار الحي من جنب الحمى
يا ديار الحي من جنب الحمى / عدتِ ظنّاً بعد ما كنتِ حقيقَهْ
أخذ الدهرُ قشيباً رائقاً / من مغانيكِ وأعطاكِ سُحوقَهْ
فلئن كنت عدوَّ العين من / بعدهم إنكِ للقلبِ صديقَهْ
خلتُ لمّا لم أطق حمل النوى / أن تلك الدمنَ الصمَّ مطيقَهْ
لم أكن أعلم حتى نحلَتْ / كنحولي أنها مثلي مشوقَهْ
أين جيراني بها لهفي بهم / لهفة سكرتُها غيرُ مفيقَهْ
وظباءٌ بالحمى ناشطةٌ / ظنَّها السحرُ رجيماتٍ ربيقَهْ
شام أصحابي على كاظمةٍ / عارضاً يحمل وطفاءَ دَفوقَهْ
فتماروا ثم قالوا وقفةً / علَّه يطرحُ بالنَّعفِ وُسُوقَهْ
قلت أمّا إن فعلتم فاحبسوا / ودعوا نِضويَ يمضي وطريقَهْ
لم تقصِّر بي مجاري أدمعي / فأَرُود الغيثَ أستبكي بروقَهْ
وبذاك الجوّ إن أدركتُهُ / ليَ قلبٌ سابِقٌ أبغي لُحوقَهْ
وهلال لا ومن أغربه / وهُوَ المالكُ أن يَقضِي شُروقَهْ
ما ظننت الرشفَ محظور اللمى / حظرَه الخمرةَ حتى ذقتُ ريقَهْ
يا لواة الدين عن ميسرةٍ / كيف للمعسر أن ينسَى حقوقَهْ
أَلِمَا أبصرتُمُ من ولهي / والنوى تغشمني قلتم فَروقَهْ
كيف لا تُشفِقُ من بينكُمُ / مهجتي وهي من الموت شفيقَهْ
اُرفُقوا يا ربما ذاق الهوى / واثقٌ من قسوة ألا يذوقَهْ
واقسموا قلبيَ فيما بيننا / لي فريقٌ وخذوا أنتم فريقَهْ
ما على دهر سقى لي سَجلُهُ / نُطَفاً من عيشة الدنيا الرقيقَهْ
حيثُ أيامي ملوكٌ كلُّها / ومن الأيَّام أملاكٌ وسُوقَهْ
وفتاةُ العمر بيضاءُ الطُّلى / وردةُ الخدَّين سوداءُ العقيقَهْ
ولحاظ المقَلِ المرضَى التي / تنصُلُ اليوم وتنبو بي عَلوقَهْ
في ظلالٍ للصِّبا سابغةٍ / وغصونٍ للأمانيّ وريقَهْ
لو ثنى لي راجعاً من عِطفه / لا ولكن ساعةٌ منه أنيقَهْ
زمنٌ أمكنني من رأسه / فتعسَّفتُ به غير الطريقَهْ
لانَ في كفّي فأرخيتُ له / فمضى كالسهم لم أملك مُروقَهْ
إن يكن متعةَ دنيا فارقت / فعلى الشيمة نفسي والخليقَهْ
لا يدي تُعطى على الهون ولا / نَخَواتي بعصا الضيم مَسوقَهْ
أنا ذاك العضبُ لا تمنعه / قلّة التصميم في يوم الحقيقَهْ
وقُوى كفّيَ معقودٌ لها / بابن أيوبَ علاقاتٌ وثيقَهْ
الفتى كلّ الفتى إن خذلت / أختَها الكفُّ وذمّ السهمُ فُوقَهْ
وأخو الليلة نهّاضٌ إذا / ما استَهَبَّتْهُ الملمّاتُ الطَّروقَهْ
لُذْ به واندبه للجُلَّى ولا / تخش من غفلة عذرٍ أن تعوقَهْ
يُخرجُ الصلَّ إلى حاجاته / راقياً في كلّ زلّاءَ زليقَهْ
وإذا رابتك من خُلْقِ أخٍ / هفوةٌ تخلِطُ بالبرِّ عُقوقَهْ
فعليكَ السهلَ من أخلاقِهِ / فتضوَّعْ مسكَه واشربْ رحيقَهْ
من رجالٍ سبقُوا في مَهَلٍ / وخَدانَ النجمِ سيراً وعنيقَهْ
وانتضوا من طبع أيمانهمُ / كلَّ عضبٍ يأمن الجفنُ دُلوقَهْ
فِقَرٌ تحملُها موقَرةً / صحفٌ لِقحتُها الدُّهْمُ المُليقَهْ
كلّ بيضاءَ سمينٌ متنُها / ضمَّنَتها السحرَ هيفاءُ دقيقَهْ
فإذا الأوجه غطّت لونها / غَبْرةٌ واستخلفَ الورسُ خُلوقَهْ
شهد الحربَ سُفوراً منهمُ / غلمةٌ تحت قَتام النقع روقَهْ
بأكفٍّ كالظبا مصقولة / ووجوهٍ كالدنانير عتيقَهْ
وإذا الليلةُ ماتت نارُها / واستلان الكلبُ بالأرضِ لُصوقَهْ
فطوى الراعي على أضلاعه / كشحَه واستعدَتِ الشُّعْرَ الحليقَهْ
برزت تَفهقُ في أبياتهم / كلُّ جوفاءَ من الشِّيزَى عميقَهْ
لا يبالي عاقرُ البدن لها / أيّها الواجبةُ الجنبِ الشريقَهْ
نِلتَهم طولاً وزيَّدتَ فما / شُقَّ نقعٌ لم تكن أنت سَبوقَهْ
طلبوا مثلك فاستنُّوا قَرىً / من أبان يستبيضون أَنوقَهْ
كنتَ فيهم واحداً ليس له / من أخٍ لكن له الشمسُ شقيقَهْ
كم لإسعادك عندي من يدٍ / سَبغت ظلّاً ووجهي والوديقَهْ
ألْحفتْ حاليَ منها نعمةٌ / نعمةُ المزنةِ تنثوها الحديقَهْ
لم يخَرِّق زمني في جانبٍ / لِيَ إلاّ قمتَ نصَّاحاً خُروقَهْ
فخليلٌ فاسدٌ أصلحته / وقريضٌ كاسدٌ نفَّقتَ سوقُهْ
فابق لي ما هتفت باكيةٌ / شجوَها أو حنَّ فحلٌ لطروقَهْ
سامعاً كلَّ بعيدٍ صيتُها / تنفض الأرض ولو كانت سَحوقهْ
عَبْلةَ المعنَى وإن صاغ لها / طبعُها للعرْبِ ألفاظاً رشيقَهْ
تدَعُ العِرضَ إذا ديفت به / عِترةً تنسب دارين فتيقَهْ
يحمل النيروزُ منها تحفةً / هي أن يُحمدَ مُهديها خليقَهْ
فِعلُها في الوجهِ أن تبسطَهُ / جَذِلاً والصدرِ أن تَفْرِجَ ضِيقَهْ
ياابنةَ القومِ تُراكِ
ياابنةَ القومِ تُراكِ / بالغٌ قتلي رضاكِ
أم دمي وهو عزيزٌ / هان في دِينِ هواكِ
إن يكن طاح فما أو / وَلُ ما طَلَّتْ يداكِ
حُبَّ يومُ السفح إلا / أنه يومُ نواكِ
لعبتْ ساعاتُه بي / ما كفاها وكفاكِ
كم غزالٍ بالمصلَّى / سام وصلي فحكاكِ
جارياً في حَلبةِ الحس / ن ولم يبلغ مَداكِ
مرَّ لا أرهفَ عينَي / كِ ولا أرشفَ فاكِ
غيرَ أني قلتُ حُيِّي / تَ على ما أنت حاكي
وقصيراتِ الخُطى غي / رك لَدْناتِ العراكِ
عادلاتٍ عِللَ الوج / دِ بلذَّاتِ التشاكي
رُعْنَ في مكّةَ نومي / قبلَ تغريدِ المَكاكي
كلّ عَطْرَى شفتاها / عِتْرةٌ فوق مُداكِ
يغتدي مسواكُها ري / حانةً غِبَّ السِّواكِ
فرأت عيني ولكن / ما رأى قلبي سواكِ
أجتدي النومَ وهل في ال / نوم إلاّ أن أراكِ
ما على من حظَرَ الرا / حَ لو استثنى لمَاكِ
كنتُ صَعباً لا أُلوَّى / بالخَشاشاتِ الرِّكاكِ
فمضى حكمُ اكتهالي / تابعاً حكمَ صِباكِ
يا سميري ليلةَ السف / ح وقد نادَوا بَراكِ
والمطايا تخلِط المَعْ / جَ كَلالاً بالسِّواكِ
أتباكيتَ نِفاقاً / باللّوى أم أنتَ باكي
أم أراك الشوق أشبا / هَ سُلَيمى في الأراكِ
سألتْ بي أمُّ سلمى / أين حزمي واحتناكي
ورأت ضعضعةً بَي / ن سكوني وحَراكي
طاوياً كشحَ مَهيضٍ / ناشراً أنفاسَ شاكي
لا تخالي خَوَراً ذا / ك فإني أنا ذاكِ
بل رزئياتٌ تواصَي / ن شَماتاً بانتهاكي
