القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد الزّين الكل
المجموع : 7
يا لِسانَ الحَقِّ لا تَنطلِق
يا لِسانَ الحَقِّ لا تَنطلِق / فازَ بِالخُطوَةِ أَهلُ الملقِ
عَلِّمُونا يا أُولي الحُظوَةِ ما / قَد عَلمتم مِن طِلاءِ الخُلُقِ
وَاِمنَحونا ذَلِكَ الصِبغَ الَّذي / يُظهرُ الحُسنَ وَيُخفي ما بَقِي
أَو فَدلّونا عَلى صُنّاعِهِ / نَجتَليهِ بِبَقايا الرَمقِ
أَيُّ صِبغ ذاكَ ما أَعجَبَه / صادِقُ الغشِّ وَإِن لَم يَصدُق
أَلبَس الشَمسَ ظَلاماً داِمساً / وَكَسا الإِظلامَ شَمسَ المَشرِقِ
عَلِّمُونا نصف المَرءَ بِما / لَيسَ فيهِ مَن يُنافِق يَنفُقِ
يَمنَح الفِطنةَ أَغبى خَلقه / وَالذَكاءَ المحضَ رَأسَ الأَحمَقِ
إِن سَمِعنا ناهِقاً قُلنا لَهُ / إيه يا مَعبدُ بِالصَبِّ ارفُقِ
نَكذبُ العَصر كَما يَكذِبُنا / بئرُ مَين فاسقِ مِنها وَاِستَقِ
لا تَقُل أَفنيتُ عُمري دائِباً / وَبَذَلتُ الجُهد جهدَ المُرهَقِ
لَيسَ لِلدائِبِ حَظٌّ بَينَهُم / لا وَلا الجهدُ سَبيلُ المُرتَقي
تَزنُ العُمرَ وَعُمراً مِثلَهُ / لَحظَةٌ تَبذُلها في المَلقِ
فَاِستَبقِها فُرصَةً إِن سَنَحَت / إِنَّما الفُرصَةُ لِلمُستَبِق
لا تقُل سُهدي وَجَهدِي عُدَّتي / إِنَّما الجهد عَتادُ الأَخرَق
إيهِ يا علمي عُد جَهلاً عَسى / يَنهَضُ الجَهلُ بحَظٍّ مُوثَق
يا ذَكائِي عُد غَباءً أَستَرح / بِغَبائِي مِن شَقاءٍ مُطبِق
كَم كِفاياتٍ نَفاها قَومُها / وَجُهودٍ أُلقِيت في الطُرق
وُضِعَت في مَوطِئِ النَعلِ وَلَو / أَنصفُوها وُضِعَت في الحَدَق
فَأت عَلياءَهُمُ مِن بابِها / لا تُضِع عُمرَك بَينَ الوَرَقِ
لَم أَكُن في نَعتِهم مُختَلِقاً / لَعنَةُ اللَهِ عَلى المُختَلِقِ
عَلِّمونا أَنَّنا في بَلَدٍ / فيهِ من لَم يَتَمَلَّق يُملقِ
أَو دَعُونا فَلَكم دُنيا الغِنى / إِنَّما نَحيا بِدُنيا الخُلُقِ
مَرةً أَخطَأتُها في عُمري / بِثَناءٍ قُلتُه في نَزقِ
مُنذُ أَن أَخطَأت فيهِ لَم أَبت / لَيلَةً إِلا بِطَرفٍ أَرِق
لا تَذوبي مِن وَغاها فَزَعا
لا تَذوبي مِن وَغاها فَزَعا / وَتَعالَي نُجِبِ الحُبَّ مَعا
لا تَظُنّي الحَربَ تُنسينا الهَوى / إِنَّهُ قَلبي عَلى ما طُبِعا
فَلتَقُم أَو تقعدِ الدُنيا فَلا / يَحصُدُ الشَرَّ سِوى مَن زَرَعا
حارِبُوا ما شئتُم أَو سالِمُوا / وَاِعمُروها أَو دَعوها بَلقعا
لَيسَ لي ما عِشتُ في دُنياكُمُ / ما أَراهُ يَستَحِقُّ الطمَعا
لَستُ أَبغي رِيَّ آمالي بِما / سَفَكَ الظُلمُ دَماً أَو أَدمُعا
