القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : يوسُف النَّبْهاني الكل
المجموع : 6
مُنيَتي طَيبَةُ لا أَبغي سِواها
مُنيَتي طَيبَةُ لا أَبغي سِواها / فَبِها الحُسنُ لِعَمري قَد تَناهى
كَيفَ أَنساها وَأَسلو حُبَّها / بَعدَما قَد خالَطَ الروحَ هَواها
لا أُطيلُ الشَرحَ أَقصى مُنيَتي / أَن أَراها وَأُرى تَحتَ ثَراها
لَو تَأَمَّلنا بِحَقٍّ أَرضَها / لَرَأَيناها جِباهاً وَشِفاها
فاقَتِ الدُنيا سَناءً وَسَنا / بِحَبيبِ اللَهِ خَيرِ الخَلقِ طَهَ
صاحِبِ المِعراجِ سِرِّ اللَهِ في / خَلقِهِ أَعلى الوَرى قَدراً وَجاها
خَصَّهُ اللَهُ بِأَعلى رُتبَةٍ / خَفضَ الخَلقَ جَميعاً فَعَلاها
قَد رَوى عَن ذاتِ مَولاهُ الهُدى / وَبِلا كَيفٍ وَلا كَمٍّ رآها
رِحلَةٌ نالَ بِها كُلَّ المُنى / وَبِهِ الأَفلاكُ قَد نالَت مُناها
قُدرَةُ الرَحمَنِ لا حَدَّ لَها / مُنتَهى كُلِّ كَمالٍ مُبتَداها
طَيبَةٌ طابَت وَهاتيكَ الجِهاتُ
طَيبَةٌ طابَت وَهاتيكَ الجِهاتُ / شَمِلتَها بِالنَبِيِّ البَرَكاتُ
فَاعِلاتُن فاعِلاتُن فاعِلاتُ / رَمَلاً سارَت إِلَيها اليَعمُلاتُ
خُذ كِتاباً جمعَ الفضلَ وإن
خُذ كِتاباً جمعَ الفضلَ وإن / كانَ كالنجمِ بعينيكَ صَغيرا
مِن مَزايا المُصطفى شمسِ الهدى / أُفقهُ أطلعَ للناسِ بدورا
وَإِذا حقّقتها تلقاهُ في / واحدٍ منها على الخلق أميرا
قُل بهِ ما شئتَ من مدحٍ ولا / تخفِ اللومَ ولا تخشَ النكيرا
فَجميعُ المدحِ من كلّ الورى / لَو أتى في حقّهِ كان قُصورا
طيبةٌ طابَت وهاتيكَ الجها
طيبةٌ طابَت وهاتيكَ الجها / تُ شَمِلتها بالنبيّ البركاتُ
فاعلاتٌ فاعلاتٌ فاعلاتُ / رملاً سارَت إليها اليعملاتُ
حيِّ يا سعدُ قباباً بالحِمى
حيِّ يا سعدُ قباباً بالحِمى / تَحتَها ربعُ المنى لم يدرسِ
جادهُ الغيثُ إِذا الغيث همى / لا زمانَ الوصل بالأندلسِ
إِن يكُن ما بلّ شوقي قربهُ / فلِساني دائماً يذكرهُ
وَبِقلبي مُستقرٌّ حبّه / بِهواهُ لم أزل أعمرهُ
أَعظمُ النعمةِ أنّي صبّهُ / دائِماً أحمده أشكرهُ
سعدُ إِن جئتَ إليهِ فاِنعَما / واِستضئ مِن نورهِ واِقتبسِ
وَإِذا بحرُ أَياديهِ طَما / فَاِنتبِه مِن فيضِه واِحترسِ
وَأَفض يا سعدُ مِن دمعِ الهنا / ما يُروّي الأرضَ إِن شحّ الغمام
كنتَ حالَ البعدِ تبكي حَزَنا / إِن رأيتَ البرقَ أو غنّى الحمام
وَبِهذا اليومِ قَد نلتَ المُنى / فاِبكِ واِستبكِ فما ثمّ ملام
آهِ مَن لي بالحِمى أَن ألثما / تربهُ لو نهزة المختلسِ
لَم يَحن بعدُ اللقا فاِبكي دما / وَاِهجسي يا نفسُ أو لا تهجسي
ليتَ شِعري هَل أُرى يوماً أجول / في رُبا طيبةَ أو تلكَ الجبال