كلّ يومٍ حادثٌ ين / كأُ قَرْفي بالحِكاكِ
أَنتَحِي أعزلَ فيه / وسلاحُ الدهرِ شاكي
كم عركتُ الصبر حتى / جاء ما فلَّ عراكي
وتستّرتُ ورزءُ ال / فاطميِّين انهتاكي
خَمدَ الجمرُ ووجدي / ببني الزهراء ذاكي
بأبي في قبضة الفُج / جَار منهم كلّ زاكي
ملصَقٌ بالأرض جسماً / نفسُه فوق السُّكاكِ
مفردٌ ترميه كفُّ ال / بغي عن قوسِ اشتراكِ
أظهرتْ فِرقةُ بدرٍ / فيه أضغانَ النواكي
كلّ ذاكي الحقدِ أو يخ / ضِب أعرافَ المَذاكي
وغريبُ الدار يُلفَى / موطِنَ الطعن الدِّراكِ
طاهرٌ يُخطَفُ بالأي / دي الخبيثاتِ السِّهاكِ
يخرَسُ الموت إذا سم / مَتْه أفواهُ البواكِي
ياابنةَ الطاهر كم تُق / شَر بالظلم عصاكِ
غضِبَ اللّهُ لخطبٍ / ليلةَ الطَّفِّ عَراكِ
ورعَى النارَ غداً جس / مٌ رعَى أمسِ حماكِ
شرعَ الغَدرَ أخو غِل / لٍ عن الإرثِ زَواكِ
يا قبوراً بالغرِيَّيْ / نِ إلى الطفِّ سقاكِ
كلُّ محلول عُرَى المر / زمِ محلوبِ السِّماكِ
حامل من صلوات ال / لَهِ ما يُرضِي ثراكِ
وإن استغنيتِ عن وك / ف حياً غيرِ حياكِ
إنه لو أجدب البح / رُ اجتدى فضلَ نداكِ
أو أضلّ البدرُ في الأفْ / قِ سناه لاهتداكِ
يا هداةَ اللّه والنج / وةَ في يوم الهلاكِ
بكم استدللتُ في حي / رةِ أمري وارتباكي
أظلم الشكُّ وكنتم / لي مَصابيحَ المَشاكي
أتمنَّى والمنَى جهدُ المقِلّْ
أتمنَّى والمنَى جهدُ المقِلّْ / وأقضِّي الدهر في ليت وهلْ
وأداوي كُلَف العيش إذا / أظلمتْ لي بِطُلاواتِ الأملْ
سلوةٌ وهي الغرامُ المشتكَى / وتعاليلُ أسىً هنَّ العِللْ
وهوىً أهونُ ما يُسمَى الضنا / بمسيىءٍ بالإساءاتِ مُدِلّْ
لا ترى أعجبَ منّي مشرفاً / أسأل الركبانَ عمن لم يَسلْ
أحسب الظبيةَ لاحت غمرةً / والثِّفالَ النِّضوَ بالقاع الطللْ
ياابنة السعديّ ما جَورٌ لكم / ووفاء عاد غدراً وبخَلْ
أنزعتِ العُربَ عن دِينهمُ / أم تفرّدتِ بدِينٍ منتحَلْ
لِيَ في كلّ قتيلٍ قائلُ / ماوَدَى عني ومَولىً ما عقَلْ
تعسِلُ الأرماحُ من دونهمُ / وحُماةُ النحلِ من دون العسلْ
فمن المطلوبُ بي شاط دمٌ / ثأرهُ مقتسَمٌ بين الحِللْ
حال يا خنساء حولُ البين بي / أَفَتَرْعَيْنَ لعهدٍ لم يَحُلْ
قلتِ صبراً فهبيني فِلقةً / من أبانٍ قد أذابتني المقلْ
أين بالبطحاء ميثاقكم / ربّ آل واسمُه فيكنَّ إلّْ
وسعى الواشي بجَمع بيننا / لا مشت رجلُك يا ذاك الرجُلْ
ظنَّه حبّاً مُريباً فوشَى / فرأى وصلاً كريماً فعدلْ
لا تخل شرّاً وسلْ عن باطنٍ / عفَّ عن قولك من يسمعْ يخلْ
لم يكن بعدك إلا نظرٌ / جرحَ القلبَ ولو دام قتلْ
سافرات بِمنىً لولا التقى / خَمَّرَتْهنّ شفاهٌ بالقُبَلْ
كلّ بيضاء تمنَّى الكُحلُ لو / أنه ما بين جفنَيها الكَحَلْ
نصفُها الأعلَى نشاط كلُّه / والذي يدنو من الأرض كَسَلْ
لم تَعِبها هزَّةٌ في قدّها / إنه من صفة الرمح الخطَلْ
ما علي دين الغواني حَكَماً / يوم قاضيتُ إليه لو عدلْ
رُشفت أنملُه أن نَصلَتْ / وعِذارِي عيفَ لمّا أن نَصلْ
قلن إذ أبصرنني أفٍّ له / ضلَّ شيخاً وتعاطيه الغزلْ
ولقد كنَّ متى استبطأنني / قمن يسألن أخونا ما فعلْ
فإذا ريحانة العمر الصِّبا / وسِنوه وإذا الشيبُ الأجلْ
غالَطوا وجدي وقالوا أكثرُ ال / عمرِ في الشيبِ فمن لي بالأقلّْ
غفلاتٌ كنَّ حُلماً فانقضى / وشبابٌ كان ظلّاً فانتقلْ
لو أراني الدهر ما أخَّر لي / لتعلّقتُ بأيّامي الأُولْ
يا لخالٍ من مكاني قلبُه / بعد ودِّي كيف بالرأي أخلّْ
ليت شعري عنّيَ اعتاض بمن / هل لعين فارقت رأساً بدلْ
إنّ جيداً سقطت من عِقده / درّةٌ مثلي حقيقٌ بالعطَلْ
ولدخَّالينَ في الأمر معي / بوجوهٍ يتواصفن الدخَلْ
حُرِموا الفضلَ فسدّوا ملقاً / بفُضولِ القولِ خلّاتِ العملْ
كلّ ذي شدقين رَحبين معي / وفؤاد ضيّق المسرى دغِلْ
قال حُسنَى ونوَى سيّئةً / ليتَ من لم ينوِ خيراً لم يقُلْ
ساط شهداً لِيَ في حنظلةٍ / لستَ حُلواً إنما خمرُك خَلّْ
ناكروا حلمي فجاهلتهمُ / فإذا أُحرِج ذو الحلم جَهِلْ
أَلِمَتْ من جلستي مستوطئاً / فُرُشَ الوحدةِ والوحدةُ ذلّْ
إنما أفردني مطّرحاً / قدَرٌ مرَّ بقومي فنزلْ
أكلَ الدهرُ فأفنى معشري / ليته أشبع دهراً ما أكلْ
درَجوا واستخلفوني واحداً / وإذا قلَّ عديدُ المرء قَلّْ
غرضاً ماليَ من سهمٍ سوى / كلِّ رامٍ ينتحيني من ثُعَلْ
تعجبُ الأحداثُ من حملي لها / وإذا أكره ذو العرِّ حَمَلْ
كم ترى أعرُك جنبي نافياً / حصيَاتِ الأرض عن جلدٍ نَغِلْ
غير نفسي همُّه شأنُ غدٍ / وحديثُ الأمس تكريرٌ يُمَلّْ
أُشكُ من يومك أو فاشكر له / ما مضى كان وما يأتي لعلّْ
ببني عبد الرحيم انفسحت / طُرْق حاجاتيَ على ضِيق السُّبُلْ
تهتُ في الناس فولّيتهُمُ / وجهَ آمالي فيمَّمت القِبَلْ
أنجبي يا أرضُ لي مِثلَهُمُ / إخوةً أو قلّديهم للهَبَلْ
أرتعوني والأنابيبُ سَفاً / وسَقَوني والقراراتُ وشَلْ
عدلوا الودّ ففيهم نصفُه / وإذا جادوا يزيدون فُضُلْ
كرماءٌ حيثما كشّفتهم / سادةُ المكثر إخوانُ المقِلّْ
نقلوا السوددَ في أظهرهم / كلّ ظهرٍ مثلما طاب نسَلْ
كابراً عن كابرٍ يبتدر ال / مجدَ منهم مُقبلٌ بعد مُوَلّْ
كالأنابيب اتصالا كلّما / قلت تمّ الفضلُ فيهم وكمَلْ
أنبت الدهرُ غلاماً منهمُ / عاقلَ الجود إذا قال فعلْ
ألمعيّاً لا يبالي عزّةً / وهو طفلٌ أيّ عمريه اكتملْ
أُدرجتْ في القُمْط منه راحةٌ / موضعُ الأقلام منها للأسلْ
كلّما أصحرَ في عليائه / غار نفساً أن تصبّاه الظُّلَلْ
طبَعتْ شمسُ الضحى في وجهه / سُهمةً لا تتلافاها الأُصُلْ
عقدتْ لي بأبي سعدهِمُ / ذمّةٌ غيرُ قواها ما يُحَلّْ
الفتى العطّاف ما ناب كفى / والحيا الوكافّ ما صابَ هطَلْ