مَطلَبي أَطهَرُ مِن أَن يرتَعي / جُثثَ الإِخوَة يَبغي شِبَعا
فَدعُوا قَلبي وَما يَشغَلُه / لَم يَدَع فيهِ الهَوى مُتَّسَعا
غَرسَ الحُبُّ بِهِ دَوحَتَه / فَزكَت أَصلاً وَطالَت أَفرُعا
صادَفَت مَنبِتَها فَاِنبَسَقَت / وَأَصابَت مِن وَفائِي مَنبَعا
وَجَناها اليأَسُ إِلا أَنَّها / بَسَطَت مِن ظِلِّها ما أَطمَعا
يَتَغَنّى الشعرُ في أَفيائِها / مُرسِلاً في كُلِّ لَحنٍ مَدمَعا
باعِثاً في النَفسِ مِن ذِكرى الهَوى / ما شَفى اللَوعَةَ أَو ما أَوجَعا
يا مُنى نَفسي تَعالَي نَبتَدِر / مِن جَنى أَيامِنا ما أَينَعا
وَاِغنَمِيها لَحَظاتٍ إِنَّها / فُرَصٌ تَمضي وَتُبقي جَزَعا
أَمتِعينا وَالمُنى مُسعِدَةٌ / لَيسَ هَذا العَيشُ إِلّا مُتَعا
بِحَديثٍ كادَ أَن يَخلُقَ مِن / سِحرِهِ في كُلِّ شيء مَسمَعا
حَدِّثينا عَن تَباريح الجَوى / وَصِفي جَور الهَوى ما صَنَعا
حَدِّثي عَمّا جَنَت أَيدي النَوى / وَجَميلِ الصَبر ماذا نَفَعا
وَأَمانٍ كَم هَفا الصَبُّ لَها / خادعاً لِلنَفسِ أَو مُنخَدِعا
حَدِّثينا عَن غَرامٍ لَم يَدَع / في فُؤادَينا لواشٍ مَوضِعا
حَدِّثينا إِنَّ أَشهى مُتعَةٍ / مِنكِ إِن حَدَّثتِنا أَن نَسمَعا
عاوَد القَلب حَنينُه
عاوَد القَلب حَنينُه / مَن عَلى الشَوقِ يُعينُه
وَيحَ قَلبي مِن غَرامٍ / هاجَ بِالذِكرى كَمِينُه
يا لخفّاقٍ إِذا ما / قَرَّ هَزَّتهُ شُجونُه
واصِلٌ مَن صَدَّ عَنهُ / صائِنٌ مَن لا يَصُونُه
خانَهُ الصَبرُ وَلَولا الصَ / صَدُّ ما كانَ يَخونُه
يا زَماناً لَم تَكُن إِلا / هُنيهاتٍ سِنينُه
كُنتَ رَوضاً حالياً بِالوَص / لِ قَد رَفَّت غُصونُه
حُلُمٌ إِن يَمحُهُ الدَه / رُ فَفي الذِكرى مَصُونُه
كُلَّما مَرَّ بِقَلبي / ذِكرُهُ جُنَّ جُنونُه
لَو شَهِدتِ النَجمَ أَرعا / هُ وَتَرعاني عُيونُه
أَو رَأَيتِ اللَيلَ أَشكو / هُ وَتَشكُوني دُجُونُه
وَمِهادَ النَومِ كَم يقسُو / عَلى جَنبيَّ لِينُه
آهِ لَو تَدرِينَ ما بي / ضاقَ بِالقَيدِ سَجينُه
أَنتِ تَدرِينَ وَلَكن / لِصِبا الغِيدِ فُتُونُه
أَنتِ لي كُلُّ شئوني / وَيلَ مَن أَنتِ شُئونُه
كانَ لي دَمعٌ فَمالي / جفَّ مِن دَمعي مَعِينُه
مَن لِصَبٍّ غَدَرَ الوا / في بِهِ حَتّى جُفُونُه
كُلَّما منّاهُ ظَنٌّ / عادَ بِاليَأسِ يَقِينُه
سَكَنَ اللَيلُ فَما لل / قَلب يَجفُوهُ سُكونُه
كَم وَكَم أَقسَم أَن يَسلُو / فَما بَرَّت يَمينُه
كُلَّما ظَنَّ سُلوّاً / كَذَبَت فيهِ ظُنونُه
كَم فُنونٍ ذاقَ في الحُب / بِ وَلِلحُبِّ فُنونُه
فَليذُق ما شاءَ مِنهُ / ما رَعى العَهدَ أَمينُه