وَأَرى مِن أَثلِها فوقي ذيول / سابِغاتٍ مِن ظَليلاتِ الظلال
حبّذا ثمَّ حُزونٌ وسهول / حلَّها الأنسُ وحلّاها الجمال
فاقتِ الحصباءُ فيها الأنجما / وَثَراها يَزدري بالأطلسِ
أَنا لَو خُيّرت في أَعلى سما / أَو بِها لاِخترتُ فيها مجلسي
يا بِرُوحي كلّما هبّت صبا / نفحةٌ أَنشقُها مِن عطرها
وَإِذا ما جاءَني مِنها نبا / أَملأُ الدُنيا بريّا شكرها
مُنيَتي بِالجزعِ والسفح ربا / عطّرت كلَّ الوَرى من نشرها
أيُّ شَوقٍ في فُؤادي اِضطَرما / جَفّفَ الدمعَ فلَم ينبجسِ
وَلَكَم فاضَت عُيوني ديَما / بِشواظِ الوجدِ لم تنحبسِ
كيفَ يا سعدُ ثنيّات اللِوى / أَتُراها بِنَداها تبسمُ
زادَ في قَلبي لِلُقياها الجَوى / فَمَتى أرشفُها أو ألثمُ
طابَ لي في حبِّها شرحُ الهوى / فبهِ إِن عزَّ وصلٌ أنعمُ
وَإِذا ليلُ غَرامي أظلَما / ولِنَفسي لَم أجِد من مؤنسِ
أَجدُ الراحةَ في شِعري فما / نَفّس الكربةَ إلّا نَفَسي
أَنا ذا أشدو بسلعٍ والنقا / وَرَوابي حاجرٍ والمُنحنى
لا أَرى الورقاءَ منّي أخلقا / إنّني أعظمُ منها حَزَنا
خيرَ أرضِ اللَّه غرباً مشرقاً / أَنا أَهوى وهيَ تَهوى الدمنا
فَاِرحمي طيبةُ صبّاً مُغرما / بكِ إن يرجُ اللِقا أو ييأسِ
هو لا ينفكّ عَبداً قيّما / شدّدي في هجرهِ أو نفّسي
لستُ واللَّه بذا الخلقِ خليق / إنّما ذلك تَمويهُ الكلام
إِن أَكُن حَقّاً بما قلتُ حقيق / فَعَلى ما ولِما هذا المُقام
وَلِماذا إِن يجِئ ذكرُ العقيق / لَستُ أُجريهِ بدمعٍ كالغمام
لَو تَرى طيبة عِندي هِمما / أَكتَسي مِنها بِأبهى ملبسِ
أَدخَلتني مِن رِضاها حَرَما / كلُّ مَن يدخلهُ لم يبأسِ
لكنِ الظنُّ بها ظنٌّ جميل / لَم يَزل يَزدادُ فيها أملي
عالمٌ أنّي أُرى فيها نزيل / يذهبُ العسرُ وتُشفى عللي
وَلِسانُ الدهرِ نادى مستحيل / إِذ بَدا فَقري وقلّت حيلي
قالَ ما أمّلتَ حتّى تغنَما / ومَتى تمّت أماني مفلسِ
قلتُ أمّلتُ النبيّ الأكرما / أَحتَسي مِن جودهِ ما أحتسي
سيّدُ الخلقِ لهُ الكلُّ عبيد / وَهوَ عبدُ الواحدِ الفرد الصمد
فائقٌ في فضلهِ فذٌّ وحيد / مُفردٌ في قربِ مولاهُ الأحد
أحمدُ الرسلِ لمولاه الحميد / أفضلُ الكلِّ وأعلاهُم رشَد
كانَ هذا الكونُ ليلاً مُظلما / وَمنَ الشرك الورى في غلسِ
فبصبحُ الحقِّ منه اِبتَسما / مُشرقاً من نوره لم يعبسِ
كلُّ آيِ الرسلِ من آياتهِ / قَد رَأى ذلكَ أربابُ العقول
قُل لِمَن يزعمُ مثلاً هاتهِ / ليسَ بينَ الخلقِ مثلٌ للرَسول
بدءُ هَذا الدهرِ مع غاياتهِ / فوقَ أَهليهِ لهُ حكمُ الشمول
وَبهِ خيرُ الوَرى قد حكَما / فهوَ في خدمتهِ كالحَرسي