والمُحيّا وجهُهُ إن لُعنتْ / أوجهٌ لم تتلثَّمْ بالخَجلْ
يملأ الصدرَ لساناً ويداً / ويصيب الرأيَ رَيْثاً وعَجَلْ
عفَّ والسنُّ له معذرةٌ / ورأى العجزَ فراغاً فاشتغلْ
تبلُغ النجمَ به مسعاتُه / فإذا استقرَبَهُ الحقّ نزلْ
عازفُ الهمّ إذا عاشرتَهُ / يقمَحُ الشربةَ والماءُ عَلَلْ
كلّما لزَّ إلى أقرانه / ظلَعوا غيرَ عِجافٍ واستقلّ
حسدوا فيه أباه خاب من / يحسُدُ الشمس على البدرِ وضلّ
إنها فارضوا لها أو فاغضبوا / أيكةٌ تُطعِمُ مجداً وتُظِلّْ
هم وإن أنكرهم حاسدُهم / بُرَةٌ يعرفها أنفُ الجَمَلْ
ومنيع غابها مغلقة / طُرُقُ المكر إليها والحيلْ
كلّما أُبرمَ بالرأي لها / مَرسٌ أَسحلَ من حيث فُتِلْ
سهر الحاوون في رُقيتها / وهي صمّاء تُعاصِي بالعُصُلْ
يعجَزُ الصارمُ عن تبليغها / ما تقولُ الكتب فيها والرسُلْ
مدّ حتى نالها فارسُهم / قلماً يذرعُ والرمح أشلّْ
أدَّب البِرُّ لَهاكمْ فاقتفى / كلُّكم جودَ أبيه وامتثلْ
إنما قلَّلَ من أموالكم / فرطُ ما تُعطون والمعطِي مُقِلّْ
أنِستْ بالعُدم أيمانكُمُ / وإذا سوّدك الصعبُ سهُلْ
ضامني الدهر فجاروتكُمُ / فإذا جاركُمُ من لا يذلّْ
مكرمٌ يُحسب في أبياتكم / منكُمُ في كلّ ما طاب وحلّْ
يرد الماء فيُسقَى أوّلاً / لم يُسَمْ ضربَ غريباتِ الإبلْ
إنَّ مرعىً أنت فيه رائدي / لعميم النبتِ مأنوسُ المحلّْ
رُضتَني بالحبّ فاقتدْ عُنُقاً / طالما عزّت على لَيِّ الطِّوَلْ
أُلهم الشعرُ بأني ناصحٌ / لك في المدح فصفَّى ونَخلْ
حظوة في القول منّي قُسمتْ / لك والشعرُ حظوظٌ ودُولْ
كلّما عنَّ ترنحتُ له / فيشكُّون أفكرٌ أم ثَمَلْ
شاقني فيك فطرّبتُ به / مَرَحَ الطِّرفِ إذا حنَّ صهلْ
كلّ بيت ماثلٌ من دونكم / هضبةً أو سائرٌ سيرَ المثَلْ
هاجه جودك لي مبتدئاً / ما رعى المجدَ كمعطٍ لم يُسَلْ
لك حبي حزته أكرمته / عن عقيم اليدِ مولود العِللْ
فَرِقٍ من لا ضنينٍ بنَعَمْ / وهي غُرمٌ وإذا سِيل سَعَلْ
لا عداكِ الغيثُ يا دارَ الوصالِ
لا عداكِ الغيثُ يا دارَ الوصالِ / كلُّ منهلّ العُرَى واهي العَزالي
غدِقٌ كلُّ ثرى هاجرةٍ / تحته يضحَكُ عن بَردِ الظِّلالِ
موقظٌ تربَكِ من غير ضرارٍ / ممرِضٌ ريحَك من غير اعتلالِ
بليالٍ سلفت من عيشنا / آه وا لهفي على تلك الليالي
إذ يد الدهر يمينٌ والصِّبا / واسعُ الشوط وجيدُ الدهر حالي
وإماءُ الحيِّ ممّا اختضبت / أرضُهم بيضُ الطُّلى خضرُ النعالِ
وشبابي ما عليه في الهوى / أمرُ سلطانٍ ولا تعزير والي
والغواني آذناتٌ لفمي / ويدي مرتسَناتٌ في حبالي
كلّ هيفاءَ يميني طوقُها / فحمةَ الليل وقرطاها شِمالي
أجتني ريحانةَ الحب بها / غَضّةً ما بين غصنٍ وهلالِ
ضمّة تُلهي عن النوم إلى / لثمةٍ تُسلي عن العذب الزلالِ
رِخوة المفصِل لَينٍ مسّها / صعبةٍ مزجَك جوراً باعتدلِ
لك منها جلسةٌ أو لفتةٌ / بنتُ دِعصٍ فوقها أمّ غزالِ
حكمتْ في الحسن حتى خَتمتْ / سِمة الرّقّ على عنْقِ الجمَالِ
غفلةٌ للدهر كانت تحت سترٍ / من سواد الشعر مسدولٍ مذالِ
لم أكن أُنكرُ حالاً من زماني / قبلَ أن غيَّر جَورُ الشيب حالي
أقمر الليلُ فقالوا رشَداً / قلت يا شوقي إلى ذاك الضلالِ
حَكمَ الدهرُ فما أنصفنا / حاكماً يصرِفُ حقّاً بمُحالِ
وأبو الألوان لا يُبقِي على / صِبغةٍ فينا ولا حذوِ مثالِ
إن وفى يوماً فللغدر وإن / ضمّ شملاً فلصدعٍ وزيال
وهو مغرىً بِيَ من بين بنيهِ / سفهاً مالكَ يا دهرُ ومالي
أبثأرٍ ضاع تبغينِيَ لا بل / حسدَ الفضلِ وقصداً للكمالِ
هل تُرى تسطيع أن تأخذَ عزِّي / وإبائي عندما تأخذُ مالي
أنا ذاك المِخذمُ القاطعُ لا / صدَئي نقصٌ ولا فرطُ انفلالي
أغْرِ بي ما شئت قد يوغِلُ قطعاً / عاطلُ الجفنِ وقد يَنكلُ حالي
لِيَ في دفعك نفسٌ أيُّ نفسٍ / ورجالٌ وَزَرٌ أيُّ رجالِ
جُنَّةٌ دونِيَ لا ينفُذها / لك كيدٌ بنصالٍ ونبالِ
هم لنصري أُسرةُ العزِّ القُدامى / وهُمُ أربابُ نُعمايَ الأَوالي
كيفما طوَّفتَ بي صدَّك عني / بيديه كالىءٌ منهم ووالي
لم تغيِّر رأيَهم في لمِّ شَعثي / غِيَرُ الدهرِ وفي سدّ اختلالي
بَعدُ روحُ المجدِ فيهم حيَّةٌ / والمعالي عندهم بعدُ معالي
حملوا غدرَك يا دهرُ فما / أنكروا عادةَ صبرٍ واحتمالِ
ثَقَّلُوا منك على سُوقٍ خِفافٍ / بوُسوقٍ تُظلِعُ البُزلَ ثِقالِ
كلّ شخصٍ عَقرُ أهوالك في / جنبهِ أوفَى على عَوْدٍ جُلالِ
فانَه يا باحثُ محِفارَك عنهم / إنمّا تنكُتُ منهم في جبالِ
أنفسٌ ترخُصُ في سُوق الوغى / ومروّاتٌ وأحسابٌ غوالي
ودَبَى الأرضِ إذا قيل اركبوا / ورواسيها إذا قيل نَزالِ
طردوا الأعداء ذَبّاً بالعوالي / وبأقلامٍ كأطرافِ العوالي
وأغصُّوا كلَّ ريقٍ وفمٍ / بجراحٍ ألجمته وجدالِ
كلّ مجرٍ سعيُ أيّوب له / في ظلام الخطب شعشاعُ الذُّبالِ
يقتفي ثمّ يَرى في خطوه / سَعةً توفِي على ذاك المثالِ
كأبي طالبَ طود من كثيبٍ / فرَعَ الأصلَ وشمس من هلالِ
درجُوا واستحفظوه مأثُراتٍ / أَنشرتْ أعظمَهم تلك البوالي
عزَماتٌ بالمعالي صبَّةٌ / وبنانٌ عَبِقاتٌ بالنوالِ
وكماءِ الكَرْمِ أخلاقٌ إذا / ما القذى دبَّ إلى الماء الزُّلالِ
رجَحَ الحلمُ به واعتدلت / فيه من بعدُ كريماتُ الخِلالِ
ساكنُ الجأش وإن نفَّره ال / خطبُ صبَّارٌ لإلحاح السؤالِ
كلّما راجعتَه مجتدياً / أحمدَ الروضَ الرّبابُ المتوالي
لم يخن عهداً ولا وسوس في / وعدِه العاجلِ شيطانُ المِطالِ
يسبِقُ القولَ إذا قال نعم / في رهانِ الجودِ شَوطاً بالفعالِ
أكسد المدحُ فبعناه رخيصاً / وهو فيه سَنةَ الجدبِ يُغالي
ورأى الفضلَ يتيماً فكفَى / أبَ صدقٍ وحبا أمَّ عيالِ
يا يميني في الملمّات إذا / لم أجدْ أختاً يميناً لشمالي