أَيُّها اللائِمُ دَعهُ / فَلَهُ في الحُبِّ دِينُه
ما غَناءُ الراحِ قَد ظَلَّت سِنيناً
ما غَناءُ الراحِ قَد ظَلَّت سِنيناً / حَدِّثينا تَبعَثي النَشوَةَ فينا
فَمُك الكاسُ فَهاتِي نَصطَبِح / مِن سُلافٍ لَذَّةٍ لِلشارِبينا
أَسمِعينا نَبَراتٍ أَخجَلت / وَتَر العُودِ حَناناً وَحَنيناً
وَاِنطِقي تُصغي الأَمانيُّ عَسى / أَن تَشائِي قَولَ كُوني فَتَكونا
وَاِبعَثي شَجوَ الهَوى مِن مَنطِقٍ / يَلمِسُ النَفسَ فيُذكِيها شُجُونا
وَاِنفُثي مِن سحرِهِ في مَيِّتٍ / تَبعَثِيهِ قَبلَ بَعثِ العالَمينا
وَاِهمِسي في يابِس النَبتِ بِهِ / تُلبِسيهِ نضرَةً لِلناظِرينا
مَلَكٌ أَنتِ فَإِن شَكّ امرُؤٌ / حَدِّثيه يَعُدِ الشَكُّ يَقينا
أَلهميهِ مِنك فُرقانَ الهَوى / في حَديثٍ يَجعَل الصَبوةَ دِينا
لَو عَلَى المِحرابِ مِنهُ كَلِمٌ / خَشَع المِحرابُ قَبلَ الخاشِعينا
تُوشِكُ النسمَةُ إذ تحمِلُه / عنك أن تحسُدَ فيهِ السامِعينا
وَدَّت النَسمةُ لَو ضَنَّت بِهِ / وَضَنينٌ كُلُّ مَن يَحوِي ثَمينا
تَتَمنّى العَينُ فيهِ لَو غَدَت / أُذُناً تَحظى بِحَظِّ المُنصِتينا
وَمُنى الآذانِ إِذ تَسمَعُ عَن / مُجتَلى حُسنِكَ لَو كانَت عُيونا
فِتنَةٌ جلَّ الَّذي أَودَعها / فِيكِ لا نُدرِكُها إِلا ظُنونا
لَكِ حَبّاتُ القُلوبِ اِنتَظَمَت / طَوِّقي جيدَك مِنها وَالجَبينا
أَرسِلي سِحرَكِ في صَوتٍ إِذا / ما سَرى فيَّ اليَأسِ مَنَّى اليائِسينا
صاغَهُ اللَهُ مِن الرِفق كَما / صاغَ ظِلَّ الخُلدِ وَالفَيضَ المعينا
ذابَ حَتّى كادَ يَخفى رِقّة / لَستُ أَدري أَرَنيناً أَم أَنِينا
حَدِّثينا وَأَعِيدي ما مَضى / مِن حَدِيثٍ واحسَبي أَنّا نَسينا
عَلِّلِينا بِالأَماني وَاِنجَلي
عَلِّلِينا بِالأَماني وَاِنجَلي / وَعِدينا بِالتَداني وَاِمطُلي
وَإِذا لَم تُسعِدي الشاكي بِما / يَرتَجيهِ أَسعِدي بِالأَمَلِ
كَم سَأَلنا وَقَنِعنا أَنَّنا / نَأمَلُ البَذلَ وَإِن لَم تَبذلي
وَرَضينا مِنكِ لَو أَجدى الرِضا / بِتَمنِّي الوَصلِ إِن لَم تَصِلي
فَاسأليهِ مَرّةً ما سُقمُه / حَسبُ مَن أَسقَمتِهِ أَن تَسأَلي
حَسبُهُ عِلمُك عَنهُ أَنَّهُ / مَسَّهُ الحُبُّ بِداء مُعضِلِ
حَسبُهُ الظَنُّ إِذا لَم تُوقِني / أَنَّهُ حُمِّلَ ما لَم يحمَلِ
أَخطِري وَهمَك فيهِ مَرّةً / خَطرَةَ الشَجوِ عَلى بالِ الخَلي
وَالمَحيهِ لَمحَ بَرقٍ خُلَّبٍ / يُطمِعُ الصادي وَإِن لَم يُسبِلِ
آهِ لَو أَصغَيت لِي أَشكو الَّذي / شَفَّ جِسمي آه لَو أَصغَيتِ لي