إِن يُرِد يُقدم وإلّا أحجما / لَم يخالِف فعلَ عبدٍ كيّسِ
ليلةُ المِعراجِ لم يحظَ بها / غيرهُ في سالفِ الدهرِ كريم
كَم بِها نالَ اِختِصاصاً وبها / لَم يُقاربه خليلٌ وكليم
وَيح غمرٍ جاهلٍ ما اِنتبها / لاِقتدارِ اللَّه مولانا العظيم
قَد رَقى العرشَ بجسمٍ بعدما / أمَّ بالرسلِ ببيتِ المقدسِ
تَرَكَ السدرةَ خلفاً وسما / وَبِها خلّف روحَ القدسِ
وَإِلى مكّة للبيتِ اِنثنى / ذا اِبتِهاجٍ قبل إشراق الصباح
بَعدما نالَ منَ اللَّه المُنى / وَحباهُ كلّ فوز ونجاح
وَرَأى المَولى فأولاهُ الغِنى / وَلهُ دامَ الهنا والإنشراح
جوهرٌ فَردٌ تعالى قيَما / بِجحودٍ قدرهُ لم يبخسِ
بحرُ فَضلٍ فاضَ حتّى عمّما / لَم يدَع بينَ الورى من يبسِ
إنّما الخلقُ لمَولاهم عيال / وَهوَ عنهُ نائبٌ في خلقهِ
يرزقُ الكلَّ الكريمُ المُتعال / وهوَ قسّامٌ لجاري رزقهِ
هذهِ الشمسُ كبدرٍ وهلال / وَنُجومٌ لمعةٌ من برقهِ
كانَ عندَ اللَّه نوراً أعظما / وَالوَرى بعدُ بعُدمٍ مكتسي
خُلقوا منهُ فنالوا مغنما / كلُّ فردٍ فائزٌ بقبسِ
ثمّ لمّا ظَهروا هذا الظهور / آمنَ البعضُ وبعضٌ جحدوا
ليسَ بِدعاً جحدُهم أعظمَ نور / منهُ قبلَ اليومِ قدماً وجدوا
هذهِ العينُ بها عنها سُتور / وَتَرى مَن قرُبوا أَو بعُدوا
ما تفيدُ العينُ إن عمّ العمى / عينَ قَلبٍ مظلمٍ منتكسِ
وَلِسانٌ ناطِقٌ مهما نما / ليسَ يُجدي مَع فؤادٍ أخرسِ
كَم جَمادٍ في الورى كما حيوان / كَضبابٍ وذئابٍ وظباء
صدّقتهُ وأقرّت باللِسان / أنّهُ المرسلُ مِن ربِّ السماء
إنّما اللَّهُ المُعينُ المُستعان / مَن يَشأ يُضلِل ويَهدي مَن يشاء
لَم نَزَل نَحمدهُ أَن أنعَما / وَهَدانا بالنبيّ الأنفسِ
نَحنُ لَو لَم ينفِ عنّا الظُلما / لَم نزَل مِن غيّنا في حندسِ
وَهوَ مِن بعدُ على اللَّه كريم / فمَتى يَشفَع يشفّعهُ بنا
أَوَ ليسَ الصاحبَ الجاه العظيم / إِذ خليلُ اللَّه يَشكو ما جَنى
آدَمٌ نوحُ المسيحُ والكليم / قائلٌ كلٌّ أَنا نَفسي أنا
إِذ يَرَونَ الهولَ هولاً أعظَما / يَستَوي المُحسنُ فيهِ والمُسي
وَالوَرى في ليلِ كربٍ أظلما / كلُّ فَردٍ منهم في محبسِ
وَمَتى جاؤوهُ جاؤوا ماجدا / يَملأُ الدلوَ لعقد الكربِ
إِذ يُرى للَّه عبداً ساجدا / فَيقول اِرفَع وما شئت اِطلبِ
فَتَرى منهُ البرايا واحدا / شافِعاً قَد نالَ أقصى مطلبِ
وَبِهذا لَم يُخصّص مُسلما / كلُّ خلقِ اللَّه بالفضل كسي
وَاِستَوت شمسُ عُلاه عندَما / قالَ مَولاهُ على العرش اِجلسِ
يا أَبا الزهراءِ كُن لي مُسعدا / فَلَقد أَوهى زماني جَلَدي
لَستُ أَبغي مِن سواكَ المددا / أنتَ مِن بينِ الوَرى معتمدي