والذي كان ذَراه مَنفقي / من سرايا الدهر خَلفي ومآلي
لعبتْ بعدَكُمُ بي لِعْبَها / نوبُ الدهر وأحداثُ الليالي
لم أجد مذ شطّت الدارُ بكم / نشطةً تُفلت جنبي من عِقالي
أكلَ الدهرُ الذي أسمنتمُ / بالندى والفضلِ من جاهي ومالي
وانتقى عظميَ لمّا لم يجدْ / فوهُ لحماً لِيَ من فرط هُزالي
وغدا الناسُ بغيضاً وعدوّاً / فيكُمُ لي من صديقٍ ومُوالي
ساءهم حفظِيَ فيكم وعكوفي / جانبَ الغيب عليكم واشتمالي
وعلى ما رابهم أو رابني / من زماني ما بقيتم ما أبالي
أنا راضٍ أن أرى أعيانكم / وبكم عن سائر الأعواض سالي
حوّل الناسُ وجوهاً عنكُمُ / وتساقَوا فيكُمُ كأسَ التقالي
وأبتْ نفسي على النأي فما اس / طاع تحويلي ولا رام انتقالي
كبدي تلك عليكم حرقةٌ / والهوى ذاك وغرٌّ كاللآلي
يتناصعن بأوصافكُمُ / بين مصغ طرِبِ السمع وتالي
لايبالين افتقاراً من غنىً / وافتراقاً بين معزولٍ ووالي
كالمصابيح وأعداؤكُمُ / كمداً منها وغيظاً في اشتعالِ
فاحفظوا عنّي فإنّي قَلَّما / خاب بشراي ولا كذّبَ فالي
ساحباتٍ للتهاني أبداً / كلَّ ذيلٍ في السعادات مُذالِ
مخبراتٍ أنّ ظلَّ العزّ من / فوقكم يسبُغُ من بعد الزوالِ
وبأنَّ الدهرَ عبدٌ تائبٌ / جاء يرجو منكُمُ عفوَ المَوالي
ما جدُ السعي أتاه ما سعى لَهْ
ما جدُ السعي أتاه ما سعى لَهْ / ومُعانٍ طلبَ العزَّ فنالَهْ
وجوادٌ أطلقتْ أرساغَهُ / هممٌ تُبدِلُ بالريثِ العجالَهْ
فجري لم تَثنه دونَ المدى / سعةٌ الشوطِ ولا ضيقُ المجالَهْ
كلّما طال به ميدانُهُ / تمّ بالبعد وأجرَى في الإطالَهْ
ناشداً من حقّه عازبةً / ردّها اللهُ على طول الضلالَهْ
فانتهى والريحُ في أعقابه / حَيرَةً تسألُ مُجريها الإقالَهْ
يا بني أيوبَ بُشرَى أعظمٍ / لكُمُ من فوقها الأرضُ مُهالَهْ
وهَنَا أسلافَكم ما أعقبتْ / تلكم الأصلابُ من هذي السلالَهْ
بعميدِ الرؤساءِ اعتدلتْ / لكُمُ أعمدةُ المجد الممالَهْ
لم تزل مُديتُه حافرةً / في الكُدَى حتى صفَت هذي الزَّلالَهْ
رجعَ الحقُّ إلى أربابه / واحتبى في داره يعرفُ آلَهْ
يشكر الأقدارَ في أوبته / ويذمُّ البعدَ فيما كان عالَهْ
أنحلتْه بعدكم كلُّ يدٍ / لم تكن تُحسن في الغصب انتحالَهْ
جهلَت قدرَ معانيه فقد / رضِيتْ منه بأسماءٍ مُحالَهْ
أبصر القادرُ لمّا ردَّها / فيكُمُ أنّ الهدى فيما بدا لَهْ
ورأى أنوارَها من ظلِّكمْ / بعدَ بيت الجوْر في بيت العدالَهْ
والإمام المجتلَى من قبله / كنتُمُ أولى به ممن عنا لَهْ
لم تكونوا كالذي دبّ له / خَمَراً في مُلكه حتى أزالَهْ
ورأى القائمُ بالأمر غداً / أنكم أنصر أعضاداً وآلَهْ
عجمَ الناسَ فكنتم دونهم / يدَه تحمِلُ سيفاً ورِحالَهْ
فاجتبى منكم فتىً أيَّ فتىً / شفع الأصلَ بحزمٍ وأصالَهْ
لحِقَ العرقَ وزادت خطوةٌ / منه أعطتْ فوق ما تُعطي الفُضالَهْ
بأبي طالبَ ترتاحُ غداً / دولةٌ من ظاهرِ الجورِ مذالَهْ
يا وزير الخلفاء انهض بها / مثلما تنهض بالسيف الحِمالَهْ
كيف لا يشتاق أن تملأه / مجلسٌ وجهُك بدرٌ وهو هالَهْ
موقفٌ أنت أخوه وابنه / غلبَ الناسُ عليه بالجهالَهْ
رتبةٌ لم تقتعدْها غَلطاً / ومُقامٌ لم ترثْه عن كَلالَهْ
تجمُلُ الدنيا ومن فيها به / وعلى ذاك لقد كنت جمالَهْ
وهنيئاً لبسةٌ فضفاضةٌ / ذيّلوها لك من غير إذالَهْ
لبِسةٌ سوداءُ عباسيّة / تنطِق الروعةُ منها والبسالَهْ
من أديم الليل قُدّتْ هيبةً / لا ظلاماً ووقاراً لا ضلالَهْ
أطلع الأفقُ على دَيجورِها / شمسَه وجهَك والتبرَ هلالَهْ
خُلقتْ لونَ الشبابِ المشتهَى / وحكت خَطرتَه فيك وخالَهْ
وأعزّوها بأخرى وصَفتْ / روضَ وعساءَ جرى الماءُ خِلالَهْ
ترجِع الأبصارُ من أوطارها / حَيرةً عن قبَسٍ أو عن ذُبالَهْ
يمتريك الشكُّ في راصعها / أجْمدَ العسجدَ فيها أم أسالَهْ
ومنيفٌ لاحقيّ لو عطا / عُنْقَه يمسح بالطود لطالَهْ
نفضَ الرَّوسُ على أعطافه / صِبغةً لم تتعقّبها استحالَهْ
لا يَمسُّ الأرضَ إلا غلطاً / غيرَ أن يُعلِقَ بالترب نعالَهْ
نصَحَتْه مقلتَا جازئة / آنستْ بالرمل سهماً وحِبالَهْ
ومصيخان على نائية / بخفيّ الجَرْسِ حتى يوضِحا لَهْ
عجِبَ الناسُ وقد أُمطِيتَهُ / من غزالٍ فوقه وجهُ الغزالَهْ
مَنِحٌ كنتُ أرى آثارَها / بخفيّ الحدْسِ أو وحي الدلالَهْ
وانسكاب المزن من حيث انبرت / شقق البرق خِطافاً ومَخالَهْ
فتملّ العزّ واسحب ذيلَهْ / وارتبع روضتَه واسكن ظِلالَهْ
خطوةٌ ما للمنى من بعدها / مرتقىً يعطى سموّاً واستطالَهْ
وإذا لم يك أمر زائداً / فأدام الله هذا وأطالَهْ
وانطوى الدهر على أعقابه / والقضايا وهي لم تقض انتقالَهْ
وانتحال المدح يسرِي راكباً / كلَّ فتلاء ضمورٍ في الرحَالَهْ
دقّ فاستصعب ما تحملُهُ / وهي تحت الحِمل بزلاءُ جُلالَهْ
فاتت القولَ وزادت قدرةً / وقُوىً أن وجدت فيك مقالَهْ
للتهاني كلّ يومٍ فوقها / طارقٌ يوسع للشعر مجالَهْ
يجتليها منك كفءٌ عارفٌ / يأخذ القولَ ويعطينا فعالَهْ
يُسمِنُ العِرضَ ويُضوِي كفَّه / وحبيبُ العِرض من أبغضَ مالَهْ
فتغنَّمها وخذ من رزقه / حُلوَهُ المأكولَ عفواً وحلالَهْ
واحتمل من هذه تقصيرَها / ربّما كانت مع الطَّوْل الإطالَهْ
بَكَرَ العارِضُ تحدُوه النُّعامَى
بَكَرَ العارِضُ تحدُوه النُّعامَى / فسقاكِ الرِّيَّ يا دارَ أُماما
وتمشَّتْ فيك أرواحُ الصَّبا / يتأرَّجنَ بأنفاس الخُزامَى
وإذا مَغنىً خلا من زائرٍ / بعدما فارق أو زير لِمَاما
فقضى حفظُ الهوى أن تُصبحي / للمحبّين مُناخا ومُقاما
أجتدِي المزن وما ذا أرَبي / أن تجودَ المزنُ أطلالاً رِماما
وقليلاً فيكِ أن أدعو لها / ما رآني الله أستجدي الغماما
أين سكانك لا أين هُمُ / أحجازا أقبلوها أم شآما