رُبَّ يَومٍ قُلتُ أَشكو فَرَنَت / نَظرَ العَطفِ وَإِن لَم تَفعَلِ
لَم تَكد تَعطِفُ حَتّى رَدَّها / عَن حَديثِ العَطفِ صَمتُ الخَجَلِ
وَجَرى بَينَ يَديها مَدمعي / فاتِحاً أَبوابَ قَلبٍ مُقفَلِ
فَأَجالت عَبرَةً تُمسكُها / خَشيَةَ الواشي فَلَم تَنهَملِ
لَستُ أَخشى عاذِلاً مِن غَيرِها / إِنَّ تِيهَ الغِيدِ أَقوى العُذَّلِ
لَيسَ في قَلبي لعَذلٍ مَوضِعٌ / أَنا عَن عَذلِهم في شُغُلِ
خُلِقَ الحُسنُ سَلاماً فَاِبسُطي / ظلَّه الوارِفَ رَحبَ المَنزلِ
لَم يَكُن سَيفاً تَصُولين بِهِ / نَزِقَ الحَدِّ رَهيبَ المُنصُلِ
لِمَ تُدعى أَسهُماً قاتِلَةً / فِتنَةُ الحُسنِ بِتِلك المُقَلِ
إِنَّما الحُسنُ حَياةٌ وَحَياً / فَاِبعَثي المَيتَ بِهِ لا تَقتُليِ
هُوَ ذاكَ المنهلُ الصافي فَلا / تَمنَعي الظامئَ صَفوَ المَنهلِ
إِنَّهُ مِن رَحمَةِ اللَهِ فَلا / تَجعَلي الجَنّةَ نارَ المُصطَلِي
لَكِ عَرشُ الحُسنِ فاِقضي حَقَّه / وَاِستَديمي مُلكَه أَن تَعدِلي
أدِّكاراً بَعدَ ما وَلّى الشَبابُ
أدِّكاراً بَعدَ ما وَلّى الشَبابُ / وَمِنَ الذِكرى نَعيمٌ وَعَذابُ
لا تَقُل تَعزية عَن فائِتٍ / كَم عَزاءٍ في ثَناياهُ المُصاب
وَإِذا الدارُ جَفاها أُنسُها / فَمَغانيها مَعَ التُربِ تُراب
وَإِذا الرَوضُ ذَوَت أَوراقُه / فَغِناءُ الوُرقِ في الرَوضِ اِنتِحاب
وَإِذا ما الزَهرُ وَلّى حُسنُهُ / فَبَقاياهُ عُبوسٌ وَاِكتِئاب
وَاِحمِرارُ الشَمسِ في مَغرِبِها / دَمعُها القاني أَو القَلبُ المُذاب
إِنَّما الذِكرى شُجُونٌ وَجَوى / يَسكُنُ القَلبُ لَها وَهيَ حِراب
رُبَّ نَفسٍ عَشِقَت مَصرَعَها / كَفَراشِ النارِ يُغريهِ الشِهاب
وَلَكَم أُنسٍ وَفيهِ وَحشَةٌ / وَاِقتِرابٍ هُوَ نَأيٌ وَاِغتِراب
عَلِّلي القَلبَ بِذكراكِ وَإِن / كانَ لا يُغني عَن الماءِ السَراب
وَصِلينا في الكَرى أَو في المُنى / مَن أَباهُ الصِدقُ أَرضاهُ الكِذاب
أَو عِدينا عِدَةً مَمطُولَةً / قَد يُشامُ البَرقُ إِن ضَنَّ السَحاب
كَم تَمَنَّينا عَقيماتِ المُنى / وَدَعَونا وَصَدى الصَوبِ جَواب
وَرَضينا بِقَليل مِنكِ لَو / أَنَّ مُشتاقاً عَلى الشَوق يُثاب
لا أَرى بَعدَكِ شيئاً حَسَناً / آهِلُ الأَرضِ بِعَينيَّ يَباب
رَنَّةُ العُودِ بِسَمعي أَنَّةٌ / وَسُلافُ الخَمرِ في الأَقداحِ صاب
يا زَماناً صَفِرت مِنهُ يَدي / غَيرَ ما تُبقي الأَمانيُّ العِذاب
لَيتَ نَفسي ذَهَبَت في إِثرِهِ / فَذهابُ الصَفوِ لِلمَرءِ ذَهاب
مَن لِقَلبٍ حامِلٍ مِن وَجدِهِ / ما يَذُوبُ الصَخرُ مِنهُ وَالهِضاب