وَعَلى ضَعفي إِذا صال العدا / جاهُكَ الأعظمُ أَقوى عددي
أَدركَ اِدركنيَ ما دامَ الذما / لا تَدعني مضغةَ المفترسِ
أَنا واللَّه ضعيفٌ وفقير / باِحتياجٍ زائدٍ للمددِ
أَنا واللَّه ذليلٌ وحقير / إنّما عزّي أَتى من سيّدي
لَيسَ لي غيركَ في الناسِ مُجير / أَنتَ بعدَ اللَّه أقوى سندي
لا تَدَعني سيّدي مُهتضما / ليسَ عِندي مِن سهامٍ أو قسي
كلُّ مَن حارَبني أو ظلما / ما وَفى حقَّ الجنابِ الأقدسِ
يا عِمادي أنتَ أَدرى بالزمان / ما لأهليهِ وفاءٌ وعهود
كلّما اِخترتُ فتىً للصدق مان / قابَلوا المعروفَ منّي بالجحود
ضَعُفَ الإيمانُ فيهم والأمان / ودُّهُم مَذقٌ وجَدواهم وعود
ليسَ يُجديني جَداهُم إنّما / أَجتَدي مِن جودك المنبجسِ
فَأَجِبني وأجِرني كَرما / يا ملاذَ البائس المبتئسِ
لَستُ أَنسى زَمناً قَد سَلفا
لَستُ أَنسى زَمناً قَد سَلفا / فيكِ يا مكّة بالعيشِ الهني
إِذ منَ المَروةِ أَسعى للصفا / وَبذاتِ الخالِ وَجدي عمّني
حينَ أَغدو طائِفاً من حولِها / أَتَهادى مثلَ صبٍّ ثملِ
أَبتَغي عارِفةً من نولِها / وهيَ تَرعانيَ تحتَ الحللِ
وَمَتى تمّت مَساعي طَولها / بَلَّغتني مِن رِضاها أمَلي
أَدخَلَتني في مقامٍ شَرُفا / كلُّ مَن يَدخلهُ في مأمنِ
واصَلتني ولَكم قبلُ هفا / نَحوَها قَلبي وزادَت شَجني
أَجلَسَتني كَرماً في حجرها / بعدَ تَقبيلِ فَمي مِنها اليمني
وَلَقد منّت بِأوفى برّها / إِذ دَعَتني أدخلُ البيتَ الأمين
فَلِساني عاجزٌ عن شُكرها / وَإِليها لم يزل منّي حَنين
قرّبتني بعدَما طالَ الجفا / وَبَدَت تَزهو بوجهٍ حسنِ
فَمَضى همّي وَصافاني الصفا / وَأَتى أُنسي وولّى حَزَني
أَشربُ الخمرةَ شربَ النهمِ / دونَ إِثمٍ غيرَ سكران ملوم
إنّما أَعني سُلافَ زمزم / صانَها الرحمنُ لا بنت الكروم
فَأَراني كالمليكِ الأعظمِ / مِن سُروري وتُجافيني الهموم
قَد أَزالَت وهيَ طعمٌ وشفا / سَقَمي عنّي وَزادت سِمَني
مَن رَمى الدُنيا وَمِنها رشفا / مرّةً في عمرهِ لم يُغبَنِ
وَالمُنى تمّت لدَينا في مِنى / حينَ نَرمي مِن هَوانا الجمَرات
وَاِجتَمعنا بِسرورٍ وهنا / عندَ جمعٍ وعرَفنا عرَفات
ذاكَ يَومٌ كلّ ما الدهرُ جنى / قَد مَحاه بالأيادي الطائلات
غَيرَ أنّي لَم أزَل مُلتهفا / لِنوى مَن حبُّها تيّمني
حيِّ يا برقُ أثيلاتِ العقيق / وَرُبوعاً في النَقا وَالمُنحنى
وَاِسق سَلعاً وَقُباً خيرَ رحيق / مِن سُلافِ الغيثِ موصول الهنا
آهِ مَن لي ثمَّ سكرٌ لا أفيق / منهُ بالعذراءِ لا يُبقي عنا
فَمَتى فيها أَرى لي مَوقفا / تنعمُ العين به كالأذنِ
وَمَتى أُمنحُ فيها زلفا / وأَراها دونَ أَرضي وطني