صُدِعوا بعد التئامٍ فغدت / بهمُ أيدي المَوامي تترامَى
وتبقُّوا كلّ حيرانَ بليدٍ / يسأل الجندل عَنهم والرَّغاما
يا لُواةَ الدَّين عن ميسَرةٍ / والضنيناتِ وما كنَّ لئاما
قد وقفنا قبلكم في ربعكم / فنقضناه استلاما والتزاما
سَعِدَ الراكبُ تحتَثُّ به / جَسْرةٌ تخلط وَهْداً وإكاما
تطَأ العسفَ فتُدمِي خفَّها / جبَهاتُ الأرض شجّاً ولطاما
تَتَنزَّى أَنَفاً في خُلْقِها / أن تُطيع السوطَ أو تُرضِي الزِّماما
تُطعِمُ البيد إذا ما هجَّرتْ / شِبَعَ البيداء نِقْياً وسُلامَى
ماؤها بَسْلٌ على أظمائِها / أو تَرَى بالنَّعف هاتيك الخياما
وبجرعاء الحمى قلبي فعجْ / بالحمى فاقرأ على قلبي السلاما
وترجَّلْ فتحدَّثْ عَجَبا / أن قلباً سار عن جسمٍ أقاما
قلْ لجيران الغضا آهِ على / طيب عيش بالغضا لو كان داما
نصِل العامَ وما ننساكُمُ / وقُصَارَى الوجد أن نسلَخَ عاما
حمِّلوا ريحَ الصَّبا نشرَكُمُ / قبلَ أن تحمِل شيحاً وثُماما
وابعثوا أشباحَكم لي في الكرى / إن أذِنتم لجفوني أن تناما
وقَفَ الظامي على أبوابكم / أفيَقضِي وهْو لم يشفِ أُواما
ما يبالي مَن سقَيْتُنَّ الَّلمَى / منَعكُنَّ الماءَ عذباً والمُداما
واعجبوا من أن يَرَى الظَّلْمَ حَلالا / شاربٌ وهو يَرى الخمرَ حراما
أشتكيكم وإلى من أشتكي / أنتم الداء فمن يشفي السَّقاما
أنتمُ والدهرُ سيفٌ وفمٌ / ما تملّانِ ضِراباً وخِصاما
كلّما عاتبتُ في حَظِّيَ دهِري / زاده العتبُ لجَاجا وعُراما
وإذا استرهفتُ خِلّاً فكأني / منه جرَّدتُ على عُنْقي حُساما
لمتُ أيّامي على الغدرِ فقد / زادت الإجرامَ حتى لا مَلاما
ولزِمتُ الصمتَ لا أشكو وصمتي / بعدَ أن أفنيتُ في القول الكلاما
قعد الناسُ بنصري في حقوقٍ / قعدَ المجدُ يبَكِّيها وقاما
دفعَ اللهُ وحَامَى عن رجالٍ / قد رعَوْني لم يُضيعوا لي سَواما
كفَّنِي جودُهمُ أن أجتدى / وأبى عزّهُمُ لي أن أُضاما
طَلَعوا في جُنح خَلَّاتي نجوماً / وانتحوا نحو مَراميَّ سهاما
وأضاءت لي أمانيُّ بم / عَشِيَتْ في الناس تِيهاً وظلاما
عُرِفوا بالجود حتى أصبحوا / من وضوحٍ في سواد الدهر شاما
لمَ أذمِّم حُرمةً سالفةً / في معاليهم ولا عهداً قُدامَى
ما استفادوا كرما فيّ ولكن / خُلِقوا من طينةِ المجد كِراما
من رجال لبِسوا الملكَ جديدا / وافتلَوا ناصيةَ الدهر غلاما
روَّضوا العلياءَ حتى اقتعدوا / ظهرَها الذُروةَ منه والسَّناما
وإذا الأيامُ غمَّت أقبلوها / غُرَرا تقدَح في الخطبِ وِساما
ببني عبد الرحيم استُحلبتْ / مزن الجود وقد كن جهاما
أولدوا أم الندى فالتقحت / ببنيها بعدَ أن حالت عقاما
ورِثوا أصلَ العلا فافترعوا / بنفوس ضمِنَتْ فيها التّماما
تركوا الناس قعودا للحبى / يشتكون العجز أفواجا قِياما
فتحوا باب الندى واستشهدوا / بزعيم الدين إذ كان ختاما
جاء مأموما وقامت آية / فيه دلت أنه جاء إماما
سبق الناسَ قُروما قُرّحا / جذعٌ رِيضَ وما عضَّ اللجاما
وحوى السؤددَ من أطرافه / فكلا جنبيه أيمانا وساما
وانتهى في الفضل من حيث ابتدا / ما تثنَّى غصنُه حتى استقاما
ورعَى الدولةَ من تدبيره / يقِظ العين إذا الذائدُ ناما
لو رأى الذئبُ قريبا سرحَهُ / لعَمِي من فَرقٍ أو لتعامى
حاطها سيفاً ورأياً والساناً / إن تَداهَى وتَلاحَى وترَامى
وشفَي أدواءَها من معشرٍ / قبلُ طَبُّوها فزادوها سَقاما
فهو فيها وأخوه وأخوه / يذبُلٌ سانَدَ رَضوَى وشَماما
عزماتُ كالمقادير مضاءً / وقضايا كالأنابيب انتظاما
ويدٌ يرتعد السيفُ بها / وسماحٌ لقَّنَ الجودَ الغماما
وسجايا تشرَب الصهباءَ منها / كلّما أرعشَ رأساً وعِظاما
ومعالٍ كَمُلتْ ما تبتغي / لك فيها زائدا إلا الدواما
شرفٌ كان عِصامِيّاً فلم / يرضَ عن كسبك أوصرتَ عِصاما
أنتَ من جاثيتُ أيّامي به / وهي خَصمٌ فتحامتني احتشاما
وتروَّحتُ من الثقل وقد / حفيتْ جنبايَ ضغطا وزحاما
كم يدٍ أرضَعْتَنِي دِرَّتَها / بعدَ أن قد كنتُ عوجلتُ الفطاما
أدركتْ حالي فكانت بالندى / في ضِرام الفقر بردا وسلاما
كنتَ لي أمتنَهم حبلَ ودادٍ / في الملمَّاتِ وأوفاهم ذماما
فعلام ارتجعَ الإعراضُ مني / ذلك الإقبالَ والعطفَ علاما
وكم النسيانُ والشافعُ لي / يَخفِرُ الذّكرةَ بي والإهتماما
وإذا سُحْبُك عني عَبستْ / فمتى آملُ من أَرضِي ابتساما
والملالُ المرُّ لِمْ فاجأني / من فتىً كان بحبي مستهاما
ونَعمْ أعذرُكم فالتمسوا / عِذرةَ المجد إذا ما المجدُ لاما
وانظروا أيَّ جوابٍ للعلا / إن أتت تغضَب لي أو تتحَامَى
فتمنَّوْا فَضلتي واغتنموا / ما وجدتم من بقاياي اغتناما
واستمدّوها نِطافا حُلوةً / تُنهلُ الإعراضَ غَزْرا وجَهاما
تنفُض الأرضَ بأوصافكُمُ / طَبَقَ الأرض مسيراً ومقاما
لو أُقيمت معجزاتي فيكُمُ / قِبلةً صلَّى لها الشعرُ وصاما
أو زقا الأمواتُ يستحيونها / نشرت بالحسن رِمّاتٍ وهاما
فاسمعوها عُوَّداً وابقوا لها / وَزَراً ما صرَفَ الصبحُ الظلاما
واستماحت روضةٌ ربعيّةٌ / صبحةَ النيروز وَطْفاً ورُكاما
وسعى الوفدُ يَحُلُّون الحُبَى / نحو جَمْع ويزِفّون جِماما
كلَّ يوم للتهاني عندكم / سوقُ ربح في سواكم لن تُقاما
دعْ ملامي باللّوى أورُحْ ودعْني
دعْ ملامي باللّوى أورُحْ ودعْني / واقفا أنشُد قلبا ضاع منِّي
ما سألتُ الدار أبغى رجعَها / ربَّ مسؤول سواها لم يُجِبْني
إنما الحظُّ لقلبي عندَها / ولعهدي لا لعينيَّ وأُذْني
كن أخاً يُسعِدُ أو بِنْ عن قِلىً / فأخي الناصحُ ما استودعتُ جفني
أنا يا دار أخو وحشِ الفلا / فيكِ من خان فعزمي لم يخنّي
قائما أو قائلا مفترِشاً / بين خدِّي وثرى أرضِكِ رُدني
ولئن غال مغانيك البِلى / عادة الدهر فشخصٌ منك يُغني