حَمَلَ الأَيّامَ ذِكرَى وَمُنىً / ضاقَتِ الدُنيا بِها وَهيَ رِحاب
وَالمُنى عُذرُ الليالي إِن جَنَت / وَهيَ لِلشاكي عَلى الدَهرِ عِتاب
وَنَعيمٌ يَعِدُ القَلبُ بِه / نَفسَهُ حينَ المقاديرُ حِجاب
لَيتَها دامَت عَلى خُدعَتِها / أَحسبُ الخَيرَ وَيَعدوني الحِساب
رُبَّما رَفَّهَ ظَنٌّ خاطِئٌ / وَلَقَد يَجني عَلى النَفسِ الصَواب
غَيرَ أَنَ اليَأسَ قَد أَبقى بِها / مِثلَما يُبقي مِن الشَمسِ الضَبّاب
لَم يَدَع لي اليَأسُ ما أَحيا بِهِ / غَيرَ قَد كُنّا وَقَد كانَ الشَباب
لامَسَت في النَفسِ أَوتارَ هَواها
لامَسَت في النَفسِ أَوتارَ هَواها / غادَةٌ بِالسحرِ تَغزُو من غَزاها
كُلَّما مَسَّت يَداها وَتَراً / حسدَ الآخرُ ما مَسَّت يَداها
تَمنحُ الأَوتار كَفّاً رَخصةً / أَشجَتِ الأَوتارَ مِن قَبل شجاها
وَيَكادُ العُودُ يُدمي كَفَّها / قُبَلاً لَو أَنَّ لِلعُودِ شِفاها
لَحنُها يَبعَثُ في مَيتِ المُنى / نَضرَةَ العُمر وَمَعسول صِباها
خَفقاتٌ يَخفُق القَلبُ لَها / هِيَ أَنّاتُ فُؤادي أَو صَداها
وَحَنينٌ كادَ مِن رِقتِهِ / أَن يُذيب اللَحنَ في العُودِ مِياها
وَشُجونٌ طالَما أَخفَيتُها / نَفَذ العُودُ إِلَيها فَحَكاها
وَاِستَشَفَّ النَفس عَن أَسرارِها / لَم يَدَع خافيَةً إِلا جَلاها
صوَّرَ اللَوعَةَ في مَكمَنها / كَيفَ تَخبو ثُمَ يَشتَدُّ لَظاها
وَدَبيبَ الحُبِّ في أَوَّله / وَالجَوى مُلتَهِباً حِينَ تَناهى
وَفَناء النَفسِ فيمَن هَوِيَت / وَتَرى كُلَّ وُجودٍ في فَناها
وَشَقاءَ الحُبِّ في نعمَتِهِ / وَنَعيمَ النَفسِ فيهِ بِشَقاها
وَرضَا العُشاقِ مِن أَحبابِهم / بِالتِفاتٍ أَو خَيالٍ في كَراها
كُلُّ هَذا نطقَ العُودُ بِهِ / وَتَناجى هُوَ وَالنَفسُ شِفاها
لُغَةُ الأَوتارِ في عُجمَتها / تقصر الأَلسُنُ عَن دَركِ مَداها
تُسعدُ المَحزونَ في حُرقَتِهِ / وَتُؤاسي داءهُ إِن قالَ آها
أَلهمَ العودَ بكاءَ المُشتكي / مُلهمُ الطَير عَلى الأَيكِ بُكاها
تَحسَبُ الأَوتارَ فاضَت أَدمُعاً / وَتباريحَ الهَوى أَوهَت قُواها
يا لَها مِن ناحِلاتٍ نَحَلت / مِن جُسومٍ لاعِجُ الشَوقِ بَراها
وَضَعيفاتٍ وَفيها قُوةٌ / تَصرَعُ الأسد فَلا تَحمي حِماها
جلَّ مَن يَبعَثُ في الضعفِ قُوىً / أَخضَعَت مَن بِقُواه يَتَباهى
كُلَّما شَدَّت عَلى أَطرافِها / أَمعَنت في النَفس بِالسحر خُطاها
لا تَسَل سَمعيَ عَن أَلحانِها / سَبَقَ القَلبُ إِلَيها فَوَعاها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025