هيَ واللَّه مُنى قلبي الحزين / إِن تكُن تقربُ أَو تَنأى الديار
يا تُرى أَحظى ولَو مِن بعد حين / بحِماها وأَرى فيها القَرار
ثاوِياً ثمّة في الحرزِ الأمين / في جوارِ المُصطفى أكرمِ جار
خيرة الأخيارِ أَوفى مَن وفى / الكريم ابن الكرام المحسنِ
كلُّ خَلقٍ مِن نداهُ اِغتَرفا / وَهوَ باللَّه وهم خير الجدود
وَجميعُ الرسلِ عيسى والكليم / وَسِواهم وَمَشاهيرُ الوجود
فازَ منهُ الكلُّ بالحظِّ العظيم / وَحَباهم كلّ فضلٍ وسعود
وَبهِ جبريلُ نالَ الشرَفا / إِذ سرَى نحوَ العلا لا ينثني
وَبِخفضِ القدرِ عنهُ اِعترفا / حينَما قالَ لهُ لا تنسَني
شاهدَ اللَّهَ بلا كيفٍ وأين / بِقوىً أعطى له المولى العلي
قَد رآهُ بفؤادٍ وبعين / مِنحةٌ خُصَّ بها في الأزلِ
قِس بهِ صعقةَ موسى دونَ مين / للتجلّي حينَ دَكِّ الجبلِ
تجدِ المُختارَ منه أشرفا / وَأحبَّ الخلق للَّه الغني
لَو حَباهم مِن عُلاه طرَفا / أغرقَ الكلّ ببحر المننِ
نالَ قدراً مِن رضى المولى الكريم / جُزء جزءٍ منه ما نال الكرام
وَسُقي بَحراً من اللَّه العليم / لَو سُقي القطرةَ منهُ الكونُ هام
ثمَّ في الليلِ اِنثَنى نحوَ الحطيم / فَأتاهُ قبلَ إسفارِ الظلام
بِعروجِ العرشِ فاقَ المُصطفى / كلّ عبدٍ كانَ لو لم يكنِ
عَرفَ الحقَّ لهُ مَن عرَفا / وَسِواهم في ضلالٍ بيّنِ
إنّما ذلكَ مِن فعلِ القدير / مَن برا كلّ الورى عزّ وجل
يَستوي كلُّ صغيرٍ وكبير / عندهُ في الخلقِ ما شاءَ فعَل
فَلديهِ العرشُ كالنملِ الصغير / عِندَنا وَالأمرُ أعلى وأجل
وَهوَ مِن كلِّ البريّاتِ اِصطَفى / عبدَهُ الهادي لأَسنى سننِ
أحمدَ المُختار طهَ ذا الوفا / خيرَ مَبعوثٍ له مؤتمنِ
ما لهُ بينَ البَرايا مِن مثيل / كلُّهم لَولاه ما نالوا الوجود
وَلِما أَعطاهمُ المَولى الجليل / قسمةٌ منهُ على قدرِ الجدود
شرَّفَ الأشرافَ جيلاً بعد جيل / وَبهِ الأعقابُ تسمو والجدود
خَصَّهُ اللَّه بما قد لطفا / علمهُ عَن دركِ أهل الفطنِ
كلُّ مَن نظّم أَو قَد صنّفا / لَم يفُز منه بسرٍّ صيّنِ
لَيسَ يَدري كنههُ غير الإله / واِستوى في جهلهِ كلّ الورى
وَعَلت فوقَ عُلا الخلقِ علاه / شَرَفاً أينَ الثريّا والثرى
زانَتِ الكونَ وأهليهِ حُلاه / وَبِكلّ نورهُ الساري سرى
جاءَ وَالكونُ مريضٌ فَشفى / بِهُداه كلَّ عبدٍ مؤمنِ
وَلقَد أسمعَ لمّا هتَفا / مَن مَضى أَو مَن أتى في الزمنِ
كَم لهُ مِن مُعجزاتٍ باهرات / ما لَها بينَ البرايا من نظير
دامَ مِنها حكمهُ بعد الممات / وإِلى الحشرِ الكتابُ المُستنير
كلُّه آيات حقٍّ بيّنات / دلّتِ الناسَ على صدقِ البشير
أَعجَزَتهم سَلفاً والخلفا / فاِستَوى الفدمُ وأذكى لسنِ