إن خَبتْ نارٌ فها ذي كبدي / أو جفا الغيثُ فها ذلك جفني
ممّن الراكبُ نجَّتْه أَمونٌ / زجَرتْ سانحَتَيْ خِصبٍ وأمنِ
رشَداً ما التقم الحادي بها / نُجعةً يُعشِبُ ما شاء ويُسني
يأخذ الحاجاتِ من غايتها / سهلةً إن يتعنَّى أو يُعنِّي
دعوةً صالحةً مسموعةً / فيه إن بلَّغ ما قلت ألِكنى
أو أبانت خَبَراً رحلتُهُ / من لوى خَبْتٍ عن الحيِّ المُبِنِّ
كم على وادي أُشَيٍّ من هوىً / مستعادِ العتبِ محبوبِ التجنِّي
وبُرّمانَ سقى رُمّانَ مِن / أيكةٍ غناءَ أو ظبي أغَنِّ
ووفاضٍ للتصابِي مُلئتْ / مِلءَ أعراضك من طيب وحسنِ
وغُصَيْنيٍّ جموحٍ فتَلتْ / رأسَهُ الشاردَ حرَّى بنتُ غصنِ
خلَطت حُزْنا بتغريدٍ فما / فرَّق السمعُ أتبكي أم تُغنِّي
غِرَّةٌ في العيش كانت أفرجَتْ / قبضَةَ الأيام عنها بعد ضنِّ
ثم عادت تقتضيني ردَّها / أين هذا قبلَ أن يُغلَق رهني
حيث لم يُلحَمْ عِذارَيَّ ولا / رُجِمتْ بعدُ بشُهبِ الشَّيب جِنِّي
يا بياضا لستَ أُولى وقعةٍ / لي مع الدهرِ وجُلَّى طرقتني
إنما يستطرِفُ الرَّوعةَ مَن / نفَّرَتْ منه بقلبٍ مطمئنِّ
ما دعا باسمٍ سوى اسمى شَرُّه / قطُّ إلاّ خلتُه إيَّاي يَعني
عبدُهُ من ظَن خيرا عندَه / إنما حسَّنَ حالي سوءُ ظنِّي
لم يزَلْ بي الياس حتى لم تجد / مَعلَقا فيّ حِبالاتُ التمنِّي
فارضَ خُلْقي أو فسلْ خصمِيَ بي / ربَّما لم ترضَ عن قوليَ سَلْني
لا تجاذِبْ رَسَني في طمعٍ / وكما شئتَ مع الوُدِّ فقُدْني
ومتى تسمَعْ بقومٍ أعجفوا / ليعِزُّوا فابغِني فيهم تجدْني
جمَّةُ الدنيا يُسَخّيني بها / شُربِيَ النُّطفةَ لم تُمزَجْ بمَنِّ
قل لمن أنبضَ لي يوعدني / برقةً تشهدُ أن ليست لِمُزنِ
قد أتتني فتبسَّمتُ لها / وقليلا أنِستْ بالضِّحك سِنِّي
رُبّما قبلَك وافٍ ذرعُه / مسحَ الأفْقَ بكفٍّ لم تنلني
ودَّ لو ما تُقلَبُ الأرضُ به / قبلَ أن يقلِبَ لي ظهرَ المِجَنِّ
سامَ بغضا بي فلمّا داسها / فرآها جمرةً قال أقِلْني
كنْ عدوّاً مبدياً صفحتَه / أو فسالمني إذا لم تك قِرْني
أبقِ من يومي نصيبا لغدي / ربما سرَّك ما ساءك منّي
في اشتباه الناس ودٌّ بينهم / وحزازات التنافي شرُّ ضِعنِ
كم عدوّ سُلَّ من ظهرِ أبي / وأخ لي أمُّه ما ولدتني
سُقِيَتْ أنفُسُ وافين زكتْ / بهمُ أرضيَ واستُثمِرَ غصني
أدركوني مُثقَل الظهرِ فحطُّوا / كُلَفَ الأيام عن جُلْبةِ متني
وتمطَّيتُ بجنبيْ أجإٍ / منذ قاموا يزحَمون الدهرَ عنِّي
أدّبوا الأيام لي فاعتذرتْ / بعد أن كانت تَجنَّى وهي تَجنِي
ببني عبد الرحيم اعتدلتْ / واستقامتْ بعد مَيْلٍ وتثنّي
المحامون على أحسابهم / بصريحاتٍ من المال وهُجنِ
وفَّروا الذكرَ فما يحفزِهم / ما أصابَ المالَ من نقصٍ ووهنِ
تزلَق الفحشاء عن أعراضهم / زلق الشفرة على ظهر المِسَنِّ
صرَّح الجدبُ فغطَّوا شمسَه / بسحابٍ من نداهم مرجحِنِّ
ودجا القولُ فعطُّوا ليله / بحديداتٍ من الألسن لُحنِ
تَنطِقُ السهلَ على ما ركِبتْ / من ظهورٍ صعبة الأردافِ خُشْنِ
بلَغوا منها ومن أقلامهم / غايةَ الأبطالِ من ضربٍ وطعنِ
وأنابيب خفاف كسبت / من ندى أيديهم هزة لدن
تقنصُ الأغراضَ ركضاً كلّما / أدركتْ فنّاً تعدّته لفنِّ
حلَماء تُعدَل الأرضُ بهمْ / كلَّما مالت من الجهل بركنِ
خُلِقوا من طينةِ الفضلِ فما / يرجِع اليافعُ عن شأو المُسِنِّ
كلَّما شارفَ عمريْه أبٌ / منهمُ آزرهُ الإقبالُ بابنِ
وإذا قالَ دعيٌّ إنني / منهمُ قال له المجدُ وإنِّي
بأبي سعدٍ وَفَى عهدُ العلا / لأبيهِ وشروطُ المتمنّي
سبق الناسَ فتىً علَّمهم / أنه لا يُحرَزُ السبقُ بسِنِّ
لو رأى فيهم سوى والده / أوَّلاً ما كان يرضَى أن يُثَنِّي
زاده مجدا وإن كان له / في مساعيه من السؤدد مُغْني
إن رمى شاكلةً فهو مصيبٌ / أو جزَى يومَ عطاءٍ فهو مُسْني
يُخلِفُ المالَ لأن يُتلفَه / وبقاءُ العزِّ للأموال مُفني
حُذِيتْ نعلَيْك خدَّا ناقصٍ / حدَّثَتْه بك جَهْلاتُ التظنِّي
خابطٍ يُصْلِدُ في الخطبِ وتُورِي / وحريصٍ يهدِمُ المجدَ وتبني
راح سرح الهمِّ عني عازباً / بك واستأسر للأفراح حُزْني
صِدْتَني بالخُلُق الرحبِ وكم / قد تقبَّضْتُ بخُلْقٍ لم يسَعْني
ما تخَيَّلْتُك حتى جُبتُهم / باحثاً أقلبُهم ظهراً لبطنِ
رَطِبَتْ بالشكر صِدقا شَفَتي / منذُ ألقيتُ إلى بحرك شَنِّي
فتسمَّعْ فِقَراً أقراطَ أُذْنٍ / هي في أعدائها وَقرةُ أُذْنِ
من بنات السير لو أطلقَها / حظُّها ما انتظرتْ سهلاً بحَزْنِ
يتبادرنَ مُروقا من فمِي / فكأنْ لم يتقيَّدن بوزنِ
ليتها إذ منعت ماعونَها
ليتها إذ منعت ماعونَها / لم تكن ناهرةً مِسكينَها
دُميةٌ ما اجتمعت والشمس في / موطِن إلا رأتها دونَها
ما عليها لو أطاعت حسنَها / يوم جَمعٍ أو أطاعت دينَها
سكنَت بين المصلَّى ومنىً / حِجَّةً لم تتّبِع مسنونَها
تصفُ الظبيةَ لولا عَطفَها / لك والبانةَ لولا لينَها
فأسالت أنفسا معْجَلةً / لم تشارف من كتابٍ حِينَها
أنبلتْها وهي لا سهمَ لها / إنما ألحاظُها يَكفينها
سألت لمياءُ ماذا فتنت / أيّ قلبٍ لم يكن مفتونَها
إن تُرِي ظنَّكِ أن قد غودرت / بالمصلَّى مهجةٌ تَسبينها
فاسألي عينيكِ هل جانبتا / في الجوَى حُورَ المها أو عِينها
يا ابنةَ المُثنَى عليهم بالندى / وعهودٍ حرَّموا تخوينَها
ما لهم جادوا وبَخَّلتِ وما / للمواثيق التي تلوينَها
رُمِستْ عندك عاداتٌ لهم / كان حقُّ المجد لو تُحيينَها
أزِفَ النَّفْرُ وفي أسر الهوى / كبِدٌ عندكِ لا تفدينَها
ذهبتْ هائمةً فاطلعت / عُذرةٌ تحسَبها مجنونَها
قُضيَ الحجُّ تماما ولنا / حاجةٌ بعدُ فهل تقضينَها
ما بك الصدُّ ولكن وفرةٌ / لوَّنَتْها نوبٌ تلوينَها
