أيُّ عيد مثل هذا اليوم فينا / رضي الله به الإسلام دينا
بَلَّغ الهادي به ما أنزل الله في / شان أمير المؤمنينا
قائلاً إن عليّاً وارثي / ووزيري وإمامَ المسلمينا
أيّها الناس أطيعوا واسمعوا / إنّني لست على الغيب ضنينا
لست من تلقاء نفسي قلته / إنّما أتَّبِعُ الوحي المبينا
فاستجابوا قوله الشافي الذي / هاج من بعضهم الداء الدفينا
إن نوى أعداؤه العصيان وال / غدرَ إنّا قد أجبنا طائعينا
إنه من ينقلب ليس يضرُّ الله / شيئاً وسيجزي الشاكرينا
رضي الله عليّاً هادياً / بعد طه فسمعنا ورضينا
هو حبل الله لم يختلف ال / ناس لو كانوا به معتصمينا
قد أطعناه يقيناً إنه / في غد من لهب النار يقينا
ويميناً بهداه بَرَّةً / تمنع المؤلي بها من أن يمينا
لا نبالي بعد أن لذنا به / أن لقينا بولاه ما لقينا
قد بدا الحق لنا فيه كما / لابن عمران بدا في طور سينا
وصمونا فيه بالرفض وذو ال / حلمِ لا يعنيه قول الجاهلينا
عَيَّرونا غير أن العارفينا / لم يروا من موضع للعار فينا
أيّ عيب في الذي خاف من ال / يَمِّ فاختار بأن يأوى السفينا
من صبا للعاجل الفاني فإنَّا / نؤثر الباقي عليه ما بقينا
بأبي من أظهر الحق وما / زال للهادي ظهيراً ومعينا
ثم بعد المصطفى قد قاتل ال / ناكثين القاسطين المارقينا

بأبي الظامي على نهر الفرات / دمه روَّى حدود المرهفات
لست أنساه وحيداً يستجير / ويناديهم ألا هَل من مجير
ويرى أصحابه فوق الهجير / صُرَّعاً مثل النجوم الزاهرات
فدعاهم وهمُ فوق الرغام / جُثَّمٌ ما بين شيخ وغلام
نومكم طال فقوموا يا كرام / وادفعوا عن حرم الله الطغاة
لمَ أدعوكم فلا تستمعون / أمللتم نصرتي أم لاتعون
بكمُ قد غدر الدهر الخؤون / ورماكم بسهام الحادثات
ثم ألوى راجعاً نحو الخيام / قائلاً منّي عليكنّ السلام
فتطالعن لتوديع الإمام / وتهاوين عليه قائلات
من لنا بعدك يا خير كفيل / إن حدا الحادي ونادى بالرحيل
وابنك السجاد مطروح عليل / لم يطق حفظ النساء الضايعات
سيدي إن فاتنا السعي إليك / لترانا صُرَّعاً بين يديك
لم يفتنا الوجد والنوح عليك / أبد الدهر وجذب الحسرات
أبد الدهر لنا دمع سكوب / وعلى نار الجوى تطوى قلوب
لا نذوق الماء إلا وتذوب / أنفس منّا بنار الزفرات
بادر الرجس خولَّي ورمى / حجراً شجَّ الكتاب المحكما
فأراد السبط مسحاً للدما / ليرى في مقلتيه من رماه
لا تسلني بعد هذا ما جرى / غير أن العرش أهوى للثرى
وغدا الإسلام محلول العرى / وبكى الدين على حامي حماه
نكبة دهياء من فجعتها / أخرجت زينب من خيمتها
تصدع الأكباد في ندبتها / حين وافته تنادي واحماه
أنت تمضي لأخيك المجتبى / وترى جداً وأماً وأبا
وأنا أذهب في ذل السبا / ليزيد وأراني وأراه

غير موصوف لكم ما نالنا / فصفوا لي بعدنا ما نالكم
وارعوا العهد الذي ما بيننا / واذكرونا مثل ذكرانا لكم

لبني الزهراء ربع مربع / أبداً زوارهم تأتيه وفدا
يا بني الزهراء أرخ ربعكم / نور بانيه به الزوار تهدى

للفناء الرحب أقبلت وقد / ضاق بي مما أرى رحب الفضا
لا أرى يصبح سعيي خائباً / والرضا يشفع لي عند الرضا