وَهَدَتهم غيرَ قلبٍ أغلفا / وَالعَمى في القلب لا في الأعينِ
بحرُ علمٍ ما لهُ من ساحل / جاءَ تَفسيراً له قول الرسول
وَأَتى عن كلّ حبرٍ فاضل / لَهُما شرحٌ من العلمِ يَطول
رُبَّ مجنونٍ بدعوى عاقل / لا يَرى فضلَ الأئمّةِ الفحول
دَعهُ لا تحفَل بهِ مَهما جفا / وَغدا في القولِ أذكى فطنِ
كانَ هادينا عَلينا أخوفا / مِن سَفيهٍ حاز علم اللسَنِ
فَعَليه اللَّه صلّى من شفيق / حذّر الأمّةَ أسبابَ الضلال
لَم يَدع في الدينِ وَالدُنيا طريق / لهُدانا ما له فيها مقال
أيُّها المفتونُ كَم لا تستفيق / وَتَرى ما أنتَ فيهِ مِن وبال
اِتّبع واِسلُك سبيلَ الحُنَفا / مَن سَعى في نَهجهم لم يفتنِ
هُم بِقولِ اللَّه كانوا أعرَفا / مِن سِواهم وَمعاني السننِ
خلِّ هذا فبهِ القولُ فضول / عندَ مَن سُقتُ لهم هذا الكلام
لَم تؤثِّر فيهمُ بيضُ النقول / أَتُرى يَردَعُهم منّي الملام
خَلِّهم واِرجِع إِلى مدحِ الرَسول / صَفوةِ الرَحمنِ من كلِّ الأنام
دُم عَلى المدحِ لهُ مُعتَكفا / وَاِتّخذه لكَ أَقوى جوشنِ
وَتَقلّدهُ حُساماً مُرهفا / قاطِعاً أَعناقَ كلِّ المحنِ
هوَ سُلطانُ النبيّينَ الكرام / وَعَليهم أخذَ اللَّه العهود
فَهمُ نوّابهُ بينَ الأنام / نُشِرت فيهِم لعلياه البنود
إنَّما الدهرُ لهُ مثل الغلام / كَم له عبدٌ على الناس يسود
هَكذا اللَّه بهِ قَد شرَّفا / خَلقهُ مَن دانَ أو لم يدنِ
وَعَفا عن آدمٍ لمّا هفا / وَسِواه مِن ذوي القدرِ السني
وَبيومِ الحشرِ ترضاه العباد / شافِعاً إِذ يُحجمُ الرسلُ الكرام
رَبُّه يُعطيه فيهِ ما أراد / فَيَرى التفريجَ عَن كلِّ الأنام
ثمَّ في الأمَّةِ يُرضيه الجَواد / وَينالُ الخلدُ في أعلى مقام
سَوفَ يُعطيهِ علاً لن توصفا / تعجزُ الأفكارَ عجزَ الألسنِ
يَسكنُ الفِردوسَ يُعطى غُرفا / تحتَها للرسلِ أعلى موطنِ
سيِّدي يا أيُّها المولى الملاذ / يا حبيبَ اللَّه يا خير رسول
كلُّ جاهٍ في البَرايا ذي نفاذ / فَعليهِ جاهكَ الضافي يطول
لَيسَ لي غيركَ في الخلقِ معاذ / وَلِحالي سيّدي شَرحٌ يَطول
أَدرك اِدركني فصَبري قد عفا / وَغَدا ربعُ الصَفا كالدمنِ
عَبدُكَ الدهرُ بحقّي أجحفا / وَنَفى عنِّي لذيذ الوسنِ
وَلَكم مِن حاجةٍ في خلدي / أَنتَ تَدريها وما عنكَ اِستِتار
أَنا في الدارينِ أَبغي رَشَدي / منكَ في الدُنيا وفي دارِ القرار
لا تُخَصّصني بخيرٍ سيّدي / عُمَّ أَهلي واِحبُنا منكَ الجوار
وَأَبِحنا مِن حِماكُم كَنَفا / واقِياً مِن شرِّ كلِّ الفتنِ
حَسبُنا اللَّه إِلهاً وكفى / بِكَ لِلمَحسوب أَقوى ركنِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025