إن تَرَيْ أشمطَ منها أشعثا / وحفَها بالأمس أو مدهونَها
فالليالي وهي ضَرَّاتٌ لها / يتجدّدنَ لأن يُبلينَها
كلّ ما أعطينها يأخذنهُ / ثم يأخذن فلا يُعطينَها
ربَّ مرميٍّ أصبناه بها / ورماةٍ ثَمَّ لا يُصمينها
وفلاةٍ تَرْهَبُ العيسُ بما / قلَّ تحقيقاً بها مضمونَها
يجمع الخِرِّيتُ حوْلاً أمره / وهو لم يأخذْ لها آيينَها
أوحشتْ حتى غدا مشكورُها / شُقَّةً أو غَرَرا معلونَها
قد ركِبنا فوصلنا بَيْنها / وهي شتَّى وقطعنا بِينَها
لنرى مثلَ ابن أيّوب فتىً / ثقةَ الشيمةِ أو مأمونَها
فإذا تلك على بُعدِ السُّرى / حاجةُ العيس التي ما جِينَها
صحِبَ اللهُ وحيّا حامياً / سَرحةَ المجدِ التي ترعونَها
وتبقَّى للمعالي ممسِكا / بعُراها حافظا قانونَها
وجدَ السؤددَ في مولده / فِطرةً والناسُ يرتادونَها
ورأى الفقرَ مع العزّ إذا / أنفسٌ جرَّ غناها هُونَها
حلَّ من أُسرته في ذِروةٍ / فاتت الشّهبَ فما يبغينَها
دوحةٌ مطعمةٌ منعمةٌ / جانياتُ المجدِ يستحلينَها
ربَّها الله فصفَّى ماءَها / حَلَبَ المزن وزكَّى طينَها
ونَمتْ من فرعها جوهرةٌ / أظهرَ الدهرُ بها مكنونَها
بأبي طالبَ طالت لهُمُ / شُرَفُ العزّ التي يبنونَها
جاء في جبهتها غرّتَها / فاحتبى في وجهها عِرنينَها
كان فيها حاتمَ الجودِ فمذ / كنزَ الحمدَ غدَا قارونَها
يزحَمُ الحسّادُ منه هضبةً / يتفانَوْن ولا يثنونَها
تَزلَق الأقدامُ عن مَرقاتِها / وتُرى الأبصارُ حَسْرَى دونَها
فابْقَ لا تعدَم مغاني مجدهم / عزَّها منك ولا تمكينَها
عامراً عافِيَها أو مالئا / بجماعات الندى مسكونَها
بك روحُ الفضل عادت حيَّةً / بعدَما أنشدَنا تأبينَها
زُجِرت باسمك أو طارت لها / يَمَنٌ قد عدِمت ميمونَها
وقضى الدهرُ ديوني بعدما / ضغطتْ ممطولةً مديونَها
نُطتُ نفسي بك أو أغنيتَها / عن أكفٍّ كنَّ لا يُغنينَها
لم تدع عند المنى لي حاجةً / لا خباياها ولا مخزونَها
فقلوبٌ حزتَ لي شَنْآنها / ولحاظٌ قُدتَ لي مشفونَها
فمتى أشكرْك تَنطِقْ روضةٌ / حدقُ المزنِ بها يسقينَها
شانَها الجدبُ زمانا فاحتبتْ / أُمَّ جَوْدٍ وليَتْ تزيينَها
فاستعِدْها حاديا معجزَها / مالكا أبكارَها أو عُونَها
يحمل النيروزُ منها تُحفةً / عادةً أدَّى لكم مضمونَها
مخبرا أنكُمُ من بعدهِ / رهنَ ألفٍ مثلِهِ تطوونَها
فإذا ذاك فذرِّيَّتُكُمْ / تأخذ النُّهْجَ التي تحذونَها
سَلْ بسلعٍ شجَنا كان وكُنّا
سَلْ بسلعٍ شجَنا كان وكُنّا / ليتَ شعري ما الذي ألهاك عنّا
أهوىً أَحدثتَه أم كاشحٌ / دبَّ أم ذنب سِوى أن تتجنَّى
لا ولكن خُنتَ فاستخونتنا / واحتملناك على العزّ فهُنَّا
لو أُجيبتْ لمحبٍّ دعوةٌ / لسألتُ اللهَ في الظالمِ منَّا
غضبَ الغيثُ على وادي الغضا / وعسَتْ باناتُهُ أن تتثَنَّى
فلكم طاحَ على غزلانه / من دمٍ تَنهبُه جيداً وجفنَا
رامياتٌ عن قوىً مضعوفةٍ / لا ترى المطلولَ إلا من قتَلْنا
ومضتْ أحكامُه في مبدعٍ / شرعَ القتل عل الخَيفِ وسنَّا
جعلَ الكعبة خوفا فتكُهُ / بعد أن كان بناها الله أمنا
طافَ في غيدٍ تكنفَّن به / كيفما دار جَنوبَ الدار دُرنا
يتحفَّفْنَ به يُعطينَه / دعوةَ الإعظامِ من هنَّا وهنَّا
ما إخال الحجَّ يقضِي فرضَه / مسلمٌ يوم رآهن سنحنا
هل من الذكرة يا أهلَ مِنىً / غيرَ أن أَوجعَهُ الشوقُ فأنَّا
ليتَ جسمي معَ قلبي عندكم / إنّه فارقني يومَ افترقنا
أتمنَّاكم على اليأس ومَنْ / تركوهُ ومُنَى النفسِ تمنَّى
وهَنَا رملةَ أنِّي قانعٌ / بخيالٍ كاذبٍ يطرُقُ وَهْنا
منعْتنا الحقَّ يقظَى أسَفاً / وشكرناها على التسويف وسْنَى
أيها الراكبُ تستنُّ بهِ / شطبةٌ مخطفَةٌ فتلاءُ وَجْنَا
تخبِط الأرضَ خِلاطاً سيرُها / وَهدةً تخبِطُ أو تُشْرِفُ رَعْنا
ذاتُ لَوثٍ لستَ تدري شِرَّةً / إِبلاً تنسِب أو تنسِب جِنَّا
إنْ دَجا الليلُ فعمَّى طُرْقَها / نصبَتْ حَرْسا مكانَ العين أُذْنا
لا تبالي إن نجت ما خلَّفَتْ / غَيْرُهَا مَنْ غُرَّ بالبوِّ فحَنّا
تطلبُ الحظَّ على غاربها / قَلِقاً تُتبِعُها سَهلا وحَزنا
ربَّما تسعَى لأمرٍ نازح / وهو تحت الخفض من كفّك أدنَى
اِلتمسْ عندَ ابن أيوبَ الغنى / يأتِك الحظُّ به أحلى وأسنَى
تُخلِفُ السُّحْبُ مواعيدَ الحيا / وأبو طالبَ لا يُخلِفُ ظنَّا
حبَّبَ الفقرَ إليه أنه / سؤددٌ وهو بذاك الفقر يَغنَى
وشريفُ القوم من بقَّى لهم / شرفَ الذكرِ وخلَّى المالَ يَفنَى
ما اطمأنَّ الوفرُ في بُحبُوحَةٍ / فرأيتَ المجدَ منها مطمئنّا
يهدمُ الأموالَ في آساسِها / أبدا ما دامتِ العلياءُ تُبنَى
والمُعَنَّى بأحاديثِ غدٍ / وبطيب الذكر مكدودٌ معنَّى
بعميد الرؤساء انتشرتْ / سُننُ المَجد وقد كُنَّ دُفِنَّا
ردَّ ماء الفضل في عِيدانه / والظما لم يُبقِ في الأيكة غصنا
فغدا المصفرُّ منها مُورِقا / وانثنى العاسي على الغامزِ لَدْنَا
فهي في السابغ من أذياله / غيضةٌ تَنضُرُ خضراءُ وتُجنَى
دخل الأوحدُ في ألقابهِ / لفظةً واقعةً جاءت لمعنَى
وسواه غاضبٌ منتحِلٌ / ما تسمَّى بالمعاني أوتكَنَّى
ملأَ الدَّستَ وقارا ونفاذا / وبيانا حيثُ تُلفَى الناسُ لُكْنا
ووفى عند الإمامين وأوفى / وكفى من جانِبِ النصحِ وأغنَى
كان سيفا قاطعا دونهما / فإذا ما استظهرا كان مِجَنّا
ومضى يُرهفُ خطّاً وخِطاباً / كان في دفع العدا ضربا وطعنا
همّةٌ لم تتثقَّفْ بمشيرٍ / واعتزامٌ أوّلٌ لا يتثنَّى
يَبْدَهُ الرأيَ فلا يُتبعُه / ندما يقرَع بالأصبعِ سِنَّا
زيَّنَ القصرَ الخِلافيَّ عريقٌ / جلَّ بالهُجنةِ يوما أن يُزَنَّا
نُقِلَ الصدرُإليه عن رجالٍ / لم يزل يُسندهم متنا فمتنا
واسدوهُ كابرا عن كابرٍ / كلَّما مات أبٌ ورّثَه ابْنا
فمتى دِيسَ بقومٍ غيرِهم / قاءهم يرميهُمُ رجما وزبْنا
أنتُمُ أَولى بأن يأمنَكم / ويغالِي فيكُمُ شحّاً وضنَّا
وإذا اختصت وفودا منكُمُ / عمَّت العالَمَ إفضالا ومَنَّا
ذاك من أنَّ العلا في بيتكم / نطفةٌ قبلَ حدوثِ الأرضِ تُمنَى
وتَرَون الحمدَ غُنْما يُقتنَى / بالأيادي ويراه الناسُ غَبنا
وإذا الدهرُ قَسا أدّبتُمُ / بالندى أخلاقَه الخُشنَ فَلِنَّا
فمتى ما نظرت أحداثُهُ / نحوكم غُطّين عنكم وسُمِلْنا
أَرْعنِي سَمعك تَسمَعْ فِقَرا / لو طَلبن العُصْمَ بالإذن أَذِنّا
قاطعاتٌ أبدا ما قَطعَتْ / أنجمُ الأفقِ سَوارٍ حيثُ سِرْنا
تحملُ العِرضَ خفيفا طائشا / وتؤدّيه يفوت الطودَ وزنا
وإذا كرّ كلامٌ شائِهٌ / مللا زدن على التكرير حُسنا
أحيتِ الحيَّيْنِ بكراً وتميماً / محدثَاتٍ يُتَخَيَّلْنَ قَدُمْنا
لك منها أبدا ريحانةٌ / تُعبِقُ الضوعةَ أذيالا ورُدْنا
غضَّة أنت بها مبتدئاً / في نَداماك تُحيَّا وتُهنَّا
وإذا أنطقها يوماً فتىً / طفِقتْ تُذكرك الودَّ المسنَّى
وأواخيُّ لنا إن حُفظتْ / أو أُضِيعت فاشهدوا أنا حفِظنا
لا رسومَ المهرجان اعتاقها / حابسٌ عنكم ولا العيدَ أضعْنا
أتُراها يومَ صدَّت أن أراها
أتُراها يومَ صدَّت أن أراها / علمتْ أنِّيَ من قَتْلَى هواها
أم رمتْ جاهلةً ألحاظُها / لم تميِّز عَمدَها لي من خَطَاها
لا ومن أرسلها مفتنةً / تحرِجُ النُّسكَ بجَمْع وقَضاها
ما رَمى نفسِيَ إلا واثقٌ / أنه يقضِي عليها مَن رماها
سنحتْ بين المصلَّى ومِنىً / مَسنَح الظبيةِ تستقري طَلاها
فجزاها اللهُ مِن فتكتها / في حريم الله سوءاً ما جزاها
قال واشيها وقد راودْتُها / رشفةً تبرُدُ قلبي من لمَاها
لا تَسُمْها فمَها إن الذي / حرَّم الخمرةَ قد حرَّم فاها
أعطِيتْ من كلّ حُسنِ ما اشتهتْ / فرآها كلُّ طرفٍ فاشتهاها
وحماها خَفَرٌ في وجهها / ووقارٌ قبلَ أن تُسمِي أباها
لو خَلتْ من أُسرةٍ في قومها / ونفاها حسبٌ زاكٍ نماها
غدت الشمسُ إذا ما أسفرتْ / أختَها والغصْنُ إن ماست أخاها
ورأتْ في العين من أشباهِها / من قبيلٍ وعديدٍ ما كفاها
كيف والدَّهناء غابٌ دونَها / وظبا سعدٍ أسودٌ وقنَاها
ولوَ اَن النجمَ يرتاحُ لها / لحظةً في غير جَمع ما اجتلاها
آهِ مما أسأرتْ في كبدي / مِن جوًى تلك الليالي البيضُ آها
أشتكى البينَ وفي صدري نُدوبٌ / من زماني دامياتٌ ما اشتكاها
ويُنِدُّ النومَ عن عيني حبيبٌ / هاجرٌ يرحَلُ عنّي بكراها
والليالي خالساتٌ من لحاظي / كلَّ مولى قربُه يجلو قذاها
دِيَمِي في المحْلِ تسرِي وحُماتي / يومَ أسدُ الغاب مبذولٌ حِماها
والمقارِي والمصابيحُ إذا / دجت الليلةُ أو جَنَّت ضِياها
وإذا الرملُ غدا معتصرا / ظمأً واصطفن الناسُ المياها
قمتُ أدعوهم جُدوبا وضلالا / فَيُلَبُّوني أكفّاً وجِباها
كلّ كفّ قد براها الله من / طينةٍ ليّنةٍ يومَ براها
حكمُها يقضِي على الناس ولكن / جودُها يقضي عليها ونداها
كزعيم الدين لم تعرِفْ سواه / سبُلُ الخير ولم يعرف سواها
طلبَ الغايةَ حتى ما يراها / للعلا سالكةً إلا رَقاها
وأباحَ المجدَ نفساً حرّةً / أمر المجدُ عليها ونهاها
فإذا غالت به طاوعها / وإذا مالت إلى الخفض عَصاها
حلَّقتْ مبتدِئا همّتُه / وانتهى المجدُ فلم يبلغ مداها
كلَّما استوقفها في موطن / حابسٌ طاشت تُناصِي منتهاها
نقلَ السؤددَ عن أبائه / فحواها وارثا يوم حواها
واستفادتْ نفسُه من كسبهِ / شرفا زاد عليها وعَلاها
عوَّذتْه ناشئا أسرتُهُ / بالمعالي قبل ياسين وطاها
فأراها الله أقصى ما تمنَّتْ / وكفاها الخوفَ فيه ووقاها
فهي تدعوه اضطلاعا شيخَها / وقضايا السنّ تدعوه فَتاها
ولِيَ الدولةَ من تدبيره / مِسحَلٌ لم يألُ فتلاً في عُراها
حسمَ الأدواءَ طَبٌّ ما رأى / جِلدةً معرورةً إلا كواها
حاملاً عن قومه أعباءَها / وهي لا تثبُتُ جنبا لقُواها
فلئن خاست به أو بهمُ / فغدا يَصْلَى بما شبَّت يداها
سنراها بعدكم مشلولةً / يسأل الطرّادَ عنها راعياها
أو عسى تعطِفهم عاطفةٌ / فيغارون لها مما دهاها
فيرى أن الذي أجربها / قطعُها أرسانَها ممّن طَلاها
أيها المبلغُ بالغيبِ رسولا / لم يُجَشَّم حاجةً إلا قضاها
قل متى وفِّقتَ يوما أن ترى / عِزَّةً نخبةُ عيني أن تراها
يا شقيقَ النفس كم تُكحَلُ عينٌ / بالدياجي أنتَ مصباحُ دُجاها
كما يدارِي الصبَر قلبي كارها / قلّما استُمتِع بالصبر كِراها
كنت أشكو الشوقَ والمسرَى قريبٌ / كيف بي والدارُ قد شطَّ نواها
كلَّما أمّلتُ يوما ينشر ال / عُقلةَ استوقَف يوما فطواها
قد أتتني فتطرَّبتُ لها / فعلةٌ منك قليلٌ من أتاها
ضاعفَ المنّة فيها أنها / غيرَ محسوبٍ سقى أرضي حياها
طرقَت في غير ما إبَّانها / لم تجُلْ في ظنّ نفسي ومُناها
لم تحوِّلك الملمّات على / ضغطِها من كسبِها أو مقتناها
والمعالي أنك استحليتها / طُعْمةً في سَنةٍ مرَّ جَناها
والفتى في عُسرة أو يُسرةٍ / مَن رأى صفقةَ ربح فشرَاها
ولكُمْ أخرَى تبرّعتُ بها / قبلَها استثمرتُها مالاً وجاها
فعليّ الشكرُ ما قال فصيحٌ / طلعَ القولُ إلى فيه ففاها
بغريباتٍ على أنْسٍ بها / ذُلُلٍ يخضعُ في قَوْدي مَطاها
سُخِّرتْ لي فأطاعت إمرتي / بعد أن شَقّت على الناس عَصَاها
لم يزَلْ بالصُّمِّ من حيَّاتها / لطفُ سحري حاويا حتى رقاها
يترك الآذانَ أسرَى حولها / فَمُ مَن حدَّث فيها أو رواها
هي في تعنيسها أو شَيبْها / غضَّةُ الحسن كأيّامِ صِباها
لك منها كلُّ ما سَرَّ وأرضَى / عاطلَ الأعراض لو كان حُلاها
زاد أيّام التهاني غبطةً / أنها ما ضيَّفتكم من قِراها
حمَل النيروزُ منها تُحفةً / لا تبالي في الهدايا ما عداها
وأتى مُوصِلَها عنِّي كتابٌ / لو وَفَى شرطُ المنى كان شِفاها